تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,800,513 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,315 |
مراتب النفس عند ناصر خسرو | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 2، دوره 3، شماره 9، شهریور 1434، صفحه 48-27 اصل مقاله (1.85 M) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
فاطمة حیدری1؛ زرین تاج پرهیزگار2 | ||
1أستاذة مشارکة بجامعة آزاد الإسلامیة فی کرج، إیران. | ||
2عضو هیئة التدربس بجامعة آزاد الإسلامیة فی کرج، إیران. | ||
چکیده | ||
نلاحظ من خلال البحث والدراسة فی آثار ودیوان فیلسوف القرن الخامس الهجری، الحکیم أبی معین ناصر خسرو قبادیانی البلخی، أنه یعتبر الإنسان خلاصة التکوین وموازیا للعالم الکبیر. ویعتقد الشاعر أن الإنسان یتکوّن من جزءین وهما النفس والجسم. والنفس هی الجزء الحی الذی لایموت والجسم هو الجزء الحی الفانی، وللنفس مراتب أعلاها وأرقاها، العاقلة الحافظة لسائر النفوس. ویشیر ناصر خسرو إلى مراتب النفس بتعابیر مصطلحة بالعربیة والفارسیة. هذه المقالة تسلط الضوء على مراتب النفس المختلفة عند ناصر خسرو التی نجدها فی آثاره المنثورة ودیوان أشعاره. | ||
کلیدواژهها | ||
ناصر خسرو؛ النفس النباتیة؛ والحسیة؛ والناطقة؛ والعاقلة؛ والقدسیة | ||
اصل مقاله | ||
إن النفس قوة یستمد الجسم وجوده منها وحسب نوعیتها ومرتبتها تتعین مرتبة الجسم وشأنهوفی الواقع بواسطة النفس، یتحول الجسم إلى النبات أو الحیوان أو الإنسان. إن آثار الحیاة تظهر مع النفس وتنمو وتتغذى بالنفس، ثم یحدد الحس والعلم والتمیز والحرکة الإرادیة، مراتب النفس حیوانیة کانت أم إنسانیة. وتنقسم النفس باعتبار غلبة الرذائل والفضائل إلى النفس الأمّارة واللوامة والمطمئنة. یعتقد العلماء والعرفاء «أن وجود الإنسان لا ینحصر على الجسم والصورة فحسب، بل هناک جزء آخر للإنسان غیر المادة والصورة وهو فی مقام التجرید ویدعى النفس.» (نراقی، 1378ش: 18) و«لایمکن إدراک المعقولات والتدبّر والتصرف فی الجسم المحسوس من خلال قواه وأدواته.» (خواجه نصیر، 1356ش: 48) کما «أن النفس تتلقب بأسماء متنوعة حسب المراتب المختلفة التی تنالها وعلى السالک أن یسعى فی تربیة النفس وتحصیل المعرفة الأخلاقیة لأنها أمّارة بالسوء.» (باخرزی، 1354ش: 103) یعتقد شیخ الإشراق أنه «کلما غلبت النفس على الجسم کلما أصبح الظاهر والباطن خاضعا لها ما یقرّبه إلى عالمه أکثر فأکثر ویتقرّب إلى الکمال وتدعى هذه النفس، النفس المطمئنة والکلمة الطیبة، وکلما غلب الجسم على النفس أصیبت بالضعف والعجز وتسمى النفس اللوامة.» (سهروردی، 1372ش: 373) بناء على هذه الآیة Cفی قُلُوبِهم مَرضٌ فَزادَهُم اللهُ مَرَضاB (البقرة: 10) فإن المرض نوعان؛ مرض القلوب ومرض الأبدان. ینشأ مرض القلب بأمر من النفس الأمارة بالسوء Cإن النفس لأمّارة بالسوءB (یوسف: 53) وفی حال ندم النفس على القصور فیما یستوجب علیها، تبدأ فی ملامة نفسها وتشعر بالحسرة على أیامها حتى تتولد لدیها نظرة الحقارة والمذلة. وإذا ما أخضع العبد النفس الأمارة للریاضة بغرض تهذیب الأخلاق النفسیة، تتحول حینئذ إلى النفس المطمئنة یشملها الخطاب الربّانی القائل بـCیا أیّتها النفس المطمئنة ارجعی إلى ربّکB (الفجر: 28-27) بیندیش تا چیست مردم که او را سوی خویش خواند ایزد دادگستر (ناصر خسرو، 1387ش: 145) _ فکّر ما هی قیمة بنی آدم الذی یدعوه الرب العادل إلى نفسه. إنّ النفس تتعلق بمفهومها الأمّارة بأدنى مراتب کمال الجسم الإنسانی، وبمفهوم النفس الناطقة والمطمئنة تشمل أرقى مراتبها. (زرین کوب، 1368ش: 619) وفی الحقیقة أنشئ الکون لکی یترقى ویسمو نحو ما هو أفضل وذلک لایأتی إلا وفق الحظوة والالتفات ومن حیث النزول من المرتبة العلیا إلى المرتبة الدونیة. وأما البقاء والکمال فهما مرهونان بالاستفاضة المستمرة التی تتلقاها المرتبة الدونیة من المرتبة السامیة. وقد جاء فی مصباح الهدایة «أن النفس الناطقة هی عبارة عن الجوهر البخاری اللطیف لأجزاء البدن وتسمى الروح الحیوانیة أو الطبیعیة.» (الکاشی، 1388ش: 82) إن النفس أشد عداء من الشیاطین والدنیا والکفار «ما من مؤمن إلا وله أربعة أعداء.» (نجم رازی، 1387ش: 173) والنفس الأمّارة کافرة صعبة الانقیاد. کافر است این نفس نافرمان چنین کشتن او کی بود آسان (عطار، 1374ش: 110) _ إن هذه النفس المتمردة لا یمکن قتلها بهذه السهولة. وللوصول إلى النفس الناطقة ینبغی التخلص من النفس الأمارة . نفس را چون جعفر طیار بر کن بال و پر گر به بالا پر و بال مرغ جان می بایدت (عطار، 1368ش: 43) یقول عطار: إذا أردت الوصول إلى الروح المتعالیة علیک التخلص من النفس (الأمارة) کما فعل جعفر الطیار. فی الواقع إن تجاهل المادیات وتعلقات الجسم یهیّء الوصول إلى مرتبة النفس المطمئنة ویجعل صاحب النفس المطمئنة یستعد لتلبیة نداء الحق. بی حس و بی گوش و بی فکرت شوید تا ندای ارجعی را بشنوید (مولوی، 1365ش: 36) _ علیکم أن تفقدوا الحس والسمع والفکر حتى تسمعوا صوت ارجعی إلى ربک.
النفس من وجهة نظر الفلاسفة الإسماعیلیة إن النفس تأتی فی المرتبة الثانیة من حیث ترکیب الصوادر والخلق الإلهی، فیعتبر العقل، أول مخلوق فی عالم المحدثات وبواسطته تصدر النفس من عالم الأمر الإلهی. «إن الأمر الإلهی عبارة عن إیجاد الکون والکون لم یظهر فی الوجود إلا بالعقل والعقل هو أول المخلوقات والعقل بذرة العالمین.» (السجستانی، 1367ش: 23-22) و«المخلوق الثانی یتمثل فی النفس وقد نزل على هیئة إنسان.» (نفس المصدر: 27) و«من نوره استفاض الإنسان وبه یدرک التوحید ولولا ذلک النور لما وصل الإنسان إلى معرفة الباری سبحانه وحینها لافرق بینه وبین البهائم.» (ناصر خسرو، 1384ق: 145) و«هذا النور یسمى النفس الناطقة وبها یتکلّم الإنسان.» (نفس المصدر: 147) و«النفس فی ذاتها تامة لأنها منبعثة من العقل الأول الذی هو کامل وتام.» (أبو حاتم الرازی، 1379ش: 30) وبناء على هذا فإن «النفس أمر غیر مکتمل یکون بحاجة إلى فوائد العقل.» (نفس المصدر: 23) و«النفس معلول من العقل والعقل علّته.» (کرمانی، 1960م: 54) ونزل فی هذا العالم على هیئة الإنسان. ذلک لأن النبات و الحیوان یفتقدان التوازن المطلوب فی عالم الطبیعة و النفس فی وجود الإنسان تستطیع أن تقع فی الحیاة الحسیة و التوازن العقلی (السجستانی، 1367ش: 27) وبعبارة أخرى، تعتبر النفس منشأ للحیاة والإدراک الإنسانی. وللنفس مراتب بأنواع مختلفة وإن کانت فی درجتها السفلى لا تختلف کثیرا عن النفس الحیوانیة التی لها منشأ الحیاة والإدراک المحدود الخاص بها. ویمکن القول إنّ اختلافها مع الإنسان هو أن الإنسان بإمکانه تجاوز النفس الحیوانیة والوصول إلى النفس الإنسانیة التی تختص به أساسا. إن النفس لدیها قوة کامنة لکسب الکمال ویتحقق ذلک باتصالها مع المعلم الروحانی، وتتصل النفس الناطقة من جهة، بالعالم المادی ومن جهة أخرى، بالعالم القدسی والإنسان نفسه المسؤول عن دفعها إلى الخیر والشر Cونَفْسٍ وَما سَوّاها فَألهَمها فُجُورَها وَتقْواها قَدْ أفلَحَ مَن زکّاها وقد خاب من دسّاهاB (الشمس: 8-9) النفس من وجهة نظر ناصر خسرو تطرق ناصر خسرو إلى النفس وأنواعها المتمثلة بالمراتب التی تحظى بها فی آثاره المنظومة والمنثورة على حد سواء. وقد أشار بصورة عامة إلى النفس الکلیة التی أطلقنا علیها النفس الثانیة والنفس الجزئیة التی هی أثر من آثار النفس الکلیة. ویتخذ للنفس الجزئیة مراتب وأنواعا مختلفة. یعتقد ناصر خسرو أنّ جمیع الموجودات ظهرت على ساحة الوجود بواسطة کلمة الأمر التی تصدر من الباری تعالى. کلمة الأمر تخلق العقل وبواسطة العقل تخلق النفس ومن النفس تخلق الطبیعة والعالم الجسمانی. «خرد دان اولین موجود زان پس نفس وجسم آنگه نبات و گونه حیوان و آنگه جانور گویا.» (ناصر خسرو، 1387ش: 1) _اعتبر العقل أول مخلوق، ثم النفس، ثم الجسم، ثم النبات والحیوان، ثم الحیوان الناطق. زر و سیم و گوهر شد ارکان عالم چو پیوسته شد نفس کلی بر ارکان (نفس المصدر: 39) _إن أرکان العالم أصبحت من الذهب والجواهر بعد اتصال النفس الکلیة بتلک الأرکان. إن اعتقاد ناصر خسرو فی ظهور العالم نابع من رأی أبی یعقوب السجستانی. (السجستانی، 1367ش: 29و17) وهذا الرأی یشبه رأی أفلوطین- فیلسوف الأفلاطونیة الحدیثة -وقد ظهرت بوادر هذه النظریة وسیرها النزولی والعقول العشرة عند أرسطو أول مرة. وقد استخدمها أبونصر الفارابی فی العالم الإسلامی لأول مرة و تلاه ابن سینا. وفی کلمة واحدة یعتقد ناصر خسرو أن «النفس الکلیة جوهر مبدع شریف.» (ناصر خسرو، 1363ق: 133) وهو یطلق على الجوهر اللطیف الذی ینسجم مع الجسم، النفس الکلیة ویقول: «إذا دعاها أحد بغیر هذا الاسم، فنحن لا نضایقه على الاسم.» (نفس المصدر: 175) یعتقد ناصر خسرو «أن النفس الکلیة جوهر بسیط ذو روح وحی بذاته وعلیم بالقوة الکامنة وفاعل بالطبع وهی صورة من صور العقل الفعال.» (نفس المصدر: 89) و«فی ترتیب الصوادر، خلقت النفس الکلیة بواسطة العقل من کلمة الأمر الإلهی» (ناصر خسرو، 1998م: 5) وکما أن العقل خالقها (النفس) فیعتبر هذا العالم من صانعها. (ناصر خسرو، 1385ق: 345) «والنفس الکلیة صانعة العالم الجسمانی.» (نفس المصدر: 178) کیفیة صنع العالم إن العالم فی رأی ناصر خسرو عبارة عن منزل، وعمر الإنسان بمثابة ممر یعبر منه الناس لیصلوا عبر هذا المنزل إلى صانع العالم. (نفس المصدر: 464) و«لم تنشأ الدنیا لنفسها وإنما خلقت من أجل خلق الإنسان» (نفس المصدر: 463) إن «سلسلة الصوادر کانت ضمن مراتب التکوین. وقد أنشئ العقل الأول بعد أمر "کن" وبعد العقل خلقت النفس. تصنع النفس، العالم من الهیولى والصورة. والهیولى عبارة عن جوهر بسیط تظهر فیه الصورة.» (ناصر خسرو، 1363ق: 87) یعتقد ناصر خسرو أن العقل لا یمکنه الإحاطة على صنع العالم ولکنه یشرح فیما بعد أن النفس صنع هذا العالم الجسمانی من الهیولى الأول. وهذه الطریقة فی الصنع هی من عطاء الباری تعالى لیخلق من الهیولى الأفلاک التی هی بمثابة الجسم. (ناصر خسرو، 1998م: 14) فبهذا تکون النفس صانعة وهی صفة مشترکة بین النفس الکلیة والخالق ویتابع الحکیم الشاعر داحضا هذا الرأی بقوله «ولکنها أی النفس لیست ذلک الفرد الأحد الصمد لأن الله تعالى هو کذلک لا غیر.» (ناصر خسرو، 1385ق: 178) ذلک «لأن الله تعالى هو من أوجد هذا الجوهر اللطیف الفاعل وزوّده بالعقل وقدرة التمیز والتفکر والتدبّر وهذا هو الجوهر الفاعل کما أن الجسم جوهر منفعل.» (نفس المصدر: 175) وفی رأی ناصر خسرو، الخالق فوق الوجود: تا نشناسی تو خداوند را مدح تو او را همه یک سر هجاست تا نبری ظن که خدایست آنک بر فلک و بر من وتو پادشاست بل فلک و هرچه درو حاصلست جمله یکی بنده ی او را سزاست (ناصر خسرو، 1387 ق: 45) _ما دمت لم تعرف الخالق سیکون مدحک تجاهه مجرد کلمات. _ وما دمت لاتعتقد بأن الله مالک کل شیء من الناس والأفلاک. _بل الأفلاک وما فیها ینبغی أن تکون عبدا لذلک المعبود. آثار النفس الکلیة إن النفس الکلیة مستفادة من جهة ومفیدة من جهة أخرى وهی تستفیض من العقل العام وتفید المراتب التی تلیها واحدة تلو أخرى وآثارها تظهر إما عامة أو خاصة، فآثار الأولى تشمل جمیع العالم وتسع کل ما فیها من النفس النامیة والحسیة والناطقة والروائح والألوان، ولکن الآثار الخاصة فهی خاصة للأنبیاء الذین هم من طلبوا تلک الآثار. (ناصر خسرو، 1359ق: 198) سمات النفس الکلیة 1- رغم الشرح الذی تطرق إلیه الشاعر إلا أن «النفس الکلیة محجوبة عن العیون.» (ناصر خسرو، 1998م: 12) «جان و خرد از امر خدایند ونهانند، پیدا نتوان کرد مرا این جفت نهان را.» (ناصر خسرو، 1387ش: ملحق 4) _ إن النفس والعقل من أمر الباری تعالى وهما مخفیان ولا یمکن أن تجدهما. 2- «والمعروف عن النفس الکلیة أنها لطیفة.» (نفس المصدر: 13) و«هی من جوهر الملائکة.» (ناصر خسرو، 1385ق: 175) 3- «النفس الکلیة قائمة بذاتها.» (نفس المصدر: 448) 4- «النفس الکلیة تستفیض من العقل الکلی.» (نفس المصدر) 5- «النفس الکلیة فاعلة.» (نفس المصدر: 175) والصفة التی تمیّز النفس عن أی شیء آخر هو طبعها « فالنفس فاعلة بطبعها.» (ناصر خسرو، 1359ق: 102) 6- «ومن أفعال النفس الکلیة صنع هذا العالم، ومن أشرف أفعالها إیجاد البشر.» (ناصر خسرو، 1385ق: 449)
النفس الجزئیة إن «النفس جوهر مبدع یحظى بقوة لامتناهیة. ویطلق على ذلک الجوهر الخافی فی نطفة الحیوانات والبشر وأصل النبات، النفس وهو جوهر مبدع وکل ما هو مبدع لا یکون جزئیا وکل ما هو غیر جزئی قوته لامتناهیة وکل ما هو خاف فی النطفة لامتناه، کل حسب قدرة الأشخاص.» (نفس المصدر: 64) در عقل واجبـست یکی کلی این نفسهای خرده اجزا را او را به حق بنده ی باری دان مرجع بدوست جمله مر این ها را او را اگر شناخته ای بی شک دانسته ای ز مولی مولا را (ناصر خسرو،1387ش: 77) _فی العقل من الواجب أن تکون النفس کلیة من بین هذه الأجزاء _واعتبر تلک النفس عبدا للباری لأن مرجع جمیع هذه النفوس إلیه _إذا ما عرفتها فلا شک أنک قد میّزت بین المولی و المولی من بین المخلوقات، یعتبر الإنسان خلاصة العالم بل ما یعادله وهو الهدف الأساسی من خلقة الکون کله. «الإنسان عصارة الخلقة وخلاصتها وما یدعى العالم الصغیر.» (ناصر خسرو، 1359ق: 103) وهذا العالم یتکوّن من جزئین، الجسم والنفس «ومن الخلقة الأخرى صورة نفس الإنسان وجسم الإنسان ینبغی أن یکون فی مرتبة تخرج منه النفس العالمة.» (نفس المصدر: 110) والفرق بین نفس هذین الجزئین، هو أن جسم الإنسان صورة حیة ناطقة معرّضة للفناء، أما نفس الإنسان فهی صورة حیّة عالمة غیر معرّضة للفناء. (نفس المصدر) خلق الله جوارح الإنسان وسیلة لرفع احتیاجات الجسم وخلق العقل المدرک وسیلة لتکریم النفس، ولکن ناصر خسرو یعتقد بما أن الجسم فانٍ، والنفس والعقل باقیان وبما أن الثواب والعقاب تابعان للنفس، فإنّ الهدف من خلق الإنسان إنشاء النفس والعقل الجزئی وکما أنّ الجواهر وطباع النفس الکلیة صنعت العالم، فلابدّ للإنسان صاحب النفس الجزئیة أن یبتکر أشیاء لم یتطرق إلیها العالم مع کل ما یمتلکه من قدرة وعظمة مثل صناعة الإستر من الخیل والبغل وصناعة البریسم من الحجر وورق التوت من دودة القز. «إن نفس الإنسان جزء من النفس الکلیة ولیس أثرا لها.» (نفس المصدر، 125) نفس ما بر آسیا کی پادشا گشتی به عقل گرنه نفس مردمی از کل خویش اجزاستی (ناصر خسرو، 1387ش: 106) _متى ملکت نفسنا العالم بالعقل، لأن نفس الإنسان جزء من الکل وقد ظهرت النفس فی العالم بواسطة الأجرام[1]. والنفس الجزئیة سبب الطباع فی أجسامنا. (ناصر خسرو، 1385ق: 191) وإنها لوح الرحمن، وبالنفس تعرف درجات الخلق. (ناصر خسرو، 1359ق: 164) صانع مصنوع را تو باشی فرزند پس چو پدر شو کریم و عادل و فاضل (ناصر خسرو، 1387ش: 61) _ أنت ابن صانع کل مصنوع، فکن کالأب کریما وعادلا وفاضلا. إن للنفس الجزئیة صفاتا وسماتا وهی عبارة عن: 1- «أن النفس حیة بذاتها لا تموت.» (ناصر خسرو، 1385ق: 69) 2- «إن نفس الإنسان مجبولة على التجسس.» (ناصر خسرو، 1363ق: 12) 3- «والنفس فی غنى عن الجسم.» (ناصر خسرو، 1359ق: 121) 4- «الکائن الحی یحتوی على أجسامنا نحن الأنفس.» (ناصر خسرو، 1998ق: 22) 5-«إن فعل النفس بدون جسد یتمثل بالعلم.» (نفس المصدر: 23) 6- «بما أن النفس لیست بحاجة إلى مکان فلا یوجد مکان فی الجسم خالیا من النفس ولو کان دون نفس لما کان یتمتع بالحیاة والتحرک.» (نفس المصدر: 25) و«إن کان یعتقد بأن مکان النفس الجزئیة فی جسم الإنسان یتمثل بالقلب وتوسطه فی الجسم یجعل النفس تنتشر فی الأطراف المحیطة به.» (ناصر خسرو، 1385ق: 38)
مراتب النفس اعتبر أرسطو فی کتاب النفس أن أجزاء النفس لامتناهیة ویذکر أفلاطون ثلاثة أقسام للنفس وهی: ناطقة وإلهیة وغضبیة وحیوانیة ونباتیة نامیة أو شهوانیة. (الرازی، 1378ش: 23) وفی علم النفس قسم القدامى الحواس المدرکة إلى قسمین الظاهرة والباطنة. والحواس الظاهرة هی البصر والسمع والذائقة واللامسة والشامة. وأما الحواس الباطنة فهی: 1- الحس المشترک أو البنطاسیا الذی یعرف فی علم النفس بالإدراک الحسی 2- القوة الخیالیة أو المصورة وهی مخزن الصور الجزئیة للحس المشترک 3- قوة الوهم أو المتوهمة أو الواهمة والوهمیة التی تدرک المعانی غیر المحسوسة الجزئیة وهی کالقوة التی تحکم باستنفار البهیمیة (الذئب) 4- القوة الحافظة وهی مخزن للمعانی الجزئیة الوهمیة 5- القوة المتخیلة أو المتصرفة والتی تعرف فی علم النفس بالتخیّل الإبداعی وله مجالات واسعة وهو موقع للتصورات التی تتخیلها الأذهان البسیطة ما تعتبر مکانا للمضامین الجدیدة والاختراعات ونظریات الفلاسفة. (ابن سینا، 1333ش: 64) یقسم أبو یعقوب السجستانی الأشیاء فی العالم إلى ثلاثة أشیاء: الجماد والنبات والحیوان، ویعتقد بأن النفس لاتنزل على القسمین الأولین، «لأن النفس تجری فی الحیاة الحسیة وفی الاعتدال العقلی وهذا لایتحقق إلا فی الإنسان» (السجستانی، 1367ش: 27) ویعتقد أحد علماء الإسماعیلیة أیضا أنه لایوجد بین المحسوسات و المعقولات فی هذا العالم جوهر أرقى وأشرف من جوهر الإنسان وهو ما یسمى بالنفس الناطقة وبها أصبح الإنسان أفضل الکائنات وأفضل من أی جنس آخر فی هذا العالم. (أبو حاتم الرازی، 1379ش: 23) ویعتبر ناصر خسرو الإنسان أفضل المخلوقات وفقا للآیة الکریمة «ولقد خلقنا الإنسان فی أحسن تقویم.» (ناصر خسرو، 1363ق: 179) کما أنه یعتقد بأن «الإنسان یتشکل من جوهرین: أحدهما لطیف علمی وهو النفس والثانی قذر عملی وهو الجسم ومن یستخدم هذین الجوهرین فی طاعة الخالق یکون عادلا.» (ناصر خسرو، 1385ق: 224) یقول ناصر خسرو إن الإنسان یأتی إلى هذا العالم جاهلا فاقدا للمعرفة وفی هذا العالم تعتبر أسباب العلم تمهیدا لتلقی العلوم وتنمو قوة التفکیر فی داخل الإنسان. ویرى ناصر خسرو أن للنفس قوة تأتی فی مراتب مختلفة بعد امتلاکنا إیاها ومن ثم تعرف بأسماء ملائمة مع خصائصها.[2] ویستخدم الشاعر أحیانا نفسا معینة یخاطبها بأسماء متنوعة وهی:
النفس النباتیة «إن النفس فی هذه القوة الشهوانیة تساوی النبات.» (ناصر خسرو، 1359ق: 95) والقوة الشهوانیة تتمثل فی الصورة الجسدیة، لأن الجسد یستطیع من خلال هذه القوة جذب الطعام وتسمى هذه النفس النامیة. ویترجمها ناصر خسرو إلى الفارسیة ویقول: «النفس النامیة أی روینده وافزاینده.» (ناصر خسرو، 1385ق: 20) و«هذه النفس المتحرکة تسیر نحو النمو.» (ناصر خسرو، 1363ق: 131) ویعبر عنها فی دیوانه بـ"نفس رستنی" أی النامیة: من به یمگان در نهانم علم من پیدا چنانک فعل نفس رستنی پیداست او در بیخ وحب (ناصر خسرو، 1378ق: 44) _أنا فی الخفاء وعلمی ظاهر کما أن النفس النامیة بادیة فی کل جذور وبذور. النفس الحسیة یمکن القول «إن هذه النفس عنیفة ومتفائلة» (ناصر خسرو، 1359ق:10) و«الحیوان یمتلک قوتین: الشهوانیة وهی متفائلة والغضبیة وهی عنیفة وعبوسة ومتجهّمة» (نفس المصدر: 10) و«الإنسان یشاطر الحیوان فی هذه القوة النفسانیة» (نفس المصدر: 95) ومن جملة الأفعال التی تقودها النفس الحسیة أو العنیفة، الدفاع عن النفس فی محاولة لطرد العدو، الجماع، طلب الطعام والکسوة والاحتیاجات الضروریة للإنسان. تحث هذه النفس الإحساس على طلب اللذات الجسمانیة (ناصر خسرو،1363ق:131) وبعبارة أخرى «إنها تجذب اللذات الحسیة» (نفس المصدر: 174) «أما النفس الشهوانیة تأمر بالسوء أی تأمر الناس على أفعال تخدم الجسم دون أن یرضى لها العقل» (ناصر خسرو، 1359ق: 7) «امتلأت الصفات البهیمیة فی نفسک من کثرة الطعام والمنام، وانشغالک للأمور الشهوانیة أصبحت أکثر من أی عمل آخر.» (ناصر خسرو، 1387 ق: 242) نلاحظ فی النفس البهیمیة أنها لاتمیّز بین الخیر والشر بسبب تعلقها بالعالم الجسمانی وحبّ الذات والرغبة للبقاء. ربما تفضل هذه النفس، الشر على الخیر وإن کان ذلک یهدد بقاءها حیث التعدی للآخرین یصبح من عادتها وفی هذه المرتبة تکون النفس أمّارة بالسوء. یعبّر ناصر خسرو عن النفس الحسیة بالنفس البهیمیة ویعتبرها وضیعة وخسیسة وجاهلة. (ناصر خسرو، 1363ق: 208) ویعبّر عن هذه النفس فی دیوانه بعفریت النفس البهیمیة: دیویست ستمکاره نفس حسی کو مایه ی جهلست و بی فساری (ناصر خسرو، 1387ش: 14) _إن النفس الحسیة عفریت ظالم وهو سبب الجهل والعصیان. بکش نفس ستوری را به دشنه ی حکمت و طاعت بکش زین دیو دستت را که بسیار ست دستانش (نفس المصدر: 108) _ اقتل النفس البهیمیة بمدیة الطاعة والحکمة واعتزل عن هذا العفریت، لأن أیادیها کثیرة ومن عادات النفس البهیمیة؛ النهی عن العمل بالشریعة، وقبول الدین بالتقلید وهذه من سمات البهائم. لاتمیّز بین الخیر والشر بسبب تعلقها بالعالم الجسمانی وحبّ الذات والرغبة للبقاء. ویمکن أن تفضل هذه النفس الشر على الخیر وإن کان ذلک یهدد بقاءها حیث التعدی للآخرین یصبح من عادتها وفی هذه المرتبة تکون النفس أمّارة بالسوء. النفس الناطقة «إن الإنسان إضافة إلى اشتراکه فی قوى النفس مع النبات والحیوان إلا أنه یمتلک قوة ناطقة وأخرى عاقلة» (ناصر خسرو، 1359ق: 10) ویمکن القول إن النفس الناطقة فی الإنسان بمثابة ملک بالقوة الکامنة والنفس الشهوانیة والنفس الغضبیة عفریتان بالقوة الکامنة. ومن وظّفت قوتُه الناطقة النفسَ الغضبیة والنفس الشهوانیة فی الطاعة، أصبح ملکا ومن غلبت نفسه الغضبیة والشهوانیة على القوة الناطقة تحوّل إلى عفریت (شیطان) بالفعل. ویفسر ناصر خسرو هذا الأمر مستندا إلى قول الرسول الأعظم (ص): لکل إنسان شیطانان یغویانه؛ ویستنتج وفق هذا الحدیث النبوی الشریف «أن للإنسان نفسا ناطقة ونفسین إحداهما شهوانیة وأخرى غاضبة عبوسة.» (ناصر خسرو، 1363ق: 114) عندما یسیطر الإنسان على أعماله ویسوق أفکاره فی طریق الخیر، تتحقق النفس الناطقة فی وجوده ومن ثم یبلغ مدارج الکمال: هر که جان بدکنش را سیرت نیکی دهد زشت را نیکو کند بل دیو را حورا کند (ناصر خسرو، 1387 ق: 184) _من سیر نفسه الشهوانیة فی طریق الخیر لحسّن القبیح وحوّل العفریت إلى ملاک. کما أن ناصر خسرو یعبّر عن «النفس الناطقة بالنفس المتحدثة التی تسعى للبحث عن العلم، فجمیع الناس لدیهم نفس ناطقة تبحث عن العلم ومن خصائصها تلقی العلوم. إن وجود قوة مفکّرة فی هذه النفس یؤدی إلى التفاؤل وحبّ المعرفة عن أسباب الخلقة ومصیر الإنسان بعد الموت.» (ناصر خسرو، 1385ق: 222) و«قد اختصت النفس الباحثة عن العلم والمعرفة للإنسان حتى یسأل ویتوصل إلى حقیقة تتمثل فی عدم بطلان العالم برمته.» (ناصر خسرو،1363ق: 11) خرد دوست جان سخنگوی توست که از نیک شاد است واز بد دژم (ناصر خسرو، 1387ش: 30) _إن العقل صدیق نفسک الناطقة وهی تشعر بالراحة لکل عمل جمیل یصدر من صاحبها وتشعر بالحزن لکل عمل قبیح. إن النفس الناطقة تظهر وتتلقى العلم وتصبح عالمة وتعلّم غیرها. (ناصر خسرو، 1359ق: 105) کما أن ناصر خسرو یعتقد بأن الدماغ هو مکان النفس الناطقة. (ناصر خسرو، 1363ق: 284) علم کان بود و منش زرّ و کنون زرّ سخن را به نفس ناطقه کانم (ناصر خسرو، 1387ش: 97) _إن العلم کالمعدن والعمل کالذهب والآن أجعل الکلام الذی هو کالذهب فی النفس الناطقة بهتر ز بار حکمت بر شاخ نفس بر نیست خوشتر ز قول دانا زی عاقلان شکر نیست (نفس المصدر: 70) _لایوجد ثمر أفضل من ثمر الحکمة للنفس ولاتوجد کلمة أحسن للعقلاء غیر کلمة الشکر. «إن وجود النفس الناطقة المختصة بالإنسان تمنح له التفوق على سائر الکائنات ولهذا السبب أصبح أهلا للخطاب الإلهی» (نفس المصدر، 12) و«تمتّع الأنسان بالنفس الناطقة. وبحثه عن سبب النشأة والخلقة وکیفیة خلقه کلّها أمور تؤدی إلى سیطرة الإنسان على الکائنات الأرضیة.» (نفس المصدر) پادشاهی یافتَستی بر نبات و بر ستور هر چه گویی "آن کنید" آن از بُن دندان کنند (ناصر خسرو، 1387ش: 68) _ أصبحتَ ملِکا علی النبات و البهائم، کلما تأمرها، تطیع أمرک إطاعة الوجوه المشترکة والمتمایزة لمراتب النفس «قد نشأت النفس النباتیة والنفس الحسیة من تأثیر الأجرام الفلکیة، ولکن النفس الناطقة جوهر إلهی وإبداعی ما یجعلها تستحق التخلق بالصفات الإلهیة والبقاء الأبدی.» (ناصر خسرو، 1385ق: 298-297) و«أما النفس الناطقة والأخرى الحسیة کلاهما یبحثان عن الحیاة مع هذا الفرق، أن الناطقة تبحث عن حیاة خالدة والنفس الحسیة تبحث عن حیاة فانیة فی هذا العالم. والنفس الناطقة لا تطلب زیادة فی تمدید الحیاة فی حین أن النفس النباتیة والنفس الحسیة تسعیان إلى البقاء فی هذا العالم.» (ناصر خسرو، 1363ق: 284) «یعود علو النفس الناطقة وتفضلها على سائر النفوس إلى تمتعها بالعلم ولهذا یطلق علیها ناصر خسرو النفس المتعلّمة.» (نفس المصدر: 208) ذلک «لأن تحرک الإنسان وتفاعله إنما یتحقق بطلب العلم ومعرفة الموجودات.» (نفس المصدر،: 131) در نفس من این علم عطایی است الهی معروف چو روز است نه مجهول و نه منکر (ناصر خسرو، 1387ش: 59) _ هذا العلم فی نفسی، عطاء ربی وهو معروف وظاهر کالشمس فی النهار ولیس بمنکر ولا مجهول «إن النفس النامیة والحیوانیة (النباتیة والحسیة) أدنى من النفس الناطقة من حیث المرتبة وإنما خلقتا من أجلهما. ومن وظائف النفس النباتیة أنها تغذی الجسم والنفس الغضبیة تساعد النفس الناطقة فی قمع النفس الشهوانیة وبما أن هاتین النفسین یفتقدان لجوهر معین فإنهما معرّضان للفناء بعد فناء الجسم ولکن النفس الناطقة تبقى إلى الأبد.» (الرازی، 1378ش: 23) قلیلا ما یلجأ ناصر خسرو فی کتابه المنثور الذی یحظى بفئة خاصة من القراء، إلى التحسنات اللغویة والبدیعیة، على سبیل المثال کان یلجأ إلى التشبیه فی تبیین التعالیم الخاصة به ویستخدم الشجرة کمشبه به فی أشعاره وآثاره المنثورة. وهو یشبه الإنسان بشجرة روحانیة والنفس الحسیة بغصونها وأوراقها والنفس الناطقة بثمرها (ناصر خسرو، 1359ق: 85) ویشبه النفس الحسیة التی تسعى للوصول إلى الآمال المحسوسة بغول وعملاق مخادع : یکی غول فریبنده ست نفس آرزو خواهت ... (ناصر خسرو، 1387ش: 108) _ إن نفسک المتفائلة تبدو کغول مخادع ... وإذا ما سعى الإنسان وراء هذه النفس واختار الجهل والبهیمیة وفضّله على العلم، لغلبت النفس الحسیة على النفس الناطقة. وفی هذه الحالة تصبح شجرة الإنسان خالیة من الثمار وتستحق الحرق. اگر تو ز آموختن سر بتابی نجوید سر تو همی سروری را بسوزند چوب درختان بی بر سزا خود همین است مر بی بری را _لن تبلغ العلا إذا استنکفت عن التعلم وطلبه _یحرّقون الأشجار الذی لا تثمر ومثل هذه الأشجار تستحق الحرق یشیر ناصر خسرو إلى تعبیر أبی یعقوب السجستانی العالم الإسماعیلی فی القرن الرابع الهجری فیما یخص اعتقاد السفهاء فی القضاء والقدر ویعبّر عن القضاء بالعلم والقدر بالنفس وبعد أن تغلب على النفس الحسیة بمساعدة النفس الناطقة، شبّه نفسه بمن قاسوا أنفسهم بالنفس واقتنعوا بالورق والقش کالبهائم. _والآن بعد أن سیطرت على عقلی ونفسی الناطقة کیف أحذر من نفسی _یا من أصبح قلبک مسرورا من القضاء والقدر لاتطلق علی اسم البهیمة _قول الرسول أن الإنسان کشجرة مثمرة أنت أوراقها وأنا ثمرها (نفس المصدر، 1387ش: 6) النفس الممیزة والمفکرة وإن کان ناصر خسرو یعتقد بثلاث مراتب وأحیانا أربع مراتب للنفس ولکنه یشیر أیضا إلى النفس الممیزة وهی تفضل بین الخیر والشر (ناصر خسرو، 1359ق: 68) والنفس الممیزة هی من تبقی النفس الناطقة على دین نبینا محمد صلى الله علیه وآله وتقوم بتأویل المتشابهات، وهو یعبر عن هذه النفس بالقوة الممیزة (نفس المصدر، 302) ویذکرها فی دیوانه بالنفس المفکّرة: ز اندیشـه غمی گشت مرا جان به تفکر ترسنده شد ای نفس مفِکّر زمفکِّر _أصابنی الهم من کثرة التفکیر والنفس المفکّرة أصابها الرعب من التفکیر من المفکّر نفسه. _بحثت عن طریق مختار العالم والقائد من الشافعی والمالکی وفی کلام الحنیفی _سألت عن حقیقة الدین من العربی والفارسی والهندی والترکی والسندی والرومی والعبری _وطلبت غایتی من خلال التفحص فی الفلسفة والمانویة والصائبیة والدهریة (ناصر خسرو، 1387 ق: 242) عندما یبحث ناصر خسرو عن الحقیقة نراه یغوص فی غور تعالیم الفِرق المختلفة ویقارن بین الصواب والخطأ ویسأل عن الأطیاف المختلفة ویتأمل فی أفکارهم دون هوادة، ثم یختار طریقه الخاص المتمثل فی الشیعة الإسماعیلیة ویسمّی نفسه النفس المفکّرة وهی تمتاز بسمات النفس الممیّزة. النفس العاقلة تعدّ النفس العاقلة أعلى مرتبة من مراتب النفس المختلفة. وإن کانت النفس الناطقة أعلى مرتبة من النفس الحسیة والنفس النامیة وتجعل الإنسان متمایزا عن سائر الموجودات ومسیطرا علیها، إلا أنها مازالت تأتی دون مرتبة النفس العاقلة، ذلک لأن النفس الناطقة لاتکون عاقلة إلا بعد تلقیها العلم وإلا فبقیت فی مرتبة القوة الکامنة ومن الممکن أن تکون فی یوم من الأیام عاقلة (ناصر خسرو، 1359ق: 42) والنفس العاقلة هی ما یمکن قبول علمها ودینها وتوحیدها (نفس المصدر) وهذه النفس هی المحافظة عن سائر الأنفس. کما یشیر ناصر خسرو فی دیوانه إلى أن نفسه الناطقة بدأت تبحث عن العلم بعد سن الثانیة والأربعین. وهو یبیّن مراحل تطور النفس على النحو التالی:[3] _ مرت 394 سنة من الهجرة ووضعتنی أمی فی موقع أغبر _ والنفس الفاقدة للعلم کالنبات الذی ینشأ عن تراب أسود وماء مقطر _ ومن مرتبة النبات وصلت إلى مرتبة الحیوان وتوقفت فی هذه المرتبة لفترة حتى قفزت کالطیر _ وفی المرحلة الرابعة ظهرت ملامح الإنسان فی وجودی کالنفس الناطقة وسجنت فی هذا الجسم المکدّر _ وبعد مرور 42 عاما بدأت نفسی الناطقة تبحث عن العلم
مکانة النفس العاقلة یعتبر ناصر خسرو فی تفسیر الآیة الکریمة الرابعة من سورة الهمزة Cکلاّ لَیُنبَذَنّ فی الحُطَمَة وما أدراکَ ما الحُطَمَة نارُ اللهِ المُوقَدةُ التی تَطلّعُ عَلَى الأفئِدَةB، والآیة الکریمة 193 من سورة الشعراء Cنَزلَ به الروحُ الأمینُ على قلبکB، «یعبّر عن القلب بالأفئدة ویعتبرها النفس العاقلة والقلب هو الفؤاد ولیس المقصود منه شکله الظاهری ولکنه النفس العاقلة التی تتصل بالقلب.» (ناصر خسرو، 1359ق: 26) النفس القدسیة یقسم ناصر خسرو الموجودات کلا وفق النفوس الخاصة بها، فالنباتات أعلى مرتبة من الطبائع بسبب امتلاکها النفس النامیة، والحیوانات أعلى مرتبة من النباتات بسبب تمیّزها بالنفس الحسیة والإنسان بامتلاکه النفس الناطقة یکون أعلى مرتبة من الجماد والنبات والحیوان ومتفوق علیها ومن بین الناس، یفوق شخص على الجمیع وهو النبی الأکرم (ص) ویفسر ناصر خسرو هذا الأمر على الطریقتین التالیتین: الف- یعبر عن جمیع الناس بالنفس الحسیة والنبی بالنفس الناطقة (نفس المصدر: 87-86) ولهذا على النفس الحسیة امتثال أوامر النفس الناطقة. ب- ویعتقد أن للأنبیاء نفسا قدسیة وإذا ما اتصلت هذه النفس بالشخص لأصبح ذلک الشخص نبیا وفی تصنیف الناس من جهة وترجیح الأنبیاء على سائر البشر من جهة أخرى یستند إلى الآیة 32 من سورة الزخرف Cورَفَعنا بَعضَهم على بَعض دَرَجاتٍ لیتّخذ بَعضُهم بَعضا سُخریاB کما أنه یعتقد بأن «صلة النفس القدسیة بالنبی، تجعل من الممکن قبول کلام الروحانیین دون صوت وحرف وکلمة ومن ثم یمزج بین الحروف والأصوات ویبلّغها للأنام.» (نفس المصدر، 1359ق: 224). فی هذا الإطار یقوم الشاعر بمقارنة النفس القدسیة التی تختص بالنبی مع النفس الناطقة التی تختص بالإنسان ویعتقد أن «النفس القدسیة الخاصة بالنبی توازی النفس الناطقة الخاصة بالناس وکما أن أصحاب النفس الناطقة یستولون على أصحاب النفس الحسیة فإن أصحاب النفس القدسیة أیضا لدیهم قدرة الاستیلاء على أصحاب النفس الناطقة.» (نفس المصدر: 223) ویقارن الشاعر العالم الدینی بأنواع الأنفس ویستدل بأن الجسد یبدأ بالنفس النامیة والعالم الدینی یبدأ بالنفس الناطقة وکما أن کمال الإنسان یتحقق فی النفس الناطقة، فإن الإمام أیضا وهو آخر المؤیدین یخرج الناس من ظلمات الفناء إلى نور البقاء، والنفس الشهوانیة تجعل الإنسان حریصا على البحث عن الطعام والشراب بغیة بقائه کما أن الإمام أیضا یجعل الناس حریصین على تأویل الحق. (نفس المصدر: 175) عودة النفس وروح التناسخ یعتقد ناصر خسرو «أن النفوس الجزئیة تکون متساویة فی بدایة اتصالها بالأجساد وبعد تلقیها العلوم تصبح متفاوتة.» (ناصر خسرو، 1359ق: 136) «تأتی النفس الجزئیة جاهلة فی هذا العالم دون أی جوارح وبعد امتلاکها الجوارح کالعین والأذن والقلب واللسان، تکسب العلم» (ناصر خسرو، 1998م: 62) ویستند إلى الآیة الکریمة 94 من سورة الأنعام: Cلَقَد جِئتُمُونا فُرادَى کَما خَلَقناکُم أولَ َمرّةٍ وتَرکتُم مَا خَوّلناکُم وَراء ظُهُورِکُمB ویستنتج بأن «النفس المجردة من العلم، لایمکن الإتیان بها إلى العالم.» (نفس المصدر، 1359ق: 84) _یا من أتیت إلى هنا إیاک أن تذهبی کما أتیت دون غذاء وماء وکساء (نفس المصدر، 1387ش: 232) ومن هنا یصنف ناصر خسرو «النفوس إلى صنفین الجاهلة والعالمة ویرى أن النفس الجزئیة تأمل فی الوصول إلى العقل الکلی بسبب وجود النفس الکلیة.» (نفس المصدر، 1359ق: 126) «وفی حال خروجها من عالم الجهل، لاتدخل عالم الآخرة وتحترق فی النار الأثیریة وتستمر فی العذاب الأبدی.» (نفس المصدر، 1998م: 63) و«تعود النفس العالمة إلى أصلها» (نفس المصدر،123) و«النفس الجزئیة تأمل نعیما من الجنة أعدّت لها فی ذلک العالم.» (نفس المصدر: 197) و«النفس العالمة تدخل عالما لطیفا بعد مفارقتها الجسد وتغرق فی لذّة العز والشرف الروحانی.» (نفس المصدر: 107) ویستند إلى الآیة الثانیة من سورة الحشر: Cفاعتبروا یا أولى الأبصارB ویقول إن النفس العالمة إذا ما اقترنت مع العقل، بحکم القیاس یتبیّن أن مثل هذه النفس تکون أکثر وزنا من النفس المجردة من العلم وخفة هذه النفس ظاهرة للعیان ویمکن القول إنه وفقا للآیة Cفأمّا مَن ثَقُلَت مَوازینُه فَهُو فی عِیشَةٍ راضیةٍ وأمّا مَن خَفّت مَوازینُه فأمُّه هاوِیةB (القارعة: 6-7) «فإن النفس المتحلیة بالعقل تکون مطمئنة وهادئة والنفس المجردة من العقل، فهی محرومة من الاستقرار والثبات.» (ناصر خسرو، 1359ق: 83) یشیر ناصر خسرو إلى فرقة تعتقد بأن تأویل الآیات المتشابهة لایعلمها إلا الله تعالى. وأصحاب هذه الفرقة یعتقدون بالتناسخ ویستندون فی ادعائهم هذا إلى آیة یعد الله فیها بإحیاء الموتى بالأجساد وإبقاء الأجساد فی النعیم وهو ثواب الجنة أو فی نار جهنم. (ناصر خسرو، 1358ق: 421-420) ویعتقد هؤلاء أن الثواب والعقاب تتحققان للنفس فی هذه الدنیا، والشخص السیء یصبح فقیرا ومریضا ویعود إلى العالم والشخص الصالح یصبح غنیا ویتمتّع بالصحة ویدخل الجنة. یبدو أن «بعض الإسماعیلیین فی الشام الذین کانوا یجالسون الغلاة والنصیریة، کانوا یعتقدون بالتناسخ أیضا.» (ناصر خسرو، 1384ق: 175) ومن بین الإسماعیلیین فإن أبا یعقوب السجستانی کما یقول ناصر خسرو «عندما ارتفعت عنده حالة السوداء (المالیخولیائی) تحدّث عن التناسخ وقد دعا فی کتبه مثل سوس البقاء وکشف المحجوب والرسالة الباهرة، إلى هذه الفکرة ولکن الحاکم الخلیفة الفاطمی رافض رأیه قائلا إنه مصاب بالسوداء.» (ناصر خسرو، 1358ق: 421-422) وصف ناصر خسرو هذه العقیدة بالخاطئة وقد لجأ إلى دلائل متعددة لرفضها جملة وتفصیلا ویقول: «لیس جمیع الأثریاء یتمتّعون بالصحة الجسدیة والنفسیة ولیس جمیع الزهاد والفقراء مرضى.» (نفس المصدر: 428) کما یعتقد أن الجسد والنفس یرتکبان الأعمال السیئة والصالحة بالتعاون معا، لهذا ترى أحدهما یجزى والآخر یهمل. (نفس المصدر: 424) ویشیر إلى خواجة الشهید بو الحسن بخشی صاحب کتاب المحصول الذی کان تناسخیا. ولکن ابنه دهقان الذی امتلک جزیرة خرلان بعد أبی یعقوب لم یکن معتقدا بالتناسخ وقد طعن فی رأی أبی یعقوب فی التناسخ. (ناصر خسرو، 1359ق: 112-111) یبدو أن ناصر خسرو لم یطلع على کتاب کشف المحجوب للسجستانی لأن الأخیر یقول فی کتابه «بعد مفارقة النفس للجسد اعتقد بعض السفهاء بأن الأرواح تتقمّص فی الأشخاص، فیتحول نوع إلى نوع آخر وهم تلک الفرقة القائلة بالتناسخ وتعتقد بأن روح الإنسان تتقمّص فی روح الکلب والحمار، وروح الکلب والحمار تنتقل إلى جسم الإنسان وما یقولونه حول الهذیان أسوأ من أی شیء آخر لأنه افتراء عظیم.» (السجستانی، 1367ش: 60) ویقول عند إشارته إلى رأی أفلاطون حول التناسخ: إنه طرح فکرة التناسخ لکی یبتعد الناس عن ارتکاب المعاصی وتخف فیهم الرغبة فی اللذات الجسمانیة التی تستوجب العقاب والعذاب. (ناصر خسرو، 1385ق: 423) وینقل من الفرفورس الذی یتحدث عن اعتقاد الیونانیین بالتناسخ فی کتاب طبیعة الإنسان وهو أن للنفس أنواعا متعددة تنتقل إلى جسد الإنسان، ونفس الحیوان تنتقل إلى جسد الحیوان أی أن الروح تنفخ فی جسم یستحق تلک الروح ویقول أفلاطون إن روح الأشرار تتحول إلى عفاریت والعفریت هو النفس السیئة التی تفارق الجسد. (ناصرخسرو، 1359ق: 117-116) النتیجة یعتقد ناصر خسرو أن النفس الکلیة منبثقة من العقل الکلی وتتمتع بقوة لامتناهیة وهی صانعة العالم وأداة الهیولى والصورة، وقد وضعت من جوهر النفس الکلیة فی النباتات والحیوانات وهذا الأمر أدى إلى تحقق الوجود فیهما، ویتم بقاء الإنسان من خلال القوى النفسیة النباتیة والحسیة والناطقة وفی حال غلبة النفس الناطقة على سائر القوى یقوم الإنسان بالبحث عن العلم والحکمة ویصبح ملکا بالقوة الکامنة والنفس الممیزة تمیز بین الخیر والشر ویکون بإمکانها تأویل المتشابهات والنفس العاقلة تقبل التوحید. وإذا کانت النفس الناطقة من خصائص الإنسان وما یمیّزها عن سائر الموجودات، فإن النفس القدسیة تمیّز صاحبها أی النبی عن سائر البشر وهی تمتاز بقدرة الاحتفاظ بالآخرین. [1] یقول سنائی فی هذا الشأن أیضا: از درونت نگاشت صنع اله نه ز زرد و سپید و سرخ و سیاه وز برونت نگاشته افلاک از چه از باد و آب و آتش و خاک
[2] یعتقد بأن للنفس أربع قوى: النامیة، الحسیة، الناطقة والعاقلة وإن کان یشیر أیضا إلى النفوس الأخرى الحسیة، النباتیة والنطقیة (ناصر خسرو، 1385: 252) والمراتب الثلاثة الطاعمة والنامیة والناطقة. (ناصر خسرو، 1998م: 10) ویشترک الحیوان فی القوة الشهوانیة للنبات وهو النمو ویشترک الإنسان فی القوة الشهوانیة والغضبیة مع الحیوان . [3] یقول مولانا جلال الدین البلخی بهذا الخصوص: مت من مرحلة الجماد وأصبحت فی مرتبة النفس النامیة ومت من هذه المرحلة وتحولت إلى مرتبة الحیوان وبعد هذه المرتبة أصبحت إنسانا فلا داعی للخوف من الموت. | ||
مراجع | ||
القرآن الکریم. ابن سینا. (1333ش). علم النفس. به اهتمام علی أکبر سیاسی. مطبعة الجامعة. باخرزی، أبو المفاخر یحیى. (1354ش). أوراد الأحباب وفصوص الآداب. تحقیق إیراج أفشار. طهران. خواجه نصیر الدین الطوسی، أبو جعفر محمد بن حسن. (1356ش). أخلاق ناصری. تصحیح مجتبى مینوی وعلی رضا حیدری. طهران: انتشارات خوارزمی. الرازی، أبو حاتم. (1379ش). الإصلاح. منوچهر ومهدی محقق. طهران: مؤسسة مک کیل. الرازی، محمد بن زکریا. (1378ش). الدراسة التحلیلیة لکتاب الطب الروحانی. به اهتمام مهدی محقق. طهران: وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامی. زرین کوب، عبدالحسین. (1368ش). سرنی. ط3. طهران: انتشارات علمی. السجستانی، أبو یعقوب. (1367ش). کشف المحجوب. هانری کربن، طهران: انتشارات طهوری. سنائی، أبو المجد بن آدم. (1374ش). حدیقة الحدیقة وشریعة الطریقة. تصحیح مدرس رضوی. ط 4. طهران: انتشارات جامعة. سهروردی، شهاب الدین یحیى (شبخ الإشراق). (1372ش). مجموعة المصنفات. ج3 (بستان القلوب)، تصحیح ومقدمة سید حسن نصر. ط 10. طهران: مؤسسة الأبحاث. عطار نیشابوری، فرید الدین. (1371ش). دیوان الأشعار. تصحیح تقی تفضلی. ط6. طهران: انتشارات علمی وفرهنگی. عطار نیشابوری، فرید الدین. (1374ش). منطق الطیر. تصحیح سید صادق گوهرین. طهران: انتشارات علمی وفرهنگی. الکاشانی، عزالدین محمود. (1388ش). مصباح الهدایة ومفتاح الکفایة. تصحیح جلال الدین همائی. ط10. طهران: مؤسسة الطبع والنشر. کرمانی قاضی، حمید الدین. (1960م). الریاض. تحقیق عارف تامر. بیروت: دار الثقافة. مولانا جلال الدین محمد البلخی. (1365ش). مثنوی معنوی، الدفتر الثالث والرابع، به اهتمام رینولد الین نیکلسون. ط4. طهران: انتشارات مولى. ناصرخسرو قبادیانی، حکیم أبو معین. (1363ق). جمع الحکمتین. به اهتمام الدکتور معین وهانری کربن. ط2. طهران: انتشارات طهوری. ــــــــــــــ. (1359ق). خوان الإخوان. مقدمة وتصحیح یحیى الخشاب. القاهرة: مطبعة المعهد العلمی الفرنسی للآثار الشرقیة. ـــــــــــــ. (1387ش). دیوان أشعار، تصحیح مجتبى مینوی ومهدی محقق. ط7. طهران: انتشارات دانشگاه طهران. ــــــــــــ. (1385ق). زاد المسافرین. تصحیح محمد بذل الرحمن. ط2. طهران: انتشارات أساطیر. ــــــــــــ. (1998ق). گشایش و رهایش. ترجمة محمد هونزائی، لندن. ــــــــــــ. (1384ق). وجه الدین. ط2. طهران: انتشارات أساطیر. نجم الرازی، نجم الدین أبو بکر عبدالله بن محمد بن شاه اوربن أنوشروان. (1387ش). ط13. طهران: انتشارت علمی فرهنگی. نراقی، ملا أحمد. (1378ش). معراج السعادة. طهران: انتشارات پیام آزادی.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,630 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 1,058 |