توظیف الروایة التاریخیة للسیرة النبویة فی کتاب "الهجرة" لعبدالحمید جودة السحار

إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی

مقاله 2، دوره 8، شماره 30، مهر 2018، صفحه 31-45   

نوع مقاله: علمی پژوهشی

نویسنده

حسن سرباز^*

أستاذ مشارک بجامعة کردستان، سنندج، إیران

چکیده

اهتم المسلمون قدیما وحدیثا بالسیرة النبویة العطرة وبکل ما یتصل بحیاة الرسول الکریم r بمختلف الأسالیب وشتى الوسائل. فکان من نتائج هذا الاهتمام، هذه الثروة العظیمة من الکتب المؤلفة فی مولده وسیرته. وقد ساهم الشعراء والأدباء فی تدوین سیرة النبی r وتخلید مناقبه فظهرت منظومات تاریخیة وقصائد شعریة عرفت فی تاریخ الأدب العربی بالمدائح النبویة یتحدث فیها الشعراء عن مدح المصطفى وسیرته وغزواته ومعجزاته. وفی العصر الحدیث ظهر جیل جدید من کتاب القصة والروایة استهوتهم السیرة النبویة فقاموا بتوظیف فنّهم القصصی والروائی لأحداث السیرة النبویة الکریمة وبذلک مزجوا بین الفن والتاریخ وبین الدین والأدب. ومن هؤلاء الکتاب عبدالحمید جودة السحار الذی اتجه إلى توظیف الفن القصصی للسیرة النبویة برؤیة إسلامیة، فکتب سیرة رسول الرحمة r فی سلسلة من القصص تحت عنوان "محمد رسول الله والذین معه" فی عشرین جزءا. ویهدف هذا البحث مستفیدا من المنهج الوصفی التحلیلی إلى دراسة توظیف الروایة التاریخیة للسیرة النبویة فی کتاب "الهجرة" من مجموعة "محمد رسول الله والذین معه" لعبد الحمید جودة السحار ملقیا الضوء على کیفیة المزج بین السیرة النبویة والفن القصصی فی هذا الکتاب. ووصلت الدراسة إلى أن السحار استعان لبیان حوادث السیرة النبویة فی کتاب "الهجرة" بالسرد القصصی واعتمد فی عرض الحوادث ورسم الشخصیات على طریقة السرد المباشر والتزم فی تصویر شخصیاته بالواقعیة واتبع فی روایة الأحداث التسلسل الزمنی، واستفاد بعض الأحیان من بعض المفارقات الزمنیّة بشکل "الاسترجاع " و"الاستباق". واکتفى السحار بالأماکن التاریخیّة التی کانت مسرحا لأحداث السیرة النبویة فی الفترة التاریخیّة المحدّدة. وأکثر من استخدام الحوار.

کلیدواژه‌ها

السیرة النبویة؛ عبد الحمید جودة السحار؛ الروایة التاریخیة؛ کتاب الهجرة

اصل مقاله

اعتمد کتاب القصّة والروایة فی الأدب العربی المعاصر على التاریخ کمصدر أساسی لإحیاء التراث العربی والإسلامی، فکان التاریخ الفرعونی وتاریخ العرب قبل الإسلام، والتاریخ الإسلامی، والتاریخ المعاصر مصادر للقصّة العربیة استلهم منه الکتاب وفق تصوّرهم وخط سیرهم الفکری، وبذلک «یکاد یکون الأدیب متخصصاً فی تیار حضاری معیّن، یعبِّر به عن وجهة نظره فی تحدید نوع الحضارة التی یجب أن نستلهم.» (وادی، 1994: 164)

واللجوء إلى التاریخ لیس هروباً من الواقع، بل هو محاولة لفهم التاریخ والتبصّر فیه والاتّعاظ به والاستفادة منه لبناء مستقبل أفضل، وحین یصبح التاریخ مادة للروایة «یصیر بعثاً کاملاً للماضی، یوثّق علاقتنا به ویربط الماضی والحاضر فی رؤیة فنیة شاملة فیها من الفن، روعة الخیال ومن التاریخ، صدق الحقیقة.» (المصدر نفسه: 154)

ویعتبر التاریخ الإسلامی معیناً خصبا للروایة التاریخیّة، لأنه یمتدّ طولاً وعرضاً وزماناً ومکاناً، فزمانه خمسة عشر قرناً، ومکانه یمتدّ من الأندلس والمغرب إلى أندونیسیا، ومن بلاد القفقاس إلى الیمن وأواسط أفریقیا، وهو تاریخ ملیء بالأحداث والأشخاص ونشوء الدول وانحدارها، والغزوات الحربیة والنکبات الداخلیة. (جرار، 1998: 198)

فیستطیع القاص والروائی أن یستلهم هذا التاریخ فی قصصه لیبرز مُثله وقیمه، ویصوِّر ملامح الشخصیات الإسلامیّة البارزة کنماذج للإنسان الکامل فی المجالات المختلفة، ویعالج قضایا الإنسان المعاصر، ویعبِّر عن همومه ومشاکله من خلال وسائله الفنیّة التی یستعین بها فی بلورة أفکاره وعرض قضایاه.

وتأتی السیرة النبویّة فی مقدمة الموضوعات التاریخیّة التی استهوت الأدباء وکتّاب القصّة التاریخیة، فقاموا بتقدیم سیرة النبی r وتصویر الفترة والبیئة التی عاش فیها بأحداثها وأشخاصها باعتبارها النموذج الأعلى للمسلمین عبر العصور من خلال قصص فنیة اعتمدوا فیها على التاریخ کرکیزة أساسیة. واتخذت هذه الکتابة اتجاهات مختلفة ومناهج متباینة تتفق وفلسفة القاص أو منهجه أو غایته، فکتب طه حسین کتاب "على هامش السیرة" سنة 1933م خلط فیها بین بعض حقائق السیرة وبعض الأساطیر المختلفة، حیث قال فی مقدمته: «وأحبّ أن یعلم الناس أنی وسعت على نفسی فی القصص، ومنحتها من الحرّیة فی روایة الأخبار واختراع الحدیث ما لم أجد به بأساً إلاّ حین تتصل الأحادیث والأخبار بشخص النبی r، أو بنحو من أنحاء الدین؛ فإنی لم أبح لنفسی فی ذلک حریّة ولا سعة وإنما التزمت ما التزم المتقدّمون من أصحاب السیرة والحدیث ورجال الروایة وعلماء الدین.» (حسین، لاتا، ج1: ک)

وأخرج طه حسین هذا الکتاب فی صورة فنّیة جذّابة، وبذلک قد مهّد الطریق لمحاولات التوظیف الروائی لأحداث السیرة النبویّة مع ما یؤخذ علیه من عدم التمحیص فی بعض الروایات والاعتماد على الأساطیر المختلفة.

وبعد کتاب "على هامش السیرة" تتابعت الأعمال الأدبیة التی تستلهم السیرة النبویّة أو جانباً منها، ومنها "الثائر الأعظم – 1954م" لفتحی رضوان، و"محمد رسول الحریّة – 1964م" لعبدالرحمن الشرقاوی.

وکتب عبد الحمید جودة السحار سیرة رسول الرحمة rفی سلسلة من القصص تحت عنوان "محمد رسول الله والذین معه" فی عشرین جزء تناول فیها أبرز أحداث السیرة النبویة ملتزما بالعناصر الأساسیة للقصة الفنیة. وحاول السحار فی هذه السلسلة أن یلتزم بالحقیقة التاریخیة فی قصص السیرة النبویة ویستخرجها من المصادر الأصلیة المعتمد علیها دون أن یهمل ذاتیته فی عملیة الاختیار والترجیح للروایات المتعددة ودون أن یخل بفنیة عمله الأدبی، فالتزم بالشکل الفنی للقصة مستخدما عناصرها الفنیة مثل الشخصیات والحبکة والوصف والحوار و... أحسن استخدام.

و یهدف هذا البحث مستفیدا من المنهج الوصفی التحلیلی إلى دراسة التوظیف الروائی للسیرة النبویة فی کتاب "الهجرة" من مجموعة "محمد رسول الله و الذین معه" لعبد الحمید جودة السحار ملقیا الضوء على کیفیة المزج بین السیرة النبویة والفن القصصی فی هذا الکتاب.

1-1- أسئلة البحث

1- لماذا اتجه عبدالحمید جودة السحار إلى الروایة التاریخیة فی کتابة السیرة النبویة؟

2- کیف استفاد عبدالحمید جودة السحار من التقنیات الفنیّة للروایة التاریخیّة فی کتاب "الهجرة" من مجموعة "محمد رسول الله والذین معه"؟

1-2- الدراسات السابقة

هناک دراسات متعددّة تطرّقت إلى حیاة عبدالحمید جودة السحار وآثاره وأفکاره من زوایا مختلفة نشیر إلى بعض منها على سبیل المثال لا الحصر:

تحدّث صفوت یوسف زید (1985م) فی کتاب "التیّار الإسلامی فی قصص عبدالحمید جودة السحار" عن الاتجاه الإسلامی فی آثار السحار القصصیّة مقسّما آثاره إلى الروایات التاریخیة، والروایات الاجتماعیة، والمجموعات القصصیّة وقصص الأطفال. وأجرى محمد شلبی (194م) فی مجلة "الجدید" حوارا مع السحار قبیل وفاته بعنوان "آخر حدیث مع السحار" ناقش معه الهدف من کتابة مجموعة "محمد رسول الله والذین معه" ومنهجه فیها. (شلبی، 1974م: 46). وتطرّق السیّد حسن قرون فی بحثه المنشور فی مجلة الأزهر تحت عنوان" کتاب الشهر، الهجرة" إلى دراسة کتاب "الهجرة" دراسة مضمونیّة دون أن یتطرق إلى التقنیات الفنّیة المستخدمة فی الکتاب وأشار فی نهایة البحث إلى بعض الملاحظات المضمونیة حول الکتاب. (قرون، 1401ق: 220-221) ودرس محمد رجب البیومی (1422ق) فی مقالة "عبدالحمید جودة السحار فی قصصه الإسلامی"، الاتجاه الإسلامی فی آثاره القصصیة.

وتطرّق جهانگیر أمیری وزملاؤه (1393ش) فی مقالة "قصّة وسوسة الشیطان لجودة السحار، دراسة وتحلیل فی ضوء التقنیات الجدیدة فی فن کتابة القصّة" إلى بعض التقنیات الجدیدة فی هذه القصّة. وتحدّث علی صابری ومصطفى یگانی (1394ش) فی مقالة " الشخصیّة الدینیّة فی روایات عبدالحمید جودة السحار الاجتماعیّة"، عن الشخصیّات الدینیّة وکیفیّة عرضها عند السحار.

2- عبدالحمید جودة السحار ومجموعة "محمد رسول الله والذین معه"

ولد عبدالحمید جودة السحار الأدیب والروائی الإسلامی المصری سنة 1913م فی القاهرة ونشأ وترعرع فیها وتخرّج فی کلّیّة التجارة بجامعة فؤاد الأول عام 1937م وعمل فی عدّة وظائف حکومیّة منها مترجم فی سلاح الطیران الملکی ومدیر بوزارة التجارة والصناعة ورئیس مجلس إدارة الشرکة العامة للتجارة بوزارة الاقتصاد ورئیس مؤسسة السینما والمسرح والموسیقى. وتوفی سنة 1974م فی القاهرة.

وقد ظهرت نزعته الأدبیة والقصصیة منذ فترة مبکرة من حیاته حینما کان تلمیذا فی المدرسة الابتدائیّة فقرأ للمازنی ومحمود تیمور وفرید أبوحدید وتوفیق الحکیم وعلى حد تعبیره کل ما تصل یده إلیه من قصص وروایات. (جودة السحار، القصّة من خلال تجاربی الذاتیّة: 5-6) وفی الجامعة تعرّف على الآداب الأوروبیّة فقرأ "قصّتی المفضّلة" وهی مجموعة أقاصیص لأشهر کتّاب إنجلیز ومنتخبات من أشهر المسرحیّات الإنجلیزیّة. (المصدر نفسه: 6)

وبعد أن جمع ثروة علمیّة وأدبیّة ضخمة، اتّجه إلى الکتابة والتألیف فلمع نجمه فی مجال الصحافة والقصّة والروایة والسینما والدراسات الأدبیّة والإسلامیّة ولکن وجّه جلّ اهتمامه إلى کتابة القصّة والروایة فأصدر فی الفترة ما بین 1943م و1974م آثاره القصصیّة بصور مختلفة من روایة تاریخیة واجتماعیة، وقصص قصیرة، وقصص للأطفال. ففی مجال الروایة التاریخیة کتب روایات "أبوذر الغفاری – 1943م"، و"بلال مؤذّن الرّسول – 1944م"، و"سعد بن أبی وقاص – 1945م"، و"أبناء أبی بکر الصدّیق – 1946م"، و"أهل بیت النبیّ – 1948م"، و"أمیرة قرطبة – 1949م"، و"المسیح عیسى ابن مریم – 1951م"، و"محمد رسول الله والذین معه" فی عشرین جزء صدر الجزء الأوّل منها سنة 1965م، وصدر الجزء الأخیر منها سنة 1970م، و"عمر بن عبدالعزیز – 1972م". وفی مجال الروایة الواقعیة الاجتماعیة کتب روایات: "فی قافلة الزمان – 1947م"، و"النقاب الأزرق – 1950م"، و"الشارع الجدید – 1952م"، و"المستنقع – 1957م"، و"أُم العروسة – 1958م"، و"وکان مساءً – 1958م"، و"الحصاد – 1959م"، و"جسر الشیطان – 1962م"، و"الحفید – 1974م". وله فی مجال القصّة القصیرة مجموعات قصصیّة: "فی الوظیفة – 1944م"، و"همزات الشیاطین – 1946م"، و"قصص من الکتب المقدّسة – 1952م"، و"أرملة من فلسطین – 1959م"، و"لیلة عاصفة – 1963م"، و"خفقات قلب" صدر بعد موته سنة 1981م. (زید، 1985م: 286-288)

وأما فی مجال قصص الأطفال فقد أصدر سلسلة قصصیّة مشتملة على خصائص الصیاغة الفنیة من ناحیة الشکل والمضمون، یهدف فیها إلى بثّ الأخلاق الفاضلة والقیم الرفیعة فی نفوس الصغار من خلال العرض القصصی للتاریخ الدینی فی صورة مبسطة تتناسب مع مدارکهم وفترة نموّهم، فأصدرها فی أربع حلقات تتضمن الأُولى منها معالجته الفنّیة لقصص الأنبیاء وکان إصدار هذه الحلقة بالمشارکة مع سیّد قطب، والثانیة تضمّنت بالعرض قصص السیرة النبویّة، والثالثة جاءت حافلة بقصص الخلفاء الراشدین، أمّا الحلقة الرابعة فقد تناول الکاتب فیها بالمعالجة حیاة العرب فی أوروبا وما واجههم من مشکلات وما قاموا به من فتوحات حتى آخر أیامهم بالأندلس. (المصدر نفسه: 238)

ومن أهم ما کتبه السحار فی مجال الروایة التاریخیة هو موسوعة "محمد رسول الله والذین معه" فی عشرین جزء تحدّث فی الأجزاء الخمسة الأُولى عن "أبو الأنبیاء إبراهیم"، و"هاجر المصریّة أُم العرب"، و"بنو إسماعیل"، و"العدنانیّون"، و"القریش"، وبعد ذلک بدأت الأجزاء الخاصّة بالسیرة النبویّة بـ "مولد الرّسول" وانتهت بـ "وفاة الرّسول"، تناول فیها أبرز أحداث السیرة النبویّة وتتبّع حیاة الرّسول منذ ولادته، وما أحاط به من قیم المجتمع الجاهلی وعاداته وعقائده، وکیف عاش رسول الله r معها فی طفولته وصباه وشبابه ورجولته حتى بعثه الله بالنبوّة والهدایة فدعا إلى الله على وعی وبصیرة وأخرج عباد الله من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأدیان إلى عدل الإسلام، ومن ضیق الدنیا إلى سعة الدنیا والآخرة. (المصدر نفسه: 71)

وکان السحار مولعاً بالسیرة النبویّة منذ طفولته حینما کان یشارک مع أبیه فی المجالس اللیلیّة ویستمع إلى قراءة "السیرة النبویة" لابن هشام و"على هامش السیرة" لطه حسین وکانت کتابة السیرة النبویّة بالأسلوب القصصی من أمنیّاته القدیمة. یقول السحار فی ذلک: «وشببت وأنا معجب بمحمّد رسول الله r فلمّا عرفت کیف أقرأ، عکفت على قراءة کتب السیرة وما کتب عن الرسول الکریم فازداد إعجابی بشخصیّته الفذّة الفریدة. وهویت الکتابة فکانت أمنیّتی مذ حملت القلم أن یوفّقنی الله إلى کتابة السیرة النبویّة فی أسلوب قصصی یجذب القاریء.» (جودة السحار، أبوالأنبیاء إبراهیم: 261)

وبیّن السحار غرضه من کتابة السیرة النبویّة بهذا الأسلوب قائلاً: «وما أردت بکتابة هذه السیرة فی هذا العصر الذی طغت فیه المادیّة إلا أن أعرض حقبة مشرقة من تاریخ البشریّة ارتفع فیها الإنسان حین أسلم وجهه لله ورفع عبادته من الطبیعة إلى ما فوق الطبیعة، حقبة تحرّر فیها من العبودیّة... أردت بهذه السیرة أن أفسّر التاریخ تفسیراً روحیّاً وأن أطهّر ضمیر الإنسان من أدران المادیّة الطاغیة وأن أعید إلیه رفاهیّته التی بلغت غایتها فی ظل الدین، وأن أعید إلى الإنسان کرامته التی تتألّق وتزکو کلّما سما فوق مطالب الأبدان وضرورات الغرائز وما تهفو إلیه النفوس.» (المصدر نفسه: 268)

وقد اعتمد السحار فی کتابة هذه السیرة على القرأن الکریم وعلى الأحادیث النبویّة والتوراة وکتب التاریخ فیما یتفق مع القرآن وطبیعة الدعوة وصفات الرسولr. (شلبی، 1974م: 46)

واختار السحار الأسلوب القصصی لکتابة السیرة مع أنه کان عالما بصعوبته ولکن مع ذلک حاول أن یحافظ على الحقائق التاریخیّة وهو یقول فی ذلک: «اخترت أن أکتب السیرة بأسلوب قصصی وأنا على علم بما یعانیه کاتب التاریخ من مشقة إذا حاول أن ینهج فی کتابته نهج القصّة... حاولت جهدی وإن کنت أکتب قصّة أو ما یشبه قصّة أن أحافظ على الحقیقة التاریخیّة، فما من حادثة دوّنتها إلا ولها سند. وقد محّصت الروایات المختلفة واخترت أقربها إلى المنطق وروح الدعوة، وإن تعارضت مع ما ورد فی التوراة أو بعض الأحادیث أو مع المتواتر بین المؤرخین.» (جودة السحار، أبوالأنبیاء إبراهیم: 262)

والأسلوب القصصی الذی اختاره الکاتب لایسمح له أن یتطرّق إلى دراسة الآراء المختلفة حول بعض الموضوعات فی السیرة النبویّة، ولذلک کتب فی آخر کل جزء من أجزاء المجموعة تذییلا تحدّث فیه عن هذه الآراء المختلفة وهو یقول فی ذلک: «...کما عزمت أن أدوّن فی نهایة کل جزء من أجزاء السیرة الأفکار التی تصارعت فی ذهنی قبل أن أطمئنّ إلى الرأی الذی دوّنته فی ثنایا الکتاب لیطّلع القاریء على کل وجهات النظر لعلّ الله ینیر بصیرته فیرى أصوب مما اطمئنّ إلیه قلبی.» (المصدر نفسه: 263)

3- الأسلوب القصصی فی کتاب الهجرة

کتاب الهجرة هو الجزء الحادی عشر من مجموعة "محمد رسول الله والذین معه" تحدّث فیه السحار عن هجرة رسول الله rوأصحابه من مکة المکرّمة إلى المدینة المنوّرة، ولکنه لم یبدأ الکتاب بالهجرة مباشرة، بل بدأه بالحدیث عن عام الحزن الذی تألّم فیه رسول الله rبسبب فقد عزیزیه عمّه أبی طالب وزوجته الوفیّة خدیجة بنت خویلد، ثم تحدّث عن ضیق النبیّrبمکة بعد فقد هذین العزیزین وکیف أکرمه الله فی الأرض والسماء بعد کلّ ما عاناه من ضیق وألم فآمن به الجنّ فی الأرض حینما رجع من الطائف وسمعوه یتلو القرآن فی "نخلة" وأسرى به لیلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارک ثم عرج به فی السماء فکان قاب قوسین أو أدنى. ثم تحدّث عن موقف قریش من رحلة الإسراء والمعراج وإنکارهم له وتصدیق أبی بکر الصدّیق لما أخبر به دون توقّف ولا تردید.

وبعد ذلک أشار إلى اللقاء الخالد بین رسول الله rووفد من الخزرج وإسلامهم ثم بیعة الأنصار فی العقبة ومؤامرة قریش للفتک بالنبی ثم دور علی بن أبی طالب فی إفشال مؤامرة قریش ونومه فی فراشه وهجرته مع أبی بکر إلى المدینة وما حدث لهم فی الطریق. ثم تحدّث عن استقرار رسول الله rفی المدینة وهجرة الصحابة إلیها والمؤاخات بین المهاجرین والأنصار وتکوین المجتمع المسلم والدولة الإسلامیّة. وبعد ذلک تطرّق بإسهاب إلى مواقف الیهود والمنافقین العدائیّة تجاه رسول الله والمسلمین فی المدینة المنوّرة.

وأنهى السحار الکتاب ببوادر الغزوات وخروج قریش لمهاجمة المدینة للقضاء على محمد rوالمجتمع الإسلامی فیها بعد ما تعرّض المسلمون للقافلة التجاریّة القادمة من الشام التی کان یقودها أبوسفیان. ونقرأ فی نهایة الکتاب: «وخرجت قریش فی عدتها وغرورها وهی واثقة من القضاء على محمد علیه السلام وأصحابه من المهاجرین والأنصار، ولو رفعت أسجاف الغیب وألقوا أسماعهم إلى صوت قدر الله، لسمعوا النذیر یقول فی وضوح: یا قوم والله ما تساقون إلاّ لمصارعکم.» (جودة السحار، الهجرة: 287) عالج السحّار کلّ هذه الموضوعات برؤیة إسلامیّة وروح أدبیّة ونزعة تاریخیّة. (قرون، 1401ق: 200-201)

هذا من ناحیة المضمون، وأما من ناحیة الشکل الفنی فإنه استعان بالسرد القصصی یصف به الشخصیات التاریخیّة ویحرّکها فی إطارها التاریخی ویقرّب بخیاله القصصی صور هؤلاء الأبطال وعلى رأسهم الرسول العظیم r، ولذلک فعل ما یفعله کتّاب القصّة الفنّیّة، فجعل یرسم الشخصیات ویربط الأحداث بعضها ببعض فی سیاق متکامل متتبّعا تطورها ومراحل نموّها حتى یصل إلى النهایة، متوسّلا فی ذلک بالخیال الفنّی الذی یعنى باختیار الحقائق من واقعها وترتیبها ترتیبا فنیّا واقعیّا بالقدر اللازم مبتعدا به عن تراکم الحقائق الذی یقع فیه المؤرّخ ومتحاشیا من الخیال الکاذب الذی یتوسّل به الکثیر من الأدباء. (زید، 1985م: 101-102) وفی هذا القسم من البحث نقوم بدراسة الجانب الفنی والروائی فی کتاب الهجرة.

1-3- السرد وطریقة عرض الحوادث

یعتبر السرد من العناصر الأساسیة فی الروایة، وذلک لأنّ عملیة الحکی تقوم على دعامتین أساسیّتین وهما القصّة التی تضمّ أحداثا معیّنة، والطریقة التی تحکى بها تلک القصّة، وتسمّى هذه الطریقة سرداً. (لحمیدانی، 1991م: 45) وهناک طرق مختلفة لسرد حوادث القصّة وتطویرها، ومنها طریقة السرد المباشر وطریقة السیرة الذاتیة. ففی الطریقة الأولى یسرد القاص الأحداث فی تتابع، ویقدِّم أشخاص القصّة، ویصرِّف تصرّفاتها، ویحلِّل أفعالها، ویسیّر بالأحداث والشخصیّات السیر الطبیعی حتى تبلغ الأحداث نهایتها. (جودة السحار، القصّة من خلال تجاربی الذاتیّة: 40) ویعتمد الکاتب فی هذه الطریقة على السرد بضمیر الغائب، فیسرد ما تقوم به شخیصات قصّته وما تدور فی نفوسهم عن زاویة رؤیة إحدى شخصیّات القصّة أو خارجها. وتتیح هذه الطریقة للقاص أن یتتبّع جمیع شخصیّات القصّة، وأن یعیش معهم، ویعرض کلّ ما یهمّه من تصرفاتهم، وما تختلج به نفوسهم، وما یعتمل فی صدورهم، وما یدور فی رؤوسهم، وما یشتجر بینهم من صراع، وأن یحرِّک الشخصیّات ویرسم الأمکنة والمواقف کما یشاء. (المصدر نفسه: 40)

  وفی الطریقة الثانیة یکتب القاص قصته بضمیر المتکلّم ویضع نفسه مکان البطل أو البطلة، أو مکان إحدى الشخصیات الثانویة، لیبثّ على لسانها حوادث القصّة الواقعیة أو المتخیّلة، فإن کانت الحوادث ممّا قام بها الراوی نفسه، یسمى الراوی "الراوی – البطل" وإن لم تکن الحوادث من صنعه، بل کانت ممّا شاهدها الراوی فی القصّة، یسمى الراوی "الراوی – الناظر". (میرصادقی، 1364ش: 250)

ونشأ استعمال ضمیر المتکلم متواکبا مع ازدهار أدب السیرة الذاتیّة فکأنّه امتداد لها أو امتداد منه، کما نشأ عن ازدهار حرکة التحلیل النفسی التی کان تأثیرها عمیقا فی الفکر الغربی. إنّ ضمیر المتکلم نشأ فی الغالب لیتضادّ مع البعد التاریخی الذی یجسّده ضمیر الغائب. (مرتاض، 1998م: 189)

ویعتمد السحّار غالبا فی کتاب "الهجرة" لعرض حوادث القصة وتطویرها، ورسم شخصیاتها، على طریقة السرد المباشر، أی السرد بضمیر الغائب، التی یجعل للکاتب عادة حضوراً ملحوظاً فی القصّة، وتجعل القارئ یحس بالملل والرتابة أحیانا، إلاّ أنه تغلّب على هذه الرتابة السردیة بوسائل فنیة متعدّدة مثل الوصف الحی، والحوار، والمونولوج الداخلی بعض الأحیان. وفی بعض المواضع المحدودة یعتمد على الطریقة الثانیة أی السرد بضمیر المتکلم.

وفی الطریقة الأولى، الراوی والسارد فی کتاب "الهجرة" هو راوٍ غیر مشارک یبتعد عن شخصیات الروایة ویختلف موقعه عن مواقعها وینظر إلیها نظرة الراصد الملاحظ لأفعالها من بعید أو نظرة المتتبّع لأخبارها فقط (الکردی، 2002: 120)، وهو لیس شخصیة من شخصیات القصّة ولیس له دور فی أحداثها إلاّ السرد والروایة. ففی بدایة الکتاب نقرأ: «تألّم رسول الله r ألما شدیدا فی عام الحزن، فبعد عشر سنوات من دعوته، مات عمّه أبوطالب الذی کان یمنع أذى قریش عنه قبل أن یصبح له أنصار أقویاء یمنعونه ویقومون معه یقاومون طغیان الکافرین، ویعملون جاهدین على نشر أنوار الیقین فی قلوب الناس الراغبین فی جوهر الحقیقة.» (جودة السحار، الهجرة: 4)

ویقول السحار حول قدوم رسول الله rوصاحبهالصدّیق إلى المدینة:«وکان رسول الله علیه صلواته وسلامه وأبوبکر الصدیق وعامر بن فهیرة والدلیل یتقدّمون وقد حفّ بهم بریدة وقومه مستبشرین بأن هداهم الله إلى النور، وعلى مدى البصر لاحت قافلة قادمة،لم تکن قافلة من قوافل قریش بل رکباً من المسلمین کانوا تجّارا قافلین من الشام.» (المصدر نفسه: 121) وفی هذه الطریقةلم یستفد السحار من الراوی المشارک الذی یشارک الشخصیات فی صناعة الأحداث وتطویرها.

وقد یعتمد  فی هذا الکتاب على الطریقة الثانیة للسرد ویستفید من ضمیر المتکلم فیقول على لسان سلمان الفارسی وکان یروی ما حدث له فی طریقه إلى المدینة وبحثه عن الحقیقة: «ومکثتُ بعموریّة ما شاء الله أن أمکث، ثم مرّ بی نفر من کلب تجّار فقلتُ لهم احملونی إلى أرض العرب وأعطیکم بقراتی هذه وغنیمتی هذه، قالوا: نعم. فأعطیتهموها وحملونی معهم حتى إذا بلغوا وادی القرى ظلمونی فباعونی من رجل یهودیّ عبدا، فکنتُ عنده ورأیت النخل فرجوت أن یکون البلد الذی وصف لی صاحبی... فبینا أنا عنده إذ قدم علیه ابن عم له من بنی قریظة من المدینة فابتاعنی منه فاحتملنی إلى المدینة، فوالله ما هو إلاّ رأیتُها فعرفتها بصفة صاحبی فأقمتُ بها.» (المصدر نفسه: 150) والراوی هنا هو أحد أشخاص القصّة وأحد المتورطین فیها ولذلک یسمّى الراوی البطل کما یصنّف هذا الراوی عادة باعتباره ساردا من داخل الحکایة، ساردا مشارکاً. (خلیل، 2010م: 78)

3-2-  الشخصیّات

الشخصیّة من العناصر الفنیّة الأساسیّة فی الروایة بحیث لا یمکن أن تخلو أیة روایة من الروایات عنها. ولابدّ أن تتحرّک الشخصیّات على صفحات الروایة حرکة الأحیاء، لأنّ شخصیّات الروایة وأبطالها هم الذین تدور حولهم الأحداث، وهم الذین یفعلون الأحداث ویؤدّونها. وشخصیّات الروایة قد تکون شخصیات واقعیة یأخذها الکاتب من التاریخ أو من واقع المجتمع وقد تکون شخصیات خیالیة یأخذها من وحی خیاله.

وهناک طرق مختلفة لتقدیم شخصیّات الروایة وعرض أبطالها والتطوّر بهم وکشف جوانبهم. فبعض الکتّاب یعمّدون فی رسم شخصیّاتهم إلى وسائل مباشرة أو الطریقة التحلیلیّة، وبعضهم یستفیدون من الوسائل غیر المباشرة أو الطریقة التمثیلیّة، «ففی الحالة الأُولى یرسم الکاتب شخصیّاته من الخارج، یشرح عواطفها وبواعثها وأفکارها وأحاسیسها، ویعقّب على بعض تصرّفاتها، ویفسِّر البعض الآخر، وکثیراً ما یعطینا رأیه فیها صریحاً دون ما التواء، أما فی الحالة الثانیة فإنّه ینحِّی نفسه جانباً لیتیح للشخصیّة أن تعبِّر عن نفسها وتکشف عن جوهرها بأحادیثها وتصرّفاتها الخاصّة، وقد یعمد إلى توضیح بعض صفاتها عن طریق أحادیث الشخصیّات الأخرى عنها وتعلیقها على أعمالها.» (نجم، 1979م: 98) وفی الطریقة الثانیة قد یعمد الکاتب لعرض شخصیاته إلى الحوار بین الشخصیّة والشخصیات الأخرى، أو بین الشخصیّة ونفسها.

وشخصیات السحار فی روایة "الهجرة" شخصیات واقعیّة أخذها من التاریخ والشخصیّة الأصلیّة فیها هی شخصیّة رسول الله rالتزم السحار فی تصویرها بالواقعیّة ولم یسمح لنفسه أن یطلق عنان خیاله فی هذا المجال وذلک «لأن إجلاله لنبیّه یمنعه أن یستفیض فی تحلیل نفسی لمشاعر قد لاتکون لها نصیبها من الواقع الصحیح، لأن الشخصیّة المقدّسة ذات الجلال الغامر لایبلغ إنسان ما مدى تفکیرها وتصوّرها بالغاً مابلغ.» (البیومی، 1422ق: 128) إلى جانب شخصیة الرسول یمکن العثور على عدد هائل من الشخصیات فی هذه الروایة لها منازع متعدِّدة ومشارب مختلفة، من الصحابة المهاجرین والأنصار والمشرکین والمنافقین والیهود.

ویستفید السحار لتقدیم شخصیاته وعرض أبطاله، من الطریقة المباشرة أوالتحلیلیة، فیرسم شخصیاته من الخارج فیشرح عواطفها وأفکارها وأحاسیسها، وقد یعمد إلى الطریقة غیر المباشرة أوالتمثیلیة، فینحِّی بنفسه جانباً لیتیح للشخصیة أن تعبِّر عن نفسها وتکشف عن جوهرها بأحادیثها وتصرفاتها الخاصّة، وفی هذه الطریقة یستفید من تقنیّة الحوار بین الشخصیات بعضها مع بعض، أو بین الشخصیة ونفسها.

ففی الطریقة الأولى قد یقوم السحار برسم شخصیاته بالوصف الظاهری دون أن یغور فی أعماقهم، فیقول مثلا فی توصیف "سودة" زوجة النبی: «کانت سودة ثقیلة الجسم وکانت عاطلة من جمال وکانت مسنّة، وکانت تعرف أنّ الرسول لم یتزوّجها إلاّ لیمسح عنها ما قاست من أهوال فی سبیل الله.» (جودة السحار، الهجرة: 29) وفی موضع أخر یصف أحد المنافقین باسم نبتل بن الحارث وصفاً مقذعا یجعله منفورا مطرودا أمام أعین القرّاء فیقول: «کان نبتل رجلا جسیما مسترخى الشفتین ثائر شعر الرأس أحمر العینین، کبده أغلظ من کبد الحمار، وکان ذا وجهین یجلس إلى الرسول علیه السلام بوجه ویقبل على المنافقین بوجه أخر، فکان إذا ما جلس إلیهم هوّن من شأن رسول الله صلوات الله وسلامه علیه، وقد کشف أمره القرآن وقال رسول الله فیه: من أحبّ أن ینظر إلى الشیطان فلینظر إلى نبتل بن الحارث.» (المصدر نفسه: 202)

ولا یکتفی السحار فی رسم شخصیاته بهذا الوصف الظاهری للشخصیة، بل قد یغور فی نفسها لیکشف للقاریء ما یدور فی أعماقها، وذلک عن طریق تحلیل عواطفها فی مواقفها من الأحداث القصصیة، أو من خلال رصد حدیث النفس الذی یدور فی أعماقها. فیصوّر مثلا الحالة الروحیّة والعاطفیّة لرقیّة بنت النبیrبعد أن رجعت مع زوجها عثمان بن عفان من الحبشة واستقبلتهما أختاها أم کلثوم وفاطمة وأم المؤمنین سودة بنت زمعة وتذکرت أمّها خدیجة بنت خویلد قائلاً: «وساروا فی الممرّ الطویل ثم صعدوا فی الدرج فإذا بقلب رقیّة ینقبض، فعمّا قلیل ستقع عیناها على غرفة الآمّ الرؤوم، وجعلت تقاوم حتى لاتنهار وسارت معهم وهی غائبة عنهم بما یعتمل فی نفسها من انفعالات، إنّ الدموع تبلّل روحها وإنّ وقدة نار قد استقرّت فی حنجرتها حتى لم تعد تقوى على الکلام، وفجأة ندت منها صرخة أعقبها نداء حنون لکأنّما کان خنجرا مزّق الأکباد: أماه! أماه!» (المصدر نفسه: 87) ویصف الحالة الروحیة لزینب بنت النبی rبنفس الصورة. (المصدر نفسه: 210)

وفی موضع آخر یصف ما جال فی صدر صفیّة بنت حیی بن أخطب حینما کانت ترى أباها وعمّها أبا یاسر یدوران حول رسول الله rویقطران حقداً وضغینة على الرجل الذی جاء یدعو إلى المحبة والسلام ویقول: «إنّها تحسّ عطفا على رسالته بل حماسة إلى دعوته، وإنّ همسا غریبا یهجس فی أغوار أغوارها أن سیکون لها شأن فی حیاة النبیّ علیه السلام. ولو رفعت عن بصیرتها حجب الغیب لرأت نفسها زوجة للرسول صلوات الله وسلامه علیه ولخفق قلبها سرورا وتهلّلت بالفرح بأن منّ الله علیها بأن تصبح أمَّ المؤمنین.» (المصدر نفسه: 208)

وقد یستفید السحار لرسم شخصیّاته من الطریقة غیر المباشرة فیتیح للشخصیّة أن یعبّر عن نفسها بأحادیثها وتصرفاتها الخاصّة. فمن خلال مایقوم به أبوجهل وأبولهب نستطیع أن نتعرّف على شخصیّتهما وما یکنّانه من حقد وضغینة تجاه رسول الله rودعوته کما نتعرّف على شخصیّة عبدالله بن أبی بن سلول رأس المنافقین فی المدینة و شخصیة حیی بن أخطب من أحبار الیهود فی المدینة من خلال ما یقومان به من دسائس وحیل لتشویه صورة الإسلام وإشعال نار الفتنة بین المهاجرین والأنصار وبین الأوس والخزرج.

وفی هذه الطریقة قد یعمد السحار إلى أسلوب الحوار لرسم شخصیاته بحیث یمکن التعرّف على الشخصیات من خلال الحوار الذی یجریه الکاتب على ألسنتهم. ففی قصة الإسراء والمعراج وبعد أن قصّ رسول الله على أهل مکة ما رآه من آیات ربّه الکبرى فکذّبه المشرکون وتردّد بعض المسلمین، یجری حوارا بین بعض المسلمین وأبی بکر الصدیق یلقی الضوء من خلاله على شخصیّة أبی بکر وصدق إیمانه فیقول: «وقال بعض المسلمین الذین کانوا یتأرجحون بین الإیمان والکفر:

- نحن لانصدّق محمدا بما یقول. وسعوا بذلک إلى أبی بکر... فلما التقوا بابن أبی قحافة قالوا فی فزع:

- هل لک فی صاحبک؟ یزعم أنه أسری به اللیلة إلى بیت المقدس.

_ أو قال ذلک؟

فقال أبوبکر فی هدوء:

- لئن کان ذلک لقد صدق.

فرموه بنظرة منکرة فقالوا:

- أفتصدّقه أنّه ذهب اللیلة إلى بیت المقدس وجاء قبل أن یصبح؟

فقال أبوبکر فی صدق: نعم إنی أصدّقه فیما هو أبعد من ذلک.» (المصدر نفسه: 15)

فیستطیع القاریء أن یفهم من هذا الحوار ماکان علیه الأصحاب من سلامة الفطرة وعمق الإیمان وصدق الیقین بکل ما جاء به  رسول الله r.

3-3- الحوادث

للحوادث فی القصّة الفنیّة مکانة مرموقة حیث تتجلّى فیها الفکرة، وتظهر من خلالها الغایة، کما أنها تلقی الضوء على جوانب مختلفة من شخصیّات القصّة وتکشف عن طبیعتها، وأن تطویر الحوادث هو الذی «یبعث فی القصّة القوّة والحرکة والنشاط، وهو العصا السحریّة التی تحرِّک الشخصیّات على صفحات القصّة، وتسوق الحوادث الواحدة تلو الأخرى، حتى تؤدی إلى تلک النتیجة المریحة المقنعة التی تطمئنّ إلیها نفس القارئ بعد طول التجوال.» (نجم، 1979م: 31)

وعلى الکاتب أن یجمع حوادث قصّته بصورة منسجمة ومتماسکة حتى یستطیع القارئ أن یتتبّعها بشوق ونهم دون أن یعانی صعوبة فی فهمها ورصد أحداثها.

ومن مجموعة من الأحداث المترابطة تتشکّل حبکة القصّة التی «هی سلسلة الحوادث التی تجری فیها، مرتبطة عادة برابط السببیّة.» (المصدر نفسه: 63)، وهی المجرى الذی تندفع فیه الشخصیّات والحوادث حتى تبلغ القصّة نهایتها.

والسببیّة من المبادئ الفنیة المهمة فی حبکة القصة التقلیدیّة بمعنى أنّ کلّ حادثة فی القصّة تؤدی إلى الأخرى بانتظام منطقی بحیث تحقّق الحیویّة لحوادث القصّة وتجعل القارئ مشتاقاً لنهایات الحوادث، وذلک لیکون تطوّر القصّة طبیعیّاً لا یخرج عن نطاق العلیّة والمعقولیّة والاحتمال.

والحوادث فی روایة الهجرة کثیرة ومتعدّدة تجمعها وحدة متماسکة ومنسجمة تشکّل الحبکة الفنّیّة فیها ومن هذه الحوادث وفاة أبی طالب عم النبی وخدیجة بنت خویلد زوجته، و ذهابه إلى الطائف وما حدث له فیها واستماع الجن للآیات القرآنیة وقصة الإسراء والمعراج وموقف القریش منها، ثم اللقاء بین رسول اللهrووفد الخزرج وإسلامهم و بیعة الأنصار فی العقبة ومؤامرة قریش للفتک بالنبی ومبیت علی بن أبی طالب فی فراشه ثم هجرته مع أبی بکر الصدیق إلى المدینة وما حدث لهم فی الطریق ثم استقراره فی المدینة وهجرة الصحابة إلیها والمؤاخات بین المهاجرین والأنصار ومواقف الیهود والمنافقین العدائیّة تجاه رسول الله والمسلمین فی المدینة المنوّرة والتعرض لبعض قوافل قریش الراجعة من بلاد الشام.

وهناک ترابط وانسجام منطقی على مبدأ السببیّة بین کثیر من الأحداث التی حدثت فی الروایة، ولکن بما أن الروایة روایة تاریخیّة شخصیتها الأصلیّة هی شخصیّة رسول الله المؤیّد من جانب الله تعالى بالخوارق والمعجزات، نرى فیها بعض الحوادث التی تنسب إلى أسباب غیر مادّیة ولا یمکن توجیهها بالأسباب المادّیة المألوفة للبشر، وذلک مثل قصة الإسراء والمعراج، واستماع الجن للآیات القرآنیّة، وقصة أم معبد وما حدث لسراقة حینما أتبع النبی وأراد أن یأخذه ویسلّمه للقریش.

ویستخدم السحار أدوات فنیة مختلفة لتطویر حوادث روایاته وإیجاد الترابط بینها وبین الشخصیات، وتشویق القارئ لمتابعة القراءة. فقد یعمد إلى الصراع فیطوِّره، ویبنی علیه الحوادث وممّا ساعده على ذلک کثرة الصراعات فی الفترة التاریخیة التی تجری فیها أحداث الروایة. فهناک صراع فکری ومادی بین رسول الله rوصنادید قریش، وبین المسلمین والمشرکین فی مکة المکرّمة، وبین الأوس والخزرج، وبین المسلمین والیهود والمسلمین والمنافقین فی المدینة. ویستفید أیضا من عنصر الحوار کثیرا بحیث قلّما تقرأ صفحة لایوجد فیها الحوار، کما أنه قد یستفید فی بعض المواضع من عنصر الرؤیا ویبنی علیه الحوادث، فیبنی مثلا صیغة الأذان المصرّح بها فی المصادر الحدیثیّة على رؤیا منامیّة رآها عبدالله بن زید وعمر بن الخطاب فیقول: «ودخل عبدالله بن زید لینام فطاف به وهو بین نائم ویقظان رجل علیه ثوبان أخضران یحمل ناقوسا فی یده، فقال ابن زید:

- یا عبدالله أتبیع الناقوس؟

- وما تصنع به؟

- ندعو به إلى الصلاة.

- أفلا أدلّک على ما هو خیر لک؟

- بلى.

- تقول:... » ویذکر صیغة الأذان (جودة السحار، الهجرة: 162)

وعندما یمسّ الأذان أذنی عمر بن الخطاب، یتعجّب ویذهب إلى رسول الله rفیخبره عمّا رآه عبدالله بن زید فی المنام، فیقول عمر: «والذی بعثک بالحق یا رسول الله لقد رأیت مثل ما رأى عبدالله بن زید.» (المصدر نفسه: 163)

3-4- الزمان والمکان

یعتبر الزمان من العناصر الأساسیة التی تتطوّر من خلالها الأحداث والشخصیات فی الروایة. وتسیر الأحداث غالبا بترتیب زمنیّ متتابع، ولکن قد تحدث فی ترتیب عنصر الزمان اختلالات سمّیت بـ"المفارقة الزمنیة". وتظهر هذه المفارقة الزمنیة فی الروایة بشکل "الاسترجاع" و"الاستباق" (سرباز، 1394ش: 85).

وبما أن هذه الروایة روایة تاریخیّة تقلیدیّة تتطرّق إلى حقبة تاریخیّة محدّدة وهی قبیل الهجرة النبویّة إلى قبیل غزوة بدر الکبرى فی شهر رمضان السنة الثانیة للهجرة، اتبع فیها الکاتب التسلسل الزمنی، فتجری الأحداث فیها بترتیب زمنی غالبا ولکن مع ذلک قد استفاد بعض الأحیان من بعض المفارقات الزمنیّة بشکل "الاسترجاع والاستذکار" و"الاستباق والاستشراف". واستخدام هذه التقنیة الروائیة تؤدی إلی توسیع الفضاء الزمنی فی الروایة وتشویق القاریء لیتابع أحداثها بشوق ونهم. ففی الفصل الرابع والعشرین حینما یتحدّث عن انطلاق رسول الله rوالمهاجرین فی طریق الأبواء لیعترضوا عیرا لقریش وبنی ضمرة لعلّهم یستولون على ما یعوّض لهم بعض ما صادره المشرکون من أموال المهاجرین فی مکة المکرّمة، یرجع إلى الوراء ویتحدث عن استذکار رسول الله rحینما کان یرجع من یثرب هذا الطریق مع أمّه آمنة بعد أن زارا قبر أبیه. «وتذکّر علیه السلام وهو فی الطریق ذلک الیوم الذی کان عائدا فیه من یثرب مع أمّه آمنة بعد أن زارا قبر أبیه فی دار عدی بن النجّار. فقد هبّت عاصفة هوجاء کادت تخلع الهودج، فمالت أمّه علیه واحتوته بین أحضانها لتحمیه من الریح الصرصر العاتیة... لقد ماتت فی الطریق ولم یکن معه إلاّ أمّ أیمن، فحمل الجثّة الغالیة معه فی الهودج حتى دخل الأبواء لیدفنها هناک بعیدة عن قبر زوجها، بعیدة عن أهلها، غریبة فی الأرض لن تجد من یزور قبرها.» (جودة السحار، الهجرة: 239) ویوجد هذا النوع من المفارقة الزمنیّة فی صفحات 9، 85، 236، 239، 265، 274 و276 من الروایة أیضا.

وقد یترک الترتیب الزمنی للأحداث ویستشرف المستقبل. فعندما التحق سراقة برسول الله وأبی بکر الصدیق فی طریقهما إلى المدینة، یستبق النبی الزمن ویستشرف المستقبل ویقول لسراقة:

«- کیف بک یا سراقة إذا تسوّرت بسواری کسرى؟

فقال سراقة فی دهش:

- کسرى بن هرمز؟

- نعم.» (المصدر نفسه: 113)

والمکان أیضا من العناصر الأساسیة فی الروایة وهو الظرف الذی یتمّ فیه وقوع الحوادث وحرکة الشخصیات، ویمثّل الفضاء المکانی رکناً مهماً فی البناء القصصی «وإنّ ظهور الشخصیات ونمو الأحداث التی تساهم فیها هو ما یساعد على تشکیل البناء المکانی فی النص.» (بحراوی، 1990م: 29). وقد استخدم السحار هذا العنصر من خلال تطویر أحداث الروایة وتحریک شخصیّاتها ولکن بالنظر إلى ماهیّة هذه الروایة، اکتفى بالأماکن التاریخیّة التی کانت مسرحا لأحداث السیرة النبویة فی هذه الفترة التاریخیّة. فمن الأماکن التی وقعت فیها أحداث الروایة، مکة المکرّمة ویثرب وشعب أبی طالب وسوق المجنّة وسوق ذی المجاز وسوق عکاظ وبیت أم هانیء والکعبة وبیت النبی وبعض الصحابة وغار ثور فی مکة ومسجد قبا وبیوت بعض الأنصار ومسجد النبی فی المدینة المنورة و... وقلّما یقوم السحار بوصف هذه الأماکن وصفا ظاهریا، بل یکتفی بتصویر الفضاء العام السائد علیها، فیصف مثلا الحالة العامة لمدینة یثرب قبل أن یهاجر إلیها رسول الله rقائلا: «کانت یثرب تموج بالعداوات فالصراع یشتجر فیها على الدوام بین الیهود والعرب أو بین الأوس والخزرج. وقد حاولت کل من القبیلتین أن تستعین بأنصار من الخارج مرّة وبالیهود مرّة أخرى فلم یعرف المجتمع الیثربی الاستقرار.» (جودة السحار، الهجرة: 49)

5-3- الحوار

ویعتبر الحوار رکناً مهماً من أرکان الروایة یعتمد علیه الکاتب فی رسم شخصیّاته وکشف أعماقها والتعبیر عن آرائها وأیدیولوجیاتها ونظرتها إلى الحیاة، ولذلک فإن الروایة «تتطلّب أشخاصاً متکلّمین یجلبون معهم خطابهم الأیدیولوجی الخاص المتمیز.» (هاوثورن، 1998م: 166)

والحوار یؤدی دوراً مهماً وعمیقاً فی إضفاء الحیویّة على السیاق السردی والبناء الروائی، خاصة فی الروایة التاریخیة. فضلاً على ذلک فإنّ الحوار السلس المتقن قد یکون مصدراً من أهم مصادر المتعة فی الروایة حیث تتصل بواسطته الشخصیات بعضها ببعض اتصالاً صریحاً مباشراً.

ویکثر السحار من استخدام الحوار فی روایة الهجرة بحیث قلّما نجد صفحة من الکتاب تخلو من الحوار وذلک لرسم شخصیاته وکشف أعماقها والتعبیر عن آرائها ونظرتها إلى الحیاة، وأیضا لتطویر الأحداث والتغلّب على الرتابة السردیة التی قد تملّ القاریء. فهناک حوار بین رسول الله rوبین المشرکین خاصة أبی جهل  وبینه وبین الصحابة حول قضیة الإسراء والمعراج، وحوار بینه وبین خولة بنت حکیم حول زواجه بعد وفاة أم المؤمنین خدیجة، وأیضا حواره مع وفد الخزرج و دعوتهم إلى الإسلام، وهناک أیضا حوار بین رسول الله rوبین الیهود والمنافقین فی المدینة کما أن هناک حوارات مختلفة بین المهاجرین والأنصار وبینهم وبین المنافقین والیهود.

4- نتائج البحث

یعتبر عبد الحمید جودة السحار من کبار کتّاب القصّة والروایة فی الربع الثالث من القرن العشرین وکتب آثارا قصصیّة مختلفة من روایة تاریخیة واجتماعیة، وقصص قصیرة، وقصص للأطفال. ومن أهم ما کتبه فی مجال الروایة التاریخیة هو موسوعة "محمد رسول الله والذین معه" فی عشرین جزء.

کتاب الهجرة هو الجزء الحادی عشر من مجموعة "محمد رسول الله والذین معه" تحدّث فیه السحار عن هجرة رسول الله rوأصحابه من مکة المکرّمة إلى المدینة المنوّرة واستعان فیه من ناحیة الشکل الفنی بالسرد القصصی. ویعتمد فیه لعرض حوادث القصة وتطویرها، ورسم شخصیاتها، على طریقة السرد المباشر، أی السرد بضمیر الغائب وفی بعض المواضع المحدودة یعتمد على السرد بضمیر المتکلم.

وشخصیات السحار فی روایة "الهجرة" شخصیات واقعیّة أخذها من التاریخ والشخصیّة الأصلیّة فیها هی شخصیّة رسول الله rالتزم السحار فی تصویرها بالواقعیّة ولم یسمح لنفسه أن یطلق عنان خیاله فی هذا المجال. ویستفید السحار لتقدیم شخصیاته من الطریقة المباشرة أوالتحلیلیة، وقد یعمد إلى الطریقة غیر المباشرة أوالتمثیلیة.

والحوادث فی روایة الهجرة کثیرة ومتعدّدة تجمعها وحدة متماسکة ومنسجمة تشکّل الحبکة الفنّیّة فیها. وهناک ترابط وانسجام منطقی على مبدأ السببیّة بین کثیر من الأحداث التی حدثت فی الروایة، ولکن بما أن الروایة روایة تاریخیّة شخصیتها الأصلیّة هی شخصیّة رسول الله، نرى فیها بعض الحوادث التی تنسب إلى أسباب غیر مادّیة ولا یمکن توجیهها بالأسباب المادّیة المألوفة للبشر. ومن الأدوات الفنیّة التی یستخدمها السحار لتطویر الأحداث وإیجاد الترابط بینها وبین الشخصیات، هو الصراع والحوار والرؤیا.

اتبع السحار فی هذه الروایة التسلسل الزمنی، فتجری الأحداث فیها بترتیب زمنی غالبا ولکن مع ذلک قد استفاد بعض الأحیان من بعض المفارقات الزمنیّة بشکل "الاسترجاع " و"الاستباق". واکتفى السحار بالأماکن التاریخیّة التی کانت مسرحا لأحداث السیرة النبویة فی الفترة التاریخیّة المحدّدة.

وأکثر السحار من استخدام الحوار فی روایة الهجرة بحیث قلّما نجد صفحة من الکتاب تخلو من الحوار بین الشخصیات المختلفة.

مراجع

أمیری، جهانگیر وآخرون. (1393ش). «تحلیل داستان وسوسة الشیطان جودة السحار باتوجه به تکنیک‌های داستان نویسی معاصر.» مجلة نقد أدب معاصر عربی. السنة الرابعة. العدد9. صص51-72.

بحراوی، حسن. (1990م). بنیة الشکل الروائی. ط1. بیروت: المرکز الثقافی العربی.

البیومی، محمد رجب. (1422ق). «عبدالحمید جودة السحار فی قصصه الإسلامی.» مجلة منبر الإسلام. العدد652. صص124-130.

جرار، مأمون فریز. (1988م). خصائص القصّة الإسلامیّة. ط1. جدّة: دار المنارة.

جودة السحار، عبد الحمید. (لاتا). أبو الأنبیاء ابراهیم. القاهرة: دار مصر للطباعة.

جودة السحار، عبد الحمید. (لاتا). القصة من خلال تجاربی الذاتیّة. القاهرة: دار مصر للطباعة.

جودة السحار، عبد الحمید. (لاتا). الهجرة. القاهرة: دار مصر للطباعة.

حسین، طه. (لاتا). على هامش السیرة. ط25. القاهرة: دار المعارف.

خلیل، ابراهیم. (2010م). بنیة النص الروائی. ط1. الجزائر: الدارالعربیة للعلوم ناشرون.

زید، صفوت یوسف. (1985م). التیّار الإسلامی فی قصص عبدالحمید جودة السحار. القاهرة: الهیئة المصریة العامة للکتاب.

سرباز، حسن وعبدالله رسول نژاد وسودابه خسروی زاده. (1394ش). «زمان پریشی در رمان چراغ‌های آبی حنا مینه.» مجله انجمن ایرانی زبان و ادبیات عربی. شماره 34. صص 83-104.

شلبی، محمد. (1974م). «آخر حدیث مع السحار.» مجلة الجدید. العدد51. صص46-48.

صابری، علی ومصطفى یگانی. (1394ش). «شخصیت انسان متدین در رمان‌های اجتماعی عبدالحمید جودة السحار.» مجلة نقد أدب عربی. العدد8. صص97-116.

 قرون، السید حسن. (1401ق). «کتاب الشهر/ الهجرة.» مجلة الأزهر، السنة الثالثة والخمسون، العدد1. صص195-222.

الکردی، عبد الرحیم. (2002م). الراوی والنص القصصی. ط1. القاهرة: دار النشر للجامعات.

لحمیدانی، حمید. (1991م). بنیة النص السردی. ط1. بیروت: المرکز الثقافی العربی.

مرتاض، عبدالملک. (1998). فی نظریّة الروایة بحث فی تقنیات السرد. الکویت: دارالمعرفة.

 میر صادقی، جمال. (1364ش). عناصر القصّة. ط1. طهران: نشر شفا.

نجم، محمد یوسف. (1979م). فن القصّة. ط7. بیروت: دار الثقافة.

هاوثورن، جیریمی. (1998م). مدخل إلى دراسة الروایة، تعریب نایف الیاسین. ط1. دمشق: مؤسسة النوری.

وادی، طه. (1994م). صورة المرأة فی الروایة المعاصرة. ط4. القاهرة: دار المعارف.