تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,800,509 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,314 |
دراسة موازنة لصورة الروم فی الأشعار الحربیة لأبی تمام وأبی فراس الحمدانی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 2، دوره 3، شماره 10، آذر 1434، صفحه 68-43 اصل مقاله (2.19 M) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
عبدالغنی إیروانیزاده1؛ زهرا باقری ورزنه2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1جامعة أصفهان، إیران. (أستاذ مشارک) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2جامعة أصفهان، إیران. (طالبة مرحلة الماجستیر) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وقعت حروب کثیرة بین العباسیین، والروم، والخرمیین وبین الحمدانیین والروم أیضا، إضافة إلى حروب القبائل بعضعها مع بعض؛ یتعرّض هذا المقال لما وقع من الحروب بین العرب والروم من خلال دراسة قصائد حربیة للشاعرین البارزین فی القرن الثالث الهجری والقرن الرابع الهجری واللذین ترعرعا فی بیئتین بینهما تشابه کبیر، والإسلام دینهما والروم أعداؤهما، هما أبوتمام الطائی الذی شارک فی الحروب بلسانه وأبو فراس الحمدانی الذی شارک فیها بکلّ کیانه، أمّا أبوتمام فالقصائد التی یصور فیها حروب العرب مع الروم هی فی الأصل من قصائده المدحیة، لذلک یستهلّها بالمقدّمة الغزلیة أو بالمقدمة الطّللیة، ولا بدّ أن تکون الصور التی یرسمها للقواد ممّا یرضیهم وقد استطاع أنیوفّی القوّاد حقّهم، خاصّة هؤلاء الّذین أغفل التاریخُ ذکرَهم، من مثل: أبی سعید الثّغری. أمّا أبوفراس فی قصائده الحربیة فیطرق الموضوعَ بسرعة دون اتّکاء على المقدّمات، وهذه القصائد فی الأصل من قصائده المدحیة والفخریة؛ فتعتبر قصائد هذین الشاعرین من الوثائق الهامّة للتاریخ والشعر. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أبوتمام؛ أبو فراس الحمدانی؛ الأشعار الحربیة؛ الروم | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إنّ الظروف السیاسیة، والاجتماعیة، والجغرافیة، والحضاریة فرضت أن تکون هناک علاقات بین العربی والأجنبی، وعلاقة العرب بالأقوام الآخرین فی البلاد الأخری علاقة قدیمة ترجع إلی ماقبل الإسلام، فالعرب اتصلوا بالفرس، والروم، والأحباش وهذه العلاقات کانت فی المجالات الاقتصادیة، والثقافیة، والدینیة، والسیاسة. فبعض الشعراء الجاهلیین استحضروا صورة الفرس فی أشعارهم من مثل الأعشی، أمّا صورة الروم فتبرز فی الشعر العربی منذ عهد الخلفاء الراشدین إلی العصر العباسی، فنری أکثر حضورها فی أشعار أبی تمام، والمتنبی، وأبی فراس الحمدانی وفی دراستنا هذه نرکّز علی ما صّوره الشاعران أبوتمام وأبوفراس الحمدانی من المعارک مع الروم، وهزائم الروم، وجبن قوادهم، وفرارهم من ساحة الوغی، وأسر رجالهم، وسبی نسائهم. وفی مجال دراستنا هذه لم نعثر على أی مقال أو رسالة تکون قد تطرّقت إلى موضوعنا المذکور ولکن وجدنا مقالا موضوعه "الحرب والقتال فی شعر أبی تمام" للدکتور مزهر السودانی، فالباحث فیه یتحدث عن الحروب الخارجیة التی وقعت بین العرب، والروم، والخرمیین وعن الحروب الداخیلة ویکتفی أحیانا بذکر مطلع القصائد دون الخوض فی محتواها. صورة الروم فی الأشعار الحربیة لأبی تمام إن الصراع بین العرب والروم اتّخذ بعداً محسوسا فی العصر العباسی وأثَّر هذا فی أبیتمام وألهب خیاله فاستطاع أن یفتح «باباً جدیداً فی الشعر العربی هو شعر الحرب، ویفتق فی نطاق الموضوع معانی مستحدثة لم تُعرَف من قبل.» (الشکعة، 1986م: 669)انتصار العرب على الروم بقیادة المأمون لَعَلّ أوّلَ شعرٍ قاله أبوتمام فی تصویر الصراع بین العرب والروم قصیدته التی صوّر فیها معرکةً خاضها المأمونُ ضد الروم وفتح فیها "حصن قرّة"، إنّه یبدأ القصیدةَ بالإلمام بالدّمن والأطلال ویتبع ذلک بنسیب دقیق ثم یخلص بعد ذلک إلی مدح المأمون، ثم یصف بعد ذلک قوةَ جیش المأمون وکثرةَ عدده حتی لقد ملأ الفضاء بحیث لایستطیع المرء أن یدرک أولَهُ من آخره، ومن خلال وصف الجیش یصف الخیلَ، ثم ینطلق إلی وصف المعرکة وما قد وقع علی الأعداء من هزیمة واستسلام؛ فالشاعر یصفُ الجیشَ قائلاً:
(أبوتمام، 1981م: 490) فالجیش کالسیل یملأ الفضاء والخیل فهی ضامرة دائمة الإسراج والإلجام، والفرسان هم الشجعان کأخوالهم وأعمامهم، وطول السفر غَیَّر لون بشرتهم وسوَّدها وتحصّنوا بالسیوف والرماح والدروع التی تعصمهم أمام سیوف الأعداء مستأنسین إلی الموت فرحین بلقائه، کأنما بینه وبینهم قرابة. نشاهد فی هذه الأبیات قدرته على تصویر حرکة الجیش، وتصویر أصواته، وضوضائه. ثم یصف الأسری من کبار القادة قائلاً:
(المصدر نفسه: 491) فالشاعر أومأ إلی المعانی الدینیة فی الصیام والإفطار، واستخدم الطباق فی النقض والإبرام، والإفطار والصیام، والقعود والقیام، ثمّ وصف المعرکة الدّامیة وعبّر عن احتدامها، واعتمد علی الاستعارة المکنیة فیتخیل الموت شخصاً مفطراً یلتهم الأرواح، بینما فرسان المأمون مشغولون بالقتال، صائمون عن الأکل والشرب، وینقضون علی أبطال کتائب الأعداء بسیوفهم حیث الموت واقفٌ یلتقطهم، فتمزّق شملهم وتقطّع هاماتهم، فیسوقون ملوکهم وقوادهم إلی المأمون أسری أذلّاء جرحی کالأنعام، وقد رأی أبوتمام أنّ الصراع بین العرب والروم صراع دینی؛ صراع المسلمین مع المشرکین فالروم أی الکفّار أذلّاء قد تمزقت ثیابهم ولیس علیهم إلا ما یستر عوراتهم، وقد غطّت الدماء أجسامهم. ویلاحظ أنّ الشاعر له قدرة متمیّزة على تصویر الحرکة، فالموت الذی هو مظهر السکون والجمود وفقدان الحیویة یجد فی شعره حیویة. إنّ الشاعر من أجل موسیقی الألفاظ یحرص علی تردّد الحروف وحشدها، فنجده یکرّر بعض الحروف داخل البیت الواحد مثلاً یأتی بالکلمات ذوات الدال والراء کما فی البیت الأخیر، وتصحب هذین الحرفین الشدة والسرعة اللتین تلازمان الحرب. وفی قصیدة أخری من قصائده الحربیة، یمدح خالد بن یزید الشیبانی ویسجّل انتصاره على تیوفیل إمبراطور بیزنطة مصوراً کیف ولّی الأدبار وکیف استولی الرعب علی جنوده، یقول:
(أبوتمام، 1981م: 79–80) فتیوفیل فرّ مهزوماً والردی کعاشق یعشقه فهو أنّی یهرب یلاحقه الرّدی، کأنما عمت بلاد الروم صیحة خلعت القلوب وکأنها الصیحة التی أنذرت من قبلهم ثمود حین رغا ولد الناقة التی عقروها عصیانا للّه، فأرسل علیهم صیحة واحدة فکانوا هشیما أطارته الریاح وفرّقته وهذا أشبه بقوله تعالى ﴿وَأَخَذَ الّذینَ ظَلَمُوا الصَّیْحَةُ فَأَصْبَحُوا فی دِیَارِهِمْ جَاثِمینَ﴾ (هود: 67)، ثمّ الشاعر یسمی الأماکن الرومیة ویواصل أنّ تیوفیل یرسل إلى خالد بن یزید قائد المسلمین الکتب والرسائل لیطلب منه العفو، ولکن دون جدوی، ثم یشبّه القائد بالأسد الضرغام الذی لایثنیه شیءٌ عن عزیمته ویشبّه تیوفیل بالکلب الذی یحرّک ذنبه مداراةً لهذا الأسد تقرّباً له، ولکن سعیه دون جدوی، ونار الحزن والغمّ تحرق قلبه والمسلمون فرحون بما یخامر من الحزن والغمّ هذا العدو الذی فقد ثقته حتی بنفسه. هذه الأبیات لاتخلو من التهکّم أیضًا حیث نشاهد فی البیت الأخیر السخریة من "تیوفیل" لأنّه أعرض عن الشرق وفرّ إلی الغرب حتی یظّن الجاهل بالنّصرانیة أنّ قبلة الصّلاة عندهم هی الغرب لا الشرق. ویبرز الجانب الدینی فی هذا البیت:
(أبوتمام، 1981م: 80) یخاطب الممدوح ویقول: «نفیت کلّ ما لابس [الدین] من الشِّرک أی کأنّه کان أجرب فرددته أملس صافیًا.» (التبریزی، 1992م: 1/109) انتصار المسلمین على الروم بقیادة المعتصم یسجّل الشاعر فی قصیدة أخری من قصائده المدحیه انتصارَ المعتصم علی البیزنطیین، ویستهلّها باستهلال غیرمألوف، إنّه لم یقف بالأطلال، والدمن، والنسیب وإنمّا یستهلها بتفضیل القوة علی العقل والسیف علی الکتاب لأنّ المنجّمین کانوا یعتقدون بأنّ النصر یحصل بعد نضج التین والعنب، ولکن المعتصم فعل ما شاء وعند ما تحقّق النصر وثبت کذب المنجّمین أشاد أبوتمام بهذا الفتح ووصفه بـ "فتح الفتوح" قائلًا إنّه فتحٌ لایُضاهَی ولایوصف بشعر أو بنثر، فیقول فی مطلعها:
(أبوتمام، 1981م: 22) ثم یخاطب الشاعر یوم النصر الذی حدثت فیه وقعة عموریة لجلاله وعظمته، ویعمد إلی الاستعارة فیشبه الْمُنَی المعسولة التی تحققت بالفتح، بالنیاق الحافلة ضروعها باللبن ویتغنّى بما تحقّق للإسلام من عزّ ومجد بینما انهارت دعائم الروم، فیقول:
(المصدر نفسه: 24) ویصوّر امتناع المدینة عن فاتحیها قبل المعتصم، فیشبهها بامرأة شابة استعصت علی ملوک الفرس وتبابعة الیمن وظلّت بکراً لم تفترعها الحادثات منذ عهد الإسکندر أو قبله وهی لم تزل شابة حتی صارت کأنها زبدة السنین، ولکنّها لم تبخل بشبابها علی المعتصم فافترعها، وکان الفتح خطبا مُدلهمّا علی الروم وکان غزو "أنقرة" نصراً للمعتصم وشؤماً علی عموریة. ثم یخاطب أبوتمام القائد الظافر الذی غادر أرض المعرکة وقد أضرم النیران فی المدینة فی ذلک الیوم، فیشیر إلی روایة تاریخیة وهی أنّ «امرأة عربیة من أهل زبطرة لقیت من الغزاة شدة وتعذیبا، فصاحت وهی تُساق إلی الأسر: "وامعتصماه" وبلغت استغاثتها المعتصم، فتململ وصرخ "لبّیک لبّیک" ثم جمع العسکر [...] ومضی بجیشه العظیم إلی عموریة.» (الحاوی، 1986م: 3/102) ثم یصوّر أبوتمام وقع الهزیمة علی "تیوفیل" قائد البیزنطیین الذی لمّا شاهد الجیش زاحفا علیه کالسیل حاول أن یغری المعتصم بالأموال وهو لایعلم أنّ المعتصم نفسه أنفق الذهب الکثیر الذی هو أکثر من الحصی، فعندما باءت محاولات "تیوفیل" بالفشل لم یجد أمامه إلّا الفرار بفلوله وقد ألجمت الرماح منطقه فکّف عن الکلام بینما استعرت أحشاؤه من الفزع فأخذ یعدو عدواً سریعاً کالظّلیم.
(أبوتمام، 1981م: 31) ویختم الشاعر قصیدته بالدعاء للمعتصم بأن یکافیء الله سعیه عمّا أسداه للدین من جلائل الأعمال:
(المصدر نفسه: 32) یقول العنبکی: «صحب أبوتمام المعتصم فی هذه المعرکة فشهد بنفسه وقائعها وسجّل مشاهدها ورسم أحداثها فکانت القصیدة بحق وثیقة تاریخیة وشعریة مهمة.» (العنبکی، 2005م: 152) فهذه القصیدة کما وصفها الدکتور شوقی ضیف: «أمّ ملاحمه» (ضیف، 1427ق: 3/283)، وکما وصفها الدکتور الشکعة «من عیون الشعر العربی.» (الشکعة، 1986م: 670) وفی القصیدة انسجام وترابط فکری فالشاعر یستهلها «بالمقارنة بین السلاح والتنجیم، ویجعل السلاح طریق الانتصار، ثم یجعل فتح عمّوریّة برهانا على صحة نظریته فیصف ذلک الفتح، ثم ینتقل إلى الخلیفة الذی قام بذلک الفتح ویطرئ شجاعته وبطولته.» ( الفاخوری، 1986: 1/733) انتصار المسلمین على الروم بقیادة أبی سعید الثغری یصف الشاعر هزیمة الروم فی معرکة من المعارک التی خاضها أبوسعید الثغری، ویبدأها بوصف الدیار والتشبیب ثم یخلص بعد ذلک إلی مدح الممدوح ویبرز فی أبیات من القصیدة الجانب الدینی. ثم یصوّر انتصار أبی سعید الثغری فی بعض معارکه مع الروم فی وقت الشتاء:
(أبوتمام، 1981م: 70) هذه الأبیات تصوّر أعداء أبی سعید فی الشمال وقد أحاطت بهم الثلوج، وقدم أبو سعید بجیشه من الجنوب إلیهم مقتحمًا حصونهم فی الشمال رامیا إیّاهم بسهام الموت الزّؤام، ثم یستخدم الاستعاره المکنیة فی قوله "خدّ الشمس" فالریاح الممطرة تلطمه فتغیر لونه، وإذا سکنت الحرب فی هذه الأوقات الثلجیة هاجت العواصف الثّلجیة فأجّجت حربا أخرى، ثم شبّه الشتاء، بناقة شریسة[26] ضَرَبَ أبوسعید عرقی عنقها ضربةً جعلتها ناقة مسنة ذلولًا، ویخاطبه قائلًا: إنّک أطلقت فی الحصون یومًا شدید الهول سیوفًا مشهورة فی أیدی المقاتلین ونارًا تحرقهم. إنّ الشاعر جاء بـ"عَصیب" مع "أطلقْت" لأنّ الإطلاق عنده ضد العصب. ثم یواصل الشاعر قائلًا إنّ الأعداء أرادوا أن یوقعوا بجیشک لیلاً ولکنک یا شیخ السیاسة وصاحب التجربة أفسدت خططهم:
(أبوتمام، 1981م: 70) والشاعر أجاد فی استخدام الجناس بین "أرادوا" و"یرادی". وإضافة إلی هجوم أبی سعید علی الأعداء فی شدة البرد، أنّه یضبط أمره ویثقّف الرماح بالصّقل وقلوب الجنود بالصبر ثمّ یزحف فی الظُّلَم لذلک یشبّهه الشاعر بحیّة اللیل لأنّ «کثیرًا من الحّیات یرتقب اللیل فیخرج فیه لابتلاع فراخ الطائر الذی تقرب منه.» (التبریزی، 1992م: 1/98) فالقائد یستعدّ للحرب فلا ینام فهو بحزمه وتدبیره یجعل اللیل مشمساً إشماس النهار، وربّما تعمّد أبوسعید أن یهجم علی الرّوم فی هذا الوقت الصعب، لأنّ الروم لایتوقعون فیه هجمة من الجنوب، ولکن أبا سعید لم یکتف بهذه الهجمة الناجحة، بل أمر أحد قواده وهو محمّد بن معاذ الأزدی أن یهجم علیهم بعده، فقال أبوتمام:
(أبوتمام، 1981م: 70) یلوم الشاعر ممدوحه أباسعید علی هذه الهجمة الثانیة الفاشلة ویقول له: إنک لم تشاور أحداً فیها، واعتمدت علی رأیک ولو استشرت الآخرین لمنعوک من خوضها فکانت غزوة لم تلحقها غزوة أخرى، فیواصل قائلًا:
(المصدر نفسه: 70) وفی قصیدة أخری من قصائده الحربیة یصوّر لنا انسحاب الروم أمام الجیش العربی بقیادة أبی سعید محمد بن یوسف الثغری ویبدأ القصیدة بالغزل ویتغنّى بشجاعة هذا القائد العربی واصفا غزوه للروم:
(المصدر نفسه: 274) فلولا مضاربته بالسیف محاماةً عن الثغر، لکان الثغر خالیًا وکان بإمکان العدّو أن یتوغّل فیه ثّم یخاطبه: إنّک قدت الخیول التی تُشبه الأجادل التی أوکارها بقُرى دَرولیة ومضیت بجنودک وخیلک کالأعاصیر المدمّرة حتی حاصرت أسوار "قسطنطینیة". ثمّ یصف النار التی أضرمها أبوسعید حول قراها فحمل الهواء شررها إلی خلیج "البسفور"، فبات أهلها فی خوف وذعر حین رأوا هذا الشرر الذی یستضیء به العسکر خلف الخلیج، فعلموا أنهم محاصرون وإن لم یحاصروا فخوفهم من الحصار کان حصارًا علیهم. وقد جاء الشاعر بکلمتی قسطنطینیة وقسطل وهذا «تجنیس الصدر لأنّ أول الکلمتین متشابه.» (التبریزی، 1992م: 1/319) ویصف أبوتمام حال الروم حین غزاهم أبوسعید بأنّهم أدرکوا عجزهم أمامه، فدفعهم الجبن إلی الفرار فلم ینفعهم ذلک لأنّ أبا سعید منعهم من الفرار بالقتل والأسر، وأقام الحرب فی کل مکان، ثمّ یصوّر الشاعر کیف سار إلیهم من دروب الروم جیش عظیم ذولجب تضجّ منه الأرض فیسمع لها صوت وکأنّه خوار البقر:
(أبوتمام، 1981م: 274) إنّ أباسعید کان من حماة الثغور أکثر من سبع عشرة سنة فکان یعرف الطرق جیداً، فإن غزا مبکراً أرشدته الأماکن المرتفعة التی علیها الأعلام وإن سری لیلا اهتدی بالنجوم، فلمّا بلغ حصن "الحمّة البیضاء" کأنّه کان على موعد معه وهناک حصن "القُفل" الذی لا بدّ له من اجتیازه، و"الخلیج" شعار الروم فی الحرب لأنهم ینسبون إلیه فیقول الشاعر:
(أبوتمام، 1981م: 275) فأبوتمام یصور الحالة النفسیة للروم وما أصابهم من خوف وفزع فقد أدرکوا أنّ غزو أبی سعید لهم یساوی هلاکهم، وقد ظهرت ملامح الرعب علیهم فصار مشیهم خفیًّا ونداؤهم إیماءً وحدیثهم سرًّا، لأنهم کانوا یخافون من سطوته وبأسه:
(المصدر نفسه: 275) ثم یرسم هروب "منویل" قائد الروم، فیسخر من ما حلّ به من الجبن حتّی یتمنّی أن کل مدینة لو تصیر جبلاً منیعا یحتمی به وکل حصن یصبح غاراً یختبیء فیه، حان الآن وقت الانتقام، فـ"منویل" یسمع جبلة القتال وصراخه ویری بأم عینیه عجاج الموت، وعندما یرى فلول جیشه المنهزم وقد جاؤوا یشکون إلیه ماحلّ بهم من هزمة لم یستطع أن یمدّهم بشیء إلّا بدموعه الغزیرة ویضرب هذه الأمثال الثلاثة "الصبر أجمل"، و"القضاء مسلطٌ"، و"الشرّ فیه خیار"، ویخاطب "منویل":
(المصدر نفسه: 276) ویمضی فی خطابه لقائد الروم قائلاً: هیهات لک الفرار فقد نازعک الأعنّة شجاع، فقد جذبتها لتهرب وجذبها فغلبک. وأبوسعید مضی فی طلبک ولو اعترضت له دونک النار لاقتحمها بنفسه:
(المصدر نفسه: 276) فالشاعر فی هذه الأبیات یرسم لنا صورة البطل الشجاع الذی یحمی الثغور ویبثّ الرعب فی قلوب الأعداء، فهم یرفعون أصواتهم من الرعب، لأنّهم علموا بأنّه لایقضی ما علیه من حقّ الإسلام إلا عندما یهلک هؤلاء الکفّار، وهو لایزال حَذِرًا یَقِظًا یخاف المشرکون من شرّه وبأسه ویخضعون أمامه و«إنه أبداً یکون فی الجهاد إما بالمسافرة إلی دیار الکفّار مجاهداً وغازیاً، وإمّا بإعمال الفکر فیما یضّرهم [ویکسر شوکتهم] ویذلّهم.» (التبریزی، 1992م: 1/322)
(أبوتمام، 1981م: 278) ثم یواصل الشاعر المدح ویبرز المعانی الدینیة فی بعض الأبیات «لأنّه لا یراها حربًا بین ملک الروم ونظیره العربی، بل یراها حربًا بین التوحید والشرک.» (عیسى، 2010م: 113) وفی قصیدة أخری یخلّد أبوتمام انتصار أبی سعید علی الروم فی موقعة "وادی عقرقس" وانتصاره علی الخرمیّة فیخاطبه قائلًا:
(أبوتمام، 1981م: 544) فیبدأ القصیدة بالغزل ثمّ یخلص إلی مدح الممدوح ویتغنّی بانتصاره علی بابک وأصحابه وانتصاره علی الروم فی موقعة "وادی عقرقس" ویصف لنا تفاصیل ما جری فی هذه الموقعة، ویشید بجهود قائدین من قوّاد أبی سعید هما "بشر" و"محمد بن معاذ"، ویشیر إلی أنّهما واجها مقاومة شرسة من الروم حتّی کاد أن ینهزما ولکن أبا سعید أنقذهما فحصل النصر علی یدیه؛ فیقول:
(أبوتمام، 1981م: 546) فالشاعر یصف هزیمة الروم فی "وادی عقرقس" ویحدّد زمان المعرکة بیوم (السبت) ویقول: کانت هذه الموقعة فی یوم السبت فلولا أنّ المسلمین والعرب یعظّمون یوم الجمعة ویجعلونه کالعید، لاتّخذوا السبت عیداً إلی یوم الدین:
(أبوتمام، 1981م: 547) ثمّ یصف ما حلّ بالرّوم فی هذا الیوم حیث صارت جثثهم طعامًا للطّیور الجارحة والوحوش، وکان ذلک الیوم عرساً للإسلام ومأتماً للشرک والکفر فیقول:
(المصدر نفسه: 548) إنّ الشاعر یصوّر لنا هزیمة الرّوم أمام المسلمین فی قصیدة أخری من قصائده المدحیة، فالممدوح هو أبو سعید الثغری، والشاعر یبدأ القصیدة هذه بمقدمة غزلیة ثمّ ینتقل إلی مدح أبی سعید الثغری من خلال وصف معرکة مع الرّوم فیقول:
(المصدر نفسه: 400) فالشاعر یمدح أبا سعید بأنّه ینزل علی الرّوم الداهیة الدهیاء ویصوّر جنوده وعلیهم الدروع السلوقیة ویشبّه الخیول بکلاب سلوق، لأنّ الخیل تُشبه الکلب فی خلقه، ثمّ یختم القصیدة بالمدیح والثّناء وطلب العطاء. ویحدّد لنا فی أثناء القصیدة الطریق التی قطعها أبوسعید والضّواحی التی وصل إلیها من مثل: "الفیدوق"، و"الناطلوق"، و"الإبسیق". ثمّ یصور أنّ أباسعید یهجم على "دَرولیة" وسوقها ویبدّل هذه السوق بسوق موت ویغادرها وقد توزّع جنود الأعداء بین هاربین من حریق السیف وواقعین فی النّار، بعد ذلک یصل إلی خلیج "البوسفور" ویقتحم بعض الحصون والمواقع الرّومیة، وقد کسب من الغنائم ما لم یجده من قبل فی "ماشان" و"الرّزیق" ولو لا أن خیله أعیت لواصَل غزوه فلم یکن صعباً علیه أن یواصل فتوحاته فی تلک البلاد إلى أن یصل إلی أقصی بلاد الرّوم، نرى ذلک على شاکلة قوله:
(المصدر نفسه: 401) ثمّ یشیر الشاعر إلی تلک الموقعة التی هزّت أصداؤها أنحاء "القسطنطنیة" عاصمة الرّوم وجعلت "البطریق" ملک الرّوم یستغیث بأنصاره استغاثة بلا فائدة وقد کثر أسری الرّوم وقتلاهم وقد تجلّت عظمة القائد أبی سعید وحسن إدارته للحرب إذ یعلو صوته ساعة الجدّ. ثمّ یشید بانتصاره فی معرکة "وادی عقرقس" فی بلاد الروم، ویبرز الجانب الدّینی قائلاً:
(المصدر نفسه: 403) ویشیر إلی ما لحق بالرّوم من هزیمة ساحقة وإلی استخدام جیش أبی سعید "المنجنیق" فی الحرب فیقول:
(المصدر نفسه: 403) ثمّ یصف غزوتیه فی الشتاء اللّتین اجتاح فیهما قریتین من قری الرّوم وهما "صاغری" و"أوقَضی"، ولکن أبا سعید خاف علی جنوده من أن یلحقهم مکروه من البرد فرجع وآب، وقد أبغض المطر والبرد اللّذین منعاه من مواصلة غزواته:
(المصدر نفسه: 404) الشاعر یتغنّی بأیّام أبی سعید الحسان وفتوحاته وغزواته، ویشید بمآثره وأمجاده. صورة الرّوم فی قصائد أبی فراس الحمدانی إنّ الرّومیّات تشغل حیّزاً وسیعاً من دیوان أبی فراس ولا نستطیع أن نرتّبها ترتیباً تاریخیاً لأنّها لا تتضمّن تواریخ محدّدة ولا تشتمل علی سیاق تاریخیّ متتابع. یشیر الشاعر فی إحدی رسائله الرّومیة إلی القیود فی رجلیه:
(أبو فراس الحمدانی، 1994م: 263) الشاعر أیضًا فی رائیته الکبری یهنّئ سیف الدولة بإیقاعه بالقبائل التی جمّعت علی مخالفته ویبدأها بالغزل علی عادة شعراء العرب القدامی ثمّ یفتخر بفروسیته ویمجد قومه ذاکراً أیام أسلافه وأعمامه. إنّ الثغور کان لها بعد محسوس فی الشعر العربی، والثغر عند أبی فراس والدفاع عنه وصد الغزوات أصبح داءً لایواسیه إلّا سیف الدولة فیقول:
(المصدر نفسه: 129) وفی هذه القصیدة یصف غزوة أبی العلاء سعید بن حمدان (أبیه) الذی أوغل فی بلاد الرّوم غازیاً فیقول:
(المصدر نفسه: 137) فساحة الوغى امتلأت بالدّماء حتّى أصبحت وکأنّها بحر تجری علیه أجساد الأعداء کالسفن. ثمّ یذکر سیف الدولة صاحب حلب وناصر الدولة صاحب الموصل ویبرز الجانب الدینی بقوله:
(المصدر نفسه: 137) ویشیر إلی بناء سیف الدولة لرَعْبانَ والحَدَث من بلاد الروم:
(المصدر نفسه: 139) فالممدوح لا یعمر الثغور التی تقادم عهدها فحسب بل یحیی الدین. ثمّ یواصل قائلاً:
(المصدر نفسه: 140) وفی الشطر الثانی من البیت الثانی نرى قوله متأثرا بقوله تعالى ﴿وَإذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وبَلَغَتِ الْقُلوبُ الْحَناجِرَ﴾ (الأحزاب :10) ثمّ یصوّر لنا فی لوحة متکاملة مسیرة الجیش ومواقع القتال:
(أبو فراس الحمدانی، 1994م: 141) فتتوالی أسماء المدن التی خضع أهالیها لجیشه مثل "جلباط"، و"العَمق"، و"اللُکام"، و"البرج"، و"اللُّقان". ویواصل أبو فراس قوله إنّ سیف الدولة یشتبک مع الدمستق وراء مرعش فیوقع به ویهزم جیشه ثمّ یقتل "لاون" البطریق ویأسر قسطنطین بن الدمستق الذی ظلّ فی أسره حتی مات، فیقول واصفاً فرار الدمستق وضربه فی وجهه:
(المصدر نفسه: 142) یقول الدکتور یوسف بکّار: «عظم الأمر علی الدمستق للذی حدث عام 342ق، فأراد أن یثأر، وجمع عام 342ق عساکر من الرّوم والأرمن والروس والصقلب والسّلاف، وقصد الثغور، والتقی مع سیف الدولة عند "الحدث" فکانت معرکة شدیدة، کتب لسیف الدولة أن ینتصر فیها نصراً مؤزراً، وانهزم الروم وقتل منهم وممّن معهم خلق عظیم، وأسر صهر الدمستق وابن ابنته وکثیر من بطارقته، وعاد الدمستق مهزوماً مسلولاً» (بکار، 2000م: 56)، وفی هذا قال أبو فراس:
(أبو فراس الحمدانی، 1994م: 142) ویصدر أبو فراس فی رومیاته عن کراهیة شدیدة للروم ویصفهم بأوصاف ذمیمة، فهو حین یسأل سیف الدولة المفاداة بأحد قوّاد الرّوم الأسری یصفه بـ "کلب الروم" ویستحثه علی الفداء قائلاً:
(المصدر نفسه: 97) وفی قصیدة أخری یصف سیف الدولة بأنّه القرم الذی یحمل أثقال المواقف الصعبة بخیل ضامرة وسیوف قواطع ورماح لیّنة وجیوش قویّة:
(المصدر نفسه: 243) ثم ینتقل الشاعر من الغائب إلى الحاضر إذ یقول:
(المصدر نفسه: 243) إنّا مضیْنا الصیف وبعض الشتاء بخرشنة والذین کانوا یعیشون فی بوادی قُمیر، کانوا بمنزلة أسلحتنا فی الحروب. والفارس الشاعر أبو فراس یری سنابک خیل سیف الدولة تطأ أرض الروم فی کلّ مرّة یتجرّأون علی مهاجمة أرضه لا یقیهم سهل ولا جبل من غاراته:
(المصدر نفسه: 257) وفی قصیدة أخری یبرز الجانب الدینی ویری أنّ الکفر مغلوب والإسلام غالب حیث یقول:
(المصدر نفسه: 295) وفی قصیدة أخری یصوّر الشاعر خوف الدمستق وبطولة فرسه ویوضح أنّه لم ینجُ إلاّ بجواده الأدهم، فلو لم ینقذه فرسه من بطشنا کنّا نجعل القید فی رجله، فهو نجا ولکن حماته توزّعوا بین مصفودین بالأغلال ومجروحین بالأسیاف والأرماح، ثمّ یذکر أسماء الذین أُسِروا ویذکر إثخان المسلمین فی أهل خرشنة قائلًا:
(المصدر نفسه: 314) وفی قصیدة أخری یکتب إلی سیف الدولة من الأسر فی بلد الروم ویُعلمه بخروج الدمستق إلی الشام وینادیه أن یستعدّ لمواجهته ویسأله تقدیم الفداء فیقول داعیا إلی الغضب لدین الله:
(المصدر نفسه: 342)
ویردّ بقصیدة جدلیة علی الدمستق لمناظرة جرت بینهما حینما قال له الدمستق: «إنّما أنتم کتّاب ولستم بأصحاب سیوف ومن أین تعرفون الحرب؟ یردّ علیه أبو فراس: نحن نطأ أرضک منذ ستّین سنة بالسیوف أم بالأقلام؟» (البستانی، 1968م: 372) علی أثر هذه المناظرة التی أنکر الدمستق علی العرب خصائص الحرب ومناقبها، «ازدحمت فی صدر أبی فراس ذکریات الحروب وهو فی أسره وما کسب المسلمون فیها من النصر علی الروم فراح یذکر –فی قطعة واحدة- مفاخر الحمدانیین فی الحروب البیزنطیة وأسری الروم [...].» (المحاسنی، 1961م: 301) إنّه یعیر الدمستق ویزجره ویقدم صورته فی البیت الأوّل بأنّه ضخم العنق:
(أبو فراس الحمدانی، 1994م: 31) فحشد أبو فراس فی هذه الأبیات سلسلة من أسماء الأماکن الرومیة ومن أسماء قواد الروم، وبطارقتهم، وفرسانهم الذین هزموهم، مستهلًّا قصیدته بهذه الصورة الساخرة للدمستق حین وصفه بأنّه "ضخم اللغادید" و"کلب" مشیرًا إلی احتقاره ووضاعته. وفی إحدی رومیاته یصف لقاءه بالدمستق، فالدمستق یعید النظر فیه مرة بعد أخری کأنّه لا یعترف بالأمیر الفارس وینکر وجوده، فیخاطبه أبو فراس مدافعًا عن الحمدانیین وعن محاربتهم الروم قائلًا:
(المصدر نفسه: 318) فهو فی هذه الأبیات یرسم صورة مزریة لـ"لعلج" ویرید به "الدمستق" لأنّه أراد فی تأمّله أبا فراس أن یعرّفه الحلال من الحرام ثمّ یهجم علی "البطارقة" ویستهزئ بهم ویشبههم بالتیوس ویشبه فطرتهم بفطرة الحمیر ویصف من کانوا فی مجلس المناظرة من الروم باللئام وهکذا یقف أبو فراس منهم موقف السخریة والتهکم. بلغه أنّ الرّوم قالوا: کلّ من نأسره من المسلمین نسلبه ثیابه وسلاحه إلا أبا فراس، فقال فی إحدی قصائده التی یبدأها بذکر إبائه وعذابه المکتوم، ووصف حبیبته وحواره معها ثمّ تفاخره وتبریره للأسر، مفتخرا:
(المصدر نفسه: 165) ملامح الائتلاف والاختلاف بین الشاعرین إنّ أبا تمام عاصر الخلافة العباسیة فی عصرها الذهبی واستطاع أن یصور فی شعره هزیمة الروم أمام العباسیین تصویرا رائعا، ووصف معارک الثغور وحصار القسطنطینیة وخلیج البسفور، وافتنّ فی تصویر الحالة النفسیة للروم وما أصابهم من خوف وفزع، وسخر من (منویل) قائد الروم المنهزم، وخاطبه خطابا ینطوی على السخریة؛ وشبّه تیوفیل إمبراطور بیزنطة بالکلب الذی یحرّک ذنبه مداراة للقائد العباسی. أبوتمام جاء بأسماء الأمکنة الرومیة فی شعره، مثل "درولیة"، و"فروق"، و"صاغرى"، و"أوقضى"، و"میمذ"، وغیرها، وذکر أسماء خاصة من أسامی الحصون من مثل "الحمّة البیضاء"، و"القفل"، و"أکشوثاء"، وغیرها. وتُطلّ علینا ثقافته الدینیة فی ثنایا بعض قصائده التی نظمها فی وصف حروب العباسیین مع الروم، فالحرب فی رأیه هی بین الدین والکفر ولیست بین المسلمین والروم. ویبدأ الشاعر کل هذه القصائد بمقدمة غزلیة، غیر قصیدته التی مدح بها المعتصم واصفا معرکة عموریة لأنّه کان خلیفة حرب وقتال. أما أبو فراس الحمدانی، فکانت له تجربة خاصة مع الروم، لأنه وقع فی الأسر وسیق إلى بلادهم، واتصل بهم عن قرب وأبان فی رومیاته کراهیة شدیدة للروم ورسم لهم صورا مُزریة، ووصفهم بالکفر، والشرک. وصوّر الشاعر المناظرات التی جرت بینه وبین الدمستق ملک الروم، ورسم الشاعر صورا مزریة للبطارقة وسخر من الدمستق فوصفه بأنه "ضخم اللغادید" فالشاعر نظر إلیهم نظرة إزدراء وشبّه الدمستق بالعلج والکلب وشبّه البطارقة بالتیوس واستحضر کثیرا من أسماء قواد الروم والبطارقة.
النتیجة من خلال هذه الدراسة نرى أنّ کلًّا من الشاعرین یرسم لقواد الروم صورا مزریة، أمّا أبوفراس فیعنّفهم أکثر فأکثر، ویسمیهم بالکلب والعلج، ویصف الدمستق بضخم اللغادید ویقرن خلقتهم بخلقة الحمیر، وقصائد الشاعرین ملیئة بأسماء الأمکنة والأشخاص فلها قیمة تاریخیة وجغرافیة إضافة إلى قیمتها الأدبیة. إنّ الشاعرین یعتقدان بأنّ هذه الحروب لیست بین العرب والروم بل بین التوحید والشرک. أمّا المعانی الحماسیة فإنّهما للتعبیر عنها یستعینان بالتصاویر الدقیقة وبالتشابیه القریبة، کما أنّ المعانی الدینیّة تطلّ علینا من بین قصائدهما الحربیة. وأمّا أبوتمام فیستهلّ هذه القصائد بالمقدّمة الغزلیة أو بالمقدمة الطّللیة باستثناء القصائد التی نظمها فی مدح الخلیفة المعتصم وقائده الأفشین، لحرص الشاعر علی التجدید ولکون المعتصم خلیفة حرب وقتال، ولکن أبافراس یباشر الموضوع ولا یتطرق إلى المقدمات الغزلیة أو الطللیة فی أکثر قصائده. ومن خلال دراسة هذه القصائد الحربیة فی مدح القوّاد خلصنا إلی أنّ فنّ أبی تمام فی شعر الحرب یظهر فی الألفاظ والمعانی، أمّا الألفاظ فالشاعر حریص علی الموسیقی اللفظیة والإیقاع بالحروف، مما جعله یستعین بـ"التناظر اللفظی" (المحاسنی، 1961م: 225)، الذی نراه فی کثیر من الألفاظ التی سُمّیت بها البلاد من مثل: أورثت صاغرى صغارا، وقضت أوْقضی، وغیرهما من الألفاظ. ویؤلّفان کلاهما بین أجزاء القصیدة بالمحسنات اللفظیة من مثل الجناس والتکرار، وبالمحسنات المعنویة من مثل الطباق وغیره، ولکن أباتمام له البراعة والحذاقة فی استخدامهما ویتأثّر الشاعران بالقرآن الکریم فی بعض معانیهما الحماسیة. وأمّا نزعتهما فی وصف الحروب فلأبی تمام نزعة ملحمیة فیه ونرى فی قصائده لونًا جدیدًا من ألوان الفن وهو القصص، فالقارئ لا یزال یتبعها حتّى ینتهى منها دون تعب، مع طولها. أمّا أبو فراس فلا یصف الحروب التی وقعت بین الحمدانیین والروم بشکل ملحمی وتفصیلی لأنّه یرى نفسه أمیرا ویرید أن یکون ممدوحا ولا مادحا، وهذا الإحساس یمنعه أن یصف الحروب التی تقتضیه أن یذکر فیها بطولات غیره حتّى ولو کانت بطولات سیف الدولة، فصعب علیه وصف الحروب التی خاضها سیف الدولة إذ یقتضیه ذلک أن یجعل منه بطلا أسطوریا عظیما وینسى نفسه. [1] . المُثْعَنْجِرُ: السیل الکثیر. (مصطفى وآخرون، 1972م: 96) [2] . لَجِبَ القوم: صاحوا وأجلبوا، ـ ویقال لَجِبَ الموجُ: اضطرب فهو لَجِبٌ. (المصدر نفسه: 815) [3] . السُلّاف من العسکر: مقدّمتهم. (المصدر نفسه: 444) [4] . لَحِق الفرس: ضَمُر. الأیطل من مادّة الإِطِل: الخاصرة. (المصدر نفسه: 818، 20) [5] . شَزَبَ الحیوان: ضمر فهو شازب (ج) شُزّب. (المصدر نفسه: 481) [6] . سَفَعَ السَّموم والنار والشمس وجهه: لفحته لفحا یسیرا فغیّرت لون بشرته. (المصدر نفسه: 434) [7] . الضّریبة: الطبیعة والسجیة. (مصطفى وآخرون، 1972م: 537) [8]. فصَم الشیءَ : شقّه، انفصمت العروة: انقطعت. تفصّم: انکسر دون بینونة. (المصدر نفسه: 692) [9] . الحِزْقة: جماعة من الناس والطّیر والنّحل وغیرها. (الرازی، 2006م: 140) [10] . الشیّان: من مادّة شیا (شیو)، دم الأخوین. (ابن منظور، 1988م: 7/264) [14]. رَغا البعیر: صوّت وضجّ. (مصطفى وآخرون، 1972م: 358) [15] . بَصْبَص الکلبُ: حرّک ذنبه طمعاً أو مَلَقاً. (المصدر نفسه: 59) [16] . ألَبَ القوم أَلْبًا: تجمَّعوا وعلیه الناسَ: حَرَّضهم؛ والإلْب: التدبیر على العدوّ من حیث لا یَعلم. (مصطفى وآخرون، 1972م: 23؛ ابن منظور، 1988م: 1/178) [17] . الحَرَب: الویل والهلاک. (مصطفى وآخرون، 1972م: 164) [18] . الجاحم: الجمر الشدید الاشتعال، والمکان الشدید الحرّ. (مصطفى وآخرون، 1972م: 108) [19]. انصاع: رجع أو مرّ مُسرعا. (المصدر نفسه: 528) [20] .السَّبْرَة: الغداة الباردة. (مصطفى وآخرون، 1972م: 528) [21] . أباخ النّار: أخْمدها. (المصدر نفسه: 76) [22] . صِنَّبْر: الریح الباردة فی غیم. (المصدر نفسه: 524) [23] . العَوْد: المُسنّ من الإبل. (المصدر نفسه: 635) [24] . وَجَبَ القلبُ: خَفَق واضطرب ورجف. (المصدر نفسه: 1012) [25] . عصب الشیء: شدّه، ویوم عصیب: یوم شدید الحرّ والهول. (المصدر نفسه: 603 و604) [26] . ناقة شریسة: ذات شراس، بیّنة الشراس، سیئة الخلق. (المصدر نفسه: 478) [27] .رادى عنه: دافع وناضل. (مصطفى وآخرون، 1972م: 340) [28] . مُتالِعٌ: جبلٌ. (ابن منظور، 1988م: 2/44) [29] . عسیبٌ: اسم جبل. (المصدر نفسه: 9/198) [30] . الأجدل: الصّقر، صفة غالبة وأصله من الجَدْل الّذی هو الشدّة وهی الأجادل. (مصطفى وآخرون، 1972م: 111) [31] . القَسْطَلُ: الغبار فی الموقعة. (المصدر نفسه: 734) [32] . دَرْوَلیّةُ: مدینة فی أرض الروم. (الحموی، 1957م: 2/453) [33] . الخُوار: من صوت البقر والظّباء والسهام. (مصطفى وآخرون، 1972م: 261) [34]. الصُّوة: ما نُصب من الحجارة لیستدلّ به على الطریق (ج) صُوًى. (المصدر نفسه: 530) [35] . عنا: خضع وذلّ. (مصطفى وآخرون، 1972م: 633) [36] . الإِثْلِبُ والأَثْلَبُ: التراب والحجارة. (مصطفى وآخرون، 1972م: 99) [37] . أوْلم فلانٌ: عَمل ولیمةً. [المُولم: الولیمة.] (المصدر نفسه: 1057) [38] . الصَّیْلَمُ: الداهیة تستأصل ما تصیب. (المصدر نفسه: 521) [39] . الخَنْفَقیقُ: الداهیة. (ابن منظور، 1988م: 2/914) [40] . الغِرْنِیقُ والغِرْنَیْقُ: الأبیض الشابّ الناعم الجمیل. (المصدر نفسه: 4/982) [41] . سلوقُ: قریة بالیمن تنسب إلیها الکلاب الجیاد والدّروع الجیّدة. (مصطفى وآخرون، 1972م: 444) [42] . الفَیْذوقیة (ذال معجمة): موضع فی الشعر ذکره أبوتمام. (الحموی، 1957م: 4/210) [43] . النّاطَلوق: موضع فی الشعر ذکره أبوتمام. (المصدر نفسه: 5/252) [44] . طَما الماء: ارتفع وملأ النهر [هنا بمعنى غلب.] (مصطفى وآخرون، 1972م: 567) [45] . سَحُق الشیء: بعُد أشدّ البُعد. (المصدر نفسه: 420) [46] . جأر: رفع صوته. (المصدر نفسه: 103) [47] . الدّمُسْتُق: قائد جیش الروم. (أبو فراس الحمدانی، 1994م: 142) [48] . سُلامٌ: موضع عند قصر مقاتل بین عین التمر والشام. (الحموی، 1957م: 3/634) [49]. لوِى: اشتدّت خصومته وصار جدلا سلیطًا. (مصطفى وآخرون، 1972م: 848) [50] . جُلْباطُ: ناحیة بجبل اللکّام بین أنطاکیة ومرعش، کانت بها وقعة لسیف الدولة بن حمدان بالروم. (الحموی، 1957م: 2/150) [51]. العَمْقُ: کورة بنواحی حلب بالشام الآن وکان أولًا من نواحی أنطاکیة. (المصدر نفسه: 4/156) [52] . اللُکام: هو الجبل المشرف على أنطاکیة، وبلاد ابن لیون، والمصیصة، وطرسوس، وتلک الثغور. (المصدر نفسه: 5/22) [53]. بُرْجُ الرّصاص: قلعة ولها رساتیق من أعمال حلب قرب أنطاکیة. (المصدر نفسه: 1/373) [54] . اللُّقان: بلد بالروم وراء خرشنة بیومین، غزاه سیف الدولة. (المصدر نفسه: 5/21) [55] . خفَّ: أسرع ونشِط. (مصطفى وآخرون، 1972م: 247) [56] .الحادر: الممتلئ البدن. (المصدر نفسه: 161) [57] . غاور القوم مغاورة، غِوارًا: أغار بعضهم على بعض. والعدوّ القومَ: أغار علیهم. (المصدر نفسه: 665) [58]. المِطْمَرُ: خَیْط البنّاء (ج) مَطامِر. (المصدر نفسه: 565) [59] . فلان تُثنى به أو إلیه الخَناصر: یبدأ به إذا ذکر أشکاله وأمثاله لشرفه. (مصطفى وآخرون، 1972م: 259) [60] . الغُلْف: جمع أغْلأَف وغلامٌ أغْلف:لم یُخْتنْ کأقْلَف. (ابن منظور، 1988م: 4/1006) [61]. الحُلّة: السلاح (ج) الحِلال. (مصطفى وآخرون، 1972م: 194) [62] . ابن فُقّاس: نقفور فوکاس. (أبو فراس الحمدانی، 1994م: 295) [63] . نبا السیف عن الضّریبة: لم یصبها. (المصدر نفسه: 899) [64] . البُرُطْسیس والعِشْنیط: من قوّاد الروم. (أبو فراس الحمدانی، 1994م: 314) [65].الأیِّم: العَزَب، رجلا کان أو امرأة، تزوّج من قبل أو لم یتزوّج. (مصطفى وآخرون، 1972م: 35) [66] . اللُّغْدُود: اللّحمة بین الحنک وصفحة العنق (ج) اللغادید. (مصطفى وآخرون، 1972م: 830) [67] . أجحر القوم: دخلوا فی القحط، وأجحر الضبَّ ونحوه: أدخله الجُحْر. (المصدر نفسه: 108) [68] . العِلْج: کلّ جاف شدید من الرجال، والحمار. (المصدر نفسه: 621) [69] . التّیْس: الذّکر من المَعْز والظّباء والوعول إذا أتى علیه حولٌ. (مصطفى وآخرون، 1972م: 91) [70] . العُثْنون: شعیرات طوال عند مذبح البعیر والتَّیْس (ج) العَثانینَ. (المصدر نفسه: 584) [71] . العَقِبُ: آخر کلّ شیء، والمراد فی البیت مؤخر الرمح (ج) أعقاب. (ابن منظور، 1988م: 4/829) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
القرآن الکریم. ابن منظور. (1988م). لسان العرب. نسق وعلق علیه ووضع فهارسه علی یسیری. بیروت: دار إحیاء التراث العربی للطباعة والنشر والتوزیع. أبوتمام، حبیب بن أوس. (1981م). دیوان أبی تمام. ضبط معانیه، وشروحه وأکملها إیلیّا الحاوی. بیروت: دار الکتاب اللبنانی. أبو فراس الحمدانی، حارث بن سعید. (1994م). دیوان أبی فراس الحمدانی. شرح: خلیل الدویهی. ط2. بیروت: دار الکتاب العربی. البستانی، بطرس. (1968م). أدباء العرب فی الأعصر العباسیة. بیروت: دار المکشوف ودار الثقافة. بکار، یوسف. (2000م). عصر أبی فراس الحمدانی. راجعه ماجد الحکواتی. الکویت: مؤسسة جائزة عبد العزیز سعود البابطین للإبداع الشعری. الحاوی، إیلیّا. (1986م). فی النقد والأدب (العصر العباسی). ط2. بیروت: دار الکتاب اللبنانی. الحموی، یاقوت بن عبد الله. (1957م). معجم البلدان. بیروت: دار صادر للطباعة والنشر ودار بیروت للطباعة والنشر. الخطیب التبریزی. (1994م). شرح دیوان أبی تمام. قدم له ووضع لهوامشه وفهارسه راجی الأسمر. ط2. بیروت: دار الکتاب العربی. الرازی، محمّد بن أبی بکر. (2006م). مختار الصّحاح. بیروت: المکتبة العصریة. الشکعة، مصطفى. (1986م). الشعر والشعراء فی العصر العباسی. ط6. لبنان: دار العلم للملایین. ضیف، شوقی. (1427ق). تاریخ الأدب العربی. ط2. القاهرة: ذوی القربی. العنبکی، سعید حسون. (2005م). «قصیدة فتح عمّوریة لأبی تمام قراءة أخرى فی بنائها الفنی». مجلّة المورد. المجلد الثانی والثلاثون. العدد 4. صص160-152. عیسى، فوزی. (2010م). صورة الآخر فی الشعر العربی. لامک: دار المعرفة الجامعیة للطبع والنشر والتوزیع. الفاخوری، حنا. (1986م). الجامع فی تاریخ الأدب العربی. ط1. بیروت: دار الجیل. مصطفى، إبراهیم وآخرون. (1972م). المعجم الوسیط. ط2. مصر: دار المعارف. المحاسنی، زکی. (1961م). شعر الحرب (فی العصرین الأموی والعباسی إلى عهد سیف الدولة). القاهرة: دار المعارف.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,826 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 584 |