تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,378 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,985 |
صدی الطفولة فی مسرحیة "الصندوق الأخضر" لفرحان بلبل | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 7، دوره 3، شماره 11، اسفند 1434، صفحه 170-147 اصل مقاله (297.14 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
عباس کنجعلی1؛ عبدالباسط عرب یوسف آبادی2 | ||
1أستاذ مساعد بجامعة حکیم سبزواری، سبزوار، إیران | ||
2طالب بجامعة حکیم سبزواری، سبزوار، إیران | ||
چکیده | ||
یُعتبر مسرح الطفل من الوسائط المؤثرة فی تنمیة الطفل عاطفیا، ولغویا، وثقافیا ویُعدّ فرحان بلبل من أبرز کتّاب المسرحیة فی سوریا حیث اتجه نحو عالم الطفولة بثلاث مسرحیات، منهامسرحیة"الصندوق الأخضر" التی تسعى إلی تبیین فکرة السعی والجهاد فی الحیاة بالعلم والعمل معاً إذ تطرح صراع الأطفال مع العفاریت والأشباح للحصول علی الصندوق الأخضر ومفتاحه. إنّ هذا الصندوق رمز للحریة والنجاح ومفتاحه رمز للعلم والعمل، فبالعلم والعمل ینجح الإنسان ویتحرر. اعتمد فرحان فی هذه المسرحیة علی منهج تربوی لإشباع حاجات الطفل النفسیة، وتحقیق غایاته التربویة، وتنمیة وعیه بعالم الخیر والفضیلة. فنحن فی هذه الدراسة حاولنا أن نبین کیف استخدم فرحان عناصرَ المسرحیة بأسرها کی تکون مناسبةً لعالم الطفولة وما هو مداه فی اتجاهه نحو عالم الطفولة فی هذه المسرحیة، فبالاعتماد علی المنهج الفنی للدراسة، استخرجنا أبعادَ الطفولة فی جمیع عناصر المسرحیة منها الحبکة، والفکرة، والشخصیة، والحوار، واللغة، والصراع وغیرها؛ کما بیّنا کیفیة استلهام الطفولة فی العناصر المذکورة، وفی نهایة المطاف توصّلنا إلی هذه النتیجة أن فرحان نجح فی الاستفادة من هذه المسرحیة کوسیلة تعلیمیة تساهم فی تکوین شخصیة الطفل. | ||
کلیدواژهها | ||
مسرح الطفل؛ فرحان بلبل؛ الطفولة؛ الصندوق الأخضر | ||
اصل مقاله | ||
الف) إشکالیة البحث تُعدّ دراسةُ الطفولة جزءا من الاهتمام بالواقع والمستقبل معا، حیث «یشکل الأطفال شریحة واسعة فی المجتمع، بل إنهم یشکلون الجیل التالی، لذا فإن ما یبذل من جهود من أجلهم یُعدّ مطلبا من مطالب التغییر الاجتماعی المخطط.» (الهیتی، 1988م: 17) وتشکل الطفولةُ البذورَ والجذور فی بناء الإنسان وتشکل إلی حد کبیر «نوع التنشئة والرعایة التی تحظی بها شخصیة المواطن عبر مراحل نموه فکرا، ووجدانا، وسلوکا، ولغةً مما یؤثر فی صیاغة مستقبل الوطن، وهو یقتحم تحدیات القرن الحادی والعشرین بما یحمله من نتاج الثورة العلمیة والتقنیة.» (المصدر نفسه: 32) ویؤکد علماء النفس ضرورةَ الاهتمام بالطفولة ورعایة خصائصها العقلیة، والوجدانیة، والجسمیة، فانطلاقا من أهمیة هذه المرحلة فقد ظهر الاهتمام الواسع بدراسة الطفل وعوامل تکوین شخصیته الفردیة والاجتماعیة. من هذه الدراسات، مسرح الأطفال (Childhood) وهو أحد الوسائط المؤثرة فی تنمیة الأطفال عقلیا، وعاطفیا، ولغویا، وثقافیا، حیث یشکل وسیلة أکثر أهمیة وأکبر قیمة وأعظم تأثیرا فی الأطفال. فازدهرت حرکة مسرح الأطفال فی أنحاء العالم ومنها فی البلاد العربیة إذ حظیت بإدراک الجمیع علی المستوى الحکومی والشعبی. من هؤلاء الذین اهتموا بمسرح الطفل "فرحان بلبل" (1937م-...م) الکاتب والباحث المسرحی السوری الذی أنتج أکثر من 15 مسرحیة -ثلاثة منها للأطفال- وأکثر من عشرین مقالا وکتابا فی النقد المسرحی. من مسرحیاته للأطفال، مسرحیة "الصندوق الأخضر" التی تطرح صراع الأطفال مع العفاریت والأشباح والجن للحصول علی صندوق أخضر یرمز إلی الحریة والنجاح فی الحیاة. اعتمد فرحان فی هذه المسرحیة علی منهج تربوی وسیکولوجی لإشباع حاجات الطفل النفسیة وتحقیق غایاته التربویة عبر تحریک مشاعره بقصد تنمیة وعیه بعالم الخیر والفضیلة. فنحن فی هذه الدراسة نحاول استخراج الأبعاد والمؤلفات التی تشیر إلی الاتجاه التعلیمی للمسرحیة فی تنمیة مشاعر الأطفال وتربیتهم علی المبادئ الهامة کالالتزام بالقیم الخُلقیة وتحقیق العدالة الاجتماعیة والعمل المستمر وغیرها. بعد قراءة المسرحیة واستخراج أبعادها التعلیمیة عینّا نطاقَ البحث وحدودَ الدراسة بما یلی: بادئ ذی بدء عرضنا مدخلا للتعرف علی مسرح الطفل، وماهیته، وأهدافه، وتاریخه؛ ثمّ قدّمنا نبذة عن حیاة فرحان بلبل ومراحل تکوین الفن المسرحیة لدیه مُلِمّینَ بأعماله الأدبیة وإنتاجاته المسرحیة. ثمّ دخلنا فی صُلب الدراسة وهو جوانب الطفولة فی مسرحیة "الصندوق الأخضر" فدرسنا کیف اتخذ الکاتبُ، المسرحیة َکوسیلة تربویة للأطفال، ومن خلاله استخرجنا أبعاد الطفولة فی عناصر المسرحیة کالفکرة (Idea)، والحبکة (plot)، والشخصیات (Characters)، والحوار (Dialogue)، والصراع (Conflict)، واللغة (Word) وغیرها؛ وأخیرا قدّمنا نتیجةً تبیِّن صفوةَ ما حصلنا علیه. ب) خلفیة البحث أثناء دراستنا للمسرحیة وبعد تدقیق الدراسات المرتبطة بها، حصلنا علی کتب ومقالات مختلفة ترتبط ارتباطا وشیکا بموضوع دراستنا، فمن هذه الدراسات، کتاب "الأطفال والمسرح" لمحمد شاهین الجوهری (1966م) إذ یؤکد الکاتب فیه علی فنون عرض مسرح الطفل أکثر من فنون کتابته ویفصل القول فی القواعد الصحیحة لتعلیم المسرح للأطفال کالدخول إلى المسرح والخروج منه والتعبیر بالحرکة، والإشارة، والإحساس، وکیفیة تصویر الانفعالات، وما إلی ذلک. عثرنا أیضا علی کتاب آخر وهو "مسرح الأطفال" لمؤلفته "وینفرید وارد" بترجمة محمد شاهین الجوهری نفسه (1968م) الذی یفید لکل من یُخرِجُ مسرحیات للأطفال أکثر من الأطفال أنفسهم، إذ یحتوى الکتاب علی تجربة أوسع وأعمق فی مَسرَحیة القصص وإنتاج مسرحیات فنیة وجمیلة للترویح عن المتفرجین الأطفال. وعندنا کتابان آخران هما "الطفل العربی والمسرح" (1984م) لمؤلفتیه عواطف إبراهیم محمد وهدى محمد قناوی، و"مقدمة فی مسرح الأطفال" (1985م) لحسب الله یحیى، اللذان یعالجان تاریخ مسرح الطفل، وتطوره، وأهدافه، ومقوماته من جهة؛ ومن جهة أخری یدرسان نصوصا مسرحیة تناسب کل مرحلة عمریة للأطفال. کما یبدو من هذه الدراسات فغالبیتها تدور حول تاریخ مسرح الطفل وفنون عرضه وأحیانا تحلیل نصوص مسرحیة للأطفال، وهذه الدراسات -کما یبدو من عناوینها- تساعد قسما ضئیلا من دراستنا فحسب ولم تکن کافیة وافیة لموضوع بحثنا العلمی بل تُعَدّ من الدراسات التنظیریة أکثر منها التطبیقیة. وبما أن فرحان بلبل کاتب وباحث مسرحی معاصر فالدراسات الشاملة عن أدبه المسرحی وأصول نقده قلیلة بحیث إننا لم نحصل عنها إلا علی مقالات متبعثرة تبحث عن جوانب من فنه المسرحی، فمن هذه الدراسات "الزمان والمکان فی مسرح فرحان بلبل" بقلم ولید فاضل و"دراسة عن مسرح فرحان بلبل، المواضیع والشخصیات" لعلی سلطان و"مسرح فرحان بلبل" لندیم معلا محمد؛ فاستخرجنا منها أصول الفن المسرحی لدی فرحان بلبل فقط. وفیما یتعلق بمسرحیات بلبل للأطفال حصلنا علی مقال تحت عنوان "الطفولة فی مسرح فرحان بلبل" للدکتور حمدی موصللی، فجعلناه نموذجا لهذه الدراسة، مع أن دکتور حمدی درس فی مقاله جمیع مسرحیات فرحان للأطفال فی عشر صفحات فقط بحیث تطرّق إلی مسرحیة "الصندوق الأخضر" فی ثلاث صفحات تنحصر علی دراسة الشخصیة دون التطرّق إلی باقی عناصر المسرحیة من الحبکة، والأحداث، والصراع، واللغة، والحوار. أما دراستنا هذه فتتناول دراسة عالم الطفولة فی جمیع عناصر المسرحیة. ج) أهمیة البحث الذی یدفعنا إلی دراسة الطفولة فی مسرحیة الصندوق الأخضر، هو أنّ هذا الجانب المهم من المسرحیة أصبح منسیّا فی دراسة مسرحیات فرحان بلبل. أما سببُ اختیار مسرحیات فرحان بلبل بدلَ باقی المسرحیات العربیة فیختبیء فی رغبة الباحث المضاعفة إلی الأدب العربی فی بقعة الشامات وخاصةً سوریا؛ وانتقاءُ الاتجاه التعلیمی کأساس لنقد هذه المسرحیة یرجع إلی غلبة اللون التعلیمی فی هذه المسرحیة لکونها مسرحیة خاصة بالأطفال فطبیعی أن یأخذ الباحث فی أی دراسة أدبیة الکفة الرجحاء بدلا من السفلی. د) منهج البحث وأما من حیث منهج الدراسة فاتّبعنا المنهج الفنی الذی «یُعَدّ من المناهج الأدبیة لدراسة جمالیات النصوص النثریة فی تاریخ الأدب العربی.» (مشکین فام، 1388ش: 13) هــ) الأسئلة والفرضیات یبقی سؤالان رئیسان وهما: کیف انعکست الطفولة ومیزاتها فی عناصر مسرحیة "الصندوق الأخضر"؟ وما هو الغرض الرئیس للکاتب فی اتجاهه نحو عالم الطفولة فی هذه المسرحیة؟. بدایةَ الأمر افترضنا أن فرحان استخدم عالم الطفولة فی عنصری الشخصیة والحوار فقط، وحاول من خلال المسرحیة تنمیةَ وعی الأطفال بعالم الخیر والشر، وبالممارسة والدراسة حصلنا علی هذا المهم أن الکاتب عرض عالم الطفولة فی جمیع عناصر المسرحیة من الحبکة، والشخصیة، والحوار، والأحداث، والصراع، والعقدة، والحل وغیرها، واعتمد فیها علی منهج قائم على التهیؤ التربوی والسیکولوجی لإشباع الحاجات النفسیة لدى الطفل فی المراحل المتوسطة والمتقدمة من عمره، وذلک بقصد تنمیة وعیه بعالم الخیر والفضیلة.وقبل أن نبدأ بتحلیل الاتجاه التعلیمی الخاص بالطفولة فی المسرحیة، نقدم کلیات عن مسرح الطفل، وماهیته، وأهدافه، وتاریخه ومن ثمّ نبذة عن حیاة فرحان بلبل الاجتماعیة والثقافیة. مسرح الطفل یعتبر مسرح الطفل من الوسائط المؤثرة فی تنمیة الأطفال عقلیا، وعاطفیا، ولغویا، وثقافیا، فهو «ینقل للأطفال بلغة محببة –نثرا أم شعرا- وبتمثیل بارع وإلقاء ممتع، الأفکارَ والمفاهیم والقیم ضمن أُطُر فنیة حافلة بالموسیقی، والغناء، والرقص.» (الهیتی، 1977م: 304) ویأتی فی مقدمة وسائل الاتصال التی یتم من خلالها نقل ثقافة المجتمع إلی أفراده وهو یشکل وسیلة أکثر أهمیة وأکبر قیمة وأعظم تأثیرا فی الأطفال. ظهرت فی الآونة الأخیرة فی الأوساط الفنیة والتربویة حاجة ملحة إلى ضرورة ربط المسرح بالتربیة، فـ«برزت اتجاهات تدعو إلى الاستفادة من المسرح کوسیلة تربویة تعلیمیة تساهم فی تطویر الفرد وإمکانیة تکامل المسرح والتربیة على کافة المجالات.» (مرعی، 2000م: 27)، فمن هذا المنطلق توجّه الکتّاب إلی مسرح الأطفال وعدّوه أحد الوسائل التعلیمیة والتربویة المهمة إذ «یدخل فی نطاق التربیة الجمالیة الخلقیة، فضلا عن دوره فی التنمیة العقلیة والتعلیم الفنی للنشوء فی الوقت المبکر، وهو یشکل رکنا أساسیا فی تکوین شخصیة الأطفال وذلک من خلال إسهامه فی جوانب النمو المتعددة العقلیة، والنفسیة، والعاطفیة وغیرها.» (خریسات، 1986م: 81) «یدفعنا هذا الموجز للتساؤل عن الأهداف التی یرمی إلیها مسرح الطفل وهل لهذا النوع من الفن أهداف تعلیمیة یستطیع الطفل أن یکتسبها من خلال قراءته أو مشارکته للعمل المسرحی؟ إن الإجابة علی هذه التساؤلات تکمن فی العدید من الدراسات التی قام بها عددٌ کبیر من المهتمین بالشؤون التربویة والفنیة للأطفال.» (بدران، 1985م: 72) وملخص قولهم إن المسرح یغذّی أذهان الأطفال فنیا، وأدبیا، ووجدانیا و«یعمل علی منهجیة حیاتهم عن طریق التأثر بمضمون العمل المسرحی، لهجة العبرة المقدمة لهم بقالب مسرحی، ولهجة الإبهار المشهدی الذی یعرض أمامهم من خلال التقنیات ومستلزمات العمل المسرحی من دیکور وملابس، وإضاءة، وأصوات، إضافة إلی عوامل الإیهام المسرحی التی تتداخل مع أخیلتهم لتخلق حالات الانفعال التی تصل بهم إلی البهجة والسرور خاصة فی المواقف المضحکة، وإلی التأثر الإیجابی الذی یحمل بذور التعاطف مع سلوک البطل، أو مع مضمون الفکرة الممسرحة فی مواقف أخری، والأطفال فی هذه الحالة صادقون مع أحاسیسهم ونفوسهم البریئة البیضاء التی لم تدخل إلی عالم الکبار بعدُ.» (مرعی، 2000م: 20) إن مسرح الطفل یوفّر للنفوس البریئة کثیرا من الوسائل التی تغرس فی عقولهم وأذهانهم، القیم النبیلة وتدفعهم إلی الالتزام بها ویقدم لهم أکثر بکثیر مما تقدمه الکتب التی یتعلمون فیها. یقول "مارک توین" عن مسرح الطفل: «أعتقد أن مسرح الطفل هو من أعظم مکتشفات القرن العشرین وأن قیمته التعلیمیة الکبیرة سوف تتجلی قریبا... أنه أقوی معلم للأخلاق وخیر دافع إلی السلوک الطیب اهتدت إلیه عبقریة الإنسان. لأن دروسه لا تلقن بالکتب بطریقة مرهقة أو فی البیت بطریقة مُملّة، بل بالحرکة المنظورة التی تبعث الحماس وتصل مباشرة إلی قلوب الأطفال التی تعتبر أنسب وعاء لهذه الدروس.» (الهیتی، 1977م: 305) هذا النوع من المسرح «عالم کامل مستقل ولیس مجرد مبنى مستقل، إنه عالم الخیال والعاطفة فی أرض الأحلام. وإذا نحن لم نضع هذا الفهم فی اعتبارنا أو تدخلت مفهوماتنا الخاصة ککبار فی إبعاده عنها، فإن النتیجة ستکون مسرحاً بعیداً عما نرید.» (رمضانی، 2004م: 132) وهذا یعنی أن المبدع «مطالب بمراعاة شروط الطفل وسنه، ومؤهلاته، وذوقه، ورغباته.» (المصدر نفسه: 133) فالنص المسرحی الموجّه للأطفال ینطلق من القدرة الطبیعیة على الخلق والإبداع الأدبی فهماً عمیقا لعقلیة الطفل ونفسیته وإحساسا رهیفا بمشاعره للدخول إلى عالمه وإثارة تحمسه. مع بزوغ فجر القرن العشرین اتجه المهتمون بحرکة مسرح الطفل بشغف شدید إلی «تحقیق فن یروق الطفل، مستخدمین خشبة المسرح، یحفزهم عدم الوقوع فی الأخطاء والمثالب التی أصابت جسد مسرح الکبار فی الصمیم.» (غزال، 2008م: 27-28) فدخلت دول العالم بأسرها فی هذا المیدان الفسیح من میادین فنون الطفل؛ أما البلاد العربیة فقد اهتمت بها بعد النهضة وازدهرت حرکة مسرح الطفل علی المستوى الحکومی والشعبی معا. ففی جمهوریة الجزائر «بدأ المسرح الإقلیمی عام (1975م) فی تخصیص قسم لمسرح الأطفال وهو قد بدأ حدیثا.» (المصدر نفسه: 34) وفی العراق «أنشأت الحکومة أول مسرح قومی فی بغداد... ومن عباءة المسرح القومی العراقی خرج إلی حیز الوجود المسرح المدرسی.» (المصدر نفسه: 34) وفی مصر حظیت حرکة مسرح الطفل بـالاهتمام اللائق و«تتوازی معها دراسات علی أساس من الاستفسارات، والفحوص، والتجاریب للوقوف علی مدى وعی الطفل بالحالة الاجتماعیة والسیاسیة لبلاده وفی البلاد الأخرى.» (المصدر نفسه: 33) وأما مسرح الطفل فی سوریا فقد حظی بالعنایة ولکنه متأخرا «فقد کان حتى مطلع السبعینات یتبع للمؤسسة التربویة التعلیمیة ولم یحظَ باهتمام الأدباء إلا فی وقت متأخر.. مع أن وزارة الثقافة -على الرغم من قلة عروض مسرحها الطفلی وعروض مسرح عرائسها الخاص بالأطفال دون السادسة- ومعها منظمة طلائع البعث، أسستا لهذا المسرح وقدمتا الإمکانات المتاحة لهما.» (رمضانی، 2004م: 133) من أکبر الذین اهتموا بمسرح الطفل فی العراق فاضل الکعبی، وناطق خلوصی، وساشا لیخی، وجبار صبری العطیة، وسعدون العبیدی؛ وفی مصر شهاب سلطان، والسید حافظ، ومحمد شاکر، وصلاح جاهین، وغیرهم؛ وفی سوریا فرحان بلبل، وسلیمان العیسی، ونصری الجوزی، ومحمد بری العوانی، ونور الدین الهاشمی، وحمدی موصللی، ومحمد قارصلی، وسمیر الحکیم، ومحمد شیخ الزور، وغیرهم. فرحان بلبل: حیاته الاجتماعیة والثقافیة (1937م-...م) ولد فرحان عام 1937م بمدینة حمص ونشأ فیها وتلقی دروسه البدائیة فیها. یعتبر فرحان من الکتاب المسرحیین السوریین الذین اشتهروا بغزارة إنتاجهم؛ فقد حصر نشاطه کتابةً وإخراجا بفرقة المسرح العمالی بحمص وقد غلب علی مسرحه البحثُ عن القضایا الفکریة فی ارتباطها بالقضایا الاجتماعیة، والوطنیة، والسیاسیة. «على الرغم من أنه کان یدور فی إطار العمومیات من حیث تحدیده للصراع الاجتماعی، فإنه لم یجر وراء الصراعات والتیارات العبثیة والوجودیة التی کانت سائدة والتی وقع فی شرکها معظم الکتاب المسرحیین. لقد تفاوت موقفه من القضیة الاجتماعیة إلا أنه لم ینحرف عن خطها الأساسی.» (معلا، 1982م: 12) إن أهمیة فرحان، فضلا عن المسرحیات الکثیرة التی ترکها وفضلا عن إدارته للمسرح العمالی بحمص، ترجع إلی أنه ناقد مسرحی مهم، وقد أضاءت سلسلة مقالاته التی نشرها فی مجلة الحیاة المسرحیة السوریة تحت عنوان "الأدب المسرحی فی سوریة" أضاءت جوانب ونتاجات أهم أعلام المسرح فی سوریا. من مسرحیاته: "الحفلة دارت فی الحارة" (1973م)، "الجدران القرمزیة" (1975م)، "الممثلون یتراشقون الحجارة" (1976م)، "العشاق لایفشلون" (1977م)، "لا تنظر من ثقب الباب" (1978م)، "البیت والوهم" (1980م)، "الطائر یسجن الغرفة" (1980م)، "العیون ذات الاتساع الضیق" (1980م)، "القرى تصعد إلی القمر" (1980م)، ثلاث مسرحیات للأطفال وهی "الصندوق الأخضر"، "البئر المهجورة" و"حارسو الغابة" (1982م)، "یا حاضر یا زمان" (1982م) و"لاترهب حد السیف" (1984م). تدور مواضیع هذه المسرحیات جمیعاً حول العمل فی المعمل أو فی الأرض أو البستان أو البئر أو فی السفر للخروج من التعاسة إلى السعادة أو البیت والأسرة. وهذه المواضیع فی غالبها حادةٌ وغیر عادیة، فهی «مواضیع إشکالیة کان کاتبها یبحث عن سبب لخلق صراع اجتماعی کأنه یبدو صراعاً طبیعیاً دون الحاجة إلى برهان علیه وتدور مواضیع معظم مسرحیاته عن العمل، والعدل، والظلم، والفوارق الاجتماعیة حتى الحادة منها.» (سلطان، 2003م: 48) مقوّمات الطفولة فی "الصندوق الأخضر" إنّ هذه المسرحیة «مقتبسة عن حکایة شعبیة معروفة فی أکثر أقطار الوطن العربی.» (بلبل، 1983م: 5) واعتمد الکاتب فیها علی منهج قائم على التهیؤ التربوی والسیکولوجی لـ«إشباع الحاجات النفسیة لدى الطفل فی المراحل المتوسطة والمتقدمة من عمره ولتحقیق الغایات التربویة الملائمة عبر تحریک مشاعر الطفل بقصد تنمیة وعیه بعالم الخیر والفضیلة.» (موصللی، 2003م: 23) الف) الفکرة (Theme) من الضروری أن تکون للمسرحیة فکرة أساسیة مترابطة الأجزاء تعبّر عن معنی فی ذهن المؤلف یرید أن ینقله لمشاهدیه، لعلَّ أبسط وأدقّ تعریف للفکرة هو أنها «التی یرید الکاتب إیصالها إلى الناس فی عصره.» (أصلان، 2003م: 87) فإن الفکرة جزء هامّ فی المسرحیة إذ یصوّر الکاتب المسرحی، تشارلز کلین، أهمیة الفکرة الأساسیة أنها «أساس العمل المسرحی، وأن ما یرتبط بین السطور من معان أهم من السطور ذاتها، إنها الرباط بین الأجزاء المختلفة للمسرحیة ووسیلة خلق الوحدة بین العناصر المکونة للموضوع.» (شکری، 2009م: 35) ویری جون هوارد لاوسون (1886م)، الناقد المسرحی الأمریکی، أن «الفکرة الأساسیة فی المسرحیة هی بدایة العمل فیها.» (عنبرالمحامی، 1966م: 165) یحاول فرحان من خلال هذه المسرحیة أن ینقل فکرة السعی والجهاد فی الحیاة بالعلم والعمل معاً إذ یطرح صراع الأطفال مع العفاریت، والأشباح، والجن للحصول علی الصندوق الأخضر ومفتاحه. فإنّ هذا الصندوق رمز للحریة والنجاح، ومفتاحه رمز للعلم والعمل، فبالعلم والعمل ینجح الإنسان ویتحرر. ب) الشخصیة (Character) تُعَدُّ الشخصیةُ ذاتَ أهمیة کبیرة فی المسرحیة وقد جاء بها أرسطو فی المرتبة الثانیة بعد الحدث، لأن المسرحیة فی نظره محاکاة أعمال الأشخاص فـ«الحدث هو الأصل، والشخصیة هی الفرع.» (أرسطو، 1992م: 35) وخالفه کثیر من المتأخرین واضعین «الشخصیة فی المکانة الأولی لأنّها محور العمل.» (نیکول، 1992م: 67) تنقسم الشخصیات فی المسرحیة إلی «شخصیات أصلیة ثابتة (Protagonists) لایستغنی عنها الحدث بحال لأنها جزء من تکوینه، وإلی شخصیات ثانویة تقوم بأدوار عابرة غیر مؤثّرة، فهم علی هامش المسرحیة إذا اقتصرت أدوارهم علی ذلک.» (القط، 1978م: 26) وللشخصیات صفات منها: أن تکون «ملائمة للحدث من جمیع الوجوه وأن تکون ممکنة لا تُناقض التاریخ أو الواقع، ثابتةً لا تتغیر فلا تتناقض مع نفسها وأن تکون الشخصیات جاریة علی العرف غیرشاذة فلا یصوّر الخارج علی القانون فی صورة البطل ولایصور المدافع عن وطنه فی صورة المجرم، وأن تجمع فی صفاتها بین اللون المحلی والعناصر الأصلیة فی الإنسان لتکون بصفة عامة انسانیة مثیرة مؤثّرة.» (بولتن، 1962م: 76) من شخصیات هذه المسرحیة حسن/الأب: رجل کسول ینام کثیرا ولایحب العمل. یسرق جارُه أموالَه دون أن یفعل حسن شیئا. دعد/الأم: علی خلاف الأب فهی شخصیة قویة حازمة تأمر وتنهی أفراد الأسرة، وتوجِّههم بوعی. سمیح/العم: شخصیة مرکبة قلقة مترددة وخائفة للواقع دائماً، وهو یخاف من القیام بأمور تتطلب الجرأةَ فی اتخاذ القرار أو المغامرةَ المحفوفة بالمخاطر. أیمن، وزهرة، وعماد: أولاد العائلة، أیمن الولد الأکبر فی اثنتی عشرة من العمر، وزهرة الفتاة البالغة من العمر إحدی عشرة سنة، والولد الأصغر عماد عمره تسع سنوات. إنهم أذکیاء یدیرون اللعبة مدرکین مغزاها، ونتائجها، ویسوقون حوادث المسرحیة إلی الأمام. الجار اللئیم/العفریت: هو نقطة مقابل العائلة فیقف أمامهم للصراع معهم. فی البدایة اعتدی علی ممتلکات العائلة وسرق أموالهم وبعد أن واجه أفرادَ الأسرة للامتلاک علی الصندوق الأخضر، یحلو له أن یتنکر بزی عفریت یلاحق العائلة أثناء الرحلة بحیث یرید سرقة الصندوق بأی طریق یمکنه. ومن شخصیات المسرحیة الفرعیة: الأجداد، والحداد، والبئر، والرجل الحارس، والفلاح، والبستان. وکما یبدو من الشخصیات الفرعیة أنها تتضمن بعض أشیاء وأماکن کالبئر والبستان وغیرها لتلائم أجواء مسرح الأطفال. ج) الحبکة (plot) الحبکة فی المسرحیة هی التی تحول لذائذ الحکایة إلى قصة مسرحیة، فهی التی «تشبک وقائع الحکایة فی تعارض عنیف بین رغبات الشخصیات. وتعریفها الذی هو جوهرها هو أن تترابط أحداثُ القصة بتسلسل منطقی، أی أنه حدث کذا ولذلک حدث کذا. وهذا التسلسل المنطقی هو الذی یخلق التشویق لأنه هو الذی یصل بالحکایة إلى منطقة حرجة تتأزم فیها أحوال الشخصیات ویبلغ الصراع ذروته التی یسأل فیها المتفرج نفسه: ماذا سیحدث بعد ذلک؟.» (بلبل، 2003م: 42) وتتألف الحبکة من مراحل ثلاث هی: التمهید (Beginning)، والوسط (Betweenness)، والنهایة (Ending). ففی التمهید «یقدم الکاتب شخصیاته ویرمی الخیوط الأولى للحکایة. وفی الوسط یزجّ الشخصیات فی لحظة تأزّمِ الصراع. وهنا تأتی العقدة أو أزمة المسرحیة التی یمسک فیها الکاتب بأنفاس المتفرج ویجعله یتساءل بلهفة: ماذا سیحدث بعد ذلک؟. وفی النهایة تنحلُّ الأزمات وینتهی الصراع وتختتم الحکایة.» (المصدر نفسه: 43)
تبدأ المسرحیة بوصف المکان الذی تقع الأحداث فیه وهی غرفة فی بیت فقیر «یوجد فی الغرفة بعض الکراسی ومنضدة وفراش ممدود علی الأرض.» (بلبل، 1983م: 9) تتحدث الأشخاص عن مدرستهم فمنهم من یفرّ منها ومنهم من یحبها: «عماد: رفاقی الذین یذهبون إلی المدرسة علّمونی الرسم/ أیمن: أنت دائما تتکلم عن المدرسة/ عماد: أنا أحب المدرسة/ أیمن: أنا لن أذهب إلی المدرسة لو قطّعونی أربع قِطَع/ زهرة: لماذا لا تحب المدرسة؟/ أیمن: فی المدرسة یضربون الأولاد ولا یسمحون لهم باللعب/ عماد: لا. فی المدرسة یتعلم الأولاد، وأنت کسلان/ أیمن: إذهب إلی المدرسة وحدک. هه هه... .» (المصدر نفسه: 10) والأولاد یتعلمون الأفکار من آبائهم، کما یعتقد الأب والعم بعدم الجدوی للمدرسة: «الأم: فکر بأولادک یابن الحلال. کل الأولاد یذهبون إلی المدارس إلا أولادنا/ الأب: المدارس لاتنفع. تضیع وقتَ الأولاد/ العم: المدارس تکلف مالا کثیرا دون فائدة.» (المصدر نفسه: 14) إذا کان موضوع مسرح الأطفال یدور حول القصص والاکتشافات وغیرها، لکنها مملوءة بالمضامین التعلیمیة التی یؤکد الکاتب علیها من خلال حوارات الشخوص، والمدرسة من هذه المضامین التی یسعی کاتب مسرح الطفل إلی ابرازها مؤکدا دورها لتنمیة روح الأطفال وثقافتهم. لایعتنی الأب الکسول بما یجری بین الأطفال من المشاجرة والعراک، فیرفع رأسه وهو فی فراشه «ما هذا یا أولاد؟ دعونا نستریح.» (المصدر نفسه: 12) ولایعتنی بمعیشتهم وتهیئة لقمة عیش لهم «الیوم نأکل البیض وغداً ندبّر رأسنا.» (المصدر نفسه: 12) وإذا یدخل العم/سمیح حائرا «حسن حسن. قُم وانظر ماذا جری.. جارنا اللئیم.. سرق دجاجاتنا. رأیتُه بعینی یکسر باب القُنِّ ویسرق الدجاج.» (المصدر نفسه: 12)[1] ولکن الأب یخاف من معارضته ویسوّف الأمرَ «سأُکلّم جارَنا اللئیم وآخذُ منه الدجاجات غصبا عنه.» (المصدر نفسه: 13) ویبرّر الجار اللئیم سرقاته: «الجار اللئیم: أعوذ بالله. أعوذ بالله. الدجاجات طارت ونزلت عندی/ الأم: وسرقتَ لنا الغنمة. أتقول إنک لم تسرِقها؟/ الجار اللئیم: أنا سرقت الغنمة؟ أعوذ بالله. الغنمة کانت تتنزه. أحبّتنی وجاءت لتلعبَ عندی بالجمباز/ الأم: والخضرواتُ التی سرقتَها من حدیقتنا؟/ الجار اللئیم: أنا أمدُّ یدی إلی حدیقة جیرانی؟ أعوذ بالله. أعوذ بالله. الخُضروات تحب الرقص. وقد رقصَت ورقصَت ثم دخلَت فمی.» (المصدر نفسه: 16)
فی هذا الجو المملوء من الظلم والخوف تظهر زهرة وبیدها صک نجاح أسرتها، فتقترح على أفراد الأسرة أن یغنوا معا أغنیة الأجداد المعروفة. فهی الحل المناسب لهم جمیعا وخیرٌ لهم من العمل عند الجار اللئیم الذی یساومهم على لقمة عیشهم: «یا خشیبة روحی وعودی/ ودّینی علی جدودی/ وجدودی بطرف عکا/ بیعطونی ثوب وکعکعة/ والکعکعة بالصندوق/ والصندوق بدو مفتاح/ والمفتاح عند الحداد/ والحداد بدو فلوس/ والفلوس عند العروس.» (المصدر نفسه: 21-22)[2] تترک الأسرة البیت إلى عکا لزیارة الأجداد والحصول على الصندوق الذی فیه الثوب والکعکعة، فالثوب یلبسهم والکعکعة تطعمهم. ومن الواجب للإشارة أن اللون الأخضر للصندوق یشیر إلی کونه مصدر خیر وبرکة وعیشة لشخوص المسرحیة والدقة فی اختیار الألوان المناسبة للشخوص والأشیاء فی مسرح الطفل تساعد علی نجاحه والوصول إلی غرضه. یخرج الجار اللئیم ویهددهم بالسرقة إذا کانوا مسافرین إلی عکا «سافروا؟ عالٍ. سأسرق لهم أغراضهم. لکن أین سافروا؟ ولماذا سافروا؟ هاه. یبحثون عن شیء یکفیهم فی حیاتهم حتى لایشغّلوا أولادهم عندی. هاه. طیب. أنا وراءکم والزمن طویل. إذا وجدتم شیئا فسوف أجعله یطیر إلی بیتی أو یرقص عندی أو یلعب الجمباز.» (المصدر نفسه: 26-27)[3] یتغیر المنظر ویظهر سور علیه کلمة عکا، فتدخلها أفراد الأسرة وینهض الأجداد من القبور: «الجد الأول: مَن أیقظنا من نومنا؟/ العم: أخی حسن وأولادُه الشیاطین أیقظوکم من نومکم. أنا لم أفعل شیئا، والله العظیم لم أفعل شیئا/ الجد الثانی: من أنتم؟/ أیمن: نحن أحفادکم/ الجد الثالث: ماذا تریدون؟/ زهرة: نرید ما یطعمنا ویلبسنا/ الجد الأول: کنا بانتظارکم. سنعطیکم الصندوق الأخضر وفیه الثوب والکعکة/ الأم: هکذا تقول الأغنیة. کلام الأولاد صحیح/ الجمیع: (یغنون ویرقصون. یغنی معهم الأجداد الثلاثة)/ وجدودی بطرف عکا/ بیعطونی ثوب وکعکعة/ والکعکعة بالصندوق.. .» (المصدر نفسه: 29-30)[4] ویقدم الجد الثانی الصندوق الأخضر لهم فی الوقت الذی یظهر فیه العفریت/ الجار اللئیم محاولا الحصولَ على الصندوق: «العفریت: أنا العفریت شمدیت بن خرتیت. مدمّر الجبال ومرسل الزلزال والأمطار../ الأب: وماذا ترید؟/ العفریت: أرید الصندوق الأخضر وإلا خسفتُ الأرض تحتکم وهدّمتُ السماء فوقکم.. .» (المصدر نفسه: 29-30)[5] فی حین یقترب العفریت منهم ببُطء مخیف، یتهامس الأولاد ویتقدم أیمن بالصندوق من العفریت بینما یبتعد البقیة إلی الخلف. یمدّ العفریت یده لیأخذ الصندوق ولکنه لایفلح. أما الصندوق فإنه لاینفتح لأنه یحتاج إلی مفتاح والمفتاح عند الحداد، والحداد یرید فلوس. الأب والعم لایقبلان المغامرة فیطلبان الأولاد الرجوع إلی البیت وترک الصندوق والمفتاح، ولکن زهرة تطلب التفتیش عن الحداد والأخذ بالمفتاح، وبعد مدة یرضی الأب برحلة البحث المُضنیة للحصول على المفتاح. تمشی الأسرة وبعد مدة تظهر دکان الحداد ولکن العفریت فی الدکان وعلیه ثیاب تنکریة وقد أخفی رأسه بِطاقیةٍ: «الأب: هذا هو الحداد... مرحبا یا عم/ العفریت: أهلا وسهلا/ الأب: نرید مفتاحا لهذا الصندوق/ العفریت: (فرحا) سأصنع له أحسن مفتاح. هاتوه.. .» (المصدر نفسه: 37) یهم أیمن بإعطائه الصندوق، لکن الحداد الحقیقی یشیر إلیهم من بعید أن یقتربوا منه ویتذکر أن العفریت طرده من الدکان. أما المفتاح ففی الدکان وعلیهم أن یأخذوه من العفریت، والحداد یبشرهم بأنه یغلب علی العفریت ویأخذ منه المفتاح قبال الفلوس التی ستعطیه الأسرة. و«الحداد یرید الفلوس والفلوس عند العروس.» (المصدر نفسه: 44) وأین العروس؟ فیظهر سور قلعة ویأتی صوت احتفال عُرس فتطلب الأم من حارس العُرس کی یأتی بهم الفلوس من العروس وهو یأتی آسفا أن العفریت أغلق الباب علی العروس و«لن تخرجَ العروسُ حتى یأتی القندیل.» (المصدر نفسه: 48) أزمة بعد أزمة (Crisis) کی تصل إلی ذروتها والشخوص تظهر بذاتها التی أشرنا إلیها من قبلُ، فالعم یحاول الخلاص من الأزمات دون أی مصیبة ومشقة، والأب غیرت ذاتیته بأنه أصبح مغامرا وساعیا للوصول إلی مراده: «الأب: اِسمع یا سمیح واسمعوا أنتم. مشینا وتعبنا وصرفنا فی منتصف الطریق ولم نعُد نستطیع العودة. ولذلک یجب أن نشُدّ همّتنا ونکمّل رحلتنا حتى نجد المفتاح.. ولا تنسَ أن تحرص علی الصندوق یا أیمن. إیاک أن یفلت من یدک.. سنقبض علی العفریت.» (المصدر نفسه: 50-51) والآن یصبح الأب کهادٍ للطریق لایخاف العفریت بل یطلب الهجوم علیه «منذ الآن لن نهرب من العفریت. نهجم علیه ونهزمه.» (المصدر نفسه: 57) والأولاد خلفه مفتّشین عن البئر، فیصرخ البئر: «أنا البئر. أنقذونی یا أولاد الحلال.. اِرفعوا هذه الصخرة عنی.» (المصدر نفسه: 54) الأب والأولاد یرفعون الصخرة عنه ویخبرهم البئر بأن العفریت قد وضع الصخرة علیه لأنه طلب القندیل من البئر وهو یخبر العفریت بأنه لایعطی القندیل إلا لمن یتعب من أجله أی یعطیه الحبل الذی علی قرون الثور عند الفلاح. و لن یترکهم العفریت فیشرّد الثورَ حتى لایحصلوا علی الحبل ولن یعطیهم الفلاح الحبلَ إلا إذا أحضروا الشعیر للثور والقمح للفلاح من البستان، والبستان مهجور لیس فیه زرع ولا ماء، فعلیهم أن یحفروا بئرا ویزرعوا فیها. یغنون الجمیع: «نعمل نشقی من أجل الحیاة نحفر نزرع صبیانا وبنات و یدٌ تعمل لبناء الإنسان وأبٌ یعمل من أجل الأوطان ولد یسأل عن غَدِنا الفتّان نعمل نشقی من أجل الحیاة نحفر نزرع صبیانا وبنات.» (المصدر نفسه: 64)[6] یتغیر لون الجو بمُضیّ الزمن، یبدو التعب علی الجمیع فیجلسون لیستریحوا وبعد مدة یزهر البستان وینبت الشعیرُ والقمح دون أن ینزل المطر، وها هنا النقطة الرئیسة لمسرح الأطفال وهی من زرع حصد، والأسرة زرعت فحصدت. وهذا لایعنی أن العقبات قد انتهت والأزمات قد حلت، بل تبدو أزمة أخرى وهی مصیبة العفریت التی أصعب المصیبات حقا، فهو واقف علی دکة عالیة مستعد للمعرکة الحاسمة: «العفریت: سلّمونی مزروعاتکم/ الأب: لن نسلّمک مزروعاتنا، وافعل ما ترید/ العفریت: استعدّوا للعذاب (یصفقّ بیدیه، تُسمَع أصواتُ هدیر وعواصف.. تأتی أصوات ضخمة من بعید)/ صوت: اُترکوا مزروعاتکم واهربوا/ صوت: موتوا من الجوع والعطش/ صوت: تشرّدوا فی البراری/ صوت: استعدّوا للموت../ الأب: لا نخاف منک أیتها الأصوات. زرعُنا تعبنا فیه، لن نترکه لأحد. اِسمعی جیدا أیتها الأصوات. من یعمل لا یخاف. من یعمل لا یخاف.. علینا أن نتخلص من الأصوات ومن الأشباح.» (المصدر نفسه: 65-67)
بعد صراع طویل یتغلّب الجمیع علی العفریت والأشباح فتهرب الأشباح ویختفی العفریت، والسبب وراء النجاح قول الأب هذا: «حدثَ لأنک لم تهرب ولم تخف، ولأننا تکاتفنا.» (المصدر نفسه: 68) وهذا هو النقطة التعلیمیة فی مسرح الأطفال ولو فی کلمة واحدة أو جملة واحدة، الوحدة والتناغم یؤدی دائما إلی النجاح والفلاح، ویجب أن لاننسی السعی والجهاد المستمر للوصول إلی غایتنا، وهذا ما یشیر إلیه الفلاح: «الأم: أسرعوا إلی الفلاح.. (یدخل الفلاح)/ عماد: هذا هو الشعیر والقمح/ الفلاح: وهذا هو الحبل. خذوه واحتفظوا بالشعیر والقمح/ الأب: وکیف نزرع أرضک وتُعید ثورَک؟/ الفلاح: زرعتُ أرضی وأرجعتُ ثوری وأحضرتُ لکم الحبل من قرونه/ العم: ولماذا أرسلتنا نشقی ونتعب، ولم تُعطنا الحبل من الأول؟/ الفلاح: لکی تتعلموا.. والآن اِذهبوا إلی البئر، إنه بانتظارکم.» (المصدر نفسه: 69-70) والبئر یأخذ سبیل الفلاح داعیا إلی أهمیة العلم والمدرسة، فیعطیعهم القندیلَ علی شرط، فهو یقول: «هذا القندیل قندیل العلم. أُعطیه لهؤلاء الأطفال إذا کانوا فی المدرسة، لکی یحفظوا دروسهم علی نوره.. خذوا قندیلکم یا أولاد. اِذهبوا.» (المصدر نفسه: 70-71) وهکذا تذهب الأسرة إلی العروس وتأخذ الفلوس بدون إعطائها القندیل، وإلی الحداد وتأخذ المفتاح بدون إعطائه الفلوس، والعم العجول الکسول یسأل الفلاح لماذا أرسلهم یحضرون الفلوس وأتعبهم، فیجیب الحداد «لکی تتعلّموا.. من یزرع القمح ویأخذ قندیل العلم یلزمه هذا المفتاح.. وهذا المفتاح یفتح کل الصنادیق.» (المصدر نفسه: 73) تحرک الأم المفتاح فینفتح الصندوق بسرعة ولکن لا یوجد فیه ثوب ولا کعکعة، الأب یدرک الموضوع قائلا: «بهذه الأدوات نعیش. البذارُ نزرعه فی حدیقتنا والمفتاح نشتغل به فی المعمل وقندیل العلم یدرس أولادنا علی ضوئه. أحسنتم یا أولاد أحسنتم. وإذا لم تکونوا شاطرین فی المدرسة فسوف أغضب منکم.. هیا إلی البیت.» (المصدر نفسه: 75)[7] والجار اللئیم یقرر أنه العفریت الذی یصارعهم للحصول علی الصندوق الأخضر، فالأب والعم یهاجمان علیه ویضربانه ویهددانه. یخاطب الأبُ العفریتَ: «وسوف تدفع ثمن الدجاجات التی طارت إلی بیتک والخضروات التی رقصت فی فمک والغنمة التی أحبَّتک ورقصت معک الجمباز.» (المصدر نفسه: 79) ویدفع العفریت المال وهو یبکی، والأولاد والکبار یغنون علی شکل حوار: «الکبار: هیا نمشی یا أطفال أنتم تُحیون الآمال زهرة: یا ماما! أطلبُ لعبة تجلس قربی فی الکنَبة تغمضُ عینا حین تنام رقصتُها رقصُ الدُّبَّة أیمن: یا عمی! هیا احمِلنی فوق الکتف ولاعِبنی سأکون مُجدّا مجتهدا لا یوجدُ أشطَرُ منه الکبار: هیا نمشی یا أطفال أنتم تُحیون الآمال عماد: یا بابا! أطلبُ دفتر مثلَ الحائطِ أو أکبر أکتب فیه کلَ دروسی أرسمُ صندوقا أخضر الکبار: هیا نمشی یا أطفال أنتم تُحیون الآمال.» (المصدر نفسه: 82-83) وهکذا تنتهی المسرحیة وتکون النتیجةُ الفوزَ بحِکم تعلیمیة عدیدة وهی: مَن جَدّ وَجَد، ومن یعمل یعیش؛ والتأکید علی الاتحاد والوحدة من جانب، والعلم والمدرسة من جانب آخر. د) الصراع (Conflict) یُعَدُّ الصراعُ عنصرا مهما یُضفِی علی المسرحیة الحیویةَ، والإثارة، والتشویق کما أنّه یتصل بالشخصیات اتصالاً وثیقاً و«قد أوجب الناقد الفرنسی "برونتییر"[8] بناء المسرحیة علی الصراع.» (طلیمات، 1971م: 30) وخالفه آخرون قائلین بعدم حتمیته علی الرغم من وجوده فی الأغلبیة الساحقة من المسرحیات (نیکول: 56) ومفهوم الصراع، التصادم بین الشخصیات أو النزعات والذی یؤدی إلی الحدث فی المسرحیة. وقد یکون هذا التصادم «داخلیاً فی نفس إحدی الشخصیات، أو بین إحدی الشخصیات وقوی خارجیة کالقدر والبیئة، أو بین شخصیتین یحاول کل منهما أن تفرض إرادتهما علی الأخرى.» (وهبة، 1974م: 85) وشبَّه بعضُ النقاد تکوینَه بأن على الکاتب «أن یضع بطله فوق شجرة ثم یقذفه بالحجارة طوال مدة المسرحیة، ثم یُنـزِله عنها فی نهایتها.» (بلبل، 2003م: 53) یبدأ الصراع فی هذه المسرحیة بین الأسرة والعفریت إذ یطرحه الکاتب من بیتهم إلی عکا والطریق إلی المفتاح، یشتد الصراع من مشهد إلی آخر حتى یصل إلی الذروة. فإذا یقترب العفریت من الأطفال ببُطء مخیف کی یأخذ الصندوق منهم فیشتد الصراع أکثر من قبل وتبدأ الأزمة وها هنا یبحث الجمیع عن حل للأزمة. أزمة بعد أزمة، العفریت وراء الأسرة والصندوق فی أیدیهم ولکنه لاینفتح لأنه یحتاج إلی مفتاح والمفتاح عند الحداد والحداد یرید فلوس والفلوس عند العروس ولن تخرجَ العروسُ حتى یأتی القندیل و...، فعلى الأطفال أن یواصلوا الطریق ولو کانت مملوءة بالأزمات والعقبات. هـ) الحوار (Dialogue) الحوار فی المسرحیة هو الأداة الرئیسیة التی «یبرهن بها الکاتب علی مقدمته المنطقیة، ویکشف بها عن شخصیاته، ویمضی بها فی الصراع. هو السفینة التی یعبر بها النهر من المنبع إلی المصب.» (عنبرالمحامی، 1966م: 182-183) وفی کتابات النقاد یوصَف بأنه «أسلوب التعبیر الدرامی المتمیز.» (بلبل، 2003م: 102) وهو من أهم عناصر المسرحیة لأنه «یعرفنا بالشخصیات وطبائعها وعلاقات بعضهم ببعض، وإنما تکشف الشخصیات بنفسها عن نفسها وتتحاور فیما بینها لینمو الحدث من خلال ذلک الحوار والمواقف التی یجری فیها.» (القط، 1978م: 11) إذا کانت ملامح الشخصیّة تتشکّل من خلال أبعادها النفسیّة والاجتماعیة، فإنّ الحوار الجید الذی یصوغه الشاعر بین شخصیاته، یساعدنا کثیراً على فهم الشخصیّات المتحاورة بشکل أکثر وضوحاً إلى جانب مکوّناتها النفسیّة، والعلمیّة، والفلسفیّة، والاجتماعیّة «والعجیب فی الحوار أنّه یؤدی هذه المهمّات کلّها فی الوقت نفسه، فقد یرسل العبارة من عباراته إرسالاً على لسان شخص فإذا هذه العبارة محمّلة بمختلف المهام، ففیها إخبار بحادثة وفیها تکوین لشخصیّة، وفیها خلق لجوّ، وفیها تلوین لروح مظلم أو مفرح، مثلها فی ذلک مثل العبارة الموسیقیة التی تنطلق محمّلة بالنغم الذی یروی، ویلوّن، ویکوّن، ویثیر کلّ هذا فی لحظة. وکشأن البیت فی القصیدة الشعریّة، ینطلق حاملاً إلى النفس عذوبةً، ووزناً، وفکراً، ومعنىً، وصوراً کلّ هذا فی آن...» (الحکیم، 1973م: 150) نأتی بمثال من حوارات "الصندوق الأخضر" وهو ما یجری بین الأسرة والأجداد فی عکا: «الجد الثانی: من أنتم؟/ أیمن: نحن أحفادکم/ الجد الثالث: ماذا تریدون؟/ زهرة: نرید ما یطعمنا ویلبسنا/ الجد الأول: کنا بانتظارکم. سنعطیکم الصندوق الأخضر وفیه الثوب والکعکة.» (بلبل، 1983م: 29-30) وجدنا فی هذا النص أن الحوار کان مبسطا، ومرکزا، وهادفا، منسجما مع الأحداث والشخصیات، وجاءت الجمل قصیرة؛ وإنّ الجمل القصیرة التی تعلن عن معناها هی خیر جمل للتعبیر عن الحدث المباشر. من وظائف الحوار أنه یظهر میزات الشخوص عبر حواراتها مع الآخرین أو من خلال حدیث أنفسها، فمنها ما تدور بین الأب والعم إذ یظهر أنهما رجلان کسولان خائفان لایحبان المغامرة والصراع أبدا؛ وأما الأم علی خلافهما شخصیة قویة حازمة تهدی الأولاد وتصارع معهم الجارَ اللئیم/ العفریت: «العم: (للأب) قلتُ لک: سافروا واترکونی. لکنکم لم تسمعوا/ زهرة: بابا! فکر بطریقة للخلاص/ العم: نسلّمه الصندوق الأخضر ونرجع إلی البیت/ الأم: لن نسلّمه الصندوق ولن نرجع إلی البیت/ العفریت: هاتوا الصندوق بالعجل. هاتوا الصندوق بالعجل... .» (المصدر نفسه: 32-33) ولکن بعد اشتداد الصراع ورغبة الشخوص للحصول علی الغایة تتغیر میزات الأب والعم من الکسل إلی النشاط والحیویة، وهذا ما یبدو من خلال حواره إذ یقول: «اِسمع یا سمیح واسمعوا أنتم. مشینا وتعبنا وصرفنا فی منتصف الطریق ولم نعُد نستطیع العودة. ولذلک یجب أن نشُدّ همّتنا ونکمّل رحلتنا حتى نجد المفتاح.» (المصدر نفسه: 50-51) و) اللغة (Word) لکل لغة من لغات الشعوب وجوه جمالیة تفرِّق بین لغة الکلام العادی وبین لغة الأدب، ولئن کان للغة الأدب خصائصُ معینة لجمیع فنون القول، فإن لکل فن منها خصائصَ خاصة به إذ یمکن القول إن للشعر لغة تتمیز عن لغة الروایة کما تختلف عن لغة القصة أو المسرحیة أو لغة النقد الأدبی. أما المسرح فهو «فن یکتب لکی یقدم على خشبة المسرح، أی أن المتفرج یتلقاه مسموعاً لا مقروءاً؛ فعلى هذا یروی الکاتب المسرحی الحکایة بلسان الشخصیات، فکأن الحوار الذی یستمر ساعة وبعض ساعة لیس من کتابته بل من تألیف شخصیاته.» (بلبل، 2003م: 112-113) واللافت للنظر فی لغة "الصندوق الأخضر" أن اللغة مناسبة حسب اختلاف الشخصیات والمواقف، فالأم تکلم بلغة سهلة حنونة والأطفال بلغة بدائیة والجار اللئیم بلغة جافة غلیظة. والمیزة الأخرى للغة المسرحیة أن الکاتب اعتمد فیها علی التبسیط والتوصیف، فجاءت اللغة «سهلة التراکیب منسجمة إلى حد ما مع القدرات العقلیة للأطفال وقادرة على تلبیة اهتماماتهم ومیولهم من خلال التوصیف الذی یسکن داخل جملها القصیرة ومفرداتها المرنة.» (موصللی، 2003م: 32) و تبدو هذه المیزات من لسان البئر مخاطبا الأطفال: «هذا القندیل قندیل العلم. أُعطیه لهؤلاء الأطفال إذا کانوا فی المدرسة، لکی یحفظوا دروسهم علی نوره.. خذوا قندیلکم یا أولاد. اِذهبوا.» (بلبل، 1983م: 70-71) اعتمد الکاتب فی المسرحیة علی اللغة الفصحی إذ إن من أهدافه التعلم، أی تعلیم الطفل اللغة العربیة بشکل سلیم مع رعایة قواعد النحو والنطق، فقد حرص على «إظهار الکلمات مضبوطة بالشکل حتى یتمکن الممثل من إیصالها سلیمة إلى أذن الطفل، فتألفها وترسخ على لسانه.» (المصدر نفسه: 32-33) وهذا ما یعرض من لسان الجار اللئیم إذ یسعی تبریر سرقاته من بیت الأسرة قائلاً: «أعوذ بالله. أعوذ بالله. الدجاجات طارت ونزلت عندی/ الأم: وسرقتَ لنا الغنمة. أتقول إنک لم تسرِقها؟/ الجار اللئیم: أنا سرقت الغنمة؟ أعوذ بالله. الغنمة کانت تتنزه. أحبّتنی وجاءت لتلعبَ عندی بالجمباز/ الأم: والخضرواتُ التی سرقتَها من حدیقتنا؟/ الجار اللئیم: أنا أمدُّ یدی إلی حدیقة جیرانی؟ أعوذ بالله. أعوذ بالله. الخُضروات تحب الرقص. وقد رقصَت ورقصَت ثم دخلَت فمی.» (المصدر نفسه: 16) وأما المیزة البارزة والهامة فی مسرح الطفل هی استخدام النشید والغناء فیه، فقد جاءت الأغنیة فی هذه المسرحیة «لتکمل الحالة التعلیمیة التربویة من جهة وتُضفِی البهجةَ والمتعة لدى الطفل من جهة أخرى.» (موصللی2003م: 33) «الکبار: هیا نمشی یا أطفال أنتم تُحیون الآمال زهرة: یا ماما! أطلبُ لعبة تجلس قربی فی الکنَبة تغمضُ عینا حین تنام رقصتُها رقصُ الدُّبَّة الکبار: هیا نمشی یا أطفال أنتم تُحیون الآمال أیمن: یا عمی! هیا احمِلنی فوق الکتف ولاعِبنی سأکون مُجدّا مجتهدا لا یوجدُ أشطَرُ منه.» (بلبل، 1983م: 82-83)
النتیجة اتجه فرحان بلبل فی مسرحیة "الصندوق الأخضر" إلی طرح أبعاد ترتبط بعالم الطفولة واعتمد فیها علی الاتجاه التعلیمی کی تکون المسرحیة أکثر تأثیرا فی الأطفال، فهو یؤکد من خلالها علی الممارسة فی التدریس وإیجاد الشغف الشدید فی الأطفال للعمل والجهاد فی الحیاة، کما یجعل المنهج التربوی والسیکولوجی رکیزة دراسته کی یشبع من خلالها حاجات الطفل النفسیة ویحقق غایاته التربویة عبر تحریک مشاعره بقصد تنمیة وعیه بعالم الخیر والفضیلة. فللحصول علی هذا الغرض بیّن فرحان، عالمَ الطفولة وما یرتبط بالطفل من میوله، وأحلامه، وآماله، ووظائفه فی جمیع عناصر المسرحیة إذ تنعکس الطفولة فی عنوان المسرحیة وموضوعها، والحبکة، والفکرة، والشخصیات الرئیسة، والشخصیات الثانویة، والحوار، والأحداث، والصراع، والعقدة، والحل، وغیرها. فنجح الکاتب فی الاستفادة من المسرح کوسیلة تربویة تعلیمیة تساهم فی تطویر الطفل وتکوین شخصیته من جهة، وإمکانیة تکامل مسرح الطفل على کافة المجالات بحیث عدّه إحدی الوسائل التعلیمیة والتربویة المهمة، من جهة أخری. [1] قُنُّ الدجاج: مأواه (عامیة سریانیة) [2] الخشیبة: الخشب الطویل؛ روحی: فعل أمر بمعنا إرجعی؛ ودّینی: أحببینی؛ الجدود: الأجداد؛ عکا: إسم موطن؛ الکعکعة: خبز یعمل مستدیرا أو مستطیلا من الدقیق، والحلیب، والسکر؛ بدو: بدون (حذفت النون للضرورة الشعریة)؛ الفلوس: النقود. [3] عالٍ: أصله العالی: طیب؛ الجمباز: من أنواع الریاضیات. [4] بیعطونی: فعل مضارع والباء الزائدة فی بدایته تستعمل غالبا فی اللهجات. [5] خسفتُ: غیبتُ. [6] الفتّان: کثیر الزینة أو کثیر الخدعة. [7] البذار: جمع البذر؛ الشاطر: الذکی. [8] فردیناند برونتییر: الناقد الفرنسی، صاحب مذهب النشوء والارتقاء فی النقد والأدب. | ||
مراجع | ||
الف) الکتب أرسطو. (1992م). فن الشعر. ترجمة وتعلیق: إحسان عباس. الطبعة الثانیة. بیروت: دارالفکر العربی. أصلان، أودیت. (1970م). فن المسرح. ترجمة: سامیة أحمد. الطبعة الأولی. القاهرة: الأنجلو المصریة. بدران، مصطفی وآخرون. (1985م). الوسائل التعلیمیة. الطبعة الخامسة. القاهرة: مکتبة النهضة المصریة. بلبل، فرحان. (2003م). النص المسرحی: الکلمة والفعل (دراسة). دمشق: اتحادالکتاب العرب. ـــــ. (1983م). ثلاث مسرحیات للأطفال: الصندوق الأخضر. دمشق: اتحاد الکتاب العرب. بولتن، مارجوری. (1962م). تشریح المسرحیة. ترجمة: درینی خشبة. القاهرة: الأنجلو المصریة. الحکیم، توفیق. (1973م). فن الأدب. بیروت: دار الکتاب اللبنانی. سلطان، علی. (2003م). دراسة عن مسرح فرحان بلبل المواضیع والشخصیات. الطبعة الأولی. دمشق: اتحاد الکتاب العرب. شکری، عبدالوهاب. (2009م). النص المسرحی: دراسة تحلیلیة الأصول. الإسکندریة: مؤسسة حورس الدولیة. طلیمات، زکی. (1971م). التمثیل المسرحی: المسرح العربی (دراسات وتأملات). الطبعة الأولی. کویت: مطبعة حکومة کویت. عنبرالمحامی، محمد عبدالرحیم. (1966م). المسرحیة بین النظریة والتطبیق. مصر: الدار القومیة للطباعة والنشر. غزال، عبدالفتاح علی. (2008م). مسرح الطفل. الطبعة الأولی. الإسکندریة: ماهی للنشر والتوزیع وخدمات الکمبیوتر. القط، عبدالقادر. (1978م). من فنون الأدب المسرحیة. بیروت: دار النهضة العربیة للطباعة والنشر. مرعی، حسن. (2000م). المسرح التعلیمی: الکتابة والموضوعات والنماذج. الطبعة الأولی. بیروت: دار ومکتبة الهلال. مشکین فام، بتول. (1388ش). البحث الأدبی مناهجه وأصوله. الطبعة الخامسة. طهران: سمت. موصللی، حمدی. (2003م). الطفولة فی مسرح فرحان بلبل. الطبعة الأولی. دمشق: اتحاد الکتاب العرب. نیکول، الأردیس. (1992م). علم المسرحیة. ترجمة: درینی خشبة. الطبعة الثانیة. کویت: دار سعادالصباح. وهبة، مجدی. (1974م). معجم مصطلحات الأدب. بیروت: مکتبة لبنان. الهیتی، خلف نصار محسن. (1977م). أدب الأطفال: فلسفته وفنونه ووسائطه. الطبعة الأولی. بغداد: دار الحریة للطباعة. ــــــــــ. (1988م). ثقافة الأطفال. الطبعة الأولی. الکویت: سلسلة عالم المعرفة. ب) المقالات خریسات، محمد. (1986م). «دور المسررح فی التربیة». المجلة الثقافیة. السنة 3. العدد 9. عمان. صص 78-93. رمضانی، مصطفى. (2004م). «الطفل بین أزمة مسرح الکبار وغیاب مسرح الصغار». الموقف الأدبی. السنة 47. العدد 283. دمشق. صص 128-141. معلا، ندیم محمد. (1982م). «مسرح فرحان بلبل». الحیاة المسرحیة. السنة 5. العدد 19. دمشق. صص 12-22.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 55,134 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 1,859 |