تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,800,519 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,318 |
شبهة حجم نهج البلاغة والإسهاب فی کلام الإمام علی (ع) والرد علیها | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 3، دوره 6، شماره 21، شهریور 1437، صفحه 92-63 اصل مقاله (292.7 K) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسنده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
علی حاجی خانی* | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أستاذ مساعد فی اللغة العربیة وآدابها بجامعة تربیت مدرس، طهران، إیران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
لایشک أحد أن نهج البلاغة من أعظم الکتب الدینیة بعد القرآن الکریم، ولیست الخطب والرسائل والمواعظ والحکم المتوافرة فیه إلّا نبراساً منهاجاً منیراً یستهدی به البشر ویأخذ منه النور ویهدی به إلی سبیل الرشاد، ذلک لأن ما ورد فیه، المضامین القرآنیة وخلاصة سنن النبی وقد أبان الإمام عن فصاحته وبلاغته بأجمل وأروع ما یمکن أن یقوله البشر. وبمرور الزمن قام الحاقدون والمشککون بطرح بعض الشکوک والشبهات فی مدی أصالته ودقة محتواه. من هذا المنطلق فإن من أهم الشبهات اللفظیة أو الشکلیة الواردة علی نهج البلاغة، هی شبهة حجم نهج البلاغة والإسهاب فی کلام الإمام، کما قال بعض المشککین فی نهج البلاغة إنّ فیه إطناب وتطویل کالقاصعة والأشباح وعهد مالک الأشتر؛ بید أن هذا لم یکن مألوفاً من قبل ولم یعهد إلیه. ففی هذا المقال یتناول الباحث هذه الشبهة ویسعی إلی الرد علیها وفقاً للمنهج الوصفی التحلیلی، مشیرا إلی کثیر من الخطب الطویلة التی سبقت عهد الإمام وأنه هو الذی کان یحدد مدی الإطناب أو الإیجاز فی الخطب وفقاً للمرسِل أو المخاطَب أو الأمکنة التی تُلقی فیها؛ کما أن الطول والقصر لیس معیاراً مناسباً لتحدید مصداقیة الخطب، بل الأثر الذی یترکه علی المتلقی هو ما ینبنی علیه إلقاء الخطب، وفیما یخص عهد مالک والإطناب فیه، توصل الباحث إلی أن شخصیة مالک والمتلقی الخاص ما کان یقتضی الإطناب فی العهد، بل المتلقی العام لهذا العهد والظروف الحاکمة علی فحوی النص، هو السبب الرئیسی فی الإطناب والإسهاب فیه. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نهج البلاغة؛ الشبهة؛ الحجم؛ الإسهاب؛ الإمام علی (ع) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إن نهج البلاغة سفر متمیز لا کسائر الأسفار، لأنه انطباعات إمام کبیر من أئمة الإسلام، شهد أحداثه الکبری، فکان نهجه بحق مذکرات ذاتیة، وانطباعات إبداعیة لهذا الإمام الکبیر الذی أسهم فی هذا الصراع المریر بین الخیر والشرّ، ومن خلال هذا التعبیر الإنسانی من الجاهلیة الجهلاء إلی العقیدة السمحة الغراء، وهکذا سما أتباع الدین الجدید سمواً إنسانیاً، فکانت رسالتهم إلی العالم کله والناس أجمعین. (باشا، 1993م: 122-123) فإن هذا الکتاب ملیء بالمعلومات النافعة والمجدیة عن المبدأ والمعاد وما بینهما وهو کتاب شامل لأصول الدین وفروعه، وفیه ما یکفی المهتدی والسائر فی سبیل الرشاد وما یتعظ به المتلقی من نصائح وخطابات تعلیمیة ومواعظ حسنة تفید له بالخیر والبرکات ویساعده فی إسعاد نفسه أو إهلاکه، لما یسیر به فی عوالم مختلفة من دار البوار إلی دار القرار وعالم القبر والبرزخ ومجالات متنوعة أخری وذلک من خلال خطبه ورسائله وکلماته القصار، «فإذا کان أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب، هو ذلک التجسید الحی، والنموذج الألفذّ للإنسان الکامل فی إنسانیته، الذی أراد الله له أن یکون منار السالکین، ومدرسة الأجیال، وقدوة الأمم، فإن نهج البلاغة هو الکتاب الغنی عن التعریف والتوصیف، بعد أن کان دون کلام الخالق، وفوق کلام المخلوق ولقد کان وسیبقی علی مرّ العصور نوراً تشرق به دروب العارفین وبصیرة وهدی للمستبصرین.» (المشکینی، 1984م: 5) قد اختار الشریف الرضی نهج البلاغة من کتب ومصنفات ومصادر شتی تتوزع علی الأدب والتاریخ والحدیث وکتب الأخلاق والعرفان وهی مصادر مشهورة ومعتمدة عند أهل العلم وأرباب المعرفة والتحقیق وأکثرها قبل أن یولد الشریف الرضی بمئات السنین، وقد حفظها. (الشامی، 2008م: 20) وکتاب النهج جدیر بأن یکون من أجلّ المصادر وأعلاها وأوثقها، ولا یحتاج بعد إلی مصدر أو مرجع یوثّقه، شأنه فی ذلک شأن سائر ما یرویه المحدثون الثقات، فیؤخذ بمرویاتهم من دون تشکیک، ولا مطالبة بمصدر، علی أنه جاء جلّه مرویاً بالأسانید فی مصادر أخر سابقة أو معاصرة لجامع النص. (الشریفی، 2005م: 150) ولنهج البلاغة فی عالم العلم والأدب موقع مرموق وهو سبب شدة اعتناء الأدباء والمستشرقین بهذا الأثر النفیس الذی جمع فأوعی من ضروب البلاغة وأسالیب الفصاحة ومحاسن الکلام المصاغ أحسن صیاغة، وکیف لا یکون هذا الکتاب خاصا لأشتات المحاسن، وقد اختاره السید الشریف الرضی وهو المعروف بحسن الاختیار والابتکار من کلام أمیرالمؤمنین أحکم الحکماء وأبلغ البلغاء، أما کون نهج البلاغة مطابقاً لاسمه فقد أصبح غنیاً عن الاستدلال، لأنه قد أقرّ المخالف والمؤالف بأنه أبلغ کلام بعد القرآن الکریم والحدیث الشریف، أما مناهجه وأسالیبه فهی من أعجب ما نسخ علیها کاتب فمن وصف الله وتمجیده إلی وصف أهل البیت علیهم السلام إلی وصف حالة مع مناظریه إلی ذکر الزهد والورع إلی، وقلما نجد شاعراً له نظرة فی الحیاة أو قول فی الحکمة أو شغف فی لفظ رصین إلا وجدت شعره یتفیّأ ظلال نهج البلاغة، لما له من الحکم التی تأخذ بجامع القلب، فهو عظیم المناقب، جمّ الفضائل، ومن أبرز ما یتمیّز به النهج هو وضوح الأسلوب وحسن المقصد وجزالة الکلمات والمعنی المحدد الذی لا یحتمل معنی آخر. (الطعمة، 1977م: 721) إذن یعتبر النهج من أعظم الکتب الإسلامیة شأناً وأجلّها منزلة، حیث اهتم به باحثو الأدب العربی ورجال الدین فی مختلف العصور. 2- خلفیة البحث هناک دراسات کثیرة سبقت هذا المقال، منها الکتب والمقالات والرسائل والأطاریح الجامعیة. فمن أهم الکتب التی تناولت نهج البلاغة وناقشه "بلاغة الإمام علی" لأحمد محمد الحوفی، حیث تناول الباحث بیئة الإمام الخطابیة والکتابیة وروافد البلاغة، ثم توثیق النهج من حیث الیقین بصحته والرفض له والشک فی بعضه والدعاوی والمناقشة، ثم بلاغة نهج وخصائصه النحویة من العاطفة والخیال والأفکار والتعبیر. و"أصالة نهج البلاغة من منظور الدراسة الموضوعیة الأسلوبیة"لعلی حاجی خانی حیث تناول المؤلف الأسلوب ومدارس الأسلوبیة واتجاهاتها، ثم تطرق إلی الشریف الرضی وأسلوبه فی نهج البلاغة ومن سبقوه فی ثم قضیة الانتحال فی نهج البلاغة والردّ علیها دراسة موضوعیة أسلوبیة والردود علی بدایات التشکیک فی نهج البلاغة والتشکیک فی نسبة أجزاء من نهج البلاغة إلی الإمام علی (ع) عند المتأخرین والردود علیهم ثم الشبهات الشکلیة والمعنویة والردود علیها دراسة موضوعیة أسلوبیة واستنتج أن دوافع الشریف الرضی فی جمع نهج البلاغة هی من العوامل المهمة التی تجعل کل باحث یقتنع بعدم إمکانیة الانتحال فی نهج البلاغة وعن موضوع السجع وتنمیق الکلام فی النهج، حاول الباحث أن یثبت أن السجع من المحسنات التی کثر ورودها فی النصوص التی سبقت ظهور الإسلام ووردت فی الأحادیث النبویة وخطب الخلفاء الراشدین قبل الإمام علی، کما أن دقة الوصف وغرابة التصویر تعدّ مما یمیز کلام الإمام من الناحیة الأسلوبیة. ومن أهم المقالات: "أسالیب ابن أبی الحدید فی إثبات أصالة نهج البلاغة" للباحث مجید معارف، حیث استعرض الباحث شرح ابن أبی الحدید لنهج البلاغة وجهوده فی التعبیر عن میزات کلام علی (ع) علی کلام سائر الخطباء بأسلوب التناول الإیجابی لأصل نهج البلاغة والذی یشمل ذکر المحاسن الأدبیة والمعنویة والتعرف علی المصادر والمجالات وسسب إصدار الخطب والرسائل واستدراک الکلام فی شرحه والنفوذ والتأثر من کلمات علی (ع)، والمقارنة الفنیة بین خطب نهج البلاغة وکلام الخطباء المشهورین. ومقالة "فی الدفاع عن نهج البلاغة والردّ علی شبهات الدکتور شوقی ضیف"، للباحث تورج زینی وند وهی المنشورة فی مجلة العلوم الإنسانیة، ع 17، 1431ق، حیث حاول الباحث أن یدخل فی صمیم آراء ضیف لیرسم تصویراً واضحاً من حقیقة نهج البلاغة وآرائه وأن الطریق الذی سلکه فی ضوء المنهج الدیکارتی المعروف، یمتاز بالشک والتناقض والحیرة والتشاؤم وسوء الظنّ والخصومة والعصبیة بلاحجج معتمدة. واستنتج الباحث أن شبهات ضیف صدرت منه بدافع العصبیة العمیاء والجهل المتراکم فی تعریف نهج البلاغة ومقالة "دعوات وشبهات أثارها البعض حول نهج البلاغة"، لعبدالرسول الغفاری، وهی المنشورة فی مجلة تراثنا، ع 3-4، 1428ق، حیث تناول الباحث الموضوعات المهمة فی النهج وهی النبوة والأنبیاء والشرائع السابقة ثم نبوة خاتم الرسول محمد مع بیان ما فی القرآن الکریم من الأوامر والإرشادات والنظم التی رسمها الله سبحانه للبشر وعن دواعی کتابته للمقال، هو ردّ تلک الشبهات التی جاءت مکررة علی ألسنة عدة من الکتاب، ثم کشف اللثام عن الحقائق التی انطوت علیها الخطبة الشقشقیة والأدوار السیاسیة التی مرّ بها المسلمون بعد رحیل النبی الأعظم. ومقالة "نهج البلاغة: جمعه، مصادره، مناقشة التشکیک فی نسبته إلی إمام علی"، لعبدالهادی الشریفی، وهی المطبوعة فی فصلیة المنهاج، ع 36، 2005م، حیث قام الباحث بطریقة الرضی فی الجمع، وهو جمع ما تفرّق من کلام الإمام من مصادره الموثوقة ودوّنه فی أوراق متفرقة لیستدرک ما یشذّ عنه مستقبلاً، ثم عمد إلی اختیار محاسن کلامه، وأن جمیع ما ضمّه النهج أخذ الرضی من المصادر التی سبقته زماناً، أو التی عاصرته، ولمّا کانت مهمة الرضی محصورة بالجمع مع التمحیص والتحقیق والانتفاء لضبط مادة النهج، لإبراز بلاغة الإمام وفصاحته، فإنه لم یراعِ فی ما اختاره التنسیق والتتالی، أمّا قضیة کثرة الخطب، فإنها کانت قیاساً إلی کثرة الدواعی والأغراض، وتراکم الأحداث والظروف السیاسیة والعسکریة والاجتماعیة والأخلاقیة قلیلة، لأن جمیع هذه الأمور تحتاج إلی کلام کثیر هو أضعاف ما ورد فی النهج من الخطب. إن الدراسات السابقة التی حاولت الردّ على الشبهات المطروحة عالجت الموضوع فی الغالب من وجهة معیّنة مُغفلةً بذلک بقیة الجوانب.منها الأدلة العقلیة والتاریخیة والمناهج الأسلوبیة والاسالیب المقارنة، فحاولت هذه الدراسة أن تکون متعددة الاتجاهات مع الترکیز على الأسلوبیة أساساً للعمل. فقد ظهر أن المصادر المذکورة لم تختص بمآخذ علی نهج البلاغة حول حجمه والإسهاب فی کلام الإمام علی والشبهات اللفظیة الواردة حولها ولم تتوسع فیها، وهذا المقال فرید من نوعه وأولی خطوة فی هذا المجال. 3- مآخذ علی نهج البلاغة والشبهات الموجهة إلیه مما لا شکّ فیه أن للشریف الرضی الفضل کلّ الفضل فی البدء بجمع کلام الإمام وصونه من الضیاع والفقد، وذلک نظراً لأهمیته واتصاله الفعال بالأحداث الکبری فی حیاة العرب والمسلمین، ولاسیما هذه الأحداث التی شلت الکلمة وفرّقت الإخوة، وکان لکلام الإمام الأثر الکبیر فی جمع القلوب وتوحید المشاعر، وقد تجلی ذلک کله فی هذه الومضات الإنسانیة، والإضاءات البیانیة، والإبداعات الفکریة، وذلک بالاعتماد علی ما فی القرآن من شرائع وأحکام وما فیه من عظات وآیات، فلقد انعکس ذلک کله فی أقواله وأعماله. (باشا، 1993م: 108) أما عند الرجوع إلى الکتب التاریخیة فیظهر أن مبدأ التشکیک فی نهج البلاغة یعود إلى القرن السابع الهجری، وأول من بذر بذرة التشکیک فی نهج البلاغة ومدى صحة نسبته إلى الإمام علی (ع) هو ابن خلکان المتوفی سنة (681ق) حین یقول فی کتابه المعروف بوفیات الأعیان عند ترجمته للشریف المرتضى: «قد اختلف الناس فی کتاب نهج البلاغة المجموع من کلام علی بن أبی طالب رضی الله عنه، هل هو جمعه أم جمع أخیه الرضی؟ وقد قیل: إنه لیس من کلام علی [ع]. وإنما الذی جمعه ونسبه إلیه هو الذی وضعه والله أعلم.» (ابن خلکان، لاتا، ج3: 313) وقد ورد هذا الکلام عند صلاح الدین الصفدی المتوفى سنة 764ق فی الوافی بالوفیات (الصفدی، لاتا، ج1: 7) وعفی الدین الیافعی المتوفى سنة 768ق فی مرآة الجنان (الیافعی، لاتا، ج3: 55) وابن عماد الحنبلی المتوفى سنة 1089ق فی شذرات الذهب فی أخبارمن ذهب. (الحنبلی، لاتا، ج3: 257) واتهم شمس الدین الذهبی المتوفى سنة 748ق فی میزان الاعتدال الشریف المرتضى بوضع نهج البلاغة، قائلاً: «وهو (الشریف المرتضى) المتهم بوضع کتاب نهجالبلاغة وله مشارکة قویة فی العلوم، ومن طالع کتابه نهج البلاغة جزم بأنّه مکذوب على أمیرالمؤمنین علی رضی الله عنه.» (الذهبی، لاتا، ج3: 124) ویکرر ابن حجر العسقلانی المتوفى سنة852ق فی لسان المیزان ما قاله الذهبی. (العسقلانی، لاتا، ج4: 256) ثم جاء المعاصرون فاقتفوا آثار من سبقهم حیث شکّکوا فی نسبة نهج البلاغة إلی الإمام علی (الغفاری، 1428ق: 30-31) ومنهم الذین تأثروا برأی ابن خلکان وتابعوه هو جرجی زیدان حیث قال إن الإمام علیاً(ع) قدجُمعت خطبه فی کتاب نهج البلاغة، جمعها الشریف المرتضى المتوفى سنة436ق. (زیدان، 1914م: 333) کما أنّ شوقی ضیف یکرّر ما قاله ابن خلکان حین یتحدث عن الخطب فی صدر الإسلام قائلاً: وقد أثرت عنه (عن الإمام علی) خطب کثیرة، ولا نقصد الخطب التی یحتویها بین دفتیه کتاب (نهج البلاغة) فأکثره مصنوع ومحمول علیه، وقد أشار إلى ذلک کثیر من العلماء (ضیف: 61)؛ ویعترف فی مکان آخر بعدأن یذکر آراء المتقدمین بأن الکتاب من عمل الشریف الرضی وصنعه، ومع ذلک یرى بأن الشریف الرضی لم یؤلفه جمیعاً حین یقول: «فقد أضاف قبله کثیرٌ من أرباب الهوى وفصحاء الشیعة خطباً وأقوالاً إلى علی بن أبی طالب[ع].» (المصدر نفسه: 620) کذلک یکتفی أحمد أمین فی کتابه "فجر الإسلام" حینما یتحدث عن نهج البلاغة ونسبته إلى الإمام علی (ع) بذکر آراء الناقدین القدماء ویکرّر تشکیکهم فی مجموع ما حوى هذا الکتاب دون أن یأتی بحجة مقنعةٍ (الأمین، 1969م: 148-149)، وکذلک خیر الدین الزرکلی فی کتابه (الأعلام) عند ذکره ترجمة الشریف المرتضى یکرّر آراء بعض القدماء ویذکر نفس العبارات التی جاء بها شمس الدین الذهبی دون أن یأتی بشیء جدید أو استدلال وافٍ. (الزرکلی، 1989م: 278) لا یعدّ کارل بروکلمان فی کتابه (تاریخ الأدب العربی) عند ذکره تآلیف الشریف الرضی نهج البلاغة من آثاره، بل یؤکد بأن الصحیح هو أن جامعه هو أخوه الشریف المرتضى (بروکلمان: 64) دون إیراد دلیل تاریخی أو علمیّ. 3-1- أنواع الشبهات بالمداقّة فی نوعیة الشبهات، فیمکننا أن نقسمها إلى أربعة أقسام، وهی : الف- الشبهات التوثیقیة (الإسنادیة) یمکن إجمال أهم الشبهات التوثیقیة، فیما یلی: عدم الإتیان بالمصادر والأسانید، إن الشریف الرضی لم یذکر فی صدر کتابه المصادر التی رجع إلیها، أو الشیوخ الذین نقل عنهم. (إبراهیم السید، 1986م: 28) وخلّو الکتب الأدبیة والتاریخیة التی ظهرت قبل الشریف الرضی من کثیر مما فی نهج البلاغة، حیث أن الکتب الأدبیة والتاریخیة التی ظهرت قبل الشریف الرضی تخلو من کثیر مما فی نهج البلاغة (زکی صفوت، 1932م: 122)، والمشترکات فی نهج البلاغة، وهو أن بعض ما روی عن علی[ع] فی نهج البلاغة روی عن غیره فی غیره، کقوله: کان لی فیما مضى أخ عظّمه فی عینی صِغَرُ الدنیا فی عینه. وهذا مروی عن ابن المقفع، وکقوله: الدنیا دار مجاز... یروى لسحبان وائل (الحسینی الخطیب، 1405ق: 114)، والإضافات فی نهج البلاغة، وهی أن الشریف الرضی رحمه اللَّه بعد فراغه من جمع نهج البلاغة ترک أوراقا من البیاض فی آخر کلّ باب من أبوابه الثلاثة لاقتناص الشارد، واستلحاق الوارد، فهل بقی نهج البلاغة على وضعه أم تعرض للزیادات والإضافات کما زعم بعض المشککین؟ (المصدر نفسه: 186) ب- الشبهات المذهبیة یمکن إجمال أهم الشبهات المذهبیة فیما یلی: التعریض بالصحابة وهو أنّ فی الکتاب من التعریض بصحابة رسول الله (ص) ما لایُسلَّم أن یصحّ صدوره عن مثل الإمام علی[ع]. (إبراهیم السید، 1986م: 20) ومظاهر التشیع المذهبی والتعصب الشیعی، وهو أن ما فی الکتاب من خطب کثیرة ورسائل متعددة قد اختلقه الشریف الرضی لأغراض مذهبیة شیعیة (بلبع، 1945م: 92) وأن التشیع رُبّما قد زیّن له قبول هذا النتاج الوفیر، وتدوینه دون تمحیص، وقد سرّه أن ینسب لجده الإمام[ع] هذا المیراث الضخم من عیون الآثار والحکمة، مع أنه لو نظر لتردد، وللکشف أن بعضاً مما أضیف إلى أمیرالمؤمنین[ع] لایشرّفه أن ینسب إلیه، ولا یزید فی قدره أن یکون من قوله. (إبراهیم السید، 1986م: 28) وذکر الوصی والوصایة وهو ما فی نهج البلاغة من ذکر الوصی والوصایة. (الحسینی الخطیب، 1405ق: 112) ج- الشبهات الشکلیة (اللفظیة) یمکن إجمال أهم الشبهات الشکلیة (اللفظیة) فیما یلی: السجع وتنمیق الکلام، وما فیه من السجع والتنمیق اللفظی، وآثار الصنعة لم یعهده عصر الإمام[ع] ولا عرفه، وإنما ذلک طرأ على العربیة بعد العصر الجاهلی وصدر الإسلام وافتتن به أدباء العصر العباسی، والشریف الرضی جاء من بعد ذلک على ما ألفوه فصنف الکتاب على نهجهم وطریقتهم. (المصدر نفسه: 112) ودقة الوصف وغرابة التصویر، حیث أن فی نهج البلاغة من دقة الوصف وغرابة التصویر مالم یکن معروفاً فی آثار الصدر الأول الإسلامی کما تراه فی وصف الخفاش والطاووس، والنملة والجرادة، وکل ذلک لم یلتفت إلیه علماء الصدر الأول، ولا أدباؤه ولا شعراؤه وإنما عرفه العرب بعد تعریب کتب الیونان والفرس الأدبیة (المصدر نفسه) والألفاظ الاصطلاحیة الحِکْمیة والمنطقیة، وهو أن فی نهج البلاغة بعض الألفاظ الاصطلاحیة التی عُرفت فی علوم الحکمة من بعد کالأین والکیف ونحوهما ورود بعض الألفاظ التی دُسّت فیما نقله عن المتکلمین وأصحاب المقولات، من نحو قولهم: (المحسوسات) و(الکل والبعض) وقولهم: الصفات الذاتیة والجسمانیات (المصدر نفسه). وحجم نهج البلاغة والتطویل فی کلام الإمام (ع)، حیث قال بعض المشککین فی نهجالبلاغة إن هذا الکلام الوارد فیه کثیر لم تکن حیاة الإمام(ع) تتسع لأن یقوله ولم تکن ظروفه السیاسیة والدینیة تُمکّنه من النطق بهذا القول، ولم یبلغ کلام الخلفاء الثلاثة الذین سبقوه مجتمعاً نصفَ کلام الإمام(ع). (الحوفی، 1977م: 42) وتکرار المقاطع الطویلة والقصیرة، حیث أنّ فی خطب نهجالبلاغة مقاطع طویلة وقصیرة تُروى على وجهین مختلفین یتفقان فی المعنى، ولکن یختلفان فی اللفظ. (إبراهیم السید، 1986م: 27) واستعمال الطریقة العددیة والتقاسیم المتوازیة، وهو أن فیه استعمال الطریقة العددیة فی شرح المسائل وفی تقسیمات الفضائل والرذائل. وهذا الاستعمال فی الشروح، وتقسیم الفضائل أو الرذائل على أسلوبها، لا نراه فی الآداب الجاهلیة، بل لا نکاد نعرفه فی الأدب الإسلامی إلا بعد ظهور کتاب کلیلة ودمنة المعرّب. وإذا علمنا أنّ إدخال الأعداد فی الحکمة الأخلاقیة، وفی ترتیب المجرّدات والمعقولات، له الدور المهم فی المذاهب المتشعبّة عن الطریقة الفیثاغوریة أو الأفلاطونیة الحدیثة، وإذا علمنا أن العرب لم یعرفوا هذه الفلسفة إلا بترجمة کتب الیونان فی العصر العباسی الأول، وإذا علمنا أنّ الشریف الرضی کان من الحکماء الأجّلاء، والعلماء المعروفین، وأنه عاش فی العصر العباسی الثالث، ساغ لنا هذا الشک. (الجلالی الحسینی، 2001م: 54) د- الشبهات المعنویة (فی المضمون) یمکن إجمال أهم الشبهات المعنویة فیما یلی: ادعاء المعرفة بالمغیّبات والإخبار بالغیب، حیث أن فی عبارات الکتاب ما یشم منه ریح ادعاء صاحبه علم الغیب، وهذا أمر یجلّ عن مثله مقام علی[ع] ومن کان على شاکلة علی[ع] ممن حضر عهد الرسالة، ورأى نور النبوة. (عبده، لاتا: هـ) والأفکار السامیة والحکم الدقیقة وظهور الروح الصوفی الفلسفی، وهو ما ورد فی نهج البلاغة من الأفکار السامیة والحکم الدقیقة ما لایصح نسبتُهُ إلى عصر الإمام(ع) وظهور الروح الصوفی الفلسفی فی کثیر من خطبه مما لم یفش فی المسلمین إلا فی القرن الرابع الهجری، وکذلک أسلوب علم الکلام بما وضع له من مصطلحات بادیاً، مما لم یعرف عنه إلا فی العصرالعباسی، حیث تقدمت هذه العلوم فوُضعت أصولها وفُرّعت فروعها، وهذا یظهر فی بعض خطبه ظهوراً بارزاً کما فی خطبة بدء الخلق. (إبراهیم السید، 1986م: 24) ومافیه من الحث علی الزهد وذکر الموت، وهو ما فی نهجالبلاغة من الحث على الزهد، وذکر الموت، وقرض الدنیا على منهاج المسیح(ع). (الحسینی الخطیب، 1405ق: 113) مما لا شک فیه بأنّ تناول الشبهات المذکورة والإجابة عنها یحتاج کلّ منها إلی مقالة علی حدة ومستقلة. ففی هذا المجال یتناول الباحث شبهة حجم نهج البلاغة والإسهاب فی کلام الإمام علی ویهدف إلی الردّ علیها. 4- عرض شبهة حجم نهج البلاغة والإسهاب فی کلام الإمام علی قبل أن یتناول الباحث هذه الشبهة ویقوم بعرض تفاصیلها فی النهج، فتجدر الإشارة إلی مدلول الإسهاب والإطناب ومدی فاعلیتهما فی النص. من مزایا اللغة العربیة دقة التصرف فی التعبیر، واختلاف الأسالیب باختلاف المقاصد والأغراض، فمن العیب الفاضح عند ذوی المعرفة بها (الاطناب) إذا لم تکن هناک حاجة إلیه، "والإیجاز والاختصار" حیث تطلب الزیادة ، وقد تخفى دقائق تراکیبها على الخاصة بل العامة ، فقد أشکل أمرها على بعض ذوی الفطنة من نابتة القرن الثالث: إبان زهو اللغة ونضرة شبابها. (الهاشمی، 1379ش: 60) کما أن هناک فرق بین الإطناب والتطویل حیث یقول الرمانی عن الفرق بینهما «أن الإطناب بلاغة والتطویل عیّ، والإیجاز لا إخلال فیه بالمعنی المدلول علیه، ولیس کذلک التقصیر، لأنه لا بدّ فیه من الإخلال. فأما الإطناب فإنما یکون فی تفصیل المعنی وما یتعلق به فی المواضع التی یحسن فیها ذکر التفصیل، فلکل واحد من الإیجاز والإطناب موضعاً یکون به أعظم، فأما التطویل فعیب وعیّ، لأنه تکلف فیه الکثیر فیما یکفی منه القلیل، فکان کالسالک طریقاً بعیداً جهلاً منه بالطریق القریب، وأما الإطناب فلیس کذلک؛ لأنه کمن سلک طریقاً بعیداً لما فیه من النزهة الکثیرة والفوائد العظیمة، فیحمل فی الطریق إلی غرضه من الفائدة علی نحو ما یحصل له بالغرض المطلوب.» (الرمانی، لاتا: 80-79) قال بعض المشککین فی نهج البلاغة إن هذا الکلام الوارد فیه کثیر لم تکن حیاة الإمام(ع) تتسع لأن یقوله ولم تکن ظروفه السیاسیة والدینیة تُمکّنه من النطق بهذا القول، ولم یبلغ کلام الخلفاء الثلاثة الذین سبقوه مجتمعاً نصفَ کلام الإمام(ع) (الحوفی، 1977م: 42) وادعوا أیضاً أنّ هناک إطالة الکلام وإشباع القول فی بعض الخطب والکتب کما فی عهد الأشتر النخعی المسهب المطنب المشتمل على کثیر من الحیطة والحذر والتوکیدات والمواثیق، فضلا عن أنّ فیه من النظرات السیاسیة والقواعد العمرانیة ما لم یکن معروفا فی عصر الإمام[ع]. (الجلالی الحسینی، 2001م: 54) کما یزعم بعض المشکلین أنّ الکلام فی نهج البلاغة یطول إلى حدٍّ لم یؤلَف فی هذا الوقت، کما فی عهد مالک الأشتر النخعی وخطبتی القاصعة والأشباح. قد تحدّث زکی صفوت عن طول عهد الأشتر النخعی، لامن حیث ما ورد فیه من النظریات السیاسیة والقواعد العمرانیة، بل من حیث طوله قائلاً: «وإنما یخالجنا الشک فیه من حیث طوله وإسهابه لاعتبارات نوردها لک: أ- إن الخلفاء قبله عهدوا إلى ولاتهم فلم یؤثر عنهم ذلک الإسهاب فی عهودهم. ب- إن الإمام[ع] نفسه ولّى محمد بن أبی بکر الصدیق على مصر قبل الأشتر النخعی، وولّى قیس بن سعد بن عُبادة علیها قبل ابن أبی بکر، وولّى غیر هؤلاء على الأمصار فلم یعهد إلیهم بمثل هذا العهد، بل إنّ عهده لابن أبی بکر عشرة أسطر. ج- إن مالک بن الحارث الأشتر الذی کتب له ذلک العهد، کان عضد الإمام[ع] وساعده فی صفّین، وکان قائد المیمنة، وقد أُبلی فی الحرب بلاء حسنا، وکان یستحث من همّة الجیش، کلما آنس منهم مللا وسآمة. وفحوى ذلک أنه کان موضع ثقة تامة من الإمام[ع]، ومن کان کذلک، فلیس بحاجة إلى ذلک القدر من الإسهاب فی الحیطة والحذر وتأکید المواثیق، وکیف یسهب هذا الإسهاب فیکتب له عهداً فی مائتین وخمسة وسبعین سطراً.» (زکی صفوت، 1932م: 229-231) هذا ویقول صبری إبراهیم السید مؤیداً ما مضى آنفاً من الشک: «والمعروف عن علی[ع] التوسط، إن لم یکن الإیجاز، فقد ذکر صاحب النهج عهده إلى الأشتر فی خمس عشرة ورقة، وهذه کمیة لم تُعرف ولاشئ منها عن علی[ع] فی عهد من العهود، حتى إلى من لم یکونوا کالأشتر محل ثقته منه فی معرفتهم للأمور وخبرتهم بالأیام واعتقاده ذلک فیهم، وهذا محمد بن أبی بکر الذی یقول فیه للأشتر حین استقدمه لیولّیه مصر مکانه: (وکنت ولیّت محمد بن أبی بکر مصر، فخرجتْ علیه بها خوارج، وهو غلام حدث لیس بذی تجربة للحرب ولابمجرِّب للأشیاء[1] لم یزد فی عهده إلیه حین ولاه مع حاجته إلی المزید على عشرة سطور، کما رواه الطبری وعلى ورقة ونصفها، کما هو ثابت ببعض زیادات فی النهج ،فکیف یکون عهده إلى الأشتر الذی یعتقد فیه ما یعتقد، ومما لیس معه فی حاجة إلى إیصاء، بالغاً من الطول المَبلَغ الذی ذکرنا.» (إبراهیم السید، 1986م: 27) 4-1- الرد علی الشبهة قبل الرد علی هذه الشبهة تجدر الإشارة إلی أن العهد لیس نصا أدبیاً جانحاً فی الخیال أو نظرات مثالیة مجرّدة لا تمتّ بصلة إلی الواقع، إنما هو منهج وتعالیم وقواعد وأسس واقعیة جسدها أمیر المؤمنین (ع) فی تجربته السیاسیة والإداریة المعقدة فی إدارة الدولة وقیادة المجتمع المدنی فی القرن الأل للهجرة من تاریخ الإسلام. (الشامی، 2008م: 39-40) یظهر من الشبهة أن هناک نقطتین لا بد من الفصل بینهما: الأول: کثرة کلام الإمام (ع)، کما قال بعض المشککین فی نهج البلاغة إن هذا الکلام الوارد فیه کثیر لم تکن حیاة الإمام(ع) تتسع لأن یقوله، ولم تکن ظروفه السیاسیة والدینیة تُمکّنه من النطق بهذا القول، ولم یبلغ کلام الخلفاء الثلاثة الذین سبقوه مجتمعاً نصفَ کلام الإمام(ع). (الحوفی، 1977م: 42) الثانی: أن الکلام فی نهج البلاغة یطول إلى حد لم یؤلف فی زمن الإمام(ع)، وذلک کما فی عهده للأشتر النخعی لمّا ولّاه مصر، فقد بلغ مائتین وستین سطراً، وخطبة الأشباح التی بلغت مائة وعشرین سطراً، والخطبة المسماة بالقاصعة فقد بلغت مائتین واثنی عشر سطراً. (المصدر نفسه) ویضاف إلیهما تعذّر الحفظ والضبط فی أمثالها، خاصة وأن الشریف الرضی قد فرغ من جمعه بعد مقتل الإمام علی(ع) بزهاء أربعة قرون بالإضافة إلى تعذر وسائل الکتابة وإعواز القرطاس. (إبراهیم السید، 1986م: 28) لکن فی الردّ على النقطة الأولى، فسهل جداً لأن الإمام(ع) امتاز على سابقیه بمقدرة بیانیة لم توهب لهم، وبوراثة بلاغیة لم تکن لأحد منهم، وبثقافة أوسع من ثقافتهم، کما امتدّ به العمر، فعاصرهم جمیعاً وعاش بعدهم وکانت حیاته حافلة بأحداث لم تکن فی حیاة أحد منهم، وقد اقتضت هذه الأحداث أن یخطب کثیراً، ویحاور کثیراً ویکتب رسائل کثیرة، کما اقتضت حیاته وبخاصة قبل خلافته أن یکون أکثر الخلفاء الراشدین فتاوى، وأکثرهم وعظاً، وأغزَرهم علماً . ثم إنّه تصدى لصراع سیاسی ودموی فی فترة خلافته، وهی حوالی خمس سنین إلا ثلاثة أشهر ، بینه وبین طلحة والزبیر، بینه وبین الخوارج، بینه وبین معاویة، وبینه وبین کثیر من الأفراد والأسر کآل عثمان وآل طلحة وکأخیه عقیل وابن عمه عبد الله بن عباس، هذا کله یقتضی خطابة ویستدعی حواراً ویتطلب رسائل، ویوحی بتجارب وحکم. (الحوفی، 1977م: 41) إن نظرة عابرة إلى حیاة الإمام (ع) باعتباره خطیباً وکاتباً إلی جانب مسؤولیاته للمجتمع الإسلامی، تُثبت بأنّ ماحواه نهج البلاغة أقل مما صدر عن الإمام (ع). مما لاشک فیه أن لمحة عن تواریخ حیاة الإمام علی (ع) تکشف عن السبب فی هذا الحجم الهائل من کلامه والمؤهلات التی تجعله فی المستوى المطلوب، فإن کل حادثة مرّت بحیاته تقتضی قولاً فصلاً من رجل مثله کان فی قمّة المسؤولیة الملقاة على عاتقه. ففی سنة 23 قبل الهجرة ولد الإمام علی (ع) فی 13 رجب، وفی سنة 10 قبل الهجرة کان أول من اعتنق الإسلام وآمن بنبوّة رسول اللّه (ص)، وفی سنة 1ق- بات فی فراش النبی (ص) حفاظاً على حیاة الرسول (ص) لیلة الهجرة، وفی سنة 2ق - تزوّج بسیدة النساء فاطمة بنت رسول اللّه (ص)، وساهم فی وقعة بدر الکبرى، وفی سنة 3 ق- ساهم فی معرکة أحد، وفی سنة( 4-6) ق- ساهم فی معرکة الخندق وخیبر والحدیبیة، وفی سنة 8 ق- ساهم فی فتح مکة، وأوفده النبی (ص) إلى الیمن، وفی سنة 11 ق- کانت وفاة النبی (ص)، وواجه أحداث السقیفة، ولم یشارک فیها لأنّه کان مشتغلاً بتشیع النبی (ص) ودفنه، وفی نفس السنة توفیت السیدة فاطمة الزهراء علیها السّلام، وفی سنة( 13 -23) ق - کان یستشیرهُ عمر فی إدارة المسلمین، وعاش فی سنة 35ق - ثورة المصریین على عثمان وبعد مقتله بویع الإمام علی(ع) بالخلافة، وواجه فی سنة 36 ق- وقعة الجمل بالبصرة، وفی سنة 37 ق- وقعة صفّین، وفی سنة 38 ق - حادثة التحکیم ووقعة النهروان، وأخیرا فی سنة 40 ق - اغتیل الإمام(ع) فی مسجد الکوفة فی 19 رمضان وهو یؤدّى صلاة الفجر، وتوفی 21 رمضان ودفن فی النجف. قد حکم الإمام علیّ (ع)فی خلافته أربع سنین وتسعة أشهر، فإذا جمعنا خطبه (ع) فی کل جمعة وعیدی الأضحى والفطر، لبلغ (224) خطبة، هذا عدا ما باشرها الإمام (ع) من حروب الجمل وصفّین والخوارج، وما یستلزم ذلک من خطب حماسیة فی الاستنهاض والدفاع والحرب، فلا غرابة فی المأثور عن شخصیة قیادیة کعلی بن أبی طالب(ع) الذی قضى 63 عاما مرافقا قضایا الإسلام الکبرى ومساهما فیها مساهمة فعّالة فی ما تقتضیه المصلحة الإسلامیة العلیا، لما فیه من مؤهلات العلم والتجربة، فلا یُستنکر منه شیء من خطب ورسائل وحکم رویت فی نهج البلاغة. (الجلالی الحسینی، 2001م: 52-53) إضافة إلی، هذا ما یؤید کثرة کلام الإمام(ع) فی الخطب هو قول المسعودی المورخ الشهیر الذی یشیر إلى عدد الخطب المحفوظة حین یقول: والذی حفظ الناس من خطبه فی سائر مقاماته أربعمائة ونیف وثمانون خطبة. (المسعودی، لاتا: 459) فعلى هذا الأساس، إن مابین أیدینا من الخطب فی نهج البلا غة هو نصف ما ألقى الإمام (ع) ولو أضیفت علیها الرسائل والحکم لثَبُت أنّ ما حوى نهج البلاغة من کلام الإمام (ع)أقل مما صدر عنه (ع). أما النقطة الثانیة وهی أن الکلام فی نهج البلاغة یطول إلى حد لم یؤلف فی زمن الإمام(ع) فیمکن الردّ علیها بالإطناب والمساواة والإیجاز کلها تابعة لما تقتضیه الحال. 2-4- معالجة الأسلوب والأسلوبیة یمکن معالجة الأسلوب والأسلوبیة بالاتجاهات الثلاثة: 1- من زاویة المخاطِب أو المرسِل 2- من زاویة المخاطَب أو المرسَل إلیه 3- من زاویة النصّ من المؤکَّد أن بین هذه العناصر الثلاثة علاقة وثیقة لایمکن تفکیکها، کما لایمکن معالجتها على حدة دون آخر . أما النصّ سواءٌ أکان خطابة أم رسالة فله دور بارز فی الأسلوبیة، أما من حیث کمیته وحجمه وهو موضوع بحثنا هذا، فمن الممکن أن یکون مطنباً مسهباً، أو أن یکون متوسطاً أو أن یکون موجزاً مختصراً بعیداً عن الإطناب والإسهاب. ولکنّ الذی یمیّز أن یُطنِب فی موضع أو یتوسط فی موضع ثانٍ أو یوجِز فی موضع آخر، هو المخاطِب والمرسِل اللذین یصدر عنهما النصّ ولدیهما الحق هذا التمییز، لأنّهما هما اللذان یعرفان المخاطَب والمرسل إلیه ومقتضیاتهما وحاجاتهما ، والظروف التی یعیش المخاطَب والمرسل إلیه فیها، فیمکن أن یحتاج المخاطَب إلى شرح مسألة أو بیان أمر بسبب أهمیته فعندئذ یسهب المخاطِب فی هذا الموضع. فإذن على أساس قواعد الأسلوب والأسلوبیة لایمکن النظر إلى النص وإطنابه وإیجازه بغضّ النظر عن الضلعین الآخرین من هذا المثلث، ولا سیما ضلع خالق النص وهو المخاطِب؛ إذن یهدف الباحث إلی تجاوز النص ودراسة المخاطب أو المرسِل، ثم یتناول المخاطَب أو المرسَل إلیه.
المخاطَب والمرسَل إلیه النص (الخطبة والرسالة)
المخاطِب والمُرسِل 1-2-4- المخاطِب أو المُرسِل لابد لکل باحث أن ینظر إلى أسباب إطناب النص وإیجازه من الجوانب المختلفة والزوایا الشاملة، فإذن لو أوجَزَ خطیب خطبته، أو کاتب رسالته لأسباب مختلفة واتّخذا أسلوباً إیجازیاً ، فاتّخاذهما هذا الأسلوب لایمنعهما عن اتّخاذ أسلوب الإطناب والإسهاب فی موضع آخر. وفی الحقیقة هما اللذان یمیّزان الإیجاز فی قولهما تارةً والإطناب تارة أخرى. بمراجعة خطب الإمام (ع) ورسائله فی نهج البلاغة نجد التطویل والتوسط والإیجاز فیها تجری حسب المقامات والأحوال والأماکن وفیما یلی حاول الباحث أن یأتی بجداول الخطب والرسائل المطوّلة والمتوسطة والقصیرة[2] على حدة، مع جدول آخر یشیر إلى الأماکن التی ألقیت فیها هذه الخطب محلّلاً إحصائها للردّ على الشبهة المذکورة: جدول رقم (1) لإحصاء الخطب على أساس حجمها
جدول رقم (2) لإحصاء الرسائل على أساس حجمها
1-1-2-4- تحلیل الإحصاء 1- کما یبدو من الجداول السابقة إن الخطب والرسائل الطویلة لاتنحصر فی خطبتی القاصعة والأشباح وکتاب الإمام (ع) إلى مالک الأشتر النخعی کما ادّعى مثیرو هذه الشبهة ، بل على أساس هذا الإحصاء فإنّ نسبة الخطب والرسائل الطویلة الموجودة فی نهج البلاغة (کلها 18)، هی ستة أضعاف أکثر مما ادعى المشککون(کلها 3) (نهج البلاغة، 1968م: 7)، یلاحظ القارئ من کلام جمیع المشککین القدامى والمعاصرین أنهم یشیرون إلى خطبتین ورسالة واحدة فی هذا الصدد مما یدل على تقلید کل واحد لمن سبقه، وتکرار مقولته دون الرجوع إلى نهج البلاغة الذی یتضمن 18 خطبة أو رسالة من هذا النوع. 2- بالمقارنة بین کتاب الرقم (31) الذی کتبه الإمام (ع) لابنه الحسن (ع) وصیةً له وبین عهده (ع) لمالک الأشتر النخعی نحصل على نتائج منها: الف- کلتا الرسالتین مطوّلتان وحجمها کثیر بالنسبة إلى سائر الرسائل . ب- رغم أنّ کلا المتلَقیین لهاتین الرسالتین من معتمدی الإمام (ع) وأعضادِه ولکنّ الإمام (ع) أطنب فی کتابته إلیهما واتخذ أسلوب التطویل لهما. وهذا یدلّ على أن قرابة مخاطب الإمام (ع) ومکانته عنده لاتؤثر فی إسهابه فی الکلام (کما ادعى المشککون الذی سیرد کلامهم فیما بعد) وعدم الإیجاز فی کتابه، بل العکس أن الإمام (ع) هو الذی یمیّز ضرورة الإطناب فی کلامه على أساس استیعاب المتلقی، ولوکان من أقاربه وأعضاده أولاً، وعلى أساس الاقتضاءات والأحوال التی تکتب الرسالة بسببها ثانیاً. ج- إن للخطب الطویلة مواضیع وقواسم مشترکة یمکن اختصارها فیما یلی: 1- الخطبة (1): تحتوی على حمد الله وخلق العالم والملائکة واختیار الأنبیاء ومبعث النبی والقرآن والأحکام الشریفة. 2- الخطبة(83): وهی تسمى بالغراء وتحتوی نعوت الله جلّ شأنه،ثم الوصیة بتقواه والتنفیر عن الدنیا. 3- والخطبة (91): وهی تسمى بالأشباح وفیها وصف الله تعالى وصفاته فی القرآن، ووصف السماء والملائکة والأرض. 4- والخطبة (109): وهی فی بیان قدرة الله وانفراده بالعظمة وأمر البعث وزهد النبی. 5- والخطبة (160): وهی تحتوی على عظمة الله وحمده وتوصیف أنبیائه. وقس على هذا سائر الخطب الطویلة، وعلى أساس ما أشیرإلیه، نجد قواسم مشترکة بین هذه الخطب، وهی: توصیف الله تعالى وحمده وبیان قدرته والدعوة إلى تقواه وبیان فضائل القرآن، وأوصاف مخلوقات الله من السماء والأرض وملائکته وأنبیائه والحیوانات المثیرة للعجب التی تدل على عظمة خالقها، والحث على العمل ولزوم طاعة الله ووصف المعاد وکل هذه القواسم تختم بأصول الدین فی الإسلام وهی التوحید والنبوة والمعاد والعدل والإمامة، فلذا نجد سبب إطناب الإمام (ع) فی کلامه هو أهمیة الأصول الاعتقادیة وتبیینها. لقد خلّص کاشف الغطاء ما ورد آنفاً بقوله: إن الإطناب والإیجاز والمساواة لا یحتاج فیها إلى أن تؤثر عن النبی (ص) أو عن أحد خلفائه الراشدین، ولم یکن أحدها مرسوما فی الإسلام بحیث یجب اتباعه، بل هی تابعة لما تقتضیه المصلحة وتفرضه الحاجة وربما کانت أحوال وغایات لابد فیها من ذلک وشتان ما بین زمانه (ع) وأزمنة الخلفاء. (کاشف الغطاء، 1954م: 227)
جدول (3)، عن الأماکن التی ألقى الإمام (ع) بعض خطبه فیها
2-1-2-4- تحلیل الإحصاء بالنظر إلى مضامین الخطب وأماکنها، نجد أن هذه الخطب توزّعت على مضامین تناسب المکان الذی قیلت فیه، وهذا ما یُؤکِّد صحة نسبتها إلى الإمام (ع)، إذ یصعب على من یقوم بالنحل أن یراعی جمیع ما یرتبط بظروف المکان، حیث أن هناک دقائق ترتبط بالتاریخ، کما أن هناک أشیاء ترتبط بجزئیات، لایمکن للمنتحل أن یعرفها فضلاً عن أن یختلقها، وهذه خلاصة لمضامین الخطب حسب أماکنها: 1-2-1-2-4- موضوع الخطب فی المدینة قبل البیعة یظهر فی بعض الخطب التی ألقاها الإمام (ع) فی المدینة قبل مبایعة الناس له بالخلافة، أنه تناول مواضیع عدة یرتبط جمیعاً بمناسبات مختلفة، مثل خطبته عند غسل رسول الله (ص)، وعند دفن السیدة فاطمة (س) أو خطبته عند الشورى وإجابته عن استشارة عمر بن الخطاب، کما أننا نلاحظ دفاعه عن نفسه فی الاتهام الموجّه إلیه بقتل الخلیفة عثمان، کما نهى عن الفتنة وتحدّث عن فلسفة سکوته بعد النبی (ص) وأشیاء أخرى کلها ترتبط بتلک المناسبات ولانرى فیها خطبا تتناول قضایا أخرى مما یدل على اهتمام الإمام (ع) فی هذه الفترة بالقضایا الراهنة فی الدولة الإسلامیة آنذاک. 2-2-1-2-4- موضوع الخطب فی المدینة بعد مبایعة الناس له وقبل الوقائع الثلاث یظهر فی غالبیة هذه الخطب أمرٌ قد یبدو غریباً إذ أن الإمام (ع) قلّما تحدث فیها عن المناسبات. فأکثر هذه الخطب فی وعظ الناس وذکر صفات الله وأوصاف رسول الله (ص) وخصائص القرآن ووصیته الناس بالتقوى والإسراع بالخیرات . 3-2-1-2-4- موضوع الخطب فی البصرة وعند وقعة الجمل وفی النخلیة وذی قار نرى فی هذه الخطب أیضاً تناسباً تاماً بین المواضیع الواردة فیها وبین أمکنتها، ونراه(ع) فی البصرة یذمّ أهلها بعد وقعة الجمل کما أنه یعظ الناس ویوصیهم بالتقوى. کذلک نجد خطبه عند وقعة الجمل، حیث یتحدث عن طلحة والزبیر ویتأسف على قتلى الجمل. وفی معسکره بالنخیلة یحثّ الناس على الجهاد، ویتحدث عن قیمة الاستعداد العسکری، وفی ذی قار نجده یقول عن تمجید الله والدعوة إلى التقوى ووصف النبی (ص) والحدیث عن البعثة، وما إلى ذلک من المواضیع. 4-2-1-2-4- موضوع الخطب فی الکوفة نلاحظ أن الإمام (ع) فی أکثر خطبه فی الکوفة یتحدث عن أمور مثل الخلافة والصبر على ما حصل فیها ومبایعة الناس إیّاه، کما یتحدث عن الفقراء ویشجعهم على الزهد والعفاف، ویطلب من الأغنیاء الرحمة والإنصاف، وفی الخطب الأخرى نرى مضامین مثل الاستنهاض على الجهاد، ویصف فی بعضها الخوارج کما یذم أهل العراق فی البعض الآخر منها، ویوبخهم على ترک القتال. ومن الخطب الأخرى تلک التی نجد فیها وصفاً لله وفضائل الرسول (ص) ووعظ الناس وذکر الموت ووصف المتقین ووصایاه، وهی مواضیع متعددة اقتضتها الضرورات، وهی تُطلعنا على الظروف التاریخیة والأحداث التی مرّت بالإمام (ع) فی الکوفة. 5-2-1-2-4- موضوع الخطب فی النهروان نلاحظ فی هذه الخطب أن المواضیع لاتتجاوز ما جرى هنالک من الحرب الطاحنة بینه وبین الخوارج، حیث نراه یُخوّف أهل النهروان ویتنبّأ بما سیجری بعد الحرب کما ینهى أصحابه عن قتل الخوارج بعده، ثم نراه فی بعض الخطب یصف نفسه فی تلک المواقف. 6-2-1-2-4- موضوع الخطب فی صفین نلاحظ أن الإمام (ع) یدعو فی بعض الخطب إلى طاعة الله وعن الظروف الطارئة فی صفین وما قاله أثناء معرکة، کما تکلم فیها عن حق الوالی وحق الرعیة فی التظلّم والتشکّی. فإذا ما رجعنا إلى هذه الخطب کلّ على حدة لوجدنا أنها تتناسب مع الظروف التی أُلقیت فیها، کما أنها تتناول جزئیات یعجز المنتحلون مهما کانت قدراتهم عن الإتیان بها مما یدلّ دلالة واضحة على صحة نسبتها إلى الإمام (ع). مما یلفت الانتباه فی هذا الصدد، وجود نماذج کثیرة من الخطب المطوّلة والرسائل المسهبة عن البلغاء فی العصرین الجاهلی والإسلامی، فبمراجعة النصوص الأدبیة فی صدر الإسلام نواجه أمثال "قیس بن خارجة بن سنان" و"سحبان وائل" اللذین اشتهرا بالتطویل والإسهاب فی خطبهما. یقول الجاحظ: وقد رووا أن قیس بن خارجة بن سنان خطب یوما إلى اللیل فما أعاد کلمة ولا معنى. (الجاحظ، لاتا: 50) وقد رووا أیضاً أن وفدا من خراسان قدم على معاویة وفیهم سعید بن عثمان، فطلب سحبان وائل[3] فأدخل علیه فقال: تکلم، فقال: انظروا: لی عصا تقوم من أودی، قالوا: وما تصنع بها وأنت بحضرة أمیر المؤمنین قال: ما کان یصنع بها موسى وهو یخاطب ربّه، فقال معاویة: هاتوا عصای، فأتوا بهافأخذها، ثم قام وتکلم منذ صلاة الظهر إلى أن قامت صلاة العصر ما تَنَحْنَحَ ولا سعل، ولا توقف، ولا ابتدأ فی معنى فخرج منه وقد بقی علیه منه شیء، فما زالت تلک حاله حتى أشار معاویة بیده، فأشار إلیه: أن لا تقطع علیّ کلامی، فقال معاویة: الصلاة، قال: هى أمامک ونحن فی صلاة وتحمید، ووعد ووعید، فقال معاویة: أنت أخطب العرب، فقال سحبان: والعجم والجن والإنس (المصدر نفسه: 171-172)، ومع هذا الاسترسال فی الکلام، وطول النفس فی الخطابة نراه یوجز أحیانا حتى یجیء فی أدنى غایة من غایة الاختصار. یقول زکی مبارک: «وسحبان وائل الذی عرف بالتطویل وإنه کان یخطب أحیانا نصف یوم، أُثرت عنه الخطب القصیرة الموجزة، وذلک یدل على أن الفطرة کانت غالبة على ذلک العصر، وأن القاعدة المطردة لم تکن شیئا آخر غیر مراعاة الظروف، ورسائل علی بن ابی طالب[ع]، وخطبه، ووصایاه، وعهوده إلى ولاته تجری على هذا النَمَط، فهو یطیل حین یکتب عهدا لیبیّن فیه ما یجب على الحاکم فی سیاسة القُطْر الذی یرعاه، ویُوجز حین یکتب إلى بعض خواصه فی شیء معین لا یقتضی التطویل.» (مبارک، لاتا: 59) باستخدام الأسلوبیة المقارنة التی ورد ذکرناها سابقاً[4] وبمقارنة خطب القاصعة والأشباح والعهد للمالک الأشتر النخعی باعتبار حجمها وتطویلها[5] وما خطب قیس بن خارجة بن سنان یوماً إلى اللیل، أو ما تکلّم سحبان وائل عند معاویة بن أبی سفیان منذ صلاة الظهر إلى صلاة العصر یَثْبت لنا أولاً: أنّ التطویل فی بعض کلام الإمام (ع) لم یکن شیئاً لم یؤلف فی زمانه، بل کان الإسهاب معروفاً عند البلغاء فی الجاهلیة والإسلام، وثانیاً: إطناب الکلام فی أسلوب خطیب أو کاتب لا یُجبره فی بقائه فی هذا الأسلوب ولایحصره فیه، بل بإمکانه أن یوجز فی موضع آخر، ولدیه الحریّة فی اختیار ما تقتضیه الحال حیث یمکنه أن یسهب فی موضع أو یوجز فی موضع آخر. نظراً لأن المشککین یرکزون فی تشکیکهم على عهد الإمام (ع) لمالک الأشتر النخعی أکثر من غیره، فالأحرى ذکر ما طرحه زکی صفوت باشا من مآخذ علی هذا العهد وإطناب الإمام (ع) فی نقاط هی: 1- إن الخلفاء قبله عهدوا إلى ولاتهم فلم یؤثر عنهم ذلک الإسهاب فی عهودهم. 2- إن الإمام[ع] نفسه ولّى محمد بن أبی بکر الصدیق على مصر قبل الأشتر النخعی، وولّى قیس بن سعد بن عبادة علیها قبل ابن أبی بکر، وولّى غیر هؤلاء على الأمصار فلم یعهد إلیهم بمثل هذا العهد، بل إنّ عهده لابن أبی بکر عشرة أسطر. 3- إن مالک بن الحارث الأشتر الذی کُتِب له ذلک العهد، کان عضد الإمام [ع] وساعده فی صفّین، وقد قدّمنا أنه کان قائد المیمنة، وقد أُبلی فی الحرب بلاء حسنا، وکان یستحثّ من همّة الجیش کلما آنس منهم مللا وسآمة. وفحوى ذلک أنه کان موضع ثقة تامة من الإمام[ع]، ومن کان کذلک فلیس بحاجة إلى ذلک القدر من الإسهاب فی الحیطة والحذر وتأکید المواثیق، وکیف یسهب هذا الإسهاب فیکتب له عهدا فی مائتین وخمسة وسبعین سطراً. (زکی صفوت، 1932م: 229-231) قبل أن نرد علی ما ادعاه زکی صفوت، فجدیر بالذکر أن نشیر إلی أن «شکوکه فی ترجمته لعلی بن أبی طالب (ع) حیث قال: فی نهج البلاغة جمع الشریف الرضی ما أثر عن الإمام من خطب ورسائل وحکم ومواعظ ضمّتها کتاباً واحداً سمّاه نهج البلاغة انتهی من تألیفه فی رجب سنة 400ق، وقد ترک أوراقاً بیضاء فی آخر کلّ باب رجاء أن یقف علی شیء بعد الجمع فیدرجه فی المحل اللائق به.» (الأسدی، 2007م: 55) لعل القارئ المتعمق فی آراء صفوت، عندما یواجه هذه السطور من شکوکه فی النهج خاصة "ترک أوراقاً بیضاء"، فبادئ ذی بدء، یدرک أن آراء صفوت فی تقییم النهج أو التعریف به، قد یتجلی فیها الشک والریبة، أو عدم المصداقیة ولا تنبنی علی خطوات استدلالیة صریحة، بل إنه یصدر حکماً شفویاً دون تتبع طریقة الاستدلال، لکن الباحث یتجاوز عن هذه النقطة، لکی یردّ علی آرائه بأدلة وبراهین منطقیة، کما یلی: ففی الإجابة عن المؤاخذة الأولى: فقد عولجت فیما مضی فخلاصته أن الإطناب والإیجاز والمساواة کلها تابعة لما تقضیه الحال والمصلحة وما تفرضه الحاجة، والذی یمیّز أین یُطنب تارة ومتى یوجز تارة أخرى هو صاحب الکلام والمخاطِب الذی یعرف الظروف والاقتضاءات، کما أن ما یشابه «هذا القدر من الطول فی الخطب لیس غیر مقبول عقلیاً، بل إن المعروف فی ذلک العهد والمتداول بین أیدینا فی خطب النبی وخطب أبی بکر وعمر وعثمان ومعاویة لا یبلغ هذا الحد ولا نصفه، وهذه خطبة النبی فی حجة الوداع، وهی تحوی ضروباً کثیرة من التشریع لا تزید علی اثنین وثلاثین سطراً، وأن اعتقادنا أن علیاً انفرد بأنه أخطب الخطباء بعد الرسول لا یحملنا لی التسلیم بأنه انفرد بطول الخطب دونهم.» (الأسدی، 2007م: 58) ومن زاویة أخری، فکان عهد الإمام علی (ع) عهد أزمات وحروب وقلاقل، ولذا کان یتوجب علی الإمام أن یطیل فی أمد الخطبة لیجیب علی استفهامات الناس ویردّ علس شبهات أصحاب التیارات السیاسیة والأفکار المناوئة وکان ینبغی علیه (ع) أن یحصن الأمة من مظاهر الانحراف والتراجع. (المصدر نفسه: 116) و رداً علی المؤاخذة الثانیة: فلاشک بأن هناک اختلافین بارزین فی الموضوع: الأول هو أنّ کل متلقٍّ یختلف عن الآخر، کما أنّ هناک فرقاً بین محمد بن أبی بکر وقیس بن سعد وبین محمد بن أبی بکر ومالک الأشتر النخعی، والثانی هو ما یخصّ اختلاف الظروف، فإذا تصفحْنا التاریخ یبدو لنا أن الظروف التی کان یحکم فیها محمد بن أبی بکر ویتولى الأمور فی مصر کانت تختلف تماماً عن الظروف والأوضاع التی شهدتها مصر حینما ولّى الإمام (ع) مالک الأشتر النخعی علیها (تلک الظروف التی لایحاول هذا البحث الخوض فی تفاصیلها خشیة التطویل)، فإذن لاشک أن لکل ظرف اقتضاءاته الخاصة به. وللإجابة عن المؤاخذة الثالثة: فهی أن مالکاً کان موضع ثقة من أمیر المؤمنین (ع)، فلا یحتاج إلى التوصیة وإلى الإسهاب فی الحیطة وأن محمد بن أبی بکر أولى بهذا العهد من الأشتر النخعی، فقسم من الجواب مرّ آنفاً، وهو یعود إلى استیعاب المتلقی[6]، وقسمٌ آخر هو أن الحال اقتضت أن یکتب له الإمام (ع) هذا العهد لیقرأه على الناس فیعلموا ما لأمیر المؤمنین من الحکمة والیقظة والعنایة بأمور الرعیة وغیر ذلک. (کاشف الغطاء، 1954م: 228) 2-2-4-من زاویة المخاطب أو المرسل إلیه إضافة إلى ما سبق، فإننا من خلال إمعان النظر فی مضامین العهد نُدرک أن کتاب الإمام (ع) موجهٌ إلى نوعین من المخاطبین هما: 1- المخاطب الخاص وهو مالک الأشتر النخعی. 2- المخاطب العام وهو یشمل الناس الذین عاشوا فی مصر آنذاک والذین یأتون بعدهم ویریدون أن یتعرفوا علی حقوقهم وحدودهم وواجبات الولاة تجاه الرعیة والتی حدّدها الإمام(ع) للولاة. إنّنا نجد مثل ذلک فی کثیر من الآیات القرآنیة حیث ینقسم المخاطب فیها إلى قسمین، فمثلاً نرى أن لقمان حینما یخاطِب ابنه ویعظه فی الآیة الکریمة: ﴿یَا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنکَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَکَ إِنَّ ذَلِکَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ (لقمان/17-18) فالمخاطب الخاص هو ولد لقمان الذی وعظه أبوه، والمخاطب العام هو کل مسلمٍ أنزل الله هذه الآیات لهدایته ولکی یُقیم الصلاة ویأمر بالمعروف وینهى عن المنکر ویصبر على ما أصابه، وعلى هذا الأساس فعهد الإمام (ع) لمالک الأشتر لایختص بزمان خاص، بل هو دُستور شامل أصدره الإمام (ع) لکل من یرید أن یتعرف علی حقوق الرعیة على الوالی وحقوق الوالی على الرعیة فی الإسلام، وهو یمثل القدوة والمثل الأعلى للقیم الاجتماعیة والسیاسیة فی الإسلام حسب رؤیة الإمام (ع)، وفی الحقیقة فإن الإمام (ع) رسم لکل والٍ واجبه تجاه الناس من الجوانب المختلفة السیاسیة والاجتماعیة والعمرانیة ونحوها. کما یأمر (ع) مالک الأشتر فی بدایة عهده له بأربع وظائف رئیسة إذ یقول: «هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ- مَالِکَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِی عَهْدِهِ إِلَیْهِ- حِینَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَایَةَ خَرَاجِهَا وجِهَادَ عَدُوِّهَا- واسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وعِمَارَةَ بِلَادِهَا.» (نهج البلاغة: الکتاب 53) .ویخاطبه قائلاً: «ثُمَّ اعْلَمْ یَا مَالِکُ- أَنِّی قَدْ وَجَّهْتُکَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَیْهَا دُوَلٌ قَبْلَکَ- مِنْ عَدْلٍ وجَوْرٍ- وأَنَّ النَّاسَ یَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِکَ- فِی مِثْلِ مَا کُنْتَ تَنْظُرُ فِیهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاةِ قَبْلَکَ - ویَقُولُونَ فِیکَ مَا کُنْتَ تَقُولُ فِیهِمْ- وإِنَّمَا یُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِینَ- بِمَا یُجْرِی اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ- فَلْیَکُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَیْکَ ذَخِیرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ- فَامْلِکْ هَوَاکَ وشُحَّ بِنَفْسِکَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَکَ- فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِیمَا أَحَبَّتْ أَوْ کَرِهَتْ وأَشْعِرْ قَلْبَکَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِیَّةِ- والْمَحَبَّةَ لَهُمْ واللُّطْفَ بِهِمْ.» فإذن الأوامر الواردة فی النصوص السابقة لتهذیب النفس مثل عبارة: «فَامْلِکْ هَوَاکَ وشُحَّ بِنَفْسِکَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَکَ» أو طریقة مواجهته الرعیة فی الرحمة والمحبة واللطف کقوله: «أَشْعِرْ قَلْبَکَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِیَّةِ- والْمَحَبَّةَ لَهُمْ واللُّطْفَ بِهِمْ» لیست تختص مالکاً فحسب، بل هی الأوامر والنواهی لکل من یتولى الحکم والمسؤولیة فی الإسلام. للإجابة عن موضوع تعذر الحفظ والضبط فی أمثال عهد مالک وتعذر وجود وسائل الکتابة وإعواز القرطاس، فیمکن القول إن العنایة بالحفظ والکتابة کانت فی زمن الراشدین أهم وأعظم من قبله، ونعتوا ابن عباس بأنّه کان یحفظ القصائد الطوال لأول مرة من سماعها، وکان مثلُه فی عامة العرب، (الشهرستانی، 1352ق: 32)والاهتمام بحفظ خطب الإمام(ع) کان أکثر، کما أکّد على ذلک الأمر المسعودی فی کتابه. (المسعودی، لاتا: 459) من جانب آخر فإنّ إعواز القرطاس کان فی مبدأ الإسلام قبل أن ینتشر فی الآفاق وتکثر فتوحاته وتتسع بلاده، وأما فی زمن ظهور خلافة أمیر المؤمنین (ع) فلم یکن الأمر کذلک، فإن المسلمین قد فتحوا بلاداً کثیرة وملکوا دول الأکاسرة والقیاصرة فلم یکن یعوزهم ذلک. قال ابن أبی الحدید: وکانت الکوفة یومئذ تجبى لها ثمرات کل شیء وتأتی إلیها هدایا الملوک من الآفاق (ابن أبی الحدید، 1967م: 284) على أنه قد وُجد من الکتب السماویة والصحف الدینیة ما هو أطول من هذا العهد (کاشف الغطاء، 1954م: 221(، وهذا کله دلیل علی أن القرطاس وعدم توفیره لم یکن یمنع من إلقاء مثل هذه الخطب، وإن شکوک المشککین ومآخذهم غیر واردة علی الإطلاق. النتائج من خلال ما تقدم نصل إلی نتائج، فیما یلی: 1- تقول شبهة الإسهاب والإطناب فی نهج البلاغة عن أن الکلام الوارد فیه کثیر لم تکن حیاة الإمام (ع) تتسع لأن یقوله ولم تکن ظروفه السیاسیة والدینیة تُمکّنه من النطق بهذا القول، ولم یبلغ کلام الخلفاء الثلاثة الذین سبقوه مجتمعاً نصفَ کلام الإمام(ع)، ففی الردّ علیه، لم یکن الإطناب والتطویل والإسهاب فی خطب نهج البلاغة، اعتباطیاً وبدن غرض وجدوی، بل اتضح هذا من خلال الأثر الذی یترکه علی المتلقی والمخاطب، کما أن ترْکه یضیّع علی المتلقی فائدة ثمینة. 2- وجود نماذج کثیرة من الخطب المطوّلة والرسائل المسهبة عن البلغاء فی العصرین الجاهلی والإسلامی یدل علی أنّ التطویل فی بعض کلام الإمام (ع) لم یکن شیئاً لم یؤلف فی زمانه، بل کان الإسهاب معروفاً عند البلغاء فی الجاهلیة والإسلام. 3- بمراجعة خطب الإمام (ع) ورسائله فی نهج البلاغة نجد التطویل والتوسط والإیجاز فیها تجری حسب المقامات والأحوال والأماکن، کما لاحظنا موضوع الخطب فی المدینة قبل البیعة وبعدها یختلف عما شابهه فی الکوفة وصفین والنهروان وغیرها من الأمکنة، کما أنّ کل متلقٍّ یختلف عن الآخر، والإمام (ع) هو الذی یمیّز ضرورة الإطناب فی کلامه على أساس استیعاب المتلقی، ولو کان من أقاربه وأعضاده أولاً، وعلى أساس الاقتضاءات والأحوال التی تکتب الرسالة بسببها ثانیاً، وفیما یخص الأخذ علی عهد مالک الأشتر، فلا شک أن هذا العهد صورة کاملة عن سلامة نفس الإمام وبعده عن أدران الرئاسة وقذارة الدنیا وتحذیر لمن ولّاه مصر وهو مالک، لکن الإطناب فیهما یتجذز فی أن هذا العهد یخاطب المتلقی العام الذی یأتی بعد مالک ویلزم علیه أن یمشی فی سواء السبیل، فشبهة الإطناب فیه غیر وارد، ولا مبّرر لقبوله. [1]- لم یذکر هذا الکلام للإمام (ع) فی النسخ المشهورة کصبحی الصالح ومحمد عبده. [2]- المعیار لإحصاء الحجم: إنّ الخطب والرسائل التی تتراوح بین سطرین واثنی عشر سطراً فهی القصیرة، والتی تتراوح بین اثنی عشر سطراً وأربعین سطراً فهی متوسطة، والتی تتراوح بین أربعین سطراً وما فوق ذلک فهی الطویلة. [3]- هو سحبان بن زفر بن أیاس الوائلی خطیب مفصح یضرب به المثل فی البیان أدرک الإسلام وأسلم ومات سنة(54ق). (الحسینی الخطیب، 2001م: 172) [4]- إنّ هذه الأسلوبیة تدرس أسالیب الکلام فی مستوى معین من أسالیب اللغة الواحدة لتبین خصائص کل أسلوب عن طریق مقارنة بعضها ببعض، لتقدیر دورکل أسلوب فی بناء الجمال الفنی. ولابد من حضورنصّین مختلفین أو أکثرمع اشتراکهما فی الموضوع أو الغرض لمؤلف واحد أو لأکثر، أو دراسة نصّین أو أکثر لمؤلف واحد مع اختلاف الموضوع أو الجنس الأدبی، ومقارنة الأسالیب المختلفة فی ذلک. [5]- تحدث العلامة الشهرستانی عن طبیعة التطویل فی الخطب المذکورة بمقارنتها بالنصوص والآثار الباقیة فی العهد الجاهلی والإسلام قائلاً: إنّها لیست بأعجب من روایة المعلّقات السبع والقصائد الأخرى من الأوائل،ومن الخطب والمأثورات الضافیة التی رُویت عن النبی المصطفى(ص) وعن غیره ممن تقدم علیه زمانه أو تأخر. (الشهرستانی، 1352ق: 52)
[6]- راجع التحلیل الإحصائی للجداول (1) و(2)السابقة: المقارنة بین کتاب الرقم (31) وعهد الإمام (ع) لمالک الأشتر النخعی. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
القرآن الکریم. إبراهیم السید، صبری. 1986م. نهجالبلاغة. تقدیم العلامة عبدالسلام محمد هارون. الدوحة: دار الثقافة. ابن أبی الحدید. 1967م. شرح نهج البلاغة. بتحقیق محمد أبوالفضل إبراهیم. الطبعة الثانیة. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. ابن خلکان، شمس الدین أبوالعباس أحمد بن محمد. لاتا. وفیات الأعیان وأنباء أبناء الزمان. تحقیق إحسان عباس. بیروت: دار الثقافة. ابن منظور. لسان العرب. 1988م. ابن منظور. لسان العرب. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. إسبر، محمدعلی. 1362ش. نهج البلاغة نبراس السیاسة منهل التربیة. مقال تحت عنوان.ن هج البلاغة بعد ألف عام. قم: بنیاد نهج البلاغة. الأسدی، عادل حسن. 2007م. مع المشککین فی نهج البلاغة. قم: مکتبة العزیزی. الأمین، أحمد. 1969م. فجر الإسلام. الطبعة العاشرة. بیروت: دار الکتاب العربی. باشا، عمر موسی. 1993م. نهج البلاغة فی مرآة القرآن. ضمن کتاب نهج البلاغة والفکر الإنسانی المعاصر. سوریا: المستشاریة الثقافیة للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بدمشق. بروکلمان، کارل. لاتا. تاریخ الأدب العربی. نقله إلى العربیة عبد الحلیم النجار. الطبعة الثانیة. ج2. قم: أفست دار الکتاب الإسلامی. بلبع، عبدالحکیم. 1954م. النثر الفنی وأثر الجاحظ فیه. القاهرة: الأنجلو المصریة. التستری، محمدتقی. 1418ق. نهج الصباغة فی شرح نهج البلاغة. ج5. الطبعة الأولى. طهران: دار أمیر کبیر للنشر. الجاحظ. لاتا. البیان والتبیین. تحقیق علی أبوملجم. الطبعة الأولی. بیروت: دار ومکتبة الهلال. جعفری، سید محمد مهدی. 1356ش. پژوهشی دراسناد ومدارک نهج البلاغة. طهران: انتشارات قلم. جمعة العاملی، حسین. 1403ق. شروح نهج البلاغة. الطبعة الأولى. بیروت: مطبعة الفکر. الجلالی الحسینی، محمد حسین. 2001م. دراسة حول نهج البلاغة. ط1. بیروت: شرکة الأعلمی للمطبوعات. الحسینی الخطیب، السید عبدالزهراء. 1405ق. مصادر نهج البلاغة وأسانیده. بیروت: دار الأضواء. الحنبلی، أبوالفلاح عبد الحی ابن العماد. لاتا. شذرات الذهب فی أخبار من ذهب. ج3. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. الحوفی، محمد أحمد. 1977م. بلاغة الإمام علی. مصر: دار نهضة مصر للطبع والنشر. الذهبی، شمس الدین أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان. لاتا. میزان الاعتدال فی نقد الرجال. تحقیق علی محمد البجاوی. بیروت: دار الفکر. الرمانی، أبوالحسن. لاتا. النکت فی إعجاز القرآن. ضمن کتاب ثلاث رسائل فی إعجاز القرآن للرمانی والخطّابی وعبدالقاهر الجرجانی. حققها وعلّق علیها محمد خلف الله أحمد ومحمد زغلول سلام. الطبعة الثالثة. مصر: دار المعارف. الزرکلی، خیرالدین. 1989م. الأعلام. قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربین والمستشرقین. ج3. الطبعة الثامنة. بیروت: دار العلم للملایین. زکی صفوت، أحمد. 1932م. ترجمة علی بن أبی طالب. لامک: مطبعة العلوم. زیدان، جرجی. 1914م. تاریخ آداب اللغة العربیة. راجعه وعلّق علیه شوقی ضیف. ج2. القاهرة: دار الهلال. الشامی، حسین برکة. 2008م. البرنامج الأمثل لإدارة الدولة وقیادة المجتمع فی عهد الإمام "ع" لمالک الأشتر. الطبعة الثانیة. بغداد: دار الإسلام. الشایب، أحمد. 1945م. الأسلوب دراسة بلاغیة تحلیلة لأصول الأسالیب الأدبیة. مصر: مکتبة النهضة المصریة. الشریفی، عبدالهادی. 2005م. نهج البلاغة، جمعه، مصادره، مناقشة التشکیک فی نسبته إلی إمام علی. فصلیة المنهاج. ع 36. الشهرستانی، هبة الله. 1352ق. ما هو نهج البلاغة. صیدا: مطبعة العرفان. الصفدی، صلاح الدین خلیل بن ایبک. 1401ق. الوافی بالوفیات. ج21. لامک: دار النشر فرانزشتاینر. ضیف، شوقی. لاتا. الفن ومذاهبه فی النثر العربی. الطبعة الثامنة. القاهرة: دار المعارف. طعمة، هادی سلمان. 1977م. تأثیر نهج البلاغة فی الأدب العربی. مجلة العرفان. ع 657. عباس، إحسان. 1959م. الشریف الرضی، دراسة. بیروت: دار صادر. عبده، محمد. لاتا. شرح نهج البلاغة. تحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید. القاهرة: مطبعة الاستقامة. العسقلانی، شهاب الدین أحمد بن علی ابن حجر. لاتا. لسان المیزان. ج4. الطبعة الأولى. بیروت: دارالفکر. الغفاری. عبدالرسول. 1428ق. دعوات وشبهات أثارها البعض حول نهج البلاغة. مجلة تراثنا .ع 3-4. فضل، صلاح. 1998م. علم الأسلوب مبادئه وإجراته. الطبعة الأولی. القاهرة: دار الشروق. کاشف الغطاء، الهادی. 1954م. مستدرک نهج البلاغة، ومدارک نهج البلاغة ودفع الشبهات عنه – کتابان فی مجموع واحد. تألیف وجمع الهادی کاشف الغطاء. بیروت: مطبعة مکتبة الأندلس للطباعة والنشر. مبارک، أحمد زکی. لاتا. النثر الفنی فی القر الرابع. جزءآن. الطبعة الثانیة. مصر: مطبعة السعادة. المبرد، محمدبن یزید. لاتا. الکامل فی اللغة والأدب.بیروت: مکتبة المعارف. المسعودی، أبوالحسن علی بن الحسین. لاتا. مروج الذهب ومعادن الجواهر. بیروت: دار الأندلس. الهاشمی، أحمد. 1379ش. جواهر البلاغة فی المعانی والبیان والبدیع. قم: نشر إلهام. الیافعی، أبو محمد عبد الله بن أسعد. 1339ق. مرآة الجنان وعبرة الیقضان فی معرفة ما یعتبر من حوادث الزمان. الطبعة الأولى. حیدرآباد الدکن: مطبعة دائرة المعارف النظامیة الکائنة. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 2,280 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 1,216 |