تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,264 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,898 |
تحليل شخصية بطلة سووشون من منظور هرم ماسلو | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 1، دوره 11، شماره 44، خرداد 2022، صفحه 9-30 اصل مقاله (301.04 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسنده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
سپیده سپهری* | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أستاذة مساعدة في اللغة الفارسية وآدابها، فرع رودهن، جامعة آزاد الإسلامية، رودهن، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
يمكن نقد رواية سوشون للروائية الإيرانية سيمين دانشور، من زوايا مختلفة. وبما أن هذه الرواية تصوّر حياة عائلة إيرانية ذات أعباء ثقافية وعاطفية غنية في أكثر الظروف الاجتماعية خطورة، فقد تطلب الأمر إلى دراسة الرواية في مجال علم النفس الإنسانيHumanistic psychology، خاصة أنه يمكن أيضاً دراستها من خلال التأكيد على نظرية أبراهام ماسلو. في هذا المقال، قامت الباحثة بدراسة الشخصية الأنثوية الرئيسة في رواية سوشون بطريقة وصفية تحليلية بناءً على نظرية ماسلو. وبحسب نتائج هذه الدراسة، بما أن بيئة النمو والتحول أصبحت معدومة في القصة، وازدهار البطلة الأنثوية ووجود زوجة ثورية وحرة، كان ساعد على تنشئة شخصيتها الداخلية وتنميتها لتحقيق الكمال البشري، لذلك، فإن تطور شخصيتها بمراحل مختلفة ينطبق مع هرم ماسلو ودراسته من هذا المنظور. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الرواية؛ سيمين دانشور؛ سووشون؛ نظرية أبراهام ماسلو | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
لا شك في أن علم النفس والأدب مرتبطان ارتباطًا وثيقًا؛ أولاً أن كل نصّ خيالي يولد من عقل مبدع، وبطريقة ما هو خلق يأتي من داخل وعقل خالقه؛ لذلك، يمكن أن يكون مصدراً وإلهاماً ونتيجة محذوفة من نفسية الكاتبة وعقلياتها وحالاتها النفسية. والآخر، هو أن كل نص أدبي - وخاصة القصة - يتكوّن من بطل الرواية وشخصيات أخرى، ويعتقد العديد من المفکرین أن بطل القصة، هو انعكاس لحياة المؤلف؛ ثالثاً، إذا اعتبرنا أن إحدى خصائص الأعمال الأدبية هي خلق سلبية عاطفية لدى الجمهور، فإن التأثير النفسي للعمل الأدبي على جمهوره يُظهر الارتباط الوثيق بين علم النفس والأدب. في السنوات الأولى من سبعينيات الهجري الشمسي، بالتزامن مع توسع وازدهار ترجمة النظريات والأفكار الجديدة في إيران، شقّ التحليل النفسي الجديد ووجهات النظر الجديدة طريقه في علم النفس أيضاً ودخل في بؤرة اهتمام المترجمين. وبهذه الطريقة، دخلت هذه النظريات حيّز نقد وتحليل القصص المعاصرة، وحاول بعض المحققين استخدام آراء ونظريات التحليل النفسي الغربية في تحليل الأدب، وخاصة القصة. کانت نظرية آبراهام ماسلو من جملة هذه النظريات. تتحدث هذه النظريّة عن سلّم أولويّات الإنسان المختلفة، والتي تأتي في مواضع مختلفة من السلم. يشكل الاهتمام بسلّم أولويّات الإنسان من الاحتياجات وسمات النمو الشخصي للأفراد من أهم ما تناوله ماسلو في بحثه. وفقاً لماسلو، فإن كل شخص لديه ميل فطري لتحقيق النمو الذاتي، وهو أعلى مستوى من الكمال البشري. في هذا الخطاب، تعتزم الباحثة دراسة البطل الأنثوي الرئيس في رواية سووشون معتمدة المنهج الوصفي التحليلي والمكتبي على أساس السلّم الهرمي البشري المأخوذ من هرم ماسلو. سيمين دانشور هي أول روائية في الأدب الفارسي تنافس رواة القصص من جيلها، وجميعهم من الجنس الآخر من حيث القيمة والمصداقية. حاولت الكاتبة أن تتطرق إلى النساء في قصصها. غالباً ما تكون النساء في قصصها ديناميكيات ومؤثرات. أسئلة البحث في هذا الحديث نحاول الإجابة على الأسئلة التالية: هل تغيرت شخصية البطلة في هذه الرواية، وإذا كان الأمر كذلك، فإلى أي مدى؟ ما هي العوامل التي تجعل بطل الرواية يتطور من أساسات الهرم إلى قمته حتى تتحقق الذات أو النمو الشخصي للذات؟ في أي سلم من هرم ماسلو تسجل شخصية البطل حضوراً أكثر وتكون أكثر ثباتاً؟ فرضيات البحث إن بطلة هذه الرواية شخصية ديناميكية تتأثر بعوامل سياسية واجتماعية وعائلية مختلفة، فحضور زوج مقاوم، وحكيم كالدكتور عبدالله ومك هاون، وقبل كل شيء الشخصية الحساسة والروح المتمردة، يجعلها تتمتع برحلة داخلية وشخصية مميّزة. من بين المستويات الخمسة لهرم ماسلو، المستوى البيولوجي، الأمني، الاجتماعي - المصداقية وتحقيق الذات – تجلى المستوى الخامس الذي يأتي في أعلى الهرم وهو تحقيق الذات؛ تجلى أكثر من أي شيء آخر في شخصية "زري"، بوصفها الشخصية الرئيسية. موضوع البحث يمكن دراسة الأعمال الفنية، وخاصة القصص والسرد المحذوف، من زوايا مختلفة؛ من بين هذه الجوانب تحليل محتوى العمل وتحليل الشخصيات. تهدف الباحثة في هذا المقال إلى تحليل الشخصية الأنثوية الرئيسة "زري" في رواية سووشون لسيمين دانشور، بناءً على نظرية ماسلو في علم النفس الإنساني، لمعرفة مدى تحقيق هذه الشخصية الكمال الذي حققه ماسلو. وهل كانت الظروف مؤاتية للبطل للانتقال من الازدهار الجسدي إلى الذهني والروحي أم لا؟ لأن أحد المؤشرات المهمة في تشكيل ورسم شخصية كل إنسان، بما في ذلك البطل، وخاصة في القصص الواقعية، هو المجتمع وبيئة النمو والتنمية. يمكن القول إن سيمين دانشور، هي من أوائل رواة القصص الذين تخرج المرأة تدريجياً من قوقعتها التقليدية والقديمة في أعمالها، ويظهر وجهها الاجتماعي وميلها إلى تحقيق الكمال؛ لتصوير مثل هذه الشخصية، تصور الكاتبة بعناية ودقة ثابتة فضاء القصة والبيئة الاجتماعية، وهو فضاء مليء بالصراعات السياسية والاجتماعية، والاختلافات الطبقية، والتأثير الأجنبي، وارتفاع انعدام الأمن الاجتماعي، وما إلى ذلك، مما يجعل القارئ ينسجم مع القصة. ويشعر القارئ أنه يتنفس أيضاً ويعيش في نفس المكان. لذلك، فإن تحليل شخصية البطل، وهي شخصية الأنثى، بالنظر إلى وصف مثل هذه البيئة وأساس نظرية ماسلو، عمل له ما يبرره وهو ممكن على أقل تقدير. خلفية البحث هناك العديد من المقالات والبحوث أنجزت حول مطابقة نظرية ماسلو مع الشعراء وبعض الرواة، نشير إلى بعض منها؛ نشر محمد مهدي شريع باقري، في العدد الثاني والثلاثين من مجلة الدراسات النفسية، مقالاً بعنوان «مطالعة تطبیقی نظریات مولوی ومزلو دربارة انسان سالم و کامل» (دراسة مقارنة لنظريات الرومي وماسلو حول الإنسان المثالي) يقارن فيه نظريات وأفكار الرومي وماسلو في هذا المجال، وقد خلص إلى أن كلا المفكرين، على الرغم من المسافة الزمانية والمكانية البعيدة والأصول الفكرية المختلفة، لكنهما يعتقدان أن تحقيق الكمال البشري ممكن للجميع. توصل كل من زينب نوروزي وعلي رضا إسلام ومحمدحسين كرامي في مقال بعنوان «بررسی شخصی بهرام در هفت پیکر با توجه به نظریة مزلو» (دراسة شخصية بهرام في "الکواكب السبعة" حسب نظرية ماسلو) نُشر في العدد الرابع من كتاب الأدب الفارسي، من خلال مقارنة شخصية بهرام في أعمال الشاعر نظامي، مع مكونات تحقيق الذات لماسلو في هفت پیکر (الكواكب السبعة) لقد توصلوا إلى استنتاج مفاده أن أساس تفكير نظامي في هذه القصة، هو الكمال والتميز وتحقيق الذات التدريجي لشخصيات القصة خاصة بهرام غور في البعدين المادي والروحي. ويتفق نهج نظامي گنجوی هذا مع نظرية ماسلو. فاطمة بركات وسعيد حاتمي في مقال بعنوان «تحلیل شخصیتهای اصلی در ده داستان کوتاه صادق هدایت برمبنای نظریة مزلو» (تحليل الشخصيات الرئيسة في عشر قصص قصيرة لصادق هدايت على أساس نظرية ماسلو) نشر في العدد التاسع والعشرين من مجلة الدراسات الإيرانية بجامعة شهيد باهنر في كرمان، توصّلا إلى أنه لم يتمّكن أي من أبطال القصص من تحقيق الذات من خلال التغلب على حواجز بيئتهم المعيشية، وهذه الحقيقة تشير إلى انتشار الفوضى في المجتمع الإيراني في فترة حياتهم. ضرورة البحث وأهميته يصوّر هذا الخطاب دور وتأثير الظروف البيئية والأسرية على تطور الشخصية الأنثوية الرئيسة في قصة "سووشون" بناءً على إحدى أحدث النظريات وأكثرها تأثيراً في علم النفس الغربي المعاصر. من الواضح أن نتائج مثل هذا البحث المحذوفة في مجالات علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم النفس والبحث الأدبي والتاريخي، يمكن أن يكون مفيداً للباحثين في هذه المجالات؛ سيمين دانشور بصفتها امرأة متعلمة، ألقت أثناء التعرف على أدب العالم الحديث ووجهات النظر النفسية من خلال ترجماتها المختلفة، نظرة نقدية على وضع وظروف النساء الإيرانيات في البيئة المتوترة للمجتمع الإيراني في تلك السنوات وسعت إلى إخراج المرأة الإيرانية من المنزل ومعالجة إمكاناتها العالية للنمو الروحي والنمو الشخصي. شرح هرم ماسلو هذا الهرم هو نظرية أبراهام ماسلو المنظر الكلاسيكي للإدارة حول الاحتياجات البشرية الأساسية. هذه النظرية لها أهمية خاصة بين الرؤى المكتسبة من حركة العلاقات الإنسانية في الإدارة في الفترة التي تزامنت مع الكساد الكبير الذي واجهه الغرب وهي نظرية أساسية. هذه النظرية هي إحدى نظريات المحتوى للدافعية (نظريات الحاجات). تصف نظريات المحتوى ماهية السلوكيات المحفزة وتتعامل بشكل أساسي مع ما يجري داخل الفرد أو بيئته وتعزز سلوك الفرد؛ «بمعنى آخر، تمنح هذه النظريات المدير نظرة ثاقبة لاحتياجات موظفيه وتساعده على معرفة ما يقدره الموظفون كمكافأة أو إرضاء ... .» (شولتز، 1369ش: 217) يعتقد ماسلو أن أولويات الإنسان من الاحتياجات لها تسلسل هرمي يتأثر فيه سلوك الأفراد في لحظات معينة بالاحتياجات الأكثر ضرورة. عندما تبدأ الاحتياجات في الإشباع، تظهر لدى الشخص رغبات في تحقيق مستوى آخر من الحاجات هي التي تحفّز سلوكه. وهذه الاحتياجات تبلغ ذروتها خلال التدرّج حتى نهاية السلم وهكذا تعطي دورها إلى ما بعدها.
حددت نظرية ماسلو الاحتياجات الإنسانية إلى خمس فئات على شكل هرمي:
إن هذه الاحتياجات من وجهة نظر ماسلو فطرية ذاتية إلا أن طريقة إشباعها مکتسبة «من المؤكد أن تلبية احتياجات قمة الهرم تتطلب تلبية احتياجات آسفله.» (المصدر نفسه: 173) على سبيل المثال، الشخص الذي لا تُشبع احتياجاته الفسيولوجية يتردد في إشباع الحاجة إلى التقدير والاحترام، وتتركز معظم أنشطته على هذا المستوى، وبقية الاحتياجات تمنحه القليل من الحافز. أظهر ماسلو أن تحقيق الذات له مكانة عالية في التسلسل الهرمي من بين الدوافع البشرية؛ فهو فوق الدوافع البيولوجية، من الحاجة إلى الشعور بالأمان وحتى الحاجة إلى الحب. «يعتقد ماسلو أن الحافز السائد لدى الإنسان هو احتياجات النقص التي تبنع من شعوره بالنقص؛ لكن تحقيق الذات هو من احتياجات النمو لإشباع القوة الإيجابية في الوجود. ووفقا لماسلو، على الرغم من أن تحقيق الذات يعتبر نزعة فطرية، إلا أنه دافع ضعيف مثل الهمس في الداخل أو الصوت الهادئ، لذلك من الأفضل أن تكون حساساً لهذا الصوت الهمس أو الصوت الهادئ.» (فرانك، 137ش: 120)
ملخص رواية سووشون زري ويوسف يحضران حفل زفاف فتاة الحاكم. وبحضوره في عدد قليل من حفلات الزفاف، أصبح المغني على دراية بالظروف الاجتماعية في عشرينيات القرن الثالث عشر. في خضم السنوات التي نشر فيها البريطانيون قواتهم في بلاد فارس وجلبوا حرباً غير مرغوب فيها تسببت في الجوع والمرض، زاد الحاكم الطين بلة في المجاعة ببيع طعام الناس للجيش الأجنبي. يوسف خان المثقف القائم على القيم المحلية، يرفض بيع المؤونة لجيش أجنبي وكرّس جهوده لخدمة الشعب وحمايتهم. تحاول زري، تهدئته شأنها في ذلك شأن جميع النساء في سووشون، اللاتي يحاولن بشكل سلمي تهدئة حتى الشخصيات السلبية مثل عزة الدولة، وهنّ يمثلن أشكالاً مختلفة من القهر والعجز والفشل والتضحية والتسامح مع المرأة الإيرانية. اثنان من خانات القشقايين وهما ملك رستم خان وملك سهراب خان اللذان أغراهما المحتلّون، جاءا إلى يوسف لشراء المؤونة وبيعه للبريطانيين وشراء الأسلحة ومحاربة الجيش الإيراني. لكن يوسف يرفض التعاون معما على حساب الشعب. جاءا من منزل الحاكم ليأخذا حصان خسروه نجل يوسف إلى ابنة الحاكم. فتطلب العمة -أخت يوسف- وزري المساعدة من عزت الدولة لاستعادة الحصان. تصور زيارة زري للمدينة وجه مدينة تعاني من التيفوس والدعارة وانعدام الأمن في ذهن القارئ. جولة منها في المصحة النفسية والسجن تُطلعنا على المآسي التي دمّرت حياة الناس. تعلم زري درس الصمود بإلقاء اللوم على يوسف وسرعان ما تعارض طلب عزت الدولة. في يوم من الأيام يأتون بجثمان يوسف: بهذا دمّر المحتلون رمز المقاومة. وبوفاة يوسف تزيل الشكوك من وجود زري وتتغير نظرتها للحياة. «أردت تربية أطفالي بالمحبة وفي بيئة هادئة. لكني الآن عليّ أن أربّيهم مع الحقد والنفور.» عندما قال الدكتور عبد الله خان ذلك العجوز الحكيم لزري: «إن جسم الإنسان هش ولكن لا توجد قوة في هذا العالم توازي قوته الروحية بشرط أن يكون لديه الإرادة والمعرفة»، اکتمل تحوّلها أكثر من ذي قبل. «بریق من الأمل أضاء وجودها. وأصبحت متيّقنة بأنها سوف لن تخاف من أي شخص أو أي شيء في هذا العالم.» فأصبحت على دراية من تعاملاتها مع المجتمع. وعلى الرغم من محاولتها في البقاء على الهامش في ظل معاناة الناس إلا أنها تجد نفسها في قلب الأحداث. رائحة الحب والسهول الجميلة لبلاد فارس عطرت رواية سيمين دانشور. تتذكر زري امرأة قبلية أخبرتها عن مراسم سووشون (حداد سياوش). وكأن يوسف هو سياوش حين كان وحده محاصراً بين عدد كبير من الأعداء. الفصل الأخير من الرواية، هو وصف قوي لجنازة يوسف وأحد أكثر الأوصاف فعالية لحركة الناس في الأدب الإيراني المعاصر. حيث إن تشييع الجنازة تتحول إلى مظاهرات مناهضة للشعب ضد الاستعمار واشتباكاتهم مع قوات الأمن. دفن جثمان يوسف ليلاً، وكتب مك ماهون تعزية مؤملة لزري: «لا تبكي يا أختي، هناك أشجار ستنمو في بيتك، ثم في مدينتك وأشجار كثيرة ستنمو في أرضك. وتنقل الريح رسالة كل شجرة إلى شجرة أخرى، وستسأل الأشجار الريح: ألم تر الفجر (النور) في طريقك الذي أتيت منه؟
تحليل شخصية بطلة الرواية بناءً على نظرية ماسلو "زري" في رواية "سووشون" هي امرأة، درست في الثانوية الإنجليزية، بالإضافة إلى معرفتها الكاملة باللغة الإنجليزية، اكتسبت أيضاً معرفة قصيرة بالأدب الغربي، وبزواجها من مثقف مثل يوسف ظهرت في بيئة التواصل الاجتماعي من حوله، ومن هنا ابتعدت عن الدور التقليدي للمرأة الإيرانية، وخلال الرواية ابتعدت عن هذا الدور من خلال التأثير تدريجياً بعوامل مختلفة ومتعددة محذوفة فدخلت المجتمع والفعاليات الاجتماعية. على الرغم من أن رواية دانشور تختص بسنوات الحرب العالمية الثانية في إيران وتدور حول فئة لها أعلى نسبة حضور في الروايات الإيرانية (المثقفون أو بشكل عام أولئك الذين يعيشون أو يفكرون بشكل مختلف عن عامة الناس)، ولكن ما يجعل سوشون يُرى ويقرأ، حسب الباحثة، هو الحضور القوي للمرأة، وخاصة زري –كونها تمثل مجموعة من النساء في المجتمع الإيراني- في تلك الحقبة. تتمتع مكانة المرأة بميزة خاصة في الأجواء المضطربة والمتوترة السائدة في بيئة القصة. لأن العديد من المطالب، ولو على نطاق محدود، كانت موجودة بين الرجال منذ العصر الدستوري، وكان لدى الرجال دائماً هذه المطالبات. لكن للمرة الأولى، تواجه النساء أجواء جديدة بسبب التاريخ الطويل من التفكير التقليدي الذي جعل وجودهن في المجتمع مشروطا ًبالعديد من الشروط والأحكام. هذه المعرفة الخاصة التي توصلت إليها هذه الطبقة الاجتماعية تسببت في نشوء مطالب غير مسبوقة لدى النساء، وأهمها ما يمكن اعتباره حقوقاً متساوية للرجال والنساء، والحق في اختيار الزوج، والحق في اختيار الوظيفة، وما إلى ذلك. في غضون ذلك، نحن نواجه كاتبة كانت من أوائل النساء اللائي حصلن على تعليم أكاديمي في إيران وعلى دراية جيدة بالأدب الإيراني والغربي. تحاول هذه الكاتبة المفكرة- سيمين دانشور- تعريف القارئ بهذا النصف من الخلق من خلال معرفتها بالحركة الأنثوية وإعطاء صورة حقيقية عنها. تمثل "زري" كل النساء الإيرانيات اللواتي بسبب حضورهن المفاجئ وفي الواقع غزو الحداثة لإيران، علقن بين أفكار امرأة عصرية وامرأة تقليدية في إيران وتحاول ترسيخ علاقة المرأة بهاتين الظاهرتين بأفضل طريقة. طوال الرواية، تُروى هذه الرحلة التي سارت فيها زري بين عالم المرأة، الفرد والأسرة، والعالم الاجتماعي والثقافي. وفي هذا البحث نتطرق إلى هذا التحرك والسير نحو تطور الشخصية وفقاً لتسلسل هرم ماسلو:
الاحتياجات البيولوجية (الفسيولوجية): «تأتي الاحتياجات الفسيولوجية (الحاجة إلى الطعام والشراب والمسكن والراحة) في أدنى مستوى من هرم احتياجات ماسلو، وبالطبع لها الأولوية القصوى؛ كلما انخفضت الحاجة من حيث التسلسل الهرمي، زادت قوتها وقدرتها وأولويتها.» (ماسلو، 1367ش: 94) تعيش زري في عائلة من الطبقة الوسطى. شأنها في ذلك شأن أي امرأة أخرى، لا يمكن إنكار رغبتها في الرفاهية والغذاء والمنزل والأسرة؛ وهذه الميول تظهر في نظرتها إلى خبز زفاف فتاة الحاكم، أو ردها على المراسل مك ماهون حول الزفاف: «... وهي كانت واقفة تنظر إلى الخبز ... فكرت في نفسها، في أي فرن خبزوه؟ ما هي حجم قطعات العجين؟ كم من دقيق خالص استهلكوا؟ ... .» (دانشور، 1363ش: 2) تعود الأجواء الاجتماعية للقصة إلى عام 1320ش، السنوات التي نشرت فيها بريطانيا قواتها في بلاد فارس وشنت حرباً غير مقصودة تسبّبت في المجاعة والمرض؛ الحاكم الإيراني للمنطقة هو عميل للمحتلين، وأحدث الخانات والتجار المجاعة ببيع الطعام للجيوش الأجنبية. لذلك من الواضح أنه في مثل هذه الأجواء، يهتم الجميع، بما في ذلك بطلة القصة بحماية الأسرة والأطفال، بموضوع الماء والخبز ويصبح شغلها الشاغل. «ردت زري على جميع أسئلة طرحها المراسل، تحدثت عن كل شيء، عن الزفاف؛ حول المزهرية والشمعدان والمرآة الفضية والشال وخاتم الزفاف الملفوف في حزمة کشمیرية؛ عن الخبز والجبن والخضرة والحرمل... عن قطعتين ضخمتن للسكر أتوا بهما من مصنع في مرودشت من أجل حفل زفاف فتاة الحاكم، فستان الزفاف، غطاء الاسطوانة، عربة أطفال كانت في زاوية الغرفة ... .» (المرجع نفسه: 7) وهي كسائر النساء الأخريات، لديها تعلّقاتها المادية والعاطفية بممتلكاتها؛ عندما أرسلت أخت العروس رسالة إلى زري تقول فيها: «أمي تقول رجاء أعطني قرطك، حفل الخطوبة سيكون الليلة ويرسلونها إلى منزلك صباح الغد ...» (نفس المرجع: 7)، ارتجف صوتها: «هذه هبة ليلة زفافنا ... من والدة زوجي... .» (المرجع نفسه: 8) یعدّ الاهتمام بالزهور وقطفها أيضاً من الاحتياجات الأساسية للإنسان: «... كانت زري تحمل مقص الحديقة وتبحث عن أزهار لقطفها ... .» (المرجع نفسه: 56) وبالمثل، فإن الأعمال الروتينية اليومية، والتي تشمل الطهي، وقضاء الوقت مع عائلتها، والراحة، والمراجعة إلى الطبيب للتأكد من صحتها، والعناية بأطفالها وزوجها، كلها تشمل هذه الاحتياجات البيولوجية والتي رغم أنها بسيطة ولكنها مؤثرة في نفس الوقت في الوصول إلى مستويات أخرى من هرم الشخصية.
الحاجة إلى الأمان «وفقا لنظرية ماسلو، فإن متطلبات السلامة هي: الأمن والاستقرار والحماية والنظام والتحرر من الخوف والقلق.» (نبي لو، 1393ش: 117) «يعتقد إريكسون (1902-1994) أن الناس في كل مرحلة يواجهون صراعاً وهذه المرحلة ستكون نقطة تحول في عملية تنمية شخصيتهم. كما أنه يعتقد أن هذه التناقضات تركز على خلق جودة نفسية أو الفشل في إنشاء تلك الجودة. خلال هذه الفترة، تم إعداد الأرضية المناسبة للنمو الشخصي ومن ناحية أخرى للفشل ... .» (سياسي، 1371ش: 83-82) كما انخرطت "زري" في محذوفيات العلاقات والروابط الأسرية، فينشأ الخوف والقلق من فقدان الأمن الشخصي والعائلي؛ في وجودها؛ وفي مرحلة من حياتها، وعلى الرغم من كون زوجها حيويّاً ونشيطاً وثورياً، إلا أنها أصبحت تعاني من مشاعر متضاربة من الأمن حينا وانعدام الأمن حينا آخر والثقة مرة وعدم الثقة مرة أخرى والهدوء أحياناً ونفاد الصبر أحياناً أخرى، وفي أي لحظة تتوقع حدثاً مزعجاً في حياتها الأسرية. عندما يكون هناك خوف وانعدام الأمان وقلق وتوتر عاطفي في بيئة التنمية البشرية، فإن الشخص يواجه تجارب تؤدي إلى الشعور بعدم الأمان وانعدام الثقة وتقلل من الجرأة والشجاعة التي يتحلى بها الإنسان. فلا يقبل أن يخاطر في شيء وتصل قبول المخاطرة لديه إلى أدنى حد، ومن هنا يتصرف الإنسان بشكل يختلف عن سلوكيات الإنسان السوي. كزوجة وأم، فإن زري تحبّ بيتها ومتشبّثة بجدران منزلها وتعتبره مدينة لا ينبغي أن تتعرض للاضطراب أو الضرر أو العدوان من قبل الغرباء: كونها تعيش في عالم مضطرب من الحرب العالمية الثانية، فهي قلقة من تعكير صفو عائلتها ولا تريد أن تمس الحرب منزلها؛ لكنها تشعر أن الوضع في المدينة يهدد أمن وطمأنينة حياتها وأسرتها: «فلیفعلوا ما يريدون ولكن علیهم ألا يجلبوا الحرب إلى بيتي. ما يهمني أن المدينة أصبحت نفس حي مروستان ... مدينتي، بلدي، هذا المنزل؛ ولكنهم سوف يجلبون الحرب إلى بيتي.» (المرجع نفسه: 19) في یوم من الأیام، يصف أبوالقاسم، شقیق زوج زري، فرس خسروه التي تُدعى سحر، لحاكم شيراز، وتقع ابنة الحاكم في حب الفرس. يذهب الدركيّ إلى منزل يوسف ليأخذ الفرس. في البداية أرادت زري الوقوف في وجهه، ولكنها تفضل الصمت حفاظاً على أمن الأسرة وتأمر الغلام بإعطاء السحر للدركي. تحاول "زري" تهدئة زوجها الذي هو رمز للوعي القومي ويعارض البريطانيين بطرق سلمية. هي امرأة تفكر في الحفاظ على هدوء بيئتها في ظل الوضع الفوضوي للمجتمع. في الموسم الثاني، يعود يوسف إلى منزله مع ضابط مصاب ويقول عن تفشي مرض التيفوس في القرية، ويسيطر الخوف على وجود زري من تعرض يوسف للخطر. وهذه المخاوف تؤدي إلى أحلام مضطربة، وفي هذه الأحلام ترى يوسف كأنه سياوش آخر وتأخذ القصة بُعداً أسطورياً، وربما تصبح هذه نقطة تحول في مسار تطور شخصية "زري". ردّت على زوجها يوسف التي تعتبره متعلّقاً بمنزله: «نعم، هذه الدار مدينتي، وأنا أحب كل شبرٍ منها؛ التلة من خلفها، الشرفة حول المبنى، مجاري مياهها على كلا الجانبين، وشجرتي الدردار في الجزء الخلفي من الحديقة، بستان البرتقال الذي قمتَ أنت بزرع برتقاله بثمار واحدة كل عام ... .» (دانشور، 1363ش: 26) يعدّ الأمن الفردي حاجة أساسية لأمن المجتمع الإنساني؛ يعتقد إريك فروم، المحلل النفسي الألماني، «أن أهم صراع بشري هو الصراع بين الأمن والحرية. عندما يكون الشخص في وضع غير آمن ويكون خائفاً وقلقاً، فإن أهم شيء يبحث عنه هو الأمن.» (شاملو، ١٣٧٧: ٤٩) خلال الرواية، يحاول يوسف أن يجعل زري تفهم أنها "كإنسان" يجب أن تنحي جانباً مخاوفها و"تحتج" على الظروف غير المواتية. وحتى لأنها لم تفعل ذلك في حياتها، فإنه يحاطبها بالجبانة ويصفعها للمرة الأولى والأخيرة لاستسلامها وخوفها: وصفع يوسف زوجته وكانت هذه أول مرة يفعل ذلك، ولم تكن زري تعلم أنها ستكون المرة الأخيرة. قال آمراً: «اخرسي فأنتِ في غيابي مجرد فزاعة الحصاد لاغير!» (دانشور، ١٣٦٣ش: ١١٨) لدرجة أن يوسف أصيب بخيبة أمل من تحوّل زري و أن تنحي مخاوفها وقلقها جانباً: «تنهد يوسف وقال: لقد توصلت إلى هذه النتيجة أنني لا أستطيع تغيير شيء ... إذا كان الرجل لا يستطيع حتى التأثير على زوجته ... .» (المرجع نفسه: 122) على أية حال، إن الخوف والشعور بعدم الأمان یلاحقانها في كل الأوقات. إنها تخشى من أن يتعرض بيتها وعائلتها للخطر من أجل الفعاليات الاجتماعية التي يقوم بها زوجها بين الحين والآخر، وغالباً ما تعارض نضالات زوجها يوسف بسبب هذا الشعور بعدم الأمان والخوف من فقدان أحبائها. وهي دائما تتحلى باهتمام الأمومة تجاه عائلتها وأولادها: قالت زري وهي تبكي: «لا أعرف إلى أين ذهب... أعلم أن مكروهاً قد حدث لابني، لهذا عندما رأيت كيلو، أدركت أن هناك نقمة إلهية قد حلت بنا؛ نعم أرسل الله كيلو مكان ابني ... .» (نفس المرجع: 116) فأحلام زري المضطربة هي أيضاً نتيجة هذا الشعور بعدم الأمان والخوف من فقدان زوجها وأطفالها: «ذات ليلة رأت زري في منامها أن تنيناً برأسين قد ابتلع زوجها وهو يمتطي فرساً ابتلعته مع الفرس وهو كان يمتطيها؛ عندما نظرت، رأت تنيناً برأسين يشبه السر جانيت زينجر ... .» (المرجع نفسه: 237) وفي كابوس آخر: «... بعد ليالٍ رأت زري مرة أخرى أن الحاكم قد ألقى يوسف في فرن المخبز بيده ويوسف أصبح كالفحم، خرج من الفرن متحسساً متلمساً بيده... .» (نفس المرجع: 238) «في الليلة التالية، رأت زري في الصباح الباكر أن كيلو قد رمى منتصف جبين يوسف بالنّبال ... .» (نفس المرجع: 238) في جزء من القصة بعد استشهاد يوسف عندما أصبحت زري مضطربة عقلياً وهي قلقة من أن تكون مصابة بالجنون أخبرها الدكتور عبد الله الذي كان له تأثير كبير في التطور الفكري لزري ونمو شخصيتها: «أنتِ لستِ مجنونة، ولكن لديك مرض خبيث لم تشفي منه. إنه مرض معد .. سألت زري: السرطان؟ قال: لا يا عزيزتي. بل هو داء "الخوف والقلق" ... .» (المرجع نفسه: 285 - 284) الحاجات الاجتماعية (الحب والانتماء) بعد تلبية الاحتياجات الفسيولوجية والحاجة إلى الأمان، يأتي دور الجزء الثالث من هذا الهرم وهو احتياجات المستوى الأعلى. إن الإنسان كائن اجتماعي يحتاج إلى الانتماء والحب والارتباط والاحترام. يتم تلبية هذه الاحتياجات من خلال إقامة علاقة مُرضية مع الأصدقاء والعائلة وزملاء الدراسة والشركاء العاطفيين وما إلى ذلك. كما أن الاحتياجات الاجتماعية في هرم ماسلو تشمل الصداقات والعلاقات الرومانسية والأسرة والمجموعات الاجتماعية والمجموعات النقابية والمنظمات الدينية. من أجل الابتعاد عن القلق والخوف والاكتئاب، يجب على الإنسان أن يكون محبوباً وأن يقع في حب؛ تلعب العلاقات الشخصية مع الأصدقاء والعائلة دوراً مهماً في تلبية هذه الاحتياجات. في رواية سووشون نرى زري مع جوانب اهتماماتها الاجتماعية والعاطفية، فهي تحب زوجها كثيراً ومتشبعة بحبها وعاطفتها من قبله: «... ابتسم يوسف وقال: صوتك رقيق كالمخمل وكتهويدة .. وبهذا الكلام الذي تفوّه به يوسف تورّدت خدود زري ... .» (نفس المرجع: 27) تقول زري نفسها رداً على ابنها الذي يتحدّث عن حبه للفرس (سحر): «المحبة ليست عيبا؛ المحبة تنير القلب؛ لكن البغض والكراهية يجعل قلب المرء قاسياً. إذا كان قلبك اليوم مليئاً بالحب، فغداً عندما تكبر، ستكون على استعداد لتحبّ الأشياء الجميلة في هذا العالم. قلب الانسان مثل بستان مليء بالبراعم. إذا كنت تسقي البراعم بلطف، فسوف تنمو وتنفتح؛ وإذا إذا كنت تكرهها، فستذبل البراعم ... .» (نفس المرجع: 29) في هذه الأثناء تزين زري نفسها، مثلها مثل عدد لا يحصى من النساء في العالم، لكي يلتفت إليها زوجها: «... لهذه اللحظة، كانت زري تلف الحلوى بالخبز مع خادمتهم خديجة والعمّة، وبمجرد سماعها لخطى يوسف، ذهبت خلف منصة الزينة، لكي تتزين ... .» (نفس المرجع: 31) وكغيرها من النساء اللواتي يعشقن أزواجهن: «قالت زري: أتيت مبكّرا، ولكن كم أنا سعيدة لأنك أتيت ... جاءت مزيّنة وأنيقة إلى الحديقة ... ذهبت إلى يوسف وقبلت رأسه ... احتضن يوسف زوجته... .» (المصدر نفسه: 111) تشمل الجوانب الاجتماعية الأخرى لشخصية زري ارتباطها بالأعمال الخيرية وارتيادها إلى السجون والمصحات النفسية. وهي كانت ترسل النذورات إلى السجناء والمختلين عقليا في فترة المجاعة والمرض والحرب التي نشبت في المدينة. بين الحين والآخر تفكر في عبثية هذا العمل وإرسال النذور وتردّد صدى كلمات يوسف في أذنها: «ما فائدة صدقاتك وأعمال الخير هذه؟ المشكلة تكمن في مكان آخر.» (المصدر نفسه: 6) ولكن مهما كان تضغط على نفسها فإنها لا تعرف ماذا تفعل لإن الحلول التي اقترحها يوسف تبدو لها خطرة لدرجة أنها تنفر حتى من التفكير بتلك الحلول.» (المرجع نفسه: 7) الحاجة إلى التقدير في المستوى الرابع من هرم ماسلو، هناك حاجة للتقدير والاحترام والثقة بالنفس واحترام الذات. عند تلبية الاحتياجات السابقة، ستكون الحاجة إلى التقدير ذات أهمية كبيرة في التأثير على نمو الشخصية وازدهارها. في هذه المرحلة، يجب على الشخص استعادة احترامه لذاته أولاً، وإدراك الحقوق المفقودة ثانياً، ثم زيادة الثقة بالنفس، والخروج من السلبية والقدرة على التعبير عن قدراته. في هذا المستوى، يحتاج الفرد إلى الشعور بالتقدير ويسعى إلى النجاح في شؤونه الشخصية والاجتماعية، والعمل وفقاً للمسؤوليات الإنسانية، والوعي الذاتي. بتعبير آخر، تشمل احتياجات احترام الذات، الأداء والنجاح وإظهار الكفاءة في العمل وأن يكون معروفاً ومعترَفاً به من قبل الآخرين. (ياوري، 1374ش: 59) يوضح ماسلو الحاجة إلى احترام الذات في كتابه "الدافع والشخصية"، قائلاً: «يميل جميع أفراد المجتمع إلى تقييم ثابت وعادة ما يكون ممتازاً فيما يخص التمتع بتقدير الذات أو الكرامة وعزة النفس واحترام الذات أو احترام الآخرين... يمكن تصنيف هذا المستوى من الاحتياجات إلى فئتين فرعيتين؛ أولاً: الرغبة في السلطة والنجاح والكفاية والسيادة والاستعداد لمواجهة التحدّياا البيئية والاستقلال والحرية. ثانياً: هناك شيء فينا يمكننا تسميته الرغبة في التقدير والكرامة والحصول على الشهرة، الشرف، التفوق، الاهتمام، أو الأهمية، الاحترام، أو الإعجاب ... .» (ماسلو، 1372ش: 82) يقول شولتز عن احترام الذات: «إن احترام الذات هو شعور داخلي. الشعور بالأمن الداخلي والثقة، والشعور بالقيمة والاستحقاق، من أجل تحقيق ذلك، يجب على المرء أن يعرف "الذات" الحقيقية ويدرك نقاط قوتها وضعفها ... .» (شولتز، 1369ش: 118) في هذه الرواية أيضاً نرى أول علامات احترام الذات والائتمان واحترام الذات تظهر في خيال زري ونومها: «لقد استيقظت زري، وكأن شخصاً كان في ذهنها، يتحدث باستمرار بكلمات غير مفهومة ولكن زري كانت تعرف ما سمعته أو قرأته... والآن تصورت اللوحة التي رسمها ذلك المجنون في مشفى المجانين وظهرت أمام عينيها ... حتى ملامح الإمام علي (ع) والفتى الجزار مبتور اليد واضحة على جدار المحل ... ولكن بدلا من الخروف رأت أناساً معلّقين من الساقين بالخطاف والدماء من أعناقهم تنزف.» (دانشور، 1363ش: 252) كان استشهاد يوسف سبباً لوعي زري ومنها أدركت هذه المرأة مدى أهمية احترام الذات والكرامة إلى الأبد وأصبح هذا الشيء جزءاً من وجودها. لا شك أن احترام الذات، يتطلب اكتشاف الحقائق وفقدان الخوف والقلق؛ فلم يكن هناك سبب للخوف من فقدان يوسف بعد الآن. «عندما كانت تفقد وعيها كانت تحلم حتى في اليقظة كانت تسمع كلاماً يدور في رأسها أو أن الأحداث تخرج من ذاكرتها وتحيا أمام عينيها المغلقتين ... .» (المرجع نفسه: 253) إن مقاومتها لمطالبات عزت الدولة في حفلتها هي علامة أخرى على حدوث تغيير في زري وزيادة في ثقتها بنفسها واحترامها لنفسها وذاتها. (انظر الفصلين 14 و 15) عاشت زري فترة الترديد بين أن تنقذ نفسها من متعلقاتها الشخصية وسور المنزل، وبين أن تستعيد كرامتها ومكانتها المفقودة؛ نفس ما سعى يوسف لإحيائه خلال حياته، سواء في المجتمع أو في وجود زوجته زري.
تحقيق الذات يعدّ مفهوم تحقيق الذات مفهوماً أساسياً في نظريات الإنسانية، وخاصة نظرية ماسلو، وفي الواقع، فإن نظرية ماسلو هی نتیجة دراسة الأشخاص الذين يحققون الذات. «بعد دراسة عينته الصغيرة من الأشخاص الذين حققوا ذاتهم، أدرج ماسلو عدة خصائص لها: الإدراك الفعال للواقع، وقبول الذات والآخرين والطبيعة، والبساطة والطبيعية، والتركيز على المشكلات بدلاً من التركيز على الذات، والحاجة إلى الاستقلالية والخصوصية، والفهم الجديد والمستمر، والتجارب العرفانية، والمصلحة الاجتماعية، والعلاقات الشخصية، والإبداع، وبناء الشخصية الديمقراطية ومواجهة الاضطهاد والقمع.» (كريمي، 1378ش: 40-39) في رواية "سووشون"، تتقبل الشخصية الأنثوية الأساسية، زري، السلوك الذكوري طوال القصة؛ لكنها تتحوّل في النهاية من شخصية محافظة إلى ناشطة اجتماعية. في البداية، كانت تهتم فقط بسلامة وأمن نفسها وأسرتها؛ متأثرة بالعديد من العوامل، ولكنها في النهاية تتغير وتحاول أن تضع الخوف والمحافظة جانباً، بل وتعطي البندقية لابنها: «كنت أرغب في تربية أطفالي بالحب وفي بيئة هادئة؛ لكني الآن نشأت مع الاستياء. سأعطي مسدساً لخسروه.» (دانشور، 1363ش: 254) ترى زري وتسمع كل شيء طوال القصة؛ تتأثر بكل شيء ثم تتغير شخصيتها. خلال سير زري الجسدي والعقلي من المجتمع إلى المنزل والعكس، تغيرت أيضاً شخصيتها ونظرتها للعالم ورغباتها. تنتقل زري من المنزل إلى المجتمع، والمدينة تعاني من التيفوس والدعارة وانعدام الأمن. إنها ترى الكوارث التي أظلمت حياة الناس. هي الآن واعية مليئة بالهموم التي يعاني منها المجتمع ترى البؤس وهي مضطربة. المرأة التي حاولت في البداية إبعاد عائلتها الصغيرة عن الكوارث، ترى الآن أن هذه الحقائق المروعة اخترقت منزلها الأكبر - المجتمع - وأصبحت نظرة زري لهذه المآسي المريرة أوسع وأعمق. هنا ينشأ تحقيق الذات وتغيير الشخصية المحذوف في وجود زري ويصل ذروته بعد استشهاد زوجها المقاتل يوسف، في يوم من الأيام أتوا بجسد يوسف. وبهذا قضى المحتلّون على رمز المقاومة هذه. بوفاة يوسف زالت كل الشكوك التي كانت تراود زري وغيّرت نظرتها للبيئة وواقع الحياة. عامل آخر ساعد في التحول الداخلي وازدهار شخصية زري وهو الحضور المعنوي للدكتور عبد الله خان، ذلك الشيخ واسع المعرفة الذي ظهر في حياتها - في ظروف خاصة؛ في مكان يقول الطبيب لزري: «جسم الإنسان هش، ولكن لا يمكن لأي قوة في هذا العالم أن تصل إلى قوته الروحية بشرط أن تكون لديه الإرادة والمعرفة ... .» (نفس المرجع: 257) یكتمل التحول في وجود زري: «فیبرق بصیص الأمل، ويملأ وجودها وينيره. فبدت تعرف أنها لن تخاف أحداً ولا يخيفها أي شيء في هذا العالم.» (نفس المرجع: 263) تؤدي رحلة زري الداخلية إلى الوعي أثناء التعامل مع المجتمع. هي من كانت تحاول في اليداية الحفاظ على بيئة أسرية آمنة في ظل معاناة الناس، تنجر إلى وسط الأحداث. تتذكر زري امرأة من العشائر أخبرتها عن مراسم الحداد في سووشون (سياوش) «قالت زري الحزينة: لکن زوجي لم يمت بل قتلوه.» (نفس المرجع: 283) بعد وفاة يوسف، کان لکلام الدكتور عبد الله خان لزري تأثير في نمو وتطور شخصيتها وثورتها الروحية؛ وهو عبارة كلمات تعبّر عن قصة رمزية جميلة وبسيطة للتطور الروحي والفكري للإنسان: «لا أعرف أين قرأت أن العالم يشبه غرفة مظلمة دخلنا إليها وأعيننا مغمضة؛ قد يفتح أحدنا عينيه. قد يرغب بعضنا في فتح عينيه بجهد، أو قد يصاب شخص بخيبة أمل ثم يشع ضوء من ثقب فجأة ويمكن لهذا الشخص أن يرى ويفهم. كان زوجك من القلائل الذين نسوا أن يغمضوا عينيه منذ البداية؛ كانت عيناه وأذناه مفتوحتين... .» (المرجع نفسه: 283) وهو كشيخ مرشد يكمل حديثه مع زري ويهمس في إذنها بما يلي: «لم أعد تلك الشمس المشعة. لكن اسمعي من هذا الرجل العجوز يا عزيزتي. في هذا العالم كل شيء في يد الإنسان. حتى الحب، وحتى الجنون، وحتى الخوف، يستطيع الإنسان تحريك الجبال إذا أراد؛ يمكن أن يبخر المیاه. الإنسان قصة ... لا يمكن لأية قوة أن تصل إلى قوته الروحية؛ بشرط أن يكون لديه الإرادة والمعرفة ... .» (نفس المرجع: 285) يتحول يوم تشييع يوسف إلى مظاهرة مناهضة للاستعمار من قبل الشعب وتحدث اشتباكاتهم مع قوات الأمن؛ حينها كتب مك هاون تعزية لزري: «لا تبكي يا أختي! ستنمو شجرة في بيتك وستشتهر أشجارك وأشجار كثيرة في أرضك. وتنقل الريح الرسالة من شجرة إلى أخرى، وستسأل الأشجار الريح: ألم تر الفجر عند قدومك؟» (نفسه: 293) واصلت "زري" تغييرها الداخلي ورحلتها، ووصلت إلى وجهة وجدت نفسها فيها بين رفاق يوسف. أصبحت زعيم المتظاهرين والثوار. أصبحت امرأة مؤثرة في مصير المجتمع وأهله: «قالت زري: أصيب زوجي بالرصاص ظلماً. أقل ما يمكن فعله هو الحداد. وليس الحداد محظوراً. كنا خائفين في حياته وحاولنا إخافته أيضاً. والآن بعد وفاته ممن أخاف؟ ولا يهمّني أي شيء بعد الآن ... .» (المرجع نفسه: 295) رأت زري الحقيقة: «وأضاء نور الحقيقة عقلها وكانت تعلم أن أي شخص في هذا العالم سوف لن يتمكن من إطفائه بعد الآن ... قالت: اليوم لديكم الفرصة للقيام بأي عمل ... إذا لم تنجزوه الآن فلا فرصة لديكم بعدها ... .» (نفس المرجع: 296) أثناء التغيير وتحقيق الذات الذي مرت به، قالت زري لخان كاكا: «لقد توصلت اليوم إلی هذه النتيجة أنه يجب على المرء أن يكون شجاعاً في الحياة ومن أجل الأحياء؛ لكن من المؤسف أنني توصّلت إلى هذا في وقت متأخر جداً. فلنبكِ بموت الشجعان حتى نعوض عن هذا الجهل.» (نفس المرجع: 297) وفي النهاية ردت زري على عمتها التي كانت تخشى هذا الشغب: «لكنني لم أعد أندم على ذلك .. وبحسب يوسف لا ينبغي أن تكون المدينة خالية من الرجال.» (نفس المرجع: 302) وهذا هو تحقيق الذات. بكل ميزاته؛ فهم الواقع، وقبول الذات والآخرين، والبساطة، والاهتمام بمشاكل المجتمع، والحاجة إلى الاستقلال، وتحقيق نظرة جديدة، والتجارب المعرفية، والمصالح الاجتماعية، ومقاومة الاضطهاد والتعدي، وما إلى ذلك، والتي تجلّت في الشخصية الأنثوية كشخصية محورية في القصة.
النتيجة تحكي رواية سووشون قصة عائلة شيرازية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، والتي عالجتها وسلّطت الأضواء عليها كاتبة مقتدرة بقلمها وكتابتها الفنية وهي الكاتبة المعاصرة سيمين دانشور. إن اهتمام وحرص كاتبة القصة في ابتكار شخصية "زري" يبهر الجمهور، بحيث يمكن دراسة هذه البطلة المحورية نفسياً؛ "زري" في هذه الرواية شخصية ديناميكية تتأثر بعوامل سياسية واجتماعية وعائلية مختلفة، فحضور زوج مقاوم، وحكيم كالدكتور عبدالله ومك هاون، وقبل كل شيء الشخصية الحساسة والروح المتمردة، يجعلها تتمتّع برحلة داخلية وشخصية مميّزة. يمكن دراسة هذا التحول وتطبيقه من خلال التسلسل الهرمي لهرم شخصية أبراهام ماسلو. من بين المستويات الخمسة لهرم ماسلو، المستوى البيولوجي، الأمني، الاجتماعي - المصداقية وتحقيق الذات – تجلى المستوى الخامس الذي يأتي في أعلى الهرم وهو تحقيق الذات؛ تجلى أكثر من أي شيء آخر في شخصية "زري"، وسار نحو تطور وازدهار المرأة فكرياً روحياً؛ وفي ظل المخاوف والقلق والهواجس المتعلقة بأمن الأسرة وخصوصية الأسرة وسلامتها، فإن ما يتحقق في هذه المرأة أكثر من أي شيء آخر هو اكتشاف الحقائق وتنوير مسار حياتها ونتيجة لذلك، وصلت إلى عالم مختلف عما هي كانت موجودة فيه. وحققت الذات الحقيقية والكمال البشري وأزالت حجاب الجهل والعلاقات الشخصية وكل ما يسبب لها الخوف والقلق. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
دانشور، سیمین. (۱۳۶۳ش). سووشون. طهران: خوارزمي.
سیاسی، علی اکبر. (۱۳۷۱ش). نظریههای شخصیت (نظريات الشخصية). طهران: جامعة طهران.
شاملو، سعید. (۱۳۷۷ش). مکتبها و نظریهها در روانشناسی شخصیت (المدارس والنظريات في علم نفس الشخصية). طهران: رشد.
شولتز، دوآن پی. (۱۳۶۹ش). روانشناسی کمال (سيكولوجية الكمال). ترجمة: گیتی خوشدل. طهران: نو.
شولتز، دوآن پی. (۱۳۹۴ش). نظریههای شخصیت (نظريات الشخصية). ترجمة: یحیی سید محمدی. طهران: ویرایش.
فرانک، برونو. (۱۳۷۰ش). فرهنگ توصیفی روانشناسی (الثقافة الوصفية لعلم النفس). ترجمة: مهشید یاسایی وفرزانه طاهری. طهران: طرح نو.
کریمی، یوسف. (۱۳۷۸ش). روانشناسی شخصیت (علم نفس الشخصية). طهران: ویرایش.
گنجی، حمزه. (۱۳۸۹ش). روانشناسی عمومی (علم النفس العام). طهران: ساوالان.
ماسلو، آبراهام. (۱۳۷۲ش). انگیرش و شخصیت (الدافع والشخصية). ترجمة: احمد رضوانی. مشهد: آستان قدس رضوی.
نبی لو، علیرضا. (۱۳۹۳ش) «بررسی سلسله مراتب نیازهای مزلو در گلستان سعدی» (دراسة التسلسل الهرمي للاحتياجات لماسلو في گلستان سعدي). مجله متن شناسی ادب فارسی. کلیة الآداب والعلوم الإنسانية. جامعة أصفهان. العدد ۲. ص 66-43
یاوری، حورا. (۱۳۷۴ش). روانکاوی و ادبیات. (التحليل النفسي والأدب). طهران: تاریخ ایران.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,842 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 341 |