تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,337 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,953 |
دراسة قصة "الثلاثاء الرطیب" الغنائیة لـ"بیجن نجدی" بناءً على نظریة إیلین بالدشویلر | |||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||
مقاله 3، دوره 10، شماره 39، دی 2020، صفحه 59-78 اصل مقاله (226.85 K) | |||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||
نویسندگان | |||||
مونا آرامفر1؛ اشرف چگینی* 2؛ محمدعلی شفایی3 | |||||
1طالبة دکتوراه فی اللغة الفارسیة وآدابها، فرع ورامین – پیشوا، جامعة آزاد الإسلامیة، طهران، إیران | |||||
2أستاذة مساعدة فی قسم اللغة الفارسیة وآدابها، فرع ورامین- پیشوا، جامعة آزاد الإسلامیة، طهران، إیران | |||||
3أستاذ مساعد فی قسم اللغة الفارسیة وآدابها، فرع ورامین- پیشوا، جامعة آزاد الإسلامیة، طهران، إیران | |||||
چکیده | |||||
یشمل المجال الواسع للأدب الخیالی نقاطاً وموضوعات تشمل مجموعة واسعة من العناصر والمواضیع المختلفة نظراً لعلاقاتها البلیغة والتلاحم فیما بینها. وفی غضون ذلک، تعدّ دراسة هذه القصص بناءً على أفکار المنظرین ورؤى أصحاب النظریات فی مجال الأدب الغنائی، خطوةً صلبة فی اتجاه نقد النصوص وتحلیلها من حیث اکتشاف العناصر الداخلیة للنص. إیلین بالدشویلر تعد إحدى المنظرین الذین قدّموا علاقات وأواصر متعددة فی القصص وذلک بالتأکید على المبادئ الخمسة فی کشف القصص الغنائیة، ومن هذا المنطلق اتخذ هذا البحث فی دراسة قصة "الثلاثاء الرطیب" لبیجن نجدی منهج المنظرة بالدشویلر اعتماداً على نظریاتها. تشیر نتائج البحث فی هذا المجال إلى أن قصة الثلاثاء الرطیب، بما أنها تحظى بعناصر وموضوعات مناسبة، توفّر منصة مناسبة لنقد وتحلیل المبادئ الغنائیة. وهکذا، فإن سیر عملیة شرح هذه القصة بناءً على أفکار إیلین بالدشویلر، یمکن أن تبیّن للمرء الذاتیةَ العمیقة القائمة على المفارقة التاریخیة أو الزمنیة وملاحظة التقاء النزعات العاطفیة مع الرموز والتحدّیات الفکریة للشخصیات فی الصور الحالمة الخیالیة والعقلیة. ونهایة القصة مفتوحة والمؤلف لا یخبر القارئ بمصیر البطل النهائی لیجعل القارئ حراً فی اختیار المصیر. | |||||
کلیدواژهها | |||||
القصة الغنائیة القصیرة؛ إیلین بالدشویلر؛ الثلاثاء الرطیب؛ بیجن نجدی | |||||
اصل مقاله | |||||
یحاول بیجن نجدی باعتباره أحد الکتّاب المعاصرین، بکلماته الجدیدة وبنیته التحتیة المنهجیة وحرکته الذکیة للغة فی أعماله، تأصیلَ العلاقات اللفظیة وتعزیزَ بنیة القصة القصیرة وأنثروبولوجیا الشخصیات بشکل جدّی. وتعدّ محاولته فی تقریب سیاق الکلمات بالکامل إلى الشعر واللغة الشعریة، هی إحدى الرکائز الأساسیة لخلق جوّ مناسب لحبکة قصصه الدرامیة. نظرة نجدی لقضایا المجتمع المشترکة واضحة وعصریة، وهی ملائمة تماماً لآلام وأفراح حیاة شخصیات قصصه، مما یوفّر منبراً جیداً لنقد قصصه وتحلیلها بناءً على آراء المنظّرین. لذلک، قمنا فی هذا البحث، بشرح ودراسة العناصر الداخلیة لقصة "الثلاثاء الرطیب" بناءً على أفکار إیلین بالدشویلر لمعرفة التحضیرات والترتیبات التی استخدمها الکاتب فی تحلیل العلاقات والتعبیرات عن أفکاره الداخلیة وإلى أی مدى تمکّنت کلماته من النجاح فی دراسة الطبیعة البنیویة للنص بناءً على مبادئ إیلین بالدشویلر الفکریة. موضوع البحث الموضوع الأساسی فی هذه الدراسة، هو معرفة المقاییس التی استخدمها بیجن نجدی فی شرح علاقات قصته. وإلى أی مدى نجح خطابه فی خلق روتین سردی مناسب یعتمد على بنیة ووظائف تحلیل العناصر النصیة من وجهة نظر إیلین بالدشویلر؟ وما هی البنیة التحتیة المنهجیة وجو التصمیم والحبکة التی یستند إلیها أساس موضوعاته الخیالیة؟ أسئلة البحث - هل ذاتیة هذه القصة تتماشى مع تدفق الأحداث العقلیة؟ - هل یمکن نقد هذه القصة وتحلیلها بناءً على عناصر تفسیر النص حسب رأی إیلین بالدشویلر؟ - ما مدى قوة النزعة العاطفیة فی هذه القصة؟ فرضیات البحث فی الفرضیة الرئیسة لهذا البحث، هناک علاقات یمکن نقدها ودراستها کما یلی: 1. یبدو أن الذاتیة فی قصة یوم الثلاثاء الرطیب تتماشى مع تدفق الأحداث العقلیة. 2. یُعتقد أن "الثلاثاء الرطیب" لدیه إمکانات کبیرة نسبیاً للنقد والتحلیل بناءً على نظریات إیلین بالدشویلر. 3. یبدو أن النزعة العاطفیة لهذه القصة تتمتع بدرجة عالیة من القوة.
ضرورة البحث یعدّ أسلوب کتابة القصة الغنائیة القصیرة هی إحدى الأسالیب الجدیدة فی کتابة القصة. هذا الأسلوب الذی یتطرق إلى دراسة الشخصیات من خلال تحلیل عواطفهم وعقلهم الباطن المعبّر عنه عقلیاً، یُعتبَر خطوةً جدیدة فی معرفة واقعیة الإنسان أکثر وما یترتّب على ذلک من قوة التواصل مع الآخرین. الغرض الرئیس من هذا البحث، هو دراسة وإعادة سرد طرق التعبیر عن عقلیة ومشاعر بطل الروایة التی یمکن انتقادها وتحلیلها فی عملیة أفکار ونظریات إیلین بالدشویلر. خلفیة البحث أجریت حتى الآن أبحاثٌ عدیدة فی مجال نقد النصوص وتحلیلها، وکذلک مقالات قیمة فی مجال وصف الشخصیات وعناصر أخرى من أعمال نجدی القصصیة، تناولت کل منها شرح وتفسیر جوانب عالجها المؤلف فی تکوین الشخصیات وغیره، من بینها؛ "تحلیل قصة الثلاثاء الرطیب لبیجن نجدی بناءً على النظریة المعاصرة فی الاستعارة"، لفاطمة کاسی. (1392ش. ملتقى ترویج اللغة الفارسیة وآدابها، جامعة پیامنور، طهران) وقد عبّرت هذه المقالة عن النظریة المعاصرة للاستعارة وتجلیاتها فی هذه القصة. وعمل آخر بعنوان "اللغة الفنیة لشعر القصة فی أعمال بیجن نجدی"، لصدیقة مهربان، محمدجواد زینعلی، (1391ش، المجلة العلمیة المحکمة للأدب الفارسی المعاصر، الرقم الثانی/الربیع والصیف، طهران)، فی إشارة إلى العوامل التی تخلق الأسلوب، نوقش فی هذا العمل الأسلوب الفنی للبنیة والملامح اللغویة التی امتازت بها أعمال بیجن نجدی، وعمل آخر لمسعود فروزنده، (1397ش. مجلة دراسات فی المدارس الأدبیة، فصلیة علمیة محکّمة، جامعة مازندران). وهو قراءة رومانسیة لقصص بیجن نجدی القصیرة. الموضوع الرئیس لهذا البحث، هو أن المؤلف قد حصل على أسلوب خاص فی القراءة الرومانسیة من خلال الجمع بین الشعر والقصة والاستخدام الواسع للعناصر الشعریة مع النزعة العاطفیة. بالنظر إلى عناوین الأعمال المذکورة أعلاه ، یمکن القول إنه فی الدراسات السابقة، لم یتم التطرق إلى قضیة الطبیعة الغنائیة لقصص نجدی، کما أن دراسة نموذج إیلین بالدشویلر فی القصص الفارسیة لم تُنجز إلا فی هذه الدراسة وهی خطوة تعدّ الأولى من نوعها فی هذا المجال. منهج البحث تعتمد هذه الدراسة على منهج البحث فی المکتبات، على أساس التحلیل النظری والنقدی. الأسس النظریة تحلیل قصة الثلاثاء الرطیب على أساس نمط إیلین بالدی شویلر تعتقد إیلین بالدشویلر[1]، إحدى المنظرین فی هذا المجال، أن «القصة الغنائیة الرائعة تحتوی بالضرورة على جمیع عناصر القصة؛ ولکن لا توجد حبکة مألوفة ومعقولة یتم تشکیلها على أساس العلاقة الموجودة بین العلة والمعلول الواضحة للغایة والتی تحتوی على نتیجة محددة.» (پاینده،1391ش: 70) فی القصص الغنائیة القصیرة وبمساعدة تقنیات خاصة، یتم التعبیر عن المشاعر المعقدة والمتناقضة فی کثیر من الأحیان فی الشخصیات بشکل رمزی وأحیاناً بدون مراعاة التقدیم والتأخیر. وهکذا، یواجه القارئ نزعة عاطفیة یرى ویفهم من خلالها شخصیة القصة فی تقلّبات عواطفها. «هذه القصص لها نهایة مفتوحة ومصیر الشخصیة الرئیسة لا یزال غیر واضح؛ لذلک، یجد عقل القارئ فرصة أکبر لمرافقة القصة.» (بیرنز، 2003م: 338). وفقاً لشویلر، فإن أهم تقنیات معالجة الشخصیات فی القصة الغنائیة القصیرة، المفارقة التاریخیة أو الزمنیة، واللغة الشعریة. وهکذا، مع التحول الزمنی، یعکس المؤلف الزمن المؤثر للأحداث فی عقول الشخصیات، وبمساعدة العناصر الشعریة (اللغة الشعریة)، یجعل شخصیات القصة تظهر فی شکل مخلوقات تورّطت فی دائرة المشاعر المتناقضة.» (Reynier, 2003: 7) وفق نظریة بالدشویلر، فإن القصة القصیرة الغنائیة تمتاز بتوارد الأفکار ولها وظیفة تذکیریة لا تُنسى، أی أن القضایا التی لم یتم تحدیدها فی القصة هی محور الاهتمام. وبالتالی، لإظهار صورة مباشرة، تتشکل أفکار ومشاعر الشخصیة الرئیسة، وهی مشاعر تعید سرد الذکریات والأحداث السابقة للشخصیة الرئیسة ومن خلالها یتم تحدید الموقف الحالی لشخصیة القصة. قامت فی عام 1969م، ناقدة تدعى إیلین بالدشویلر بدراسة وتحلیل "القصة الغنائیة القصیرة" فی مقال بعنوان "تاریخ القصة الغنائیة القصیرة". وذکرت أن السرد شکلان؛ ملحمی وغنائی. والملحمة تعنی بروز الأفعال السردیة فی هذا النوع من السرد وأهمیة السردیات الخارجیة. «بشکل عام، إن هدف المؤلف فی السرد الغنائی، الحصول على صورة مباشرة لأفکار ومشاعر الشخصیة الرئیسة للقصة. لذلک، فإن الحبکة هی الأقلّ أهمیة، وإعادة سرد الأحداث هی الأکثر أهمیةً لإظهار تأثیر الأحداث فی مواقف الشخصیة الرئیسة. تشیر بالدشویلر إلى أن القصة الغنائیة القصیرة تحتوی على جمیع العناصر التی یجب أن تکون حاضرة بالضرورة فی جمیع القصص حتى یتشکل السرد (عناصر مثل الشخصیات، الصراع، وما إلى ذلک).» (پاینده، 1395ش: ) فهی تعتقد أن هناک نوعاً من النزعة العاطفیة فی القصص الغنائیة تظهر تطوّر مشاعر الراوی وعواطفه حول موضوع معیّن، ویستخدم مؤلفو مثل هذه القصص أحیاناً جواً سریالیاً لإظهار هذه النزعة. وهذا الجو السریالی مشابَه تماماً لما ذکرته بالدشویلر فی مقالتها وهو استخدام مساحة سریالیة لإظهار النزعة العاطفیة لشخصیة القصة خاصة فی النهایة، کما أشرنا آنفاً، وبحسب بالدشویلر، فإن الهدف فی القصص الغنائیة، هو أفکار ومشاعر الشخصیة. (مستور، 1379ش: 34). وفی هذا الصدد، یتم تحلیل جمیع الشخصیات من حیث هیکل عناصر القصة وتکون قد اتخذت بنیة القصة بنیةً بناءً على أدائها. فی القصة الغنائیة، ترى بالدشویلر أن القصة تشفّر لیکتشف القارئ نهایتها، وفی هذه القصة أیضاً، یشیر الراوی إلى هذه العلامات خلال الوصف الذی یقدّمه حول مسار حیاته. على الرغم من أن بالدشویلر تشیر إلى أن القصة الغنائیة القصیرة تحتوی على جمیع العناصر التی یجب أن تکون موجودة فی جمیع القصص، إلا أن أسلوب الحبکة التقلیدیة، هو العنصر الأقل أهمیة فی القصة الغنائیة حسب رؤیتها ویمکن أن یطرح فی فقرة واحدة أو بضع جمل لا غیر. کما تظهر فی هذه القصة میزة أخرى للقصة الغنائیة التی أشارت إلیها بالدشویلر، وهی "النزعة العاطفیة" التی تخلقه الشخصیة طوال القصة. والتغییرات التی تجریها الشخصیة نتیجة لمسار الأحداث وما تخلّفه الشخصیة فی النهایة. (مرادی صومعهسرایی، 1372ش: 14) القصة الغنائیة القصیرة تعدّ الأوصاف الغنائیة واقعیة وخارجیة بشکل عام، لکن المؤلف یحاول الربط بین هذه الأوصاف والموضوع العقلی والعاطفی للشخصیة الرئیسة فی قصته، ومن الأسالیب المستخدمة لتحقیق ذلک، "الرمز" و"الرمزیة". (پاینده، 1389ش: 65) وأخیراً ، تصنف بالشویلر بإیجاز تقنیات السرد التالیة کمیزات للقصص الغنائیة:
وفیما یخص الغرض من القصة الغنائیة القصیرة، تقول بالدشویلر: «إن الهدف النهائی للأفکار والمشاعر والعقلیات فی القصة الغنائیة، هو شخصیة القصة؛ لذا فإن الحبکة فی مثل هذه القصص هی أفعال الشخصیات وصراعاتها الداخلیة.» (پاینده، 1391ش:70) یرکز نموذج شویلر على انعکاس الأحداث فی عقلیة الشخصیات وتصویر الشخصیات على أنها مخلوقات محاصَرة فی دائرة من المشاعر المتضاربة. لذلک، فهی تقترح استخدام العدید من التقنیات لتحقیق هذا المبدأ الرئیس. ومن أجل دراسة تقنیة الشخصیات فی القصة الغنائیة القصیرة بالتفصیل، سیأتی شرح کل منها حدة مع تقدیم أمثلتها فی قصتی نجدی القصیرتین. من ناحیة أخرى، فإن الأدب الغنائی هو جزء من الأدب الشفوی والمدوّن الذی «یعبَّر عنه فی قالب الشعر عادةً. هذا النوع من الأدب منطوٍ فکریاً، کما هو رومانسی ولیس عقلانیاً.» (شمیسا، 1380ش: 135) فی هذا النوع من الأدب، یحیط العالم الکلی الخارجی بعالم الحکمة العقلیة، «للراوی سلسلة من الکلمات وهو یمثّل روح محتوى عصره. فی هذا النوع من الأدب، تتحقق معظم العناصر التی تلعب دوراً فی تکوین النوع الأدبی، من خلال الصلة بین العقل وسرعة البدیهة للشاعر والکاتب.» (عبادیان، 1379ش: 29) فی الأدب الغنائی، «أنا الفنان أو راوی العمل، هو ضمیر المتکلّم "أنا"، وهو الممثّل والراوی لمشاعر الفنان ورؤاه وتصوراته الخاصة. ولهذا السبب، یظهر فنانون مختلفون ردود أفعال مختلفة فی التعامل مع نفس الموضوع والمحتوى، ولکن وفقاً لشخصیتهم ومشاعرهم وتصوراتهم الخاصة..» (براهینی، 1374ش: 294) ). «فی مجتمع الیوم وفی الاتجاه نحو الفردیة[2]، وجد البشر أنفسهم فی صراع مع المجتمع والقوانین وشعروا بالعزلة والوحدة والیأس. وقد قمعت الأنظمة القائمة تطلعاتهم، لذلک عاد الشاعر إلى حیاة الماضی المثالیة فی شعره.» (شمیسا، 1383ش: 138) تشمل دراسة نظریات بالدشویلر فی القصص الغنائیة ما یلی: 1- المفارقة التاریخیة أو الزمنیة. 2-الذاتیة. 3- العاطفة والخیال. 4- النهایة المفتوحة. 5- الرمز. تحلیل قصة "یوم الثلاثاء الرطیب" بناءً على أفکار إیلین بالدشویلر 1- المفارقة التاریخیة أو الزمنیة الزمن یعنی القیاس المنتظم لما یفصل بین حالات معینة من الماضی وحالتنا الحالیة، لأنه یحتوی على مفهوم هیکلی «یوضح العلاقات بین الحالات الخاصة والتغیرات فی تلک الحالة، وهذا یعتمد على معرفتنا بأوجه التشابه والاختلاف الخاصة بین المواقف المختلفة. (Toolan, 2001: 42). یُطلق على الاضطراب فی التعبیر والاختلال فی تسلسل الأحداث المفارقة الزمنیة، وینقسم إلى نوعین عامین من الأحداث بأثر رجعی ومستقبلی. (AllanPowell, 1990: 37) تدور أحداث هذه القصة فی الخریف، وهو فصل یثیر حالة مزاجیة حزینة ویائسة فی نفسیة الإنسان خلال الدورة الموسمیة. یتم سرد أحداث هذه القصة فی الغالب فی الزقاق. وهذا المکان یستخدم فقط للقاء الوالد وإطلاق سراحه من السجن، وبقیة أحداث القصة، بما فی ذلک أحلام الشخصیة الرئیسة، تُروى فی الشارع وفی الحافلة وفی المنزل. وفی نهایة القصة، یذهب الجدّ برفقة ملیحة إلى الزقاق لمتابعة المظلة التی هی رمز لسیاوش (والد ملیحة). لکن لا یوجد أثر للمظلة، کما لا أثر لسیاوش أیضاً. یتناغم جو القصة مع عقلیة ملیحة الواهمة والحالمة. واختیرت المقارنات وفقاً لموضوع الإعدام: «کان باب سجن إیفین الکبیر مفتوح فی هذا الجانب، کجرح قدیم، جرح جاف، جرح توقف نزیفه.» (پاینده، 1391ش: 72) و«کانت تعلم أنها من أجل لمس وجه والدها، کان علیها أن تقطع مسافة طویلة بین الواقع والحلم.» (المرجع نفسه: 72) وعلى الجسر، تمر حافلة صغیرة جوار دبابة ... وتطلب ملیحة التی تجلس بجانب والدها فی خیالها، أن یضع والدها نظارته وینظر إلى قطع لمبة اللیون المکسورة التی تساقطت منه عبارة "بنک صادرات" على الرصیف. وفی النهایة، عندما عادت إلى المنزل مع والدها: «فتحت المظلة ونظرت إلى السماء من جانب قطعة قماش زرقاء. کانت السماء منخفضة جداً بحیث تمکّنت ملیحة من التقاط حفنة منها وشمها. ودخلت الغرفة بالمظلة، تحول الستار إلى اللون الأزرق مثل المرآة تماماً.» (المرجع نفسه: 74) وعندما ذهبت ملیحة إلى السجن لتحضر والدها؛ فرأته بعد فترة، کما کان وقت اعتقاله، مرتدیاً وشاحاً أبیض طویلاً؛ تعود ملیحة برفقة والدها إلى المنزل، وعندما یصلان إلى المنزل، تترک ملیحة والدها فی المنزل وتحمل مظلتها وتطارد جدّها. إن الجمع بین حدود الحقیقة والحلم فی أجزاء من القصة، مثل یوم الثلاثاء الممطر الذی تعود فیه ملیحة برفقة والدها إلى المنزل مع وهم إطلاق سراحه، له علاقات وأواصر واسعة: «کانت تعلم أنها من أجل لمس وجه والدها، کان علیها أن تقطع مسافة طویلة بین الواقع والحلم.» (المرجع نفسه: 72) استخدام التعبیرات الشعریة، المفارقة والحسیة: «أصبح الستار أزرق کما أصبحت المرآة، ودون أن تغلق المظلة، وضعتها على الطاولة. على الجانب الآخر من المائدة، کان إبریق الماء مملوءً بالماء بدون قطرة ماء.» (المرجع نفسه: 74) «یعطی تفسیر نعش المظلة وظیفة افتراضیة للغة، لأنها باستخدام صناعة التجسیم بالإنسان الأدبیة، ترفع مرتبة المظلة إلى مرتبة الإنسان، وعدم العثور على نعش المظلة یتوافق مع غیاب جثة والدها، وینشأ نوع من المحاکاة بین المظلة وسیاوش لیبیّن مشاعر ملیحة.» (بپاینده، 1391ش: 218) فی بدایة القصة، تسلط الأضواء على الشخصیة الرئیسة على الفور: تعبر ملیحة بجسمها الناحل الأعجف زقاقاً ملتویاً مثل أحلامها الرهیبة. تتوافق إشارة ملیحة إلى "النحافة" و"أحلامها وکوابیسها" تماماً مع وصف الراوی لزمن القصة فی الفقرة الأولى. حیث تدور أحداث القصة فی یوم ممطر فی الخریف، وهو الیوم الذی یُسمع فیه صوت المطر على "المزاریب والمظلات والأسفلت"، و"ستار من حرارة المدافئ" معلقة على النوافذ وتفوح "رائحة الحطب والزیت المحروق" فی الهواء. الخریف هو فصل من أربعة فصول من الدورة الموسمیة، یکون قبل الشتاء مباشرة (النموذج الأصلی للموت) ویثیر حالة من الحزن والیأس فی النفس. فی العدید من القصص، تشیر صور الخریف (على سبیل المثال، سقوط أوراق الأشجار الصفراء، أو الطقس الغائم والممطر) إلى أحداث مأساویة. هذا الأسلوب فی بدء القصة یخلق جواً حزیناً یتکثف فی الفقرات التالیة مع نقاط أخرى یضیفها الراوی. سجن سیاوش ریحانی (والد ملیحة) وإطلاق النار علیه لاحقاً، ووهم ملیحة المثیر للشفقة حول عدم إعدام والدها، وحتى إطلاق سراحه، وأخیراً محادثة الجدّ المحذِّرة والمفعمة بالأمل فی نفس الوقت، کلها تتناسب مع الحالة المزاجیة الحزینة للقصة. إن تجسیم المظلة فی بدایة العبارة المنقولة أعلاه، یرسم هذا الجزء من القصة برسومات تشبه اللوحات السریالیة التی تحتوی فیها الأشیاء العادیة (مثل أدوات المائدة والأطباق)، کجسم الإنسان، على عیون وآذان وأفواه. المظلة تقذفها الریح من جانب إلى آخر ثم یدخل الکلب القزم ویرکض نحو المظلة فی زقاقٍ لا یمر فیه سوى ملیحة، وأخیراً یذکر الراوی أن المظلة "کانت تحتضر"، وهی نوعیة مماثلة للأفلام تعطی الرعب لهذا المشهد من القصة. (المرجع نفسه)
2- العقلیة أو الذاتیة الذاتیة تعادل (Subjectivism) وهی مقتبسة من کلمة (Subject) التی تعنی الذات والشخص والموضوع. هذه الکلمة معاکسة لـ (Object) التی تعنی الشیء المادی. فتعنی الذاتیة کل شیء غیر مادی وغیر ملموس وداخلی. (آریانپور، 1385ش: 774) الذاتیة فی المصطلح تعنی تحکیم العقل أو الذات فی الحکم على الواقع أو تکوین الآراء والانطباعات فیما یخص التعامل مع الواقع، بحیث تدخل الأحکام التقویمیة للباحث فی العمل البحثی. یعتقد الذاتیون أن «المعرفة العلمیة للظواهر الاجتماعیة لیست ممکنة من الناحیة الکمیة والموضوعیة فحسب، بل من الضروری أیضاً الانتباه إلى الأبعاد العقلیة فی البحث الاجتماعی.» (ساروخانی، 1991ش: 858) الذاتیة متجذرة فی المثالیة. «المثالیة لها جذورها الفلسفیة فی أفکار دیکارت، کانت، وهیجل. وهی فکرة ترى أن العالم الخارجی هو تعبیر عن العقلیات البشریة والوعی الذاتی، والظواهر الاجتماعیة تقاس بمدى توافقها مع نوع أفکارهم.» (المرجع نفسه: 381) فی المدرسة المثالیة، یعتمد التفکیر الاجتماعی على افتراض أن هناک فجوة لا یمکن التغلّب علیها بین عالم الظواهر أو الذاتیات والوعی والطبیعة وبین الأنشطة البشریة. لذلک، یجب التمییز بین العلوم الطبیعیة والعلوم الثقافیة.» (هیوز، 1369ش: 165) تحکی قصة "الثلاثاء الرطیب" قصة إطلاق سراح السجناء السیاسیین فی عام 1357ش. ملیحة فتاة تبلغ من العمر 24 عاماً جاءت إلى السجن لإطلاق سراح وزیارة والدها سیاوش ریحانی، ولم تکن تعلم بإعدام والدها. «قبل سبع سنوات قُتل والد ملیحة خلف مستودع البطاطس... ولکن المطر مسح الدم ولم یبق أثره على العشب المجاور للعمود.» «عقل ملیحة الواهم هو محور یرکّز علیه القارئ فی هذه القصة. المؤلف وضع مخططاً[3] بالترکیز على الإفراج عن والد ملیحة.» (پاینده، 1391ش: 203) یرتبط عنوان القصة بالیوم الذی وقع فیه حدث القصة. الثلاثاء هو الیوم الذی کان من المفترض بعد سنوات من الانتظار أن یُطلق سراح الأب أخیراً فیه ویعود إلى المنزل. الثلاثاء کان رطیباً وممطراً بسبب هطول المطر الغزیر؛ إن تصویر هذا المطر لیس فقط فی السماء ولکن أیضاً فی سماء مغیمة لفتاة تنتظر والدها. إنه نوع من الارتباط الموضوعی بین الشخصیة الرئیسة للقصة والسماء کلاهما حزینان مغتمّان، وهذه الحالة تخلق جواً یتناغم مع الموضوع ، فکما أن الزجاج المبلل یُظهر الصور غامضة وغیر واضحة، فإن "رطابة" الثلاثاء تعبَّر بالوهم والغموض لدرجة أنه یتم إزالة الحد بین الحلم والواقع فی القصة. فحبکة القصة مفتوحة، لأنه لم یتم العثور على المظلة المفقودة، تماماً کما لم یتم العثور على جثة سیاوش. ملیحة هی الشخصیة الرئیسة فی القصة التی لا ترید الخروج من عالم الأوهام، کتصورها بأن والدها على قید الحیاة، وعلى الرغم من أنه لا أساس له من الصحة وأنه سخیف، إلا أنه مصدر فرح لها. شخصیتها بسیطة ومنطویة وثابتة. شخصیة تفضل العیش فی الوهم والحلم بدلاً من قبول الواقع، إن وصف شخصیتها یکون حیناً مباشراً وحیناً آخر غیر مباشر. لأن بعض صفاتها الجسدیة، مثل النحافة وعدم الزینة وارتداء الدثار، یعبّر عنها بـ«فی الدثار الذی غطّى جمیع أنحاء جسمها النحیف.» (المرجع نفسه: 69) «غمس رأسها فی الدثار حتى العینین غیر المزینتین.» شخصیتها الواهمة التی تحقق رغباتها فی الأحلام، تظهر فی القصة بشکل غیر مباشر. تم تصویر المحادثة مع الأب (الذی لا وجود له) بطریقة لا یرى القارئ حداً بین الحلم والواقع. وجاء عنصر خیال ملیحة (الذی تتحدّث إلى والدها فی الخیال) فی مکانه المناسب فی القصة وبشکل دقیق جداً بحیث لا یدرک القارئ أن الأحداث خیالیة حتى وصوله إلى المشاهد النهائیة من القصة. فی نهایة القصة، وباستخدام عنصر الحوار، یذکّر الجد ملیحةَ بحقیقة وفاة والدها. وتذکّر ملیحة التی تصرّ على عدم قبول هذه الحقیقة تذکّر بأنه: «خلال هذه السنوات، لم یدلّنا أحدٌ على قبره، على أی شیء، لا شیء.» یذکّرنا المطر فی هذه القصة بدموع الحزن التی تساقطت على الأرض لسنوات عدیدة. صراعات ملیحة العقلیة التی لا ترید ولا تصدق بوفاة والدها، تخلق الوهم بوجود والدها، وهو ما تأخذه ملیحة معها إلى المنزل، وهی لیست سوى مظلة مکسورة مبللّة بماء المطر. إن الصراع العاطفی ظهر کحرص وحماس فی وجود ملیحة طوال سنوات الانتظار، وهو الحب والمودة للأب. موضوع القصة یُظهر الحب الکبیر والعاطفة بین الإبنة والأب، ونتیجةً لذلک یرفض عقل الشخصیة الرئیسة فی القصة قبولَ حقیقة وفاة الأب، فتفقد توازنها العقلی وتتجه نحو أحلام الیقظة والوهم. تتمثل إحدى وظائف الأدب المهمّة، فی تمکین القارئ من فهم ما لم یجرّبْه على الإطلاق. الحیاة عبارة عن عملیة تکون فیها کل مرحلة مصحوبة بالعدید من التجارب، ولا یمکننا جمیعاً المرور بکل تجربة مرّ بها الآخرون بمفردهم. بهذا المعنى، قد یکون فهمُ العدید من السلوکیات أو المواقف التی لا نعرف دافعَها صعباً وأحیاناً یساء فهمُها. توفّر القصة الغنائیة الحدیثة، من خلال الترکیز على عنصر الشخصیة وإعادة إنشاء الفضاء العقلی لشخصیة معینة، سیاقاً جیداً للقارئ کی یفکّر فی التعقیدات وجوانب غیر معلومة للمواقف التی لم یجرّبها من قبل. کُتبت قصة "الثلاثاء الرطیب" بطریقة تجعل عقل ملیحة الواهم (الشخصیة الرئیسة فی القصة) محطّ اهتمام القارئ. یخلق المؤلف أیضاً مخططاً بسیطاً من خلال الترکیز على حدث (إطلاق سراح والد ملیحة من السجن) ویصف جواً غریباً وشبیهاً بالحلم باستخدام فن یسمى "الحلف الموضوعی" حیث یکون الفرق بین الواقع والوهم غیر واضح وغیر شفاف باستمرار. وبهذه الطریقة، یصبح الوهم موضوعاً تشیر إلیه مکوّنات القصة المختلفة ضمنیاً ویدعو القارئ إلى التفکیر فیه. (پاینده، 1395ش: 209-208)
3- العاطفة والخیال من معاییر الشعر والعاطفة والخیال فی القصص القصیرة استخدام الصور الأدبیة. تولد الصور الأدبیة من الخیال. بعبارة أخرى، یقوم الشاعر أو الکاتب مستعیناً بخیاله الواسع، بإبداع صور جدیدة فی النص أو إزالة غبار العادة من الصور المألوفة وإظهارها بشکل جدید. یمنح الخیال إلى جانب العاطفة النصَ الشعری قوةً ومتانة. إذا ما اختلطت المشاعر مع الخیال والفکر بشکل متناسب فی القصید، فسیُخلق جو ثری وخیالی یسعى کل شاعر إلى خلقه وإبداعه. فی الواقع، «ما یساعد إلى حد ما فی الحفاظ على الصفات الخاصة للتجربة العاطفیة للشاعر وفضائه العقلی، هی الأشکال المختلفة للتخیل التی نسمیها عموماً (الصورة[4]).» (پورنامداریان، 1374ش: 158) ترفض الشخصیة الرئیسة فی القصة قبول الواقع المتمثل بوفاة والدها ولا ترید أن تصدّق وتقبل هذه الحقیقة المرّة وتذهب إلى حدّ یجعل عقلها الواهم یستبدل المظلة بالأب وحضوره. عندما تذهب لرؤیة جدّها، تهبّ ریاح قویة وتترک ملیحة التی لا تستطیع حمل المظلة ودثارها معاً، المظلة. قد یکون هذا بدایة للراوی أن تفهم ملیحة وتقبل حقیقة وفاة والدها؛ وفی نهایة القصة وفی حدیثها مع جدّها، قالت إنها أخذت المظلة الزرقاء إلى المنزل بدلاً من والدها، لذلک یحاول عقلها الابتعاد عن عالم الخیال بطریقة أو أخرى. ینشأ الشعور المربک الذی تخلقه قراءة "الثلاثاء الرطیب" إلى حد کبیر عند هذه المیزة. بسبب هیمنة الجو على السرد وأیضاً بسبب النبرة الغنائیة للراوی، یشعر القارئ أنه واجه من ناحیةٍ ظواهرَ مألوفة (الأزقة، المظلة، الکلاب، سجن إیفین، شوارع طهران فی خریف 1357ش) ومن ناحیة أخرى کابوساً مخیفاً. إن تحدید أی جزء من هذه الروایة یحدث بالضبط فی عالم ملیحة الخیالی المضطرب من جهة وفی العالم الحقیقی الواقعی من جهة أخرى، لیس بالأمر السهل أثناء قراءة القصة. فی الواقع، عندما نقرأ "الثلاثاء الرطیب" للمرة الأولى، فإننا لا نعرف حتى حوالی ثلاثة أرباع القصة أن الحدث الموصوف (إطلاق سراح والد ملیحة من السجن) لا یحدث أبداً، وإنما هی أمنیة تتمنّاها بطل الروایة لعدم قبولها للواقع فتتخیّلها باستمرار فی مخیّلتها مصرّة علیها. قُتل سیاوش ریحانی وأطلق النار علیه قبل سبع سنوات من الثورة فی مستودع البطاطس فی سجن إیفین، لکن ابنته لا تقبل هذا الواقع المریر. عندما یذکّر جدّ ملیحة أن "الجمیع ماتوا ... والدتک .. سیاوش ..."، تستمر ملیحة فی الإصرار على عدم وجود دلیل على وفاة والدها: "یختلف أمر الوالدة فنحن قمنا بدفنها ألیس کذلک؟ ونحن شاهدنا غسلها، ألیس کذلک؟ لکن هل أراک أحدٌ سیاوش فی ذلک العام؟ حیّاً ...؟ أم میتاً ...؟ "خلال هذه السنوات لم یطلعنا أحد على قبره أو شیءٍ، أو شاهد قبر، لا شیء." لا تزال ملیحة تعیش فی خیال أن والدها على قید الحیاة، ونتیجة لذلک فقدت القدرة على التمییز بین الواقع والخیال. جعل بیجن نجدی من هذه القضیة (سیولة الخیال والواقع فی أذهان المرضى النفسیین) بنیةً لقصته. (پاینده، 1395ش: 213) من هذا المنطلق، یمکننا تقسیم القصة إلى جزئین: الجزء الأول من بدایة القصة حتى عودة ملیحة ووالدها إلى المنزل، والجزء الثانی من ذهاب ملیحة إلى جدّها وحتى نهایة القصة. وهذا أحد أسباب عدم وضوح الحدّ الفاصل بین الوهم (الخیال) والواقع فی قصة "الثلاثاء الرطیب". قصة "الثلاثاء الرطب" تنقیب فی داخل العقل المضطرب لامرأة تتأرجح ما بین هذین الحقلین (الواقع والخیال )کبندول، دونَ وعی منها.
4- النهایة المفتوحة تستند معظم أعمال السرد الکلاسیکی والواقعی وحتى الحدیث إلى حبکة موقوتة. حبکة مشابهة لنموذج طرحه أرسطو للمسرحیة؛ فی هذه الحبکة، سیکون للقصة بدایة ووسط ونهایة. بمعنى آخر، تبدأ فی مکان ما وتبلغ ذروتها فی مکان ما، وتنتهی فی النهایة. فی هذه الأعمال، تنتهی القصة مع نهایة السرد، ولا یبقى سؤال للجمهور ولا یترک أی مشکلة له. بعبارة أخرى، فی هذا النوع من الروایات، «النهایة دائماً أو فی معظم الحالات تسعى لشیء آخر، لکنها لن تؤدی إلى أی شیء.» (أرسطو، 1386ش: 59) فی جمیع العلاقات والمناسبات التی ظهرت فی هذه الدراسة، لا یفهم القارئ المسار المنطقی للحدث السردی، وتبقى نتیجة حدث القصة غامضة تماماً للقارئ، وفی النهایة لا یتنبأ القارئ بمصیر واضح للبطل. هناک إشارات فی "الثلاثاء الرطیب" على أن الحدث فی الجزء الأول من القصة هو مزیج من الأوهام وذکریات الشخصیة الرئیسة (ملیحة) والآمال الفاشلة فی إطلاق سراح والدها من السجن. على سبیل المثال، الزقاق الذی تمرّ به ملیحة فی بدایة القصة هو "نفس متاهة أحلامها وکوابیسها"؛ أو عندما یُطلق سراح سیاوش من السجن، یتعین على ملیحة "أن تقطع مسافة طویلة بین الواقع والحلم حتى تلمس وجه والدها"؛ کذلک، بعد تشغیل الحافلة الصغیرة التی استقلتها ملیحة ووالدها، تغطس الأسلاک الشائکة "فی قطرات المطر التی لم تمطر وتظن ملیحة أنها تمطر". کان من الأرجح، أنه عندما خرجت ملیحة وسیاوش من الحافلة الصغیرة ، "لم یستطع المارة أن یفهموا أن رجلاً غیر موجود أساساً یمرّ بهم إلى جانب امرأة وهو یمسک بذراعها". إن إبریق الماء الذی بحسب الراوی، "کان ملیئاً بالماء بدون قطرة ماء"، والذی ذکرناه سابقاً فی دراسة الفضاء السریالی والمخیف، هو مثال آخر لهذه العلامات على أن مشاهد ملیحة خیالیة بحتة. محادثة الجدّ مع ملیحة فی المشهد الأخیر من القصة، هی محاولة لجعل الشخصیة الرئیسة تدرک الأوهام التی عطلت حیاتها فی العالم الحقیقی (الواقع). قال جدّها مخاطباً إیّاها وهو یشعر بالعجز والبؤس من حالتها: "إلمسی هذا الکرسی وامسحی یدک به، هل هناک من یجلس؟ لا ... أنظری إلى هذا السریر ... هل ینام أحد علیه؟ لا أحد هناک یا ملیحة ... مات الجمیع ... والدتک، سیاوش ... » یبدو أن لمس الأشیاء الحقیقیة لیس له تأثیر على إنهاء الأوهام الزائفة التی تتخیّلها ملیحة واحدة تلو الأخرى، لکن المظلة الزرقاء التی یتکرر ذکرها فی القصة باستمرار، تجعلها تفکّر بعمقٍ فی هذا الأمر وأن جزءاً مما تعتقد أنه حقیقة هو حلم: [ملیحة:] - ... فتحت یدی، کنت أبحث عن شخص، عن شیء ما ... رأیت مظلة فی یدی، عانقتها، أخذت حلماً أزرق اللون، أخذته معی إلى المنزل، تحدّثنا معاً.... [الجد:] - الآن لدیک مظلة هی واقعک وحلمک ... - لا ... کنت عائدة إلى المنزل منذ ساعة، کانت السماء تمطر بشدة فی الخارج، وکانت المظلة مقلوبة رأساً على عقب، فترکتها. - لماذا ا؟ - لأنها کانت مظلة حقاً، هل تفهم جدی؟ لقد أصبحت مظلة مرة أخرى. (پاینده، 1395ش 218) النقطة المهمة هی إشارة الراوی إلى عدم العثور على "نعش المظلة" فهی جدیرة بالملاحظة. یشیر مصطلح "نعش المظلة" إلى التوظیف المجازی، لأنه باستخدام الصناعة الأدبیة "التجسیم بالإنسان" ترتفع مرتبة المظلة إلى مرتبة الإنسان. من ناحیة أخرى، لا ینبغی تجاهل أن غیاب "نعش المظلة" یتوافق مع غیاب جثة سیاوش التی لم تُسلّم إلى أسرته بعد إعدامه. کما أن ملیحة تذکّر فی حدیثها مع جدّها، أنه "خلال هذه السنوات، لم یطلعنا أحد على قبر، أی شیء، شاهد قبر، لا شیء". "وبالتالی، کان نوعاً من التشابه والمحاکاة قد حصل بین المظلة وسیاوش. فی عالم ملیحة الداخلی، یغیر الواقع والوهم مکانهما بسهولة. (پاینده، 1395ش)
5- الرمزیة یُعدّ الرمز أحد العناصر الثابتة فی شرح دور وظائف شویلر التنظیریة. یلعب الرمز، کأحد العناصر الرئیسة دوراً حاسماً فی اختیار الأحداث والکلمات الرئیسة للقصة التی غالباً ما یکون أساس القصة مبنیاً علیها. المظلة الزرقاء: المظلة رمز للحمایة لأنها تحمی الإنسان من المطر ولهذا السبب استبدلتها ملیحة بأبیها والتأکید على اللون الأزرق للمظلة وتناغم لون المرآة والستار معها تعبیر عن ظهور الحقیقة والصدق. کما أن المظلة: یمکن أن تکون رمزاً لـ "المأوى والهروب من الواقع"، مثلما ترید ملیحة أن ترفض حقیقة وفاة والدها فی ظل المظلة. والماء الذی ینزل من السماء، ویزیل الغبار، هو مظهر من مظاهر التطهیر والتنقیة الذی یزیل الأوهام عن عقل ملیحة. وفی نهایة القصة، فإن عدم العثور على المظلة له وظیفة افتراضیة، وهی تمثل القضیة الأساسیة، ألا وهی عدم العثور على جثة سیاوش (والد ملیحة). الخریف: تشیر صور الخریف، مثل سقوط الأوراق الصفراء والطقس الغائم، إلى حدث حزین. المطر: هو رمز للنقاء والطهارة التی تظهر فی هذه القصة من خلال إقامة علاقة موضوعیة مع ملیحة، حیث یهطل المطر خطوة بخطوة من أجل إخفاء صرخات ملیحة الممطرة فی یوم الثلاثاء الرطیب المنسی. فی قصة "الثلاثاء الرطیب"، للمظلة التی عادةً ما تکون وسیلة لمنع التعرّض للبلل بفعل المطر، وظیفة رمزیة لمحاولة ملیحة اللاواعیة لحمایة نفسها من العالم الحقیقی، أو بعبارة أخرى، رفضها قبول حقیقة وفاة سیاوش. الماء الذی ینزل من السماء مظهر من مظاهر التطهیر والتنقیة لإزالة الغبار؛ لکن الشخصیة الرئیسة فی القصة والتی لا ترید الخروج من عالم الأوهام، تحاول حمایة نفسها من المطر بهذه المظلة. ملیحة تأخذ المظلة من سیدة فی منتصف العمر رأتها عند باب السجن کانت ترمی زیارة ابنها السجین (أمیر حسین). وهکذا فإن هذه المظلة تخلق توافقاً بین وضع ملیحة وحالة تلک المرأة. فکما أن تلک المرأة التقت بابنها أمیر حسین، فتوهّمت ملیحة أن والدها سیاوش سیعود إلیها. لکننا، کقراء، نعلم جیداً أنه لا یمکن للمرء أن یتعایش مع الوهم، سیفرض الواقع نفسه على ملیحة عاجلاً أم آجلاً. وعلیها أن تقبل أن والدها لم یَعُدْ على قید الحیاة. تظهر محاولة ملیحة غیر المجدیة لعدم قبول الواقع، فی بدایة جزأی القصة عند محاولتها لحمل المظلة على الرغم من الریاح القویة والعاصفة والمطر الشدید. فی النهایة تنقلب المظلة رأساً على عقب وتثقبت أجزاء منها، لکن عندما عادت ملیحة إلى المنزل، "دخلت الغرفة مع المظلة. تحوّل الستار إلى اللون الأزرق کما تحولت المرآة إلى اللون الأزرق أیضاً. وضعت المظلة على الطاولة دون أن تغلقها". إن أخذ المظلة إلى الغرفة (حیث لا مکان للمظلة ولا وظیفة) وخاصة إبقاءها مفتوحة، یشیر إلى أن ملیحة لا ترید التخلی عن أوهامها ومازالت تصرّ علیها. فی محادثة مع جدّها، تشیر ملیحة ضمنیاً إلى ذلک: "حلم أزرق ... أخذتُه معی إلى المنزل". وهو حلم بأن یکون الأب على قید الحیاة ، رغم أنه لا أساس له من الصحة وعبث لا غیر، إلا أنه مصدر فرح وبهجة لملیحة. لذا فإن المظلة الزرقاء هی رمز للحیاة فی المنام منفصلاً وبعیداً عن الواقع. لهذا السبب، عندما تنقلب المظلة رأساً على عقب (أی عندما لا تتمکن من أداء هذا الدور الرمزی)، تتخلى ملیحة عنها: ""انقلبت المظلة، وأنا ترکتها ... هل تفهم أنها کانت مظلة حقًا یا جدی؟ لقد أصبحت مظلة مرة أخرى". المظلة التی لیس لها وظیفتها الرمزیة، هی عبارة عن کائن فی العالم الحقیقی وتفتقر إلى المعانی الرمزیة وبالتالی لا تصلح لملیحة کأداة ورمز لوالدها. (پاینده، 1395ش: 220)
النتیجة من خلال دراسة ونقد قصة "الثلاثاء الرطیب" للکاتب المعاصر بیجن نجدی، بناءً على نظریة إیلین بالدشویلر، یمکن للمرء أن یلاحظ المبادئ الخمسة التی حدّدها الکاتب للقصة القصیرة (العاطفة والخیال، المفارقة الزمنیة، الذاتیة، الرمزیة، والنهایة المفتوحة). فی هذه القصة. جوّ هذه القصة معقّد، غامض وغیر واضح، معلّق بین الواقع والخیال. یرمی المؤلف بالإضافة إلى إشراک القارئ ومشاعره فی نص القصة، إلى جعله یفکّر. من ناحیة أخرى، إن هذا الجو الممزوج بالحقیقة والحلم أصبح ملیئاً بالتناقضات والمفارقات فی أجزاء من القصة یجعل عقل الجمهور یواجه تحدیاً فی تمییز الواقع من الخیال والتعرّف علیهما. إن قدرة المؤلف وقوّته فی إصدار الجمل باستخدام عنصر "العاطفة والخیال" وخلق جو غنائی أمر مستحسن وجدیر بالملاحظة. بطل الروایة ترفض وفاة والدها ولا تؤمن بهذه الحقیقة المرّة، لدرجة أنها تصبح منغمسة فی الخیال والوهم حتى أنها تقتنع بأن والدها على قید الحیاة. فی هذه القصة، الزمن ومساره مبعثران تماماً. لقد نجح المؤلف فی خلق "المفارقة الزمنیة" أو "المفارقة التاریخیة" من خلال العودة باستمرار فی أزمان مختلفة. فی هذه القصة، یتم تخطیط الزمن على ثلاثة مستویات: الزمن الحاضر والمستقبل والخیالی. من خلال خلق مساحة خاصة وبارزة من الزمان والمکان، یوجّه خالق القصة القارئَ نحو عزلة الإنسان المعاصر ومعنى عزلته. فی دراسة "الذاتیة"، یجب أن یقال إنّ السرد یقوم على عالم الوعی وخیال الشخصیات فی القصة؛ بعبارة أخرى تصبح الأحداث، جزءاً من حیاته وعقلیته. بناءً على هذه العقلیات، تتشکل القصة ویُحدَّد اتجاهها. على سبیل المثال، محادثة ملیحة مع والدها هی محادثة عقلیة تماماً، وبما أن هذه المحادثات منتظمة، لم یعد من الممکن اعتبارها تدفقاً ذهنیاً للعقل؛ ولکنها مونولوجات داخلیة تأتی مباشرة من العقل. "الثلاثاء الرطیب" ملیء "بالرموز"؛ تأتی الجمل والعبارات والفقرات بتصمیم دقیق ومحدّد مسبقاً ومدروس بشکل جیّد. منذ بدایة القصة یواجه الجمهور مجموعة من الرموز والاستعارات والإشارات، فمثلاً المظلة هی رمز للأب، وهو نوع من الملاذ، واللون الأزرق للمظلة هو رمز للسلام. هذان الرمزان مخفیان فی المظلة وقد ربط المؤلف جیداً هذا الرمز برغبات الشخصیة الرئیسة فی القصة. المبدأ الأخیر للمبادئ الخمسة التی وضعها بالدشویلر للقصص الغنائیة القصیرة هو إنهاء القصة بـ "نهایة مفتوحة". هذه المیزة واضحة تماماً فی "یوم الثلاثاء الرطیب". تنتهی القصة بنهایة غیر معلومة وغیر واضحة. هل قبلت ملیحة مصیبة وفاة والدها أم لا؟ ما هو ردّ فعلها؟ القبول والاستسلام أم اللجوء إلى الوهم والخیال؟! وبهذه الطریقة یشارک بیجن نجدی قارئ القصة فی نهایتها ویربط تجربته وخیاله ومشاعره الداخلیة وفکره بنهایة القصة.
| |||||
مراجع | |||||
- الکتب آریانپور، عباس و منوچهر آریانپور. (1385ش). فرهنگ انگلیسی به فارسی (قاموس من الانجلیزیة إلى الفارسیة). طهران: امیرکبیر. ارسطو، (1386ش). بوطیقای ارسطو (فن الشعر لأرسطو). ترجمة: هلن اولیایینیا، طهران، انتشارات فردا براهنی، رضا. (1362ش). قصهنویسی (سرد القصة). ط3، طهران: انتشارات نشر نو پاینده، حسین. (1389ش). داستان کوتاه در ایران (القصة القصیرة فی إیران). طهران: نیلوفر. پاینده، حسین. (1391ش). داستان کوتاه در ایران (القصة القصیرة فی إیران). ط2. طهران: نیلوفر. پاینده، حسین. (1395ش). داستان کوتاه در ایران (القصة القصیرة فی إیران). طهران: نیلوفر. پورنامداریان، تقی. (1374ش). سفر در مه (رحلة فی الضباب). طهران: زمستان. تمیم داری، احمد. (۱۳۷۷ش). داستانهای ایرانی (القصص الإیرانیة). ط1، طهران: انتشارات حوزهی هنری خسروی، ابوتراب. (1388ش). حاشیهای بر مبانی داستان (تعلیق على أسس القصة). ط1، طهران: انتشارات رهنما ساروخانی، باقر. (1370ش). درآمدی بر دایرةالمعارف علوم اجتماعی (مدخل إلى موسوعة العلوم الاجتماعیة). طهران، کیهان. شفیعی کدکنی، محمدرضا. (1391ش). صور خیال در شعر فارسی (الصور الخیالیة فی الشعر الفارسی). ط 15، طهران: آگاه شمیسا، سیروس. (1380ش). مکتبهای ادبی (المدارس الأدبیة). طهران: قطره شمیسا، سیروس. (1383ش). مکتبهای ادبی (المدارس الأدبیة). طهران: قطره شمیسا، سیروس. (1373ش). انواع ادبی (الأجناس الأدبیة). ط2، طهران: فردوس عبادیان، محمود. (1379ش). انواع ادبی (الأجناس الأدبیة). ط1، طهران: انتشارات سوره مهر. مرادیصومعهسرایی، غلامرضا. (1372). پایانی برای قصهنویسی سنتی (نهایة للسرد القصصی التقلیدی). رشت. مستور، مصطفی. (1379ش). مبانی داستان کوتاه (أسس القصة القصیرة)، ط1. نشر مرکز. میرعابدینی، حسن. (1390ش). هشتاد سال داستان کوتاه ایرانی (ثمانون عاماً للقصص القصیرة الإیرانیة). المجلد الثانی، ط4، طهران: کتاب خورشید هیوز، استیوارت. (1369ش). آگاهی و جامعه (التوعیة والمجتمع)، عزتالله فولادوند، طهران: اندیشههای عصر نو. - المقالات برنس، جیرالد. (2003م). قاموس السردیات، المصطلح السردی: معجم المصطلحات. ترجمة: خزاندار، عاید. ط1. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة. Allan Powell, Mark.(1990). What is Narrative criticism?. Minneapolis: Fortress Press.
Toolan, Michael, J. (2001).Narrative a critical linguistic introduction. London: Routledge.
Reynier, christine (2003). “The short story according to Woolf”. Journal of short story in english literature. V8. N 41. pp 55-67
| |||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 287 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 154 |