تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,629 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,554,176 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,727,286 |
"تراسل الحواس" فی قصائد سیمین بهبهانی وفروغ فرخزاد؛ دراسة کیفیة الترکیب ونسبة استخدام الحواس لدیهما | ||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||||||||||||||||||
مقاله 5، دوره 6، شماره 23، اسفند 1437، صفحه 140-111 اصل مقاله (242.85 K) | ||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||||||||||||||||||
نویسندگان | ||||||||||||||||||
مریم سعدزاده1؛ شهین اوجاق علیزاده* 2 | ||||||||||||||||||
1دانشآموخته دکتری زبان و ادبیات فارسی، گروه زبان و ادبیات فارسی، واحد رودهن، دانشگاه آزاد اسلامی، رودهن، ایران | ||||||||||||||||||
2استادیار زبان و ادبیات فارسی، گروه زبان و ادبیات فارسی، واحد رودهن، دانشگاه آزاد اسلامی، رودهن، ایران | ||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||
یعتبر "تراسل الحواس" واحدا من عناصر صور الخیال حیث تجلى بشکل خاص فی قصائد الشعراء المعاصرین أکثر مما مضى، ولعب دوراً جمالیاً أوسع فی أشعارهم. تسعی الکاتبتان فی هذه المقالة التطرق لدراسة کیفیة استعمال هذه الصورة البلاغیة فی قصائد الشاعرتین الإیرانیتین "فروغ" و"سیمین" بناءً على کیفیة دمج الحواس الخمس وکذلک نسبة استخدامها، مستخدمتین المخططات البیانیة والأرقام التی تدل على تقییم هذا العنصر البلاغی فی قصائدهما حسب المنهج الوصفی. وقد توصلت الباحثتان إلی أن استخدام الشاعرتین لهذه الصورة الفنیة متشابه فی أوجه کثیرة من حیث کیفیة دمج الحواس وترکیبها وکذلک نسبة استخدام الحواس لدیهما غیر أن أن فروغ فرخزاد استعملت تراسل الحواس أکثر من سیمین بهبهانی.کما أن تراسل الحواس من النوع التجریدی الحسی أکثر استعمالاً لدى کل من الشاعرتین من تراسل الحواس الحسی الحسی. واستعملت کلتا الشاعرتین ترکیب حاستی البصر والسمع أکثر من التراکیب الأخرى. | ||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||
تراسل الحواس؛ الحواس الخمس؛ کیفیة الترکیب؛ نسبة استخدام الحواس؛ فروغ فرخزاد؛ سیمن بهبهانی | ||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||
لا نبالغ إذا قلنا إن تأثیر فروغ فرخزاد وسیمین بهبهانی فی القرن الحاضر ضمن نطاق الأدب والشعر یعادل تأثیر الشعراء الرجال بل ویفوقه فی بعض الأحیان، حیث ترکت کل منهما أعمالاً ذات قیمة فی مجال العواطف والخیال ومناهج التفکیر والمحتوى لن تنسى على مر الأیام أبداً. لا شک فی أن دراسة الأفکار واللغة والصور البیانیة لکل من هاتین الشاعرتین بصفتهما ممثلتین بارزتین للنساء الشاعرات، ستکون الحجر الأساس فی معرفة خبایا الأخیلة والعواطف الإنسانیة لهما ودراسة الروح الأنثویة التی تجلت فی قصائدهما بشکل ملموس تماماً والعلاقة القویة مع القضایا العاطفیة والخیال الشعری بغض النظر عن عامل الأنوثة الذی یمثل الاختبارات الدقیقة والنظرة الغنیة بالالتزام والهواجس الاجتماعیة لدیهما. بیان المسألة نحاول من خلال اختیارنا لهذا الموضوع أن نتطرق إلى دراسة کیفیة استعمال "تراسل الحواس" فی قصائد هاتین الشاعرتین بناءً على "کیفیة دمج الحواس الخمس" وکذلک "نسبة استخدام الحواس" مجیبین على الأسئلة التالیة: أی من نوعی تراسل الحواس یظهر أکثر لدى کل من الشاعرتین: "الحسی إلى الحسی" أم "المجرد إلى الحسی"؟ وما هی الحواس الظاهریة التی استخدمتها کل من الشاعرتین أکثر من الحواس الأخرى؟ کیف تتجلى نسبة استخدام الحواس المختلفة وکیفیة دمجها فی قصائد الشاعرتین؟ الفرضیات - یتجلى تراسل الحواس فی قصائد فروغ وسیمین بنوعیه الاثنین. - تلجأ فروغ إلى تراسل الحواس أکثر من سیمین. - تتجلى حاسة السمع لدى کل من الشاعرتین من حیث نسبة استخدام الحواس أکثر من الحواس الأخرى. خلفیة البحث على الرغم من استعمال هذه الصورة البلاغیة فی مختلف مراحل الشعر الفارسی، لکن کتب البلاغة السابقة لم تذکرها، و أول من قام بدراسات منسجمة ومنتظمة حول هذه الصورة البلاغیة هو شفیعی کدکنی. یتطرق شفیعی کدکنی فی کتاب "الصور البلاغیة فی الشعر الفارسی" إلى "عنصر اللون وتراسل الحواس" ویتناول فی کتب "موسیقا الشعر" و"شاعر المرایا" و"مقدمة دیوان غزلیات شمس" و"لغة الشعر فی النثر الصوفی" إلى قضایا مثل الأسس الفلسفیة لتراسل الحواس وتردده فی غزلیات بیدل دهلوی وسهراب سبهری ونظرة مولوی الخاصة إلى هذه الصورة البلاغیة. کما یمکننا الحصول على بعض المقالات حول تراسل الحواس وخاصة فی قصائد سهراب سبهری وبیدل دهلوی نظراً لنسبة تردده فی قصائد هذین الشاعرین، لکن المقالة العلمیة والفعالة من وجهة نظرنا فی هذا الشأن هی مقالة بعنوان "تراسل الحواس، الطبیعة، والماهیة" التی نشرت فی الفصلیة المحکّمة للغة الفارسیة وآدابها، العدد 19، شتاء 2010م. ومؤلفة هذه المقالة هی مینا بهنام وقد حاولت دراسة تراسل الحواس بناءً على نظرة معرفیة لبنیة اللغة. کما یمکننا الإشارة إلى مقالات أخرى بعناوین "الحواس الخمس وتراسل الحواس فی الشعر "لبرستو کریمی و"اللون وتراسل الحواس فی الشعر المعاصر" لعلی سرور یعقوبی و"تراسل الحواس فی غزلیات بیدل" لشراره إلهامی و"تراسل الحواس فی شعر سهراب" لجواد فراستی. ضرورة البحث رغم أنه بإمکاننا العثور على مقالات وبحوث متعددة فی باب تراسل الحواس والأسس النظریة له فی مختلف الکتب والمجالات وخاصة عند الکتاب الغربیین، وعلی الرغم من حداثة البحوث المرتبطة بتراسل الحواس والتی لا یتجاوز عمرها عدة عقود فی إیران، غیر أن هذا البحث سیقوم من خلال توجهه الخاص إلى مفهوم تراسل الحواس، بالکشف عن علاقات الحواس المختلفة ودور ووظیفة هذه الصورة البلاغیة فی قصائد کل من الشاعرتین. تعاریف تراسل الحواس یری شفیعی کدکنی فی کتاب "الصور البلاغیة فی الشعر الفارسی" أن تراسل الحواس هو أحد الأوجه البارزة لعبور المعانی من معبر الصور البلاغیة ویقول: «تراسل الحواس هو العمل الذی تقوم به قدرة التخییل لأجل تنمیة المفردات والتعابیر المرتبطة بحس ما، أو بنقل التعابیر والمفردات المرتبطة بحس ما إلى حس آخر.» (شفیعی کدکنی، 1991م: 271) ویجدر بنا أن نشیر إلى أن کدکنی هو أول من استخدم عبارة "تراسل الحواس" (حس آمیزی بالفارسیة) کمعادل لکلمة (Synesthesia) وتعتبر دراساته العمیقة حول تراسل الحواس، منعطفاً هاماً لبحوث الباحثین والمهتمین بهذا المجال لأجل اکتشاف الأبعاد والمساحات الواسعة لهذه الصورة البلاغیة. ونقلت سیما داد فی "قاموس المصطلحات الأدبیة" تعریفاً من کتاب "موسیقا الشعر" لشفیعی کدکنی فی باب تراسل الحواس قائلة: تراسل الحواس هو ترکیب الحواس وهو اصطلاحاً نوع من المجاز یوجد عبر ترکیب حسّین مع بعضهما البعض. إن تمییز الألوان والأبعاد أو الشکل الظاهری لأی شیء هو وظیفة من وظائف العین، لکن "رؤیة العطر" أو "سماع اللون" وظیفة افتراضیة لحاستی البصر والسمع لإدراک الظواهر التی لا تقع ضمن نطاق تلک الحواس. (داد، 1996م: 113) وقدمت سیما داد بعد ذلک أمثلة من قصائد الشعراء المتقدمین والمتأخرین. نستنتج مما قدمناه من تعاریف لتراسل الحواس أنه تصرف بیانی وافتراضی مثل التشبیه والاستعارة والکنایة وغیرها تظهر قبله صورة فنیة. وإذا أخذنا تعریف رضا براهنی للصورة بعین الاعتبار حیث یقول: الصورة البیانیة عبارة عن ربط شیئین من عالمین متمایزین بواسطة الکلمات فی نقطة معینة. (براهنی، ج1، 2001م: 114) فإن تراسل الحواس قادر على خلق صور بدیعة ونادرة وغنیة بالغموض والتأویل فی الشعر أو فی أی عمل فنی، کما یمکن اعتباره فی هذه الحالة عاملاً خفیفاً بنسبة استخدام مرتفعة وملفتة للنظر. فعلى سبیل المثال نلاحظ هذا الأمر فی شعر بیدل بالأسلوب الهندی وشعر سهراب سبهری فی الفترة المعاصرة. لکن هذا لا یعنی أنه یمکننا العثور على أجمل نماذج تراسل الحواس فی قصائدهم، حیث نلاحظ أن الصور البیانیة ذات تراسل الحواس بنسبة استخدام عالیة وملفتة للنظر فی قصائدهم، عامل خفیف ولکن یمکننا أن نعثر على نماذج کثیرة ورائعة من تراسل الحواس فی قصائد الشعراء على مر العهود التاریخیة المختلفة فی إیران والعالم. جدیر بالذکر أن هذا المصطلح یستعمل فی الأدب العربی باسم "الحس المتوازن" أو "تبادل الحواس". (وهبة، 1977م: 556) الأدوات البیانیة المرتبطة لکل حاسة من الحواس لأجل تشخیص تراسل الحواس، ونظراً لأهمیة الموضوع ومعرفة کل من الحواس الظاهریة والمفردات والمتطلبات البیانیة المرتبطة بکل منها، نشیر إلى الحالات التالیة:
تراسل الحواس من وجهة النظر البلاغیة بدأ استعمال هذا المصطلح فی أوروبا فی العقود الأخیرة وترجم إلى الفارسیة فیما بعد واستعمل فی کتب البلاغة. یختلف علماء البلاغة فی وجهات نظرهم حول ماهیة الاستعارة أو افتراضیة تراسل الحواس. یعتبر شفیعی کدکنی فی کتاب صور الخیال فی مبحث عنصر اللون وتراسل الحواس، أن تراسل الحواس ینتمی إلى فئة الاستعارات حیث یعمل على نقل الصفات أو الأفعال المرتبطة بحاسة البصر. (شفیعی کدکنی، 1991م: 274) أما مجدی وهبة فیعتبر أن تراسل الحواس نوع من المجاز کما یرى أن العلاقة الموجودة فیه علاقة تأثیر نفسی واحد. یرى وهبة أن اختلاف تراسل الحواس والاستعارة یکمن فی أن الاستعارة تقوم على علاقة بین المشبه والمشبه به، أما تراسل الحواس ففیه علاقة التأثیر النفسی الواحد، ویعتقد أنه لا یوجد تشابه بین الطعام الفاسد والصوت الزاعق "الطعام الزاعق" لکن التأثیر الذی یمارسه کل منهما على ذهن المخاطب واحد. (وهبة، نقلاً عن بهنام، 2010م: 69) ونعتقد من خلال الدراسات التی أجریناها فی باب الهیکل البلاغی لتراسل الحواس، أن أفضل الدراسات قد أجراها کمال أبو أدیب الذی تطرق إلى نقد وجهات نظر وأفکار الجرجانی مؤلف کتاب أسرار البلاغة وکذلک وجهات نظر المفکرین والنقاد الغربیین. وبما أن بحث الاستعارة بحث واسع النطاق یمتد من عهد أرسطو حتى الآن فی الغرب وینتمی إلى فئة البلاغة، فقد اعتبر الباحثون الغربیون أن تراسل الحواس هو أحد فروع الاستعارة الهامة، ومن أهمهم ستفان أولمن حیث یعتبر تصنیف أولمن من أکثر الأنظمة انسجاماً ودقة فی مجال الاستعارة، وقد أوجد أساساً دقیقاً بین علاقتین تلعبان دوراً هاماً فی عملیة المجاز: التشابه والتجاور. کما اعتبر التشابه حاصل مخرج مشترک فی کل من المفهومین S1, S2. (أبودیب، 1984م: 46) أنواع تراسل الحواس من حیث الطرفین
أنواع تراسل الحواس "کیفیة ترکیب الحواس" إذا اعتبرنا أن تراسل الحواس عبارة عن ترکیب حاستین على الأقل من الحواس الخمس، فیمکننا أن نتصور وجود 20 حالة تنتج عن ترکیب حاسة واحدة فی النقطة المرکزیة أو فی قاعدة تراسل الحواس مع الحواس الأربع الأخرى. یجب علینا أن نأخذ بعین الاعتبار أن هذه الحالات العشرین لا توجد فی قصائد جمیع الشعراء، فعلى سبیل المثال قد یقوم الشاعر بتبادل حاستین أو ثلاث من الحواس الخمس وقد یقوم شاعر آخر بترکیب حاستی السمع والبصر دون أن یقوم باستعمال الحالة المعاکسة على الإطلاق. (بهنام، 2010م: 65-68) یمثل المخطط البیانی التالی هذه الحالات العشرین:
إن انتشار کافة الحالات المذکورة أعلاه لیس واحداً، وأکثرها انتشاراً سماع اللون أو رؤیة الصوت (Coloredhearing). إن کیفیة انتقال إحدى الحواس إلى حاسة أخرى، لا تتبع انسجاماً معیناً. (معتمدی و یاسمی، 1989م: 4) لمحة عن سیمین بهبهانی تلقب سیمین بهبانی بلقب "نیما الغزل"، نظراً لما نظمته من قصائد تزخر بالخیال والعاطفة بلغة فاخرة ومتینة. ویمتدح حق شناس فی مقالة بعنوان "نیما الغزل، سیمین" محاولة سیمین فی ابتکار أوزان جدیدة فی الغزل معتبراً أن عملها هذا من الإبداعات الفنیة البارزة من حیث إیجاد إمکانات جدیدة تؤدی إلى اتساع فضاء الغزل وزیادة قدرته على قبول معان جدیدة. (حق شناس، لاتا: 154-162) ولدت سیمین بهبانی فی طهران عام 1927م. أول أعمالها الشعریة دیوان العود المکسور 1941م، ومن أعمالها الشعریة الأخرى آثار أقدام 1956م، النجفة 1957م، مرمر 1962م، القیامة 1973م، خط من السرعة والنار 1981م، سهل أرجن 1982م وبحیرة من الحریة. وآخر عملین لها هما "واحد على سبیل المثال" و"أشعار جدیدة". تمکنت سیمین فی مجموعة أعمالها الشعریة من إیجاد تحول فی نظامها الإیجازی، حیث نجحت فی أسلوب التصویر فی الابتعاد عن منظر القدماء والنظر إلى المحیط الخارجی من خلف نظاراتها الخاصة وإخضاعه لتجربتها مما جعل لغة أعمالها الشعریة جدیدة وقریبة من أیامنا. (زرقانی، 2008م: 387) لقد جعلت المسیرة الفنیة والجمالیة لسیمین فی مجموعة أعمالها منها شاعرة ناجحة لجأت إلى کافة قدراتها لأجل وضع أفکارها الإنسانیة ضمن إطار الکلمات والمفردات بالاستفادة من کافة الصور البیانیة مثل التشبیه والاستعارة والمجاز والکنایة وغیرها، حیث یحظى تراسل الحواس بأهمیة کبیرة فی أعمالها لدرجة أن کتاباتها التی تعبر فیها عن الهدف الغائی من نظمها للشعر، تشیر إلى تراسل الحواس المختلفة: «شعری تجربة اللحظات، وکأننی أستشف الزمن واللحظات جرعة جرعة، حلوة تارة ومرة طوراً، وتمتزج جمیع الجرعات بالتدریج بدمی ولحمی، تتبرعم مع شبابی وتثور وتنشد، تهب لغضبی وتصرخ، معبرة تارة وعقیمة طوراً حتى تعثر الآذان على طریقها وتتمجد بحزنی.» (بهبانی، 1998م: 655) تعتبر سیمین أن الزمن مفهوم مجرد فتشربه وهی تشعر بحلاوته أحیاناً ومرارته أحیاناً أخرى. وتتجلى تجربة تراسل الحواس وعملیة الانتقال التی یحفزها الخیال لدى القارئ، فی الکثیر من قصائد سیمین حتى أنها تشبه هذا العنصر البلاغی بالحبیب وتقول: أنت هو الشخص الذی أذاقنی روعة البلوغ على غرة منی مرة أخرى کطعم الفاکهة غیر الناضجة. یواجه المخاطب فی المثال أعلاه تشبیهاً جدیداً وبدیعاً حیث تعبر عن روعة البلوغ بطعم الفاکهة غیر الناضجة، ولکن هل هناک شیء جعل من هذا التشبیه غایة فی الروعة، غیر تراسل الحواس؟ روعة البلوغ عبارة عن مفهوم مجرد یمتزج بحاسة الذوق فیبدع تشبیهاً جمیلاً. وقد توصلنا من خلال دراسة 204 حالات من حالات تراسل الحواس فی أعمال سیمین بهبهانی إلى نتائج ملفتة للنظر، ورغم أننا لا ندعی أننا اکتشفنا جمیع حالات تراسل الحواس فی قصائدها، لکن هذه النسبة تمکننا من تقدیم مخطط بیانی ملحوظ حول استعمال هذه الصورة البلاغیة فی قصائدها. من بین 204 حالات تراسل الحواس، هناک 110 حالات تراسل الحواس ترتبط بفئة تراسل الحواس المجرد الحسی و94 حالة ترتبط بفئة تراسل الحواس الحسی الحسی، ولذلک نلاحظ أن سیمین تمکنت فی شعورها بالمفاهیم المجردة من ابتکار عبارات بدیعة مثل العشق الحاد والأوهام الحمراء والصفراء و اللحظات الملونة، وهذا ما یدفعنا إلى الاستنتاج بأن سیمین حاولت إلقاء المفاهیم المعنویة والمجردة الخاصة بها عن طریق الحواس الظاهریة لجعلها ملموسة للمخاطب. ومما یلفت النظر هنا هو أنها تلم بکافة الزوایا المجردة للحیاة البشریة ومن الصعب أن نعثر على مخطط بیانی یشمل مفهوماً محدداً أو عدة مفاهیم فی شعرها. ترى سیمین أن اللحظات والآلام والأوهام والعمر وأفکار الموت والعدم والأهم من ذلک العشق، یمکنها أن تکون ملونة وذات طعم کما یمکننا سماعها فی بعض الأحیان ولمسها وحتى شمها. ولکننا لا یمکن أن نغفل أمرا وهو أن سیمین تنتمی فی الفترة المعاصرة إلى فئة الشعراء شبه التقلیدیین فی إیران، حیث یعتبر الغزل هو القالب الرئیس لقصائدها، ولا یمکننا بالطبع أن نتوقع أن هذه الصورة البلاغیة فی أعمالها بارزة وغزیرة، الأمر الذی یتبین لنا من خلال مقارنتها بقصائد فروغ فرخزاد، حیث نلاحظ أن سیمین لم تستخدم سوى 200 حالة من تراسل الحواس فی کتاب یتجاوز حجمه 1500 صفحة، بینما استخدمت فروغ هذه الصورة البیانیة 130 مرة فی کتاب یقل حجمه بکثیر عن الکتاب المذکور، وهذا ما یبین لنا نظرة هاتین الشاعرتین إلى الصور الفنیة الجدیدة؛ لأن تراسل الحواس من الصور البلاغیة التی راجت فی الفترة المعاصرة بین شعراء الحداثة. و یمکننا القول بجرأة إن فروغ التی تمثل الشاعرة الأنثى فی الفترة المعاصرة والتی تضطرب سطور قصائدها، لجأت إلى تراسل الحواس أکثر من سیمین التی تنظر إلى ما حولها نظرة شبه تقلیدیة. ولذلک فإن مقارنة هذه الصورة البلاغیة فی قصائد هاتین الشاعرتین، تمکننا من معرفتهما بشکل أکبر. دراسة تراسل الحواس فی قصائد سیمین بهبهانی
من بین 204 حالات تراسل الحواسفی قصائد سیمین بهبهانی، هناک 94 حالة ترتبط بفئة تراسل الحواس الحسی الحسی، وکما ذکرنا من قبل فإن تراسل الحواس قد یظهر فی عشرین حالة بناءً على کیفیة الترکیب، لکن لا یلجأ الشاعر عادة إلى ما یزید على تراسل واحد أو اثنین. لاحظنا من خلال دراستنا لقصائد سیمین بهبهانی وجود 7 أنواع من تراسل الحواس على النحو الآتی: أ) البصر + السمع "34 حالة" إنها ألف أنة صفراء ویائسة/ نمت فی صمت اللیل الأسود. (خط من السرعة والنار، 515) قامت الشاعرة فی هذا البیت بترکیب الصمت الذی یرتبط بحاسة السمع مع السواد الذی یرتبط بحاسة البصر لتبدع عبارة الصمت الأسود. ونلاحظ کذلک فی الشطر الأول عبارة ألف أنة صفراء. ب) السمع + اللمس "19 حالة" أبلغ أغنیة الحرکة الدافئة، ذروتها واکسر صندوق الجواهر المتدحرجة فی زقاق حدیقة الصمت. (الجمعة السوداء، 631) نلاحظ فی البیت أعلاه أن الأغنیة المرتبطة بحاسة السمع تمتزج بالدفء المرتبط بحاسة اللمس لنحصل على ترکیب الأغنیة الدافئة. وهناک تراکیب أخرى مثل الصوت الجاف واللفظ الدافئ ناتجة عن ترکیب حاستی السمع واللمس. ت) الذوق + السمع "16 حالة" سمعت کلامک المر کطعم النارنج غیر الناضج. (سهل أرجن، 780) تشبه الشاعرة فی هذا البیت الکلام المر بطعم النارنج الذی لم ینضج بعد حیث تمزج تراسل الحواس هنا بالتشبیه لکن الکلام المر تراسل للحواس لأنه طعم النارنج الذی لم تتذوقه بل سمعته. ث) البصر + اللمس "15 حالة" أحب حبا دافئا مداعبة نظرته أحبحبا دافئا بیاضها وسوادها. (مرمر، 415) نلاحظ فی هذین البیتین ترکیب مداعبة النظرة حیث ترتبط المداعبة بحاسة اللمس والنظرة بحاسة البصر کما أن الحب الذی یعتبر مفهوماً مجرداً یصبح دافئاً وقابلاً للإدراک بحاسة اللمس. ج) الذوق + اللمس "4 حالات" لم أتذوق طعم قبلة الأم کما تذوقتها هذه المرة. (آثار أقدام، 37) إن فی عدم تذوق القبلة تراسل للحواس بین القبلة التی ترتبط بحاسة اللمس والتذوق الذی یرتبط بحاسة الذوق. ح) الذوق + الشم "3 حالات" عطره المر فی الصدر زکی الرائحة. (خط من السرعة والنار، 692) إن ترکیب العطر المر تراسل للحواس بین العطر الذی یرتبط بحاسة الشم والمرارة التی ترتبط بحاسة الذوق لخلق ترکیب العطر المر. والأمر الملفت للنظر هنا هو أن سیمین بهبهانی لجأت 61 مرة إلى حاسة السمع من بین الحواس الخمس، و47 مرة إلى حاسة البصر ولجأت فی حاسة السمع إلى أدوات متعددة ترتبط بهذه الحاسة مثل السمع والصوت والصمت والأغنیة والأذن والنغمة والضحکة وغیرها. أما بالنسبة لحاسة البصر، فقد لجأت 21 مرة إلى أدوات العین والنظرة والبصر و18 مرة إلى الألوان وترکیبها مع الحواس الأخرى وترکیب الألوان لدیها متنوع ولیس هناک لون محدد یلفت الانتباه فی تراسل الحواس لدیها. أما بالنسبة للذوق فنلاحظ أنها تستخدم المر والحلو بشکل متساو بما یعادل 7 مرات لکل منهما کما تستعمل الشرب أکثر من التذوق، وکذلک فهی تستخدم الدفء أکثر من البرد، حیث نلاحظ استخدامها للدفء 12 مرة وللبرد مرتین فقط وبذلک تمکنت سیمین بهبهانی من نقل دفء وجودها إلى المخاطب بحیث یشعر بالحرارة الملتهبة فی وجودها والدفء هنا یمنح الشعور بالأمل.
فی هذه الفئة من تراسل الحواس لدى سیمین بهبهانی، نلاحظ ترکیب المفاهیم المجردة مع کل من الحواس الخمس فی 110 حالات وهی أکثر عدداً مقارنة بالنوع الأول بعشرین حالة تقریباً. ومما تجدر الإشارة له هنا أن سیمین فی هذه الفئة من تراسل الحواس، لم تلجأ إلى حاسة السمع إلا فی 4 حالات خلافاً للنوع الأول الذی شهدنا فیه استعمال حاسة السمع بنسبة أکبر، أما فی هذه الفئة فنلاحظ ترکیب حاسة البصر ثم اللمس أکثر من سائر الحواس، أی أن سیمین ترى العشق وتشعر بدفئه أکثر من أن تسمع صوته وألحانه. ونلاحظ هذا النوع من تراسل الحواس إلى جانب الصور البلاغیة الأخرى فی بیت واحد وضمن نسیج جملة أو شعر: فی معبد هذه الصدور التی لا معبود لها/ أین هو بخور الهیام وعطر العشق والولع؟ (مرمر، 446) نلاحظ أن هذا البیت یحتوی على شبکة من التناظر بین المعبد والمعبود والبخور والعطر، حیث تمکنت الشاعرة فیه من استشمام بخور العشق والولع. وفضلاً عن ذلک، فإن کلا من هذه التراکیب إضافة تشبیهیة. إذا أردنا تمثیل ترکیب المفاهیم التجریدیة والحواس الخمس، فسوف نحصل على المخطط البیانی التالی:
تستعمل سیمین بهبهانی ترکیب المفاهیم التجریدیة والبصر 17 مرة بالألوان و30 مرة بأنواع الألوان الأحمر والدموی "9 مرات" والأصفر والذهبی "10 مرات" والأخضر والأسود والرصاصی والأزرق الرمادی. بالنسبة لحاسة اللمس، نلاحظ تردد الدفء 15 مرة أکثر من البرد الذی استعمل 7 مرات فقط. والمفاهیم التجریدیة المستخدمة فی قصائد سیمین والمرکبة بالحواس الخمس، واسعة جداً لکن نلاحظ ترکیب مفهوم الحب والود بالدفء أکثر من سائر المفاهیم، حیث تتحدث عن العشق الدافئ والود الدافئ. سنقدم فیما یلی أمثلة عن کل ترکیب ینتمی إلى هذه الفئة ثم سنتطرق إلى نسبة استخدام الحواس فی کل من تراکیب تراسل الحواس:
یا اصفراری النامی، تحدث عن حمرة الخجل! (سهل أرجن، 849) تصبح الروح صفراء والخجل أحمر اللون حیث نلاحظ تضاد الأحمر والأصفر فی هذا البیت. ویمکن التطرق إلى نقد وتحلیل تردد الألوان المختلفة فی شعر سیمین وامتزاجه بالمفاهیم المجردة من الجانب النفسی.
یتغلب شعور الحرارة فی هذا النوع من تراسل الحواس لدى سیمین على سائر المشاعر الأخرى، مما یشیر إلى نضوح الحرارة من باطنها الدافئ. أنت تحترق من حرارة العشق وکانوا قد وصفوک کئیبا کالجلید. (جلجراغ، 191) ویتسم الحب والعشق بالدفء من وجهة نظرها وهو ساخن لدرجة أنه یحرق باطن الإنسان، وحتى الخیال فهو ساخن فی تراسل الحواس المشهود فی البیت التالی: أرقد على وسادة ناعمة مع حلول اللیل/ وطیف خیاله ضیف إلى جانبی لیتک تعرف کم هو مثیر ودافئ/ لیتک تعرف کم هو رائع وحنون. (جلجراغ، 191) وفی مقابل هذه الحرارة، نلاحظ أن الخوف هو ما یشعرها بالبرودة، برودة القلب التی یجب أن تتحول إلى حرارة. إن سائر الحواس المرتبطة بحاسة اللمس ذات مفهوم سلبی من وجهة نظر سیمین.
ولم لا أعشق؟/ ألیس العشق حلواً؟ (سهل أرجن، 807) العمر یتجه إلى المرارة/ سوف أشیخ ألیس کذلک؟ (1145) یصبح العشق فی المثال الأول وهو مفهوم مجرد، حلو الطعم ومضی العمر یصبح مراً وأحیاناً یصبح الحزن مراً والقلب بارداً وأسود.
لم تلجأ سیمین بهبهانی إلى رائحة محددة أو عطر معین وقد استعملت مطلق الرائحة والعطر کأداة بیانیة لنقل هذا الشعور إلى المخاطب. وبناءً على ذلک، عندما تتحدث الشاعرة عن عطر العشق والشباب والرائحة الزکیة للروح والذکریات، یمکن للمخاطب أن یستبدل أی عطر موجود فی ذهنه ویستمتع بقراءة الشعر مدرکاً متعته وفنه. قل لی أن ما تشمه من عطر الشباب هو من براعم الخیال. (جلجراغ، 196) وتقول فی مکان آخر: إن عطر هذا العشق الذی ینضح من شمعة شعری شعلة أوقدها من کیانی. (جلجراغ، 208) إن هذا العشق الذی ینثر العطر بین مفردات سیمین، شعلة تتقد من وجودها فی الوقت الذی ینضح فیه عطر العشق من شمعة شعرها.
کما نلاحظ من العنوان، فإن ترکیب المفاهیم التجریدیة وحاسة السمع یحتل المرتبة الأخیرة فی تراسل الحواس لدى سیمین، أی إن سیمین قلما تسمع المفاهیم المجردة، وذلک خلافاً لتراسل الحواس من النوع الأول الذی یتواجد فیه السمع بتردد مرتفع. من کل تلک الجروح التی أصاب الصدیق أوتار قلبنا بها/ کانت هناک نتیجة حاصلة هی نغمة العشق هذه فی دفترنا. (مرمر، 318) تشبه سیمین شعرها بنغمة العشق، بسبب العشق الذی أصاب قلبها بالجراح. نسبة استخدام الحواس فی تراسل الحواس من النوع الحسی الحسی
وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن تراسل الحواس فی شعر سیمین ینتمی إلى هیکلین اثنین:
مثال: الصمت الأسود والأغنیة الخضراء.
إن اکتشاف هذا النوع من تراسل الحواس أمر یسیر فی نسیج الجملة أو الشعر مثل "کم أحب مداعبة نظرته الدافئة". الحب الدافئ فی الحقیقة تراسل من النوع غیر المرکب وهو یظهر فی نسیج الجملة. لمحة عن فروغ فرخزاد تعتبر فروغ فرخزاد من أشهر الشعراء المعاصرین فی إیران حیث ترجمت قصائدها إلى عدة لغات حیة وقد برزت فی ساحة الشعر جنباً إلى جنب مع الرجال الشعراء وتفوقت علیهم أحیاناً، حیث تقول هی بنفسها: العمل الفنی جهد نطمح من خلاله للبقاء أو إبقاء أنفسنا والتخلص من العدم. (خسروشاهی، 2000م: 116) لقد تمکنت فروغ بجهودها فی هذا المجال الفنی من إبعاد العدم عن نفسها لیبقى اسمها خالداً إلى الأبد. لقد قربت فروغ عواطفها وتخیلاتها حیث تبین کل شیء کما تراه من منظورها الشخصی، ولذلک تأتی بصور بیانیة مؤثرة من عواطفها تبدع منها معانی وصوراً جدیدة. (رضایی، 2001م: 57) وهذه الصور البیانیة الجدیدة هی التی منحت شعرها سمات إنسانیة عامة، ورغم أنها تزخر بخوف إنسان القرن العشرین واضطرابه، لکنها غنیة بالتحدیث الذی أدخلته من أسلوبها إلى ساحة الشعر. رغم أن فروغ فی مجموعتها الشعریة الأولى وکما تعترف بنفسها، لم تکن قد اکتشفت غایة الشعر بعد، لکنها ولدت من جدید فی مجموعتها "ولادة جدیدة" من حیث هیکل الصور الشعریة والمعنى والمحتوى والروح الفکریة. إن هذا الامر منح شعرها لوناً وعطراً ممیزین حیث یتسم بالوحدة والانسجام الفنی والذهنی. تمتزج کافة ظواهر العالم والوجود فی نظرة الشاعرة فروغ حیث تصور التجارب الحلوة والمرة من حیاتها بلحظاتها الخاصة والمختلفة التی تأتی وتذهب واحدة تلو الأخرى حتى تخلق شعراً عبرت عنه بأنه حیاة الکلمات داخل الإنسان وإعادة کتابتها بشکل حی على الورق. (خاتمی، 1998م: 8) وتتحول هذه الکلمات الحیة فی قصائد فروغ إلى صور بیانیة فنیة نقیة وأصیلة مثل التشبیه والاستعارة وسائر الصور البلاغیة. لکن ما یلفت الانتباه لدیها هو تراسل الحواس فی الشعر والذی یحظى بأهمیة کبیرة. أما الجدیر بالذکر فی باب تراسل الحواس لدى الشاعرة فروغ فهو استعمال الصور البلاغیة فی نسیج الجملة، ورغم أن فرز الأجزاء الرئیسیة لتراسل الحواس أکثر صعوبة بقلیل، إلا أنه ونظراً للعنصر الأساسی المتمثل فی الغموض فی الفن الحدیث وتغییر درجة إقناع قراء الشعر الحدیث مقارنة بقراء الشعر الکلاسیکی وخاصة الأسلوب الخراسانی الذی یقضی بأن فهم الشعر کلما کان أکثر صعوبة وتطلب تعمقاً أکثر فإنه ینم فی هذه الحالة عن أسلوب أفضل، فإنه یعتبر من النماذج السامیة لتراسل الحواس. (بهنام، 2010م: 77) إن استعمال هذه الصور البلاغیة فی أشعار فروغ من حیث الأسس الفلسفیة لتراسل الحواس، یمکن له أن یخضع للدراسة، لأن الکثیر من نقاد شعر فروغ التی تنظر إلی الوجود نظرة الوحدة والامتزاج لعناصره فی أشعارها، یعتقدون أن هذه النظرة یمکن لها أن تؤثر بشکل غیر إرادی علی کلام الشاعرة وتمزج الحواس ببعضها، کما هو الأمر فی النظرة الصوفیة حیث یمکن لجمیع الحواس أن تتدخل فی عمل بعضها البعض لتحقیق هدف واحد. (شفیعی کدکنی، 2013م: 320) بناءً على ما تم ذکره، فقد تمکنا من استخراج 130 حالة من حالات تراسل الحواس من مجموع أعمال فروغ فرخزاد وتقییمها من حیث کیفیة الترکیب ونسبة استخدام الحواس، حیث لاحظنا أن کلاً من النوعین موجودان فی أعمالها الشعریة مع زیادة تبلغ 8 حالات لفئة تراسل الحواس التجریدی الحسی کما لاحظنا أنها لجأت فی تراسل الحواس إلى معظم الحالات العشرین على الرغم من نسبتها القلیلة. بعد مطالعتنا لقصائد فروغ، قمنا بدراسة 130 حالة من حالات تراسل الحواس وتقییمها حسب کیفیة الترکیب ونسبة استخدام الحواس ولاحظنا أن 69 حالة تنتمی إلى الفئة التجریدیة الحسیة و61 حالة إلى الفئة الحسیة الحسیة.
من خلال دراستنا لـ 130 حالة من حالات تراسل الحواس، لاحظنا أن 61 حالة تنتمی إلى الفئة الحسیة الحسیة. استخدمت فروغ فی هذه الفئة تداخل کافة الحواس وحتى لو لم تأت بها سوى مرة واحدة فی شعرها فقد استخدمت فروغ من الحالات العشرین لتراسل الحواس، 11 حالة حسب الترتیب التالی: أ) السمع + البصر "26 حالة" نلاحظ فی المثال التالی حالتین من حالات تراسل الحواس فی ترکیبین وصفیین فی بیت واحد "السمع والبصر". أنا ملیئة بالأغانی السوداء/ ملیئة بالأغانی البیضاء بآلاف الشرارات من الحاجة/ بآلاف البوارق من الأمل. (الدیوان، 218) استخدمت الشاعرة اللونین الأبیض والأسود فی تضاد. ب) السمع + اللمس "10 حالات" کأس عینیک السوداء/بأغانیک الدافئة/تطفح بخمرة النوم. (الدیوان، 232) نلاحظ أن الأغانی الدافئة عبارة عن ترکیب السمع واللمس. وهناک تراکیب أخرى مثل البسمة الباردة والقصیدة الدافئة والشعر الدافئ وغیرها. ت) البصر + اللمس " 6 حالات" یبتسم بهدوء کطفل/ بنظرة دافئة ومشتاقة/ ویسد الطریق فی وجه عینیّ. (الدیوان، 121) فی عبارة النظرة الدافئة تراسل للحواس من نوع الترکیب الوصفی وترکیب البصر واللمس وکذلک النظرة الباردة أمر ملفت للانتباه حیث استخدمت مفردات النظرة والبصر فی 5 من أصل 6 حالات فی هذه الفئة. ث) السمع + الذوق "5 حالات" کنت عطشى لصوتک وهو ذاهب/ولا یزال ذلک الکلام اللطیف فی أذنی مثل الأطفال الذین یصغون ذاهلین/ إلی الأساطیر القدیمة الحافلة.(الدیوان، 196) تشعر الشاعرة بالعطش فی هذا الشعر حیث قامت بترکیب العطش الذی یرتبط بحاسة الذوق مع الصوت الذی یرتبط بحاسة السمع. وکذلک الأمر فی هذا البیت: شربت فی تلک اللیلة من شفتیک/أغانی الطبیعة السعیدة. (الدیوان، 201) ج) البصر + الذوق "6 حالات" استعملت فروغ حاستی السمع والشم بترکیب مع حاسة الذوق بشکل متساو. یا له من أمر حلو، الرقص على قبرک أیها العشق الملوث بالحاجات. (الدیوان، 201) تعتبر فروغ أن الرقص الذی ینتمی إلى حاسة البصر أمر حلو الطعم والحلاوة ترتبط بحاسة الذوق. ومن الضروری أن نشیر إلى أن تراسل الحواس لدى فروغ فی بعض الحالات، یستعمل بمفهوم ساخر کما فی البیت السابق حیث تعتبر أن الرقص على القبر حلو وذلک بسبب عمق آلامها وهو لیس حلواً فی الحقیقة بل مریر. ح) الشم + اللمس "حالتان" استخدمت فروغ فی المقطع التالی هذه الصورة البلاغیة من تراسل الحواس، و هی فی الواقع عبارة عن نوعین، "عطر القبل" الذی یتکون من ترکیب حاستی الشم واللمس و"الرؤیا الملتهبة" الذی یتکون من ترکیب تجریدی حسی وفی البیت الثانی استعملت ترکیب "قصیدة حزن حلوة" کترکیب لنوعی تراسل الحواس، حیث تنظر إلى العطر الذی یجب أن یستنشق على أنه رؤیا. فی عطر القبل الممتزجة بالذنب/شاهدت رؤیاک الملتهبة مع صوت قصیدة حزن حلوة/ رقصت فی بعد من أبعاد صمتک.(دیوان شعر، 120) خ) السمع + الشم "حالتان" تمکنت فروغ فی شعر "عابد الحزن" وفی المقاطع النهائیة لشعرها وفی منتهی الفن من استعمال أشکال تراسل الحواس المختلفة وخاصة ترکیب حاستی السمع والشم بشکل جمیل. نغمتی/کصوت نسیم متکسرالأجنحة/تسکب عطر الحزن/ على القلوب المتعبة/ لنتقدم: وجه شتاء الشباب المریر/... . (الدیوان، 128) فی المثال المذکور، یمکننا اکتشاف تراسل الحواس فی نسیج الجملة والشعر حیث تقوم نغمة الشاعرة التی ترتبط بحاسة السمع بسکب عطر الحزن الذی یرتبط بحاسة الشم على القلوب المتعبة، بینما ینتمی ترکیب عطر الحزن إلى تراسل الحواس من النوع الثانی "التجریدی الحسی". د) الشم + البصر "حالة واحدة" فی سواد یدیّ/یتبرعم من شعور یدیه شکل إعراضی/ کانت عیناه تفوحان برائحة الحزن. (الدیوان، 102) رغم أننا لا نشاهد سوى حالة واحدة من ترکیب الشم والبصر، لکنه ترکیب جمیل وفنی، فالعین ترتبط بالبصر، تفوح برائحة الحزن التی ترتبط بالشم بینما ینتمی ترکیب رائحة الغم بدوره إلى تراسل الحواس التجریدی الحسی. (الدیوان، 170) ذ) اللمس + الذوق "حالة واحدة" حتى أشرب من شفاه الشمس التی یتدفق منها النور/ الشهد الحارق لآلاف القبل المحمومة والحلوة. لقد مزجت الشاعرة بین القبلة التی ترتبط بحاسة اللمس والحلاوة التی ترتبط بحاسة الذوق. ر) الشم + الذوق "حالة واحدة" إن ترکیب هاتین الحاستین من أجمل أنواع تراسل الحواس لدى فروغ: عطشى بین ذراعیه/أنمو کعشب من الشوق حتى أشرب عطر البراعم المرتجفة فی کأس اللیل. (الدیوان، 173) فی عبارة شرب العطر تراسل للحواس ظاهر فی نسیج الجملة والکلام. ز) البصر + اللمس "حالة واحدة" خلف نافذة غرفتک/کانت هناک نظرة سوداء باردة. (الدیوان، 199) فی شعر "العقدة" الذی ینتمی إلیه هذا البیت، تراسل کثیر للحواس کما فی المثال المذکور، حیث نلاحظ أن النظرة الباردة عبارة عن تراسل للحواس بین البصر واللمس.
فی هذه الفئة من تراسل الحواس، لجأت الشاعرة فروغ إلى مزج المفاهیم المجردة فی قصائدها بالحواس الخمس کما نلاحظ فی المخططات البیانیة المرتبطة بهذه الفئة، حیث قامت فی البدایة بمزج مفاهیمها المجردة والمعنویة بحاسة البصر، أی أنها تراها قبل أن تسمعها أو تتذوقها، وذلک خلافاً لتراسل الحواس من الفئة الأولى الذی لم تلجأ فیه إلى الألوان، حیث نلاحظ أنها قامت بترکیب المفاهیم المجردة بحاسة البصر مستفیدة من اللون فی عشر حالات وفی الحالات العشر استخدمت مختلف الألوان. ویمکن لهذا الأمر أن یکشف لنا عن قضیة هامة وهی أن فروغ کانت تعیش فی عالم الواقع ضمن هالة من العالم عدیم اللون، وعندما کانت تعثر على لون من الألوان، کان یتحول إلى هویة بالنسبة لها فی عالم المعنى. وکذلک الأمر بالنسبة لحاسة الذوق، حیث نلاحظ أن المرارة تتردد فی شعرها أکثر من الحلاوة. إذا أردنا أن نشیر إلی ترکیب المفاهیم المجردة بالحواس الظاهریة فی شعر فروغ، فسوف یکون الأمر على الشکل التالی: مفهوم مجرد + حاسة البصر "23 حالة"/ اللمس "16 حالة"/ الذوق "16 حالة"/ الشم "6 حالات"/ السمع "8 حالات". وتنتمی إلى هذه الفئة من تراسل الحواس 69 حالة، وسوف نقدم بعض النماذج على سبیل المثال: مفهوم تجریدی + حاسة البصر "23 حالة" نظمت فروغ فرخزاد قصیدة باسم الوهم الأخضر، وهو ترکیب مبنی على تراسل الحواس من هذا النوع، حیث أشارت فی شعرها هذا مرتین إلى هذا الترکیب. ترک ربیع نافذتی إلى وهم الأشجار الأخضر. (الدیوان، 292) وتجدر الإشارة هنا إلى قضیة هامة وهی أن الشعراء بذلوا جهوداً ملحوظة فی الشعر المعاصر لإدخال اللون إلى العناصر التجریدیة، ویمکننا أن نشیر هنا إلى طفو الأشیاء وانزلاقها وأفضل مثال على ذلک هو قیام فروغ فی القصیدة المذکورة باستعمال عبارة وهم الأشجار الأخضر وهو استعارة مکنیة تعتمد على نقل الصفة التیتختص بالشجرة إلى عنصر آخر مما یمنح القارئ عمقاً وجمالاً فی الخیال. (یعقوبی، لاتا: 114) مفهوم تجریدی + حاسة الذوق "16 حالة" تتذوق فروغ فی المثال التالی زمن الوداع بمرارة: فی آخر لحظات اللقاء المریرة/ رأیت العالم فارغاً. (الدیوان، 188) حتى أن الالتماس والطلب قد یکون مراً: أولئک الذین ملأوا صمت الجبال فی لیلة/على امتداد خط سقوطهم/بمرارة الالتماس والطلب. (الدیوان، 242) مفهوم تجریدی + حاسة اللمس "16 حالة" إذا اعتبرنا فی مجال الحواس أن اللهب والدفء وجهان لعملة واحدة، فیجب أن نذعن بأن فروغ استعملت هذا الحس أکثر من سائر الأحاسیس المرتبطة بحاسة اللمس رغم أنها تعتبر الخیال لطیفاً والآه رطبا. هذا العشق الملتهب الملیء بالألم الیائس/ قد ساقنی نحو وادی الذنوب والجنون. (الدیوان، 43) إن ترکیب العشق الملتهب مبنی على هذا النوع من تراسل الحواس. مفهوم تجریدی + حاسة السمع "8 حالات" رکبت فروغ فی المثال التالی الصوت الذی یرتبط بحاسة السمع بالألم الذی یعتبر من المفاهیم المجردة: کنت أصغی فی صوته إلى ألم صوته المتدفق. (الدیوان، 101) کما رکبت فی المثال التالی الحیاة التی تعتبر من المفاهیم المجردة بحاستین هما البصر والسمع، ففی تأویل هذا البیت یمکن القول بأن الأغنیة رغم کونها فضیة، غیر أن نافورة صغیرة هی التی تغنی عند السحر أغنیة الحیاة الفضیة: إن الحدیث عن الحیاة الفضیة أغنیة تغنیها النافورة الصغیرة عندالسحر. (الدیوان، 297) مفهوم تجریدی + حاسة الشم "6 حالات" لم تهتم فروغ فی هذه الحالات برائحة خاصة، واستعملت مطلق الرائحة فی أربع حالات والعطر فی حالتین. من أین آتی ورائحة المساء تفوح منی. (الدیوان، 339) المساء واللیل رمزان للألم العمیق لدى الشاعرة، حیث امتزج کیانها بأکمله برائحتهما. وفی المثال التالی قامت بترکیب البصر والشم فی الوقت ذاته: فجأة امتدت إلى حیاتی تلک اللحظة الذهبیة المعطرة. (الدیوان، 297) نسبة استخدام الحواس فی التبادل الحسی الحسی
وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن تراسل الحواس فی شعر فروغ ینتمی إلى هیکلین اثنین:
النتیجة تعتبر سیمین بهبهانی وفروغ فرخزاد من الشاعرات المعاصرات البارزات اللواتی استخدمن تراسل الحواس إلى جانب سائر الصور البلاغیة، حیث نستنتج بناءً على حجم قصائد الشاعرتین أن فروغ فرخزاد استعملت تراسل الحواس أکثر من سیمین بهبانی. وبناءً على دراسة 204 حالات من تراسل الحواس لدى سیمین و130 حالة من تراسل الحواس لدى فروغ، توصلنا إلى النتائج التالیة: إن تراسل الحواس من النوع التجریدی الحسی أکثر استعمالاً لدى کل من الشاعرتین من تراسل الحواس الحسی الحسی. استعملت کلتا الشاعرتین ترکیب حاستی البصر والسمع أکثر من التراکیب الأخرى، کما نلاحظ أن تردد حاسة السمع أکثر من تردد بقیة الحواس فی شعر کل منهما وتردد حاسة الشم هو الأقل. أما بالنسبة لترکیب المفاهیم التجریدیة بالحواس الخمس، فنلاحظ أن حاسة البصر تحتل المرتبة الأولى ثم تلیها حاسة اللمس فالذوق مما یبین الاستعمال المشترک للحواس الخمس بالنظر إلى مفهوم الأنوثة لدى کل من الشاعرتین، الأمر الذی یتسم بالانسجام والوحدة ذات المعنى.
مقارنة تراسل الحواس لدى سیمین بهبهانی وفروغ فرخزاد
المخطط البیانی لتراسل الحواس عند فروغ فرخزاد "130 حالة"
المخطط البیانی لتراسل الحواس عند سیمین بهبهانی "204 حالات"
نسبة استخدام ترکیب الحواس لدى فروغ فرخزاد
نسبة استخدام ترکیب الحواس لدى سیمین بهبهانی
نسبة استخدام الحواس حسب الکثرة فی النوع الحسی الحسی فی شعر سیمین بهبهانی
نسبة استخدام الحواس حسب الکثرة فی النوع الحسی الحسی فی شعر فروغ فرخزاد
نسبة استخدام الحواس فی النوع التجریدی الحسی فی شعر فروغ فرخزاد
نسبة استخدام الحواس فی النوع التجریدی الحسی فی شعر سیمین بهبهانی | ||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||
ابودیب، کمال. (1984م). «تصنیف استعارات الجرجانی بالإشارة إلى تصنیف أرسطو». ترجمة علیمحمد حقشناس. مجله الفلسفه والکلام. العدد 1. صص 70-40. ابومحبوب، احمد. ( 2008م). کهوارة سبز افرا. طهران: نشر ثالث. براهنی، رضا. (2001م). طلا در مس. ج1. طهران: الکاتب. بهبهانی، سیمین. ( 1998م). آثار أقدام إلى الحریة.طهران: دار نیلوفر. ــــــ. ( 2003م). مجموعة اشعار. طهران: دار نشر نکاه. بهنام، مینا. (2010م). «تادل الحواس، الطبیعة، والماهیة». مجلة بحوث اللغة الفارسیة وآدابها. العدد 19. حق شناس، علی محمد. (1991م). مقالات أدبیة فی علم اللغة. ج1. طهران: نیلوفر. خاتمی، رحمان. (1998م). لنؤمن ببدایة الفصل البارد. لامک: نوبهار. خسروشاهی، جلال. (2000م). تأدیة الدین إلى فروغ فرخزاد. طهران: دار نشر نکاه. داد، سیما. (1996م). قاموس المصطلحات الأدبیة. طهران: مروارید. زرقانی، سید مهدی. (2008م). إطلالة على الشعر المعاصر فی إیران. طهران: نشر ثالث. سرور یعقوبی، علی. «مقالة اللون وتراسل الحواس فی الشعر المعاصر». مجلة البحوث الأدبیة. شفیعی کدکنی، محمدرضا. لاتا. شاعر المرایا. طهران: آکاه. شفیعی کدکنی، محمدرضا. (2013م). لغة الشعر فی النثر الصوفی. طهران: سخن. ــــــــــ. (1991م). صور الخیال فی الشعر الفارسی.طهران: آکاه. عامل رضایی، مریم. (2001م). «صور الخیال فی شعر فروغ فرخزاد». مجله الشعر. العدد 29. صص 63-56. فرخزاد، فروغ. (2004م). مجموعه قصائد. طهران: دار نشر شادان. ماحوزی، امیرحسین. (2011م). دراسة التشبیه فی غزلیات شمس. طهران: دار نشر جامعة آزاد. معتمدی،غ ومحمدتقی یاسمی. (1989م). «وحدت الحواس وخلق العرض». دنیای سخن. العدد 28. وهبة، مجدی. (1984م). معجم المصطلحات العربیة فی اللغة والأدب. ط2. بیروت: مکتبة لبنان.
| ||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,203 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 3,665 |