تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,623 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,416,447 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,445,009 |
تمثيل الخلاص فی أشعار ميخائيل نعيمة وأحمد شاملو فی ضوء نظرية "ليوتار" | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
دوره 11، شماره 42، شهریور 2021، صفحه 113-138 اصل مقاله (290.31 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
حانیه مجیدی فرد1؛ احمدرضا حیدریان شهری* 1؛ بهار صدیقی2 | ||
1طالبة مرحلة دکتوراه فی قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة فردوسي مشهد، مشهد، إيران | ||
2أستاذة مساعدة فی قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة فردوسي مشهد، مشهد، إيران | ||
چکیده | ||
ازدادت أهمیة مسألة الخلاص في العصر الحاضر مع ظهور نهضة التنویر والتطوّر العلمي الحدیث، حتی ظهر جان فرونسوا ليوتار، فيلسوف ما بعد الحداثة والذی اعتُبِرت سردیات الخلاص عنده من أهمّ الحکایات وهذا وفقاً لنظریته فی السردیات الثلاث: السردیة التاریخیة (المارکسیة)، والسردیة الدینیة المسیحیة، وسردیة التطوّر العقلی وقد ترك ميخائيل نعيمة وأحمد شاملو عدیدا من الآثار التی تتناول قضية تحرّر الانسان من وجهة نظر أنثروبیولوجية فلسفية سیاسیة واجتماعیة لکن غرض الباحثین فی هذا المقال، یتجلّی فی العثور علی تمثیل السردیات الثلاث فی ضوء نظرية (لیوتار) في أعمال میخائیل نعیمة (1889م)، (همس الجفون) والأعمال الشعریة لأحمد شاملو (1925م)، (المجلّد الأول من مجموعته الشعریة)؛ بمنهج وصفي- تحلیلي وبمقارنة أعمالهما وفقاً للمدرسة الأمریکیة وکشف المفاهیم التحرّریة لهذه السردیات فی أعمالهما علی أساس تجربتهما الشخصیة و ضرورة هذا الأمر هی کشف المفاهیم والطرق الجدیدة للوصول إلی الحریّة والنظرة الجدیدة إلی الحیاة وتشیر النتائج المستخلصة من هذه الدراسة إلی أنّ السردیات الثلاث واضحة في أعمال هذین الأدیبین ونشاهد ظاهرة التطوّر وغایتها فی المضمون الإیدئولوجی لسردیات الخلاص الثلاث و تتمثّل هذه السردیات فی أعمال نعیمه علی أساس بناء خطابی (متصوّف) وتجربته وهو التحرّر المعنوی وفی أعمال شاملو علی أساس خطاب ملحمي وتجربته وهو التحرّر الاجتماعي بدایة ثمّ تتمثّل غایة هذه السردیات فی أعمالهما وفقاً لنظریة "ما بعد الحداثة" و هی المعنویة والأدبیّة والأخلاقیة. | ||
کلیدواژهها | ||
السردیة؛ الخلاص؛ ما بعد الحداثة؛ میخائیل نعیمة؛ أحمد شاملو؛ ليوتار | ||
اصل مقاله | ||
بعد الحرب العالمّیة الثانیة فقد العدید من المثقفّین والفنّانین فی أوروبا إیمانهم بالحداثة التی ارتبطت لدیهم بالهویة والیقین والسلطة، لتظهر فیما بعد موجة بعدها سُمِیت بما بعد الحداثة للتعبیر عن مرحلة جدیدة فی تاریخ الحضارة الغربیة، من سماتها الشعور بالإحباط من الحداثة والمحاولة لنقد هذه المحاولة والبحث عن الخیارات الجدیدة، وکان لهذه المرحلة أثر فی العدید من المجالات السیاسیة والاقتصادیة والفنیة وإنّ مفهوم الحرّیة من المفاهیم الکبری التی سیطرت علی وعی الإنسان، فحرّکت مشاعره وأثّرت علی أفعاله. کما أنهّا من المفاهیم التی یصعب تحدیدها کلّیا، ولقد سعی الأدب کما فعلت الفلسفة والدیانات إلی تقدیم تصوّر محدّد عن الحریّة اعتقاداً أنهّا تجلب الأمن والطمأنینة وتحرّر الإنسان من العبودیة وفی العصر الحدیث ظهر فرونسوا لیوتار ونوقشت قضیة الخلاص فی نظریته علی أساس نظریة ما بعد الحداثة. ولد (ليوتار) في (فرساي) بفرنسا وتخرج من الجزائر، والبرازيل، وكاليفورنيا وأصبح في عام (1968م) أستاذًا للفلسفة في جامعة باريس عام (1980م) اعتبر عالمًاً بارزاً ﻟ"ما بعد الحداثة" وقد تعاون مع مجموعة يسارية تدعى: (الاشتراكية)، وكان من أبرز سماتها نقد الشيوعية على النمط السوفيتي. وأثارت أحداث الحركة الطلابية في باريس عام (1968م) استيائه وسرّعت من تخلیه عن الماركسية، والاشتراكية وفی بدایة عام (1971م) فبدأ عصر التفكير فی ما بعد القضیة المارکسیة عند لیوتار. عالجت سردیات الخلاص الثلاث فی نظریة (لیوتار) الفیلسوف السیاسی والثقافی والاجتماعی "ما بعد الحداثة" قضیة تحرّر الإنسان فی العصر الحدیث وتنقسم هذه السردیات عند لیوتار إلی: السردیة التاریخیة المارکسیة، السردیة الدینیة المسیحیة والسردیة النابعة عن التنمیة العقلیة وهی سردیة الحرّیة والسردیة الفلسفیة الألمانیة. وجاءت المذاهب الأدبیة لتعبر عن فلسفات وعقائد (وإیدیولوجیات) تبناها النقاد، حیث ارتبطت بخلفیات إیدیولوجیة وفکریة نابعة عن تصورات عن الکون والحیاة والإنسان؛ فنستطیع أن نری تمثیل سردیات الخلاص الثلاث والتی تتمثّل فی هذه السردیات فی الأدب العالمی والأدبين العربی والفارسی أیضاً ویعالج هذا المقال لبعض النماذج من أشعار میخائیل نعیمة (المجموعة الشعریة "همس الجفون") وأحمد شاملو (في المجموعة الأولى من أعماله الشعریة) وسیقوم بتحلیلها وفقاً لنظریة ما بعد الحداثة ونظریة (لیوتار) وهی جزء منها. ضرورة البحث تعود أهمیة البحث إلی واقعنا الراهن وقضایانا الأدبیة کجزء هام من ثقافتنا ومجتمعنا ونجد أنفسنا فی القرن الواحد والعشرین محاطین بأسئلة لا حصر لها حول ذاتنا ووجودنا وعلاقتنا بالعالم المحیط بنا. فإنّ تحرّر الإنسان المعاصر من وضعه الحالي یشکّل تحدّیاً للشعراء المعاصرین والأدب المعاصر سواء فی الأدب العربی أم فی الأدب الفارسی ولتبیین أهمیة هذا البحث؛ قمنا بدراسة وتحلیل ومقارنة سردیات الخلاص الثلاث وفقاً لنظریة (لیوتار) فی أشعار میخائیل نعیمة وأحمد شاملو حتی نجد إجابات عن إشکالیات الإنسان المعاصر وکیفیة التخلّص منها.
أسئلة البحث تكمن أهمیة هذا البحث في هذه الأسئلة:
فرضیات البحث
منهج البحث اعتمدت هذه الدراسة المنهج الوصفي[1] عبر ملامسة سریعة لظاهرة السردیات ذاتها وکیفیة تمثیلها فی أشعار میخائیل نعیمة وأحمد شاملو، تمهیداً لتحلیلها لکشف المفاهیم التحرّریة فی المفاهیم الذاتیة لهذه السردیات وتطبیقها علی النصوص الأدبیة المختارة للأدیبین علی أساس خطاباتهما؛ وذلك عن طریق المنهج التحلیلي[2] وتمّ اختیار هذا المنهج فی البحث للدراسة المقارنة بتوظیف منهجٍ وصفی-تحلیلي وفقاً لنظریة النص وقراءتها. فمن عیوب وصعوبات هذا المنهج أنّ الفلاسفة والباحثین والقرّاء عندما یعالجون القضایا اﻟ"ما بعد الحداثیة" یواجهون فجوة کبیرة فی استيعاب مفاهیمها لتعدّدیة النظریات وتناقضها فی ذات هذه الفلسفة بدایةً ولکن عندما یتفاعلون مع هذه المفاهیم مباشرة، یطلبون المعانی الذاتیة والقیم الفردیة تلقائیاً ویقومون بتطبیقها للواقع، فیصلون إلی غایة هذه الفلسفة وهی الغایة الأدبیة والمعنویة والأخلاقیة وهدف هذه السردیات لیس کشف الحقیقة بل خلق الحقیقة بالتلاؤم مع التجارب الشخصیة للمتلقّی وهذه طبیعة السردیات التی أداتها هی اللغة وهذه من الإعجازات اللغویة التی تتلاءم مع الزمان والمکان ونتلّقی (تُتلقّى أو نتلقّاها) تلقائیاً کالمعطیات الاجتماعیة وفقاً لذات مضمون نظریة ما بعد الحداثة فتتطلب قراءتها ودرکها منهجاً متلائماً مع ذات هذه الفلسفة وهی التناص وفقاً لنظریة المتلقّی فالمنهج الوصفي والتحلیلي یلائم هذا البحث الذی یستند إلی قراءة النصوص وهی من میزاتها الإیجابیة وتختلف أعمال میخائیل نعیمة وأحمد شاملو فی بنائها لأنّ میخائیل نعیمة کاتب وأعماله التی تعکس فلسفته الشاملة أعمال نثریة بینما یکون أحمد شاملو شاعر وقدّم معظم أعماله فی إطار نصوص شعریّة بتوظیف الأساطير والرموز العميقة ولکن یعالج کلا الأديبين المشاکل الإنسانية وحاجات العصر فی أعمالهما ويقدّمان البرامج والإيدئولوجيات للتحرّر من هذه المشاکل أخلاقياً فی مشروع أعمالهما فنستطيع أن نری تمثيل سرديات الخلاص وفقاً لنظرية "ما بعد الحداثية" لليوتار فی أعمالهما واخترنا النماذج من مجموعة همس الجفون لمیخائیل نعیمة و تمّ اختیار الأمثلة الفارسیة من المجلّد الأول لمجموعة أحمد شاملو الشعریة. خلفیة البحث خلفیة البحث تشتمل علی قسمین: القسم الأول یحتوی علی المجلات والمقالات المنشورة عن نظریة "ما بعد الحداثة" أهمها: 1- المرکز التربوی للبحوث والإنماء قد نشأ تلبیةً لحاجة القطاع التربوی ویواکب التطوّر العلمي والتقني أفضل جودة ممکنة علی مستوی التعلیم الدراسی فی لبنان وهو مختص بجمیع المجالات المعنیة وله مجلّة فی أعداد متعدّدة فبعض المقالات المتعلّقة بالموضوع ویمکن الإشارة إلیها کدراسة عنوانها: "الإطار المرجعی للتدریب المستمر"، (2017م) تعالج هذه الدراسة المسائل التربویة وفقا لنظریة "ما بعد الحداثة" فی بناء المسار تدریجیًا وجماعیًا أو عدد آخر من هذه المجلّة یعالج حول المشکلات النفسیة السلوکیة عند الأطفال والمجالات الفنّیة و...وفقا لهذه النظریة مع النظریات المتعدّدة والمتناقضة أحیاناً وفی عدد آخر من هذه المجلة حول "الخطة السنویة للتدریب"، (2019م) تتمرکز دراسة أخری علی التدریب المستمر لأعضاء الهیئة التعلیمیة وتأمین التوازن بین القیم الخلقیة، الحداثة والتکنولوجیا وفقا لنظریة ما بعد الحداثة و"خطة التدریب الآخر" وهی تتمرکز علی الکلاسیکیة والتقلید إلی الحداثة والتجدّد المستمر، منها نظریة ومنها تجریبیة أو العدد الآخر منها الذی یعالج اللغات کظاهرة تطوّریة عبر التاریخ ودور العلوم الأخری لها ویعالج "العدد الآخر" تحلیل المستندات الاجتماعیة علی النظریة "ما بعد الحداثیة" کما ننظر إلی هذه الدراسات،لم ترتبط فی مجال بحثنا حول السردیات الثلاث للخلاص وهناك مقالات حول هذه النظریة وهی تشمل 2-"دراسة ملامح "ما بعد الحداثة" فی روایة (براری الحمی)، (1391ش)، لإبراهیم نصرالله"، لأحمد رضا صاعدی وعالیة جعفری زاده، یشیر المؤلفان فی هذه الروایة إلی ملامح ظاهرة "ما بعد الحداثة" مع المنهج التفکیکی وبیان الإستراتیجیات النصّیة (التناص) فیها دون دمج المفاهیم الإبستیمولوجیة والأنطولوجیة والتاریخیة فی السرد وفقا لنظریة لیوتار. 3- مقالة "نظریة "ما بعد الحداثة" ومدی مساهمتها والتنظیر للعلاقات الدولیة"،(لاتا)، لبوقریطة بدر الدین، یعالج المؤلف فی هذا البحث نظریة "ما بعد الحداثة" فی مجال العلاقات الدولیة ویحلّل استخدام هذه النظریة فی هذا المجال نظریًا ولکن هذا البحث یمتاز بدراسة سردیات الخلاص فی النصوص الأدبیة الحدیثة فی ضوء النظریة "ما بعد الحداثیة". 4- مقالة «تجلّیات السرد البولیفونی فی روایة "اعترافات کاتم الصوت"، (1397ش)، لمؤنس الرزاز باعتباره مظهرًا من مظاهر ما بعد الحداثة» لزهرا بهشتی، شاکر العامری، صادق عسکری، علی أکبر نورسیده، تعالج هذه المقالة تقنیة السرد البولیفونی أو تعدّدیة الأصوات فی الروایة، أبدعها "میخائیل باختین" ثمّ طرحها دعاة "ما بعد الحداثة" فهذه التقنیة ما هی إلا ممارسة لدیمقراطیة التعبیر کنوع من نظریة المتلقّی التی هناک بحوث کثیرة حول نظریة التلقّی کمیزة من میزات نظریة "ما بعد الحداثة" فهذه البحوث مختلفة من بحثنا موضوعیًا. القسم الثانی: الدراسات التی تعالج الأدیبین وقد ترتبط هذه البحوث ببحثنا أحیانًا وهی تشمل:
الإطار النظری للبحث بدایةً یجدر بنا أن نذکر أنّ النظریات الفلسفیة الشائعة فی السردیات هی لیست حصیلة جهود مؤلّف واحد، فلابدّ أن ننظر إلی آراء الباحثین حول تحلیل الفن السردي حتی نصل إلی ذکر نظریة (لیوتار) حول العلاقات التاریخیة بین المعرفة العلمیة والسردیة وذکر سردیات الخلاص الثلاث فی تفکیره. «إنّ التحلیل من الأنشطة المعرفیة ویظهر فی بعض المجالات علی شکل النص التوصیفي والتحلیلي. کما أنّ نظریة النص واحدة من النظریات فی قسم فلسفه العلم وتُسَمَّى نمط القانون العام.»[3] (هرمن، 1962ش: 145) طُرحت هذه النظریة لأوّل مرّة فی آراء (کارل هامبل وبول ابنهایم)[4] (راجع: هامبل، 1998م) وفی السنوات التالیة تمّ رفضها أو تعدیلها علی ید الباحثین الآخرین. «إنّ الافتراض الذي يستند إليه الادّعاء هو إمکان وصف کل الظواهر الموصوفة بطريقة استنتاجية وفق نمط أو قاعدة عامّة، إذ تعتبر الظاهرة الموصوفة تابعة لقانون عام ویمکن أن یسمّی القانون المعني وشروط تنفيذه مبیّن الظاهرة المذکورة.» (المصدر نفسه: 146)، لکن لم یعالج القانون العام العلاقة بین التحلیل والسرد فی الأجناس التقلیدیة ولا یخبرنا بشیء عندما یتفاعل السرد مع المجالات المحتملة والمحدّدة (المصدر نفسه) ینکر (آدامز)[5] هذا الافتراض ویعتقد: «إن فائدة السرد فی توصیف الأحداث الجاریة.» (1996م: 3) و«السرد نوع من التحلیل الذی یحلّ محلّ حادثتها فی الماضی حیث تقع سلسلة من الأحداث فی مکانها. یروی السرد سلسلة من الأحداث من أجل تکوین سردیة واحدة. إنّ السردیة المبنیّة علی أساس سلسلة من الأحداث یمکن أن تتطرق لحالة واحدة.» (المصدر نفسه: 146) لکن المنظّرین مثل (أنکرسمیت[6]، برونر[7]، دانتو[8] و مینک)[9] «یرون فجوة کبیرة بین هذین النوعین من التحلیل، لأنّهم یعتقدون أن نتیجة السرد وإن کان وصفا للعالم تختلف عن الأمثلة التی تتبع النمط العام.» (هرمن، 1962م: 147)، یفصل (برونر) الاستدلال الاستقرائی عن الاستدلال القصصی؛ فیقول: «کما تُبنَی الحقائق العلمیة المتقنة علی المبادي والاصول الاستدلالیة العامة، فإنّ النظام الاجتماعی یُبنی علی قواعده ومبادئه الخاصة التی تُنظّم وفقا للتقالید أو المفاهیم الثقافیة. «نظّم الإنسان مشاهداته عن مسائل الحیاة علی الشکل القصصی واتّجه نحو السرد، الاعتذار، والأسطورة والتبریر.» (1991م: 4) وفی نظرة یجب أن یعتبر الوصف السردي مصدراً للنصّ الوصفي أو نوعاً من التفکیر الشعبي مما یؤدي إلی مزید من التفسیرات العقلانیة والعلمیة (المصدر نفسه: 4) ویمیّز لیوتار بین الخطاب السردي والخطاب العلمي. ربّما تعزی شهرة (ليوتار) إلى معارضته "للسردیات العظیمة": الفلسفة، والسياسة، وعلم الجمال الغربي. وأهمية عمله هی فصل أنواع العلوم القصصیة: «وهذا يعني التأكيد على عدم السماح "لـلشكل القصصي" بأن یرتبط بقوّة صورّیة مع التطبيقات اللغوية وإنّما هی طبیعة السرد.» (لیوتار، 1381ش: 13) إنّ المیزة الأساسیة في وصف (لیوتار) هی اهتمام ما بعد الحداثة بمقارنة السردیات الصغیرة مع السردیات العظیمة. وفقًا لنظریة (ليوتار) "السردیات العظیمة" تستطیع الكشف عن معنى جمیع السردیات، حتی ما یتعلّق منها بالضعف والتخلّف أو بالتقدّم ويرجع ذلك أيضًا إلى حقيقة أنّه يتحدّث عن العديد من السردیات المرتبطة بالثقافة، ويسعى للكشف عن الحقيقة الجوهرية الفريدة فيها. «من الناحية المعرفية تُدّعِي السردیة العظیمة الكشف عن المعنی المقصود. وإنّ الافتراض الذي يستند إليه الادّعاء هو أنّ قوة السردیة مرادفة للمعني الذي يمكن العثور علیه وأنّ السردیة يجب أن تُفهم كاملة من حيث الإنتاج والإشاعة وإنّ السردیة هی أداة اللغة التمثیلیة.» (لیوتار، 1381ش: 13) «واحدة من أهمّ نقاط (لیوتار) في وضع ما بعد الحداثة هي أنّ المعرفة العلمية ليست هي النوع الوحيد من المعرفة وهو لا يهتمّ كثيرا بالمعرفة العلمية وبدلاً من ذلك، یؤكّد على أنّ المعرفة العلمية یمکن لها إضفاء الشرعية على نفسها وتجوز علی ذات المصداقية؛ هنا يميّز (لیوتار) بين الخطاب السردي والخطاب العلمي.» (المصدر نفسه: 15) وفقًا لليوتار، العلم غير قادر على إضفاء شرعية علی أنشطته من خلال تبريرها، لذلك عليه العودة إلى السرد. «يعتمد العلم على السردیتین: السياسية والفلسفية، فظهرت السردیة السياسية خلال عصر التنوير والثورة الفرنسية فی القرن الثامن عشر، وعُرف هذا العصر بعصر الحکمة أو عصر العقل. تأثّرت شعارات وتوجّهات السردیة السياسية السائدة خلال هذه الفترة بالثورة الفرنسية ومبادئها الثلاثة: "الحرّية، المساواة، العدالة" وإلى جانب هذه السردیة السياسية الفرنسية للحرّية کان هناك السردیة الفلسفیة الآلمانية المأخوذة من فلسفة (هيجل) في توحيد كل المعارف، وحسب وجهة نظر (هيجل) لعبت المعرفة دورًا هامّا في عملية انتقال الفكر الإنساني من مرحلة الجهل إلى مرحلة الكون، بالإضافة إلی السردیتین: سردیة التنوير الفرنسي "الحكمة" والسردیة الجرمانیة "العلوم"؛ کانت هناك بعض السردیات العظیمة الاُخری وفقا ل (لیوتار) هي: السردیة التاریخیة الماركسية، وسردیة الخلاص المسيحي.» (المصدر نفسه: 18-19) وترتبط کل هذه السردیات بسردیة الخلاص التی أکّد علیها (لیوتار) " "Narrative of Emancipation وبناءً علی ما سبق، فاستهدفنا فی هذا البحث دراسة تمثیل سردیات الخلاص الثلاث فی أعمال نعیمة وشاملو وفق المنهج الوصفي والتحلیلي لیتضح لنا إذا ما کانت تلك السردیات الثلاث موجودة فی هذه الأعمال أم لا؟ وکیف ترتکز مفاهیم تلك السردیات الثلاث فی أعمال هذین الأدیبین علی أساس خطاباتهما؟ وهذا السؤال ینطلق مما یراه (لیوتار) فی تلك السردیات الثلاث من المفاهیم التحرّریة التی تمّ طرحها فی العصر الحدیث، وأُنتِجت هذه الأعمال فی العصر الحدیث کجزء من الأدب الملتزم الإنسانی الذی یلبّي الحاجات الإنسانیة الفردیة أو الاجتماعیة.
تمثیل سردیات الخلاص الثلاث علی ضوء نظریة لیوتار فی الأدب «يمكن النظر إلى فلسفة ماركس التاریخیة على أنّها نصّ سردي یتمّ تحلیله بأدوات النقد الأدبي. تمّ تطوير نمط الواقعية الاشتراكية من أجل تطوير المثل الماركسية في روسيا، لذلك، وكان السعي وراء التحرّر يقوم على فلسفة ماركس للتاريخ في الروايات الواقعية الاشتراكية في آداب اللغات المختلفة وتوصف الماركسية بأنّها ليست علمًا منطقيًّا بل هي تاريخ الفكر وأسطورة التحرّر والشعر الاجتماعي والقصص الميتافيزيقية والتنبّؤات النبوية.» (پوپر، 1389ش:30) ومثال آخر لهذه السردیات الخلاص الثلاث هو تمثیل السردیة الدینیة المسیحیة فی الأدب ويُستخدَم على نطاق واسع في آداب اللغات المختلفة، بما في ذلك الأدبین العربي والفارسي المعاصرین. المسيح هو رمز للتحرّر وأسطورة مليئة بالمجد وربّما آلام لا نهاية لها. السردیة الثالثة من سردیات الخلاص العظیمة هی سردیة التقدّم العقلی. «بعد النهضة الثقافية فی الغرب وبدءًا من نهاية القرن السادس عشر، وخاصة في القرن الثامن عشر، في معظم البلدان الأوروبّية، ظهرت نظرة جديدة للإنسان وحياته الشخصية، وبدأ الاهتمام الکبیر بالمشاعر الإنسانية وعلاقتها بالقضايا الاجتماعية.» (مجتهدی، 1381ش: 65) «المدرسة الواقعیة هی واحدة من المدارس الأدبية التي ظهرت في هذه الفترة. عندما ننظر إلى تاريخ ظهور وتطوّر الواقعية كشكل من أشكال الفن ، فإنّنا نرى أنّ عناصره واتجاهاته الفكرية قد ظهرت في المراحل الأولى من تطوّر الفن. لكن أنماط الواقعية كشكل فني معيّن نمت خلال عصر النهضة، علی سبیل المثال نری فی أعمال (سرفانتس وشكسبير)، تطوّراً هائلاً لهذه المدرسة وتتمثّل في الواقعية النقدية؛ (لسيتال، بالزاك، ديكنز و....). فکشفت أعمالهم عن مساوئ الأرستقراطية الإقطاعية والرأسمالية وإنّ هذه المدرسة قد لعبت دورًا هامّاً في التحرّر الفكري والیقظة الاجتماعية للبشرية وظهور الطموحات الديمقراطية في أفكار الناس.» (المصدر نفسه: 76) تمثیل سردیات الخلاص الثلاث (علی ضوء نظریة لیوتار) فی أعمال میخائیل نعیمة وأحمد شاملو کما ورد فی سردیات الخلاص الثلاث علی أساس نظریة "لیوتار" فهی تنقسم إلی السیاسیة والدینیة والفلسفیة. أمّا السردیة السیاسیة فهی السردیة التاریخیة المارکسیة وسردیة تحرّر الجنس البشری التی ترتبط بالسردیة الثاقبة (الناجمة) عن التنمیة العقلیة، والسردیة الدینیة هی السردیة الدینیة المسیحیة، والسردیة الفلسفیة هی اتّحاد کل المعارف للترابط لتشکیل سردیة التطوّر العقلی. «ينتمي میخائیل نعیمة کرائد للأدب العربی الصوفی المعاصر تحديدًا إلى مدرسة ترى أن يكون للإنتاج المعرفي والثقافي مضمون، وأن يكون فيه فكرة أو إشكالية أو وهی تعالج مشکلة، وأن يخدم في النهاية - بالمعني المعرفي والأدبي لا النفعي المباشر- الإنسان کالغاية الأخيرة لكل معرفة وثقافة واجتماع بشري، والقضية الكبرى، هي قضية تقدّم الإنسان، وتحرّره.» (شفیق شیا، 1987م: 175) و«أحمد شاملو کشاعر للأدب الفارسي الملحمي المعاصر یعبّر عن معاناة الإنسان والتخلّص منها فی أعماله.» (مختاری، 1392ش: 121) ویعالج سردیات الخلاص الثلاث إلی التحرّر الإنسانی فنری تمثیل هذه السردیات فی أعمال الأديبين.
تمثیل السردیة التاریخیة المارکسیة فی أعمال میخائیل نعیمة و أحمد شاملو «لايفرّق مؤرخوا التاريخ الجديد بين النصوص الأدبية وغير الأدبية؛ نحو: النقد الأدبي، الفلسفة والعلوم والتخصّصات الأخرى فکلّها عندهم تعدّ سرداً ویستفیدون في دراساتهم من الفرضیات وأساليب التحليل الأدبي.» (برسلر، 1396ش: 169) و«نظرية ماركس فی التاريخ هي أيضا نصّ سردي ويمكن اعتبارها سرديّة. منذ نشأة الماركسية، وحتى الآن، لم ينظر إلیها العديد من النقاد الماركسيين على أنّها علمية بل وجدوها أدبا شعريا ودينيا وأسطوريا وهذا لیس صحيحا أو خطأ ولا يمكن إثباته أو إنكاره بالمعايير العلمية.كان للأوضاع الرأسمالية في تلك الحقبة وحرمان الطبقة العاملة والزارعین ودعم السلطات الدينية للأقوياء، تأثير خاص على تطوّر تلك الأسس الفكرية وتكاملها وتماسكها. فأدّى التطوّر التقني في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى حضور العمّال في المصانع بشکل واسع وهذا الأمر سبّب زيادة وعي الجماهير المحرومة ومهّدت الأرضیة لتنظيم تلك الفلسفة وأسباب قبولها للدفاع عن المحرومين.» (سبحانی، 1359ش: 3) «یعالج میخائیل نعیمة فی أعماله المشكلات التي قوّضت استقرار الأفراد والشعور بالأمن والسعادة لدیهم، كما قوّضت بالقوّة استقرار المجتمعات وفرص تطوّرها الصحيح.» (شفیق شیا، 1987: 181) و«كان أحمد شاملو من المثقّفين اليساريين ویری أن الأدب والفن وسيلة من وسائل النضال الطبقي ويجب أن يتمّ التوسّع فیه من قبل البرولیتاریا.» (آزاد، 1374: 74) فنشاهد تمثیل هذه السردیة فی أعمال کلا الأدیبین و«نستطیع أن نفسّر النظرية التاريخية لماركس علی ضوء قانون هيجل، عندما تتطوّر أمّة ، يمكن اعتبارها أمّة مختلفة ومتمیّزة كردّ فعل مضاد، وفي نهاية المطاف، توقّف هذا الصراع والكفاح من أجل حضارة جديدة، هذه الحضارة تجمع ما هو أكثر قيمة في هذین الاثنين وتأتي هذه الحضارة الجديدة في شكل أطروحة جديدة تتحوّل إلى عكس وضعهم.» (سبحانی، 1359ش: 90-89) واستخدم میخائیل نعیمة وأحمد شاملو كلاهما قانون هيجل في أعمالهما كما أشار نعيمة في أعماله إلى قانون هیجل الجدلي الذي يتضمّن سردیة ماركس التاريخية. ذكر هذه القضيّة في مجموعة "همس الجفون": أفیقی یا حبیبتی/ هو ذا اللیل یتعرّی عن التلال/ وفی ثنایا جلابیبه المحوّکة من الأحلام/ثنیه یهجع فیها ذلک الحلم النورانی/ ألذی جعلنا أسنّ من کل أمس/ وأفتی من کل غد/ هو ذا الفجر یترع من جدید (نعیمة، 2004م: 126) ویخاطب نعیمة الوطن ویتفائل بالمستقبل للتحرّر الاجتماعی و وفي بناء هذه القصيدة، نرى الحالتين المتعارضتين تظهر فيهما الحالة الجديدة في هذا الصراع. اللیل والحلم النورانی حالتان متناقضتان، تتصارعان معاً فسیتوقّف هذا الصراع وتظهر الحالة الجدیدة وهی [هو ذا الفجر یترع من جدید] ونری ظاهرة التطوّر التی تتوقّع بسبب التدریب المستمر فی العبارة [ألذی جعلنا أسنّ من کل أمس/ وأفتی من کل غد]؛ فی هذا المثال یتمثّل نفس المفهوم التاریخی والسیاسی والاجتماعی للسردیة المارکسیة متلائماً لتجربة الشاعر وهو التحرّر الاجتماعی والسیاسی ويظهر نفس هذا التباین بوضوح في أعمال شاملو: آن احساس عمیق امان، در این پیرانه سر/که هنوز/ پرواز در تداوم است/ هم از آن گونه کز آغاز:/ رابطهیی معجزآیت/ از یقینی که در آن آشیان گذشت/ در پایان این بهاران/ تا گمانی که به خاطری گذرد/ در آغاز یکی خزان (شاملو، 1395ش: 996) هذا الشعور العمیق بالراحة/ فی هذه الشیخوخة/ التی لا تزال تستمرّ الرحلة/ کما فی البدایة/علاقة مُعجزةٌ عنک/ من الیقین الذی مضی عن ذلك الکوخ/ فی نهایة هذا الربیع/ حتی الظن الذی یخطر فی البال/فی بدایة خریف في هذه الفقرة، نرى حالتين متناقضتين، الیقین فی نهایة الربیع والظن فی بدایة الخریف. يعتقد شاملو من بداية الرحلة إلى أقصى الحدود وفقا لنظریة هیجل، تستمرّ هاتان الحالتان المتناقضتان تسیران جنبًا إلى جنب في التطوّر وفی هذا النموذج یتغیّر المفهوم السیاسی والاجتماعی لهذه السردیة ویتمثّل المفهوم الروحي والمعنوي منطبقاً علی تجربة الشاعر و هو التحرر الروحي والمعنوي ومن میزات السردیة التاریخیة المارکسیة الاتجاه المتفائل بالمستقبل الواضح دون ظلم للبشریة ولا یمکن حدوث ذلك المستقبل إلا مع الجهد البشري القائم على قانون "الصراع بين الخير والشر"، یعتبر کل من میخائیل نعیمة وأحمد شاملو الإنسان في تلك العملية التاريخية مسؤولا عن سعادته وذلك من خلال محاولة لفهم ذاته ومعرفة مقامه کعضو فی الطبيعة. فنعيمه متفائل بالمستقبل القادم وفقا للقصّة التاریخیة المارکسیة ويعتبر الکفاح حلّاً مثالیا للمشاکل الإنسانیة: أ فی ثدییک یا حبیبتی لبن/ لشفتیه الطاهرتین؟/ أ تعلمین یا حبیبتی أنّه ساعة تفطمینه/ یعود خلسة إلی تلافیف الظلمة/ ولا یرجع إلی الأبد؟/ وإلا- فنامی یا حبیبتی/ حتی انبلاج فجر غیر هذا الفجر (نعیمة، 2004: 127) وفی هذه الفقرة یخاطب الشاعر مواطنیه فی الحقیقة، حتی یفیقوا ویغتنموا الفرصة لحضور الحضارة الجدیدة ویتمثّل المفهوم التطوّری للقصّة التاریخیة المارکسیة فیها فی بناء أنشطة الفردی من التدامج الاجتماعی علی أساس نظریة "ما بعد الحداثة". هذا المسار التاريخي والتطوري للقصة التاریخیة المارکسیة یتجلّی في أعمال أحمد شاملو أیضا: چنینام من/ قلعه نشین حماسههای پر از تکبر/سم ضربه پر غرور اسب وحشی خشم/بر سنگ فرش کوچه تقدیر/کلمه وزشی/در توفان سرود بزرگ یک تاریخ/محبوسی/ در زندان یک کینه/برقی/در دشنه یک انتقام/و شکوفه سرخ پیراهنی/در کنار راه فردای بردگان امروز (شاملو، 1395ش: 55) أنا هکذا/ مشرف علی ملاحم فاخرة/ضربة الحافر الفاخرة من الحصان الغاضب/علی رصیف زقاق التقدیر/کلمة ریح فی عاصفة الأنشودة العظیمة للتاریخ/ محبوسة فی سجین الحقد/صاعقة فی نواصل الانتقام/برعم أحمر من قمیص/بجنب الطریق القادم لعبید الیوم. يحلم شاملو في هذه الفقرة بغد مشرق للعبيد وهذه الفقرة تعکس السردیة التاريخية للماركسية وتُشاهد أنشطة الفرد من التدامج الاجتماعی لإیجاد الحضارة الجدیدة ونری ظاهرة "الصراع بین الخیر والشر"، في كتابات نعیمة وشاملو أیضاً. نری في البناء الخطابی لمجموعة (همس الجفون)، المواجهة بین الخیر والشر ونعیمة في أثناء رحلته، يواجه باستمرار وجوده الأرضي ووجوده السماوي كشرط لتحقيق المعرفة البشرية والكمال: سمعت فی حلمی و یا للعجب/سمعت شیطانا یناجي الملاک/یقول «ای بل ألف ای یا أخی/لو لا جحیمي أین کانت سماک؟/أ لیس أنا توأمان استوی/سر البقا فینا و سر الهلاک؟/أ لم نصغ من جوهر واحد؟/إن ینسی الناس أ تنسی أخاک؟ (نعیمه، 2004م: 63) وفی هذا المثال یتغیّر المفهوم السیاسی والاجتماعی لهذه السردیة وهو التحرّر الاجتماعی ویتطلّب الشاعر المفاهیم الذاتیة والقیم الفردیة متلائماً لتجربته وهو التحرّر المعنوی علی أساس نظریة "ما بعد الحداثة" ویتمثّل هذا المفهوم التحرّري فی بناء الخطاب الصوفي وإنّ التقابل والتضاد في شعر شاملو، كما هو موصوف في الخطاب الملحمي، هو مظهر آخر للنضال من أجل الخير والشر: چراغی به دستم/چراغی برابرم/من به جنگ سیاهی میروم (شاملو، 1395ش: 122) سراج فی یدی/سراج أمامی، ها/أنا ذاهب لمحاربة الظلمات ویتمثّل مفهوم هذه السردیة منطبقاً علی مفهومها السیاسی والاجتماعی والشاعر یسعی للحرّیة الاجتماعیة والسردیة السياسية للماركسية هي سردیة سياسية واجتماعية ولکن یتمثّل فی أعمال میخائیل نعیمة وأحمد شاملو متلائماً مع تجربتهما وفی بعض النماذج یبقی هذا المفهوم السیاسي والاجتماعي وفی النماذج الاخری یتغیّر المفهوم السیاسي والاجتماعي ویطلب الأدیبان المفاهیم الذاتیة والقیم الفردیة من مفهوم هذه السردیة ویهتمّان بمفاهیم ما وراء هذه السردیة متلائماً مع تجربتهما فنری نعیمة یستخدمها فی بعض النماذج فی الخطاب الصوفي للدلالة علی التحرّر المعنوی متلائماً لتجربته كما جاء فی مجموعة "همس الجفون" والخطاب المسیطر علی مجموعته الشعریة هو الخطاب الصوفي فتتمثّل هذه السردیة فی أشعاره للوصول إلی التحرّر المعنوي وقلّما یستخدم مفهوم الحرّية الاجتماعية ونری أحمد شاملو یهتمّ أیضاً إلی مفاهیم ما وراء هذه السردیة منطبقاً لتجربته وهی التحرّر الروحي والمعنوي ولکن الخطاب المسیطر علی مجموعته الشعریة هو الخطاب الملحمي فیتمثّل المفهوم التاریخی والسیاسی والاجتماعی نفسه لهذه السردیة وهی التحرّر الاجتماعی وأما غایة هذه السردیة فی کل المجالات والتجارب المختلفة ستتمّ فی المفاهیم التحرّریة المعنویة والأخلاقیة وفقاً لنظریة "ما بعد الحداثة" ویرجع هذه المسئلة إلی طبیعتها الأدبیة.
تجلّی السردیة الدینیة للمسیحیة فی آثار کلا الشاعرین «ينسى المسيحيون الإنجيليون هذه الحقيقة وهی أنّ الكتاب المقدّس يشتمل علی القضایا الأنطولوجیة المتعدّدة. یعالج الکتاب المقدّس الحقائق القدیمة؛ لکن یستطیع المخاطب أن یتفاعل مع هذه الحقائق بالنظرة الجدیدة بما یلائم تجربته ومثالها الواضح فی المزامیر ویتأمّل کاتبه فی معرفة نفسه والله متعاقباً ثمّ یتفاعل مع هذه القضایا الإبستمولوجیة بالنظرة الجدیدة منطبقاً مع تجربته فیشعر بحضور الله.» (براون، 1375ش: 284) وهذه القاعدة وفقاً لنظریة "ما بعد الحداثة". «في السردیة الدينية المسيحية، ينتمي الجنس البشري إلى كلا العالمين، وكما قال یوحنّا الدمشقی: الإنسان رابط بين هذا العالم والعالم الآخر. خلق الله الإنسان بالصفات الکاملة، فإنّ تلك الصفات الكامنة العظيمة بعد الهبوط إلی الأرض فقد تلك الصفات الکامنة العظیمة وتحرّر بفعل الإرادة والقوة الحرّة المحدّدة الی حدّ ما؛ حتی یعمل الأعمال الحسنة فلم تختف تلك الصفات الکاملة تماماً وأسفر هبوط آدم عن الموت والفَناء وهما مترافقان مع الخطيئة ولکن الكنيسة الارثوذكسيه لم ترکز على الخطيئة ولا تعتقد أنّ الخطيئة تسبّب الفناء.» (مولند، 1368ش: 33-32) و«يلقّب يسوع بن مريم بالمسيح وروح الله؛يعتبره معظم المسيحيين ابن الله وولد في بيت لحم في عهد الحاكم الروماني هيرودس وکلّف الله یوسف نجار أن ینقذ يسوع ووالدته عن هيرودس الذي یرید أن یقتل الرضیع فأخذهما إلی مصر ولکن صلب اليهود المسيح وقام المسیح بعد ثلاثة أيام وصعد إلی السماء بجسده.» (یاحقی، 1388ش: 310) «فمن أجل خلاصنا -وفقًا لعقیدة نیقیة- أصبح ابن الله إنسانًا ، فخلّص الإنسان من کل نقاط الضعف والموت والفناء. هو الذی أعاد طبيعتنا المتدهورة بقيامته؛ووفقاً ﻟ "أثيسيوس" المقدّس، فقد جاء بصورته البشریة حتى نتمكّن من أن نصبح سماویین.» (مولند، 1368ش: 33) و«تؤمن المسيحية الأرثوذكسية بأصل اتحّاد الشخص مع الطبيعة ویتمثّل ذلك فی شخصیة المسیح، وأعطى التاريخ الأرثوذكسي العديد من الأمثلة لاتّحاد الله والإنسان في شخص واحد وهو المسيح. الأرثوذکسیة تصوّر المسيح كشخصية تاريخیة، ولكن دوما ما يرى فيه وحدة الله والإنسان.» (المصدر نفسه: 33) طالما كانت هويّة وشخصية نبي الله هذا یبقی غامضاً في بناء القصة والأسطورة ومن دلائل استخدام هذه السردیة فی الأدب العالمی والأدب العربي والفارسي أیضاً فی العصر الحدیث وما بعدها، شخصيته التاریخیة، ولادته وحياته التی کانت ملیئة بالمغامرات والوحدة والمظلومیة؛ تساعد هذه المفاهيم الشعراء فی التعبیر عن القلق ومعاناة الأمم المضطهدة وسلطة الدول وما إلى ذلك وقلّما تظهر النظرة المسیحیة التی تتعارض والموقف الإسلامی فی الأدب القدیم لکن تتغیّر النظرة المسیحیة إلی النظرة الجدیدة بعد تطوّر کبیر حدث فی الأدب الحدیث والأدب العربی والفارسی خاصةً ملائماً للأحداث الجاریة وهذه النظرة وفقاً لنظریة "ما بعد الحداثة". تتجلّی هذه السردیة الدينية المسیحیة في أعمال هذين الأدیبین علی أساس نظریة "ما بعد الحداثة" واستخدم کل من نعیمة وشاملو المسیح کرمز للتحرّر الذی تذکُره السردیة السیاسیة والاجتماعیة للمارکسیة وأشار نعیمة إلیها فی مجموعته (همس الجفون): هو ذا الفجر یترع من جدید/ أجران الصباح بالنور/ حیث لا مندوحة لکل لیل/ من تعمید ما ولد من أسرار (نعیمة، 2004م: 126) وفی هذه الفقرة، یتفائل نعیمة بالمستقبل المشرق لبلده ویشیر إلی السردیة الدینیة المسیحیة بذکر واحد من تقالیدها وهو تعمید الإنسان عند الولادة لأنّ هذا الطقس هو رمز للتطهير من الخطيئة واتّحاد المؤمن بالمسيح المحتضر والمسيح المدفون وبعث المسيح والمعمِّد، الشخص المعمّد الذی يفعل ذلك باسم يسوع المسيح وهذه السردیة الدینیة تُذکِّر بالسردیة الاخری أیضاً وهی السردیة الفلسفية الألمانية (فلسفة إتحاد كل المعارف لهیجل) التی سنفسّرها کالسردیة الأخیرة ویتفاعل نعیمة مع هذه السردیة الدینیة بالنظرة الجدیدة الملائمة لتجربته ویدمج هذا المفهوم المعنوي والأخلاقي فی المفهوم الاجتماعي وهی السردیة المارکسیة ویطلب قیمه الفردیة من هذه السردیة الدینیة وهی التحرّر الاجتماعي الذی یتلوه التحرّر المعنوي والأخلاقي وهذه هی النظرة "ما بعد الحداثیة" وقصد نعیمة من ذکر (الولادة)، الحلم الجدید وهو استعارة للتحرّر الاجتماعي ولکن مع إضافة التعمید إلی هذه العبارة یستعین الشاعر بشخصیة المسیح کمنقذ لإثارة مشاعر مخاطبیه وهذا سیحدث فی بناء الأنشطة الفردیة من التدامج الاجتماعي وفقاً لنظریة "ما بعد الحداثة" وهذه تُذکَر سردیة أخری أیضاً وهی سردیة الحرّية وتحرير الجنس البشری کجزء من السردیة النابعة عن التنمیة العقلیة التی سنذکرها لاحقاً ودمج کل هذه السردیات التی ذُکرت فی هذه العبارة تُذکر السردیة الفلسفیة الآلمانیة (فلسفة إتحاد کل المعارف لهیجل)، مرة اخری إدماج کل هذه العلوم والمفاهیم وفقاً لنظریة "ما بعد الحداثة" و«الفلسفة الألمانیة أساس فلسفة میخائیل نعیمة للخلاص إلی تصویر شامل للقوانين الأكثر عمومية وشمولية والتي تحكم حركة أجزاء هذا الكون.» (شفیق شیا، 1987: 174) ولکن مفهوم السردیة الدینیة المسیحیة هو التحرّر المعنوي والأخلاقي ویستخدمها نعیمه فی هذا النموذج لتبیین القیم الاجتماعیة فهو التحرّر الاجتماعی. «يُعتبر أحمد شاملو من أكثر الشعراء حداثةً وتعدّدیة إذ خصّص جزءاً من قصائده بتصوير رمز الشخصیة الأسطوریة للمسيح.» (پروینی، عابدی، 1390ش: 2) فتتجلّی هذه السردیة الدینیة فی أعماله ویُعتبر المسیح المنقذ أیضاً: در بستری حقیر، امیدی به جهان آمده است/ای باکره گان اورشلیم! راه بیت اللحم کجاست؟ (شاملو، 1395ش: 392) في فراش صغیر، وُلد أمل / يا عذارى أورشليم! أين بيت لحم؟ ویهتمّ الشاعر بمفهوم ما وراء هذه السردیة متلائماً لتجربته وهو التحرّر الاجتماعی وفقاً لنظریة"ما بعد الحداثة" ولکن تتمثّل شخصیة المسیح فی أعمال شاملو کالبطل والمقاتل والمضطهد الذی یَفدِي بنفسه لنجاة الإنسان. قصیدة (الرجل المصلوب) فی بناء السرد لأنّه علی أساس قصّة حیاة المسیح: مرد مصلوب/دیگر بار/به خود آمد/جسماش سنگینتر از سنگینای زمین/ بر مسمار جراحات زندهی دستاناش آویخته بود:/ [سبکام سبک بارم کن ای پدر!/ به گذار از این گذرگاه درد/یاریام کن یاریام کن!] و جاودانگی/ رنجیده خاطر و خوار/ در کهکشان بی مرز درد او/ به شکایت/ سر به کوه و اقیانوس کوفت نعره کشان/ که[یاوه منال!/ تو را در خود میگوارم من تا من شوی/ جاودانه شدن را به درد جویده شدن تاب آر!] (شاملو، 1395ش: 921-920) استیقظ الرجل المصلوب مرّة اخری/جسده أثقل من الأرض/کان معلّقا علی مسمار الجروح الطازجة علی یده/ إحمل عنّی یا أب/ یا أب/للعبور عن معبر الألم/ساعدنی، ساعدنی/وضرب الخلود الضاجر والذلیل رأسه/فی مجرّة عظیمة من ألمه/علی الجبل والمحیط/ وصرخ صاخباً أن لا تأوّه عبثا/أنا أهضّمک فی نفسی/حتی تصبح إیای/تجلّد من أجل الخلود علی الألم الآکل وهذه الفقرة تشیر إلی شکوی المسیح عند الله حین الموت ومصائبه وشاملو يصوّرها ببراعة فنّية ودقّة كبيرة ویعبّر عن خلود المسیح (ع) فی شعره علی أساس قصّة صعوده إلی السماء بعد الولادة الجدیدة ولکن یقصد شاملو من بیان هذه السردیة الواقع الاجتماعی الآخر متلائماً مع تجربته فی الواقع ویطلب قیمه الفردیة من ما وراء هذه السردیة وفقاً لنظریة "ما بعد الحداثة" ویعبّر الشاعر من خلال هذه السردیة عن علاقة مصائب وآلام النضال بخلود الأمّة والمقاتل ولهذا أیّ یجدر بالمقاتلین والمصلحین أن یقاوموا أمام المصائب والآلام لتحقّق الأهداف وقیمهم فیتفاعل الشاعر مع هذه السردیة لیطلب الآلام وقیمه الفردیة وهو التحرّر الاجتماعي وکذلك المواجهة بين الخير والشر في الدين المسيحي واضحة في أعمال هذين الشاعرین في السردیة التاريخية للماركسية ولکن علی أساس الخطاب المسیطر علی أعمال میخائیل نعیمة وفلسفته الشمولیة إنّ تجربة الشاعر من هذه السردیة هی التحرّر المعنوي والأخلاقي وهو یطلب مفاهیم الإتحّاد مع المسیح والله والکون متلائماً لقیمه الفردیة ووفقاً للخطاب الملحمي فی أعمال شاملو والتزامه الإنسانی، إن تجربته تختلف وتجربة نعیمة فی التفاعل مع هذه السردیة الدینیة وهو التحرّر الاجتماعي أمّا غایة هذه التجارب وفقاً لنظریة "ما بعد الحداثة" غایة أدبیة واخلاقیة واجتماعیة وستتمّ المفاهیم الذاتیة لأعمال شاملو فی التحرّر المعنوی کما نشاهد فی النموذج السابق، نهایة الألم للتحرّر الاجتماعی فی رؤیة شاملو هو الخلود و بعبارة اخری الإتّحاد مع الکون.
تمثیل السردیة النابعة عن التنمیة العقلیة عند الشاعرین «إنّ الطريقة المبتكرة لإضفاء الشرعية على العلوم المعاصرة یمتاز بها لیوتار فی تقدیر اثنتين من الموروثات الأسطورية الرئيسية المعقّدة وهاتان الأسطورتان الکبیرتان یفصل لیوتار بینهما وتتمایزان بعضهما عن بعض کمبرّرات أو أدوار منطقية بديلة للمناحي الدراسية المؤسسية، وهما أسطورة الحرّية وتحرّر الجنس البشري، وأسطورة الوحدة النظرية لجميع فروع المعرفة "كنظام فلسفي". الأسطورة الأولى سياسية وبراغماتیة ومقاتلة وهي بالتأكيد من تداعیات الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر ومن میزات هذا التقليد، أن الفلسفة مندمجة في نفس السياسة. والأسطورة الثانية هي بالتأكيد من الموروثات الألمانية والهيغلية، وهي التقالید العميقة والشاملة والمنظّمة حول القيم بشکل عام، وليس حول محور الالتزام.» (جیمسون، 1381ش: 33-32) وفي هذا المقال، سوف نقدّم ظهور السردیتین في أعمال نعيمة وشاملو.
تمثیل سردیة الحرّية وتحرير الجنس البشری فی آثار کلا الشاعرین «تستعرض هذه السردیة ماهیة وأهمّیة التنمیة الاجتماعیة والبشریة فالتنمیة هی أساس سردیة التطوّر المعاصر.» (الکبیسی وآخرون، 2015م: 5) «لقد کانت المعرفة فی مطلع القرن الحادی والعشرین الأداة الوحیدة لتحقّق التنمیة الإنسانیة فی جمیع میادینها.» (یوسف الحمد، 2003م: 8) «تشكّلت الحركة الفكرية والتحرّرية فی البدایة مع الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر وكان هدف الثورة إلغاء النظام الإقطاعی. وإنّ النظام البرجوازي تَسبَّب فی التقدّم الفلسفی والفكري الجدید وقبل شعارات مثل الحريّة والمساواة والازدهار والحكومة كممثّل للشعب، و... .» (وول، 1378ش: 31) حجر الأساس لهذه السردیة هو السردیة المارکسیة لأنها بنیت فی العصر الحدیث متلائماً للتحوّلات السیاسیة والاجتماعیة ولکن السردیة المارکسیة ترکز علی النضال الطبقی الذی ولد بسبب الفقر والإختلاف الطبقي، بعبارة أخری ترکز السردیة المارکسیة علی القضایا الاقتصادیة فی حین ترکز السردیة بشکل عام تحریر الجنس البشری إلی تحقّق الحرّیة والمساواة بسبب الازدهار والتنمیة العقلیة مع التطوّر الزمني وتشابه تجربة میخائیل نعیمة وأحمد شاملو لهذه السردیة مع السردیة التاریخیة المارکسیة والنماذج المذکورة للسردیة المارکسیة صحیحة بالنسبة لسردیة تحریر الجنس البشری ونکتفی بهذه النماذج.
تمثیل السردیة الفلسفية الألمانية (فلسفة اتحاد كل المعارف لهیجل) فی آثار کلا الشاعرین «المبدع لهذه النظریة جورج ويلهلم (هيجل) ونظریته التأمّلیة تدور حول القضايا المعرفية وماهیة الإنسان والکون، ففي كل مراحل المعرفة، اتّجه الإنسان نحو المسار التاريخي وتعامل مع المواقع الجغرافية والأحداث التاريخية بشکل عشوائی وواجه الظروف التي تحيط به في النموذج الافتراضي؛ یعتقد هیجل أن الإنسان کمخلوق واع لایستطیع أن یعرف نفسه إلا بواسطة غیره.» (مجتهدی، 1390ش: 32) فنرى ظهور هذه الفکرة في أعمال نعيمه وشاملو. «کما ذکر مشروع أعمال نعیمة وفقا للفلسفة الشمولیة ويجب عدم أخذ كلام نعيمة على نحو تصويري فحسب، بل هو يقدّم في أکثر من کتاب تفسيرًا علميّاً حديثًا بل معاصرًا في انتفاء حقيقة ما ندعوه توهمًا وهی مادة حسية صلبة متماسكة، بينما هي في حقيقتها"طاقة" أو شكل من أشكال الوعي أو الروح أو العقل وهذا تفسير يعود إلى هيراقليطس ونجده في الفلسفات الهندية، كما أنّه تحديدًا تفسير هيجل، ناهيك عن أنّه تفسير علمي حديث ومعاصر وهذه الفلسفة تشکّل منظومة فلسفية أطلق عليها اسم الأحادية الروحانية الشاملة وتلك الفلسفة باعتبارها: فلسفة مثالیة-جدلیة، واقعیة، متعدّدة الاصول.» (شفیق شیا، 1987م: 174) ویصل نعیمة مع التأمّل في نفسه والحیاة إلی الایمان بالوحدة الوجودیة ویصفها فی قصیدة(رفیقی): قل أطعنا فی کل ما قد فعلنا/صوت داع إلی الوجود دعانا/فجنینا من الحیاة و لکن/قد أعدنا إلی الحیاة جنانا/ قد أکلنا منها و لکن أکلنا/و شربنا لحومنا و دمانا (نعیمة، 2004م: 76) فی هذه القطعة نری أن نعیمة یجد فی الکون نفسه فیکون معه واحداً فیکمل معرفته، ثم یصل نعیمه إلی التحرّر الروحي والمعنوي ولكن المبادئ الفلسفية هذه وإن بدت مطلقة شاملة فهي لا تستبعد المباشر والجزئي واليومي والحسّي. هذه كلها موجودة، بل هي البدايات الضرورية التي لابدّ أن نبدأ بها- وهنا تبدو واقعية نعيمة. «لكن الأكثر أهمية هو أن لا نبقى في مستوى الظاهر هذا بل أن نتجاوزه إلى ما هو أكثر حقيقة منه. وإلى ذلك، فالكون ليس مجموعة من أجزاء عارضة مبعثرة ساكنة تأخذ مكانها وقيمتها على نحو أبدي وسرمدي. هو بالعكس كلٌ جوهري عضوي ،متماسك، ترتبط مكوّناته بعلاقة حركيّة صاعدة، في وسع البعض أن يقول أنّها حركة جدليّة صاعدة، وفي وسع بعض آخر أن يقول أنّها حركة متغيّرة صاعدة وليست بالضرورة جدليّة. ويجوز الأمران .أخلاقيّاً، وهذا ملمح إضافي مهم في فلسفة نعيمة، فهي ليست نظريّة فحسب، بل أخلاقية كذلك، ويترجم نعيمة المبادئ أعلاه برنامجًا عمليًا مختلفًا أيضًا.» (شفیق شیا، 1987م: 176) وکل هذه المبادی وفقا لنظریة "ما بعد الحداثة". وقد استخدم شاملو کلمة المرأة فی أعماله لمعرفة نفسه فی الکون: رفتم فرو به فکر و فتاد از کفام سبو/ جوشید در دلام هوسی نغز:/ «ای خدا/ یارم شود به صورت، آیینهیی که من/ رخسارهی رفیقان بشناسم اندر او (شاملو، 1395ش: 318) بدأت أفکر/ فسقطت الکأس من کفّی/ تفجّرت فی قلبی شهیّة حلوة یا ربّاه /تتمثّل حبیبتی مرآة أعرف فیها وجوه أصدقائی یسعی شاملو أن یتوحّد مع الحبیبة للتعرّف علی أصدقائه أو بعبارة أخری هو یسعی إلی التوحّد مع الإنسان علی أساس التزامه للإنسان فینتج من تجربته لهذه السردیة الفلسفیة التحرّر الاجتماعی والتحرّر الروحي والأخلاقي فمن أحجار الأساس لهذه السردیة هي التباینات المزدوجة و«هذه التباینات هي أساس التفكير البشري وإستخدم شاملو التباينات المزدوجة في سیاق أسطوري رمزیّ لبیان الأيديولوجية التي يقصدها حتی یمکن أن نفسّر البناء السردی لقصائده المتعدّدة وفقا لهذه التباینات.» (أحمدی، 1396ش: 29 ) و«يتعامل هيجل فی نظریته أيضًا مع علم النفس وهو یعتقد أن الإنسان یکتسب نوعا من الحرّية الروحية عن طریق الوحدة مع الوجود.» (مجتهدی، 1390ش: 31و30)؛ فالغرض من تمثیل هذه السردیة فی أعمال هذين الادیبین هو التحرّر الروحي ولکن علی أساس خطابات الأدیبین، ینتج من تجربة میخائیل نعیمة من هذه السردیة التحرّر الروحي والمعنوي والأخلاقي وینتج من تجربة أحمد شاملو ، التحرّر الاجتماعي والتحرّر الروحي والمعنوي والأخلاقي.«لاينبغي بالتالی لأحد أن ينسى أن مفهوم الروح في نصّ هيجل يشمل مجموعة واسعة من المعاني ويشير إلى الکثیر من الأمور، مثل العقل، والذكاء، والتاريخ، والثقافة، والحقوق. يريد هيجل أن یبحث جميع مظاهر البشرية بالمعنى الواسع للكلمة، بينما یعرض التطور التدريجي لهذه المظاهر ويکشف القدرة على تحويل بعضها إلی البعض بشکل عقلاني.» (المصدر نفسه: 27) «فالسرد علی النحو الذی اقترحه فرونسوا لیوتار، هو الوسیلة لإضفاء الشرعیة علی المعرفة عبر التاریخ وفقا للیوتار، الشکل السائد للسرد منذ القرن التاسع عشر ولد مع المثالیة الألمانیة ألتی تفترض أنّ هنالك حقیقة أساسیة ترتکز علیها جمیع المعارف وأنّ واجب وحق البشریة هو إکتشاف هذه الروح.» (بدر الدین، لاتا: 233) فالسردیة الفلسفیة الألمانیة أصل والسردیات الأخری للخلاص التی ذکرناها فرع وکل القواعد والمفاهیم الذاتیة التی وجدت فی هذه السردیة، سنجدها فی السردیات الأخری، کما شاهدنا هذه المسألة اللغویة فی النماذج السابقة. النتیجة نستنتج من هذا المقال أن نظریة "ما بعد الحداثة"، هی النظریة الشاملة والکاملة ومتعدّدة الأصول وکانت الدراسة النقدیة للعمل الأدبی فی نظریة ما بعد الحداثة ترتکز علی التطوّر فی جمیع المجالات وستتمّ هذه الظاهرة فی مسألة الخلاص إذ نقدم علی التدریب المستمر متلائماً لحاجات بیئتنا والممارسة فی أخذ الاعتبار من دور الزمان فی بناء الأنشطة الفردیة من التدامج الاجتماعی علی أساس التجارب وبإمکاننا أن ننظر إلی ظاهرة التطور کمیزة من میزات العصر الحدیث (النظرة المثالیة) أو کمیزة من میزات عصر ما بعد الحداثة (الواقعیة الجدیدة) عبر التاریخ ولیست بالضرورة جدلیة علی أساس الطبیعة المزدوجة لنظریة ما بعد الحداثة وغایة التطور لیس فقط تحسین النظام الاجتماعی ولکن له أیضاً لها غایة أدبیة، معنویة وأخلاقیة ووفقا لهذه النظریة، یمکن أن یستفاد من المفاهیم الحقیقیة القدیمة التی نسمّیها فی العصر الحاضر الأساطیر أو القصّة ولا تستثنی هذه السردیات الثلاث للخلاص ألتی ذکرناها فی هذا المقال، من هذه القاعدة ویمکن أن نتفاعل معها وفقا لتجاربنا فی العصر الحالی ونطبق علیها المفاهیم الذاتیة وقیمنا الفردیة وهذه المسألة ترجع إلی المسئلة اللغویة لأنّ أداة السرد هی اللغة واللغة کالمعطیات الإجتماعیة وهذه الظاهرة تُظهر المرونة وفقا للتجارب الشخصيه في اي زمن ووجدنا ظاهرة التطوّر فی کل السردیات الثلاث للخلاص وفقا لنظریّة لیوتار ویجوز أن ینظر إلی هذه السردیات بنظرة مثالیة أو نظرة واقعیة جدیدة عبر التاریخ وفقا لنظریة "ما بعد الحداثة" وفی مفاهیم هذه السردیات یکمن منطق الانفصال فی منطق الاتصال (بناء الأنشطة الفردیة من التدامج الاجتماعي) وفقا لهذه النظریة.
[1] - Descriptive Approach [2] -Analytical Approach [3] Covering Law Model [4] Paul Oppenheim [5] Adams [6] Frank Ankersmit [7] Bruner [8] Arthur Danto [9] Louis Mink | ||
مراجع | ||
ابن منظور، جمال الدین ابوافضل مکرم بن علی الانصاری الخزرجی الافریقی المصری.( 1998م). لسان العرب. بیروت: دار إحیاء التراث العربی.
أبوحاقة، أحمد. (1979م). الالتزام فی الشعر العربی. بیروت: دار العلم للملایین.
أحمدی، شهرام، دلاور، پروانه. (1396ش).«بررسی کاربرد شناسانه نمادگرایی در شعر احمد شاملو». مجله شعر پژوهی (بوستان ادب) دانشگاه شیراز. شماره2. صص48-26.
آزاد، پیمان. (1374ش). حکایت نفس در شعر شاملو و سهراب سپهری. هیرمند. تهران. چاپ اول.
براون، کالین. (1375ش). فلسفه و ایمان مسیحی. ترجمه طاطه وس میکائیلیان. تهران: چاپ اول.
برسلر، چارلز. (1396ش). درآمدی بر نظریهها و روشهای نقد ادبی. ترجمه مصطفی عابدینی فرد. تهران: انتشارات نیلوفر.
بدر الدین، بوقریطة. (لاتا). «نظریة ما بعد الحداثة ومدی مساهمتها فی التنظیر للعلاقات الدولیة». مجلة أبحاث قانونیة والسیاسیة. العدد3. صص 26-1.
پروینی، خلیل، عابدی، غلامحسین زاده. (1390ش). «بررسی تطبیقی مسیح (ع) در شعر ادونیس و شاملو». مجلة جستارهای زبانی. السنة2. العدد 3. صص 52-25.
پوپر، کارل. (1389ش). جامعه باز و دشمنان آن. ترجمه میرجلال الدین اعلم. ج2. تهران: نیلوفر.
سارتر، جان، بول، (1970م). ما الأدب. ترجمه وتقدیم وتحقیق محمد غنیمی هلال. القاهرة: نهضة مصر.
جیمسون، فردریک.(1381ش). وضعیت پست مدرن. ترجمه حسین علی نوذری. تهران: گام نو.
سبحانی، جعفر. (1359ش). تحلیلی از فلسفه مارکس. قم: چاپخانه علمیة.
شاملو، أحمد. (1395ش). مجموعة الآثار (دفتر یکم، شعرها). تهران: نگاه.
شفیق شیا، محمد. (1987م). فلسفه میخائیل نعیمة: تحلیل ونقد. بیروت: بحسون الثقافیة.
الکبیسی وآخرون. (2015م). دراسات حول التنمیة المستدامة. الریاض: دار جامعة نایف للنشر.
لیوتار، ژان فرانسوا. (1386ش). وضعیت پست مدرن. ترجمه حسین علی نوذری. تهران: گام نو.
مختاری، محمد. (1392ش). انسان در شعر معاصر. تهران: انتشارات توس.
مولند، اینار.ئ(1368ش). جهان مسیحیت. ترجمه محمد باقر انصاری و مسیح مهاجری. تهران: انتشارات امیر کبیر.
نعیمة، میخائیل. (2004م). همس الجفون. بیروت: الموسسة نوفل.
وول، میشل. (1387ش). انقلاب فرانسه (نهضت اجتماعی و تغییر روحیات و طرز تفکر اجتماعی). ترجمه خراسانی. محمد مظلوم. مشهد: انتشارات دانشگاه فردوسی مشهد.
یاحقی، محمد جعفر. (1388). فرهنگ اساطیر و داستان وارهها در ادبیات فارسی. لامک: انتشارات فرهنگ معاصر.
یوسف، الحمد. (2003م). تقریر التنمیة الإنسانیة العربیة. الریاض: برنامج الأمم المتحدة الإنمائی الصندوق العربی للإنماء الاقتصادی والاجتماعی.
هرمن، دیوید. ( 1962م). عناصر بنیادین در نظریههای روایت. ترجمه حسین صافی. تهران: نشر نی.
References:
Adams, J.-k.(1996).Narrative Explanation: A Pragmatic theory of Discourse Frankfurt: Peter lang.
Bruner, Y.(1991). "The Narrative construction of Reality" critical Inquiry 181-21.
المصادر الالکترونیة:
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 407 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 200 |