تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,623 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,416,293 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,444,836 |
صورة الخمرة فی شعر مصطفی وهبی التّل (عرار) ومدی تأثّرها من رباعیات الخیام | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 3، دوره 8، شماره 31، اسفند 2018، صفحه 86-63 اصل مقاله (194.28 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
هومن ناظمیان1؛ حسین ابویسانی1؛ صغرا فلاحتی2؛ راضیه مسکنی* 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1أستاذ مشارک فی اللغة العربیة وآدابها بجامعة خوارزمی، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذة مشارکة فی اللغة العربیة وآدابها بجامعة خوارزمی، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
3طالبة مرحلة الدکتوراه فی اللغة العربیة وآدابها بجامعة خوارزمی، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
یعتبر مصطفی وهبی التل المعروف بـ"عرار" (1899–1949م) من أبرز شعراء الأردن. تأثَّر عرار أشدّ التاثّر بفلسفة الخیام فی رباعیاته وقد نسج الأشعار علی منواله. حتی أنّه یمکننا القول إنّ عملیة فهم واستیعاب مضامینه الشعریة تصعب وتعسر علی الأذهان دون الترکیز علی فلسفة الخیام واستیعاب شعره. لکنّ السؤال هنا هل تأثُّر عرار بالخیام ینحصر فی مضامینه الشعریة فقط أو أنّه یتجلّی فی صوره الشعریة أیضاً. بناءً علی هذا إنّ البحث یسعی إلی دراسة تحلیلة مقارنة بین صور عرار والخیام الشعریة علی أساس المنهج الفنی حتّی یتعین مدی تأثره من الرباعیات أو إبداع الشاعر فیه ونظراً إلی أنّ موضوع الخمریات یعتبر من أهمّ المواضیع لدی الشاعرین، فإنّ البحث یتمحور علی دراسة صورة الخمرة عندهما. والنتائج التی تمّ التوصل إلیها فی هذه المقالة تشیر إلی أنّ عرار لم یتأثّر بالصور الشعریة لدی الخیام بل لقد حاول فی معظم الأحیان أن تکون فلسفة الخیام مجرد مصدر إلهام تنفتح به صوره الشعریة. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الخمرة؛ الصورة؛ الرباعیات؛ التشبیه؛ الأردن | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
یشکل عنصر الخیال الشعری حسب رأی الأدباء والنقاد روح الأثر الأدبی ولا سیّما الشعر وأنّ هناک علاقة وثیقة حمیمة بین النص الأدبی وصور الخیال. لذا فإنّ الحدیث عن عنصر الخیال هو الحدیث عن ذات الشعر وجوهره؛ فی الواقع، الشعر الفاقد لعنصر الخیال هو شعر میّت لا روح فیه. دائرة عنصر الخیال فی البلاغة القدیمة ضیّقة ومحدودة لکنّها اتسعت فی الفترة الأخیرة، فقد کانت فی السابق تشتمل علی التشبیه والإستعارة والکنایة والمجاز لکنّ الخیال الشعری فی العصر الحدیث له تعریف آخر یتمثل فی کلّ خروج عن معاییر اللّغة وقواعدها الطبیعیة. وبناءً علی هذه النظرة فإنّ المبالغة والرمز والأساطیر التی لم یتم درجها ضمن دائرة الخیال فی ما سبق فإنّها تعتبر من صمیم الصور الخیالیة فی الأدب الحدیث. (شمیسا، 1374ش: 28) حتی أنّ التعاریف الجدیدة للشعر أفضت إلی إتساع مجال الخیال الشعری فی الأدب الحدیث. (شفیعی کدکنی، 1372ش: 32) دراسة هذا العنصر إحدی طرق التّعرف علی نقاط الإختلاف والتشابه فی النصوص الأدبیة. فالدراسة من هذا المنظار، تکشف عن أسلوب وقیمة النص الأدبی وتبیّن مدی قوّته ونجاحه فی توظیف التراث الأدبی. لذا فإنّ دراسة الخیال الشعری لدی الأدیب مصطفی وهبی التل فی غایة الأهمیة إذ أنّ الاختلاف فی تقییم شعره أمر شاع بین الأدباء. السبب الرئیسی لهذا الإختلاف ناشئ عن تأثّر الشاعر برباعیات الخیام. فعرار قد شغف بالخیام، وأنّه عندما حصلت علی أوّل نسخة من الترجمة العربیة للرباعیات قرأها وحفظها عن ظهر قلب. فالشاعر قد تعرف علی آراء وأفکار هذا الفیلسوف الجلیل فیما یتعلّق بالجنّة والنّار والثّواب والعقاب والحیاة والموت و... وتأثّر بها أشدّ التأثر حتّی أنّه اعترف بفضل الفیلسوف علیه وعرّف نفسه بأنّه خیامی المشرب. (ربابعه، 1381ش: 161) شغفُ الشاعر بالخیام ورباعیاته أفضی به أخیرًا إلی الإقبال علی اللغة الفارسیة وترجمة 169 رباعیة من رباعیاته إلی العربیة. تمتاز هذه الترجمة بأهمیة خاصة؛ إذ أنّها أوّل ترجمة عربیة مباشرة من النص الفارسی. (ربابعه، 1383ش: مقدمه) فترجمته تعد من أفضل التراجم للرباعیات. (وهبی التّل، 1990م: 7) تجلّی تأثّر الشاعر بالخیام فی شعره وسلوکه؛ فنجد فی شعره ملامح شعر الخیام؛ حتی إنّنا نری بدوی الملثم یقول: «کان عرار یدرس أشعار الخیام ثم یدخل غرفته ویغلق الباب ویشرع فی إنشاد الشعر علی نمط الرباعیات.» (الملثّم، 2009م: 35) کذلک فی سلوک عرار نجد تأثّرا کبیرا بالخیام فقد کان الشاعر یسترسل شعره ویقضی أوقاته فی الملاهی والملذات بفعل تأثره بأفکار الخیام. (الناعوری، 1980م: 26) لکن السؤال هنا هو هل تأثُّر عرار بالخیام یشمل کل عناصر شعره علی جانب عنصر الفکرة التی اعترف به نفسه. علی هذا وبناءً لأهمیّة عنصر الخیال فی التجربة الشعریة نرید أن نلقی الضوء علی صور عرار الشعریة حتّی یبیّن مدی تأثّر الشاعر فیها برباعیات الخیام ومقدرته علی الإبداع الفنی. ونظراً إلی أنّ موضوع الخمریات یعتبر من أهمّ المواضیع لدی الشاعرین، فإنّ دراسة مدی تأثر عرار بالصور الشعریة لدی الخیام فی مدار هذا الموضوع یکتسب أهمیة فائقة ویکشف عن قیمة شعره بأفضل صورة. سؤال وفرضیة البحث أما السؤال الرئیسی فی هذا البحث فیتمثل فی أنّ ما مدی تأثر عرار فی صوره الخمریة برباعیات الخیام وما مدی إبداعه هو؟ والفرضیة تتمثل فی أنّ عرار خلافاً لما یعتقد لم یتأثّر بصوره الخمریة بشعر الخیام وأنّه أبدع کل صوره الخمریة دون تأثّر یذکر. منهج البحث هذا البحث تم بناء علی ضوء الأدب المقارن الفرنسی، فی هذا المذهب الباحث من خلال دراسة مقارنة للآداب العالمیة، یبحث عن مصادر الوحی والإلهام التی تبین العلاقة الأدبیة الکامنة بین الأمم وتأثّر بعضها ببعض. فی هذا البحث نتناول کلّ الصور المتعلقة بالخمریات فی شعر عرار ضمن أربعة صناعات أدبیة هی التشبیه والاستعارة والتشخیص والمبالغة ثمّ فی ختام کلّ فقرة نشیر إلی أبرز خصال هذه الصناعات الأدبیة لدی الخیام ومن ثم نناقش قضیة تأثّر عرار بهذه الصناعات ضمن رباعیات الخیام. خلفیة البحث درجت بعض المقالات فی ما یتعلق بتأثّر عرار برباعیات الخیام فی داخل وخارج البلد، أبرزها رسالة دکتوراه لبسّام علی ربابعه بعنوان "تأثیر الخیام علی الأدب المعاصر الأردنی (شعر عرار أنموذجا)" والتی تمت مناقشتها فی عام 1388ش، فی جامعة طهران. تتضمن هذه الرسالة أربعة فصول، الفصل الأوّل یتعلق مکانة الخیام فی الأدب العربی، الفصل الثانی یتناول تأثیر أفکار الخیام علی عرار ویشیر إلی تأثّر عرار بآراء الخیام فی قضایا الموت والحیاة والدین والأخلاق ولم ینوه إلی تأثّر الشاعر بالصور الشعریة. فی الفصل الثالث والرابع تحت عنوانی (ترجمة عرار فی الخطاب النقدی المعاصر) و(ترجمة عرار فی میزان النقد) تناول الکاتب انعکاس ترجمة عرار للرباعیات فی النقد الحدیث. کما نری من خلال النظرة الإجمالیة إلی عناوین الفصول أنّ الکاتب لم یشر فی رسالته إلی تأثیر صور رباعیات الخیام علی شعر عرار. لذا فإنّ بحثنا یختلف عن الرسالة المذکورة کلّ الاختلاف. تجدر الإشارة إلی أنّ مؤلف الرسالة المذکورة أعلاه له عدة مقالات تتعلق بالرسالة نفسها تتشابه مع بحثنا فی العنوان نذکرها فیما یلی: - "تاثیر حکیم نیسابور علی شاعر الأردن الکبیر (عرار)". إنّ الکاتب فی هذه المقالة تحدّث فی البدء عن طریقة تعرّف عرار علی رباعیات الخیام ومن ثم تناول تاثیر أفکار الخیام الفلسفیة علی عرار وشعره. ولم یتحدث الکاتب عن الصور الشعریة. -"جهود عرار، شاعر الأردن الکبیر فی خدمة الأدب الفارسی". فی هذا المقال یتناول الشاعر جهود عرار فی مجال خدمة الأدب الفارسی فی الأردن وتأثیر ترجمته للرباعیات. - "مصادر فلسفة عرار". هذه المقالة ترجمة أحد فصول کتاب نص علی نص، قراءات فی الأدب الحدیث للمؤلف زیاد الزعبی والذی ترجمه الباحث وهو یتضمن نبذة عن حیاة عرار وافکاره. کما أشرنا فی ما سبق، الاتجاه الرئیسی للدراسات المذکورة اعلاه یدور حول تاثیر أفکار الخیام علی عرار وشعره ولم یشر فیه إلی الصور الشعریة لدی الشاعرین وهذا الأمر یصدق فی کل الدراسات والبحوث التی تناولت هذین الشاعرین. التشبیه یعتبر التشبیه أحد أبرز الفنون والأدوات البیانیة ومصدر من مصادر الصور الشعریة. «فالتشبیه یشکل نواة أصلیة لأکثر الصور الشعریة. فصور الخیال المتعددة وأنواع التشبیه هو یستمد من الشباهة الموجودة بین الأشیاء.» (بورنامداریان، 1374ش: 181) یمتاز التشبیه من بین کل مباحث علم البیان بأهمیة خاصة، إذ أنّه یشکل نواة الاستعارة أیضا. فالشاعر من خلال هذا الفن یعقد العلاقة مع الطبیعة وعالم الخیال بطریقة المحاکاة. صورة الشعر الذهنیة تحکی اجتماع کل قوی إبداع الشاعر حین خلق النص الأدبی. (براهنی، 1380ش: ج1/75 ) فی هذا القسم المختص بدراسة التشبیه نحاول الحصول علی العلاقات الشبهیة التی عقدها عرار والخیام بین الأشیاء ولسنا بصدد دراسة التشبیه من حیث البناء الظاهری. یمکن أن یقسم التشبیه إلی قسمین هما "التشبیه الإضافی" و"التشبیه الواسع". المعنی بالتشبیهات الإضافیة هی تلک التی یضاف فیها المشبهبه إلی المشبه من مثل "سمکة السکینة" و"حَبّة الانطفاء" و"شعلة السّر"و...کما أنّ المعنی بالتشبیهات الواسعة هی تلک التی لم تکن اضافیة سواء ذکر فیه أدوات التشبیه ووجوهه أو لم یذکر. (بورنامداریان، 1374ش: 215) والآن سندرس أهمّ میّزات التشبیه لدی عرار ومدی تأثّر عرار برباعیات الخیام: التشبیه الواسع فی دراسة التشابیه الواسعة لعرار فی موضوع الخمر، أوّل ما یصادفنا هو أنّ خلف کل صورة یوجد فهم وإدراک ناتجة عن تجربة الشاعر الشخصیة وأنّ التشبیهات تأتی بناء علی شعور وإدراک قوی بحیث أنّ التشبیه یتجسد متجاوزاً المعنی البسیط للکلمات مکتسباً معنی أعمق وأبقی فی الذهن. هذه المیزة لم تتجل فی شعر الخیام إذ أنّ أکثر المتخصصین فی شعر الخیام یرون أنّ خمریاته تتسم بالصورة الظاهریة والرمزیة وأنّ الخیام الذی عاش منشغلا بقضایا الوجود لا یمکن أن تکون الخمر عنده حلّا لقضاء لحظات العمر الثمین. (فاضلی، 1387ش: 84) فهم یصرحون فی هذا الشأن أنّ رباعیات خیام الأصیلة التی تتحدث فیه عن الخمر ناتجة عن عدم ثبات الحیاة وعلامة علی الاستمتاع بالحیاة ولیس ناتجة من تناول الخمر وقد صرفت هذه الفکرة بعض الباحثین عن التدقیق فی عوالم الخیام ومراحله الفکریة واعتبروه خطأً منادماً للخمر والملاهی. فی حال أنّ الذی یتمعن فی حال الخیام یجد أنّ خمرته مفعمة بالمرارة والحزن وأنّ نظرته مقبلة علی الموت. (دشتی، 1387ش: 215و216؛ یوسفی، 1388ش: 122) لذا یمکننا القول إنّ تشبیهات عرار بدیعة وناتجة عن تجربة شخصیة بحتة. یقول عرار فی إحدی قصائده: -«کُلّما أمعَنتُ عَصراً / جاءک العنقودُ خمراً / واستفاضَ الکأسُ بُشرا / والأسى الکرّار فَرّا / فانظُرِ القلبَ الشَّجیّا / کیف فَرّا / وانظُرِ الزَّفرَةَ حرى / کیف حالَتْ / نغماً عذباً شجیاً / واستحالتْ / غُصّةُ الیأسِ بِسِرِّ الکأسِ سلوَى / فهی فی النّای غِناءٌ / وعَلَى الأفواهِ شِعرٌ/ وبِصَدرِ البَثِّ نَجوَى / و ِنَفسِ الحُرِّ صَبرٌ.» (وهبی التل، 1998م: 486) فهذا المقطع شاهد علی تجربة عرار الشخصیة لتناول الخمر إذ أنّ هذا التوصیف المفعم بالأحاسیس والمشاعر لا یتأتی إلّا من قلب شاعر عاش التجربة بنفسه. فاللجوء إلی الحانات بهدف التخلص من الحزن والأسی والتسلی والحرارة الناتجة من شرب الخمر فی النفس البشریة والتغنی و...کلها توصیفات لا تتأتی إلّا من قلب شاعر جرّب هذه الحالات. النموذج الآخر لهذه الصور فی الأبیات التالیة:
(وهبی التل، 1988م: 156) فی هذه الفقرة نری الشاعر قد شبّه لیالی الحانات وحالاته بعد السکر بتسابیح الدرویش الذی خامره الشک أثناء الذکر، لا شک أنّ الدرویش یسبح لکی یزداد یقینه لکن الشکّ یلعب بحبّات المسبحة، فقد أراد الشاعر بهذا التشبیه أن یرسم حاله فی الحانات الذی یترجح بین الحقیقة والخیال، وفی البیت الثالث قد صور حالته بالکلام الذی لا یمکن اعتباره صدقا ولا کذبا. لکننا فی رباعیات الخیام کما أشرنا فیما سبق لا نجد تشبیهات واسعة وکلّ ما هناک أنّها صور کلیة عن حالات السکر والتی هی بالطبع لم تکن ناتجة عن تجربته الشخصیة کما فی قوله:
(خیام، 1378ش: 140) (الترجمة: إشرب من خمر الخلود/ إشرب من الخمر التی هی رأسمال الملذات/ هی حارّة کالنّار تقضی علی الهموم/ وهی محییة کماءِ الحیاة فاشرب منها). کما نشاهد فی الرباعی أنّ تشبیهات الخیام فی الخمریات وحالات السّکر تأتی بصورة کلیة وهی تدلّ علی أنّها لم تکن تجربة شخصیة للشاعر، کما نجد ذلک فی الرباعیی التالی الذی یکتفی فیه الشاعر بذکر خصلة التسلی من بین کل سمات الخمر: از آمدن بهار و از رفتن دی اوراق وجود ما همی گردد طی می خور! مخور اندوه که فرمود حکیم غمهای جهان چو زهر و تریاقش می (خیام، 1378ش: 161) (الترجمة: من مجیء الربیع ورحیل الشتاء/ستندثر أوراق حیاتنا/ اشرب الخمر ولا تحزن إذ أنّ الحکیم قال/ إنّ دواء الأحزان هو الخمر). ومن الخصال الأخری فی التشبیهات الواسعة لدی عرار یمکننا أن نشیر إلی جدتها بحیث أنّ بعضها لیس له نظیر فی الأدب العربی. ففی التشبیهات الواسعة المستخدمة فی خمریات عرار لا نجد أثراً من صور الرباعیات، لذا یمکننا الجزم أنّ عراراً قد أبدع فی هذا المجال. فیما یلی نشیر إلی بعض هذه التشبیهات الجدیدة. یقول عرار فی بعض أشعاره واصفا شغفه الشدید بالخمرة:
عِلّةٌ یَفتَرُ ثَغری إذ أَرى فی کأسِ خَمری رُغمَ أحداثِ الزّمانِ لِتَباشِیرِ الأمانی بابتساماتِ حَنانک ضوءَ فَجرٍ(وهبی التل، 1988م: 485) فیما سبق نری الشاعر قد وصف نفسه فی حبّه للخمر بقیس مجنون وساوی بین حافة الجرار وشفاه لیلی، وبین الخمر وأسنانها وطلب من الساقی أن یقرب الخمر لشفاهه کی یذهب الأسقام بشرابها ویبزغ فجر آماله. یجدر التنویه إلی أنّ تشابیه من مثل أن یصف الشاعر نفسه بأنّه قیس فی الحب ومحبوبته بلیلا وبیاض أسنانه ببیاض أسنانها لم تکن صورا جدیدة وانما وصف الشاعر نفسه قیساً لشیء غیر حی وأنّ یتصور له شفاها کشفاه لیلا وأنّ بیاض أسنانه کبیاض أسنانها صورة جدیدة کل الجدة قلّ نظیره فی الأدب العربی وهو یدلّ علی عمق وسعة خیال الشاعر. فی التشبیه، الصورة لا تثیر السامع إلّا إذا تمتعت بوجود شباهة بین شیئین لیسا من جنس واحد. فکلما کان الفاصل بین الشیئین أکثر، کانت الصورة افضل واجمل. فطبیعة النفس البشریة إنّ الشیء الذی یخرج من غیر معدنه له تاثیر أعمق وأوقع فیها وأنّها تحبه أکثر. (الجرجانی، 1988م: 131) والنموذج الثانی لهذا الأمر فی البیت التالی:
(نفسه: 325) هنا نری أنّ الشاعر قد وصف أمرًا عقلیا من مثل التوحید بالبیاض وکذلک الشرک بالسواد ثم استعار للشرک جبین یتلألأ التوحید فیه، ثم بطریقة التشبیه المرکب ابتداء استعار السواد للحانة، والصفاء واللمعان للشراب وقد ربط بین هذه الصورة وصورة التوحید فی جبین الشرک مع وجود وجه شبه لمعان شیء مضیء فی وسط السواد، تشبیه یحکی قوة مخیلة الشاعر فی الحصول علی وجوه الشبه بین الأمور المتباینة. والخصیصة الأخری؛ فی شعر عرار فی دراسة التشبیهات الواسعة، التشبیهات الصریحة (المعنی بها التشبیهات التی تتضمن أدوات ووجه شبه) أکثر من التشبیهات غیر الصریحة. فی هذه التشبیهات بسبب ذکر وجه الشبه وأدوات التشبیه فإنّ الاختلاف والتباین بین طرفی التشبیه بارز. فی الحقیقة هما شیئان تربطهما صفة أو صفتان متشابهتان. إضافة إلی ذلک فإنّ الشاعر عندما یذکر وجه الشبه فإنّه یسلب المتلقی فرصة التفکیر فی وجه الشبه، لذا فإنّ التشبیه الذی یرافقه وجه الشبه فإنّ الصورة تقدم مفهومها فی أوّل الأمر وللأبد دون حاجة إلی التمعن. (بورنامداریان، 1374ش: 188) فی حال أنّ التشبیه فی شعر الخیام یمتاز بعدم الصراحة ویجدر التنبیه إلی أنّ کلی هذین النمطین من التشبیه لا یمکن تفضیل أحدهما علی الآخر نظریا وأنّ تناسق وتناسب الصورة مع العنصر العاطفی فی الشعر هو أساس الحکم. (نفسه: 189) فیما یلی نشیر إلی بعض هذه التشابیه الصریحة:
(وهبی التل، 1988م: 373) هنا نجد الشاعر قد شبّه الناس بکأس خمر وکما نری أیضا أنّ أدات التشبیه (ک) ووجه الشبه (ما عادت مودتهم علی الوفی لهم إلّا بالأضرار) کلاهما موجودان مما یجعله من ضمن التشبیه الصریح. نشیر إلی بعض التشبیهات غیر الصریحة فی شعر الخیام التی لم یذکر فیها أدوات التشبیه ووجوهه:
(خیام، 1378ش: 116) (الترجمة: الخمر هو حجر سیلان المذاب وجرتها هی المعدن/ والجسم هو الکأس ومشروبها النفس / ذاک الکأس الشفاف البهج من الخمرة/ هو دمع قد تضمن دماء القلب). فی هذا المثال من التشبیهات نری الشاعر قد وصف "الخمر بحجر السیلان" و"الزقاق بالمعدن" و"الکأس بالجسم" و"الخمر بالروح" و"الکأس الشفافة بالدمع" و"الخمر بدم القلب" وکلّها تشبیهات غیر صریحة. أما النقطة الهامة التی یجب التنویه الیها فهی أنّ التشبیهات غیر الصریحة فی شعره تدلّ علی قمة الإثارة العاطفیة وغالبا ما تکون مصحوبة بمبالغة. هنا نجد أنّ المشبه لا یضاهی المشبه به فی بعض النقاط بل عینه نفسه أو حتی أنّه أرقی منه. فی هکذا تشبیهات نجد الخیام بناء علی العنصر العاطفی یصور المشبه بأجمل صورة أو أقبحها:
(خیام، 1378ش: 139) (الترجمة: إنّ الحجر الموضوع علی فم جرة الخمر أفضل من مملکة فارس/ وإنّ ریحها أحسن من طعام مریم الحوراء/ وإنّ الآه علی لسان الخمار أفضل/ من تحسر بو سعید وأدهم المؤمنین) أو فی أبیات أخری:
(نفسه:160) (الترجمة: إنّ جرعة من خمرة عتیة أفضل من مملکة حدیثة/ وإنّها أفضل من کل ما عداها / وإنّها فضل من عرش فریدون مئة مرة وإنّ حجر الجرة أفضل من ملک کیخسرو). التشبیهات الإضافیة یأتی هذا النوع من التشبیهات علی شکل الإضافة أی أن یضاف المشبه إلی المشبه به فی نهایة الإیجاز البلاغی. فی أغلب الأحوال فی هذا النوع من التشبیه یمکننا درک وجه الشبه الموجد بین طرفی التشبیه من خلال الحواس الظاهریة لا سیما الحاسة البصریة. لکن فی کثیر من الأحیان أیضا نجد الترکیب الإضافی بصورة مجردة لا معنی له وأنّ المعنی لا یتضح إلّا بعد أن یتخذ قراره فی السیاق الشعری. سندرس فیما یلی هذه النقاط ونبیّن مدی تأثّر الشاعر بشعر الخیام: الف: الترکیبات التی یتضح جمالها بعد أن تأخذ قرارها فی سیاق الجمل من مثل "أناجیل الخوابی"، فی تشبیه الخوابی بکتاب الإنجیل وکذلک ترکیب "نواقیس الشراب" فی تشبیه الخمر بالناقوس،کلّ من هذه التشابیه یفقد جمالیته حین انفراده وأنّ وجه الشبه فیها غیر صریح، لکن عندما تتخذ قرارها فی الجمل یتبیّن جمالها علی افضل شکل: -«مِن أَناجیلِ الخَوابی /آیةٌ تَقرع رأسی / بِنَواقیسِ الشّرابِ» (وهبی التل، 1988م: 158) هنا نجد أنّ تشبیه جرار الخمر بکتاب الإنجیل وتشبیه الشراب بالناقوس غیر معهود فی أوّل نظرة لکن بعد الترکیز فی السیاق وکشف علاقتهما بالعبارات السابقة واللاحقة یتبین مقصود الشاعر علی أفضل شکل. فالشاعر عندما أراد أن یبیّن قیمة الخمر فی نظره وأثرها فی نفسه، فهو یقول أنّ جرار الخمر کالإنجیل مقدسة فی نظره وأنّ الشراب کالناقوس یخبره بزمن الصحوة. النموذج الآخر نجده فی الأبیات التالیة:
(نفسه: 195) ربما هنا لا یتناسب تشبیه الکأس بالأفق، لکن عندما نربطه بالعبارة السابقة (هذا العمر لیل) یتضح جمالها، فالشاعر یقول إنّ عمر الإنسان کاللیل وأنّ صباحه یتمثل فی أفق کأس الخمر. والنقطة الهامة التی ندرکها فی دراستنا لهذه التشبیهات قلة استخدامها فی رباعیات الخیام وفی هذا المقدار القلیل من التشابیه لا نجد أی أثر یکشف عن تأثّر عرار بتشبیهات الخیام. ب- الترکیبات التی یستنبط فیها وجه الشبه من خلال فهم الشعور الباطنی لدی الشاعر والتی من خلال دراسة الشعر وفهم سیاقه نلج فیها إلی شعور الشاعر ومن ثم نستخلص وجه الشبه الکامن بین طرفی التشبیه. من نماذج هذا النمط نشیر إلی ترکیب "عذراء الکروم" فی الشعر التالی: -«لا تَذرنِی/ لِتَجاریبِ شیاطینِ الهُموم/ وعَفاریتِ الأسى تَعزِفُ فی اللیلِ البَهیمِ/ لَحنَ عطلِ الکأسِ مِن/ ثَغرِ النّدیمِ/ فَوقَ رأسی/ وإِذا أظلَمَ حِسّی/ فَأنِرنِی/ بِهُدَى العَذراءِ/ عَذراء الکُروم.» (نفسه: 485) فی الشعر المذکور أعلاه نجد فی تشبیه "عذراء الکروم" أنّ وجه الشبه بین طرفی التشبیه (العذراء والکروم) لا یتضح إلّا بعد أن نستوعب سیاق الشعر ومجاله العاطفی. هنا یقوم الشاعر من أجل وصف شدة الحزن المتأتی بفعل الحیاة الصعبة بتشبیه الأحزان بالشیطان ومن ثم فی ترکیب غیر متعارف یشبه الکروم بالعذراوات. ففی نظر الشاعر الخمر ملجأ هامد وجمیل کحضن الفتیات التی یلجأ الیها الناس من معاناتهم ومآسیهم. بعد دراستنا لهذه الأمور فی الترکیبات الإضافیة لدی عرار ومقایستها بأشعار الخیام نستخلص أنّ هذه التراکیب لا تشابه شعر الخیام، وأنّ ما حدا النقاد إلی الاشتباه فی الأمر هو تشابه أرکان المشبه ووجه الشبه لدی الشاعرین. ففی هذه التشبیهات المشبه هو الخمر ووجه الشبه إحدی میّزاته من مثل مسلی الأحزان. لکن هذین الرکنین تکتسبان قیمتها البلاغیة عندما یکون المشبهبه بدیعا أو بعبارة أخری یمکننا القول أنّ جدة التشبیه أو قدمته وقیمته الأدبیة تکمن فی المشبه به «إذ إنّ الشباهة إذا کانت بادیة للعیان فإنّ التشبیه یفقد قیمته وبالعکس اذا خفیت فإنّ التشبیه یکون بدیعا ویکتسب جمالیة فائقة.» (الجرجانی، 1988م: 132) مثال ذلک نجده فی ترکیب "باده لعل" (خمر حجر السیلان) فی الرباعی التالی:
(خیام، 1378ش: 136) (الترجمة: إنّ کأس من الخمر یعادل مئة من القلوب والأدیان/ وإنّ جرعة منها تساوی مملکة الصین/ لا توجد مرارة غیر مرارة الخمر علی وجه الأرض/ تضاهی ألف من النفوس الغالیة). فإنّ الخیام فی البیت السابق قد شبه الخمر بحجر السیلان وکما نشاهد فإنّ ترکیب الخمر وحجر السیلان یمتاز بوجه شبه جمیل حتی أنّ الجو الحاکم فی هکذا تشبیهات هو الذی یحدو الکتّاب إلی فکرة تأثّر عرار برباعیات الخیام. الاستعارة و الاستعارة تعتبر من أهم الفنون البلاغیة وفی الأصل مفردة عربیة من مصدر الاستفعال بمعنی استعارة الشیء أی أخذ الشیء عاریة. (ابن منظور، 2005م: ج3/ 2818) أما الجرجانی فقد عرف الاستعارة علی أنّها استخدام مفردة ذات معنی معین فی غیر معناها الحقیقی وبذلک ینتقل معنی جدید إلی اللفظ انتقالا لیس ضروریا وإنما هو عاریة. (الجرجانی، 1988م: 22) استخدمت الاستعارة منذ سالف الأزمان بین سائر الأقوام. فی الأمثال والقصص والأشعار فإنّ الاستعارة تعد من أبرز الفنون البلاغیة، والشعر الحدیث تبعا لماضیه مفعم بهذا الفن الجمیل. والاستعارات القدیمة فی الأدبین العربی والفارسی من مثل "الصنم" للحبیبة و"السنبلة" لازلاف الحبیبة و"النار للوجه و"الأسد" للرجل الشجاع و"البدر" للمرأة الجمیلة، یمکن إدراکها ببساطة، لکن الاستعارات الحدیثة تستعصی علی الفهم وهذا ما یجعلها آنق وأوقع فی النفوس إذ أنّ الأذهان تبذل جهدا اکبر فی سبیل استیعابها. تطور العلوم البشریة وتشعب الاختصاصات واختراع الأجهزة وتقدم الرکب الحضاری جعل العالم قریة صغیرة وانسحاب الأزمات وقضایا المجتمعات الإنسانیة إلی ساحة الشعر منح الإستعارة بعدین کالتالی: البعد الأوّل أنّ التطور والتحضر ودخول الشعر فی ساحة الجتماع وسهولة اللغة الشعریة جعل الاستعارة ملموسة. البعد الثانی هو أنّ تشعب العلوم والفنون وتغیر النظرة الانسانیة إلی مفاهیم التطور وسمو الخیال، مع امتلاک کمّ کبیر من التجارب البصریة واستخدام تجارب الأدباء الأسبقین، تطورت الاستعارات الموجودة فی الشعر الحدیث إذ إنّها متاتیة من کل الحواس. استعارات معقدة وجدیدة ومتعددة تحکی الجوانب الخفیة من حیاة الإنسان الحدیث للجیل المعاصر والأجیال التالیة. (مفتاحی، 1384ش: 1) نجد فی شعر عرار النوع الأوّل من الإستعارات الذی یمکن فهمها للشباهة الواضحة بین المستعار منه والمستعار له لا سیما إذا صاحبتها مؤشرات تحدو الأذهان من المعنی الحقیقی إلی المعنی المجاز. کمثال فإنّ مفردة "الشراء" تستعار بمعنی "المبادلة" کما فی التالی:
(وهبی التل، 1988م: 503) أو فی الأمثلة التالیة فإنّ النّار والرعد والماء مستعار منه لمعانی الحزن والغضب والدموع علی الترتیب:
(نفسه: 595) یمتاز شعر عرار بأنّ أغلب استعاراته تبنی علی أساس شباهة حسیة بین طرفی الإستعارة وتبعاً لذلک فمن الیسیر جدا إدارک معناها المجازی. لکننا فی بعض أحیان أخری نواجه صعوبه وتعقید فی الاستعارات. فی هکذا استعارات یدرک الشاعر علاقات وشباهات بین الأشیاء المحسوسة أو غیر المحسوسة وظاهرة إجتماعیّة فیقوم بإستعارة بعضها بدل بالبعض فیتم بذلک هدایة القاری من المعنی الأولی إلی المعنی الثانی بالقرائن والعلامات اللازمة وأنّ القارئ هو الذی یقوم بإدراک الخفی فی أمر الاستعارة. سنضرب مثالا کالتالی:
بِدِلائک (نفسه: 486) الشاعر هنا بهدف بیان شدة حزنه بفعل الابتعاد قد شبه نفسه بعین الماء التی جفّت بفعل الانفصال، کذلک فهو یری أنّ الشباب والحیویة کالماء الذی اتلفه ابتعاد الأهل عنه. فی هذه القصیدة مفردات (انضب واغار وماء وعثار ورواء وغیض) کلّها مجتمعة تعبر عن ظاهرة طبیعیة معروفة. فحزن الشاعر من آلام المن فی تستدعی فی الذهن هذه المعانی. فنتیجة هذا الأمر له شباهة متعددة الجوانب مع اجزاء تلک الحادثة الألیمة بحیث لا نحتاج إلی إشارة صریحة إلیها. فوجود القرائن والاشارات یکفی أن ینقل ذهن المتلقی من الصورة المحسوسة إلی تلک الحادثة. فوجود کلمات (البین والبعد والجد واودی والعزاء) فی النص کفیل بنقل الذهن من الظاهر إلی الباطن ومن المعنی الحقیقی إلی المعنی المجازی. فی خصوص هذه الإستعارات یجب التنویه إلی «أنّ هذه القرائن فی حال لم تکن فی استطاعتها نقل الذهن إلی المعنی المراد فإنّ الحقیقة التی تعهد الشاعر بإبلاغها تفشل وبالتالی لا یمکن إدراکها. وکذلک فی حال کانت صریحة کل الصراحة فإنّ الحاجة إلی الجهد الذهنی من اجل إدراک المعنی الخفی تتضائل ولم یعد الشعر بحاجة إلی استعارات وسقترب إلی منطق النثر آنذاک.» (بورنامداریان، 1374: 212) لکننا فی شعر عرار نجد حفظ التعادل بین الحالتین باد للعیان. أما فی خصوص الاستعارة فی شعر الخیام فإنّ الشاعر لیس له رغبة بالغة فی استخدامها بحیث إنّ الشاعر فی کل رباعیاته لم یستخدمها إلّا بضع مرات نشیر إلی بعضها فیما یلی:
(خیام، 1378ش: 136) (الترجمة: الأصدقاء کلهم قد ذهبوا من الأیدی/ فقد ماتوا واحداً إثر الآخر/ فقد شربنا الخمر فی مجلس واحد/ فقد سکروا قبلنا فماتوا). فی المصراع الرابع فإنّ مفردة السکر استعارة للموت.
(نفسه: 143) (الترجمة:کأس استحسنها العقل/ ویقبلها مئة مرة علی جبینها / هذا الدهر صاحب الجرار یصنع الذّ الخمر/ ثم یضربها أرضاً ویتلفها). هنا مفردة الکاس فی المصراعین الأوّل والثالث استعارة للإنسان. بعد دراستنا لنماذج من استعارات الخیام وموازنتها بشعر عرار نستنتج أنّ الأخیر لم یتأثّر باستعارات الخیام. یتبین ذلک من خلال النظر فی استعارات الخیام التی تتضمن فلسفة عمیقة خفیة، لکنّنا فی شعر عرار نجد الإستعارات سهلة وواضحة وأغلب الأحیان تدور حول حزن الشاعر ومآسیه. اما الامر الذی حدا الکتّاب إلی فکرة تأثّر عرار بشعر الخیام هو أنّ کلا الشاعرین قد استخدم هذا الفن لإبراز الأفکار والاختلاجات الذهنیة، والتی تمثلت لدی الخیام بشکل قضایا مصیریة من مثل الحیاة والموت ومصیر الإنسان ومبدأ الإنسان ومنتهاه فی حال أنّها تمثلت لدی عرار بشکل قضایا المجتمع المتردیة والأزمات الشخصیة. التشخیص التشخیص أو إحیاء الجمادات عبارة عن إضفاء الخصال الإنسانیة إلی الأشیاء الحیّة أو الجامدة. یقول شفیعی کدکنی فی هذا الخصوص «من أجمل الصور الخیالیة هی التصرف الذی یحصل فی ذهن الشاعر فی الأشیاء الجامدة والذی منحها الحیاة والحیویة بفعل مخیلته الخلاقة. لذا عندما ننظر من نافذة عین الأدیب فإنّنا نری الأشیاء والطبیعة مفعمة بالحیاة والحرکة. ولم تقتصر هذه المسئلة علی الشعر بل انّنا نجدها فی الکثیر من الکلام الیومی فی أوساط الشعب. امتاز بعض الشعراء باستخدام فن التشخیص مما جعل الوصف الشعری لدیهم یتمیز بحرکیة وحیویة أکثر من الأخرین.» (شفیعی کدکنی، 1372ش: 149) فی دراسة التشخیص فی شعر عرار أوّل ما یلفت الانتباه هو کثرة استعماله لدی الشاعر. فهذه الفن فی الأدب القدیم غالبا ما کان ینتهی ضمن بیت أو بیتین ولا یتفصل إلّا فی القلیل لکنه فی الشعر الحدیث یطول ویتسع وهی من أبرز ممیزاته. مثال ذلک فی شعر عرار فی ما یلی:
طوعَ إیــــــحاءِ دُعائِک کُلّما أمــــــعنتُ عَصراً جاءک الـــــعُنقودُ خَمراً واستفاضَ الکأسُ بُشرا والأســــــــى الکرّار فَرّا(وهبی التل، 1988م: 487) هنا قام الشاعر بتصور شخصیة للعنب تطیع الأوامر کالإنسان ومن ثم أضفی صفة الفرح إلی الشراب وصفة الفرّ والکرّ إلی الحزن الذی هو من صفات الإنسان. کذلک الخیام فقد استخدم التشخیص بکثرة. مثال ذلک فی ما یلی:
(خیام، 1378ش: 106) (الترجمة: دخل إلی البستان مثل العندلیب السکران/ فوجد الورد وکأس الخمر مبتهجتان/ فجاءنی وهمس فی أذنی/ استمتع وتدارک الأمر قبل أن ینقضی العمر). هنا نجد الخیام قد اضفی إلی العندلیب شخصیة إنسانیة ومن خلال إطالته لصفات تلک الشخصیة قد منح شعره حیویة وحرکیة خاصة. فقد صور الشاعر العندلیب بالإنسان الذی یتجول فی البساتین ثم یخبره بما یری وینصحه کالإنسان ثم فی المصراع الثانی فإنّ الورد والخمر لهم وجه بشری ضاحک. فمن خلال مقایستنا لفن التشخیص لدی الشاعرین نجد أنّهما قد استخدماه بکثرة لکن العرار لم یتأثّر بالخیام فی هذا المجال. یمکننا القول إنّ تشابه الشاعرین فی ترکیزهم علی صفة التسلی فی الخمر هو الذی حدا الکتّاب إلی فکرة تأثّر عرار بالخیام. والنقطة الثانیة أنّ اغلب نماذج التشخیص فی شعر عرار قد جاءت لأشیاء جامدة وعقلیة. مثال ذلک ما یلی: -«فإذا فی لیلِ شِعری / آذَنَ الشّیبُ بِشَرٍّ / والغَوانِی / أنکرَت عهدَ وِدادِی / واجتَوَتنِی/ بَعَثَ الشّوقُ جَدیداً فی فُؤادِی / فَکَأنّی/ فِی الذُّرَى الشّمخِ مِن أوجِ شَبابِی / یَتَساقَى الوَجدُ قَلبِی وَالمُنَى مِلءَ إهابِی.»(وهبی التل، 1988م: 488) أضفی الشاعر هنا علی مفاهیم من مثل (الشیب والودّ والشوق) والتی کلها أمور عقلیة شخصیة إنسانیة. فـإخبار الشیب بالشر وإثارة الحب الجدید فی القلب وملأ القلب بالشوق کلّها تحکی استخدام هذا الفن فی الشعر لکن الخیام قد استخدم هذا الفن للاشیاء المحسوسة الملموسة:
(خیام، 1378ش: 163) (الترجمة: قد ضربت الجرة علی الحجر / حینذاک قد کنت سکرانا / فقالت لی تلک الجرة/ قدیما کنت مثلک فتصبح أنت مثلی یوما ما). والنقطة الجدیرة بالذکر لدی الخیام هی أنّه استخدم التشخیص حول معانی الإبریق وصانعها:
(نفسه: 161) (الترجمة: فقد اشتریت جرة من بائع الجرار ذات مرة / فحدثتنی تلک الجرة عن أسرار کثیرة / فقالت لقد کنتُ فی ما سلف ملکاً لی کأس ذهبیة/ والیوم أصبحت جرة خمرة بید الخمارین). والنقطة الثالثة فی هذا الشأن أنّ عرار قد یستخدم فن التشخیص علی صورة خطاب مع الشراب والکأس والذی هو من أجمل أنواع التشخیص وأکثره تاثیراً علی نفس السامع. لکن هذه الخصلة لم تتمثل فی شعر الخیام. مثال ذلک ما نراه فی شعر عرار کالتالی:
(وهبی التل، 1988م: 545) المبالغة المبالغة هی الإفراط فی مدح أو ذم الأشخاص. هذا الفن کسائر الفنون الأدبیة الأخری من مثل التشبیه ومراعات النظیر یعتبر جزءا اساسیا من الآداب وقلما یحدث أن خلا منه النص الأدبی. فی الواقع أنّ الشاعر حین نقل تجربته الشخصیة إلی المتلقی فإنّها تفقد قسماً من الحیویة وأثر تصاویرها لذا یلجأ الشاعر إلی المبالغة عوضا عن ذلک، فالشاعر یرسم قصائده عبر المبالغة بحیث لا یتضاءل أثر تصاویرها فی النفوس، حتی کأنّه ینظر إلی الأشیاء من خلال عدسة مکبرة من المبالغة وصور الخیال فتترآی أکبر من حجمها الطبیعی. ومن خلال دراستنا لصور المبالغة لدی عرار فی خمریاته فإنّنا نقسمها إلی قسمین: الف) المبالغة فی شکل الخمر یبالغ الشاعر فی وصف شکل الخمر کما نری ذلک فی البیت التالی الذی یتحدث فیه عن لون فقاقیع الخمر ویشبهها فی اصفرارها بلون الذهب ویشبه أیضا لون الخمرة نفسها فی احمرارها بشعر بنت شرکسیة:
(نفسه: 265) أو الشعر التالی والذی یبالغ فیه الشاعر فیصف فقاقیع الخمر فی صفائها بلمعان جسم براق، ویری أنّها طالما تشع نورا فإنّ حرارة الجو لا تحس وأنّ شاربها لا یتضرر ویشعر بالبرد بدل حرارة الصیف:
(نفسه: 87) هذه الخصال قد أتت فی شعر الخیام خمس مرات ( الرباعیات 46، 96، 110، 161، 162) وبصورة واحدة وفی قالب تشبیه الشراب إلی حجر السیلان. من نماذجها ما یلی:
(خیام،1378م: 141) (الترجمة: لقد حان السحر فانهض یا رجل/ واملأ بلور (الجرة) الساقی بخمرة السیلانیة/ فإنّ هذه اللحظات بعد الفناء / ستبحث عنها لکن لا تجدها أبدا). ب) المبالغة فی قیمة الخمر تعتبر مفردة الخمرة والمعانی المرتبطة بها أکثر الکلمات استخداما فی نص عرار الشعری لذلک فمن الطبیعی أن نشاهد المبالغة فی قیمته. فالخمر فی نظره تضاهی "التوحید فی جبین الشرک" و"بنت جمیلة الوجه" أو "عرش الملک" وأنّ کأسها یعادل کتاب الإنجیل وأفق الشمس ولیلا:
(وهبی التل، 1988م: 299) ومن الطبیعی أن یشبه شارب الخمر کأسه فی طهارته بنفسه وعفته لکن عراراً بفعل احترامه الکبیر للخمر عکسَ الصورة وجعل الخمرة أصلا وشبّه نفسه فی طهارتها بالخمر وهذا نهایة التبجیل والتعظیم للخمر. وفی المثال التالی یری الشاعر الخمر أقدس الأشیاء حتی انّه یقسم باسمها:
(نفسه: 371) أما فی خصوص الخیام فمع اختلاف تفاسیر النقاد فی معنی الخمر لدیه فإنّه هناک توافق تام بأنّ الخمر أکثر المفردات قیمة فی شعره وأکثرها استخداما. فالخمر فی شعر الخیام أعلی وأرقی من ملک جمشید وفریدون وکاووس وطوس وقباد وکیخسرو وانّ عطرها أشهی من طعام الجنة الذی قدم لمریم العذراء وانّ شربة منه تضاهی ارض الصین جمعاء:
(خیام،1378ش: 136) (الترجمة: إنّ کأس من الشراب یعادل مئة من القلوب والأدیان/ وإنّ جرعة منها تضاهی مملکة الصین جمعاء/ لا توجد مرارة غیر مرارة الخمر/ تضاهی ألف من النفوس الحالیة). **
(نفسه: 127) (الترجمة: منذ ظهور زهرة والقمر فی السماء/ لم یری شیء أجمل من الخمر/ أنا فی عجب من أمر بائعی الخمر / ما الذی یشترونه بثمن الخمر). من خلال دراستنا لهذا الفن فی شعر عرار ومقایسته برباعیات الخیام نستخلص أنّ عراراً قد تأثّر بصورة غیر مباشرة من الخیام فی هذا المجال حتی أنّه بقراءة هذه الأبیات من عرار فإنّ المتلقی سیجد نفسه فی جوّ الخیام الشعری ویشاهد أسلوبه الأدبی. نبرهن علی ذلک من خلال الأدلة التالیة: أولاً؛ فإنّ عراراً یبالغ فی وصف الخمرة کالخیام حتی أنّه یتجاوزه فی ذلک وبالتالی فإنّ الخمر أهم مضمون لدی الشاعرین. ثانیا: السبب الرئیسی لأهمیة الخمر لدی عرار هو نفسه لدی الخیام. فمثلا فإنّ عرار مثل الخیام یری الخمر وسیلة للفرح والتسلی عن هموم الحیاة وآلامها. ثالثا؛ الخمر لدی عرار رمز کما هو لدی الخیام، رمز سام یمکنه التأقلم مع کل المفاهیم السامیة، لذا فإنّه یستخدم رمزا للموهبة الحیاة واغتنام الفرص واحیاناً رمزا للذنوب الخفیفة إذا ما قیست بذنوب المرائین. النتیجة من خلال دراستنا للصور الخیالیة لدی عرار فی موضوع الخمر وموازنتها برباعیات الخیام تبین: 1. أنّ عراراً فی فن التشبیه لم یقلد تشبیهات الخیام. فالتشبیهات الخمریة لدی عرار ناتجة عن تجربة شخصیة ومبنیة علی حس وإدراک قوی. فی المقابل فصور الخیام غیر شخصیة ورمزیة. وأنّ ما حدا النقاد إلی الاشتباه فی الأمر هو شباهة رکنی التشبیه (المشبه ووجه الشبه) لدی الشاعرین. فی هکذا تشبیهات فإنّ المشبه هو الخمر فی حال أنّ وجه الشبه هو التسلی عن الهموم والأحزان. 2. واتضح فی فن الاستعارة أنّ عراراً لم یتأثّر بشعر الخیام والدلیل علی ذلک أنّه هناک فلسفة عمیقة خفیة خلف استعارات الخیام. فی حال أنّ شعر عرار یمتاز باستعارات سطحیة دنیویة. وأنّ ما حدا النقاد إلی التباس هو أنّ کلا الشاعرین قد استخدم هذا الفن لبیان افکاره، فی حال أنّها لدی الخیام تدور حول الحیاة والموت ومصیر الإنسان ولدی عرار تتمرکز علی قضایا الإجتماع والأزمات والمشاکل الفردیة. 3. لم نجد أی أثر لتأثّر عرار فی فن التشخیص من الخیام ولو أنّنا شاهدنا بعض النقاط المشترکة من مثل کثرة استعمالها لدی الشاعرین. فی هذا الشان یمکننا القول أنّ تشابه الشعرین فی نظرتهما إلی الخمر وتسلیها الهموم ومنحها الحیویة هو الذی حدا القراء إلی فکرة تأثّر عرار من الخیام. 4. أما فی فن المبالغة فإنّنا نجد تأثّر عرار غیر المباشر من الخیام. فالمبالغة فی وصف الخمر وبیان أسباب قیمتها لدی الشاعرین واستخدامها رمزا لبیان الأفکار والآراء من أبرز شواهد تأثّر عرار من الخیام. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ابن منظور. (2005م). لسان العرب. مراجعه وتدقیق: یوسف البقاعی وابراهیم شمس الدّین ونضال علی. بیروت: مؤسسه الأعلمی للمطبوعات. براهنی، رضا. (1380م). طلا در مس (3ج). طهران: زریاب. بورنامداریان، تقی. (1374ش). سفر در مه (تاملی در شعر احمد شاملو). طهران: زمستان. الجرجانی، عبدالقاهر. (1988م). اسرار البلاغة فی علم البیان. الطبعة الأولی. بیروت: دار الکتب العلمیة. خیام، عمر. (1378ش). رباعیات. با تصحیح، مقدمه وحواشی: محمد علی فروغی وقاسم غنی، ویرایش جدید: بهاء الدین خرمشاهی. الطبعة الثانیة. طهران: نشر ناهید. دشتی، علی. (1377ش). دمی با خیام. الطبعة الثانیة. طهران: اساطیر. شفیعی کدکنی، محمد رضا. (1372ش). صور خیال در شعر فارسی. الطبعة الأولی. طهران: آگاه. شمیسا، سیروس. (1374ش). بیان ومعانی. طهران: فردوس. فاضلی، مهبود. (1387ش). «نظام فکری خیام». فصلیة پژوهشهای ادبی. السنة الخامسة. العدد 20. صص 89-61 . علی ربابعه، بسام. (1381ش). «تلاشهای شاعر بزرگ اردن (عرار) در قلمرو ادبیات فارسی». مجلة کلیة الآداب والعلوم الإنسانیة بجامعة طهران. الخریف والشتاء. صص 170-155. ـــــــــ . (1383ش). «خیام در ادبیات معاصر اردن با تکیه بر آثار شاعر بزرگ اردن عرار». اطروحة دکتوراه. جامعة طهران. مفتاحی، محمد. (1384ش). «نگاهی به استعاره های شعر امروز». مجلة آزما. العدد 38. صص 31-32. الملثّم، البدوی. (2009م). عرار شاعر الأردن. الطبعة الأولی. الأردن: الأهلیة للنشر والتوزیع. الناعوری، عیسی. (1980م). الحرکة الشعریة فی الضفة الشرقیة من المملکة الأردنیة الهاشمیة. الأردن: الأهلیة للنشر والتوزیع. وهبی التل، مصطفی. (1998م). دیوان عشیات وادی الیابس. تحقیق: زیاد الزعبی. الطبعة الثانیة. بیروت: المؤسسة العربیة للنشر والتوزیع. ــــــــ . (1990م). ترجمة رباعیّات عمر الخیّام. تحقیق: یوسف بکّار. الطبعة الأولی. بیروت: دار الجیل. یوسفی، غلامحسین. (1388ش). چشمه روشن (دیداری با شاعران). ط 12. تهران: علمی.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 468 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 733 |