تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,314 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,933 |
تجلّیات النظریّة النسویّة فی روایة "سووشون" للروائیّة الإیرانیّة سیمین دانشور | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 6، دوره 6، شماره 22، آذر 1437، صفحه 140-117 اصل مقاله (238.96 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسنده | ||
علی جعفر جعفر* | ||
طالب مرحلة الدکتوراه فی اللغة الفارسیّة وآدابها بجامعة طهران، إیران. | ||
چکیده | ||
سیمین دانشور هی أوّل روائیّةٍ إیرانیّة فی الأدب الفارسیّ وقد وضعتها روایتها "سووشون" الشهیرة، إلى جانب عمالقة الکتّاب والرّواة الإیرانیّین حیث کتبتها بنظرة أنثویّة لا تبارح الذاکرة، کما تُعدّ "سووشون" أوّل روایةٍ تُکتب وتُنشر بقلم امرأةٍ باللغة الفارسیّة. ولطالما کانت المرأة فی الروایة الإیرانیّة ضحیّة الذکوریّة. کانت سیمین دانشور وبطلة روایتها کلتاهما أنثى، الشیء الذی لم تعهده الروایة الإیرانیّة من قبل.کذلک کرّست دانشور نفسها لإبراز المکنونات النسویّة عبر لسان بطلة روایتها وبذلک شکّلت منظوراً نسویّاً لم تعهده الساحة الإیرانیّة. لهذا؛ وقع اختیارنا على نجمة ساطعة فی سماء الأدب النسویّ الإیرانیّ، لنقتفی فی "سووشون" النظریّة النسویّة وتجلیاتها. صوّرت روایة سیمین دانشور حِقبة الاحتلال البریطانیّ وعملائه وتحوّلات جنوبی إیران إبّان الحرب العالمیّة الثانیة بشکل رائع ومتسلسل. کما استمدّت دانشور شخصیة الأنثى فی روایتها من حیاتها الواقعیّة، فما حصل لبطلة الروایة وعائلتها قد حصل لإیران وشعبها. وبذلک حطّمت دانشور من خلال روایة "سووشون"، النظرة التقلیدیّة للمرأة من خلال تجسیدها للنسویّة المتمرّدة فی شخصیة بطلة الروایة وتحوّل شخصیتها من خانعة إلى مقاومة وشجاعة، وأیضاً وضعت اللبنة الأولى للأدب النسویّ. فضلاً عن ذلک أثبتت دانشور فی "سووشون" أنّ الجنس النسویّ قادرٌ على أنْ یقف إلى جانب الرجل فی الذود عن حیاض الوطن کما هو قادرٌ على حمل لواء المبارزة و إنجاب المقاتلین. | ||
کلیدواژهها | ||
سیمین دانشور؛ سووشون؛ المرأة؛ النسویّة؛ الأنثویّة | ||
اصل مقاله | ||
فی الماضی الغابر لم تکن المرأة محطّ اهتمام ولذلک کان الرجال یکتبون للرجال فقط. لذلک لا یُعدّ الحدیث عن المرأة ووجهات نظرها بالأمر الیسیر لکنّه فی المقابل قیّمٌ تحتاج إلى تعمّق ودراسة. فالمرأة کانت بمثابة موجود یختزل جمیع میزات الإنسانیّة فی وجوده، کما کانت من أهمّ قضایاه. (فقهی زادة، 1378ش: 9) کما کانت الضغوط التی تُمارس على المرأة من قِبل المجتمع تتسبّب فی تقوقع المرأة داخل إطار نفسها وتلجأ إلى الکتابة کوسیلة لکسر عزلتها المفروضة علیها والانصهار فی مجتمعها والإفصاح عن مکنونات صدرها ونفثاته. وفی هذا الخضم تُعد الأعمال الأدبیة بمثابة إعلانٍ عن ذات مؤلِّفیها، وبناءً على ذلک فإنّ کتابات المرأة هی امتدادٌ وجودی لذات الکاتبة. حیث تُتیح الروایة الفرصة للکاتبة کی تکشف لنا عن هویتها من خلال استعراضها لأفکارها المنبثقة من بیئتها الثقافیّة والاجتماعیّة. فضلاً عن ذلک، قضیة المرأة بشکل خاص والنسویّة بشکل عام، هی قضیة التطور الإنسانیّ نحو قیم إنسانیة عالیة؛ فتحرر المرأة هو مقیاسٌ لتحرّر الإنسان وتحریر فکره. (ناجی، لاتا: 37) ونتیجة الانفتاح والمساحة التی أُتیحت للمرأة ازدهر الأدب النسویّ الذی هو «الأدب الذی تکتبه المرأة کقاعدة عامّة لأنّها بحسب طبیعتها أقدر على الغوص فی ذلک البعد من حیاة المرأة. أمّا الأدباء من الرجال فإنّهم لا یتکلمون عن المرأة بلْ یصوّرون ما یفتقدونه فیها.» (فوزی، 1987م: 14) حیث أنّهم لا یجدون المرأة قادرة على اتخاذ القرارات ولهذا السبب یحولّونها إلى کائنٍ سلبی ومطیع لأوامرهم وخادم مخلص لعادات وتقالید المجتمع. ومن هذا المنطلق «جاء أدبها کردة فعل طبیعیة للمألوف السلبی المتوارث الذی یخدش حقوقها ویحدّ من حریتها.» (ذوالقدر، 2011م: 34) فی هذا المضمار کانت سیمین دانشور الأبرز بین نظیراتها الإیرانیّات فی إثبات النسویّة ودور المرأة الریادی فی المجتمع. حیث تُشکّل روایتها سووشون قفزة نوعیّة فی النظرة إلى الأنثى، الأنثى التی کان یُنظر إلى جسدها فقط، أمّا دانشور فقد حرّرت الأنثى من الذکوریّة ومن القیود المکبّلة بها وأطلقت لها العنان لتساهم فی بناء المجتمع والدفاع عنه ولتکون أُمّاً وزوجة ومناضلة ومقاومة. وتجلّى ذلک من خلال توظیفا للقیود المفروضة على المرأة على نحو آخر، وکذلک من خلال الجمل المفعمة بالبوح الأنثویّ. من هذا المنطلق نحاول فی هذا البحث الإجابة على الأسئلة التالیة: 1) لماذا اختارت سیمین دانشور بطلة أنثى لروایتها؟ 2) هل اختارت أنثى لتعبّر عن ذاتها أم کانت بطلة روایتها تمثّل کلّ نساء إیران؟ 3) ما هی الرسالة التی أرادت سیمین إیصالها إلى بقیّة النسوة من خلال بطلة القصّة؟ 4) هل کانت معاناة المرأة فی إیران منعکسة فی طیّات الروایة وهل نجحت الروایة فی تسلیط الضوء على المرأة من شتّى الجوانب وتشکیل النواة الأولى للحرکة النسویّة؟ کذلک تکمن أهمّیة هذا البحث من خلال دراسة دور المرأة الریادیّ فی ظلّ الاحتلال وانخراطها فی مقاومة المحتل وعدم رضوخها وقد تجسّد ذلک بأنوثة المرأة الکاتبة، حیث وضعت سیمین دانشور بذلک اللبنة الأولى لشخصیة المرأة فی الأدب الفارسیّ الروائیّ الذی تطوّر لاحقاً على أیدی الکتّاب الإیرانیّین. إضافةً لذلک فتح هذا البحث الباب على مصراعیه أمام صور جمّة عن الظلم والفقر والاحتلال البریطانیّ فی جنوب إیران، کذلک أزاح الستار عن الطبقة الأرستقراطیّة ونهبها لحقوق الآخرین، کما عرّى هذا البحث وهذه الروایة المجتمع وأبرز عیوبه. بید أنّ أهمیّة هذا البحث تجلّت بوضوح فی إصرار الروائیّة على رفض النظرة الدونیّة للمرأة والإجحاف بحقّها وتهمیشها والذکوریّة الحاکمة على المجتمع وإثبات أنّ المرأة هی کالرجل مقاومة وصانعة للتاریخ، حیث دعت من خلال هذه النظرة إلى مساواة الجنسَین ورفض الذکوریّة والتهمیش. الدراسات السابقة لقد اقتصرت الدراسات فی اللغة العربیّة حول سیمن دانشور وروایتها "سووشون" على مقالات شحیحةٍ، هی: «النموذج فی روایة سووشون وروایة الباب المفتوح (دراسة مقارنة)»، فی العام 2014م، فی مجلّة الجمعیّة العلمیّة الإیرانیّة للغة العربیّة وآدابها؛ «صورة الذات والآخر فی روایة سووشون»، فی العام 2014م، فی مجلّة دراسات فی اللغة العربیّة وآدابها. أمّا روایتها سووشون فإنّها لم تُترجم إلى العربیّة بید أنّه تجدر الإشارة إلى أنّ مقتطفاتٍ من أعمال سیمن دانشور وردت فی الدراسات التی تناولت الأدب الفارسیّ المعاصر، من ذلک: «تاریخ الأدب الفارسیّ المعاصر» لمؤلفه محمّد جعفر یاحقی وترجمة الدکتورة ندى حسّون. أمّا اللغة الفارسیّة فإنّها تزخر بدراساتٍ ومقالاتٍ حول سیمن دانشور ولا سیّما روایتها سووشون، نذکر منها:«کتابٌ على ساحل جزیرة الضیاع»، فی العام 1383ش/2004م، لمؤلّفه علی دهباشی؛ «تأمل لحِیرات شهرزاد ما بعد الحداثة»، فی العام 1385ش/200م؛ لمؤلّفه جواد اسحاقیان؛ «سووشون أثرٌ عالمی»، فی العام 1391ش/2012م، فی مجلّة آزما، العدد 87؛ «تحلیل روایة سووشون من ناحیة العناصر الحماسیّة»، فی العام 1390ش/2011م، فی مجلّة اللغة والأدب الفارسیّ، العدد 70؛ «دراسة مفهومَی الموت والحیاة فی روایة سووشون»، فی العام 1391ش/2012م، فی مجلّة الأدب الفارسیّ المعاصر، العدد 3؛ «عامل الزمان فی روایة سووشون»، فی العام 1387ش/2008م، فی مجلّة الأدب العرفانیّ والأسطوریّ، العدد 10؛ «المدینة الفاضلة فی سووشون»، فی العام 1387ش/2008م، فی مجلّة تطویر تعلیم اللغة والأدب الفارسیّ، العدد 85.
سیرتها الذاتیّة وُلدت الکاتبة سیمین دانشور فی شیراز فی العام 1921م، حیث أتّمت ثانویتها هناک ومن ثمّ سافرت إلى طهران لمتابعة دراستها الجامعیّة، حیث درست اللغة الفارسیة وآدابها بکلیة الآداب فی جامعة طهران وتتلمذت هناک على أیدى کبار الأساتذة فی ذلک الفرع ونالت فی النهایة شهادة الدکتوراه فی العام 1949م. تزوّجت سیمین دانشور فی العام 1950م من جلال آل أحمد، القاص الإیرانیّ المعروف وفی العام 1952م حصلت على منحة دراسیّة فی جامعة ستانفورد الأمریکیّة ودرست هناک لعامَین فی اختصاص علم الجمال. تعلّمت هناک کتابة القصّة والمسرحیّة. من ثمّ عادت إلى طهران وعملت بالترجمة کما عملت مدرسّة فی جامعة طهران فی اختصاص علم الآثار وتاریخ الفن، وتقاعدت فی العام 1979م (زادهوش، 1390ش: 16) إلى أنْ وافتها المنیّة فی التسعین من عمرها فی العام 2012م. مؤلّفاتها: «آتش خاموش» (النیران الخامدة) فی العام 1948م، «شهری چون بهشت» (مدینة کالجنّة) فی العام 1961م، «سووشون» فی العام 1969م، «به کی سلام کنم» (على من أُلقی التحیّة) فی العام 1980م، «جزیره سرگردانی» (جزیرة الضیاع) فی العام 1993م، «از پرنده های مهاجر بپرس» (سل الطیور المهاجرة) فی العام 1997م، «ساربان سرگردان» (الجمّال الحائر) فی العام 2001م، إضافة إلى مجموعة من الکتب المترجمة. (دهباشی، 1383ش: 101-109)
روایة سووشون تدور أحداث الروایة حول "زری" زوجة "یوسف" الشاب الوطنیّ الذی یرفض بیع المؤن لقوات الاحتلال الإنجلیزیّ وهی امرأة متعلّمة تبذل کل جهودها للحفاظ على عائلتها باعتبارها وطنها الأول، وذلک فی ظروفٍ صعبة للغایة، وهی کذلک أمٌّ لثلاثة أولادٍ (خسرو، مینا، ومرجان) وتحمل طفلاً فی أحشائها. کما تقدم "زری" دعماً کبیرا لزوجها الإقطاعی یوسف لمقاومة الضغوط التی یواجهها من قبل السلطة الحاکمة والقوات المحتلة. جُلّ ما تتمنّاه "زری" فی هذه الروایة هو أنْ تنعم بحیاةٍ رغیدة وتعیش هی وعائلتها فی وئامٍ وبعیداً عن المشاکل. ولکنّ المحن تعصف بها ویُقتل زوجها فی النهایة على أیدی قوات الاحتلال الغاشمة فتشهد شخصیتها تحولاً عظیماً وتُقرّر أنْ لا تکون سلبیّة بعد الیوم فتأخذ بزمام الأمور وتصرّ على تشییع جثمان زوجها رغم مخالفة المحیطین بها وأعوان الاستعمار کما تُقرّر أنْ تُربّی ابنها الأکبر خسرو على أنْ یأخذ بثأر أبیه.
شخصیات الروایة الرئیسیّة تتألف الروایة من 23 فصلاً، وتتحدث بلغة نسویّة، "یا زری" المرأة الشابة التی لم تبلغ الثلاثین من العمر والزوجة التی تساعد زوجها على مقاومة الضغوط التی یتعرض لها بسبب عدم مسایرة سیاسة السلطات المحتلة الاستغلالیّة. فی هذه الروایة تلعب "زری" دور الشخصیّة المحوریّة، والتی کانت تتمتّع بحیاةٍ هنیئة وتجهد إلى حفظها بید أنّ سیر الأحداث یضعها فی موقعٍ تختلف فیه بشکلٍ تام عن منزلة المرأة التقلیدیّة الإیرانیّة. (Sprachman، 1993م: 347) حیث کانت "زری" شابة شیرازیّة جمیلة المحیّا ورشیقة القوام. وهذه الشخصیّة تتحوّل من شخصیّة خانعة إلى شخصیّة شُجاعة وجسورة بعد اغتیال زوجها یوسف بل مضت هذه الشخصیّة إلى أکثر من ذلک وأخذت على عاتقها مسؤولیة مقاومة الاحتلال عبر توعیة ابنها الأکبر خسرو على العمل على الأخذ بثأر أبیه. یوسف: زوج "زری" المثقّف الذی یأبى بیع المؤنة والقمح للمحتلین والأجانب. فهو رمزٌ للمقاومة حینما کان حیّاً وبعد موته. لقد کانت شخصیّة یوسف واقعة بین أمرَین: «فهو من جهة لا یرید الرضوخ لضغوط القوات المحتلّة والمتحالفین معهم فی الداخل ومن جهةٍ أخرى یتعامل بمودّة مع الفلّاحین والعملة.» (Hillmann، 1988م: 308) الملک رستم والملک سهراب: خانان من "القشقائیّین" قد تمّ إغواؤهم من قِبل المحتلین لشراء المؤنة والقمح من یوسف حتّى یشتروا مقابل ذلک الأسلحة ویحاربوا جیش إیران. الخان کاکا (أبوالقاسم خان): شقیق یوسف وهو مؤید لإنجلترا وعمیل لهم وقد حصل على وظائف ومناصب عبر خدمته الحکّام والأجانب وفی النهایة نرى أنّه وصل لمبتغاه وأصبح مُمثّلاً فی البرلمان. عزت الدولة: عجوزة أرستقراطیّة ومُتآمرة ولها علاقات مقرّبة من السلطة الحاکمة، وقد کانت شخصیتها مثل شخصیة الخان کاکا -شقیق یوسف- العمیل للأجانب. طبعاً یکمن کرهها لـ"زری"، لأنّها لم تصبح عروساً لابنه وتزوجت من یوسف. السید فتوحی: شخصیة تظهر فی أواخر الروایة وهو معلّم خسرو. کان السید فتوحی واحداً من الشخصیات المساهمة فی الأحداث الاجتماعیّة لتلک الحقبة، أی أنّه جسّد الحزبیّین وکان له تأثیر واضح على شخصیة خسرو. سینجر: جاسوسٌ إنجلیزیّ، ویُعدّ أدهى شخصیّة فی روایة سووشون کما یُعتبر رمزاً للاستعمار وقد أزاح سینجر النقاب عن وجهه الجاسوسیّ بعد مرور 17 عاماً، حیث کان قبلها ممثّلاً لشرکة لآلات الخیاطة. حیث یرسل سینجر مبعوثاً إلى یوسف لشراء فائضه من القمح بسعرٍ باهظ، بید أنّ یوسف یأبى ذلک ویثیر یوسف بعمله هذه الناس الجوعى على المقاومة: «هم لیسوا بحاجة لقمحک ومؤنتک، لکنّهم یخشون أنْ تُقلّب الرأی ضدّهم.» (دانشور، 1348ش: 251) مک ماهون: شاعر ومراسل إیرلندیّ کان یعمل فی الجیش البریطانیّ وکان یحمل أفکاراً کأفکار یوسف و"زری" لأنّ بلده کان مستعمراً أیضاً. حیث یعمل سینجر على الاستفادة منه فی إقناع یوسف ببیع القمح لهم، لکنّه أیضاً یأبى: «نحن أقرباء، صحیح؟ إیران وإیرلندا، کلاهما بلد الآریّین. أنتم الأجداد ونحن الأحفاد.» (المصدر نفسه، 13) فی آخر الروایة یکتب مک ماهون مُعّزیاً "زری" فی استشهاد زوجها یوسف قائلاً: «لا تبکی أختاه، ستنبت شجرةٌ فی بیتک وأشجارٌ فی مدینتک والعدید من الأشجار فی بلدک. وستوصل الریاح رسالة کلّ شجرة إلى الأخرى وستسأل الأشجار الریاح: هل رأیت سحر (الحصان) فی طریق مجیئک؟» (زادهوش، 1390ش: 110) الحکیمة: طبیبة تعالج المرضى بالمجان فی مستشفى مرسلین الإنجلیزیّ، حیث کانت الغایة من تقدیم الخدمات العلاجیّة المجانیّة هو حفظ بریطانیا منزلتها لدى الناس والتغریر بهم. وقد تجلّى ذلک فی ردّ الحکیمة على "زری" بعد استشهاد زوجها عندما قالت "زری" «لیتکم تموتون، فتزمّرت الحکیمة وقالت: أهذا هو جواب الخدمة والتضحیة؟ إنّنا نعمل فی مدینة نائیة وفی طقسٍ جاف، وبعیداً عن الأهل، والأدویة والعلاج مجّانی.» (دانشور، 1348ش: 247) مدیرة المدرسة: امرأة عنیدة وصعبة المراس حیث کانت تطلب من الطالبات الطاعة العمیاء وقد کانت تعارض الآداب الإسلامیة کالحجاب والصوم. کما کانت المدیرة تلوم دائماً الطالبات لعدم معرفتهنّ بالحضارة وآداب المعاشرة وأنّ الإنجلیز هم المتحضرون. تبدأ الروایة بمشهد حفلة زفاف ابنة حاکم شیراز، حیث تجری الأحداث فی بدایة الحرب العالمیّة الثانیة، فی جنوبی إیران، المنطقة التی دخلها الإنجلیز قبل زمن الروایة، بید أنّهم تقهقروا منها، ثمّ ما لبثوا أنْ عادوا ثانیةً وأنزلوا جحافلهم هناک. تظهر معظم شخصیات الروایة وأبطالها فی هذه الحفلة: یوسف، زری، سینجر، عزت الدولة، مک ماهون وآخرون.فی الروایة یشتری الجیش الأجنبی المؤنة من فلاحی شیراز، لکنّ احتیاجاتهم کانت فی تزاید وکانوا بحاجة لمؤنة أکبر، هذا الأمر یتسبّب بمجاعة فی الجنوب. فی هذه الآونة یحاول یوسف وأصدقاؤه مثل الملک رستم والملک سهراب أنْ یُطلعوا القبائل هناک على الظروف السیاسیّة الخطرة. فی المقابل الخان کاکا وعزت الدولة یبیعون منتجاتهم الزراعیّة للأجانب، حتّى أنّهم حاولوا تشجیع یوسف على ذلک، لکنّه أبى رغم التهدیدات فکان الموت مصیره. حیث یُقتل یوسف بضربة فأس ینفذها مجهول، وتضطر "زری" لدفنه لیلاً بحضور أبنائها وخادمها وفی مقبرة غیر مقبرته ومن دون الصلاة على جثمانه ، بعد أن تحولت مراسیم تشییع جنازته لتظاهرة صاخبة ضد السلطات المحتلة، وإلى اصطدامٍ عنیف بین المشیّعین والمتظاهرین من جهة، وبین رجال السلطة والمرتزقة من جهة اخرى.
رمزیات ودلالاتروایة سووشون ترمز الروایة التی تُعدّ «روایة تاریخیّة واجتماعیّة وسیاسیّة» (گلشیری، 1376ش: 77) إلى «خفوت شوکة الهیمنة الإیرانیّة فی ظلمة لیالی الاحتلال المضنیة ومواجهة قوات التحالف البریطانیّة.» (دری، 1387ش: 28-29) کذلک یؤکّد میرعابدینی بأنّ روایة سووشون هی روایة رمزیّة حیث أنّ «بیت زری هو رمزٌ للوطن الإیرانیّ وزری هی نموذجٌ واقعی لکلّ نساء إیران ویوسف ما هو إلّا مُمثّل للطبقة النیرة لذلک الوطن وما تمرُّ به عائلة زری، یمرّ به الوطن أیضاً. غایة إدراک زری هو المحافظة على بیتها الصغیر ضدّ الفتن والقلاقل لکنّ الحرب وویلاتها تجد فی النهایة طریقاً إلى بیتها.» (میرعابدینی، 1383ش: 479) فهذه الروایة ماهی إلّا «تصویر حی ومثیر من المنظور السیاسیّ والاجتماعیّ والأخلاقیّ للشعب الإیرانیّ إبّان الحرب العالمیّة الثانیة وإحیاء ذکرى مقاومتهم واغتیال ممثلهم –یوسف- على أیدی قوات الاحتلال.» (دهباشی، 1383ش: 318) إن الروایة تجری من جهة بانسیابٍ روائی ومن جهة أخرى بدلالاتٍ رمزیّة. الروایة هی احتلال جنوبی إیران ونزول المستعمر هناک وسعیه الحثیث لشراء المؤنة أمّا الرمزیّة فتکمن فی تجسید الشخصیات وتعبیرها لوقائع حدثت فی الساحة الإیرانیّة. حیث صرّحت دانشور بأنّ قتل یوسف هو رمزٌ لسقوط حکومة مصدق وهدف الروایة هو إعادة سرد مجریات انقلاب 19 آب-أغسطس 1953م. سووشون بمعنی مأتم سیاوش، وسیاوش من أبطال الملحمة الإیرانیة الشهیرة "الشاهنامة"، وسیاوش هو رمزٌ للمظلوم ومن یُقتل من دون ذنب. وروایة "سووشون "هی قاعدة انطلاق دانشور للحرکة فی مدار الواقعیة والأدب النسویّ، إذ تتجلّی فیها إیجابیة دور المرأة. وقد عُدّت "سووشون" من أفضل الروایات الفارسیة، وتُرجمت إلی سبع عشرة لغة، وتجاوز تعدد نسخها المنشورة ٤٠٠ ألف نسخة حتّی الآن، حیث یقول الدکتور شفیعی کدکنی عنها: «تحتل روایة سووشون، إذا لم نقل المکانة الأولی، المکانة الثانیة أو الثالثة فی الروایة الفارسیّة.» (آژند، 1363ش: 363) کما رُویت هذه الروایة على لسان "زری" ومن أعین زری «إنّنا نرى فی هذه الروایة الأسرة فی قلب المجتمع والأسرة هی انعکاسٌ لتحولات المجتمع. کذلک أشارت دانشور إلى دور المرأة والنساء فی التحولات الاجتماعیّة والحروب على عکس ما کان یُروّج له بأنّ المرأة کانت مُهملة.» (سناپور، 1391ش: 130) وبذلک أماطت دانشور اللثام عن دور المرأة الفاعل فی المجتمع، فالمرأة لیست سلعة یُنظر إلیها بدونیّة، بل صوّرتها دانشور على أنّها أمٌّ وزوجة مناضلة هبّت بعد مقتل زوجها لتحمِل لواء النضال ولتعطی ابنها السلاح لیتابع طریق والده، فمنها یتعلّم الابن المقاومة ویأبى الرضوخ والخنوع لتستمرّ الحیاة ویبقى المجتمع بفضل المرأة. إنّ تخصّص دانشور فی الأدب الفارسیّ، وممارستها التدریس فی الجامعات، الأمر الذی لم یحظ به أدیب إیرانی آخر فی زمانها، قد منحها خاصیّة لقصصها لا ترى إلّا فی قلّة من آثار الأدباء الآخرین. وهذه المیزة تجعلها قادرة على أنْ تمسک بزمام اللغة، وتجعلها تمنح القارئ رؤیة عمیقة للأدب الفارسیّ. (حسینی، 2012م: 60) حیث کانت الکاتبة قد صوّرت الروایة فی ذهنها قبل کتابتها بخمسٍ وعشرین سنة، حیث تؤکد الکاتبة أنّ ذلک کان فی أثناء وجود جیش بریطانیا وقوی الحلفاء فی مدینة شیراز بین سنتَی 1942-1943م عندما کانت تدرس هناک فی مدرسة بریطانیة، وتقول الکاتبة إنّ هذا کلَّه جعلها تکتب روایة سووشون فی ذهنها منذ تلک الفترة. کما یمکن القول بأنّ هذه الروایة هی انعکاسٌ لمؤلفتها سیمین دانشور، فشخصیة "زری" کانت کشخصیة سیمین دانشور متخرّجة من إحدى المدارس الأجنبیّة، کذلک تدور أحداث الروایة فی شیراز التی هی مسقط رأس سیمین دانشور. (غلامی، 1383ش: 47) فی المقابل استمدّت دانشور شخصیة زوج زری، أی یوسف من شخصیة زوجها الحقیقیّ، جلال آل أحمد. (اطمینانی، 1383ش: 445) بشکلٍ عام استمدت دانشور موضوعات کتاباتها من الحیاة الواقعیة، وکانت نتاجاتها تتناسق مع واقع الحیاة تناسقاًجیداً، وهی قادرة على تصویر دقائق المجتمع الإیرانی فیقصصها. وروایة سووشون هی نموذجٌ بارز لآثار الجیل الجدید من الکتّاب الإیرانیّین الذین على عکس کتّاب الروایات التاریخیّة للجیل المنصرم، «یتطرّقون للماضی القریب حتّى یوضّحوا الوضع الراهن.» (Yavari، لاتا: 586) کما تُعدّ سووشون تصویراً للنضال الاستشهادیّ فی جوٍّ من الاستبداد والاختناق. (Spooner، 1991م: 7)
النظریة النسویّة «لا یوجد تعریفٌ جامع وواحد عن النسویّة» (مکاریک، 1384ش: 387)؛ ولکّنه رغم ذلک تُعدّ المرأة المحور الرئیس لنواة مواضیع النسویّة. یستند التعریف العام للنسویّة (Feminism) إلى الاعتقاد بأنّ المرأة لا تُعامل على قدم المساواة لأیّ سببٍ سوى کونها امرأة فی المجتمع الذی ینظم شؤونه ویُحدّد أولویاته حسب رؤیة الرجل واهتماماته. وتُعتبر النسویّة حرکة متعدّدة الجوانب من الناحیة الثقافیّة والتاریخیّة. وقد حظیت أهدافها بتأیید فی شتّى أنحاء العالم. ویمکن تقییم مدى فعالیة النسویّة إذا ما نظرنا إلى الخطاب النسویّ ومدى تفعیله فی التفکیر على مستوى الحیاة الیومیّة. إنّ التعریف البسیط للنسویّة هو دراسة النساء والحرکة النسویّة لیس بوصفها موضوعاً من موضوعات المعرفة ولکن بوصفها ذاتاً قادرة على المعرفة (غریفش وأوکلاهن، 2008ش: 144)، کما یُعرّف معجم أوکسفورد[1] النسویّة على أنّها: «الاعتراف بأنّ للمرأة حقوق وفرص مساویة للرجل» (Fimayor، 1999م: 378)، أمّا معجم ویبستر[2] فیعرفها على أنّها: «النظریة التی تنادی بمساواة الجنسَین سیاسیاً واقتصادیاً واجتماعیاً، وتسعى کحرکة سیاسیّة إلى تحقیق حقوق المرأة واهتماماتها وعلى إزالة التمییز الجنسیّ الذی تعانی منه المرأة.» (الخالد، 1996م: 54) أمّا سارة جامبل[3] فتعرّفها فی کتابها النسویّة وما بعد النسویّة بأّنها: «حرکة سعت إلى تغییر المواقف من المرأة کامرأة قبل تغییر الظروف القائمة، وما تتعرّض إلیه النساء من إجحاف کمواطنات على المستویات القانونیّة والحقوقیّة فی العمل والتشارک فی السلطة السیاسیّة والمدنیّة.» (جامبل، 2006م: 14) لقد وُلدت النسویة فی خضّم التفاعلات التی شهدها المجتمع الأوربی فی نهایة القرن الثامن عشر المیلادیّ، حیث کانت الثورة الفرنسیة مُفجّر قضایا العدالة، الحریة، المساواة، وهنا برزت التساؤلات حول حریّة المرأة لاسیّما أنها شارکت بفعالیة فی هذه الثورة لذا رأى مناصرو حقوق النساء أنّ الثورة الفرنسیة ثورة غیر کاملة لأنّها خدمت نصف النوع البشری، وتجاهلت النصف الآخر. کما رفضت هذه النظریات النسویّة دونیة المرأة واعتبرت العمل المنزلی شکلاً من أشکال الاضطهاد والاستغلال الجنسی رغم أنّها اختلفت فیما بینها حول أُسس التفاوت بین الجنسَین وسبل تجاوزها إلاّ أنّها اتّفقت مبدئیاً على تحمیل النظام الأبویّ والذکوریّ مسؤولیة وضع المرأة المتدنّی.
أهمّ الحرکات النسویّة النسویة اللیبرالیّة[4]: التی تسعى إلى ضرورة توفیر فرص متساویة لکل الجنسَین من حیث التعلیم، العمل، الصحة، الحقوق السیاسیة، لتمکین المرأة من تحقیق ذاتها مثل الرجل. النسویة الاشتراکیّة[5]: التی ربطت دونیّة المرأة بالاستغلال الاقتصادی لقوّة عملها التی تتم عبر التحالف بین النظام الرأسمالیّ والنظام الأبویّ، واعتبرت نهایة هذا التفاوت الجنسی متعلّقة بزوال النظام الطبقیّ. النسویة الرادیکالیّة:[6] کانت النسویّة الرادیکالیّة فی شقّها التحرّری أکثر تطرّفاً لأنّها اعتبرت أنّ إشکالیة التفاوت بین الجنسَین مصدر الصراع الاجتماعی ککل بفعل النظام الأبویّ، فنادت بالقضاء على الأسرة لتحریر النساء من العمل المنزلیّ ومن الأمومة عبر التکنولوجیا الحدیثة واعطاء الأولویة لأنماط جدیدة من الأسرة الخارجة عن أصول الطبیعة. (الخولی، 2005م: 21-23) وکاتجاهٍ عام فإنّ مصطلح النسویّة یشیر إلى التفرقة بین الذکر والأنثى على أساس الدور الاجتماعیّ لکلٍّ منهمَا. وتنطلق الکتابات النسویّة من عدّة أسس، هی:
یجدر بالذکر أنّ النسوة، نتیجة عدم الاعتناء بمؤلّفات النساء، اضطّرت إلى کتابة مؤلفاتها بأسماء رجالٍ. حیث استفادت ماری آن إیفانس[7] (1819-1880م)، الروائیّة البریطانیّة فی القرن التاسع عشر المیلادیّ، من أجل التغلّب على هذه المشکلة، من اسم رجلٍ باسم جورج إلیوت ولذلک الأمر اختارت سیمین دانشور، فی المقالات التی کانت تکتبها فی العقد السادس من القرن العشرین المیلادیّ لرادیو طهران وصحیفة إیران، اسماً مستعاراً (الشیرازیّة المجهولة). (پاینده، 1381ش: 74) وإجمالاً یمکن بناءً على ما ورد تقسیم الأقاویل والحرکات النسویّة إلى منهجَین: المنهج الوصفیّ والمنهج المعیاریّ. فی المنهج الوصفیّ تُبذل الجهود لمقایسة النساء من ناحیة الحقوق، الشأن، والمکانة الفعلیّة مع الرجال وفی المنهج المعیاریّ، یتمّ التطرق إلى ضرورة مساواة الحقوق، الاحترام، والشأن. وبالتالی، الادّعاء بأنّ الحقوق یجب أنْ تکون متساویة بین الرجال والنساء، هو ادّعاءٌ معیاری والادعاء بأنّ النساء محرومة من الحقوق، هو ادعاء وصفیّ. أمّا ما یتعلّق بآثار دانشور، فإنّنا وبحسب تعریفنا لشخصیات الروایة النسائیّة فإنّنا بشکلٍ عام أمام منهجٍ وصفی.
الأدب النسویّ الأدب النسویّ هو الأدب الذی یکون النص الإبداعیّ فیه مرتبطاً بطرح قضیة المرأة والدفاع عن حقوقها دون أن یکون الکاتب امرأة بالضرورة. (أبونضال، 2002م: 276) فیُعرفه بذلک البعض على أنّه: «الأدب المرتبط بحرکة نصرة المرأة وحریة المرأة وبصراع المرأة الطویل التاریخیّ للمساواة بالرجل «(توفیق، 1998م: 10)، بینما یعتبره البعض الآخر: «مصطلح یُستشف منه افتراض جوهر محدّد لتلک الکتابة بتمایز بینها وبین کتابة الرجل فی الوقت الذی یرفض الکثیرون فیه احتمال وجود کتابة مغایرة تنجزها المرأة استیحاءً لذاتها وشروطها ووضعهاالمقهور.» (برادة، لاتا: 225) أما الفریق الثالث فیرى أنّه: «الأدب المرتبط بحرکة تحریر المرأة وحریة المرأة وبصراع المرأة الطویل التاریخی للمساواة بالرجل.» (توفیق، 1998م: 10) کما یمکن تقسیم الأدب النسویّ وِفق المراجع الأجنبیّة إلى الأدب النسویّ من خلال مداخل ثلاثة: الأدب الذی تکتبه المرأة، الأدب الذی یُکتب عن المرأة، والأدب الذی تقرؤه المرأة؛ وبهذا یختلف مفهومنا عن أدب المرأة طبقاً للمنظور الذی ننظر إلیه من خلاله. ولکن وحسب النظرة النسائیّة، فإنّ کلّ منظورٍ من الثلاثة محدود للغایة، ولایکفی وحده لاستیعاب کلّ ما یستطیع أدب المرأة أنْ یقدّمه من رؤىً مختلفة. بشکلٍ عام إنّ الأدب النسویّ لیس خفیاً على أحد فی عصرنا الراهن وحتّى ضرورته، کذلک یُعدّ حضور النساء ووجهات نظرهم فی مؤلفاتهم أمراً مشهوداً. تقول وولف[8] فی هذا المضمار: «نحن إذا کنّا نسوة، فإنّنا نفکّر بذات أسلوب أمهاتنا. إنّ الذهاب لأخذ المساعدة من الکتّاب الرجال المرموقین لا طائل منه، لأنّ ذهنیّة الرجل تختلف مع خصوصیات المرأة نوعاً ما.» (وولف، 1384ش: 113) وتقول فی موضعٍ آخر: «إنّه لمن المؤسف إذا کتب النساء کالرجال أو عاشت کالرجال.»(المصدر نفسه: 128) دانشور أیضاً کانت تحمل هذه النظرة تجاه المرأة وجمیع مؤلفاتها متأثّرة من وجهة نظرٍ أنثویّة وکانت تقول: «إن لم تکن نظرتی کذلک فهذا أمرٌ غیر طبیعی.» (دقیقی، 1381ش: 35) هذه النظرة النسویّة للأدب أدّت لتوصیفٍ دقیق وحمیم للحیاة، ولتوصیف حالات وعواطف الشخصیات النسویّة فی مؤلّفات الروائیات النسوة، من بینهم سیمین دانشور. (گویری ورهنما، 1382ش: 7)
تجلّیات النظریة النسویّة فی روایة سووشون «تناولت سیمین دانشور فی مؤلفاتها النساء والظلم الواقع علیهنّ، کذلک صوّرت مسامحتهنّ وعشقهنّ وکانت دائماً تدعوهنّ إلى الوعی والترقّی.» (پناهیفر، 1393ش: 93) لقد طرحت سیمین دانشور النظریة النسویّة الشرقیّة والإیرانیّة وکانت معتقدة بأنّه ینبغی تهیئة الظروف للنسوة حتّى یفتخرن بنسوتهنّ. کما أنّنا نلحظ فی طیّات روایة سیمن دانشور بأنّها صوّرت وضعیة المرأة بمنهجٍ وصفی وتحدّثت عن مساواة المرأة والرجل کما ینبغی. لذلک قرّرت دانشور نتیجة اطّلاعها على المکانة الاجتماعیّة للنسوة، ومعرفتها بالظلم الواقع على المرأة الإیرانیّة طوال التاریخ، بأنْ تخطو الخطوة الأولى بالاستعانة بالقلم فی طریق الدفاع عن حقوق النساء فی وطنها. فهی معتقدة بأنّه «لا یمکن أنْ أکون امرأة ولا أدافع عن المرأة» (محمّدی، 1380ش: 114)؛ وبالتالی، وضعت مشاکل المرأة منذ اللحظات الأولى نصب عینیها وأدغمتها فی قصصها وروایاتها. تجلّت النسویّة فی روایة دانشور وِفق ما یلی:
1) معارضة الذکوریّة تقول دانشور: «أنا إیرانیّة کافحت وصبرت. أنا امرأة إیرانیّة عانیت من استبداد الحکومة، ومن الاستعمار الشرقیّ والغربیّ ومن التحجیمات الثقافیّة الذکوریّة والأبویّة. إنّی أتوق أکثر لمحاربة الثقافة الاستبدادیّة والاستعماریّة والذکوریّة.» (مافی، 1368ش: 70) فحینما نرى أنّ امرأةً تسعى للتعریف بنفسها بعبارة "أنا امرأة"، نستشف الاعتراض والنسویّة، فالرجال لم یقوموا بذلک. وقبل أنّ تتجلّى النسویّة فی روایتها سووشون تجلّت فی حیاتها الزوجیّة مع جلال آل أحمد، فهی لم ترغب بأنْ تکون سیاسیّة کزوجها ولم تکن ترغب بالوقوع تحت تأثیره قائلةً: «أنا اشترطت منذ البدایة على جلال بأنّنی سأبقى سیمین دانشور وسأفعل ما أراه مناسباً....لقد بقیت سیمن دانشور ولم أصبح بتاتاً سیمن آل أحمد. أساساً إنّنی أخالف طریقة تفکیر جلال... .» (دقیقی، 1381ش: 36) إضافةً إلى ذلک نرى أحیاناً أنّ شخصیة المرأة لا تتمتّع باستقلالٍ تام وقدتجلّت أبرز هذه الحالات فی شخصیة "زری"، الشخصیة المحوریّة فی روایة سووشون، حیث نرى فی هذه الروایة أنّ هذه الشخصیة کانت قابعة تحت طیاتٍ وطبقاتٍ متعدّدة من النظام الذکوریّ وتحت سیطرة وهیمنة شخصیة "یوسف"؛ بحیث لم تبرز تلک النواة الحقیقیّة والجوهر الرئیسیّ لوجود "زری" من تحت هذه الطیات والقیود الاجتماعیّة والثقافیّة. (دهباشی، 1383ش: 327) حیث لاحظنا زری فی عدّة مواضع، من بینها: حینما أعطت حصان ابنها خسرو، إلى مبعوث الحاکم حینما جاء بطلبه، فی تلک الآونة قامت بتوبیخ نفسها لأنّها لم تقاوم ولم تُبرز نسویتها ضدّ الذکوریّة والرجولیّة: «لعنت قلبها الأحمق وفکّرت: یجب أنْ تکون النسوة البلیهات مثلی.» (دانشور، 1348ش: 36) لماذا کانت زری فی الروایة عاجزة عن أخذ حقّها أو المقاومة ضدّ الظلم «لأنّه من المستحیل بأسلوب التربیة والحیاة التی ترعرت بموجبه، أنْ تقوم بأمرٍ تکون نتیجته الإخلال بالوضع الموجود.» (المصدر نفسه: 192) أمّا زری أیضاً فی جواب توبیخات یوسف لأنّها لم تقف بوجه مبعوث الحاکم قالت وصرّحت: «إذا أردت المقاومة، فالأولى بی أنْ أقف أولاً بوجهک أنت. هل ترید أنْ تسمع أیضاً؟ إذن اسمع! أنت سلبت الشجاعة منّی. لقد تساهلت وتسامحت معک کثیراً لدرجة أنّ التسامح أصبح من شیمی.» (المصدر نفسه: 128-129) فهنا نراها تُبیّن أنّ یوسف رمز الذکوریّة وقف أمام طموحاتها وسلب منها حقوقها النسویّة. کما أنّنا نواجه فی روایة سووشون امرأة معترضة «کانت تکتب للمجّلات، مقالاتٍ فی الدفاع عن حقوق النساء وضدّ ظلم الرجال؛ لکنّها لم تجد آذاناً صاغیة فانتهى بها المآل إلى مشفى المجانین.» (المصدر نفسه: 107) وهذا إنْ دلّ فهو یدلّ على تلمیحٍ مریر لمصیر اللواتی یکتبن فی مجتمعٍ ذکوری مغلق عن حقوق النساء. کما نلاحظ فی سووشون أنّ الثقافة الذکوریّة کانت طاغیة وکانت تتغلغل إلى کلّ الأماکن، حیث نرى فی سووشون نموذجاً بارزاً لذلک. هذا النموذج هو الخان کاکا، شقیق یوسف، الذی یُعلّم خسرو، ابن یوسف بأنْ لا یسمع کلام النسوة: «لا تسمع ترّهات النسوة، جمیعهنّ مذعورات» (المصدر نفسه: 61) وقد تعلّم خسرو هذا الدرس جیداً: «لو لم تکن النسوة موجودات لأصبح الأولاد رجالاً بسرعة. النسوة یخفن بسرعة ویُخفن معهنّ الرجال.» (المصدر نفسه: 122-126) وهنا أردات دانشور أنْ تنقل لنا فضلاً عن معارضتها للذکوریّة، القول بأنّ الذکوریّة تنتقل عبر تربیة الأجیال والأبناء لأبنائهم.
2) الاعتراض على التقالید الحاکمة على الحیاة الاجتماعیّة للنساء «الوجه المشترک فی مؤلفات النساء، هو شخصیة روای القصص. القصص النسویّة تُروى عادةً على لسان امرأةٍ عاقلة وصبورة ومنفعلة؛ حیث یعکس تظلّمها وصمتها، وضعیة المرأة الإیرانیّة.» (سپانلو، 1381ش: 126) لقد کانت شخصیة المرأة فی سووشون فاقدة لحقّ التمتّع بحق انتخاب زوجها، ووِفق العادات تُرسل الفتاة إلى بیت زوجها. وکان یُنظر إلیها على أنّها سلعة لا أکثر. مثال ذلک حینما رأت "عزت الدولة"، زری فی الحمام، قامت بالإشادة بشکلها الظاهریّ فقط «استقبلت بوجهها نور الحمام وقالت: ماشاء الله! ما أشدّ بیاض هذا الجسد وما أرقّه. عیناکِ بلون التمور. لم أرَ قط امرأة بهذه العیون. إنّ الله خلقک لیُحبک القلب.» (دانشور، 1348ش: 26) فالمرأة کانت کالسلعة ومقیاس تقییم المرأة هو بیاض جسمها ولون عینَیها وما إلى ذلک. کما أنّ العادات والتقالید البالیة، التی تُقیمها النسوة فی الأعراس، یدلّ على قلقٍ نسویّ لنسوةٍ یرغبن بالذهاب إلى بیوتٍ أخرى لم یعهدوها مُسبقاً: «تمطی العروس سرج الحصان حتّى تکون دائماً ممتطیة لرأس زوجها.» (المصدر نفسه: 7) الحل الوحید لهذه النسوة أمام هذه التقالید البالیة هو الصبر والتحمّل، بید أنّ زری التی کانت رمزاً للعطاء، ومحبّة الرجل، والصبر، قد تعرّضت رغم ذلک، للّوم مِراراً من قِبل یوسف «صفع یوسف زوجته زری وکانت هذه أوّل مرّةٍ.» (المصدر نفسه: 118) تارةً تبرز النسویّة فی اعتراضها على بعض القوانین القانونیّة والفقهیّة، حیث نرى هذه النسویّة من خلال نظرتها لحجاب النساء وأسلوب حیاتهنّ: «لقد کانت زری، الفتاة الوحیدة التی تذهب للمدرسة مرتدیة الملاءة.» (المصدر نفسه: 262)
3) تعظیم المرأة بذلت دانشو جهوداً حثیثة للإشادة بالمرأة. حیث کتبت فی رسالةٍ خیالیّة إلى بروین اعتصامی، الشاعرة الإیرانیّة المشهورة، قائلةً: «ألستُ بامرأة؟ وهل یمکن أنْ لا نقول بأنّ المرأة هی مرکز دائرة الوجود؟» (دهباشی، 1383ش: 1183) وفی موضعٍ آخر کانت معتقدة بأنّه «إذا کانت الدنیا بشکلٍ عام بید النسوة، فإنّ البشریة ستغدو سعیدة.» (المصدر نفسه: 888) وفی سووشون، کانت دانشور ترى بأنّ العالم سیصبح من دون حربٍ ودماء حینما تدیره النسوة: «لیت الدنیا کانت بید النسوة، النسوة هم من أنجب؛ أی هم من خلق والقدر هو مخلوقهم. ربمّا لأنّ الرجال لم یکونوا خالقین أبداً، لذلک یخوضون المعارک والحروب حتّى یخلقوا شیئاً. لو کانت الدنیا بید النسوة، أین ستکون الحروب حینها؟» (دانشور، 1348ش: 193) فتعظیم المرأة والإشادة بها، لو کانت حاکمة وصاحبة رأیٍ فی هذا الوجود، ینمّ عن نسویةٍ جلیة تدعو سیمن دانشور المجتمع إلیها.
4) استخدام اللغة الأنثویّة فی الماضی کان الرجال یکتبون بلغة ذکوریّة للرجال أمثالهم حیث لم یکترثوا بالمرأة ولم یعتبروها قارئة لکتاباتهم ولذلک کانوا یکتبون لجنسهم فقط وکانوا یعتبرون أفضل الکتابات ما یکون بیانه صلبٌ ورجولیّ. (احسان عباس، 1998م: 9) کانت روبین لاکوف[9] (1975م) أوّل عالمة اجتماعٍ قد طرحت قضیة لغة الأنثى النسویّة. فهی معتقدة بأنّ لغة النساء أدنى من الرجال لأنّها تحمل أفکاراً ضعیفة وغیر حتمیّة وتؤکّد على مواضیع غیر مهمّة، وردّات أفعالٍ عاطفیّة. ومن وجهة نظرها لغة الرجال أقوى وأرسخ وإذا ما أرادت النسوة تحقیق المساواة الاجتماعیّة مع الرجال، ینبغی علیهنّ أنْ یتقبّلن لغتهنّ. (سلدن وویدوسون[10]، 1377ش: 263) فاللغة لیست مجموعة من الأصوات والألفاظ بلْ تشتمل أیضاً على الرموز، والإیماءات، والحرکات اللغویّة. کما أنّ استعمال هذه الرموز متفاوتة بین الرجال والنساء. «فی کلّ مجتمعٍ یحظى الرجال والنسوة بحرکاتٍ وأسالیب اجتماعیّة خاصّة بهم، على سبیل المثال أسلوب الضحک لدى الجنسَین مختلف على نحوٍ جلی بینهما. هذا النوع من التفاوت لا یجذب الانتباه فی الحالة العادیّة بید أنّه یتجلّى هذا بوضوح حینما یمشی رجلٌ کالنساء أو یضحک مثلهنّ.» (مدرسی، 1387ش: 161) الأمثلة على اللغة النسویّة فی سووشون عدیدیة نذکر منها: «بُغتةً نهضت من على کرسیّها ولکمت بیدٍ محکمة على بطنها وقالت: یا لیت الذی فی أحشائی یسقط هذه اللیلة..» (دانشور، 1348ش: 130) «صفعت عمتی وجهها وقالت: أعوذ بالله! إنّه لعصر آخر الزمان. ومن ثمّ ارتدت بسرعة ملاءتها.» (المصدر نفسه: 55) «کنت أبکی وأتضرع والدموع تسیل على وجنتَی وأقول أُسامحک بمهری، فقط طلّقنی واترکنی.» (المصدر نفسه: 91) «الآن قسماً بحیاتی، قل کیف أصبح.» (المصدر نفسه: 218) «أماتنی الله، لقد دمّرت نفسک.» (المصدر نفسه: 277) فالأمثلة المذکورة آنفاً عن اللغة النسویّة تجسّدت فی ألفاظٍ ومفرداتٍ قلّما یستخدما الرجال، بینما تُکثر النسوة من استخدامها، من قبیل: «أعوذ بالله!»، «أُسامحک بمهری، فقط طلّقنی واترکنی»، «الآن قسماً بحیاتی»، «أماتنی الله، لقد دمّرت نفسک». فضلاً عن اللغة، تختلف أنواع جمل النساء والرجل عن بعض. حیث أنّنا لا نشاهد فی کتابات النساء تأکیدات حتمیّة کالوجوب أو الافتراض. (محمدی أصل، 1389ش: 91) بینما کانت الجمل فی روایة سووشون استفهامیّة ومتقطّعة ومتردّدة وهذا إنّما یدلّ على الشکّ والتردید القابع فی شخصیة زری بشکلٍ خاص وفی الشخصیّة النسویّة بشکلٍ عام، على سبیل المثال: «ربّما کنتُ جبانة منذ البدایة ولا أعرف.» (دانشور، 1348ش: 130) «لم أتشجّع على المحافظة علیه.» (المصدر نفسه: 130)«ماذا أفعل حتّى أرضیک؟ ماذا أفعل حتّى أغدو شجاعة.» (المصدر نفسه: 131)
5) الأمومة لقد کان حسّ الأمومة متسرّباً إلى جمیع طیّات صفحات روایة سووشون. حیث أنّ أحّد اختلافات آثار النساء والرجال یکمن فی عواطف الأمومة هذه. لقد کانت زری تعکس عاطفة الأمومة تجاه أولادها فی قالب کلماتٍ وجملاتٍ مختلفة عن یوسف بشکلٍ خاص والرجال بشکلٍ عام. حتىّ أنّ هذه الکلمات کانت أیضاً تجاه ابنة الحاکم التی کانت تکرهها «لا تعلم زری هل تفرح أم تحزن؟ فابنة الحاکم على أیّة حال هی ابنةٌ لأمٍّ قد عانت من أجلها. إنّ الفرس سحر لا یرمی ممتطیه.» (المصدر نفسه: 139) کما أنّ الأمومة هی معیارٌ بارز للنسویّة والأنثویّة رغم الآلام التی تتکبّدها النسوة أثناء الإنجاب «إنّ الأمومة وإنجاب الأطفال، کما یقول الرجال، هی أکثر تجارب النساء رضىً. بهذا المعنى یُخفی إنجاب الطفل آلام وصعوبات الإنجاب.» (مؤمنی، سیف اللهی، 1387ش: 68) فحینما ننظر إلى روایتها سووشون نرى بأنّها کانت مُحبّة لعواطف الأمومة ونظرتها تجاه هذا الأمر أسمى من أنْ یجبرها الرجل على ذلک. فالمرأة تملک أعظم سهمٍ فی تربیة الأبناء وهی مربیة للأجیال، حیث أکّدت زری ذلک فی موضعَین: «مُعظم حیاتی انقضت هکذا؛ کلّ یومٍ أجلس خلف عجلة البئر وقد أدرت روال الحیاة ورویت المیاه بالماء. لا أستطیع أنْ أرى أحداً یرکلهم.» (دانشور، 1348ش: 121-130) کذلک تجلّى حسّ الأمومة فی فراق زری لابنها خسرو، حیث ذهب خسرو لاستعادة الفرس من حدیقة الحاکم وقد خشیت زری أنْ یکون ابنها قد وقع فی أیدی الحرس أو قاموا بقتله «قالت زری: اذهب أنت (یوسف)، أنا سأجلس هنا، إنْ لم تحضر ابنی سأموت هنا. سأضع رأسی على الحجر وأموت. الخان کاکا (شقیقی یوسف) أرغمنا على إرسال سحر (اسم الحصان) إلى ابنة الحاکم. اعتقد أنّ خسرو (ابن زری ویوسف) ذهب لیسرق سحر من حدیقة الحاکم.» (المصدر نفسه: 117-118)
6) الدفاع عن حقوق المرأة لقد کانت المرأة الإیرانیّة لأسبابٍ أُسریّة واجتماعیّة تتحمّل مشقّات الحیاة وتتهاوى أمام التحقیر. لذلک انبرت دانشور لإبراز المرأة بدور المبارزة والمدافعة عن حقوققها ومصیرها، إلّا أنّ هذه المبارزة والمدافعة لا تتمّ عبر حمل السلاح لمقاومة الاحتلال الأجنبیّ. فالمرأة الوحیدة فی سووشون والتی سعت للدفاع عن حقوق الناس ضدّ ظلم الرجال عبر الکتابة، هی فتوحی، حیث امتشقت قلمها دفاعاً عن النساء «السیدة فتوحی حینما کانت عاقلة، کانت کتاباتها رائعة وکانت تکتب مقالاتٍ حول حقوق المرأة وضدّ مظالم الرجل فی الصحف المحلیّة. الصحف التی تدعو النسوة إلى الصحوة.» (المصدر نفسه: 107)
7) شجاعة وشهامة المرأة المرأة فی سووشون کانت نموذجاً للشهامة. فرغم أنّ زری کانت فی بدایة الروایة تدعو زوجها للتسامح وعدم جرّ النزاع إلى بیتها، تحوّلت شخصیتها بفقدانها لیوسف، ولم تعد ترى دلیلاً للقلق والتسامح. فهاهی تقف وتقاوم وکأنّها کانت مکّبلة بالقیود وتسّلحت بعد موت یوسف بأسلحةٍ أرادت دانشور تسلیحها بها: «کانت زری مثل الحمامة التی أُطلق سراحها من القفص. کان یجول فی ذهنها عالمٌ من الأسرار والآمال. حیث أضاءت فی ذهنها آلاف النجوم ولیس نجمة واحدة. إنّی أعلم أنّها لن تخشَ من أیّ شخصٍ فی العالم.» (المصدر نفسه: 286) لقد وقفت زری بشجاعة وشهامة تامّة فی مواجهة الخان کاکا وکانت تنظر إلى القضایا بوعیٍ تام وهی مطمئنة «تأمّلت زری فی وجه الخان کاکا وقالت: الیوم توصّلت إلى هذه النتیجة بأنّه ینبغی فی الحیاة أنْ أکون شجاعة...لکنْ للأسف وصلت لهذه الفکرة متأخراً .....لقد اتّقدت الأضواء فی ذهن زری وهی تعلم أنّه لا یستطیع أحدٌ فی هذا الدنیا بأنْ یُخمد هذه الأنوار.» (المصدر نفسه: 292) کما تجلّت أیضاً شجاعة المرأة فی سووشون عبر شخصیة زری، التی کانت تُداری أبناءها وکانت تخشى من اقتراب ابنها خسرو من أسوار بیت الحاکم، إلّا أنّها الیوم تقوم بتسلیحه وإعطائه البندقیّة لیقف فی وجه المخاطر: «قالت زری: کُنت أرید تربیة أبنائی بمحبّة وفی محیطٍ هادئ. أمّا الیوم فأنا أکبر مع الحقد، وسأعطی البندقیّة لابنی خسرو.» (المصدر نفسه: 252) کما أنّنا نلحظ فی شجاعة زری فی سووشون، سعیها الحثیث فی متابعة النضال بعد موت زوجها یوسف برصاصة حقدٍ. لقد سعت دانشور أیضاً إلى إبراز الشجاعة النسویّة على أنّها لا تقلّ عن شجاعة الرجال وفی بعض الأحیان اعتبرتها امتداداً لها: «قالت زری: لکنّنی لستُ نادمة. لا ینبغی کما قال یوسف، أنْ تبقى مدینة خالیة وخاویة من الرجال.» (المصدر نفسه: 303) النتیجة لقد کانت روایة سووشون من أکثر الروایات الإیرانیّة انتشاراً وقراءةً فی المحافل الأدبیّة، کما کانت محطّ بحثٍ ودراسةٍ للعدید من النقّاد والدارسین فی إیران وخارجها. حیث استمدّت دانشور شخصیة البطلة الأنثى فی روایتها من حیاتها الواقعیّة، فشخصیة زری کانت رمزاً لنساء إیران وکان یوسف رمزاً لطبقة المثقّفین المناضلین وکان بیتها رمزاً لإیران. کذلک لاحظنا وجود ارتباطٍ وثیق فی الروایة بین السیاسة والاجتماع، حیث شرحت دانشور بإسهابٍ أحداث جمیع شرائح المجتمع بدقّة بالغة وبنظرة أنثویّة ورؤیة مختلفة، فهی جمعت بین العمل السیاسیّ والعمل الأسریّ معاً، کما جمعت بین الکفاح فی المنزل والنضال ضدّ المستعمر. أیضاً تبیّن لنا أنّ المرأة کانت فی طیّات الروایة مهمّشة ومظلومة، لذا انتفضت دانشور لتوعیة المرأة وتکرار الأحداث التاریخیّة لتتعمّق الفکرة لدى جمیع النسوة بأنّهنّ سینتصرن لا محالة. وقد تجلّى ذلک فی استدعاء دانشور للنسویّة فی جمیع نزاعات الروایة، فـزری المهمّشة والخانعة کانت ترى وتلمس کلّ شیء عن قرب ووقوفها إلى جانب زوجها المقاوم یعنی وقوف دانشور مع الشعب ومع جمیع النسوة ضدّ الظلم وعدم المساواة. لقد کان الصوت النسویّ الأعلى، بلْ الوحید، فی بدایات القصّة والروایة الإیرانیّة هو صوت سیمین دانشور التی استطاعت أنْ تلج إلى جمیع خبایا المجتمع والسیاسة بآنٍ واحد وأنْ ترفع الصوت عالیاً لتلفت انتباه نظیراتها النسوة وتحثهنّ على أداء وظیفتهنّ فی المجتمع، فهنّ قد قدّمن من التضحیات فی المجتمع والمنزل مثل الرجال بلْ ربّما أکثر. کانت دانشور معتقدة بأنّ الذکوریّة تغلغلت إلى العقلیّة الإیرانیّة، حیث کانت نتیجتها تهمیش وتقوقع المرأة، وإحدى طُرق تبدید هذه العقلیّة، هو تعظیم وتبجیل النساء ومنحهنّ حقوقهنّ. کما کانت ترى أنّ الحیاة ستکون أکثر انسجاماً حین تتحقّق المساواة بین الرجل والمرأة. | ||
مراجع | ||
آژند، یعقوب. (1363ش). ادبیات نوین ایران. تهران: امیر کبیر. أبونضال، نزیه. (2002م). تمرد الأنثى فی الإبداع النسوی العربی: ملخص أبحاث مؤتمر المرأة العربیة والإبداع. المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة. إحسان عباس، عبد الحمید. (1998م). ما تبقی من رسائله. الأردن. عمان: دار الشروق. اطمینانی، عباس. (1383ش). بررسی وتحلیل رمان سووشون. تحریر: علی دهباشی. تهران: سخن. برادة، محمد. (لاتا). المرأة العربیة و الإبداع المکتوب. ملخّص أبحاث مؤتمر المرأة العربیة. پاینده، حسین. (1381ش).«سیمین دانشور: شهرزادی پسامدرن»، کتاب ماه ادبیات. شماره 15. صص57-82. پناهی فر، سیمین. (1393ش).«بزرگداشت سیمین دانشور». کتاب ماه ادبیات. شماره 84. صص91-93. توفیق، أشرف. (1998م). اعترافات نساء أدیبات. الطبعة الأولى. القاهرة: دار الأمین. جامبل، سارة. (2006م). النسویة وما بعد النسویة. ترجمة أحمد الشامی. الطبعة الأولى. لامک: المجلس الأعلى للثقافة. حسینی، شکوه السادات. (2012م). «روّاد القصة القصیرة فی إیران وسوریه؛ دراسة مقارنة». مجلّة العلوم الإنسانیّة الدولیّة. العدد 19. صص51-66. الخالد، کورنیلیا. (1996م). «الکفاح النسوی حتى الآن: لمحة عن النظریتین النسویّة الأنجلو-أمیرکیة والنسویة الفرنسیة». مجلّة الطریق. العدد الثانی. صص 54-96. الخولی، یمنى طریف. (2005م). «النسویّة وفلسفة العلم». مجلّة عالم الفکر. الکویت. العدد 2. المجلد 36. صص21-23. دری، زهرا. (1387م). «مدینه فاضله در سوشوون». رشد آموزش زبان وادب فارسی. شماره 85. صص26-29. دانشور، سیمین. (1348ش). سووشون. تهران: خوارزمی. دقیقی، مژده. (1381ش).«سرگردانی یک جیرهی همگانی است». مجلّه زنان. شماره 86. صص32-36. دهباشی، علی. (1383ش). بر ساحل جزیره سرگردانی: جشننامه سیمسن دانشور. تهران: سخن. ذوالقدر، فاطمة. (2011م).«شخصیة المرأة فی الأدب الکویتی الحدیث». مجلّة العلوم الإنسانیّة الدولیّة للجمهوریة الإسلامیّة الإیرانیّة. السنة 18. العدد 18. صص30-36. زادهوش، محمّد رضا. (1390ش). جشن نامه دکتر سیمین دانشور. اصفهان. سلدن، رامان وپیتر ویدوسون. (1377ش). راهنمای نظریهی ادبی معاصر. مترجم: عباس مخبر. چاپ دوم، ویرایش سوم. تهران: نشر طرح نو. سناپور، حسین. (1391ش). «نقد رمان سووشون سیمن دانشور». کتاب ماه وادبیات. شماره 63. صص129-131. غریفش، مارتنوتیری أوکلاهن. (2008م). المفاهیم الأساسیة فی العلاقات الدولیة. ترجمة مرکز الخلیج للأبحاث. دبی: مرکز الخلیج للأبحاث. غلامی، تیمور. (1383ش). «سیمای سیمین اهل قلم». رشد آموزش زبان وادب فارسی. شماره 66. صص40-47. فقهی زاده، عبد الهادی. (1378ش). نقش وجایگاه زن در حقوق اسلامی. چاب اول. تهران: نشر میزان. فوزی، محمود. (1987م). أدب الأظافر الطویلة. مصر: دار نهضة مصر. گلشیری، هوشنگ. (1376ش). جدال نقش با نقاش در آثار سیمین دانشور. تهران: نیلوفر. گویری، شوزان ورهنما، تورج. (1382ش). در آستانه فصل سرد. چاب 2. تهران: روشنگران ومطالعات زنان. مافی، مریم. (1368ش). «صورت خانه دانشور». مجله نشر دانش. شماره 5. دوره 9. صص70-72. محمدی اصل، عباس. (1389ش). جنسیت وزبانشناسی اجتماعی. تهران: گل آذین. محمدی، سایر. (1380ش). هر اتاقی مرکز جهان است. تهران: انتشارات آ گاه. مدرسی، یحیی. (1387ش). درآمدی بر جامعهشناسی زبان. چاپاول، تهران: نشر پژوهشگاه علوم انسانی ومطالعات فرهنگی. مکاریک، ایرناریما. (1384ش). دانشنامه نظریههاى ادبی معاصر. مترجم: مهران مهاجر ومحمد نبوی. تهران: نشر آگاه. موسى، غادة علی. (2008م). حقوق المرأة فی خطاب المؤسسات النسویة العربیة. قطر: لانا. مؤمنی، مریم وسیف اللهی، حسین. (1378ش). «زبان وجنسیت». مجله بازتاب اندیشه. شماره 96. صص66-71. میرعابدینی، حسن. (1383ش). صد سال داستان نویسی. تهران: چشمه. وولف، ویرجینیا. (1384ش). اتاقی از آن خود. مترجم: صفورا نور پخش. چاب 2. تهران: نیلوفر. Fimayor, Sali (1999) Oxford, oxford university press, New york.
Hillmann, Michael (1988) Persian Prose Fiction: An Iranian Mirror and Conscience, inEhsan Yarshater, Persian Literature.
Sprachman, Paul (1933) International Journal of Middle East Studies.
Spoone, Brian (1991)Introduction in A Persian Requiem, London. | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,843 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 1,215 |