تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,321 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,937 |
بانوراما النقد النسوی فی روایتی "جزیرة التسکع" و"الحادی الهائم" للروائیة سیمین دانشور | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 5، دوره 8، شماره 31، اسفند 2018، صفحه 132-111 اصل مقاله (177.93 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
آزاده پورصدامی1؛ سیدابراهیم آرمن* 2؛ مریم امیر ارجمند3 | ||
1طالبة مرحلة الدکتوراه فی اللغة الفارسیة وآدابها، فرع رودهن، جامعة آزاد الإسلامیة، رودهن، إیران | ||
2أستاذ مشارک فی قسم اللغة العربیة وآدابها، فرع کرج، جامعة آزاد الإسلامیة، کرج، إیران | ||
3أستاذة مساعدة فی قسم اللغة الفارسیة وآدابها، فرع رودهن، جامعة آزاد الإسلامیة، رودهن، إیران | ||
چکیده | ||
ما زال حضور المرأة فی مسار الحرکات الاجتماعیة یحظى باهتمام کبیر لدى الباحثین والمفکرین، ویعتبر نشاط المرأة الروائی فی مختلف المجتمعات الحدیثة وغیرها، من أهم مظاهر هذه الحرکات والفعالیات الاجتماعیة. ظهرت سیمین دانشور فی إیران رائدة على الساحة الروائیة شأنها شأن سائر الروائیین الرواد فی تناول قضیة المرأة. یرمی الباحثون فی هذا المقال إلى الکشف عن الملامح النسویة التی ظهرت فی هاتین الروایتین بشکل ملموس أو غیر ملموس وأهم الدوافع والحوافز له. اعتمد البحث المنهج الوصفی التحلیلی فی تناوله للموضوع ومن أهم ما توصل إلیه؛ هو أن الکاتبة ومن خلال تناولها لقضیة المرأة فی ضوء النسویة، حاولت فی الواقع أن تطرح نظرتها المؤلمة للمجتمع الذکوری، متفقّدة هویتها المفقودة لتصحح المعتقدات الخاطئة ازاء الجنس ذکرا کان أم أنثى، وتجد حلا للتشتت والاضطراب النفسی الذی کانت تعانی منه فی داخلها. وفی الواقع تتخذ الکاتبة من النسویة ذریعة لتکشف عن قدراتها وتثبت جدارتها فی مرحلة ما بعد النسویة من خلال هاتین الروایتین والتی حسب ما توصل إلیه البحث تبدو أنها خاضت غمار الإبداع بشکل رائع وخیالی فیهما. | ||
کلیدواژهها | ||
النقد النسوی؛ سیمین دانشور؛ الروایة؛ جزیرة التسکع؛ الحادی الهائم | ||
اصل مقاله | ||
تشکل المرأة نصف المجتمع وهی مکوّن أساسی فیه، فتمتّعها بقدرات ذاتیة هائلة سنحت لها الفرصة لتلعب دورا هاما فی تطور الإنسان وتربیة الأجیال وتوفیر الجو العاطفی فی الأسرة وکیفیة إدارتها إلى جانب الحرکة الثقافیة فی المجتمع. فسلامة المجتمع وسعادته رهن لقیمة الدور الذی تلعبه المرأة. تناشد هذه الفئة العظیمة من المجتمع من خلال خطابات العصر السائدة، حقوق المرأة ومطالبها عبر الخطاب الجنسی والنزعة النسویة. فظهور الحرکة النسویة فی الساحات السیاسیة والأدبیة والاقتصادیة لم تکن إلا نتیجة الإهانة والتحقیر والتقلیل من شأن المرأة فی المجتمع الذکوری. إن "النسویة" لدیها تاریخ طویل تعود جذورها للحرکات المناهضة لحقوق المرأة وتحررها التی حدثت فی النصف الأول من القرن التاسع عشر. تعتبر حرکة إلغاء الرق والعبودیة وتشکیل جمعیات مناهضة للرق منذ عام 1832م فی فیلادلفیا والمدن الأمریکیة الأخرى إلى جانب فکرة المساواة والتحریر وانضمام النساء إلى الحرکة على نطاق واسع بالإضافة إلى تطلعاتها، من أبرز طلائع الحرکة النسویة. (مشیر زاده، 1381ش: 58-63) وفی إیران أتاحت الأحداث التی سبقت الثورة الدستوریة ولحقتها فیما بعد، المجال لتعرف النساء فی البلاد على الحرکات النسائیة فی الغرب، وفی هذه الأثناء أنشأت حرکة مشابهة لتلک الحرکات تؤکد على توفیر حیاة کریمة للنساء والاعتراف بحقوقهن. یقول قبادی فی مقال یحمل عنوان "الخطاب السائد فی روایة سووشون": «إن قضیة المرأة وموضوع اضطهادها یشکلان أهم المخاوف الأساسیة لدى سیمین دانشور التی تهتم بقضایا المرأة بشکل واسع، ما فیها حقوقها الضائعة وحریتها المفقودة. یعتقد قبادی أن قضیة المرأة من أهم القضایا الاجتماعیة التی مازالت تنحسر دائرتها فی المعتقدات الخرافیة التی حُرمت فی ضوءها المرأة من التعلیم فی مراحله المتقدمة.» (قبادی، 1388ش: 167) ویتوصل حسین نوین فی مقالته "مدینة کالجنة" إلى أن دانشور کشخصیة ملمّة بقضایا المجتمع وظروفه وما یعانیه أفراده فی طبقاته المتعددة من معاناة، تعطیک صورة قاتمة عن وضع المرأة والفئة المحرومة فی فترة زمنیة محددة. (نوین، 1388ش: 129) شکلت تلک المواضیع المذکورة فرضیات وأسئلة فی ذهن الکاتبین لتکون أهم الدوافع لإنجاز هذا البحث العلمی.
ضرورة البحث على الرغم من أن هناک عدیدا من الدراسات قد أجریت على أعمال السیدة دانشور، إلا أنه لم یرد أی إشارة إلى سبب اختیار لهذا الأسلوب من الکتابة، ما هو الداعی لانتقاء هذا الأسلوب؟ أو لماذا فضّلته فی کتابتها؟ کما أن مفهوم ما بعد النسویة لم تثبت عند هذه السیدة، الکاتبة الإیرانیة العظیمة رغم تخطیها مراحل الکتابة النسویة دون أدنى شک.
أسئلة البحث - هل تبدو السیدة دانشور کالشخصیة الرئیسة فی روایتی "جزیرة التسکع" و"الحادی الهائم"؟ - ولتخطی مرحلة النسویة والوصول إلى مرحلة ما بعد النسویة، هل وظّفت الکاتبة "الأدب النسوی" فی هاتین الروایتین؟ فرضیات البحث - الرؤى النسویة التی یمکن استخراجها من أعمال السیدة دانشور المنتقاة فی هذا البحث. - وجود مخاوف جنسیة فی ذهن الکاتبة المذکورة وأخذها بعین الاعتبار المکانة الممیزة للمرأة فی المجتمع.
منهج البحث یخضع البحث للمنهج الوصفی التحلیلی والإسناد إلى معلومات موثوقة قام الباحثون بجمعها من مصادر مختلفة متوفرة فی المکتابات، فبعد الانتهاء من جمعها تم تدوینها فی صیغتها النهائیة لتکوّن برمّتها هذا البحث المتواضع. وشاء الهدف لیکون العثور على العناصر النسویة فی روایتی "جزیرة التسکع" و"الحادی الهائم"، ثم إثبات الطبیعة النسویة فی أعمال الکاتبة، والسعی وراء السبب الذی جعل الکاتبة تخضع لمثل هذا الأسلوب فی الکتابة.
خلفیة البحث خرجت تألیفات عدیدة قیّمة حول سیمین دانشور وروایاتها، من أبرزها: "جدل الصورة مع المصوّر فی أعمال سیمین دانشور" لهوشنگ گلشیری، و"خطاب النقد، مقالات فی النقد الأدبی" لحسین پاینده، واحتفالیة الدکتورة سیمین دانشور تحت عنوان"على شاطئ جزیرة التسکع" باهتمام علی دهباشی و.. مقالات أخرى منها؛ "الحواریة وتعدد الأصوات فی روایة جزیرة التسکع من أعمال سیمین دانشور" لإبراهیم سلیمی کوچی وفاطمة جهرمی، و"دراسة عناصر الزمن الروائیة فی روایة جزیرة التسکع والحادی الهائم لسیمین دانشور" أعدّها جلیل شاکری وسعید رمشکی، و"قراءة فی حادی الجیل المحروق لسیمین دانشور" من تحقیق غلامرضا مرادی، و"اکتشاف الظلام" لمسعود طوفان، و"تحلیل سوسیولوجی لأعمال سیمین دانشور" لبیتا قنبری وأمین دائی زاده جلودار، و"النسویة وبعض مظاهرها فی الأدب الروائی" لشهریار زرشناس، و"الکاتبة الروائیة الأولى فی إیران" لصفدر تقی زاده، و"رموز الشعریة فی أعمال سیمین دانشور" لکاووس حسن لی وقاسم سالاری. و"قراءة فی کتاب على شاطئ جزیرة التسکع" بقلم ولی الله درودیان. وإن کشفت تلک الدراسات من خلال دراسة أسالیب السرد الروائی وتناول الشخصیات و.. جانبا من الاستدعاءات الذهنیة للکاتبة، إلا أن هذه الروائیة المفکرة وقلمها الرصین مازال یستدعی مزیدا من الدراسات لفتح أفق جدیدة من أفکارها للقارئ المتلهّف. نظرا للهدف الرئیسی لهذا البحث وهو النقد النسوی فی روایتی "جزیرة التسکع" و"الحادی الهائم"، فلابد من الإشارة أولا إلى المفاهیم الأساسیة فی النقد النسوی ثم الاستشهاد بأمثلة یتم استخراجها من الروایتین حتى نتمکن من إثبات النزعة النسویة فی هذه الأعمال.
ما هی النسویة؟ مصطلح "النسویة" (Feminism) مستمد من الجذور الأنثویة Feminine))، التی تعادل بالفرنسیة والألمانیة (Feminine) أی المؤنث والأنثوی، وقد اصطلح عن هذه اللفظة فی الفارسیة؛ "النزعة النسویة"، و"النزعة الأنثویة" والمطالبة بحریة المرأة. من أهم أوصاف الأدباء والمنتقدین للنسویة أنها نظریة من المفترض أن یکون بموجبها للمرأة والرجل حقوق متساویة فی المجالات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة. فی الواقع، یمکن من خلال هذا التعریف تغطیة جمیع النظریات النسویة. تعتبر مثل هذه الحرکات من أهم أسباب تأسیس الحرکة النسویة التی ظهرت أول الأمر احتجاجا على التمییز وعدم المساواة، والنضال من أجل الحصول على الحقوق المدنیة لاسیما حق التصویت، فضلا عن الترکیز على الإصلاحات الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة، کتلک التی ظهرت ملامحها فی أواخر الستینیات فی أوروبا وأمریکا لا سیما فی ساحة النقد الأدبی بتأثیر من الکاتبتین فیرجینیا فولف (1941 – 1981) وسیمون دی بوفوار (1908 – 1986). ظهر النقد النسوی بعد عقد الستینیات أی بعد مضی قرنین من مساعی المرأة الغربیة لنیلها حقوقها الفردیة والاجتماعیة کمقاربة إبستمولوجیة. ویمکن العثور على جذوره فی "الدفاع عن حقوق المرأة" بقلم ماری وولستون کرافت إحدى الروّاد البارزین فی هذا النوع من النقد وکذلک فی أعمال الکاتبة البریطانیة فیرجینیا وولف. (داد، 1378ش: 44) أسست فرجینیا عام 1919م أسس النقد النسوی فی مقالة مطولة "غرفة تخص المرء وحده" تناولت فیها التمایز البنیوی بین الرجل والمرأة بما فیها معاناة المرأة الکاتبة، مدیة فی هذا المقال أن الرجل کان ومازال یهین المرأة ویعاملها معاملة لا یلیق بشأنها. تعتقد فرجینیا أن الرجال هم وحدهم معنیون بتعریف وتحدید کل شیء ویتحکمون فی جمیع الأنظمة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والأدبیة والفلسفیة. (عزیززاده، 1378ش: 53) فیما یتعلق بالمیزات المشترکة للاتجاهات النسویة یمکن القول إن النسویة هی عبارة عن «الدفاع عن حقوق المرأة على أساس مفهوم النزعة الإنسانیة أو العلمانیة مع الترکیز على اعتبار عدم المساواة أمراً غریبا والتقدم نحو المساواة وإعطاء المرأة مکانة تفوق الرجل.» (زیبایی نژاد، 1382ش: 33) یعتقد شمیسا أن «النقد النسوی یهتم بقضایا المرأة وما یسعه من معانی مختلفة، إن قضیة المرأة والذکوریة ولغة الروایة الأنثویة وهل تختلف أساسا عن الروایة الذکوریة، والمرأة الکاتبة وأحاسیسها الأنثویة الخاصة بها ودور المرأة فی المجتمع وتکوین الثقافة وحقوق المراوة وغیرها هی من المواضیع التی یتناولها النقد النسوی.» (شمیسا، 1378ش: 329) جدیر بالذکر أن الحرکة النسویة لها اتجاهات عدیدة کما أن لها مجالات متنوعة کعلم التاریخ وعلم الاجتماع وعلم الثقافة والتعرف على التقالید وتفسیر الأساطیر وعلم اللغة، وبالتالی تتنوع أهدافها ورؤاها فی شتى المجالات. فی دراسة الحرکة النسویة، ینبغی التمییز بین النساء ککاتبات ونساء فی دور القارئ، کما أشار شوالتر (1979) فی ورقة بعنوان "نحو بلاغة نسویة" (1979م) ؛ هناک نوعان من النقد: النقد النسوی (Feminist Critique) والنقد الجنسی(Gynocriticism) تؤکد شوالتر أن النقد النسوی یرکّز على المرأة باعتبارها القارئ لأدب أنتجه الرجل، ومن هذا المنطلق ظهرت ناقدات حاولن أن یتجهن إلى فن یسمح لهنّ بقراءة أفکار وأسالیب النصوص الذکوریة، ولکن شوالتر وصفت مثل هذا النقد بأنه فاشل لأنه لن یسمح لنا بمعرفة شیء عما تشعر به المرأة ولن تعرف الصورة التی یعتقد الرجل أن المرأة یجب أن تکون علیها. على عکس النقد النسوی وتحیّزه لجنس الرجل فی الأدب الذکوری، فإن النقد الجنسی برکّز على المرأة من خلال نصوص تکتبها المرأة بنفسها لیکشف عن نماذج حدیثة حول حیاة المرأة والأسلوب النسوی والتجربة النسویة، أو بالأحرى یرکّز فیها على العالم الذی لم یکتشف للعیان بعد، لا أن یقتبس النماذج والنظریات التی ینتجها الرجال. بناء على رأی شوالتر، فإن النقد الجنسی یهتم بقضایا المرأة وبمتابعة «دور المرأة فی إغناء العطاء الأدبی والبحث فی الخصائص والمضامین الجمالیة والبنائیة فی الأدب بأنواعه مع دراسة تاریخ المرأة.» فی محاولة للکشف عن النجاح الذی سجلته المرأة على مدى التاریخ وتقییمه. تصنف شوالتر فی کتابها "أدب خاص بهنّ" (A Literature of Their Own) مراحل کتابة المرأة للقصة إلى ثلاث مراحل: 1- مرحلة "التّأنیث - Feminine" فی هذه المرحلة ( 1840 – 1880 ) سجلت المرأة نجاحا فی مطالبتها بالمساواة بین الجنسین وترسیخ ذلک فی الثقافة الذکوریة وقد تخفّت الکاتبات النّسویّات خلال هذه المرحلة خلف أسماء ذکوریة. 2- مرحلة "النّسویّة - Feminist" فی هذه المرحلة ( 1880 – 1920 ) حاولت النساء تصویر الاضطهاد النسوی، وصور الأدب فی هذه المرحلة الظلم الذی کانت تعانی منه المرأة. کما شهدت هذه الفترة ظهور النصوص الخیالیة حول المدینة النسویة المثالیة. 3- مرحلة "الأنثویّة - Female" وهی مرحلة الواقعیة فی علم الاجتماع النسوی (1920 فصاعدًا)، ترفض النساء الکاتبات جمیع النظریات فی المرحلتین السابقتین اعتقادا منهنّ أنه لا یجوز تبنّی أی نظریة توافق علیها مؤسسات ذکوریة. الأدب فی هذه المرحلة یسایر تجارب النساء الاجتماعیة کمصدر مستقل للفن النسائی یوسع بموجبه أسایب التحلیل الثقافی فی الأدب النسوی بتقناته وأشکاله المتعددة. (حسینی، 1384ش: 95) تظهر دراسات أجراها أصحاب النظریات فی الحرکة النسویة أن هناک اتجاهین فی هذا النوع من النقد الأدبی: الاتجاه الأول، مظاهر المرأة (صورة المرأة) والذی یصف فیه طرق تصویر المرأة فی الأعمال الأدبیة (لاسیما تلک التی أنتجها الرجال) وکیفیة عرضها للمتلقی ونوع القوالب التقلیدیة لصور المرأة. یرى أتباع هذا الاتجاه أن الکتّاب الذکور یفترضون بشکل ضمنی أن قراءهم من جنس الذکور وبالتالی فإن صورة المرأة فی أعمالهم تلبّی متطلبات الثقافة الأبویة وتنتج نفس الثقافة. الاتجاه الثانی، النقد النسوی أو "النقد النسائی" ومن أبرز روّاده ألین شوالتر. فی هذا النوع من النقد تمنح المرأة دورا أکثر تأثیرا فی النتاج الأدبی وتعتبر کاتبة ومؤلّفة. (پاینده، 1376ش: 43) یمتلک النقد النسوی الجرأة فی القول بأن المرأة المعروف عنها بالسیئة ما هو إلا وصف فرضته رؤیة ذکوریة لا غیر، الهدف من هذا النقد هو تصویر حی ومثیر لظاهرة عدم المساواة من خلال قبول المرأة صورة الضحیة فی الأدب، وهذا یعنی أن النساء لیست أنهنّ لم تتمتعن بالحصول على مواقف متساویة مع الرجال فحسب، وإنما کان هذا مقرونا بعدم المساوة أیضا. من جهة أخرى لا یمکن اعتبار عدم المساواة هذا، نابعا عن اختلاف بیلوجی أو نفسی، بل لاختلاف تجاربهنّ الاجتماعیة فی مجتمع ذکوری. هذا النقد بصدد الکشف عن هویة المرأة التی لعبت دورا کبیرا فی مسار الحیاة وتقدمه من خلال حروف سطرها أدب ذکوری. (تلخابی، 1384ش: 86 و90) بشکل عام، إن النقد الأدبی النسوی نقد أدبی مستوحى من الوعی النسوی. شهد التاریخ هذا النوع من النقد لعدم حضور الأدب النسائی وامتهان الکتابة الراتبة للمرأة. سیمین دانشور وعالمها فی السرد الروائی تبلورت سیمین دانشور کأول کاتبة للروایات فی ساحة الأدب الإیرانی المعاصر، حاصلة على دکتوراه فی الأدب الفارسی المعاصر. فبدلا عن الفحص والتحقیق فی النسخ الخطیة لجأت إلى کتابة القصص والروایات وبدلا عن التفرغ لدراسة أعمال الآخرین، قامت هی بخلق آثار أصبحت محط اهتمام الباحثین والناقدین. تظهر أهمیة کاتبة أنثى تکتب عن الإناث، تتجلى أهمیة هذا الموضوع أکثر عندما تکون الکاتبة فی بدایة طریقها والأدب الفارسی فی حینه یأخذ منحى أحادیاً یتسم بالذکوریة. ولدت سیمین دانشور عام 1300ش فی شیراز، والدها الطبیب محمد علی دانشور ووالدتها حکمت. قضت دراستها فی مرحلة الابتدائیة والمتوسطة فی مدرسة "مهر آیین"، ثم التحقت مباشرة بکلیة الآداب وبعد حصولها على شهادة البکالوریوس واصلت دراستها العلیا وحصلت على الدکتوراه فی الآداب برسالة عنوانها «معالجة الجمال والجلال فی الأدب الفارسی حتى القرن السابع الهجری.» (حریری، 1366ش: 5) وظلت تدرس تاریخ الفن فی کلیة الآداب بجامعة طهران لفترة. تعرفت سیمین عام 1327ش على جلال آل أحمد ثم تزوجا. وعلى الرغم من أنها بعد الزواج أدارت ظهرها للطبقة التی کانت تنتمی إلیها، إلا أنها وجدت فی جلال ما کانت تبحث عنه من أفکار کان هو یحملها فی ذاته. (آژند، 1383ش: 106) کتبت سیمین أول مجموعة من قصصها بعنوان "نیران خامدة" عام 1327ش، هذا العمل الأدبی لم یحمل أی سمات فنیة سوى أن کاتبته إمرأة. والیوم بعد مرور سنوات من نشره یمکن ملاحظة بوادر الإبداع فی طیاته. وفی عام 1340ش صدرت مجموعة قصصها الثانیة تحت عنوان "مدینة کالجنة" فی هذا العمل وإن یظهر تقدّما للکاتبة بالنسبة للعمل السابق، ولکن الدراسات کشفت فیما بعد أن هذا التقدم ضئیل جدا یتمثل فی کشفها لجانب بسیط من صور السرد القصصی ومازال یبتعد عن العمل الأدبی الحقیقی. شکلت روایة "سووشون" نقطة تحول فی حیاة دانشور الأدبیة، سرعان ما اشتهرت هذه الروایة على نطاق واسع وترجمت إلى لغات مختلفة، رؤیتها السطحیة والعاطفیة فی الروایتین السابقتین تعطی مکانها فی هذه الروایة لموقف متطور ومثالی. فی عام 1358ش صدرت مجموعة أخرى من قصصها وهی "على من ألقی التحیة"، هذه القصص لم تکن فی مستوى منسجم بل تتمیز أحیانا بتدنی المستوى عن سووشون وقسم أخر منها لاسیما تلک التی اقتبست عنوانها منها أی "سوتر" تعدّ من أرقى نماذج هذه القصص. (قاسم زاده، 1383ش: 185-187) بعد التزامها سنوات من الصمت، خرجت سیمین من صمتها لتستعرض المجلد الأول من روایة "جزیرة التسکع" فی شتاء عام 1372ش أعقبته بروایة أخرى عام 1380ش وهی "الحادی الهائم" وهما ستخضعان فی هذه المقالة للدراسة والنقد النسوی. المجلد الثالث من هذه الثلاثیة عنوانه "الجبل المتحیّر" تتناول فی هذه الروایة قضیة الموعود. من أعمالها الأخرى مجموعة مترجمة وهی: "جندی الشکولاتة" للکاتب جورج برنارد شو George Bernard Shawالإیرلندی عام 1328ش، "الأعداء" لأنطون تشیخوف AntonChekhov الروسی و"بیاتریس" لآرتور شنیتسلر Arthur Schnitzler النمساوی، عام 1332ش، "کیف تکسب النجاح" لدیل کارنیجیDale Carnegie الأمریکی عام 1332ش، "الکومیدیا الإنسانیة" بقلم ویلیم سارویان William Saroyan الأمریکی عام 1334ش، "الحرف القرمزی للکاتب ناتانیل هارثون Nathaniel Hawthorneالأمریکی عام 1334ش، "برفقة الشمس" للرروائیهارولد کورلاند، مجموعة قصص الشعوب المختلفة للأطفال عام 1337ش و"حدیقة الکرز" لأنطون تشیخوف عام 1347ش، "أربعون ببغاء" عمل مشترک لسیمین وجلال عام 1351ش، "إبکِ "البلد الحبیب" للروائی ألان باتون Alan Stewart Paton الجنوب إفریقی عام 1351ش، "أمسیات الشعراء والکتّاب الإیرانیین" عام 1356ش، "غروب جلال" عام 1360ش، "شهر عسل مشمس" ترجمة مقتبسات لعدد من الکتّاب والروائیین عام 1362ش، "تقدیر الفن" لمجموعة مقالات عام 1357ش، "إسأل الطیور المهاجرة" عام 1376ش، ومجموعة قصص "الاختیار".
ملخص الروایتن: "جزیرة التسکع" و"الحادی الهائم" أنهت "هستی" دراستها العلیا فی فرع الفن التشکیلی، وتعرفت خلال دراستها فی الجامعة على مانی وهو أستاذ الفن التشکیلی کما تعرفت على سیمین دانشور التی کانت تدرس حینها تاریخ الفن، فتأثرت فکریا بهذین الأستاذین وبعض أقارب سیمین کجلال آل أحمد وخلیل مکی. التقت "هستی" فی یوم ثلجی فی مغامرة للتزحلق على الجلید بمراد پاکدل، شیئا فشیئا نشأت بینهما علاقة صداقة حمیمة انتهت بمشاعر رومانسیة وعلاقة حب عمیقة. تبدأ سطور روایة "جزیرة التسکع" بکابوس حرب مرعبة نشبت قبل الفجر الصادق وتنتهی بأحلام لطیفة عن الحب بعد الفجر الصادق. أودعت "هستی" السجن بمدة شهرین بعد مشارکتها فی مظاهرات طلابیة، وبعد تخرجها عُینت بمساعدة الأستاذ مانی فی وزارة الثقافة والفنون. وکانت فی فترة وجیزة زمیلة الأستاذ مانی ومراد فی مرکز الإبداع الفنی. بعد تقدیم مراد استقالته من هذا المرکز وسفره الغامض إلى مشهد، بقیت "هستی" فی غایة الوحدة حتى شعرت بالفراغ والاضطراب، إلى أن تعرفت عن طریق معارف والدتها على سیدة کانت تبحث عن زوجة مثالیة لابنها فی حمام الساونا، ما أدى إلى تعرفها على سلیم فرخی. سلیم شاب قضى دراسته العلیا فی العرفان ببریطانیا وبعد إنهاء دراسته رجع إلى إیران بحثا عن وظیفة ولکنه لم یتمکن من شغل وظیفة کعضو هیئة تدریس فی الجامعة ما اضطره إلى المکوث فی حجرة أبیه التجاریة لبیع الأزرار وهو بصدد توسیع مشروع أبیه التجاری. فی أول لقاء تأثرا ببعضهما وعلى الرغم من جمیع الخلافات الفکریة والعقائدیة إلا أن الحب جمع بینهما وتقدم سلیم لخطبة "هستی". فی لقائها الأول تله خبره بوجود صدیق لها تربطه بها علاقة حب ولکنها لا تخیّبه وتجعله متأرجحا بین الخوف والأمل وتقول إنها بانتظار صدیقها لکی یتقدم لخطبتها ولکنه لا ینوی الزواج وإن رفض ستلبی طلب سلیم للزواج بها وهکذا تدعه فی عالم ملیء بالخوف من جهة والأمل من جهة أخرى لا یخلو من القلق والاضطراب. مع عودة مراد من السفر، تفتح هستی موضوع الزواج معه وتتقدم هی لخطبته ولکن مراد یرفض بحجة أنه لم یتهیّأ للزواج، بمجرد سماع کلمة الرفض تفتح هستی طریق سلیم للزواج وفی عهد خاص بینهما على ورقة بخط الید یعقدان القران سراً على أن یتم حفل الزفاف فی فرصة مناسبة إعلانا عن زواجهما. وفی أعقاب مغامرات یخوضها مراد مع عدد من الشباب حوالی المدینة وتحریض الأهخاتلی إلى التمرد، تتورط هستی دون إرادتها فی هذه اللعبة السیاسیة وبتسریب القضیة، تبقى مصیر العملیة غامضة، ویقتل أحد أصدقاء مراد یدعى مرتضى فی اشتباک مسلح. ثم یلجأ مراد إلى هستی فیؤویه سلیم فی بیته لفترة وجیزة وتنتهی روایة "جزیرة التسکع" یوم غد زفا هستی فی حوض بیت سلیم. "جزیرة التسکع" تروی قصة فتاة شابة وهی طالبة متحیرة ترى نفسها فی مراحل الحیاة الصعبة مرغمة على الاختیار وأی اختیار؟ فی نهایة مجلد هذه الروایة تسعى هستی لتربط مسار حیاتها بین نمط حیاة والدیها فتتوصل إلى اختیار سلیم زوجا لها، ولکن سلیم یریدها زوجة تقلیدیة لا یخرج دورها عن نطاق الحیاة المنزلیة. "الحادی الهائم" هو المجلد الثانی وامتداد لـ"جزیرة التسکع" تظهر شخصیاته الرئیسیة نفسها فی هذه الروایة وهو زواج هستی وسلیم الذی انتهى بنوم هادئ لهستی فی الروایة الأولى ولکن فی الروایة الثانیة تحدث أحداثا تنتهی بانفصالهما عن بعضهما. والقضیة تبدأ بمراد ونشاطاته السیاسیة وعلاقته بهستی إلى أن ینتهی الأمر بسجنها من قبل قوات الأمن السافاک. وفی أحداث أخرى یلقى القبض على أصدقاء مراد، وهستی تسرب معلومات وهی غیر متعمدة فی ذلک فینتهی بتورط أحدهم. یثیر هذا الأمر امتعاض هستی فأرادت حل المشکلة فما کان علیها إلا أن تعرّف نفسها بأنها زوجة إحدى الشخصیات السیاسیة، وفی خارج السجن یسمع سلیم المتحیّر فی أمره بإلقاء القبض على هستی فیخطط مع مجموعة من الشباب لإنقاذها ولکن هستی أرسلت فتاة أخرى مکانها کانت قد أخضعت للتعذیب وتخبر الفتاة أمر زواجها المزیّف لسلیم والأخیر یقتنع بالخبر بعد أن أخبرته بأنها حامل الآن. ینتفض سلیم بعد سماع هذا الخبر ویجن جنونه حتى أصبح غیر قادر على التفکیر فیسلم أمره لأمه وأخته. تختار الأم والأخت إحدى القریبات تدعى "نیکو" فیتزوجها سلیم. فی الفترة التی کانت هستی فی معتقل السافاک، ألقی القبض على مراد ویتمّ نفیهما إلى جزیرة التسکع ولا ینتظرهما سوى الموت فی هذه الأثناء وهما فی أشدّ حالات الیأس، یظهر شخص یدعى "سر إدوارد" یأتی لینقذهما من هذا الموقف المحیّر ویرسل حادیا لیخرجهما من هذه الجزیرة. وهکذا تعود هستی برفقة مراد إلى طهران، وصولهما إلى طهران کان متزامنا مع أحداث الثورة فی إیران. فی الواقع روایة جزیرة التسکع کانت لفترة ما قبل الثورة وفیها وصف لحالة الأرستقراطیة والفساد والفحشاء السائدین على هذه الطبقة، روایة الحادی تبدأ بمرحلة تسبق الثورة ثمر تمر بأحداث الثورة وتنتهی بوصف حالات الحرب وخوض البلاد الحرب العراقیة المفروضة على إیران. هستی ومراد یتزوجان وینجبان طفلا ثم یتطوع مراد للحرب شاهدا جبهاتها وهکذا تنتهی الروایة.
المقومات النسویة فی أعمال دانشور المختارة فی سیاق دراسة الأعمال المختارة للروائیة سیمین دانشور الآنفة الذکر بصورة أوسع ودقة أکثر، سنتطرق إلى رؤى وأفکار بطلات وشخصیات الروایتین، السلوک والأعمال الصادرة عن الشخصیات النسائیة والتحلیل اللغوی من منظور نسوی لبطلات الروایتین وذلک فی محاور مستقلة. بما أن المقام لا یسع فی البحث الحالی، فسنکتفی بذکر بعض نماذج الشخصیات الروائیة ضمن هذه المحاور. أ-أفکار ورؤى البطلات الروائیة - ازدراء المرأة من کونها امرأة وأنثى فی جزیرة التسکع تسعى هستی بطلة الروایة دائما إلى إخفاء مظاهر الأنوثة التی تتمتع بها کل امرأة وأنثى، عن نفسها وترفضها. - تضاد بین المرأة التقلیدیة والمرأة المتجددة یظهر التضاد بین النساء التقلیدیات والنساء المتجددات بوضوح فی الروایة، فعالم توران النسائیة وهی جدة "هستی" وتمثل المرأة التقلیدیة، یختلف تماما عن عالم والدة هستی والتی تمثل المرأة المتجددة والنسویة المتطرفة. وهستی التی تمثل المرأة الشابة المتجددة تقف حائرة ما بین عالم جدتها التقلیدی وعالم والدتها المتطرف فی التجدید فتصاب بنوع من التضاد بین هذین العالمین. تعبّر دانشور عن استیائها وتجری کلمات الاحتجاج على قضایا المرأة وحرمانها من حقوقها، على لسان هستی وعشرت. وتسعى عشرت للقضاء على المراتب التصنیفیة العنیفة والجافة فی المجتمع الذکوری. - رفض عالم المرأة السلبیة تناولت فیرجینیا وولف فی مقال "مهن نسائیة" عام 1931م مفهوم الملاک المنزلی أو النموذج المقبول للمرأة فی عصر فیکتوریا. تروی فیرجینیا أن الملاک المنزلی یطلق على امرأة تساق إلى الخضوع للرجل ویقتصر دورها فی أخذ الأوامر منه، ثم تذکر بعض مواصفات الملاک المنزلی أنها تکون فی غایة التضحیة لا تعرف للأنانیة أی معنى، کأنها لا تمتلک حاجة ولا رغبة وهی المسؤولة وحدها عن تلبیة رغبات الآخرین زوجا وأولادا. (هندلی، 1994م: 35) هویة الملاک المنزلی تدور کلیة حول نطاق الحیاة المنزلیة تلتزم بذدة بالتقالید. تنتقد سیمین دانشور فی قصصها هؤلاء النساء المطاوعات للرجل لیس لدیهن القدرة على فعل شیء وتابعات للرجل. فی "الحادی الهائم" وُصفت "نیکو" بأنها ملاک سخرت منها النساء المتجددات وانتقدن سلوکیاتها. نیکو امرأة تقلیدیة غیر متعلّمة، قلیلة الکلام، تابعة للعادات والتقالید. تصفها النساء بالکبش: «نیکو ککبش مطیع، فهی تتحمّل حتى الضرّة . . تزوّج نیکو فإنها کالکبش الذی لا یهمّه شیء سوى أنه یرعى فی المراتع والسهول..» (دانشور، 1380ش: 292) یعدّ العزوف عن الزواج وتشکیل الأسرة أحد رکائز النظریة النسویة، لطالما کانت ومازالت فکرة انحسار دور المرأة لیصبح فقط فی الزوجیة والأمومة موضع جدل ونقاش واسعین فی الثقافة النسویة. فی الواقع کیف یمکن أن یتحقق التوازن بین حضور المرأة فی المجتکمع کناشطة اجتماعیة وبین وظائف تقیّها باسم الزوجیة والأمومة؟ وأصبح هذا التضاد یشکل صراعا رئیسا لأصحاب النظریة النسویة، وهو تضاد یقرّ به المجتمع ویعتبر أن الحل الوحید لهذا التضاد هو انحسارها فی البیت وتدبیر الحیاة المنزلیة بینما شؤون المجتمع والسیاسة وظائف تقع على عاتق الرجل. فی جزیرة التسکع نرى هستی وإن تتجاهل التقالید وتتقدم هی بخطبة رجل أحبّته ولکنها تقول صراحةً: «لا أرغب أن أکون تحت وطأة رجل مصفدّة، سأقضی على هذه التقالید فی الوقت والمکان المناسبین وبالشکل الصحیح، لکل حادث حدیث . . وهل یتعیّن للنساء أن یکون لهن أزواج؟ إنها عقد متشققة..» (دانشور، 1372ش: 254) وفی غضون ذلک کانت مهمة الأمومة بالأخص تجعل المرأة فی غایة السلبیة تقول عشرت بحزم: «نحن النساء بائسات تحت وطأة إما أولادنا أو أزواجنا، هذا هو الواقع شئنا أم أبینا.» (دانشور،1372ش: 57) تمتاز النساء العصریات فی روایات سیمین بشخصیة متمیزة یحملن أفکارا مختلفة عن نظیراتهن من النساء التقلیدیات، فنرى مثلا هستی عزباء حتى السادسة والعشرین من عمرها. ب- سلوک البطلات الروائیة وتفاعلهنّ - التمرد ضد الموقف التقلیدی والمتخلّف للمرأة تصور "هستی" الحقوق الطبیعیة المفقودة للمرأة بقرود عمیاء صماء: «فی أحد الأیام استعرض الأستاذ مانی صوراً لقرود وضعت إحداها یدها على عینیها والأخرى على أذنها والثالثة على فمها، هکذا وصف المرأة فی عالمنا الصغیر.» (دانشور، 1372ش: 25) - حضور المرأة فی المجتمع لمواجهة الأفکار والرؤى التقلیدیة ضد المرأة، إن النساء الرائدات اللاتی تحررن من عقال المجتمع وسطوة الأعراف، یسلکن طریقا متفاقما وشائکا للحصول على استقلالهن فی الهویة وأفکارهن، تسعى کل من هستی وزری وعشرت وتوران أن تحضر بشکل أو آخر فی المجتمع، نرى هستی تشارک مراد فی أنشطته السیاسیة وهی تصغی دائما إلى نصائح سیمین لمشارکة المرأة فی المجتمع. - عدم الثقة فی الرجال من الاستراتیجیات الأخرى فی استنهاض المرأة ضد النظام الأبوی، هی الصورة النمطیة للمرأة وقالب التفکیر الذی یحدد المرأة کسلعة ینظر لها الرجل نظرة استمتاع ومتعة. وتقیم المرأة فی المجتمع الذکوری وفق جمالها الظاهری وقدرتها على إبقاء نفسها کسلعة مثیرة تکسب الرجل. (ثورنهام، 1998م: 36) تنتقد دانشور هذه النظرة والتی لا تتعدى الجنس والإثارة. على سبیل المثال تدعو السیدة فرخی "هستی" فی أول لقاء لهما إلى حمام سونا لتلمح بعض مفاتن جسمها إلماحا. فإن جمال مظهر المرأة وأناقتها هو معیارها للتقییم ولیس لقوة تفکیرها وتثقیفها مکانة فی التقییم. وفی مکان آخر تنزعج "هستی" من النظرات الجشعة اللتی تلاحظها من والد سلیم وصدیقه الأمریکی السید کرایسلی. وکذلک الشعور بعدم الثقة بالرجال وأن الرجال المستهترین هم السبب فی بؤس النساء وتمردهن على الرجال. تقر بطلة روایة جزیرة التسکع بأن هذا العامل کان السبب فی عدم ثقتها بالرجال وعدم زواجها حتى السن 26 . ورأت فی مراد الاحترام والتقدیر لها ولفنها ولا یرید استغلالها والأهم من ذلک یسمح لها بأن تکون امرأة متجددة عصریة کما ترید هی. (دانشور، 1372ش: 15) - بعض السلوکیات المألوفة لدى النساء لدى المرأة سلوکها وحرکاتها وسکناتها الخاصة تصحبها الأناقة والجمالیات وسلسلة من العواطف والدهاء والمزاج، ولکل منها جذور بیولوجیة ونفسیة واجتماعیة والأهم من ذلک إظهار هویتها الأنوثیة والجنسیة. هذه السلوکیات لیست على نسق واحد وبعضها مستحسن والآخر منه غیر مستحسن، وهی کالآتی: - التمریض وعلاج المرضى: إن العنایة بالمریض لیس مختصا بالمرأة ولکن الاهتمام الذی تبذله المرأة وحلمها وشفقتها على المریض ومحاولة علاجه، من الأمور التی تظهر المرأة أکثر جدارة فی العنایة بالمرضى. «عادت هستی مع کوب یتصاعد منه البخار قالت لسلیم: إنه علاج عشبی تزیل القلق وتهدئ الأعصاب». (دانشور،1380ش: 213) - النذور وممارسة الطقوس الدینیة: إن هذا السلوک النسائی یظهر عندما تواجه المرأة مشکلة لا علاج لها، أو أن مشکلتها قد انحلت وجاء الوقت لذی علیها أن تفی بعهدها وأداء النذر الذی قطعته على نفسها: «ترافق هستی الست لعل وتلبس الجلباب لتنطلق معها إلى حرم عبد العظیم وکانت شاهدة کیف تمسکت بخمارها وطلبت حاجتها باللغة الأردیة وهی تذرف الدموع.» (المصدرنفسه: 230) «یدق جرس الباب، تفتح هستی الباب، إنها الحلوى من الجار بیت جمشید خان، تسأل المرأة التی أتت بالحلوى وبیدها صینیة فیها أربعة أطباق من الحلوى، هل الحاجة معصومة موجودة؟ تجیب هستی: لا إنها ذهبت إلى مجلس عزاء فی بیت أرزنی یبدو أنها لیلة المقتل..» (دانشور،1372ش: 55) - حیاکة ملابس للأطفال: وهی هوایة تتخذها المرأة للدلالة على مودّتها لأولادها لاسیما إذا کان بعیداً عنها. «تذهب هستی إلى مکتب القسم فی عملها، عندما تصل فإذا بالسکرتیرة تحوک بسرعة.» (المصدرنفسه: 49) - الدعاء واللعنة: «ضربت المربیة على صدرها وقالت: من کثرة دعائی لک، قد شفاک الله..» (دانشور،1380ش: 25) «قالت توران: لو لمستنی فسأدعو علیک، فدعائی على الشخص أمر محتوم.» (المصدرنفسه: 46) - التنصت: وهی صفةة شائعة بین النساء، وإن کان بعض الرجال یتصفون بها: «.. تقف الجدة تتنصت، الأم عشرت کانت تتنصت، والآن هستی .. لماذا لم یتخلصوا من هذه العادة السیئة. رویا جالسة على کرسی المرحاض تفکر بکراهیة: منذ السیطرة الذکوریة، وقفت النساء للتنصت فتحمّلن ثم أظهرن العطف والتسامح.» دانشور، 1372ش: 161) وفی مکان آخر تقول: «تنصّتن وکذبن . . لأنهن لا یملکن حلولا ولا یجدن طرقا لخوض عالم الرجل الوعر.» (المصدرنفسه: 161)
- الخرافة: تمتمة لجأت إلیها النساء أکثر من الرجال «شفتا أم علی تتحکان أنها تمتمة تقرأها ثم تنفخ فی وجه هستی، کأن دعاءها کان: أغلقت ثم أغلقت لسانها، وسبعة وسبعین وریدا لها..» (دانشور،1380ش: 281) «قالت هستی: تقول أمی وجدتی إننی عندما کنت صغیرة تفوهت بکلمة "آخ" وأول کلمة ینطقها الطفل لأول مرة، هی الأهم وتعنی الکثیر. قال سلیم: هذه خرافة. تبسمت هستی دون إرادة منها لأنها کانت قد سمعت مثل هذا الکلام من قبل جرى على لسان مراد، کان قد قال لها: أترکی هذه الخرافی وأخرجیها من فکرک با بنت.» (دانشور، 1372ش: 33) - بخور الحرمل «کانت جدتی تتحدث عن إصابة العیون وعین الحسود وتستعمل بخور الحرمل لها ولشاهین وهستی وتقول: إن عین الحسود لدیها قدرة على اختراق الحجر، وکانت تتذکر عیون حسد حارقة کثیرة منها ما تسببت بتجفیف أشجار کانت مثمرة على شکل باقات زهور.» (المصدرنفسه: 46) ج) التحلیل اللغوی والأدبی للبطلات الروائیة تعدّ اللغة ظاهرة اجتماعیة یتمتع بها کل من المرأة والرجل على حد سواء، ولا شک فی أن المرأة والرجل لا یتعاملان مع اللغة بنفس المستوى. فالکتابة النسویة أو النظرة النسویة قد تؤدی أحیانا إلى الصمت وأحیانا أخرى إلى الثرثرة، ما یعدّ بحد ذاته صیحة أو صراخا. لهذا أصبحت النظرة التفصیلیة والثرثرة تمثلان جانبا من سمات الکتابة النسویة. والتقلیلیة (التبسیطیة أو الحد الأدنى) التی تعد نوعا من الصمت، تشکل جانبا آخر من الکتابة النسویة والتی أخذت تتسع وتتطور مع آراء المفکرات جولیا کریستیفا ولوسی إیریجاری ثم أصبحت من أکثر المواضیع نقاشا. ولکن النسویات تقدّمن خطوة وتکوّنت لدیهن فکرة حول اللغة النسویة (الأنثویة) بأن مع تشکیلها یمکن إزالة النظام الأبوی (البطریرکیة)، من جهة أخرى یعتقد بعض المفکرین أن الغموض یعدّ من میزات الکتابة الأنثویة، معتبرین الأنثى بحد ذاتها تعقیدا وإبهاما. (غذامی، 1386ش: 97) وفیما یلی إشارة إلى بعض القدرات اللغویة فی الأدب النسائی: - استقرار الأدب النسوی على وصف التفاصیل لهذه العملیة عدة أسباب، أولا:کانت المرأة الکاتبة تنتظر لقرون من الزمن باحثة عن فرصة سانحة للبوح عما فی داخلها من آلام ربما من غیر مراعاة الأدب أحیانا، فیترتب على قارئ الیوم، التعامل مع أعمالها الممیزة بالإسهاب الممل وإظهار التعاطف معها. والسبب الآخر ربما یعود إلى النظرة التفصیلیة والتدقیقیة الظریفة للمرأة. فالتأکید على التفاصیل لأی سبب کان اجتماعیا أو نفسیا وجمالیا، فإنه یعدّ من أبرز سمات الأدب النسوی: «فتح سلیم علبة النسکافیه وأخذ ملعقة من القهوة ثم وضعها فی الفنجان وأضاف ملعقة من السکر والماء المغلی وخلطها جیدا حتى أصبحت ذات رغوة فأخذ یخلطها ثم قام وقدّم الفنجان لهستی.» (دانشور، 1372ش: 25) هذا لا یعنی أنم الأدب الذکوری یخلو من التفصیلیة، بل نرى أحیانا الوصف التفصیلی یطفو على النص السردی الذکوری إلا أنه أقل بکثیر بالنسبة للأدب النسائی. - اللهجة المؤثرة فی الأدب النسوی یمتاز النص الأدبی النسوی فی الجانب الذی یتعلق بالجنس والنفس والعاطفة والحساسیة والعقلیة النسویة، بالحدة والإثارة کما أنه مؤثر بامتیاز: «لکثرة ما تسببته لی من الإزعاج، فقد جف حلیبی، علیّ أن أعطی بکتاش الحلیب المجفف.» (دانشور، 1380ش: 153) «توران على وجهها وقالت: یا رباه لقد أصبت الطفل بعینی.» (دانشور، 1372ش: 85) - التعبیر عن جمال الطبیعة تقول دانشور: «إلى أشجار الصنوبر إلى الأزهار والنبات إلى الوقواق وحمام الجیران التی تشرب الماء من البرکة ثم ترفع رأسها للدعاء، أحتضن الأشجار حبا، أوراقها ترقص بین ذراعی فرحا وسرورا، أدرکت أنها تحبنی، إنه شعور متقابل، أحب الجذور أکثر من الأزهار ولا أحد یهتم بالأوراق، کم من الانتظار حتى تزهر البراعم على أغصانها.» (دانشور، 1372ش: 58) إلى ما سبق، من الضروری الإشارة إلى رؤیة أخرى للروایتین جزیرة التسکع والحادی الهائم. فی هاتین الروایتین، المرأة تتولى السرد الروائی. بعبارة أخرى، الرؤیة النسویة تطفو على السرد الروائی بشکل جلی. فأحداث السنوات 25 الأخیرة فی إیران لا تروى برؤیة أبویة ذکوریة وإنما فی بعض الأحیان یکون السرد نسویا أنثویا تماما. (پاینده، 1382ش: 59) تسعى دانشور دائما إلى إیصال صوت المرأة إلى العالم، لکی یتعرف القارئ على الحقوق المفقودة للمرأة جهة والاضطهاد الذی تتعرض له من جهة أخرى. وتوصی المرأة بأن تفتخر بأنوثتها، ولتحقیق ذلک لابد من رفع حقوق المرأة وشأنها وتوفیر العوامل الرفاهیة لها. وأن تتعامل مع الفئات المختلفة فی المجتمع. فتتناول روایاتها قضایا ومشاکل اجتماعیة وأسریة. کما لاحظنا حضور ثلاث شخصیات نسائیة من أجیال مختلفة وهن الجدة والأم والبنت. النساء فی روایات دانشور یبحثن دائما عن الأمان والمأوى. والعثور على الراحة والهدوء یشکل أحد المخاوف الأساسیة لهؤلاء النساء فی روایات دانشور. تسعى دانشور جاهدة أن تقترب أکثر إلى عالم المرأة الذاتی والفکری من خلال التعبیر عن المصاعب التی تتحملها المرأة إلى جانب طموحاتها. من الضرورة بمکان ملاحظة أن تطرق دانشور إلى قضیة المرأة لا یعنی أنها ابتعدت عن عالم الرجل أو أنها عجزت عن خلق أبطال ذکور فی روایاتها، بل هناک وصف للرجال باعتبارهم شخصیات مستقلة وفی نفس الوقت أبطال فی الروایات، یبدو أن دانشور أرادت أن تصور عالما مثالیا فیکون لکل من الرجل والمرأة دوره الحقیقی فی الحیاة فیستقر فی موقعه الأصلی دون أن یطمع کل منهما فی الاستیلاء على الآخر. فی روایات دانشور، نتعرف على نساء کثر، أغلبهن مضطهدات ومضحیات بلا مأوى. وهؤلاء النساء من فئات مختلفة، منهن مصابات بالجنون، قاطفات ثمار، أرامل، نساء عصریات متجددات، تقلیدیات، متدیّنات، نبیلات، متغطرسات، ومنهن خادمات، ریفیات، صبیات، کلهن یعانین من الاضطهاد الممارس ضد الجنس الثانی. وأغلب تلک النساء تضررن من الرجال مباشرة، رجال وضعوا الأخلاق والإنسانیة والالتزام جانبا. فالکاتبة لا تتوقف عند تهمیش النساء فی المجتمع، فتسعى نحو معرفة أسباب التهمیش وتعنى بحلول جذریة لمشکلاته. فتبذل جهدا واسعا لزیادة ثقافتها رووعیها ونظیراتها من النساء.
النتیجة فی هذا البحث وعنوانه "بانوراما النقد النسوی فی روایتی جزیرة التسکع والحادی الهائم للروائیة سیمین دانشور، یسعى الباحثون فی استخراج العناصر النسویة فی الروایتین المذکورتین وبعد أن تم إثبات ذلک، حاولوا أن یبیّنوا سبب اتجاه هذه الکاتبة الإیرانیة العظیمة إلى النسویة. ترى دانشور فی الروایة النسویة حیّزا ملائما لطرح مخاوفها الجنوسیة بصورة مباشرة أو غیر مباشرة، نلاحظ بین سطور سردها الروائی، على الرغم من اختلاف الاستراتیجیات التی توظفها النساء لمکافحة النظام الکوری السلطوی، إلا أن هناک هدفا مشترکا یجمع بیت تلک الاستراتیجیات وهو التحرر من الاضطهاد والتخلص من التبعیة للرجل وإحیاء حقوق المرأة. تعانی النساء العصریات والمتجددات والتفکیکیات وهن یمثلن البطلات الروائیة فی قصص سیمین دانشور،تعانی من الارتباک الذاتی والاضطراب النفسیوالتخبط الشدید بسسب الأفکار والمعتقدات من جهة والسلوک غیر المتزن فی المجتمع من جهة أخرى مما تصاب بنوع من التضاد السلوکی والنفسی. فی بادئ الأمر تشعر المرأة بالعزلة الفکریة والعقائدیة ثم تتخبط فی وادی النسویة والسیاسة. وهذه حالة غیر مستقرة فتدخل تدریجیا فی نمط حیاة جدید بعد حصولها على نظرة وإدراک جدیدین، ومع تذلیل الصعوبات، وما لدیهن من قدرات عالیة، أصبحت تتقبل أراء الآخرین وتخضع لظروف الحیاة فیتم إنقاذها نسبیا من التحدیات العالمیة المعاصرة. | ||
مراجع | ||
آبرامز، ام.اچ. (1387ش). المعجم الوصفی للمصطلحات الأدبیة. ترجمة سعید سبزیان. طهران: راهنما. إسحاقیان، جواد. (1385ش). تریّث فی حیرة شهرزاد ما بعد حداثة سیمین دانشور. طهران: گل آذین. پاینده، حسین. (1376ش). نقد نسوی لقصص ساعة من الرؤیا القصیرة. طهران: روزنگار. ـــــــ. (1382ش). خطاب النقد: مجموعة مقالات فی النقد الأدبی. طهران: نیلوفر. تلخابی، مهری. ( 1384ش). الشاهنامة والنسویة. ط1. طهران: ترفند. داد، سیما. ( 1378ش). معجم المصطلحات الأدبیة. ط3. طهران: مروارید دانشور، سیمین. (1372ش). جزیرة التسکع. طهران: خوارزمی. ـــــــ. (1380ش). الحادی الهائم. طهران: خوارزمی. شمیسا، سیروس. (1378ش). النقد الأدبی. طهران: فردوسی. عزیز زاده، گیتی. (1387ش). المرأة والبحث عن الهویة (تأکید الذات) فی إیران الیوم، ط1، طهران: روشنگران. غذامی، عبدالله. (1386ش). المرأة واللغة. ترجمة هدی عوده تبار. ط1. طهران: گام نو. قاسم زاده، محمد. (1383ش). الروائیون المعاصرون فی إیران . طهران: هیرمند. مشیرزاده، حمیرا. (1381ش). من الحرکة حتى النظریة الاجتماعیة. تاریخ قرنین من الحرکة النسویة. طهران: پژوهش شیرازه. حسینی، مریم. (1384ش). «السردیات النسویة فی کتابة القصة النسویة». کتاب ماه ادبیات وفلسفه. رقم 4. صص102-93. زیبایی نژاد، محمدرضا. (1382ش). «مجموعة مقالات نسویة والتراث النسوی». ط2. قم: مکتب الدراسات والأبحاث فی القضایا النسائیة. صص30-15. قبادی، حسین علی، آقا گل زاده وآخرون. (1388ش). «تحلیل الخطاب السائد فی روایة سووشون لسیمین دانشور». فصلیة النقد الأدبی. السنة الثانیة. رقم 6. صص183-149. نوین، حسین. (1388ش). «نقد وتحلیل اجتماعی لعید الإیرانیین». پژوهش زبان وادبیات. رقم 12. صص141-125.
Thornham,Sue(1998). Secend wave Feminism,The Routledge Companion to feminism and post feminism. Ed. Sarah Gamble. London: Routledg. Handly, William(1994). The Housemaid and the kitchen Table: Incorporating the farm in to the Lighthouse.Twentieth Century. 41 .1. Questia.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 541 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 1,661 |