تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,171 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,829 |
دراسة معرفية لمفهوم الفرح في اللغتين العربية والفارسية؛ دراسة تقابلية | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
دوره 11، شماره 43، آذر 2021، صفحه 127-154 اصل مقاله (257.05 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
سمیه محمدی1؛ صلاح الدین عبدی* 2؛ محمد امین صراحی3؛ مرتضی قائمی4 | ||
1طالبة دکتوراه في اللغة العربية وآدابها، جامعة بوعلي سينا، همدان، إيران | ||
2أستاذ مشارك في اللغة العربية وآدابها، جامعة بوعلي سينا، همدان، إيران | ||
3أستاذ مساعد في اللغة الإنجليزية وآدابها، جامعة جيلان، جيلان، إيران | ||
4أستاذ في اللغة العربية وآدابها، جامعة بوعلي سينا، همدان، إيران | ||
چکیده | ||
يتراوح الفرح بين المشاعر الخفيفة إلى الشديدة، والاستمتاع بموضوع ما إلى الشعور بالسعادة في الحياة. وبما أن جزءاً من مفهوم الفرح يصبح منظماً بالبيانات اللغوية إضافة إلى الأدب والفن والعرف وغيرها، لذلك نستخدم "الاستعارة المفاهیمية" كأداة فعالة لتحليل اللغة، والتي تعد إحدی مظاهر العقل. تشير الاستعارة المفاهیمیة إلى إدراك مفهوم مجرد على أساس مفهوم أكثر مادية والتعبير عنه. في هذه الدراسة، سندرس البيانات ونسعى لفهم مجالات المصدر لمفهوم الفرح في كل من اللغتين الفارسية والعربية بناءً على النظرية المعرفية لكوفكسيس، لنعرف طريقة تفكير الناطقين بهاتين اللغتين حول الفرح، وأوجه الشبه والاختلاف بينهما. تكمن أهمية الدراسة المعرفية لهذه البيانات في تنظيم نطاقها المبعثر والمتنوع بناءً على التعيينات والأنماط المعرفية. يُظهر فحص بيانات هذه الدراسة أن الطبيعة المشتقة للغة العربية وفرت مجموعة متنوعة من الكلمات الاستعاریة لتصور الفرح في هذه اللغة خاصة فيما يتعلق باستعارة "الفرح نور"؛ کما أنّ المظاهر اللغوية لبعض الاستعارات باللغة الفارسية كاستعارة "الفرح سائل داخل الوعاء" أظهرت مسافة أكبر عن مستواها العامة وکونها ذات إحداثيات ثقافية مميزة وأكثر تعقيداً؛ کذلک فيما یتعلق باستعارة "الفرح فوق" فـ"المسافة من الأرض" في اللغة العربية يمكن أن تكون أكثر وضوحًا من اللغة الفارسية. | ||
کلیدواژهها | ||
اللغتان الفارسية والعربية؛ دراسة تقابلية؛ الاستعارة المفاهيمية؛ مفهوم الفرح | ||
اصل مقاله | ||
تنتمي الدراسة الحالية إلى مجال الدراسات الدلالية المعرفية للعواطف وتهدف إلى دراسة مفهوم الفرح[1] باللغتين العربية والفارسية. يقوم الأساس النظري لهذا البحث على نظرية الاستعارة المفاهيمية[2] التي طورها لاكوف وجونسون[3] (1980م). بناءً على هذه النظرية، سنقوم بتبسيط الموضوعات المجردة بشكل حسي أكثر لفهمها والتعبیر عنها بناءً على تجارب ملموسة. تكمن النقطة المركزية لهذه النظرية في اكتشاف أهمية الاستعارة، «لأنها رفعت مكانة الاستعارة من أداة جمالية بحتة إلى نهج للإدراك والتفكير.» (محمديان وفرحانيزاده، 1397ش: 319) الاستعارة المفاهيمية هي إحدی الإنجازات الجديدة لعلم اللغة المعرفي، وقد تم تقديمها بهدف فهم بنية الفكر وطبیعته. هذه الاستعارة لاتقتصر علی الأدب أو اللغة، بل توجد في نظام الفکر وكيفية عمله واللغة وجودته والسلوك والآداب والفنون والثقافة والسياسة وإلخ. وفقاً لهذه النظرية، تعتمد اللغة وحتى الفكر على آلية مجازية، ويتمثل أحد أسباب دراسة علماء المعرفة للاستعارة في اللغة هو الافتراض بأن اللغة تعكس أنماط الفكر البشري وخصائصه، والتي تتشكل نتيجة التفاعل بين الجانب الفسيولوجي للإنسان والبيئة المادية والثقافية. نظراً إلی أنّ وظيفة الاستعارة المفاهيمية تتمثل في تقديم وصف ملموس لعالم المفاهيم والأفكار المجردة، وبما أن العواطف هي واحدة من أكثر المفاهيم المجردة شيوعاً في مجال الهدف، وخاصة أنّ الشعور بالفرح[4] في مستواه العالي أي السعادة هي من أهم المشاعر ثقافيًا ودينيًا، ومن الأسس الأساسية لهما هي سعادة الإنسان وتجنب الشقاوة، فإننا نعتزم في هذه المقالة لدراسة العاطفة المذكورة بطريقة معرفية لمعرفة نظرة الناطقين بالفارسية والعربية إليها، في محاولة للعثور على أجوبة عن الأسئلة التالية.
أسئلة البحث
فرضيات البحث
«نظراً إلی أنّ المجال المفاهيمي للعواطف يظهر عادةً سمات ثقافية وإثنوغرافية بارزة، فإنه مهم جداً في البحث بين اللغات وبين الثقافات، وهو أداة جيدة للبحث في النظرة العالمية للثقافة.» (زور ورز وآخرون، 1392ش: 50) لذلك، بالنظر إلى أهمية الاستعارة المعرفية في هذا المجال، سنقوم بدراسة مقارنة بين اللغتين الفارسية والعربية. كما يعد تحديد أنماط الفرح النموذجية وغيرالنموذجية باللغتين العربية والفارسية من النتائج المهمة الأخرى لهذه الدراسة. منهج هذا البحث وصفي – تحليلي؛ يتمّ تحليل البيانات الفارسية بعد الإطار النظري والتعريف بنظرية الاستعارة المفاهيمية. تمّ تصنيف التعبيرات المنتخبة في مجالات المصدر العامة للعلو والنور والوسعة والوعاء وما إلى ذلك، وتمّ تحليل الاستعارات وفقاً لنظرية الاستعارات المعرفية المعدلة[5] لكوفكسيس[6]. وطرح المزيد من المعلمات مثل البحث عن أمثلة لغوية أخرى، والبحث عن الشواهد الدلالية وما إذا كان هناك تركيب مع استعارات أخرى أم لا. البيانات العربية مستخرجة من العربية الفصحی، وينطبق الشيء نفسه على اختيار العبارات الفارسية. البيانات الفارسية لهذا البحث مقتبسة من بعض البحوث التي أجريت حول الفرح، والقاموس الفارسي العامي وقنوات تلفزيونية مختلفة، بينما جمعت البيانات العربية من المنجد في اللغة العربية المعاصرة، رسالة أحمد الشريف (2007م)، أمثلة عربية فصيحة لوصف الفرح في قنوات عربية مختلفة والمواقع[7].
خلفية البحث تطرّق العديد من الأبحاث الفارسية لدراسة العواطف مثل الفرح ومقارنتها مع اللغات الأخرى خاصة الإنجليزية، لكن قلّما تمّ إجراء مقارنة معرفية بين اللغتين الفارسية والعربية في مجال العواطف حتى الآن. بالنسبة إلی بعض من الدراسات الفارسية فتبحث روحي (1387ش) في استعارات مشاعر الحب والكراهية والغضب والفرح والحزن والخوف والقلق في مجموعة مختارة من القصص الفارسية القصيرة. وفي دراسة أخرى (1397ش)، قامت بفحص البنية المفاهيمية للفرح في دراسة مقارنة بين ثلاث لغات: الفارسية والكردية والجيلكية، فاستخدمت الإطار الذي قدمه كوفكسيس (2008م) لتحليل البيانات وتحديد المخططات ومجالات المصدر التي تستخدمها اللغات المذكورة للتعبير عن الفرح. قارن بيرزاد وآخرون (2012م) أيضاً الاستعارات المفاهيمية لمجالات الفرح والحزن والغضب والخوف والحب في النصوص الأدبية باللغتين الفارسية والإنجليزية. كما قام زور ورز وآخرون (1392ش) بدراسة الاستعارات المفاهيمية لمجال الفرح في أربعة عشر من تآلیف الكُتّاب الفرس المعاصرين ووجدوا أن "الشيء" و"المادة" و"الفعل" هي المجالات الأكثر استخداماً للتعبير عن الفرح، وأخيراً تم إجراء مقارنة بين الاستعارات المفاهيمية لمجال الفرح باللغتين الفارسية والإنجليزية. في دراسة أخرى (1398ش)، تفحص شريفيمقدم في الاستعارات المفاهيمية للفرح والحزن في قصائد الشاعرة المعاصرة بروين اعتصامي (1941-1906م) وبعد تحليل البيانات ومقارنتها، لاحظت أن تكرار الاستعارات المفاهيمية للحزن وكذلك المدى والتنوع الدلالي فيها أعلى بكثير من المجال المقابل، أي الفرح. ملكيان وساساني درسا (1392ش) أيضاً مفاهيم الحزن والفرح في اللغة الدراجة في إطار معرفي يحاولان تحديد مجالات المصدر الأكثر شيوعاً لتصور[8] هذين الشعورین. يدرس مولودي في أطروحته (1394ش) تصور المشاعر الخمسة للخوف والغضب والفرح والكراهية والحزن في الفارسية بناءً على نظرية الاستعارة المفاهيمية. في هذا البحث، سيتم فحص النمط الاستعاري لـ 5000 حدث نصّي وتحديد الأنماط الاستعارية ومجالات مصدر للمشاعر الخمسة المذكورة. يفحص صاحبكاري في أطروحته (1392ش) استعارات الحب والكراهية والفرح والحزن في اللغة الفارسية من منظور معرفي. ولکن بالرغم من إجراء أبحاث متعددة عن القضايا الاستعارية التصورية في لغات كثيرة إلاّ أنا نجد هناك ندرة واضحة في الدراسات التصورية المتعلقة بتعبيرات الفرح –والمشاعر كليا- في اللغة العربية خاصة الفصحى، ومن الدراسات القليلة التي اطلعنا عليها تلك التي قام بها احمد الشريف[9] (2007م) عن التصور الاستعاري للسعادة والغضب في اللغتين الإنجليزية والعربية[10] (بالإنجليزيه) وقد ركز الباحث فیها على الاستعارات الاساسية المشتركة بين اللغتين رغم البعد الثقافي بينهما.
الإطار النظري يمكن اعتبار الاستعارة المعاصرة في مجال اللسانيات المعرفية بمثابة نهج قدمّه لاكوف وجونسون على شكل نظرية في كتاب "الاستعارات التي نعيشها"[11] في عام 1980م وتمّ اتباعها من قبل لغويين معرفيين آخرين مثل سويتزر[12] (1990م)، ترنر[13] (1991م) وكوفكسيس (2002م). في هذا النهج الجديد، لا تقتصر الاستعارة على كونها من المحسّنات البلاغیة، بل أصبحت وظيفة ذهنية لإدراك المفاهيم. يسعى اللغويون إلى اكتشاف كيفية أداء الاستعارات في العقل من خلال تمثيلاتها اللغوية. «إنهم يرون الأنماط الموجودة في البنية المفاهيمية للكلمات والعبارات الاستعاریة كدليل على وجود الاستعارات المفاهيمية المضمنة في الفکر.» (زور ورز وآخرون، 1392ش: 53) «أهم نقطة في هذه النظرية هي أن الاستعارة ليست مجرد نظرية أسلوبية للغة الأدبية، بل الفكر والعقل لهما طبيعة استعارية؛ لهذا السبب، تم تسميتها الاستعارة المفاهيمية مقابل الاستعارة البلاغية.» (راسخمهند، 1393ش: 56) فيالنهج المعرفي، الاستعارة عبارة عن مجموعة منهجية من المراسلات المفاهيمية[14] التي يتمّ إنشاؤها بين بعض العناصر المستخرجة لمجال المصدر [ب] وبعض العناصر المميزة لمجال الهدف [أ] لتوفير إمكانية فهم [أ]. أخيراً، في الاستعارة المعرفية، يتمّ فهم [أ] أو تصوره أو تفسيره على أنه [ب]. تسمى هذه المراسلات المفاهيمية "رسم الخرائط"[15] فإنّ "ظهور الإدراك" يعني أن إدراك الهدف لم يكن موجوداً قبل إدراكه بالمصدر. «تری النظرية الاستعارية المعاصرة أن معظم المفاهيم المجردة، هي ذات بنية استعارية. بمعنى آخر، عادة ما يتمّ التعبیر عن المفاهيم المجردة بمساعدة الاستعارة، وبهذه الطريقة تصبح الأمور المجردة محسوسة ومفهومة.» (محمديان وفرحانيزاده، 1397ش: 325) في مجال دراسة استعارات العواطف والمشاعر، كان لكوفكسيس، باعتباره رائداً في هذا المجال، النصيب الأكبر وله دراسات عديدة حول بنیة العواطف في اللغة. «يؤكد كوفكسيس (2000م) على الدور الرئيسي للغة في الكشف عن أفكار الناس ومعتقداتهم، ... كما يعتقد أنّه لا يمكن للغة العواطف أن تتخيل وتصف تجارب عاطفية مختلفة وغير ملموسة إلا من خلال الاستعارة. وهو يعتقد أنّ اللغة لا تعكس المشاعر فحسب، بل تبنيها أيضاً. وبناءً على ذلك، فإننا نعبّر عما نشعر به ونشعر بما نعبّر عنه.» (زور ورز وآخرون، 1392ش: 55)
تحليل البيانات للفرح هيكل مفاهيمي معقد، يستخدم المتحدثون بالفارسية والعربية العديد من الاستعارات العامة والخاصة لفهمه والتعبير عنه. يرى كوفكسيس (2008م) أنّ هناك أربعة مكونات معرفیة لتكوين کل من المفاهيم العاطفية بشكل عام وهي: 1- الاستعارات المفاهيمية. 2- المجازات المفاهيمية. 3- المفاهيم ذات الصلة. 4- الأنماط المعرفية. وتتشكل الأنماط المعرفية والثقافية من مجموع الأجزاء الثلاثة الأولى، ويتحقق مفهوم العواطف كنتيجة للتمثيل المعرفي لهذه الأنماط. سنبدأ هذا القسم بالمجازات والاستعارات المفاهيمية ثمّ نناقش المفاهيم ذات الصلة والأنماط المعرفية.
المجازات المفاهيمية للفرح إذا تمّ ذكر کل من الاستجابات الفسيولوجية والوَجهية والسلوكية بدلاً من الفرح كمعلول له أو أثره، وکذلك دون استخدام ظاهرة مستقلة أخرى مثل ما نراه في استخدام "الوعاء" و"النور" في الاستعارة، فهذه الاستجابات تشكل المجازات المفاهيمية للفرح. الاستجابات الفسيولوجية والوجهية مثل زيادة معدل ضربات القلب والإثارة والتداخل في الإدراك والضغط الداخلي بسبب الضحك العميق؛ وتعابير الوجه کالابتسامة وتغير اللون ودموع الفرح؛ قد تشمل الاستجابات السلوكية أيضًا الضحك والغناء والرقص والقفز والتصفيق وأحيانًا حركات غريبة. نذکر فيما يلي أمثلة مجازیة للاستجابات الفسيولوجية والوَجهية عن كلتي اللغتين. ففي الفارسية: چنان ذوقزده شده بود که غذا خوردن خود را فراموش کرده بود. (نجفي، 1387ش: 738) [فرح بشدة لدرجة أنه نسي تناوله للطعام] از فرط شادی و خوشبختی سر از پا نمیشناخت. (المصدر نفسه: 858) [ما كان يميز رأسه عن رِجلِه من شدة الفرح والسرور] أي ارتبك. از خنده به خود میپیچید. [کان یتلوّی من الضحك] أي بسبب الضغط الداخلي به هر كس كه رو ميكرد نيشش تا بناگوش باز ميشد. (المصدر نفسه: 1441) [كانت تفتح فمه وتظهر أسنانه إلى أذنيه عندما ينظر إلى أي شخص] أي ابتسامة عریضة از ذوق گریه کرد. (المصدر نفسه: 738) [بكى من شدة الذوق[16]] أي الفرح وأمثلة مجازیة للاستجابات الفسيولوجية والوَجهية في العربية: تلوّی من الضَّحِك. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 1310-1311) ضاق نفَسَه من الضَّحِك. (المصدر نفسه: 871) غُشيَ عليه من الضَّحِك. (المصدر نفسه: 1055) ابتسم ابتسامة وديعة أو عريضة. وسالت دُموعي لكنَّها كانت دموعُ الفرحة والبهجة والانشراح. أمثلة مجازیة للاستجابات السلوکية في الفارسية: تا باباش را دید زد زیر آواز. (صراحی، 1391ش: 152) [بمجرد أن رأى والده ضرب تحت الأغنية] أي بدأ الغناء شروع به رقصیدن کرد. [بدأ الرقص] او از خوشحالي به هوا پرید. [قفز فرحاً في الهواء] بچه از خوشحالی مدام بالا و پایین میپرید. [كان يواصل الطفل القفز لأعلى ولأسفل فرحاً] يمكن أيضًا أن تتضمن السلوكيات المعينة مثل "القفز"، محاولة للصعود إلی الأعلي و الارتفاع عن الأرض، بسبب الشعور بالخفة والتحرر وعدم الضغط. برای ما دست میزدند و ما را تشویق میکردند. (نجفي، 1387ش: 873) [كانوا يصفقون لنا ويشجعوننا]. وبالنسبة إلی الأمثلة السلوکیة في العربية فـ: اهتزَّ فرحاً. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 1482) رقص فرَحا أو طَرَبا. (المصدر نفسه: 575) زغرَدتِ المرأةُ في عرس. (المصدر نفسه: 615) هتف فرحا، إعجابا. (المصدر نفسه: 1471) رأيته يثب من الفرح(Al Sharif, 2007: 64) . يصفّق بيديه من الطرب. (المصدر نفسه) غالبًا ما يتجلى الفرح في مثل هذه الاستجابات. فيمكننا تصنيف فرحنا أو فرح الآخرين بالرجوع إلى كل من هذه الإجابات. كما نرى، تُظهر التعبيرات المذکورة أعلاها، معلومات معرفية مشتركة تقريبًا عن المَجازات الفسيولوجية والوجهیة والسلوکیّة في کلتي اللغتين للفرح.
الاستعارات المفاهيمية للفرح «تشير المجموعة الرئيسية الأولى من الإستعارات المفاهيمية إلى الفرح على أنّه "ارتفاع"، حيث ترتبط السعادة بنوع من الأماكن فوق الأرض وما وراءها.» (Lakoff & Johnson, 1980: 17) تندرج العديد من المصطلحات العربية والفارسية المستخدمة لوصف السعادة تحت هذه الاستعارة الرئيسية والعامة، والتي نقدم بعض الأمثلة الشائعة عنها هنا:
رو ابرها سير میكردم. [كنت أسير على الغيوم] أي كنت في السماء فرحا از خوشحالی رو زمین بند نمیشه. (ملكيان وساساني، 1392ش: 131) [لا يربط بالأرض من الفرح] أي لايستطيع البقاء علی الأرض، بل يريد التحرير والطيران دایی جان... از شادی پَر درمیآورد. (نجفي، 1387ش: 235) [كان خالي ينبت ريشه فرحا] أي كان يريد الطيران داوود من را که میدید بال در میآورد (المصدر نفسه: 122) [كان داوود ينبت الأجنحة عليه عندما يراني] أي كان يريد الطيران از دور که گلدسته را دیدم روحم پرواز کرد. (المصدر نفسه: 784) [حلقت روحي عندما رأيت المئذنة عن بعد] دلم میخواست پرواز کنم. [كنت أريد أن أطير فرحاً] تشير هذه التعبيرات إلى أنّ الشخص السعيد يرى نفسه راغبا في الصعود إلی الأعلی، كما لو لم يكن على الأرض، وفي بعض العبارات يفسر ذالك بطيران الطيور. کذلک اللغة العربية مليئة بالتعابير التي تمثل هذه الاستعارة: لمّا علم بأنّه نجح في الامتحان طار فرحاً. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 930) كنت أطير من البهجة[18]. أطير بجناح السرور مرحاً (Al Sharif, 2007: 45) . طار فؤاده فرحاً. (المصدر نفسه) تظهر نظرة على العبارات المذکورة أعلاه أن "الاستعداد للطيران" والتمهيد له مثل الرغبة بالطيران، وظهور الريش والأجنحة، والعجز عن الاستقرار علی الأرض وغيرها هو أكثر بروزًا في الفارسية، ولکن في اللغة العربية فإنّ "الطيران" نفسه هو المقصود في الغالب. وفيما يخص العبارة الأخيرة أي "طار فؤاده فرحا"، «نعلم أنه من علامات الفرح ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. لذلك يشعر الإنسان السعيد بأن قلبه ينبض بسرعة شديدة وبقوة وأنه سيخرج من صدره ويطير فرحاً.»(Al Sharif, 2007: 47) وتجدر الإشارة إلى أن "قفزة القلب" اضافة إلی "الطیران"، تُستخدم للتعبير عن الفرح في العربیة، کما أنه تستخدم للخوف کذلک: وكَادَ قَلبِي يَقْفِزُ من بَيْن أضْلعي فَرَحًا وحُبُورًا. قفز قلبي مرتعداً بين أضلاعي [خوفا] وأخذت أصيح وأستغيث. يقول الشريف حول استعارة "العلو" في اللغة العربية: «الاستعارات الاتجاهية والطيران هي أكثر مفاهيم الفرح الاستعارية استعمالاً في اللغة العربية.» (Al Sharif, 2007: 45) ويعتقد أن الاستعارة المذكورة هي أكثر أنواع الاستعارة تأثيراً للتعبير عن الشعور بالفرح في العربية. لذلك، نرى أنه بالإضافة إلى القواسم المشتركة لهذه الاستعارة بين اللغتين الفارسية والعربية، يمكن ترجمة بعض التعبيرات المذكورة من إحدى اللغتين إلى أخرى مع الاحتفاظ على معظم الإحداثيات الدلالية، وفي معظمها، يكون الشخص الفرح مرتفعاً وخفيفًا ومتحرراً من كافة القيود. ولكن في عبارة مثل: أصبحتُ ﻻ ﺗﻘﻠﻨﻲ كواهل أرﺿﻲ ﻣﺮﺣاً. يتمّ تصور الفرح هنا من خلال "الثقل[19]"، ولا يوجد له في الفارسية مماثل. هذه العبارة مأخوذة من رسالة أحمد الشريف وقد عبّر عنها ضمن مصطلحات استعارية تتعلق بالطيران [أي لم تعد الأرض تتحملني وعليّ أن أطير]. ومثل هذه العبارة تبيّن لنا بأنّ ضرورة النظر في الاحتمالات والمفروضات المعرفية للغة المدروسة وهنا العربية -التي قد لا يكون غيرالناطقين بها على دراية بها- أمر محتوم وتجاهلها تزید علی التعقيدات المعرفية الثقافية لهذه اللغة علينا. واما نری أيضًا عبارات يصور فيها الفرح بطيور معينة، مثل: همای سعادت. [هما السعادة]؛ "هما" طائر أسطوري يرى القدماء أنه إذا وقع ظله على شخص، فيكون ذلك الشخص سعيدًا. کبکشان خروس میخواند[20]. (نجفي، 1387ش: 1134) [حجلته تصيح مثل الديك] أي بهجته واضحة جدا يبدو أنّه في مثل هذه العبارات التي تعیّن فیها الطيور بالاسم، ليس الطيران والارتفاع، هو الجانب البارز لإستعمالها أحیانا، على سبيل المثال، الجانب البارز في "هما"، هو المعنى الثقافي لهذا الطائر الأسطوري والتفأل به، وفي الدیك هو إعلانه الواضح وصوته المرتفع وفي الحجلة هو طبیعته السعيدة ولحنه الجید. في العربية کذلك، تستخدم الطيور لمعنی ثقافي و غالبا ما تکون للتفاؤل أوالتشاؤم: لكلّ امرئٍ طائرُهُ. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 930) سر علی الطائر المیمون. (المصدر نفسه: 931) وهو دعاء للمسافر ويتمّ تصور السعادة أیضا مع الحيوانات الأخرى: پسر من از دیشب ... با دمش گردو میشکند.[21] [ابني من الليلة الماضية ... يكسر الجوز بذيله] همچین یارو "خرکیف"[22] شد که بیا و ببین. [صار فرحا علی قدر حمار، ليتك تری] أي ليتك تری كم كان فرحا كوفكسيس (1991م) يقول «تمثل الإستعارة الحيوانية، البهجة والسعادة التي يمرّ بها الإنسان السعيد عندما يعيش في سلام وانسجام مع البيئة دون أن يزعج نفسه بعلاقات واتفاقيات الحضارة الحديثة. ويصف هذه الحالة باستعارة "الإنسان السعيد حيوان".» (Al Sharif, 2007: 69) وتصور بعض العبارات في العربية الشخص الفرح والسعید بمثابة حيوان يجر ذيله. کما نعلم "جرّ شيء" يتضمن معنى الثقل. فيمكن أن یکون استخدام هذا المعنی أي الثقل في مثل هذه التعبيرات لاختلاط الفرح مع الكبرياء والفخر. بتعبیر آخر، السعادة النقية خفيفة ويميل صاحبها إلى الطيران والتحليق، ولكن بالاقتران مع مفاهیم مثل الكبرياء والفخر، فإنها تصبح ذات وزن: يسحب أذيال الغبطة. (المصدر نفسه:71) يجر ذيله فرحاً[23]. (المصدر نفسه)
واحدة من أهم الاستعارات لتصور الفرح هي استعارة "الفرح نور". تتضمن تمثيلات هذه الاستعارة مجموعة متنوعة من العبارات: چشمهاش برق میزد.(Safarnejad and others, 2014: 113) [كانت تبرق عيناه] از خوشحالی صورتش میدرخشید. (المصدر نفسه) [كانت تشرق وجهه فرحاً] چشم و دلمون روشن[24]. [أشرقت عيوننا وقلوبنا]؛ يمكن القول أن معنى "روشن" في هذه العبارة هو إشراق الجو والفجر. لأنّ «النور والظلام من التجارب الأولی للبشر، وغالبًا ما تظهر بشكل استعاري من خلال الأحوال الجوية.» (كوچش، 1398ش: 40). ومن الجدير بالذكر أنه في الفارسية، عين الفرد یُضاء لتصور الفرح (چشمم روشن شد)، لكن بالعربية يتمّ استخدام مفهوم "البرودة" لإفادة هذا المعنی أي (قرَّت عينُه). ولکن بالنسبة إلی نماذج "الفرح نور" في العربية: أشرقَ وجهُه. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 764) عينان مُشرقتان. (المصدر نفسه: 765) وجه مُتَهلِّل. (المصدر نفسه: 1488) بصّ وجهُه ارتیاحا. (المصدر نفسه: 96) بلِج وجهُه. (المصدر نفسه: 113) وجهٌ یَشِعُّ حُبورا. (المصدر نفسه: 245) تألق وجهه. عُدتُ إلی المنزل قَريرَ العين مشرقَ الوجه. لمعت عيناه بومضات بهيجة من الأمل. التمعت عيناه سرورا وبهجة وتفاؤلا. أشرقت عينا الطفل فرحا وفخرا بما صنع. برقت أساريره.(Al Sharif, 2007: 50) أسفر وجهه وتلألأ. (المصدر نفسه) في استعارة "الفرح نور"، «يلعب الوجه دورًا رئيسيًا في إظهار السعادة.» (Al Sharif, 2007: 54) والمظاهر اللغوية لهذه الاستعارة تبين لنا أنّ العربية تظهر تفصيلاً أكبر مقارنة بالفارسية. الطبيعة المشتقة لهذه اللغة هي من الأسباب الرئیسیة لهذا المستوی من التفصیل والتوسیع دون الشك: ففي العربية: اشرق، أشعّ، برق، بصّ، بلج، بزغ، زاهی، صبح، وضّح، تسطع، لمع، تلألأ، تهلّل، ومض، تألّقَ، نصع، أنارَ و... في الفارسية: درخشيد، روشن شد، برق افتاد. بسبب الطبيعة المشتقة للغة العربية، تأخذ كل كلمة معان مختلفة في الهياكل المختلفة والتراكيب المتنوعة. على سبيل المثال، يعتبر "الإشراق" متعدياً ويمكن أن ينطوي على نقل تأثير الإشراق أي السعادة إلى الآخرين، ولكن "الالتماع" هو من باب افتعال الذي له معنى المطاوعة ويؤكد على تأثر الفاعل نفسه. كما يكشف تعبير مثل "هلل" عن سمة أخرى للغة المشتقة، وهي أن بعض الصور البلاغية يمكن تبسيطها وتلخيصها في عبارة موجزة ومشتقة من مأخذه الأدبي، وبالتالي وضعها تحت تصرف لغة الجميع فتصبح تعبيراً "شائعًا"، مثل "هلل وجهه"، وهي مشتقة من "أشرق وجهه كالهلال"، ويمكن أن تكون هذه المسألة أيضًا أحد أسباب تنوع الأفعال المتعلقة بالنور. وجدیر بالذکر أنّ استعارة النور لتصور الفرح کأنها تتضمن افتراض لوناً مشرقاً ولامعاً للمحیط في عینَي الشخص الفرِح -اضافة إلی التأثیرات الفسیولوجیة لدیه کإشراق الوجه و العینان- فنحن ندري أنّ الشخص إذا شعر بدرجات عالية من الحزن فیکون ضوء النهار المشرق معتماٌ فی نظره (سیه روزی) أي یصیر النهار سواداً في عینیه. فالاستعارة المعرفية يمكن أن تشير إلى أن الواقع الخارجي لا ینعکس بالضرورة في العقل واللغة كما هي، بل إضافة إلى الواقع الخارجي، فالواقع المعرفي أیضا هو نفسه حقيقة تنبعث من غربال العقل الاستعاري.
ج) الفرح سائل داخل الوعاء المفهوم الاستعاري المهم الآخر للفرح هو استعارة "الفرح سائل داخل الوعاء". في هذه الاستعارة، تُصوَّر السعادة على أنّها مادة في وعاء. بشكل عام، يتمّ تصوير هذه المادة على أنها سائل، لكن ليس لدينا أي فكرة عن نوعها وتفاصيلها. وبالتالي، فإن هذه الاستعارة هي مجرد استعارة عامة وهي شائعة في جمیع اللغات أيضًا. تشمل التعبيرات اللغوية الشائعة التي ترمز لهذه الاستعارة المفاهيمية بالفارسية والعربية ما يلي: با قلبی مملو[25]/ سرشار/ لبریز از شادی. [بقلب يمتلئ/ يزخر/ يفيض بالفرح]؛ تستخدم هذه المصطلحات الفارسية في اللغة الأدبية في الغالب. داشتم از خنده میترکیدم. [کنت أنفجر من الضحك] از خوشحالی قند توی دلش آب میشود. [تذوب حبة السكر في قلبه من الفرح]؛ فالإنسان عندما يرى شيئًا لذيذًا مثل الحلویات یزید افرازات فمه ویسیل لعابه. وهذه العبارة تستخدم في المواقف التي يجعل فيها شيء ما یشعر الإنسان بشوق وإثارة کثیرة وكأن لعاب قلبه یسیل ويذیب فيه حبة السكر الجامدة فتصبح مذاق القلب حلوة. في بعض العبارات، يكون الوعاء نفسه أكثر بروزا (أجزاء الوعاء): من از ته دل خوشحال بودم. [كنت سعيداً من أعماق قلبي]. (نجفي، 1387ش: 341) از ته دل خنديدم. [ضحكت من أعماق قلبي] نگاه کرد به ساختمانی که بالا برده بود، "ته دلش غنج میرفت". (المصدر نفسه: 340) [نظر إلى المبنى الذي أقامه، "فكانت أعماق قلبه تململ بدلال وتمیل الی الإغماء شوقاً"] وفي بعض الأحيان، للتعبير عن شدة الفرح والسعادة، يصبح السائل كأنّه وعاءً والشخص يغرق فيه، كما لو استبدل الوعاء ومحتواه. غرق شادیه. (ملكيان وساساني، 1392ش: 131) [غارق في الفرح]؛ هناك مفهوم مشابه في العربية: كنت غارقاً في بحرٍ من السعادةِ والسرورِ. وهناك تعبیرات حيث يكون السائل فیها غازًا: توپه توپه. [إنه كرة کاملة]، ويتمّ استخدام هذا التعبیر في الفارسية للمزاج الجيد ويقولون للشخص المنزعج: چرا پنچری؟ [لماذا مثقوبة؟] حيث یُتصور فیه الحزن بإفراغ سوائل الغاز من إطار السیارة. وقریب لهذا البیان الاستعاری لدینا "الانتفاخ" في العربیه ولکنه یدل علی الکبر والاختیال: منتفِخ کبرا من فوزه (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 1432). وأما الأمثلة اللغوية للفرح كسائل في وعاء بالعربية: البهجة تملأ القلوب. وجدته قد امتلأ فرحاً. (Al Sharif, 2007: 56) لكي تعبّر عن الفرح الذي يملأ قلبها. (المصدر نفسه) شبابٌ یَطفحُ بالحیاة. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 911) نبأ أفعمه بهجةً. (المصدر نفسه: 124) انفجر ضَحِك. (المصدر نفسه: 1077) ضَحِك مِلئ شِدقَيه. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 871)؛ وإذا كان هناك دلالة في السياق اللفظي قد تعني العبارة السخرية وليس الفرح، مثل: "تکلّف ابتسامة" (المصدر نفسه: 1243)؛ "ضحکة صفراویة" أي استهزائية (المصدر نفسه: 871)؛ "ضَحِك علی ذَقَن[26] فلان" أي خدعه وسخر منه. (المصدر نفسه: 509) بالنظر إلى العبارات أعلاه، يمكن ملاحظة أنّ استخدام استعارة "الوعاء" للتعبير عن السعادة أمر شائع في كلتي اللغتين، لکن الفرق هو أنّه الأمثلة اللغوية "الخاصة" لهذه الاستعارة هي الشائعة في الفارسیة؛ أي تبتعد هذه الاستعارة في الفارسية عن المستوى العام وتحمل المزيد من الإحداثيات والتفاصیل، على سبيل المثال، في عبارة "قند توی دلش آب میشه"؛ أو "ته دلش غنج میرفت" فمثل هذه العبارات تشتمل علی تفاصیل أکثر وأدق -کما مرّ سالفا- مقارنة بالعبارات العربیة. فيبدو أنه في العربية، غالبًا ما يتمّ استخدام استعارة الوعاء في مستواها العامة. من ناحية أخرى، نرى أنّ امتلاء "الجسد" بالفرح أكثر شيوعًا في العربية منه في الفارسية ففي الفارسية يُنظر إلى "القلب" على أنه وعاء للفرح في الغالب. یو يقول: «عندما يكون الجسد وعاءً، يُرى سائل الفرح الذي يفيض، بسهولة أكبر مما لو كان القلب وعاءً، وهذا لأنّ القلب عضو داخلي و[عند الفيضان] ما يملأه هو السلام داخل الجسم وإنّه كلّما كانت الأشخاص أكثر انطوائية، زاد استخدام أعضاء الجسم الداخلية، وفي المجتمعات التي یستخدم فيها الجسم كله كوعاء، يمكن رؤية تدفق السوائل من السعادة بسهولة أكثر مما كان عليه عندما يكون القلب هو الوعاء.» (Yu, 1995: 77) تؤكد المظاهر اللغوية لـ "الفرح سائل داخل القلب" باللغتين العربية والفارسية على ما قاله يو، أي العبارات التي یکون فیها القلب وعاءً ففيضان القلب ليس واضحًا مقارنة بالتعبيرات الناتجة عن فيض الجسد. على سبيل المثال، في مصطلحات مثل "قند توی دلش آب میشه"، يتمّ استخدامها بشكل أساسي في المواقف التي لا يكون فيها الفرح والسعادة واضحة جدًا أو لا ينوي الشخص رد فعل خارجي بشكل واضح بسبب بعض القيود الثقافية أو الشخصية. کما مرّ ذکره فاستعارة الفرح سائل داخل الوعاء، استعارة عامة لاتبین تفاصیل أکثر کما أنها لاتحدد حرارة السائل أو برودته، ولكن هناك عبارات یفسَّر فيها الفرح بأنّه "باردة"، مثل: ثلج به صدره. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 169) هذا خبرٌ ثلجت به نفسي. (المصدر نفسه) عیش بارد. أي هنيء (المصدر نفسه: 77) أقرّ الله عينَه. بالنسبة إلي الفارسية، تستخدم "البرودة" في التمنّي الأدبي أو للتعبير عن الشعور بالارتياح بسبب اختفاء الغضب أو المعاناة بعد الانتقام أو هزيمة العدو أو المنافس: چشمهاش داشت از حسودی در میآمد، "دلم حسابی خنک شد". (نجفي، 1387ش: 679) [كادت عيناه تخرجان من محاجرهما من شدة الحسد، ثلج قلبي]؛ كأنه يريد أن يقول "كنت أغلي أو أشتعل غضبا لكنه برد قلبي عندما رأيت حسده". خُنَک آن دَم ... [لتکن باردة تلک اللحظة ... ] أي تکون رائعة وفرحة إن...
د) الفرح وسعة أو بسط انبساط تعابیر الوجه أو انفتاحه من الأسس التي تشکل استعارة «السعادة واسعة والحزن ضیق» (Lakoff & Johnson, 1980: 18)، من أمثلة هذه الاستعارة: انبسطت أساريرُ وجهِه. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 91) لم يَنبسط طوال السَّهرة. (المصدر نفسه) بَسَطتِ الخمرُ فلاناً (المصدر نفسه: 90) هذه الزيارة لاتبسُطني إطلاقًا. (المصدر نفسه) كان في حالة من البَسط. (المصدر نفسه) وحلّقت روحي في أجواء السعادة والحبور وأصبحت الدنيا لاتَسَعني من فَرطِ السرور. إن الأخير يتصور الفرح والسعادة بمزيج من استعارات العلو والانشراح والوعاء. يبدو الأمر كما لو أنّ الأرض لم تعد بها مساحة لتستوعب الفرد. ليس لهذا المبدأ أي "أصبحت الدنيا لاتَسَعني" معادل بالفارسية لتصور مفهوم الفرح، ولكن هناك استعارة "أصبح جسدي لا يسعني": از خوشحالی توی پوستش نمیگنجید. (نجفي، 1387ش: 738) [ما کان یستطیع القرار في جلده فرحا] ولها بالعربية مماثل أيضاً: كاد يخرج من جلده فرحاً.(Al Sharif, 2007: 65) كما رأينا، تمّ استخدام "البسط" لـ "الوجه" و"الجسم ككل" لتصور الفرح في العربية. کذلک "الانشراح" هو مفهوم آخر يستخدم لتصور الفرح، ویُسند غالبا ما إلى "الصدر" ويتماشى معناه مع معنى البسط: شَرَّحَ صَدرَه لِكذا. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 757) شَرَحَ خاطرَه. (المصدر نفسه) يمكن اعتبار "القبض" و"الضيق" نقيضين للبسط والانشراح في تصور الفرح: انقباض القَلب: كآبة وحُزن (المصدر نفسه: 1177) ضاق صدري لك. لكن الأمثلة اللغوية لتصور البسط في الفارسية تظهر سمات مثيرة لأنّه في الفارسية يستخدم "الانفتاح" بدلا منه ولكن بنفس المعنی للبسط والانشراح وغالبًا ما يكون للوجه والقلب الدور الرئيسي فيه: قیافههای گرفته و درهم به کلی باز شده بود. (نجفي، 1387ش: 947) [انفتحت الملامح المنقبضة والمنکمشة] أي انشرحت رنگ و روش وا شده. (ملكيان وساساني، 1392ش: 132) [صار لون وجهه فاتحاً] أي أشرقَ وجهُه؛ جدیر بالذکر أن البسط یتلائم معناه مع النور في مثل هذه التعابیر. دلم باز/ وا شد. [انفتح قلبي] أي انشرح صدري؛ ضده: دلم تنگ شد، دلم گرفت. أي [ضاق صدري وانقبض قلبي] حرف زدم یک خورده دلم وا شد. (نجفي، 1387ش: 677) [تحدثتُ فانفتح قلبي قليلا] أي انشرح صدري؛ توضح هذه العبارة مستوی شدة الشعور با این دیدار روحیهام باز شد. [انفتحت معنوياتي بهذا اللقاء] أي انشرح؛ كما نعلم، فإن "باز شدن" في الفارسية، بالإضافة إلى اتساع الفضاء وزیادة المساحة [الانشراح]، يعني أيضًا فتح الفضاء المغلق [الانفتاح]، مثل: گل از گلش شکفت. [انفتحت/ ازدهرت الزهرة من زهرته] أي انبسطت أساريرُ وجهِه
ذ) الفرح جنون التدقیق في كلمتي "دیوانگی" في الفارسية و"الجنون" في العربية يدلّ على أنّ کل من هذین الللغتین-الثقافتین یعطي سببًا غیرعادیّاً للاضطراب الإدراكي الحاد، مثل "دیو" أي الوحش في الفارسية و"الجن" في العربیة. وأما الجنون يشير إلى شدة الشعور وأنّ الشخص يفقد السيطرة على شدة عواطفه وينخرط في أفعال غريبة ومتطرفة. إنّ تصور العواطف بالجنون يُظهر أن العواطف يمكن أن تصبح قوية جدًا بحيث تطغى على تحكم الفرد. من أمثلة هذه الاستعارة في الفارسية: دیوانه شده. [جنّ] از خوشحالی قاطی کرده. [خلّط من شدة الفرح] أي خلط الماء والزيت كسيارة معطلة[27]. كما أنّه قد تُستخدم السلوكيات لتصور الفرح، التي لاتظهر من الشخص في حالة طبيعية ومنطقية، على سبيل المثال: خوشحالم ومیبینم که باید "با کله میآمدم". (نجفي، 1387ش: 1175) [أنا سعيد وأرى أنّه كان علي القدوم "ورأسي يسبقني"] أي القدوم بمنتهى الشوق؛ تستخدم هذه العبارة للتعبير عن شدة السعادة، يمكن بسبب وضع الرأس في الأمام والجسم في الخلف أثناء "الركض" إلى المكان الذي يذهب إليه الشخص بسعادة. كما ورد بالفارسية: از تو به یک اشاره، از من به سر دویدن [عليك الإشارة بإصبعك وسوف آتي جرياً ورأسي يسبقني]؛ قد يكون أيضًا بمعنی أنّ الشخص يتجاهل طريقة المشي لشدة السعادة ويقوم بعمل غير عادي. توضح الأمثلة التالية استخدام الجنون في تصور الفرح في العربية: طار عقلُه فرحاً. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 930) ضحك جنوني. (المصدر نفسه: 228) كاد الرجل يجنّ من شدّة الذهول والفرح. كدت أهيم فرحا. (Al Sharif, 2007: 72)
المفاهيم ذات الصلة[28] ترتبط بعض المفاهيم ارتباطًاً وثيقًا بمفهوم الفرح، بعبارة أخری «يشتمل الشعور بالسعادة والفرح في الواقع علی مجموعة من الحالات العاطفية والمعنویة الأخرى مثل الشعور بالرضا والإعجاب [والمتعة والانسجام مع البیئة] وحتى الصحة، والتي يشير إليها كوفكسيس كمفاهيم ذات صلة. لذلك، يكاد يكون من المستحيل فصل الشعور بالسعادة عن المشاعر الأخرى التي تأتي معه (صراحي، 1391ش: 147)؛ لذلك تعتبر المفاهيم ذات الصلة جزءًا لا یتجزأ من البنية المفاهيمية للسعادة.
الأنماط المعرفية لمفهوم الفرح لكن أخيرًا، نتعامل مع الأنماط المعرفية لمفهوم الفرح، والتي نعيد تعريفها في هذه الدراسة مطابقا لوصف كوفكسيس (1398ش: 160-168): نظرية الأنماط المعرفية للفرح هي أن الاستعارات والمجازات المفاهيمية والمفاهيم ذات الصلة كلها تتجمع في واحد أو أكثر من الأنماط المعرفية الأساسية للفرح. وجهة نظري هي أنه من الأفضل تقسيم المفهوم العام للفرح إلى ثلاثة أنماط رئيسية والعديد من الفرعيات. هذه الأنماط الثلاثة الرئيسية هي: "الفرح كاستجابة فورية"، "الفرح كقيمة"، "الفرح كسعادة". نمط الفرح كاستجابة فورية يتأثّر هذا النمط بالاستجابات السلوكية والفسيولوجية والوَجهية (مثل المجازات المفاهيمية) بالإضافة إلى محتوى الاستعارات المفاهيمية التي تعبّر عن الشدة والتحكم وتكون غير قادرة في النهاية على التحكم. في هذا النمط، يمكن وصف الفرح على النحو التالي: سببٌ يجعلك سعيدا، يتكون الفرح، تصبح نشيطاً، تظهر مجموعة متنوعة من الإستجابات السلوكية والعاطفية مثل وميض العيون والإبتسام والضحك والقفز وحتى البكاء. تحدث لديك أيضًا استجابات فسيولوجية بما في ذلك زيادة معدل ضربات القلب والإثارة. غالبًا ما يكون سياق وضعك اجتماعيًا مثل الاحتفال، نظرتك للحياة إيجابية، أنت تعتبر وضعك مرغوبًا فيه، تشعر بتناغم مع العالم، لا يمكنك التحكم بمشاعرك وأنت منفعل في هذا الصدد، التجربة والمشاعر عميقة جدّاً. قد يؤدي الإفراط في العمق والشدة إلى إضعاف أدائك وقد تفقد السيطرة، أنت بحاجة إلى إخبار الآخرين بما تشعر به، ولكن التعبير بحرية عمّا تشعر به أمر غير مرغوب فيه، تحاول السيطرة على عواطفك. في الواقع، أنت تحاول عدم الانخراط في ردود فعل سلوكية، أو ردود فعل عاطفية، أو حتى التعبير عن مشاعرك ومع ذلك، تفقد السيطرة، تنخرط في الاستجابات السلوكية وردود الفعل العاطفية أو التعبير عن المشاعر، عادة على شكل رقص وغناء وحتى حركات غريبة تسببها الإثارة. يعتقد كوفكسيس أنّه في الثقافة الغربية، تعتبر المشاعر العميقة والعاطفية سلبية بشكل عام وبالتالي، يجب التحكم في شدة المشاعر الإيجابية للفرح. أحد السيناريوهات المتوافقة جدًا مع هذا النمط المعرفي هو سيناريو الخطوات الخمس التالية: سبب الشعور ← وجود شعور ← محاولة السيطرة عليه ← فقدان السيطرة ← النتيجة تتمثّل إحدى نقاط القوة لهذا السيناريو في أن العبارات المختلفة المستخدمة لتصور "الفرح كاستجابة فورية" يمكن أن ترتبط بإحدى مراحل هذا السناریو. ومع هذا، تشير تعدّد الأنماط المعرفية، مثل المذكورة أدناه، إلى أنّ مشاعر الفرح لا يتمّ تحديدها من خلال سيناريو واحد فقط. نمط السعادة كقيمة في نموذج السعادة كقيمة، نواجه استعارات تحكم بطريقة ما على مفهوم السعادة. فغالبًا ما يصاحب هذا النوع من الفرح الاستعارات التالية: الفرح نور، الفرح فوق/ علو، الفرح شيء خفي مرغوب فيه و... . في هذا النمط، يكون الفرح نتيجة لموقف هادئ، نادرًا ما يكون له سبب محدَّد ملموس خارجی؛ بل النمط المعرفي القائم على هذه الاستعارات هو "أسباب الفرح الخلفیة النفسیة" التي تکمن وراء الفرح. فيمكن أن تكون السبب، الشعور بالحرية أوالصحة أوالتلائم مع البیئة و...، ففي هذا النمط، نفهم الفرح ونعبّر عنه من حيث سببه المحتمل: نحن في الصحة [نحن سعداء]. في هذا النمط: أنت سعيد، يمكن أن تكون هذه الحالة طويلة الأمد، يتمّ تقييمها بقيمة موجبة، إنّها حالة مرغوبة فيه وممتعة، بها تشعر بتناغم مع العالم، يمكنك نقلها إلى الآخرين، أنت تنظر إلى العالم من منظور إيجابي بالتأکید، هذه السعادة لا يمكن أن تتحقق بسهولة. عليك أن تحاول تحقيقها، يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لتحقيقها ويصعب الحفاظ عليها بقدر صعوبة تحقيقها. واما هذا النمط أي نمط "السعادة كقيمة" لا يتم التعرف عليه عادة من خلال الاستجابات العاطفية الشديدة والتحكم وأنماط القوة. ففي الفارسية، يمكن استخدام كلمتي "لذت بردن" و"سعادتمندی" للإشارة إلى "الفرح كاستجابة فورية" و"الفرح كقيمة" على التوالي؛ وفي العربية: للأولى"الاستمتاع" وللأخيرة "السعادة". نمط الفرح كسرور في هذا النمط، يعتبر الفرح استجابة عاطفية إيجابية وهادئة لموقف إما أن ذاك الموقف ليس مهمًا جدًا بالنسبة إلی الشخص أو تكون النتيجة واضحة له. في مثل هذه الحالة، لا يقدم الناس عادةً إجابات ملموسة ولا یستلزم التحكم في أنفسهم. يمكننا إظهار هذا النوع من الفرح على النحو التالي: تكون مسرورا لسبب ما، تعطي إجابة منطقية وفورية، أنت مسرور وراضٍ، يمكنك إظهار إجابات أكثر ليونة مثل ومضة عين وابتسامة لطيفة. يمكنك أيضًا التفكير في الاستجابات الفسيولوجية المعتدلة مثل حرارة الجسم وزيادة معدل ضربات القلب، ربّما تنظر إلى العالم بإيجابية وتشعر بالانسجام مع العالم. واما هذا الشكل من الفرح شائع جدًا في المجاملات والتحيات. نقول "انا سعيد برؤيتك" ولكن ليس لدينا استجابات عاطفية قوية ولا نتعارض مع الشعور الذي لدينا حتی یستلزم السيطرة عليه. التردد العالي لهذا الشكل من الفرح يبرزه ويمثّله. ولکن بالنسبة إلی الأنماط المعرفية التي قد تكون فرعیة مقارنة بالأنماط الثلاثة المذكورة أعلاها، فإنّ بعض العوامل العرفية الشائعة وأحيانًا الدينية بين المتحدثين بالفارسية والعربية تتضمن العديد من المفاهيم حول البنية المفاهيمية للفرح. بعض هذه المفاهيم ومظاهرها اللغوية هي كما يلي: السعادة هي التجسید الثقافي من وضعیّات الجسم أو ملحقاته، مثل الجبین أو الکفّ (مکتوب علی جبينه أو في کفّه)؛ المزاج (فالسوداویّون لیس المرح من طبیعتهم)؛ خِفّة الدّم/ الروح/ الظِّل (فکل واحد من هذه الثلاثة یحدِّد کون الفرد في عداد الفرحین والمطبوعین عند الآخرین)؛ الجنس فالفرح السلوکي أكثر ذكوريا (وأفضل للمرأة أن لا تضحك بصوت عالٍ). الضحك الکثیر نذیرُ شؤمٍ. الفرح مرغوبٌ من الأفضل أن يكون كامناً في القلب: فعندما یُقال "کم أنت سعيدا!" تقول: "لا لیس هکذا". من أسباب الإنكار هنا هو الخوف من إثارة الحسد والخباثة. السعادة هي خلود الإسم أو السمعة (انّما المرءُ حديثٌ بعدَه؛ سعادت بقای نام نیک است). السعادة حظّ (جَدُّك لا کَدُّك)؛ أو علی عکسه السعادة سَعيٌ (الجِدُّ يُغني عنك لا الجَدُّ). السعادة هي المستقبل والبصیرة به (في الصیف ضیّعت اللبن وفي الفارسیة: جیک جیک مستونت بود فکر زمستونت بود) أو السعادة کما یقول الخیام النیشابوري هي الآن: خوش باش دمی که زندگانی این است خود حاصلت از عمر جوانی این است : كن سعيداً في اللحظة فالحياة هي، وهذه هي نتيجة شبابك وأمّا دینیّاً: فالدینُ یحدد شدة الفرح و کذلك أسبابه:
وکذلك السعادة لا يمكن التنبؤ بها علی الإطلاق: بالسعادة "إن شاء الله". والسعادة أبدية أو مستمرة: روحش شاد [لتكن روحه فرحا]؛ رحمه الله [أي بعد موته] ویکون وعاء الفرح في الدنیا قلب الانسان أو جسمه ولکن في الآخرة فالروح.
النتيجة هناك العديد من الاستعارات المفاهيمية حول الشعور بالفرح في اللغتين الفارسية والعربية ولكن يبدو أن استعارات العلو والنور والوعاء لها أهمية أكثر لتصور السعادة. فيما يتعلق باستعارة "الفرح فوق"، فهذه الاستعارة بالفارسية غالبًا ما تعني "الاستعداد للطيران"، على سبيل المثال، "دارم بال در میآورم" (يکاد أن ينبت الأجنحة عليّ من الفرح)، بينما في اللغة العربية، "الطائر يطير"، مثل "أطير بجناح السرور مرحا"، مما يدل على أن "المسافة من الأرض" في اللغة العربية يمكن أن تكون أكثر وضوحًا من اللغة الفارسية. و حول استعارة "الفرح نور"، تظهر اللغة العربية تفصيلاً أكثر للتعبير عن معاني الاستعارة. يمكن أن یعود السبب إلى الطبيعة الاشتقاقیة لهذه اللغة والتي وفرت قدرة معجمية دلالية ممیزة مقارنة بالفارسية وادعاءً بسائر اللغات غيرالاشتقاقية: ألف. في العربية: اشرق، برق، لمع، أضاء، أشعّ، تلألأ، تهلّل، ومض، بصّ، بلج، أشعّ ب. في الفارسية: درخشید، برق افتاد، روشن شد. فيما يخص استعارة "الفرح سائل داخل الوعاء"، نری أن استخدام استعارة "الوعاء" للتعبير عن السعادة أمر شائع في كلتي اللغتين ولکنه یلاحظ أن الأمثلة اللغوية "الخاصة" لهذه الاستعارة، هي أکثر تنوعا مقارنة بالعربیة. لأن هذه الاستعارة في الفارسية تبتعد عن مستواها العام وتحمل المزيد من الإحداثيات الدلالیة، على سبيل المثال، عبارة "قند توی دلش آب میشه" [تذوب حبة السكر في قلبه]، تستخدم في المواقف التي يجعل فيها شيء ما یشعر الإنسان بشوق وإثارة کثیرة وكأنّ لعاب قلبه یسیل ويذیب حبة السكر وتصبح مذاق القلب حلوة هکذا؛ أو عبارة "ته دلش غنج میرفت" [تململ أعماق قلبه بدلال وتمیل الی الإغماء شوقا]، تستخدم للتعبير عن الفرح الذي يسببه الشوق والحنین. لكن الأمثلة العربية لاستعارة "الفرح سائل داخل الوعاء"، تظهر غالباً على المستوى العام للغة، مثل: وجدته قد امتلأ فرحاً، و لكي تعبر عن الفرح الذي يملأ قلبها. والجدير بالذكر أنّ بيانات هذه الدراسة تؤكد ما قاله يو (1995:77)«عندما يكون الجسد وعاءً، يُرى سائل الفرح الذي يفيض، بسهولة أكبر مما لو كان القلب وعاءً، لأن القلب عضو داخلي»، فعلى سبيل المثال، في مصطلحات مثل "قند توی دلش آب میشه" يتمّ استخدامها بشكل أساسي في المواقف التي لا يكون فيها الفرح والسعادة واضحة جداً بسبب بعض القيود الثقافية أو الفردية فلا ينوي الشخص رد فعل واضح. أو في عبارة "لكي تعبّر عن الفرح الذي يملأ قلبها" نرى بوضوح أن إمتلاء القلب بالفرح ليس واضحاً فذکرت في العبارة [لكي تعبّر عن ...]، ولكن في "وجدته قد امتلأ فرحاً"، یری المتحدث أو المراقب أن الشخص سعيد وسعادته واضحة. كذلك نظرًا إلی تنوع العبارات الفارسية لاستعارة "القلب" كوعاء للسعادة والتردد العالي لاستخدامها، يمكننا أن ندعي أنّ مظاهر اللغة الفارسية تدلّ علی سمات ثقافية انطوائية أكثر مقارنة بالعربية، لأنِّه في العربية يلعب "جسد الفرد" ككل علاوة علی "القلب" دوراً رئيسياً في التعبير عن الفرح. كما أنّه قد يشير بعض المصادر التي استخدمت بداية إبداعها لتصور الفرح الناتج عن النشوة في الفارسية، إلى وجود بعض القضايا الاجتماعية في فترة ما وسرعة نشر مثل هذه التعبيرات إلى المجتمع. ويمكن القول إنّ الفارسية لديها تنوع أكبر في مجال المصدر المتعلق بـ "الحيوانات" مثل هُما والحجل والديك والفأر والحمار بالإضافة إلى مجالات المصدر المرتبطة بـ "الأجهزة والآليات": "كيفش كوكه" [آلته الموسيقية مضبوطة] و"بزن روشن شي" [حقِّن ...، حتي يتمّ تشغيل سيارة حالك]. کذلک، لا ينبغي التغاضي عن دور الثقافة الممیزة لكل من هذه اللغات في خلق أنواع مختلفة من الاستعارات اللغوية الخاصة مثل "أصبحتُ ﻻ ﺗﻘﻠﻨﻲ کواهل أرﺿﻲ ﻣﺮﺣا" حيث يتمّ تصور الفرح من خلال "الثقل"، ويبدو أنها واحدة من الاستعارات الخاصة باللغة العربية؛ كما أن استعارة "الفرح حبة سكر في القلب" ليس لها مثيلا في اللغة العربية. بالنسبة إلی الأنماط المعرفية للفرح فهي نفسها تقريباً في كلتي اللغتين، ولكن نظراً لبعض المفاهيم العرفية والدينية الشائعة في الثقافتين العربية والفارسية مثل: السعادة حظّ أو کَدٌّ؛ السعادة هي الحضور في اللحظة أو التطلع إلی المستقبل؛ الضحك الکثیر نذیرُ شؤمٍ؛ الفرح مرغوبٌ من الأفضل أن يكون كامناً في القلب؛ السعادة هي وضعیّات الجسم کالجبین أو الکفّ (مکتوب علی جبينه أو في کفّه) والمزاج (فالسوداویّون لیس المرح من طبیعتهم) والجنس فالفرح السلوکي أكثر ذكوريا (وأفضل للمرأة أن لا تضحك بصوت عالٍ). کذلک الدین یحدد شدة الفرح وأسبابه فیجب أن يحافظ المسلم على اعتدال حاله ولا يصل إلى حد الكبرياء من الفرح، ویجب أن یفرح بفضل الله وبرحمته وهو خير ممّا يجمع. وهذه التعلیمات الدینیة تؤدي إلى تحدید الأنماط القيمة أو غير القيمة کالسعادة الحقيقية أو غیرها. وأخیرا النمط اللغوي "بالسعادة إن شاء الله" و"رحِمه الله" على التوالي، تصور السعادة على أنها "لا يمكن التنبؤ بها علی الإطلاق" وأنها "أبدي لاتنتهی بنهایة العالم الحاضر".
[1]. يمكن اعتبار الابتهاج والسرور والسعادة والغبطة والحبور بالعربية مرادفات للفرح؛ كما انه يعتبر "خوشحالي" و"خوشبختي" و"سعادتمندي" كمرادفات لـ"شادی" في الفارسية. [2]. Theory cognitive metaphor [3]. Lakoff & Johnson [4]. إنّ الفرح/ السعادة هي من المشاعر التي درستها في رسالتي للدکتوراه.
[5].The revised standard theory [6]. Zoltan Kovecses [7]. القنوات مثل العربية، الإخبارية، اس بي سي والمواقع كمدرستي. جدیر بالذکر أنّه من بين المصادر المذكورة، كان الأكثر استخدامًا لـ "المنجد في اللغة العربية المعاصرة" والقاموس الفارسي العامي (فرهنگ فارسی عامیانه). [8].conceptualization [9]. Ahmad Elsharif [10]. Metaphorical Conceptualization of Happiness and Anger in English and Arabic [11]. Metaphors We Live By [12]. E. Sweetser [13]. M. Turner [14]. conceptual correspondence [15]. Mapping [16]. ومن معاني الذوق في الفارسية هو الفرح. [17]. اضافة إلی "علو" أو "فوق"، تُفهم السعادة بالیمین أیضا مثل: این خوش یُمنه أو سنة یُمن، وندرة ما يتم تصورها بالأيسر کذلک: ﴿إنّ مع العسر یسری﴾ (الشرح: 6)، فالسعادة في هذه الاستعارات هي اتجاه. [18]. حسب رأي لاكوف (1993م) «قد يعبر جزءان مختلفان من التعبير اللغوي عن تطبيقين مختلفين، يسمى هذا الوضع التطبيق المتزامن.» (مولودي وكريميدوستان، 2017م: 18) على سبيل المثال، في جملة "بلغ الفرح حد الجنون"، تقوم الأقسام الثلاثة للعبارة وهي "بلغ" و"حد" و"الجنون" بتفعيل مجالات المصدر الثلاثة، "الحياة"، "المادة في الوعاء" و"المرض" على التوالي. أو في مثال آخر "كنت أطير من البهجة"، بتفعيل مجالات المصدر "فوق" و"الحیوان". [19]. جاء في القرآن الكريم: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ (اسراء: 37) [20]. الديك هو أحد الطيور التي تعيش دائمًا في البيئة المعيشية للإنسان وقد تم استخدامه وتوظيف خصائصه لتصور مواضيع مختلفة، مثل صياح الديك لإعلان الفجر والظهيرة. ففي عبارة "حجلته تصيح مثل الديك"، نظرًا لأن صوت الحجل جميل وتغريده علامة على الربيع والمزاج الجيد لهذا الطائر، فيمكن أن يكون الحجل رمزًا للسعادة، لكن الصوت الجيد لهذا الطائر لا يستطيع أن يعبر عن السعادة الغامرة بسبب صوته الهادئ نسبيًا، ولهذا السبب من أجل إبراز شدة السعادة ومظاهرها الواضحة، يتم استخدام صياح الديك، وكأن حالة الشخص المسرور والسعيد حجلة تصيح مثل الديك. [21]. أي أنه سعيد جدًا بما حدث له، يمكن ذكر عدة معانٍ لهذه العبارة، 1؛ فعندما تعثر الفئران أو السناجب على حبة الجوز، وبسبب اهتمامها الكبير بها، فإنها تحاول كسر الجوز بذيلها، وهي سعيدة جدًا لدرجة أنها لا تلاحظ أن هذا الذيل الناعم لا يستطيع كسر الجوز الصلب. وهكذا يستخدمون هذا المثل عندما يشعر الإنسان بفرحة شديدة لدرجة أنه يغلق عينيه عن الحقيقة. أي أنه سعيد للغاية لدرجة أنه لا يعرف ما يفعله؛ 2: هناك معنى آخر للعبارة التي تكون فيها "شدة السعادة" بارزة بشكل خاص، وهو أن الشعور بفرح عظيم يطلق الكثير من الطاقة بحيث يمكن للشخص القيام بأشياء لا يمكن له القيام بها في الوضع طبيعي إلا بصعوبة بالغة، ويكون توقع النجاح فيه، على عكس الظروف العادية، ليس بعيد المنال، مثل حيوان سعيد يقفز كثيرًا من السعادة لدرجة أنه يكسر الجوز بذيله. [22]. خر: الحمار و كيف: الفرح، و"خر كيف" أي شعر بسعادة بالغة. ومن معاني كلمة "حمار" في الفارسية "كثير"، فمثلاً بالنسبة لطالب ذكي متفوق، يقولون: "خَرخوان" أي كثير القراءة، يدرس كثيراً. يمكن أن يكون لتعبير "خركيف" أيضًا معنى ازدرائي وتحقيري. [23]. جَرَّ أذياله علی الأرض: تبختَرَ. (مجموعة من المؤلفين، لاتا: 519) [24]. تستخدم عبارة "عيني مشرقتان" بالفارسية أيضًا بشكل ساخر وهجومي، موجهة إلى شخص يفعل شيئًا غير سار بشكل غير متوقع. (نجفي، 1387ش: 579) [25]. جدير بالذكر أن تعبير "امتلاء القلب" بالفارسية دون ذكر المجال الهدف، هو التعبير عن الاستياء والحزن: دلم پُره [قلبي ممتلئ] أي من الحزن. [26]. "الذقن" في العربية و"اللحية" في الفارسیة (به ریشش خندید)، هي التجسيد الثقافي لسمعة الفرد وشخصيته. [27]. جدير بالذكر أن الأجهزة والآليات مثل (السيارة) هي إحدى المجالات المصدر الشائعة في اللغة الفارسية کما مرّ في النموذج المذکور وكذلك في: بزن روشن شی [حقِّن ...، حتي يتمّ تشغيل سيارة حالك] أي اِستخدِمْ هذا لتفرحْ. تمّت صياغة هذا المصطلح في البداية لوصف الفرح الناتج عن النشوة التي يسببها التخدير (حقِّن المخدرات في الوريد لتتحسن). ولكن عندما أصبحت شائعة بين عامة الناس، لم تعد تنقل المفهوم البدائي بل توسّع مجازیا للتعبير عن الاستمتاع والفرح باستخدام شيئاَ، علي سبيل المثال: "يه چایی/ كبابي به رگ بزنيم" [هلا نحقّن شاياَ/ كباباً في وريدنا] أي هلا نشرب شايا أو نأكل كباباً لنستمتع وتصیر حالنا جیدا. ومن الأجهزة الأخری لتصور الفرح هي (الآلة الموسيقية) مثلا في: کیفش کوکه [آلته الموسيقية مضبوطة] أي سعيد للغاية، وكذلك في "بیا خودت رو ساز کن/ بساز" [تعال واضبط آلتك الموسيقية]، تمّت صياغة هذا المصطلح أيضا في البداية لوصف الفرح الناتج عن النشوة. [28]. related concepts | ||
مراجع | ||
القرآن الكريم
راسخ مهند، محمد. (1393ش). درآمدی بر زبانشناسی شناختی: نظریهها و مفاهیم. ط 4. طهران: سمت.
زور ورز، مهدیس و آزیتا افراشی و سید مصطفی عاصی. (1392ش). «استعارههای مفهومی شادی در زبان فارسی: یک تحلیل پیکرهمدار». مجلة زبانشناسی و گویشهای خراسان. جامعة فردوسی مشهد. السنة الخامسة. العدد 2. صص 72-49
صراحی، محمد امين. (1391). بررسی مقابلهای استعاره در زبانهای فارسی و انگلیسی براساس نظریه استعارههای مفهومی. رسالة دکتوراه في زبانشناسی همگانی. اصفهان: جامعة اصفهان.
کوِچش، زُلتن. (1398ش). مقدمهای کاربردی بر استعاره. ترجمه: شیرین بورابراهیم. ط 2. طهران: سمت.
مجموعة من المؤلفين. (لاتا). المنجد في اللغة العربیة المعاصرة. بیروت: دارالمشرق.
محمدیان، عباس و مجید فرحانیزاده. (1397ش). «استعاره مفهومی شادی در دیوان شمس». دو فصلنامه علمی پژوهشی مطالعات زبانی و بلاغی. السنة التاسعة. العدد 18. صص 350-319
ملکیان، معصومه و فرهاد ساسانی. (1392ش). «بیان استعاری غم و شادی در گفتار روزمره». مجلة پژوهشهای زبان شناسی تطبیقی. السنة الثالثة. العدد 5. صص 139-113
مولودی، امیرسعید و غلامحسین کریمیدوستان. (2017م). «رویکرد پیکره بنیاد به استعارههای شناختی در زبان فارسی: مطالعه حوزه مقصد ترس». فصليّة هنر زبان. مستمر 2. العدد 4. صص 40-7
نجفی، ابوالحسن. (1387ش). فرهنگ فارسی عامیانه. ط 2. طهران: نیلوفر.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 756 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 166 |