تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,800,534 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,355 |
منهجية كتاب "الأدب العربی عبر العصور" لهدی التمیمی دراسة تحليلية من منظور تاریخي وسياسي | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
دوره 11، شماره 42، شهریور 2021، صفحه 89-112 اصل مقاله (573.05 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
داود احمدی1؛ محمدابراهیم خلیفه شوشتری* 2 | ||
1خريج مرحلة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، فرع العلوم والأبحاث، جامعة آزاد الإسلامية، طهران، إیران | ||
2أستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة الشهید بهشتی، طهران، إیران | ||
چکیده | ||
شهدت كتابة تاريخ الأدب، شأنها شأن جميع أنواع الكتابات، تطوّراً ملحوظاً مواكبةً نموّ الحضارة وتطوّرها. ومع توسّع الفروع العلمية وتخصص الدراسات والحاجة إلى نشر النتائج البحثية الجديدة، تغيّر بموجبه أيضاً نوع تأليف الكتب، بما في ذلك تاريخ الأدب. كانت الكتب القديمة في تاريخ الأدب يتمّ تأليفها من خلال جمع السير الذاتية للشعراء والكتّاب والتعبير عن محاسنهم وعيوبهم وفقاً لمعاييرَ تعتمد على كلامهم؛ لكن الكتب التاريخية الجديدة تُكتب بأساليب ومناهج حديثة إلى جانب تحليل وتقييم الظروف السياسية والاجتماعية. يقوم هذا المقال بدراسة منهجية لكتاب "الأدب العربي عبر العصور" لـ هدى التميمي لتبيين أوجه القصور المنهجية في كتابة تاريخ الأدب. في هذا البحث، سنقوم أولاً بدراسة الأساليب والمناهج الموجودة من خلال تحليل كتب تواريخ الأدب، وأثناء عرض العراقيل التي تعترض كتابة تاريخ الأدب، سنقارن الأساليب السائدة مع أسلوب الباحثة هدى التميمي. يعتمد هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي مصحوباً بالمقارنة، ويحاول دراسة الكتاب المعنيّ من منظور كتّاب تاريخ الأدب. وقد توصّل البحث إلى أن الكاتبة كانت ترمي من خلال تأليف هذا الكتاب، تقديم معلومات موجزة عن الفترات التاريخية للأدب العربي الذي نما في السياق الاجتماعي والثقافي والسياسي. كما يمكن القول إن أسلوب كتابتها متأثر بأسلوب المؤرخين العرب المعاصرين وفيما يبدو أن الجانب التاريخي معظمه مبني على الانقسام السياسي. | ||
کلیدواژهها | ||
المنهجية؛ أسلوب كتابة تاريخ الأدب؛ هدی التميمي؛ الأدب العربي عبر العصور | ||
اصل مقاله | ||
يمكن تعريف الأدب على أنه كتابة قصة أو كتابة غير حقيقية. (إيگلتون،1380ش: 3) يختلف التاريخ باعتباره علماً يأخذ بالحسبان جانبه النظري دون جوانبه الأخرى، عن ذلك النوع من التاريخ كونه عنصراً من عناصر الأدب أو السياسة أو الاقتصاد. إن المعرفة النظرية البحتة في التاريخ، شأنه كسائر العلوم، هي معرفة قائمة على المفاهيم العامة، أي ما ينشأ من مفهوم السببية. (زرینکوب، 1375ش: 121) إن تاريخ الأدب، هو عبارة عن حكاية تطوّر الأدب وتغيّر مساره في سياق الزمن، بأسلوب يعبّر عن الأسباب والعوامل بين الأحداث الأدبية ويحلّلها. تاريخ أدب كل أمّة هو تعريف لهوية تلك الأمة. (فتوحي، 1387ش: 17) تناول مؤرخو الأدب العربي القديم في كتاباتهم سيرة الشعراء أولاً ثم مزجوا الموضوعات بالنقد الأدبي وعلوم البلاغة، مثل كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة. ثم مع ظهور المستشرقين، تغيّر أسلوب كتابة التاريخ الأدبي في الأدب العربي، وبدأ الكتّاب العرب المعاصرون يسايرونهم في كتابة كتب تاريخ الأدب، بحيث تكتب الكتب الحديثة بأساليب مختلفة. في هذا الصدد، يتم حذف الموضوعات غير المتعلقة بكتابة تاريخ الأدب من الكتب. وفي الآونة الأخيرة، زاد عدد الكتب المكتوبة أو المؤلّفة عن تاريخ أدب اللغة العربية واتسع نطاق المناقشات فيها. لكن من الأبحاث المهمة التي لم تخضع للدراسة الكافية في الأدب العربي، دراسة أسلوب تأليف كتب تاريخ الأدب، وهو الموضوع الرئيس لهذا البحث. أسئلة البحث يحاول هذا البحث الإجابة على الأسئلة التالية أثناء الدراسة: - ما هي أساليب تأليف الكتب في تاريخ الأدب العربي؟ - ما هو منهج التميمي في كتابة "تاريخ الأدب العربي عبر العصور"، ومع أي من أساليب الكتابة المألوفة تتفق؟ فرضيات البحث - كانت كتب تاريخ الأدب القديمة عبارة عن مجموعة من السير الذاتية للأدباء. ومع مرور الزمن، دخلت الموضوعات الهامة كتب تاريخ الأدب. وفي العصر المعاصر، تغيّر نوع كتابة تاريخ الأدب العربي، محاكاة للمستشرقين. - أسلوب الدكتورة التميمي في الكتابة مقتبس من مؤرخي تاريخ الأدب المعاصرين بمواضيعه التاريخية والسياسية. ضرورة البحث إن الضرورة الملحّة إلى تاريخ الأدب بجميع اللغات وبين جميع الأمم، أمر واضح تماماً. كما أن أحد الموضوعات الرئيسة في البحث، هو دراسة المنهجية، والتي يمكن أن توجّهنا إلى معاييرها المحدّدة لفهم المحتوى بشكل أفضل. تعتبر المنهجية من أهمّ أجزاء عملية البحث وهي الطريق الأجدر لفهم الأعمال بشكل أفضل. واليوم، من خلال تغيير أساليب التاريخ الأدبي، يمكن التعرّف على رؤى ووجهات نظر مختلفة. نشرت الأستاذة في الجامعة الوطنية الأسترالية الدكتورة هدى التميمي كتابها في عام 2015م لمن هم أقلّ دراية باللغة العربية. إن دراسة أسلوب كتابة هذا الكتاب ومقارنته بكتب تاريخ الأدب الأخرى، سيوضّح الفوارق في أسلوب الكتابة بين كتب تاريخ الأدب. حاول هذا المقال، دراسة ميزات وأساليب كتابة تاريخ الأدب التي لم تخضع للبحث والدراسة بعد. خلفية البحث فيما يتعلق بأسلوب تأليف الكتب في تاريخ الأدب، كتب سيدي كتاباً بعنوان "دراسة نقدية لكتابة الأدب في الأدب العربي" (1389ش، منشورات سخن، طهران) وحسين الواد، "تاريخ الأدب، المفاهيم والمناهج" (1933م، بيروت) وفيصل شكري كتاب "مناهج الدراسة الأدبية في الأدب العربي" (1965م، دمشق). كما نشر كل من دادخواه وسعدوني مقالتين تحت عنوان أساليب "تدوين تاريخ الأدب لدى كتّاب العرب المعاصرين" ومقال آخر بعنوان "أساليب معالجة المشاهير المستشرقين في تاريخ الأدب العربي خلال عامي 1389ش و 1390ش. تشمل الكتب الأخرى "تدوين التأريخ العربي في العصور الوسطى" لكونراد هيرشلر، وترجمه زهير ساميان گرجي، ونشرته دار سمت للنشر عام 1395ش. وقد استمدّ هذا الكتاب مناهجه من العلوم الاجتماعية والدراسات الأدبية. يتناول كتاب سيدي في الفصلين الأولين التاريخ العام للكتابة الأدبية. ولا يوجد مرجع لتاريخ الأدب العربي البتة، وفي الفصل الثالث يناقش تاريخ الأدب العربي مستعيناً بكتابي شكري والواد. وفي الفصل الرابع، ضمّن الكاتب محتويات كتاب "فلسفة الإشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر" الذي ألّفه أحمد سمايلوفتش بالكامل. تتناول مقالتا دادخواه وسعدوني جوانب عمل الكتّاب العرب المعاصرين ولا يُبحث فيها الأساليب التقليدية الأخرى وجوانبها المختلفة. يحلّل الواد في كتابه ثلاثة تصنيفات في تأليف كتب تاريخ الأدب العربي المعاصر، وفي مقدّمة كتابه ذكر أيضاً أعمال شكري. يتناول شكري في كتابه نظريات ومقاربات مختلفة في تاريخ الأدب العربي، ويعبّر عن وجهات نظر مختلفة، ثم يقوم بالنقد ويطرح في النهاية اقتراحات عدّيدة. بالنظر إلى الأعمال المذكورة أعلاه، نجد أنه نظراً لدورة العمل المكثفة في تاريخ الأدب والمشاكل المتعلقة به، فقد تمكّن كل عمل فقط من معالجة بعض القضايا المتعلقة بتاريخ الأدب. وباعتبار أن كتاب "تاريخ الأدب العربي عبر العصور" لم يُدرس من الناحية التاريخية والسياسية، فقد حاولنا في هذا المقال، من خلال دراسة جوانب من أسلوب كتابة تاريخ الأدب، وهي: مزيج من التفسيرات المختلفة المعروضة في الأعمال الحالية، نقوم بمقارنتها مع أسلوب الكاتبة التميمي في العمل. كما أن التعبير عن الفروق وتقديم الأمثلة من الكتب المختلفة كشواهد، من أبرز سمات هذا البحث على وجه التحديد. منهج البحث اعتمد هذا البحث أولاً المنهج الوصفي التحليلي والمكتبة لجمع المعلومات والتحاليل، وبعد جمع المواد عن طريق المطابقة والمقارنة، قمنا بدراسة التغييرات والتطورات التي طرأت على أسلوب تدوين تاريخ الأدب في الفترات المختلفة، متطرقين إلى عمل الكاتبة التميمي ومقارنته مع الأعمال الموجودة. قبل الخوض في الدراسة، ووفقاً لما يتطلّبه الموضوع المعني، هناك إشارة إلى بعض أوجه القصور في كتابة تاريخ الأدب والتي يمكن رؤيتها في أعمال التواريخ الأدبية ككل. القصور في كتابة تاريخ الأدب إن اتساع نطاق الحكومة والعالم العربي يمنع أي كاتب أن يقوم بمفرده بكتابة تاريخ أدبي شامل ليعرضه على القارئ. لقد رفع نطاق المطالبة الواسع من كتب التاريخ الأدبي من مستوى توقّعات مؤلفي مثل هذه الكتب، لأنه من المتوقع أن يحتوي عمل التاريخ الأدبي على السير الذاتية الموثوقة، والنقد، والتقييمات، والأسلوبية والمعرفة الكاملة بشخصية الكتاب، ومقاييس التدفق، وما إلى ذلك. تحتاج العديد من القضايا غير المعروفة في نصوص تاريخ الأدب إلى الدراسة والتدقيق فيها. فقد تحتوي العديد من المخطوطات على معلومات تفصيلية حول التيارات الأدبية المختلفة، خاصة في عصر الانحطاط، ولم يتم تناولها بعْدُ. كما تشمل أوجه القصور الأخرى في تدوين تاريخ الأدب، عدم الاهتمام بنقل الفترات الأدبية وعواملها، وعدم الاهتمام بالأدب الشعبي والثقافة الشعبية والأدب الشفوي، وعدم الاهتمام بالتغييرات التي طرأت على أنواع الأدب المختلفة. تقسيم العصور الأدبية حسب مؤرخي تاريخ الأدب العربي أسلوب تدوين كتاب "الأدب العربي عبر العصور" ذكرت الدكتورة هدى التميمي أن هدفها من تأليف كتاب الأدب العربي عبر العصور، هو تعليم بعض مظاهر الأدب في تاريخ الأدب العربي وللمقارنة، يقول عمر فروخ (1987م) أن الغرض من تأليف كتابه، هو تقريب موضوع التاريخ الأدبي من القرّاء والباحثين (فروخ، 1981م، ج1: 17). وأجرى في كتابه دراسة شاملة لشعراء وكتّاب كلّ فترة أدبية وبيّن أوضاعها الاجتماعية والسياسية، كما يبيّن إطارها في العصور السياسية وخصائص العصر الأدبي على حد سواء. لكن زيدان يشير في كتابه إلى تاريخ تطوّر العلم والأدب وما تسبّب في تغيير وتحوّل الفترات المختلفة. (زيدان، 1975م،1: 8) بدراسة كتاب "الأدب العربي عبر العصور" يمكن القول إن مؤلفة الكتاب بمحاكاتها أسلوب الكتّاب العرب المعاصرين وتقليدها لهذه الأعمال والمزج بين الأساليب المختلفة وإن كان مختصراً، فإنه يمثّل أسلوباً تاريخياً وسياسياً لا غير. ونرى أن الكاتبة التميمي بتقسيم كتابها إلى ستة أقسام، بما في ذلك العصر الجاهلي، وصدر الإسلام، والأمويون، والعباسيون، والأندلسيون، وعصر الحديث، عملت على أساس تقسيم العصور. عند التعامل مع كتب تاريخ الأدب الحديث، نواجه ثلاثة أنواع من الكتب. فهناك كتب على أساس تقسيم العصور الأدبية، مثل كتاب "تاريخ آداب اللغة العربية" لـ جرجي زيدان (1914م) و"تاريخ الأدب العربي" لـ أحمد حسن الزيات (1968م) دخلت طريقة تقسيم العصور الأدبية في تاريخ الأدب العربي عندما قام الكتّاب بمحاكاة الأعمال الشرقية والغربية. نشر أندريه دوتشيسن [1] لأوّل مرة كتابه "تاريخ الأدب الفرنسي" عام 1733م على غراره. (الواد، 1993م: 140) هناك كتب مكتوبة لأغراض أدبية، مثل تاريخ آداب العرب لمصطفى صادق الرافعي (1937م). يعتقد الرافعي أن الأدب مستقل عن السياسة، لأن الأدب ازدهر قبل وجود السياسة. ولم يكن الأدب في مساره التاريخي مرتبطاً بالملوك والحكام، وإنما السلاطين هم الذين أقبلوا على الأدب. تدور وجهة نظر الرافعي في تاريخ الأدب العربي حول النقاشات وليس العصور. (الرافعي، 2013م: 1:25) وهناك كتب مصنّفة حسب المدارس، مثل عمل طه حسين (1973م) في كتابه "في الأدب الجاهلي". لا ينبغي أن يكون تصنيف أنواع الأساليب مقياساً للتمييز بين العصور والفروق فيما بينها. يعتبر طه حسين أن حركة الأدب في التاريخ هي حركة المدارس. (2014م: 29) بالتمعّن في الكتب المدوّنة حسب تقسيم العصور، نجد أن المؤلفين قد درسوا السمات الأدبية لكل عصر. على سبيل المثال، نرى في عمل الزيات أنه يعتبر أنّ الكتابة العربية لها ثلاثة أساليب؛ الأسلوب الجاهلي الذي ليس فيه تكلّف ولا تصنّع، فهو مترسّل مصحوب بأخلاق البيئة البدوية، وكلمته قوية، وجمله قصيرة، والفكر فيه سطحي. (الزيات، 1979م: 19) أما الأسلوب الثاني، هو الأسلوب العباسي الذي يتضمّن التعمق في المعاني والاهتمام بالشكل. (الزيات، 1979م: 215) أما الأسلوب الثالث، فقد ظهر في العصر الحديث، وهو يتحدّث عن سمات الألفاظ وطابعها البلاغي، وتأثير الأديان والثقافات الأوروبية فيها. (الزيات، 1979م: 432) نرى أنه إذا اهتممنا بأسلوب وخصائص الكتّاب والشعراء، فيجب أن يكون لدينا ثلاثة عصور أدبية، وليس خمسة عصور. ألّفت التميمي كتابها على أساس تقسيم العصور شأنها في ذلك شأن زيدان والزيات. في الكتب المصنّفة على هذا النهج، نجد فيها من جهة، مصطلحات مثل الازدهار والولادة (زيدان، 1975م: 209) والتطور والانحطاط. (الزيات، 1979م: 254) يعتقد زيدان أن الشعر ولد في العصر الجاهلي، وتطوّر في العصر الأموي وبلغ ذروته في العصر العباسي، ثم مات في العصر المغولي. تتعارض هذه الفكرة مع تقسيم العصور، لأنه مع طريقة التفكير هذه، يجب أن تكون العصور والفترات الأدبية على أربع مراحل: 1- الولادة 2- النمو 3- الذروة 4- الموت، كمراحل حياة الإنسان تماماً. من خلال مقارنة عمل الكاتبة التميمي التي عبّرت في مجلد واحد من الكتاب عن موضوعات سطحية وانتقائية، بعمل زيدان الذي عبّر في أربعة مجلدات من كتابه عن الموضوعات الأدبية والتاريخية المختلفة وقام بتحليلها بدقة، نرى فروقاً أساسية كبرى في نهج كل منهما. يبدأ زيدان كتابة تاريخ الأدب من فترة ما قبل الإسلام (العصر الجاهلي) ويستخدم في نهجه انتظام ودقة المستشرقين، فيشير في المجلد الأول إلى العصر الجاهلي وعلوم مثل الطب والفلسفة والحكمة ثم يتطرق إلى فن الخطابة والخطباء. يذكر في المجلد الثاني العصور العباسية الأول والثاني والثالث حتى عام 447ه. يشير هذا المجلد أيضاً إلى ظهور اللغات السريانية واليونانية والفارسية. ويقدم علوماً مثل النحو والبلاغة والقواعد والسیرة الذاتية لعلماء هذه العلوم. في المجلد الثالث، تمت دراسة الأحداث التاريخية والأدبية من 447ه إلى 1213ه وتم إدخال العصر العباسي الرابع والعصر المغولي في هذا المجلد. يتناول المجلد الرابع من كتاب زيدان، قضايا القرنين التاسع عشر والعشرين ويذكر الدور المهم والمحوري للمراكز الأدبية والعلمية في إنشاء الحركة الأدبية. العصر الجاهلي قبل خوضها في دراسة الجزيرة العربية، قامت الكاتبة التميمي بدراسة الحياة الاجتماعية والسياسية وأصول اللغة العربية وآدابها. وفي الجاهلي، تحدثت عن الأدب، والحياة السياسية، والحياة الاجتماعية، والحياة الدينية، والحياة الفكرية، وشعر ولغة العصر الجاهلي، ثم مكانة المرأة في الشعر الجاهلي. واكتفت بالإشارة بشكل موجز إلى أربعة شعراء من هذه الفترة فقط. ونجد في صفحات هذا القسم أن المادة المكتوبة فيه مقتبس بشكل مختصر وانتقائي من كتب تاريخ الأدب العربي التي ألّفها الكتّاب المعاصرون. كان بإمكان المؤلفة تحليل شعر الجاهلية ودراسته كما فعل طه حسين، وتقديم مادة عن صحة هذه القصائد أو عدم مقارنة بين عدد الأدباء الذين أخضعوا لدراسة كتب الأدب العربي الأخرى صحتها، أو تحليل شعر الجاهلية وأصحاب المعلّقات تحليلاً كاملاً، كما شرح حنا الفاخوري هذه القصائد ووجه تسميتها وذكر أصحابها. ولكن التميمي أشارت فقط إلى خمسة من شعراء هذه الفترة.
العناصر الموجودة في أعمال عبد الجليل لا تظهر في عمل التميمي، حيث يتحدّث عبد الجليل عن قيمة الشعر والشعراء الجاهلين ويقوم بتصنيفهم (1363ش: 39) ويتحدّث عن شعراء البلاط والحكماء والنساء الشاعرات اللواتي تسبّبن في نشوب الحرب. قد يبدو أن هناك أوجه تشابه في عناوين النصوص وكتب العصر الحديث، لكن نوع دراسة وتحليل النصوص الواردة يختلف عن نوع تدوين الكتب العادية. كما يمكن رؤية عدم وجود إشارة إلى القضايا الهامة والعمل الانتقائي بوضوح في عمل الكاتبة التميمي. عصر صدر الإسلام في الفصل الثاني من عصر صدر الإسلام، تناولت الكاتبة التميمي الشعراء المخضرمين وأشعار الحرب والفتوحات والنثر في هذه الفترة. وقامت المؤلفة في هذا الفصل بتعريف الأدب في صدر الإسلام وتاريخه وأهم مصادره الثلاثة أي القرآن والحديث والأدب الجاهلي، كما تعكس آثار القرآن في الأدب، مشيرة إلى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يستحسن الشعر الحسن ذا الفائدة والحكمة، والآثار التي تركها الإسلام في الخطابة والنصوص. ثم تواصل حديثها في تقديم الشعراء المخضرمين ومن بينهم أبو طالب، عمّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكعب بن زهير، والخنساء، وحسان بن ثابت. أما فيما يتعلق بشعر الفتوحات الإسلامية، فقد تناولت المؤلفة قصائد الفتوحات الإسلامية وأهدافها وعدد تلك الحروب وأسماءها وقادتها والمدن والحصون التي تم فتحها ومن ثم أسباب ندرة هذه القصائد وخصائص شعر الفتوحات الإسلامية. أما بالنسبة للصحابة وأشعارهم، فتشير المؤلفة إلى حالة هذه القصائد التي كانت جارية على لسان النبي (صلّ الله عليه وآله وسلم) شعراً وأمثالاً، وكان الإمام علي (ع) قدوة لهم فيها. كما أن المؤلفة تشير إلى الفخر والملحمة كأغراض شعرية يستخدمها المقاتلون آنذاك في المعارك والغزوات. واستكمالا لهذا الفصل، تتناول الكاتبة التميمي التأثير الذي تركه القرآن والحديث في خلق المعاني في النثر، واعتبرت أن الأسلوب في هذه الفترة امتاز بالجمال وقوة الصياغة وتجنب الغرابة، والسجع المتكلّف، والاقتباس من القرآن والحديث. ثم تقوم بتعريف الخطبة ومكانة الخطبة في الإسلام وعوامل ازدهار الخطبة وتطوّرها بعد ظهور الإسلام، وكذلك مكانة الوصايا والعهود في هذا العصر باختصار شديد. من خلال المقارنة التي قمنا بها بين كتاب المؤلفة التميمي مع الكتب الأخرى في الفصل الخاص بتأثير القرآن في أدب هذه الفترة، يمكن دراسة وجهات النظر المختلفة. على سبيل المثال، يشير زيدان في كتابه عن الاختلاف الشاسع بين أسلوب الجاهلية وأسلوب القرآن ويعتبره فرقاً بين السماء والأرض. (زيدان، 1975م، 1: 196) ثم تشير إلى تأثير القرآن في اللفظ، وإنشاء العلوم الفقهية، ثم تشير إلى جمع تلك العلوم،كما أن هناك إشارة منها إلى حالة الخط العربي. كما يشير الزيات إلى تأثير القرآن في أدب الفترة الإسلامية، لكنه نظر إليه من رؤية مختلفة، وتناول موضوع السُوَر القرآنية واختلافها مع التوراة والإنجيل. وأسلوب الآيات المكية والآيات المدنية في القرآن وتأثيره. (الزيات، 1979م: 88) لكن من بين المؤرخين، نرى الرافعي يعكف على دراسة الألفاظ والحروف وأصوات القرآن ويبحث الموضوع تقنياً. (الرافعي، 2013م، 1: 21). كما ذكرنا، فقد ألّف الرافعي كتابه على أساس الأغراض الأدبية، وهذا الأسلوب، قلّما استخدمه مؤرخو الأدب في طريقتهم لتقسيم العصور الأدبية. تعتبر هذه المجموعة الذي ينتمي إليهم الرافعي الأدب مستقلاً عن التاريخ ولديهم العديد من خصائص الانفراد، بما في ذلك الجمال في الأدب. يشير عبد الجليل في عمله إلى الانتحال الموجود في شعر صدر الإسلام وتحريف بعض أشعار هذه الفترة. كما يشير إلى آيات من القرآن الكريم في ذمّ بعض الشعراء. (عبد الجليل، 1363ش: 58-59) وقد تناول كذلك موسيقى القرآن وقراءته بصوت عالٍ ودور الشعراء في النزاعات السياسية والدينية. في التعبير عن العوامل المؤثرة في أدب هذه الفترة، فإن وجهة نظر الزيّات والتميمي، مشتركة إلا أن الزيات يذكر عاملاً رابعاً بالإضافة إلى القرآن والحديث والأدب الجاهلي، معتبراً إياه عاملاً خارجياً. ويعتقد أنه مع اتساع رقعة الإسلام واتصاله بقوتين عُظمتين هما إيران والروم، فقد تأثر الأدب الإسلامي بهما. (الزيات، 1979م: 100) لكن زيدان يعتبر أن عوامل التأثير لا تنحصر في العلاقة بين قوى إيران وروما، وإنما في وحدة الكلمة تحت راية الإسلام وعامل القرآن بالذات. (زيدان، 1978م، 1: 189) على الرغم من وجود أوجه تشابه موضوعية في كتب المؤلفين المذكورين عن فترة صدر الإسلام، إلا أن اختلاف وجهات النظر بينهما واضح تماماً، بما في ذلك مقارنة سور القرآن الكريم بالتوراة والإنجيل، ودراسة الألفاظ والحروف والأصوات. والإشارة إلى آيات من القرآن الكريم تنصّ صراحة بذمّ بعض الشعراء، ويمكن ملاحظة أنّ كلاً منهما حاول التعبير عن مواضيع من خلال التعبير عن جوانب مختلفة من هذه الفترة والعوامل المؤثرة فيها. نشير هنا باختصار إليها في الجدول التالي:
العصر الأموي كتبت التميمي في هذا الفصل مقدمة عن الخلافة الأموية أو الحكومة الأموية، وتاريخ الأمويين وأوضاعها السياسية، وتعتقد أن الشعر في العصر الأموي يتضمن الغزل الماجن والغزل العذري والشعر السياسي الديني. وبحسب المؤلفة، فإن الأمويين اهتموا بالشعر خاصة الأمراء منهم، واعتبروا مظاهره إحياء للشعر الجاهلي، إن عقد المجالس الأدبية والشعرية والنقدية العامة، والحفاظ على اللغة والكلمات، وتدوين النحو، تنقيط الحروف، والتعريب والحفاظ على الحروف، تشجيع الشعراء، وتقديم الهدايا لهم، كانت من أبرز سمات هذا العصر. وفيما بعد تناولت الكاتبة مفهوم الشعر الغنائي والغزل العذري أو العفيف وازدهاره ونموّه ومحتوياته وأمثلة على هذه القصائد الغنائية وتحليلها من منظور اجتماعي. وتشير باختصار، إلى قصائد الهجاء التي تبادلت بين جرير والفرزدق، والتي عرفت فيما بعد شعر النقائض. ثم تشير إلى أهم شعراء النقائض من بينهم الفرزدق وجرير والعداء بينهما. ثم تتطرق إلى موضوعات النثر، ومنها: الخطابة وفنون النثر، والوصايا، والرسائل تتضمن الديوانية والأخوانية. في النهاية، تتناول الكاتبة أسباب المكانة الرفيعة التي لاقتها الكتابة في تلك الفترة، بما في ذلك أهمية الحكومة الأموية لها، وازدهار الخطابات الودّية، واندماج الثقافة العربية والأجنبية، وما إلى ذلك. وتشمل الخصائص الفنية للكتابة في هذا العصر: استفتاح الكتاب بالبسملة والصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تجنّب الصعوبة والتكلّف واستخدام التشبيهات والشعر والأمثال والحكمة كما تضمين الآيات القرآنية. يعتقد عبد الجليل أن الخلافة الأموية لم تُحدث تغييراً كبيراً في الأدب ولكنها تُعتبر بداية لفترة انتقالية (عبد الجليل، 1363ش: 67) في رأيه، يمثل ذو الرمّة الشعر القديم لهذه الفترة وشعراء مثل الفرزدق وجرير والأخطل هم الروّاد البارزون في هذه الفترة وكذلك فيما يتعلق بالشعر السياسي لهذه الفترة، فإنه يعتقد أن الشعر السياسي خاصة في قصائد الشعراء من الطراز الثاني لم تُستخرج ولم تُخضع بعْدُ للبحث والدراسته. وقد صنّف الزيات هذه الفترة إلى جانب الفترة الإسلامية في عصر واحد، كما اعتبر هو الآخر أن الفرزدق وجرير والأخطل من روّاد هذه الفترة. (الزيات، 1979م: 81) يتناول زيدان أولاً خصائص العصر الأموي، ثم يتطرق إلى علوم الشريعة والعلوم اللغوية والشعر الأموي وأعلام هذه الفترة، وهم الفرزدق وجرير والأخطل، والشعراء السياسيون والشعراء الغنائيون. (زيدان، 1975م، 1: 261-203) يشير شوقي ضيف (2005م) في عمله عن العصر الأموي أولاً إلى مراكز الشعر الأموي، بما في ذلك مكة والمدينة ونجد والكوفة والبصرة وخراسان والشام، ثم يشير إلى العوامل المؤثرة في الأدب ويصنّف الشعراء. (ضيف، 1119م، 2: 168-132) بمقارنة هذه الأعمال مع أعمال الكاتبة التميمي، نرى أن القواسم المشتركة بين هذه الأعمال، تشمل الشعر السياسي لهذه الفترة وشعراء مشهورين مثل جرير والفرزدق والأخطل، وكذلك الفنون الأدبية بما في ذلك فن الخطابة والأنواع المختلفة من النثر في أعمال هؤلاء الكتّاب. لكن هناك أيضاً اختلافات، منها؛ معالجة المقدمات والإشارة إلى العوامل المؤثرة المختلفة واندماج هذا العصر مع عصر صدر الإسلام في بعض الكتب، كما رأينا الزيات كيف أنه صنّف هذه الفترة مع فترة صدر الإسلام؛ ولكن أسلوب الكاتبة التميمي بعيد كل البعد عن التحليل الكامل للقضايا وعرض مسار التطوّرات الأدبية. تشير حيناً إلى موقف واحد فقط دون تحليل العوامل المؤثرة فيه. على سبيل المثال، في الصفحة 102 من كتابها عن الوصايا، تقول: «في هذا المجال سنتطرق إلى وصایا الآباء لأولادهم، فمنها ما کان سیاسیاً، کالوصیة التي أسداها مروان بن الحکم لولده عبد العزیز حین ودّعه بمهر و توجّه الى الشام ویقول فیها ..» ثم تأتي بنص الوصية دون أن تذكر له نبذة تاريخية عن أسلوب كتابة الوصايا أو العوامل التي أنشأتها وتسبّبت في اتّساعها. وحيناً آخر تذكر موضوعات وتتركها دون تحليل، على سبيل المثال، في الصفحة 85 من كتاب الشعر والأدب في العصر الأموي، تقول: «ینقسم الشعر والأدب في هذا العصر الى: الغزل بنوعیه، الغزل الماجن والغزل العفیف مع نماذج شعریة من کلا النوعین. الأدب والشعر السیاسي الدیني.» لكن في الصفحات التالية تتكتفي الكاتبة بتقديم معلومات موجزة عن الشعر العفيف أو العذري ولا تشير إلى قصائد المجون، فقارئ تاريخ الأدب، يواجه دائماً أسئلة في ذهنه ويبحث عنها في نصوص الكتب. كما أن من مسؤولية المؤلف الإجابة على الأسئلة في نصوص عمله.
العصر العباسي تتناول الكاتبة التميمي في هذا الفصل أموراً عن الحياة الاجتماعية، والثقافة الدينية والسياسية، كما تشير إلى عوامل الازدهار، وفنون النثر، ووصف مظاهر الطبيعية والتحضر، وأهم القضايا الأدبية المؤثرة في هذا العصر. وفيما يتعلق بالحياة الاجتماعية والثقافية، تبحث الكاتبة في التطورات التي طرأت على تاريخ الخلافة الإسلامية وتسبّبت في انتقال الحكومة من بني أمية إلى بني عباس، ثم تتطرق إلى موضوع الحركات الانفصالية التي ظهرت خلال الحكم العباسي. في الواقع، تجمع المؤلفة بين الثقافات المختلفة بما في ذلك الفارسية والتركية والهندوسية في ثقافة العصر العباسي وتشرح تأثيرها في الثقافة العباسية. خلال هذه الفترة، انتقلت الأعمال من المرحلة الشفوية إلى مرحلة التدوين. وشهدت هذه الفترة ظهور علم تفسير القرآن وظهور أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل وظهور مدرستي البصرة والكوفة. كما أن الترجمة من اللغات الأجنبية لاقت ترحيباً واسعاً في العصر العباسي. تعتقد المؤلفة أن الشعر العباسي قد حقق ازدهاراً واضحاً وهذا الازدهار يعود إلى الظروف الاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة آنذاك. واعتبرت التميمي أن خلفاء العصر العباسي ووزراءهم لعبوا دوراً رئيساً في ازدهار الشعر وتجديد القصيدة العربية والتغيير في الأسلوب والمفردات وبنية القصيدة، بسبب اهتمامهم للشعر والشعراء. ترى المؤلفة أن نثر العصر العباسي شهد بدوره ازدهاراً كبيراً، ومن هنا تشير إلى أساليب النثر في العصر العباسي، وتضيف أنها تشمل أسلوب ابن مقفع وأسلوب الجاحظ وأسلوب ابن عميد. تشمل فنون النثر في هذه الفترة فن الخطابة (السياسية، الدينية، الموالية.. إلخ)، فن الرسائل (الديوانية، الإخوانية)، التوقيعات (المراسلات)، والمناظرات. تشرح المؤلفة موضوعات العصر العباسي في 58 صفحة. مما لا شك فيه، أن العصر العباسي يمثّل العصر الذهبي للأدب العربي، حتى أن بعض المؤرخين مثل عبد الجليل جعلوا العصر العباسي أساساً لتصنيفهم الفترات الأدبية. (فترة ما قبل العصر العباسي، العصر العباسي وما بعد العصر العباسي) وبحسب عبد الجليل، فإن العصر العباسي ينقسم إلى فترتين؛ فترة من الازدهار في القرنين الثاني والثالث، وفترة من التشتّت والشدائد. يشير الكاتب في عمله إلى مدينة بغداد، وتأثير الإيرانيين في أدب هذه الفترة، وبناء المراكز الأدبية كبيت الحكمة. (عبد الجليل، 1363ش: 101)
مقارنة بين عدد صفحات الكتب المختلفة في العصر العباسي ويبدي الزيات رأيه عن هذه الفترة كالتالي: «عصر الدولة العباسية هو عصر الإسلام الذهبي الذي بلغ فيه المسلمون من العمران والسلطان ما لم يبلغوه من قبل ولا من بعدُ.» (الزيات، 1979م: 210) ثم تناول لغة النثر ولاسيما الخطابة والمقامات والشعر في هذه الفترة، وفي باب الشعر، أشار إلى شعراء بغداد والشام. لكن زيدان يعتقد في كتابه أن طابع الحكومة العباسية فارسي بامتياز، وصنّفها في أربع فترات. الفترة الأولى من 132ه إلى 232ه، الفترة الثانية من 232ه إلى 334ه، الفترة الثالثة من 334ه إلى ه447، والفترة الرابعة من هذا العصر، تبدأ منذ وصول السلاجقة إلى بغداد وتنتهي حتى سقوطها على أيدي التتار. (زيدان، 1975م، 2: 10-9) يشير زيدان في تحليله للعصر العباسي إلى مختلف العلوم، بما في ذلك التاريخ والجغرافيا والنحو والطب والعلوم الإنسانية، وكذلك الشعراء وطبقاتهم في هذه الفترة. العصر الأندلسي تتناول التميمي المظاهر الجديدة لهذا العصر من شعر الطبيعة والموشحات وتأثيرها في الشعر والنثر في الأندلس، كما تشرح مظاهر ازدهار الأدب ودور الخلفاء فيه. ثم تتناول فنون النثر وعلاقتها بتطوّر سياسات الحكومات الأجنبية والمحلية واستخدام الغناء كأداة في تأثيرها. قد تميّز الأدب الأندلسي لجمال رقعة الأندلس وطبيعته الخلابة والرائعة والحياة المتحضرة وما فيها من العمران والطبيعة المغرية، فكل هذه العوامل، أدت إلى ظهور قصائد كالموشّحات الأندلسية. تعكس هذه القصائد بشكل واضح نفوس سكان الأندلس كما تُظهر الجمال الطبيعي في نفوس الشعراء. يتمتع الشاعر الأندلسي بمظاهر الطبيعة مثل الجبال والغابات والأنهار والأشجار والقصور والحدائق، فمشاهدته لتلك المظاهر الخلابة، تحدث في نفسه الحماس والشوق حتى يبدو كرسام يرسم تلك الطبيعة كلماتٍ وشعراً. وقد أدى ذلك إلى خلق أعمال مثل "الحدائق" لابن فرج الحياني و"البديع في فصل الربيع" لحبيب العامري. تواصل التميمي دراستها لفنون الشعر الأندلسي وتشير إلى الأغراض الشعرية في هذه الفترة وهي؛ الغزال والمجون والزهد والتصوف والمدح والثناء والهجاء والرثاء. تعتبر المؤلفة أن الفنون الشعرية تشمل الشعر التربوي، ووصف الطبيعة، ورثاء المماليك، وشعر الاستغاثة. ثم تتناول موضوع الموشحات والأزجال الأندلسية، وترى أن مبدعيها؛ هم محمد بن حمود الضرير ومقدم بن معافي، كما تعتبره تقليداً للشعر الرومانسي الإسباني. وتواصل الحديث في أغراض الموشحات، ثم تشير إلى الزجل وظهوره، وتقدّم أشهر منشئي الزجل وهما؛ ابن قزمان ومدغليس (أحمد بن الحاج). وهي تعتبر تقليد الشرق والتجديد والمحاكاة وتصوير الحياة، من أبرز خصائص الشعر الأندلسي. وفيما يخص النثر الأندلسي، تتناول الرسائل، وتحدد أنواع الرسائل؛ الديوانيات، والإخوانيات، والرسائل الأدبية، والرسائل التأليفية، ثم تتحدّث عن أسلوبها وتعبّر عن ميزتها. كان للسمات الجغرافية والطبيعية للأندلس تأثير كبير في أدب هذه الفترة، لدرجة أننا نرى في قصائد هذه الفترة أن الشعراء أشاروا إلى القصور والمباني والأشجار والمنحوتات ومجالس الطرب وما يعرف إبداع العصر وهو الموشحات. واستمراراً للعصر العباسي، خصص الزيات جزءاً من صفحات كتابه للأدب الأندلسي ولم يخصص له جزءاً منفصلاً له. ويشير في هذه الصفحات إلى خصائص شعر هذه الفترة وبعض شعراء الأدب الأندلسي المشهورين. (الزيات، 1979م: 312-399) يعتقد عبد الجليل أن الأدب العربي الإسباني اتخذ مساراً مشابهاً لمسار الأدب الإسلامي الشرقي ولكنه لم يكن واسعاً. ولم ينتج الأدب الأندلسي حتى القرن الخامس، أثراً بديعاً ولا عملاً باهراً وحاول أن يحاكي بغداد في كل شيء. في القرن السادس، أصبح مركزاً للتحليل والمزج بين الأفكار والعلوم العربية من ناحية، ودار حكمة حديثة للمعلمين المسيحيين من ناحية أخرى، وبالتالي لعب دوراً وسيطاً رئيساً من خلال ترجمة الأعمال المختلفة. (عبد الجليل، 1363ش: 232)
مقارنة بين عدد صفحات الكتب المختلفة في الفترة الأندلسية
عصر الانحطاط تبدأ هذه الفترة بسقوط بغداد عام 656ه وتنتهي بغزو نابليون عام 1213م. لسوء الحظ لم تذكر المؤلفة شيئاً عن هذا العصر في كتابها، بينما يعدّ عصر الانحطاط من أسباب تألق الأدب في العصر الذي تلاه.
المقارنة بين عدد صفحات الكتب المختلفة لعصر الانحطاط العصر الحديث وفي الفصل السادس الذي يضم معظم محتويات الكتاب، أشارت الدكتور التميمي إلى اتجاهات الشعر العربي وشعراء المهجر، واتجاهات شعر التفعيلة والنثر في هذه الفترة. ثم باعتباره كاتبة من الجنس الأنثوي، كسرت التقليد وخصصت جزءاً من هذا الفصل لأدب المرأة وقدمت نساء الأدب العربي في مختلف البلدان العربية وأشارت إلى أسمائهنّ، وهو حدث سعيد يبشّر بالخير. وتعتبر الكاتبة أن مدارس الشعر العربي في عصر الحديث تشمل: المدرسة الاتباعية، مدرسة الابتداع (الرومانسية)، مدرسة الشعر الجديد (الواقعية)، الاتجاه المحافظ، ومدرسة الإحياء. ثم قامت بدراسة الجماعة مثل جماعة الديوان وجماعة أبولو. كما أشارت إلى ظاهرة ظهور شعراء المهجر وتعتبر أن جمعياتهم تشمل: الرابطة القلمية والعصبة الأندلسية. ثم تواصل في تقديم شعرائهم وموضوعاتهم الشعرية ومنها؛ التأمل في الطبيعة، والاتجاه الإنساني، والاتجاه العرقي، والمظاهر الفنية لشعر المهجر.
شعر المقاومة الفلسطينية: تتطرق الكاتبة في هذا القسم عن قضايا مثل أحداث ما بعد الحرب العالمية الأولى التي تسببت في هيمنة الدول الأجنبية على الدول العربية وتشير إلى شعراء مثل محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم وتستشهد بنماذج من أشعارهم. تتطرق المؤلفة إلى وضع النثر في العصر الجديد وترى أنه مقصور على الصناعة اللفظية والشكل. وترى من جهة أخرى، أن فنون النثر العربي الجديدة تشمل: المقال ، والمذكرات، والقصة القصيرة، والرواية والمسرح، والسيرة الذاتية، وتدرس كلاً منها على حده.
الأدب النسائي تقوم الكاتبة التميمي في هذا القسم بتبيين أهمية هذا الأدب وتاريخه في أواخر القرن التاسع عشر والنضال الذي حصل فيه ضدّ الاستعمار والتطورات الاجتماعية والعلمية والاستقلال الداخلي للمجتمعات العربية، وتشير إلى أن عملها في المستقبل سيتركّز على الأدب الأنثوي. وباعتبار أن الكاتبة امرأة، فقد تطرقت إلى الأدب النسائي في العصر الحديث، وأشارت إلى الكتابات والمجالس الأدبية النسائية التي عقدت في تلك الفترة (التيمورية واليازجية).
عصر النهضة في كتاب التميمي، تشير النهضة إلى تحديث الحياة أو حصول قفزة في الأدب العربي المعاصر، وترتبط هذه القفزة ببعض الأحداث السياسية، بما في ذلك الغزو النابليوني. في كتاب عبد الجليل، كما يدّعي الكاتب نفسه، يدخل في الأحداث السياسية في فترة النهضة على رغم رغبته في الخوض في تلك المسائل. (عبد الجليل، 1363ش: 264) في هذه الفترة يشير الكاتب إلى الشخصيات الرئيسة وممثلي حركة النهضة في هذه الفترة كالصحفيين والخطباء والمؤرخين والفلاسفة والروائيين وأدب المرأة. يناقش زيدان خصائص هذه الفترة ثم يتحدّث عن المدارس الجديدة في مصر والمدارس السورية ودور الطباعة والصحف والمكتبات والمتاحف والتاريخ والجغرافيا والقواميس. (زيدان، 1975م، 4: 10-9)
كما يشير الزيات إلى غزو نابليون لمصر واحتلال البريطانيين لمصر، ويواصل الحديث عن أسباب النهضة وتسمية المدارس وجامعة الأزهر وصناعة الطباعة والصحف والجمعيات الأدبية. كما يشير في القسم المخصص للنثر إلى القصة والرواية. (الزيات، 1979م: 415-429) ما يميّز كتاب المؤلفة التميمي في العصر الحديث، هو دراسة فلسطين وأدب المرأة. ربما لم يتطرّق المؤرخون إلى قضايا المرأة في الأدب المعاصر بقدر ما ينبغي ويستحق، وإن كانت بعض جوانب من وجهات نظرهم متماشية مع آراء د. التميمي، وقد تكون أسباب ذلك أن مؤلفة الكتاب امرأة وأن لديها دراسات متخصصة في الأدب النسائي. أما فيما يخص القضية الفلسطينية أنه وفقاً لتاريخ احتلال فلسطين وتاريخ وفاة المؤرخين مثل زيدان (1914م) لم يتمكّن لبعض مؤرخي الأدب من دراسة هذه القضايا وتأثير الاحتلال في تاريخ الأدب وقد ظهرت دراسة هذه القضايا في تاريخ الأدب مؤخراً لما تطلّبه الأمر. ونرى في الجزء الأخير من كتاب "الأدب العربی عبر العصور" لـ هدی التمیمی تسمية مجموعتين من الشعراء، إحداها، شعراء عمان الذين تذكرهم في هامش الصفحة 247 من الكتاب وهم 48 شاعراً من شعراء هذا البلد، والسبب في أهمية ذكرهم غير واضح بالنسبة للقارئ. المجموعة الأخرى، هي الكاتبات والشعراء من دول مختلفة وهذا يساعد القارئ على التعرف على أسماء هؤلاء الكتّاب والكاتبات.
النتيجة يمكن تلخيص نتيجة هذا البحث على النحو التالي: بدأت مراحل تطور تاريخ الأدب أولاً من خلال تأليف كتب طبقات الشعراء، ثم ظهور كتب السير والتراجم (كتاب السير)، في العصر الجديد تغيّر تاريخ الأدب بعد ظهور المستشرقين. تشمل المناهج العامة للكتب الجديدة الكتب التي إما أن تكون مكتوبة على أساس تقسيم العصور مع الأخذ بنظر الاعتبار الجانب التاريخي والسياسي، أو مكتوبة على أساس الأغراض الأدبية، أو مصنّفة على أساس المدارس الأدبية. ومن بين هذه المناهج، يغلب منهج تقسيم العصور على أساس الجوانب التاريخية والسياسية لدى مؤلفي كتب تاريخ الأدب. يبدو أن الكاتبة هدى التميمي اتبعت في عملها نهج كتّاب الأدب المعاصرين في تقسيم العصور، لكننا نرى أن تجاهلها عصر انحطاط الأدب العربي من كتابها، يعرّض هذه الرؤية لمزيد من التحدّيات. تتشابه العناوين الواردة في كتب التاريخ والأدب، بغض النظر عن نوع الكتابة في معظم أعمال الكتّاب الذين أشرنا إليهم في هذا البحث، لكن آراءهم مختلفة. كما لا نرى في كتاب المؤلفة التميمي فيما يخص دراسة القضايا والتنظير، تلك الدراسة الدقيقة التي قام بها عبد الجليل في عمله لاسيما الإطار الدقيق الذي استخدمه لتحديد تاريخ الفترات. تعتمد المؤلفة التميمي في كتاباتها أكثر على الدورات السياسية والجداول الزمنية كأساس للتقسيم. لكن في المؤلفات الأخرى كالزيات مثلاً، نرى أنه بالإضافة إلى الانقسام السياسي، يأخذ بنظر الاعتبار أيضاً التقسيم الجغرافي للشعراء والكتّاب. في جميع هذه المؤلفات التي قمنا بدراستها، لا يحدّد المؤرخون فترة الانتقال بين العصور الأدبية أو ما يسمّى بفترة الصمت، وأحياناً تكون الكلمة الأخيرة لعصر ما، هي الكلمة الأولى لبداية عصر يليه. إن عدم الالتفات إلى الفترات الانتقالية يسبب سوءاً كبيراً لفهم هذه التحوّلات واستيعاب التغيير الذي يطرأ على العصور المختلفة، ومن ثم تترك ولادة الفترات إلى النسيان وهي ضرورة ملحة بحكم العقل والمنطق. والتميمي هي الأخرى لم تلتفت أيضاً إلى فترات الانتقال في كتابتها. في كتابة تاريخ الأدب، يواجه عادة وضع الحد بين العصور إشكالية. ذلك لأنه قد تكون الحركة الأدبية أسرع من الحركة السياسية. وهكذا، ومن هنا يواجه الانتقال من فترة إلى أخرى، في تاريخ الأدب العربي بعض الغموض. ذلك لأن المؤرخين يشيرون فقط إلى نقل السياسة في الفترات الزمنية، دون الالتفات إلى العوامل الأدبية التي تؤدي إلى الانتقال والتطوّر، كأنهم يعتبرون الأدب تابعاً للتطورات السياسية فحسب، وعمل المؤلفة التميمي لا يستثنى عن تلك الأعمال. كما يتضح من قراءة كتاب التميمي، أن أسلوبها في الكتابة، هو مجرد نقل التاريخ على أساس الانقسامات السياسية، لكنها تشير باختصار في بداية كل فصل إلى القضايا المؤثرة في كل فترة من الفترات، كالاجتماعية والثقافية والسياسية. كما أنها تقر أنه نظراً لتنوع هذه القضايا، فقد اكتفت فقط بذكر القضايا الواضحة التي لعبت دوراً هامّاً في تكوين التيّارات في كل عصر.
[1]. Andre Ducheden | ||
مراجع | ||
اسماعیل لوویچ، احمد. (1998م). فلسفه الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر. القاهرة: دار الفکر العربی.
ایگلتون، تری. (1380ش). پیش درآمدی بر نظریه ادبی. ترجمه عباس مخبر. تهران: نشر مرکز.
بروکلمان، کارل. (1977م). تاریخ الأدب العربي. تحقیق عبد الحلیم؛ رمضان عبد التواب. مصر: دار المعارف.
التمیمي، هدی. (2015م). الأدب العربي عبر العصور. بیروت: دار الساقی.
حسین، طه. (2014م). في الأدب الجاهلي. قاهره: موسسة هنداوی للتعلیم و الثقافة.
الرافعی، مصطفی صادق. (2013م). تاریخ آداب العرب. القاهرة: مؤسسة هنداوي للتعلیم والثقافة.
زرین کوب، عبد الحسین. (1375ش). تاریخ در ترازو. تهران: امیر کبیر.
الزیات، أحمد حسن. (1979م). تاريخ الأدب العربي. بیروت: دار الثقافه.
زیدان، جرجي. (1975م). تاریخ آداب اللغة العربیة. مصر: دار الهلال.
سیدی، سید حسین. (1389 ش). بررسی انتقادی ادبیات نگاری در ادب عربی. تهران: انتشارات سخن.
ضیف، شوقي (1119م). تاریخ الأدب العربي. القاهرة: دار المعارف.
عبدالجلیل، ژان محمد. (1363ش). تاریخ ادبیات عرب. ترجمه آذرتاش آذرنوش. تهران: سپهر.
الفاخوري، حنا. (1361ش). تاریخ الأدب العربي، ترجمه عبد المحمد آیتی، تهران: توس.
______ (1986م). الجامع في تاريخ الأدب العربي. بيروت، لبنان: دار الجيل.
_____ (1991م). الموجز في لأدب العربي و تاريخه. بيروت، لبنان: دار الجيل.
فتوحی، محمود. (1387ش). نظریه تاریخ ادبیات. تهران: انتشارات سخن.
فروخ، عمر. (1981م). تاریخ الأدب العربي. بیروت: دار العلم للملایین.
فیصل، شکري. (1965م). مناهج الدراسة الأدبیة، ط1. دمشق: المکتبة العربیة.
نالینو، کارلو آلفونسو. (1954م). تاریخ الآداب العربیة. القاهرة: دار المعارف.
نیکلسون رینولد، آلن. (1380ش). تاریخ الأدب العربي. ترجمه کیوان دخت کیوانی. تهران: ویستار.
الواد، حسین. (1933م). في تاریخ الأدب مفاهیم ومناهج. بیروت: مؤسسة العربیة للدراسات و النشر.
هریشلر، کنراد. (1395ش). تاریخنگاری عربی در دوره میانه. ترجمه زهیر صامیان گرجی. تهران: سازمان سمت.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 3,565 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 475 |