تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,198 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,855 |
دراسة شکلانیة لخطبة الولایة للإمام علی (ع) | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 5، دوره 3، شماره 11، اسفند 1434، صفحه 130-111 اصل مقاله (224.13 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
حمید احمدیان1؛ علی سعیداوی2 | ||
1أستاد مساعد بجامعة أصفهان، إیران | ||
2أستاذ مساعد بجامعة بوعلی سینا فی همذان، إیران | ||
چکیده | ||
یعالج هذا المقال خطبة الولایة للإمام علی علیه السلام وفقا لنظریات الشکلانیین أمثال یاکوبسن وفیکتور شکلوفسکی. یرى الشکلانیون أنّ الشکل هو الذی یحدد المعنى والمفهوم للنص. فی هذا المقال قمنا بدراسة خطبة الولایة للإمام علی (ع) وعالجناها من الناحیة اللغویة والصوتیة وکشفنا فیها الصور البیانیة مستعینین بالقواعد والأصول التی قدمها الشکلانیون لدراسة النصوص الأدبیة، وقد بلغنا نتائج ربما لم نکن نتوصل إلیها لو کنا قد نظرنا إلی هذه الخطبة بالمنظار الکلاسیکی للأدب. کما تبیّن لنا أنّ هناک بعض الأسرار والرموز البلاغیة فی الروائع مثل کتاب نهج البلاغة لا تطال إلیها أصول النقد القدیم ولم تستطع أن تمیط اللثام عنها، ولکن النقد الحدیث ومنه الشکلانی بمقدوره أن یقوم بهذه المهمة وهذا ما بیناه فی هذا المقال. کلام الإمام علی (ع) فی هذه الخطبة مبنی على التقابل والتضاد. تقابل "الأتقیاء والفساق" و"الحق والباطل" و"الهدوء والضوضاء"، وهو تضاد قد شهده التأریخ الإسلامی منذ الأیام الأولى لخلافة الإمام (ع)، وقد عبر الإمام عن هذا التضاد ببیان رصین ولحن قوی وإحساس صادق وعاطفة مشبوبة ونغمة أخاذة باهرة تجلت من خلال نقدنا الشکلانی للخطبة. | ||
کلیدواژهها | ||
خطبة الولایة؛ النقد الشکلانی؛ الخصائص اللغویة؛ الخصائص الصوتیة؛ التضاد؛ التقابل | ||
اصل مقاله | ||
کثیرا ما نسمع أن کلام الإمام علی علیه السلام فی نهج البلاغة دون کلام الله عز وجلّ وفوق کلام البشر. لماذا؟ وما هی الخصائص التی تضمنها کلام الإمام حتى سمت به هذا السمو العالی؟ نرى الأساتذة الیوم فی الجامعات یتوسلون بالنقد الکلاسیکی لیستخرجوا الدرر من کلام الإمام، والحال أن أصول هذا النقد وأیضا أصول البلاغة القدیمة عاجزة عن اکتناء الخصائص البلاغیة فی النص لأن النقد القدیم یدرس النصوص الأدبیة عبر عناصر بلاغیة مجزأة ولا یستطیع أن یقیم العلاقة بینها وبین المضمون الذی خلقته هذه العناصر، ومجرد الإشارة إلى المجاز أو الإستعارة المکنیة أو الکنایة أو التشبیه دون ربطها بالمعنی والمضمون لا توصلنا إلى غایة. ویبدو أن التوسل بنظریات الشکلانیین هی من أفضل الطرق لمعرفة الجوانب البلاغیة الدقیقة فی کلام الإمام وتحلیلها. وهذا لا یعنی أننا نحط من قیمة النقد القدیم ونبخسه حقه بل ما نریده هو العثور علی أفضل طریقة لدراسة النصوص الأدبیة. کما لا ندعی أن نظریة الشکلانیین تستطیع استکشاف جمیع الرموز والأسرار البلاغیة الکامنة فی کلام الإمام علیه السلام لأنه فی بعض الأحیان یتجلى کلام الإمام کمعجزة یعجز الأدیب عن سبر أغواره. وفی هذا المقال قمنا بتحلیل إحدى الخطب المعروفة للإمام - وهی خطبة الولایة - وفقا لنظریات الشکلانیین. یرى الشکلانیون أن الأشعار الغنائیة القصیرة والموجزة هی أفضل الأنواع الأدبیة للدراسات الشکلانیة. (غرین، 1376ش: 90؛ پاینده، 1382ش: 134) لأن الشکل له دور هام فی الشعر الغنائی، وإذا کان الشکلانیون یؤکدون على الشعر لا یدل ذلک على أنهم لا یولون النثر أی اهتمام ولکنهم یعتقدون أن الخیال لا یستطیع أن یحلق فی النثر کما نراه فی الشعر، وإن کانت هناک بعض القطعات النثریة لها ما للشعر الغنائی من أهمیة من المنطلق الشکلانی. ویعتقد بعضهم أنه لا فرق هناک بین الشعر والنثر. علی رأی الشکلانیین فی مکتب براغ أنه لا فرق بین الشعر والنثر إلا أن الشعر أکثر انسجاما والتناغم بین أجزائه أشد من النثر. (شمیسا، 1388ش: 177) وخطبة الولایة للإمام علی علیه السلام من النصوص النثریة التی تحتوی على ظرائف بلاغیة دقیقة من الوجهة الشکلانیة، فالخیال یسمو فیها والمفردات تتجلى فی أروع الحلی والتناغم یبلغ الذروة فی الجمال، والسید الرضی لا یحید عن الصواب فی کلامه حین یقول فی وصف هذه الخطبة: إنّ فی هذا الکلام لأدنی من مواقع الإحسان، ما لا تبلغه مواقع الاستحسان. وإنّ حظ العجب منه أکثر من حظ العجب به وفیه مع الحال التی وصفها زوائد من الفصاحة لا یقوم به لسان ولا یطلع فجها إنسان ولا یعرف ما أقول إلا من ضرب فی هذه الصناعة بحق وجری فیها علی عرق وما یبلغها إلا العالمون. (شهیدی، 1374ش: 18-17) وکذلک ابن ابی الحدید یعتقد أنّ: «هذه الخطبة من جلائل خطبه علیه السلام ومن مشهوراتها، قدّرها الناس کلّهم، وفیها زیادات حذفها الرضیّ، إمّا اختصاراً أو خوفاً من إیحاش السامعین.» (ابن أبی الحدید، ج1، 1965م: 275) الشکلانیة من المناهج الأدبیة التی تعالج النصوص الأدبیة من منظر لسانی ومن أهم المنظرین فی هذا المکتب هم رومن یاکوبسن[1]وفیکتور شکلوفسکی[2] وبوریس ایخنباوم[3]. یرى هؤلاء أنّ الأثر الأدبی محض شکل ویجب أن یدرس من الناحیة الشکلیة فقط لا المحتوى الأدبی وهم فی الواقع لا یوافقون على تقسیم النص الأدبی إلى صورة ومعنى ویقولون إن کان المعنى یعبر عن الأحاسیس والأفکار والعواطف فهذه کلها نستطیع أن نعثر علیها فی العناصر اللسانیة. (شمیسا، 1388ش: 162) ومن جانب آخر، فإن الشکل لا یعنی عندهم الوزن أو القافیة أو الصورة العینیة للنص بل مفهوم الشکل عندهم واسع یشمل جمیع العناصر الأدبیة کالمفردات والتشابیه والاستعارات والموسیقى و... . ویتشکل المعنى أو المحتوى عندهم من مجموع هذه العناصر کلها. یرى الشکلانیون أنّ الشکل هو ترجمان المعنى ولهذا فالنقد الشکلانی لایعنی عدم الاعتناء بالمعنى أو أنه یقع فی المرتبة الثانیة بل إنّ طریقتهم للوصول إلى المحتوى تختلف عن المناهج الأخرى. فإنّ الشکلانیین یعتقدون أنّ العوامل الخارجیة کالتأریخ والسیرة لا علاقة لها فی دراسة النصوص. إذن وفقا لهذه النظریة، لو أردنا أن ندرس لغة الشعر والعناصر التی تتشکل منها یجب أن ندرسها فی بنائها الکلی والعلائق التی بینها، لأننا لو درسنا هذه العناصر منفصلة بعضها عن البعض الآخر لحوّلنا الشعر إلى جسد میت لا حیاة فیه وهدمنا کل ما فیه من جمال وروعة. یرى رومن یاکوبسن أنّ کیفیة الأثر الأدبی مرهونة فی شکله وبنائه ویعتقد أن الأثر الأدبی وخاصة الشعر لم یکن إلا بناء وصورة. ولهذا لانستطیع أن نمیّز الصورة عن المحتوى فی الأثر الأدبی. یعتقد یاکوبسن أنّ رسالة الشعر تتجلى فی الصورة الشعریة، وانسجام العناصر الأدبیة، وارتباط بعضها ببعض، وهذا الانسجام وهذه العناصر لیست إلّا المعنی والمضمون. (علوی مقدم، 1377ش: 186-185) على سبیل المثال أننا لو عاینا بناء أنشأته ید معمار ماهر نرى أنّ الأجزاء التی قد تشکل منها کالآجر والإسمنت والجص والشبابیک والأبواب وغیرها وقد وضع کل جزء فی مکانه المناسب وهو یخلق تناغما وانسجاما مع الأجزاء الأخرى بحیث لو فصلناه عنها لزال ذلک التناغم والانسجام ولا یمتّع عینَ الناظر إذا شاهده. إذن فکل جزء یلعب دورا فی البناء الکلی وله أثر فی المتعة التی یشعر بها المشاهد وهذا أیضا یصدق على الأثر الفنی تماما، أی أجزائه یدعم بعضها البعض. (شایگانفر، 1386ش: 45) وفی هذا المقال سنقوم بدراسة خطبة الولایة للإمام علی علیه السلام التی بنیت على التقابل والتضاد وسنبین کیف جعل الإمام _ علیه السلام _ العناصر الأدبیة فی هذه الخطبة کبناء منسجم متلاحم لیبعث فی کلامه الجمال والجلال فی آن معا. هناک منهج نقدی یسمّی البنیویة، تعود جذوره إلی الشکلانیین؛ فلهذا نری بعض منظرّی البنیویّة أنفسهم فی الشکلانیة مثل رومن یاکوبسن، ولکن ما نقصده هنا هو المنهج الشکلانیّ الذی یدرس العناصر الأدبیة فی نص واحد ویبین الدور الذی لعبته هذه العناصر فی خلق المضمون، ولا نعنی به البنیویة التی تحاول دراسة مجموعة من النصوص ثم کشف العناصر المشترکة فیها کما فعل فلادیمیر بروب فی دراسته لمئة قصة روسیة. یعتقد البنیویون أنَّ الأعمال المتشابهة فی المضمون _ ذات المضمون الواحد _ تشکّل شبکة وبنیة عمیقة یمکن کشفها من خلال التحلیل البنیویّ للنص. علی سبیل المثال إذا قرأنا خمسین قصة من القصص التی تعالج قضیة الفقر أو الظلم أو المرأة نجد أن جمیع هذه القصص لها خطوط رئیسیة وبنی تحتیة واحدة وإنما تختلف باختلاف الأبطال والمکان والزمان ونوع الحوار أمّا البنیة فی جمیع القصص فهی تتکرّر. إذن فالتحلیل البنیویّ یبیّن لنا الوحدة البنیویة فی النصوص ثم یجعلنا أن نری مجموعة من القصص أو النصوص کبناء منسجم تتحکّم فیه الوحدة العضویة. نذکر مثالاً لیزداد هذا المعنی وضوحاً: إذا قرأنا قصص التوابین مثل فضیل بن عیاض أو عبدالله بن مبارک أو بشر الحافی نجد هذه القصص تتکوّن من العناصر التالیة: 1- أن التائب قبل توبته کان مذنباً خمّاراً أو لصاً فتّاکاً. 2- هناک علّة تسبّب تنبّه التائب. 3- یصبح التائب من خیرة المؤمنین والأتقیاء. وإذا توسعنا فی هذه القصص وألقینا نظرة إلی قصص التوابین فی العالم نجد نفس البنیة التی شرحناها. (شمیسا، 1388ش: 198-197) خلفیة البحث بما أنّ المنهج الشکلانی یُعدّ من المناهج الحدیثة فی العالم العربی فلم أعثر علی کتابٍ أو مقال باللغة العربیة قام بنقد شکلانی لخطبة من نهج البلاغة أو نص أدبی آخر، وأکثر المصادر العربیة والفارسیة التی عالجت الشکلانیة ذکرت أمثلتها من الأدب الغربیّ ولکنّ المقالات الفارسیة التالیة درست بعض النصوص الأدبیة الفارسیة دراسة شکلانیة: 1- «ساختار، صورت و مفهوم در شعر، رهیافتی صورتگرایانه به غزلواره 39 أثر سرفیلیپ سیدنی»، عباس إبراهیمی، مجله جامعة اصفهان، الشتاء 1374ش. 2- «بررسی یکی از اشعار پروین اعتصامی بر اساس نظریههای ساختاری»، مهوش قویمی ونرگس هوشمند، مجله پژوهش زبانهای خارجی، العدد 38، الصیف 1386ش. یبدو من العنوان أنّ هذه المقالة نقد بنیویّ ولکن القارئ بعد قراءة المقالة یعرف أنها دراسة شکلانیة. 3- «تبلور مضمون شعر در شکل آن (نگاهی به شعر دریا سروده شفیعی کدکنی)»، حسین پاینده، مجله کلک، العدد 11-12، بهمن و اسفند 1369ش. 4- «تباین و تنش در ساختار شعر "نشانی" سهراب سپهری»، حسین پاینده. هذه المقالة طبعت فی موضعین: 1- فی کتاب "نقد ادبی و دموکراسی"، حسین پاینده، ط 2، انتشارات نیلوفر، 1388ش. 2- مجلة کلیة الآداب والعلوم الإنسانیة، جامعة تبریز، العدد 192، الخریف 1383ش. مضمون الخطبة قد فصلت فترة غیر قصیرة بین وفات الرسول صلى الله علیه آله وسلم وجلوس الإمام علی علیه السلام على مسند الخلافة ویبدو أن کل شیء قد انقلب رأسا على عقب. بعض أصحاب النبی الذین حاربوا فی رحابه قد تحولوا إلى تجار یکدسون الأموال فی بیوتهم ویحفلون بلذائذ الدنیا، وقد انقلب الجهاد عندهم إلى احتلال البلدان المجاورة، وبیت المال کان یشرف علیه رجال کمروان بن الحکم، والأتقیاء قبعوا فی البیوت والفجار أخذوا بزمام الأمور. یحکم معاویة فی الشام ویستشیر فی حکمه فئة مرتزقة لا دین لها والشبهات تسیطر على المجتمع ویظهر الباطل فی صورة الحق والحق فی صورة الباطل. سمیت التقوى جبنا والارتزاق بالدین همة. وفی هذه الأحوال التی تجول فیها الشبهات وتصول فی المجتمع لابد أن تقع الخصومة والعداوة بین الفریقین وفی مثل هذه الظروف تسلّم الإمام زمام الخلافة. وما إن أصبح إماما للمسلمین حتی رقى المنبر وألقى هذه الخطبة الهائجة، الثائرة، خطبة یتجلى فی شکلها التضاد والتقابل. ذکرنا سابقا أنّ هذه الخطبة تبتنی على التقابل والتضاد. فمنذ العبارات الأولى نرى التقوى تقف أمام الشهوات وتقابلها، والأتقیاء یصطفون مقابل المفسدین کما نلاحظ ذلک فی عبارات عدیدة من هذه الخطبة وهو الأساس الذی ابتنت علیه الخطبة. وهذا التضاد هو نفسه ما حدث إبان خلافة الإمام علی علیه السلام وجعل البلاد الإسلامیة تغلی وتفور والإمام قد لاحظ ذلک بنظرة ثاقبة وتنبأ بما سیؤول إلیه المجتمع الإسلامی. فی ما یلی سنذکر نص الخطبة ثم نقوم بدراستها من منطلق شکلانی (Form). «ذِمَّتِی بِما أَقُولُ رَهیِنَةٌ، وَأَنَا بِهِ زَعِیمٌ، إنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ الْعِبَرُ، عَمَّا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْمَثُلاَتِ حَجَزَتْهُ التَّقْوی عَن تَقَحُّم الشُّبُهاتِ، أَلاَ وإِنَّ بَلِیَّتَکُمْ قَدْ عَادَتْ کَهَیْئَتِها یَوْم بَعَثَ اللهُ نَبِیَّکُم صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وآلِهِ. والَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتَبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَهً، وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَة، ولَتُساطُن سَوْط الْقِدْر، حتی یَعُودَ أَسْفَلَکُمْ أَعْلاکَمْ، وَأَعْلاَکُمْ أَسْفَلَکُمْ، ولَیَسْبقَنَّ سابِقُونَ کَانُوا قَصَّرُوا، ولَیَقْصُرَنَّ سَبَّاقُونَ کَانُوا سَبَقُوا، وَاللهِ مَا کَتَمْتُ وشْمة، وَلاَ کَذَبْتُ کِذْبة، وَلَقَدْ نُبِّئْتُ بِهذَا الْمَقَامِ وَهَذا الْیَوْمِ، أَلاَ وإِنَّ الَخَطَایا خَیْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُها وَخُلِعَتْ لُجُمُها، فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِی النّارِ، أَلاَ وإِنَّ التَّقْوَى مَطَایا ذٌلُلٌ حُمِلَ عَلَیْها أَهْلُها وأُعْطُوا أَزِمَّتَها، فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ. حَقٌّ وباطِلٌ، وَلِکُلٍّ أَهْلٌ، فَلَئِنْ أَمرَ الْباطِلُ لَقَدِیماً فَعَلَ، وَلَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ فَلَرُبَّما وَلَعَلَّ، وَلَقَلَّما أَدْبَرَ شَیءٌ فَأَقْبَلَ.» (شهیدی، 1374ش: 17) الخصائص النحویة تحتوی هذه الخطبة على 15 أو 17 جملة وجمیعها إما تبدأ بقسم أو بکلمات تدل على التأکید نحو: "والذی بعثه بالحق" أو بحروف تدل على ذلک مثل "إنّ" و"ألا" و"لام التأکید" و"نون التأکید" و"المفعول المطلق التأکیدی" وهی جمیعا تدل على التضاد والنزاع القطعی الذی سیحدث لا محالة بین فریقین من المسلمین. وما حدث إبان خلافة الإمام من اصطفاف المسلمین وجها لوجه فی حرب ضاریة ما کان لها نظیر فی التأریخ الإسلامی. وهذا لم یستطع أن ینبیء عنه أو یخبر به إلا رجل عارف بأحوال المجتمع الإسلامی کالإمام علی علیه السلام ولهذا أخذ یردف الکلمات التأکیدیة بلحن غاضب، وتحدث إلى الناس بما سیحدث فی المستقبل القریب وإن کانت هذه المؤکدات أیضا تدل على أن مخاطبی الإمام کانوا أناسا خاملین لا یشعرون بشیء مما یحدث حولهم فکیف أن یتنبأوا بما سیحدث فی المستقبل. وإذا نظرنا إلى هذه الجمل المؤکدة من منطلق نفسانی ربما هی ترسم باطن الأشخاص فی ذلک الأوان، بأنهم کانوا یظنون أن کل ما یقوله الإمام (ع) هو کلام مختلق لا حقیقة له. فلهذا اضطر الإمام أن یرهن ذمته منذ البدایة ویقسم لهم بذمته أن ما سیقوله لا بد من وقوعه. ثورة الکلمات یرى الشکلانیون أن الکلمة هی التی تمنح النص الخصائص الأدبیة وتقدر على إیجاد الثورة، فلهذا یقول الشاعر الفرنسی مالارمه: «إن الشعر لا یکتب بالأفکار بل بالکلمات.» (برکات والسید، 2004م: 192) ویعتقد شکلوفسکی أن الکلمات لیست وسیلة لبیان الأفکار والمعانی بل هی المادة الأصلیة التی یتجلیان فیه. (علوی مقدم، 1377ش: 73) وأطلق أحد الشکلانیین على الشعر "عنوان ثورة الکلمات" وأصاب فی هذا قلبَ الحقیقة. لأن الکلمات التی نستخدمها فی محاوراتنا الیومیة میتة لیس فیها شیء من الحیویة، ولا تلفت أنظارنا أبدا. ولکن قلیلا من التغییر الذی یحدث فیها فی البناء الشعری یعید لها الحیاة، وکلمة واحدة عندما تقع فی بؤرة الشعر تحیی جمیع من حولها. (شفیعی کدکنی، 1358ش: 13) وإذا کان استخدامنا لمصطلح ثورة الکلمات للنصوص الأدبیة فیه شیء من التسامح، إلا أن استخدامه لهذه الخطبة حقیقة أدبیة تتجلى فی جمیع مفرداتها. یقول غلامحسین یوسفی: ربما نقرأ شعرا تلتحم فیه الصور التعبیریة بالمضامین وکأنها شیء واحد لا نستطیع أن نفصل بعضها عن بعض. (یوسفی، 1371ش: 726) وکلام یوسفی هذا یصدق تماما على خطبة الإمام هذه. لأن الکلمات فیها تلتحم بالمضامین حتى أننا لا نستطیع أن نتخلى عن أی لفظ من ألفاظها أو أن نحوّل کلمة من جملة إلى جملة أخرى. وأوّل کلمة تنطلق من هذه الخطبة صارخة فی وجوه المخاطبین هی کلمة "تقحّم الشبهات". هذه الکلمة ترادف "الورود" أو "الدخول" ولکن شتّان ما بین هاتین الکلمتین وما بین کلمة "تقحم". ولو بحثنا فی جمیع المفردات المرادفة لها لم نعثر على کلمة تدلّ على الخوف والهلع والظلام المستتر فیها. "القحمة" معناها السواد والظلام والمهلکة و"قاحم" صفة لشیء یشتدّ فیه السواد. و«قحم الرجل فی الأمر واقتحم وانقحم: رمی بنفسه فیه من غیر رویّة. واقتحم الإنسان الأمر العظیم وتقحّمه أی: رمی بنفسه فی معاظم عذابها، والقحم الأمور العظام التی لا یرکبها کل أحد. وقال أبوزید الکلابی: القحم: المهالک.» (ابن منظور، 1988م: مادة قحم) وکل أمرٍ شدید حالک ومخیف یسمیه العرب قحمة. «فالقحمة الاقتحام فی الشیء والمهلکة والسنة الشدیدة والقحط. وقُحَمُ الطریق: مصاعبه.» (الفیروزآبادی، 2008م: مادة قحم) و«کل أمر شاق من الأمور المعطلة والحروب والدیون فهی قحم.» (الزبیدی، 1406ق: مادة قحم) وسُمِّیَت الذنوب العظام بالمقحمات «وفی حدیث ابن مسعود: مَن لَقِیَ الله لا یشرک به شیئاً غفر له المقحمات: أی الذنوب العظام التی تُقْحِم أصحابها فی النار أی تلقیهم فیها.» (ابن منظور، 1988م: مادة قحم) ولو وضعنا هذه الکلمة إلى جانب "الشبهة" وهی تدلّ على الإبهام وعدم تمییز الشیء عن سواه لظهر التلاحم والإنسجام الشدید بین اللفظ والمعنى، بحیث أن عبارة "تقحم الشبهات" تعرب عن الظلام المخیف والشبهات المهلکة التی سیتورط بها المسلمون فی المستقبل. الکلمة الأخری فی الخطبة هی کلمة "بلیة". "البلیة" بمعنی الاختبار فنقول: «أبلیت فلاناً إذا اختبرته. وبلاه بالخیر أو الشر بمعنی: امتحنه.» (الراغب الأصفهانی، 1404ق؛ الطریحی 1408ق: مادة بلی) وسمّیت المصیبة والمحنة بالبلوی لأنها تختبر الإنسان وفیها تعرف جواهر الرجال. و"البلیّة" فی کلام الإمام علی (ع) تنبیء عن المصائب والمحن والفوضاء التی ستعمّ البلاد الإسلامیة. وألحقَ الإمام کلمة البلیة بکلمة "بلبل" التی جاءت بعدها وهی بمعنى الاضطراب والافتراق حتی جعل الصورة تکتمل والوصف یبلغ القمة. وهذه الکلمة تدل بوضوح على ما سیؤول الناس إلیه من اضطراب وحیرة وارتباک بسبب ما تورطوا فیه من شبهات. لأن "البلبلة" تنطوی علی معنی التفرق والاختلاف وتوحی بالوسوسة والمرض والأحزان والهموم. فالبلبلة فی کتب اللغة بمعنی «تفریق الآراء وتبلبلت الألسن: اختلطت وبلبل القوم بلبلة وبلبالاً: حرّکهم وهیّجهم.» (ابن منظور، 1988م: مادة بلبل) ویقال للذئب «البلبال، لأنه یُبلبل الغنم ویفرّقها. والبلیة مبعث الوساوس والأحزان والشجون فهی «شدة الهمّ والحزن والوسواس فی الصدور.» (ابن عبّاد، 1994م: مادة بلبل) وفی هذه الأحوال یُعرف الرجال من أشباه الرجال ویُعرف الأتقیاء من غیرهم ویتضح ذلک فی عبارة "لتغربلن غربلة". الغربلة بمعنى تنقیة الحب ونحوه من الشوائب بالغربال ویقال: «غَربَل الشیءَ: نَخَلَه والغربال ما ینخل به.» (ابن منظور، 1988م: مادة غربل) وهذه المفردة کما توحی بالاختبار والتمییز تدل فی الوقت ذاته علی التقاتل والتفاتک الذی سیطحن المسلمین طالما لم یذعنوا لخلافة الإمام ولم یلوذوا تحت لواء إمامته. جاء فی کتب اللغة: «غَربل القوم: قتلهم وطحنهم. وجاء فی الحدیث: کیف بکم إذا کنتم فی زمانٍ یغربل الناس فیه غربلة. بمعنی یقتلون ویطحنون وقیل یذهب بخیارهم وتبقی أراذلهم.» (الفیروزآبادی، 2008م ؛ الزبیدی، 1406ق: مادة غربل) ولتغربلنّ: «یجوز أن یکون من الغِربال الذی یُغربَلُ به الدقیق، ویجوز أن یکون من غربلتُ اللحم، أی قطعته. فإن کان الأول کان له معنیان: أحدهما الاختلاط، لأنّ غربلة الدقیق تخلط بعضَه ببعض. والثانی أن یرید بذلک أنه یستخلص الصالح منکم من الفاسد، ویتمیز کما یتمیز الدقیق عند الغربلة من نخالته.» (ابن أبی الحدید، ج1، 1965م: 277) وبعد ذلک استخدمت هذه الکلمة مجازا للناس لمعرفة الصالح منهم من الطالح وما یرمی إلیه الرسول فی الحدیث الذی سبق هو الفصل بین الصلحاء وغیرهم. وفی التمییز الذی یأتی من تقابل الفریقین سیتقدم رجال کانوا متأخرین ویتأخر أناس کانوا متقدمین. وقد استخدم الإمام اللغة والتراکیب النحویة لیعبر عن المعانی المکنونة فی نفسه، وفی النهایة استعان بالمجاز والاستعارة لیرسم تلک المعانی الانتزاعیة فی أحسن صورة. وصناعة الطباق فی العبارة التالیة "یعود أسفلکم أعلاکم وأعلاکم أسفلکم" جعل ذلک التضاد والتقابل بین الفریقین محسوسا وملموسا لدى السامع أو القارئ وهی تقدم صورة رائعة لما سیبتلی به أصحاب النبی (ص) من بلایا تجعل عالیهم أسفلهم وأسفلهم عالیهم. تنقسم هذه الخطبة إلى قسمین؛ القسم الأول یتحدث فیه الإمام عن السقوط فی الشبهات وهی مانع کبیر للوصول إلى التقوى والقسم الثانی وهو أصل کلام الإمام ویدور فیه الحدیث عن الاضطراب والحیرة والفوضی والحروب والتقابل والتضاد وما سینتهی إلیه أمر المسلمین. وفی النهایة، تحدث الإمام مرة أخرى عن التقوى کما جرى الحدیث عنها فی بدایة الخطبة. والتقوى فی هذه الخطبة کلمة ینعکس أثرها فی کلام الإمام من أوله إلى آخره وهی السبیل الوحید للخروج من الشبهات وما یتعلق بها من آثام وما یقابل التقوى هی الخطایا وقد قارن بینهما الإمام لیعیدنا إلى التضاد الذی تحدث عنه فی أواسط الخطبة. وفی هذا المقطع،لم یتحدث الإمام عن التقوى والخطایا فقط وإنما نرى مشهدین بدیعین لم یقدر على رسمهما إلا من اکتملت عنده ملکة الخطابة؛ ففی المشهد الأول نرى خیولا شُمسا قد انفلت اللجام من أیدی راکبیها وهی تعدو بهم لتوردهم نار جهنم. کل کلمة فی هذه الخطبة لها دور هام فی بناء المشهد؛ فعبارة "خلعت لجُمها" تدل على خیول شمست وانفلت اللجام من أیدی راکبیها وهم یتوقعون السقوط فی کل لحظة. کلمة الخیل فی کلام العرب مأخوذة من الخیلاء بمعنی التکبر والنخوة والفخر. «الخیلاء التکبرّ [کأنّ الإنسان] یتخیل فضیلة تراءت فی نفسه. وخایله بمعنی: "فاخره"، وتخایلوا: "تفاخروا".» (الراغب الأصفهانی، 1404ق: مادة خیل) کما أن هذه الکلمة انضوت علی معنی التلوّن. «فالخیل یدلّ علی حرکةٍ فی تلوّنٍ، والمختال فی مشیه یتلوّن فی حرکته.» (الفراهیدی، 1414ق: مادة خیل) واقترنت هذه الکلمة بمفردة "شُمُس" وهی بدورها توحی بمعنی کان یتفرّسه أمیر المؤمنین (ع) ویتنبّأ به ألا وهو عدم الاستقرار والجموح والشرود والعداوة التی سیتورّط بها المسلمون. "شُمُس" مفردها شَمُوس مثل رُسُل ورسُول. «دابة شموس وخیل شُمس: لا تکاد تستقر». وشُبِّهت هذه الخیول «بالشَمس لعدم استقرارها وحرکتها المستمرة.» (ابن زکریا، 1411ق؛ الراغب الأصفهانی، 1404ق: مادة شمس) واستخدام الإمام للخیول الشُمس لم یأتِ عن صدفة وإنّما قصده الإمام (ع) قصداً. لأنّ هذه الخیول الشُمس التی تتبختر بمشیتها ولم تستقر فی حرکتها لا بدّ وأن تمنع صاحبها من الرکوب ثمّ تلقیه علی وجهه. جاء فی لغة العرب: «شَمَس الفرس شموساً وشِماساً أی: شَردَت وجَمَحت ومنعت ظهرها.» (الجوهری، 1987م؛ ابن منظور، 1988م: مادة شمس) وأضف علی هذا ما فی هذا الکلمة من معنی العداوة وهی ما أُصِیبَ به المسلمون فی مستقبلهم. لأنّ: «شَمسَ له وشامسه وشمس له بمعنی: عانده وعاداه وأبدی له عداوته.» (ابن زکریا، 1387ش؛ الفیروزآبادی، 2008م؛ الزبیدی، 1406ق: مادة شمس) فالمفردات فی هذه العبارات قد التحم بعضها إلى بعض لترسم صورة مرعبة تملأ القلوب خوفا وفزعا وهی تدلّ بمعانیها مفردةً ومرکبةً علی البلبلة والاضطراب وعدم الاستقرار والعداوة التی ستلحق بالمسلین إذا ما لم یتمسّکوا بالتقوی وأوامرِ إمامهم علیه السلام. وفی المشهد الثانی یرسم الإمام صورة جمیلة رائعة خلابة ترتاح إلیها النفوس وتلتذ لها المسامع ومما لا شک فیه أن روعة هذا المشهد تعود إلى الشکل [form] والأسلوب البیانی الذی اتخذه الإمام. والمفردة التی تلفت الأنظار فی هذا المشهد هی کلمة "مطایا" وجاءت فی النص لتکون ضدا لکلمة "خیل". فالمطیة أصلها من المطا بمعنى الظهر وهی الدابة التی یشعر الراکب بالراحة فوق ظهرها، بینما أنّ الخیل یبدو أنها مشتقة من الخیلاء وهو التکبر ومنها المختال وهی صفة للمتکبر الجاهل. المطایا مفردها مطیّة والمطیّة هی الناقة المسرعة، وعلی الرغم من سرعتها فإنما یجلِّلها الهدوء والطمئنینة. «تقول العرب: تمطّی فی مشیته: تبختر وهو یتثاءب ویتمطّی.» (الزمخشری، 1390ق: مادة مطی) و«المطیة هی الناقة التی یُرکب مطاها أی ظهرها.» (ابن منظور، 1988م: مادة مطی) وهذا المعنی یعاکس معنی «الخیل» ویخالفه. هذا یدلّ علی سرعة یخامرها الهُدوء وتلک تدلّ علی الاضطراب وعدم الاستقرار. و"ذلل" جمع لکلمة ذلول وهی الدابة التی تسیر بهدوء واطمئنان. اقتران هذه الکلمة بکلمة المطایا أضفَت علی الصورة معنی الانقیاد والطاعة والرفق والرحمة والاطمئنان. قال الراغب: «ذلّت الدّابة بعد شماسٍ ذلّا وهی ذلول: لیست بصعبة.» (الراغب الأصفهانی، 1404ق) «والناقة الذلولة هی المنقادة.» (الطریحی، 1408ق؛ الفیروزآبادی، 2008م: مادة ذلل) کما أنّ هذه الکلمة توحی بالرفق والرحمة التی سوف یفوز بها المتقون لأنّ الذل من معانیه: «الرفق والرحمة.» (ابن منظور، 1988م؛ الزبیدی، 1406ق: مادة ذلل) وفیها معنی «الخضوع والطاعة واللین.» (المصدر نفسه) وکل هذه المعانی التی نتلمّسها فی قوله «مطایا ذلل» تشیر إلی مستقبل المتقین وما سیغشاهم من رحمة ورفق وهدوءٍ لما یبدونه من خضوعٍ وطاعةٍ لإمام المتقین أمیر المؤمنین علیّ علیه السلام. ثم قال علیه السلام: "أعطوا أزمتها" أی أسلمت أزمة هذه المراکب الذلولة والهادئة إلى أیدی الأتقیاء وإذا جمح المرکوب فإن زمامه بید الراکب. وفی النهایة یذکر الورود إلى الجنة لیکون مقارنا لتقحم النار وفاصلا بین الفریقین؛ فریق منتصر عزیز وفریق مهزوم ذلیل. انتقاء المفردات فی هذه الخطبة یبدو فی بعض الأحیان کالمعجزة لأن هذه الکلمات ترسم ما تتضمنه الخطبة من تضاد وتباین بین الفریقین. الفریق الأول قد امتلکه الیأس والخوف وهو مضطرب غیر مستقر ونهایته الإنکباب فی نار جهنم. والفریق الآخر فرح مسرور هادئ البال مطمئن الخاطر وفی النهایة تحتضنه جنة واسعة. وهذه التعابیر البدیعة الرائعة الساحرة هی من خصائص نهج البلاغة. وصح قول الشکلانیین: إنّ الأدیب یصنع ثورة بانتقاء کلماته. «هذه الجمل تتلائم من حیث المعنی، وترمی إلی هدف واحد وهو اضطراب حال المسلمین بعد الإمام. واختلاط حابلهم بنابلهم، وتأخرهم عن الأمم ... وقد مرّ علی المسلمین أدوار متقلبة ومتنوعة سوءاً وضعفاً، وأسوأها علی الإطلاق ما هم علیه الآن، أنهم أذل الأمم، وأضعف الخلائق. والسرّ الأساسی _ فیما نعتقد _ هو أنّ الحکم ومرکز القوة والقیادة فی أید أثمیة خائنة، وإلی هذا أشار الإمام بقوله: "یعود أسفلکم أعلاکم، وأعلاکم أسفلکم" وعنه تتفرع بقیة المساوئ کسیطرة الأعداء والأجانب، وظهور الدجالین والأدعیاء، والتفرقة والشتات، وما إلیه من التأخر والانحطاط. لقد کان فیما مضی أمم، وصاروا أثراً بعد عین، فهل یحیق بنا ما حاق بهم، أو یتدارکنا الله برحمته.» (مغنیة، 1979م: 134- 133) الصور البیانیة نقلنا فی ما سبق قول الشریف الرضی _ رضوان الله علیه _ فی فصاحة هذه الخطبة وبلاغتها حیث قال: «فی الخطبة زوائد من الفصاحة لا یقوم به لسان ولا یطلع فجّها إنسان ولا یعرف ما أقول إلا من ضرب فی هذه الصناعة بحق وجری فیها علی عرق وما یبلغها إلا العالمون.» (شهیدی، 1374ش: 18-17) ولتبیین الصور البیانیة فی هذه الخطبة فإنّ لسانی قاصر وقلمی عاجز لأنّی لست ممّن ضرب فی هذا الصناعة بحق وجری فیها علی عرق ولکنّی أحاول الغور فی بعض صورها البیانیة لکشف صورها الفنیة التی ساهمت فی خلق مضمون الخطبة ألا وهو الفتنة التی أصیبَ بها المسلمون وکشّرت لهم عن أنیابها وأقحمتهم فی الشبهات وحشرتهم فی الظلمات. للکشف عن هذه الفتنة وحقیقتها لا یلوذ الإمام _ علیهالسلام _ بالإطناب ولا یلجأ إلی التطویل بل مال إلی الاستعارة والتشبیه وعَرضَ أمامَنا مشهداً حیاً کأنّنا نشاهد فیه تلک الفتنة ومهالکها الحالکة المظلمة التی ستطوی المسلمین فی طیاتها وتجعلهم علی شفا حفرةٍ من النار کما کانوا قبل الإسلام. استعارة البلیة لهذه الحالة التی یعیشونها تکفی لیتدبر المسلمون حالتهم المزریة. فلن یسمیَها الإمام حالة ولا قضیة أو أشباهها بل استعار لها لفظة البلیة لیذکرهم بتلک الحالة التی کانوا قد عاشوها قبل سنواتٍ فی جاهلیتهم. «إنَّ بلیة العرب التی کانت محیطة بهم یوم بعث الله نبیّه محمداً هی بلیة الفرقة ومحنة الشحناء: حیث کانوا متناقضین متنافرین یدعو کل إلی عصبیته، وینادی نداء عشیرته یضرب بعضهم رقاب بعض: فتلک الحالة التی هی مهلکة الأمم قد صاروا إلیها بعد مقتل عثمان: بعثت العداوات التی کان قد قتلها الدین، ونفخت روح الشحناء بین الأمویین والهاشمیین.» (عبده، ج1، لاتا: 43) بلیة تشبه تلک البلیة التی کانت یوم بعث الله نبیّه _ صلّی الله علیه وآله وسلّم _. هذا التشبیه یطوی تاریخ الجاهلیة بأسره وینصبه أمام السامع نصباً کأنّه یراه. "هیئة یومَ بعث الله نبیّه" لیست مجرّد تعبیر بل هی تاریخ قد عاشه المسلمون قبل البعثة. فهذه الفتنة هیأتها تشبه تلک الهیئة المرعبة التی أحسن الإمام فی تسمیتها: "بلیة" قد ابتلی بها المسلمون. ومثل هذه البلیة لا شکَّ أنها ستتمخّض عن نتائج لا یحمد عقباها.لم یترک الإمام _ علیه السلام _ المشهد ولم یتقاعس فی رسمه بل واصل استخدام الصور البیانیة لیُکمل الصورة الفنیة لیرسم لنا تلک النتائج التی سیؤول إلیها المسلمون. فاستعارَ "البلبلة" للمسلمین بجامع الاضطراب والتفرق والتهیّج فی کل منهما کما استعار "الغربلة" لهم بجامع الاختیار والتمییز أو بجامع التقطیع فی کل منهما علی اختلاف فی المعنی کما بیناه فی ثورة الکلمات. شبه الإمامُ المسلمین َبشیءٍ یُبلبَل ویُفَرَّق لأنَّ البلبلة تفرّق القوم وتحرّکهم وتهیّجهم وتبعث فیهم الشکوک والشبهات والوساوس والأحزان ثم اشتق من مصدر "البلبلة" فعل "بَلبَلَ یُبلبلُ" علی سبیل الاستعارة التبعیة. [4] وشبه المسلمین، بشیءٍ یُغربَل لأنّ الغربلة تغربل القوم کما یُغرَبل الدقیق ویمیّز صحیحه من سقیمه کذلک الغربلة تغربل القوم وتمیّز الصالحین من الطالحین والمؤمنین من المارقین ثم اشتق الإمام من المصدر فعلَ "غَربَل یغربل" علی سبیل الاستعاره التبعیة. ومثل هاتین الاستعارتین، استعارَ الإمام "سوط القدر" لهم فَکأنّهم قدر یساط أی یخلط ما فیه من شدة الغلیان حتی یذهب أعلاه إلی أسفله وأسفلُه إلی أعلاه وهذه الاستعارة «حکایة عما یؤولون إلیه من الاختلاف وتقطع الأرحام وفساد النظام.» (عبده، ج1، لاتا: 43) وبعد هذا یذکر الإمام _ علیه السلام _ أسباب الفتنة وحلولها وطریق التخلص منها. فسببها الأوّل والأخیر هو الخطایا، وطریق التخلص منها هی التقوی فیلجأ الإمام إلی تشبیه تمثیل فی نهایة الروعة والحیویة لیرسم لنا صورة من الخطایا ودورها فی خلق الفتنة وصورة من التقوی ودورها فی ردع الفتنة فشبّه الخطایا بخیل لها مجموعة من الأوصاف: إنّها نافرة وحشیة لا تمکّن راکبها من ظهرها وقد خلعت لجامها وأوردت راکبها فی المهالک ووجه الشبه بینهما هیئة منتزعة من عدّة أمور. وجه الشبه کائن وحشیٌ یسرع بمشیه بلا رویّة لا رادعَ یردعه ولا وازعَ یزعه ولا مانع یمنعه حتی یودی براکبه إلی المهالک. وشبّه الإمام التقوی بمطایا لها مجموعة من الأوصاف: فهذه المطایا ذلولة هادئة قد مکّنت راکبها من ظهرها وقد أمسک صاحبها بلجامها فأوصلته إلی مقصده المحبّب إلیه. ووجه الشبه بینهما صورة منتزعة من عدة أمور. وجه الشبه کائن یسیر بهوادة ویمشی الهوینا وقد استقر راکبه علی ظهره بطمئنینة لا یخاف نفوراً ولا نشوزاً حتی وصلَ إلی المکان المطلوب وهدفه المنشود. هذا التشبیه یرسم أمام السامع صورة حیّة من الخطایا والتقوی لیحسب المسلمون حسابهم ویختاروا طریقهم لأنّ لکلٍ من الخطایا والتقوی أهلاً، فرسم الإمام لأهل التقوی والخطایا طریقهم لیختار کلٌ منهم طریقه لأنَّ هذا التشبیه من الخطایا والتقوی ینطبق علی المسلمین وحیاتهم قدیماً وحدیثاً. «استعمال لفظ الخیل للخطایا ثم وصفها بالوصف المنفّر وهو الشموس والهیئة المانعة لذی العقل من رکوبها وهی کونها مع شموسها مخلوعة اللجم، ووجه الاستعارة[5] ظاهر فإنّ الفرس الشموس التی خلع لجامها لما کانت تتقحّم براکبها المهالک وتجری به علی غیر نظام فکذلک راکب الخطیئة لما جری به رکوبها علی غیر نظام الشریعة وخلع بذلک لجام الأوامر الشرعیة وحدود الدین لا جرم کانت غایته من رکوبه لها أن یتقحّم أعظم موارد الهلاک وهی نار جهنم وذلک من لطیف الاستعارة، قوله ألا وإنّ التَّقوی مطایا ذلک حمل علیها أهلها وأعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنّة استعار أیضاً لفظ المطایا بالوصف الحسن الموجب للمیل إلیها وهو کونها ذللاً، وبالهیئة التی ینبغی للراکب وهو أخذ الزمام وأشار بالأزمّة إلی حدود الشریعة التی یلزمها صاحب التقوی ولا یتجاوزها، ولما کانت المطیّة الذلول من شأنها أن تتحرّک براکبها علی وفق النظام الذی ینبغی ولا یتجاوز الطریق المستقیم بل یصرفها بزمامها وتسیر به علی تؤدة فیصل بها إلی المقاصد کذلک التقوی فسهولة طریق السالک إلی الله بالتقوی وراحته عن جموح الهوی به فی موارد الهلکة یشبه ذلّة المطیّة وحدود الله التی بها یملک التقوی ویستقر علیه یشبه أزمّة المطایا التی بها تملک وکون التقوی موصلة لصاحبها بسلامة إلی السعادة الأبدیّة التی هی أسنی المطالب یشبهه غایة سیر المطیّ الذلول براکبها، والاستعارة فی الموضعین استعارة لفظ المحسوس للمعقول.» (ابن میثم، لاتا: 119) ونفس المعنی الذی فصّله ابن میثم فی شرحه وأطنب فی نقله أوجزه الإمام _ علیهالسلام _ باستعارتین مکنیتین فقال: «إنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ الْعِبَرُ، عَمَّا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْمَثُلاتِ حَجَزَتْهُ التَّقْوی عَن تَقَحُّم الشُّبُهاتِ.» فمن أراد أن یرتدع عن غیّه ویسلک طریق هداه فعلیه أن یجعل التقوی حاجزاً عن هواه ویعتبر بالعِبر التی تحقق له الاعتبار والاتعاظ. بیَّنَ الإمامُ هذا المعنی باستعارتین مکنیتین. شبه فی الأولی العبرة بخطیبٍ مصقع قد رقی المنبر یصارح الناس بما هم علیه من تفرق آراء وشتات أهواء وضعف وذل وسوء حال ثم حذف الخطیب وجاء بأحد لوازمه وهو التصریح. تشبیه العبرة بالخطیب استعارة مکنیة وإثبات أحد لوازم الخطیب لها استعاره تخییلیة. ثم شبّه التقوی بمانعٍ یمنع الناس عن تقحّم الشبهات فحذف هذا المانع وجاء بأحد لوازمه وهو الحجز وأثبته للتقوی. تشبیه التقوی بالمانع استعارة مکنیة وإثبات أحد الوازم المشبه به للمشبه استعارة تخییلیة. فی هذه الاستعارات یقول الإمام _ علیه السلام _: إنّ «مَن کشف له النظر فی أحوال من سبق بین یدیه وحقّق له الاعتبار والاتعاظ أنّ العقوبات التی نزلت بالأمم والأجیال والأفراد من ضعف وذلٍ وفاقةٍ وسوء حالٍ إنّما کانت بما کسبوا من ظلم وعدوان وما لبسوا من جهل وفساد أحوالٍ؛ ملکته التقوی وهی التحفظ من الوقوع فیما جلب تلک العقوبات لأهلها فمنعته عن تقحّم الشبهات والتردی فیها؛ فإنَّ الشبهة مظنّة، والخطیئة مجلبة العقوبة.» (عبده، ج1، لاتا: 43) الإیقاع فی الخطبة «العوامل التی تمیز لغة الشعر من اللغة المستخدمة فی المحادثات الیومیة هو التناغم والتوازن الذی یؤلّف بین المفردات فی تلک اللغة. وفی الواقع أن الموسیقی هی التی تُحدث الثورة فی کلمات الشعر وتؤدی إلى ظهور المفردات فی اللغة. والموسیقی أیضا لها قابلیة للتحلیل والتعلیل کالوزن والقافیة والجناس ... کما أن لها عوامل لا تعلل بل تحس ولیس هناک قانون یدل علیها وربما ستکشف الأجیال الآتیة بعض هذه الأسرار.» (شفیعی کدکنی، 1358ش: 15) ولهذه الخطبة موسیقی وتناغم خاص وعلى حد قول الدکتور کدکنی: نشعر به ولکننا عاجزین عن وصفه. ولهذا فالشکلانیون یرون أنّ الشعر هو استخدام متمیز للّغة ویعرّفونه بأنه کلام یتشکل فی نسیج صوتی متکامل. ولو قسمنا کتاب نهج البلاغة من منطلق صوتی فهو ینقسم إلى نهرین: الأول عمیق وهادئ، یسیر دون أن یحدث جلبة. والآخر صاخب متدفق یبعث الرعب والخوف فی النفوس. وأصوات هذه الخطبة یغلب علیها النوع الثانی. فأول کلمة تنطلق فی وجوه السامعین صارخة منبهة هی کلمة "صرّح" التی تتشکل من ثلاثة حروف، الصاد وهی من الحروف الصفیریة وصوت الغضب متجل فیها. وحرف الراء المشددة والحاء الحلقیة قد منحتا هذه الکلمة عمقا وشدة. فهناک أسالیب أخرى للتعبیر عن هذا المعنى، على سبیل المثال بإمکاننا أن نقول: "نقل له عبرة" أو "روى له عبرة" أو "استمع إلى عبرة" أو نقول "اعتبر" ولکن هذه العبارات لا تدل على ما تدل علیه عبارة "صرحت له العبر" من قوة وشدة وتأثیر فی قلوب المستمعین. کما أن حرفی "القاف" و"الحاء" فی کلمة تقحم وهما من الحروف الحلقیة فیهما من الشدة والصخب والجلبة ما یتلائم مع السقوط فی الشبهات وفی النهایة الانکباب فی نار جهنم. وفعلا "بلبل بلبلة" و"غربل غربلة" یدلان على الاضطراب والتزلزل لما فیهما من تکرار للحروف واهتزاز فی الأصوات عند أدائهما ولهذا یتداعى إلى ذهن السامع ما سیؤول إلیه المجتمع الإسلامی من اضطرابات تهزه هزا. وقد اجتمعت فی کلمة "شمس" ضمتان متوالیتان ثقیلتان وهذا الاجتماع یقدم لنا صورة رائعة عن الخیول الشمس تلقی بفرسانه فی النار وحرف الخاء فی کلمتی "خطایا" و"خیل" قد زادتا الصورة رعبا وخوفا. النتیجة النقد الشکلانی الذی ینظر إلى النص کعضو واحد قد أثبت لنا فی تحلیل هذه الخطبة أنه یستطیع أن یبلغ بعض الدقائق اللسانیة والأسرار الأدبیة فی الروائع کنهج البلاغة لا یبلغها غیره. ووفقا للمبادئ والأصول التی قدمها لنا هذا المکتب لتحلیل النصوص الأدبیة تَبیّنَ لنا أنّ الإمام - علیه السلام- فی هذه الخطبة قد رسم لنا مشهدین مختلفین تماما؛ مشهدا یصور فیه المذنبین وأصحاب الشبهات الذین أثاروا الفوضاء والضوضاء وزرعوا الرعب فی قلوب الناس ومشهدا نرى فیه أصحاب التقوى وقد وقفوا فی وجوه هؤلاء المذنبین لیعیدوا المجتمع الإسلامی إلى الأمن والاستقرار. وقد استخدم الإمام علی علیه السلام وهو أمیر البیان، طاقات خفیة فی اللغة لا ینفذ إلیها إلا من له باع طویل فی أسالیب البیان. والناقد المعاصر لا یستطیع کشف تلک الأسرار إلا اذا ما توسّل بقواعد تختلف عن القواعد القدیمة تماما وهذا ما نجده فی المنهج الشکلانی وقد لاحظنا ذلک فی دراسة هذه الخطبة من نهج البلاغة. [1] - رومن یاکوبسن (1982-1896م) لغوی وأدیب روسی، خبیر ومنظّر فی النقد الأدبی ومعرفة الأساطیر الأدبیة. أسّس "حلقة موسکو اللغویة" سنة 1915م وله دور بارز فی تأسیس الشکلانیة الروسیة. بعد أن مارس المارکسیون الضغوط علی الشکلانیین غادر یاکوبسن روسیا إلی تُشُکوسلوفاکیا وبعد أن احتل الألمانُ تُشُکَوسلوفاکیا غادرها یاکوبسن إلی إمریکا واشتغل هناک بالتدریس إلی أواخر عمره. یعتبر یاکوبسن أبرز ناقد شکلانی. [2] - فیکتور شکلوفسکی أبرز ناقد شکلانی بعد یاکوبسن. اشتهر بین الشکلانیین بعد نشره کتاب "ثورة الکلمات" سنة 1914م ومجموعة من المقالات تحت عنوان "حول نظریة لغة الشعر" (1916م). أشهر کتبه "الفن تقنیة" سنة 1917م. [3] - بوریس ایخنباوم من أبرز الشکلانیین ولد سنة 1886م وتوفی سنة 1959م. [4] - فی کل استعارة تبعیة یمکن أن نجری الاستعارة المکنیة وأیهما أجرینا یمتنع إجرائها فی الأخری ولکنّنا رجّحنا التبعیة هنا علی المکنیة لأنها أقرب إلی المعنی من المکنیة.
[5] - لا یقصد ابن میثم الاستعارة بمعناها المصطلح لأنّ العبارة فیها تشبیه ولیس استعارة بلا نزاع. | ||
مراجع | ||
ابن أبی الحدید. 1965م. شرح نهج البلاغة. تحقیق: محمد أبوالفضل إبراهیم. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. ابن زکریا، أحمد بن فارس. 1387ش. ترتیب مقاییس اللغة. ترتیب وتنقیح: علی العسکری وحیدر المسجدی. تحقیق وضبط: عبد السلام محمد هارون. الطبعة الأولی. تهران: پژوهشگاه حوزه ودانشگاه. ابن عبّاد، الصاحب. 1994م. المحیط فی اللغة. تحقیق: محمد حسن آل یاسین. الطبعة الأولی. بیروت: عالم الکتب. ابن منظور. 1988م. لسان العرب. الطبعة الأولی. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. ابن میثم البحرانی. 1992م. شرح نهج البلاغة. تصحیح: یوسف علی منصور. الطبعة الأولی. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. برکات، وائل وغسان السید. 2004م. اتجاهات نقدیة حدیثة ومعاصرة. دمشق: منشورات جامعة دمشق. بعلبکی، روحی. 1411ق. المورد. ترجمة: محمد مقدّس. الطبعة الثانیة. تهران: مؤسسه انتشارات أمیر کبیر. پاینده، حسین. 1382ش. گفتمان نقد. الطبعة الأولی. تهران: نشر روزگار. الجوهری، إسماعیل بن حمّاد. 1987م. الصحاح. تحقیق: أحمد عبدالغفور. الطبعة الرابعة. بیروت: دار العلم للملایین. الراغب الأصفهانی، الحسین بن محمد. 1404ق. المفردات فی غریب القرآن. مصر: الانجلو المصریة. الزبیدی، محمد مرتضی. 1406ق. تاج العروس من جوهر القاموس. الطبعة الأولی. بیروت: دار مکتبة الحیاة. الزمخشری. 1390ق. أساس البلاغة. تحقیق: عبدالرحیم محمود. مصر: دار الکتب المصریة. شایگانفر، حمید رضا. 1386ش. نقد أدبی. تهران: انتشارات دستان. شمیسا، سیروس. 1388ش. نقد أدبی. الطبعة الثالثة. تهران: نشر میترا. شفیعی کدکنی، حمید رضا. 1358ش. موسیقی شعر.تهران: توس. شهیدی، جعفر. 1374ش. نهج البلاغه. الطبعة الثامنة. تهران: شرکت انتشارات علمی وفرهنگی. الطریحی، فخرالدین. 1408ق. مجمع البحرین. الطبعة الثالثة. لامک: مکتب نشر الثقافة الإسلامیة. عبده، محمد. شرح نهج البلاغة. تحقیق: محمد محیالدین عبدالحمید. لامک: مطبعة الاستقامة. علوی مقدم، مهیار. 1377ش. نظریههای نقد أدبی معاصر. الطبعة الأولی. تهران: سمت. الفراهیدی، الخلیل بن أحمد. 1414ق. ترتیب کتاب العین. تحقیق: مهدی المخزومی وإبراهیم السامرائی. تصحیح: أسعد الطیّب. الطبعة الأولی. تهران: انتشارات أسوه. الفیروزآبادی، مجدالدین محمد بن یعقوب. 2008م. معجم القاموس المحیط. رتبه ونقّحه: خلیل مأمون. الطبعة الثالثة. بیروت: دار المعرفة. گورین، ویلفرد وآخرون. 1376ش. مبانی نقد أدبی. ترجمه: فرزانه طاهری. الطبعة الرابعة. تهران: نشر نیلوفر. مغنیة، محمدجواد. 1979م. فی ظلال نهج البلاغة. الطبعة الثانیة. بیروت: دار العلم للملایین. یوسفی، غلامحسین. 1371ش. چشمه روشن. الطبعة الرابعة. تهران: انتشارات علمی.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 2,248 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 902 |