تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,800,509 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,313 |
معارضة ثنائية لمفاهيم صوفية مشتركة في شعر أبيالحسن الششتري والعطار النيسابوري | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 1، دوره 12، شماره 46، شهریور 2022، صفحه 9-28 اصل مقاله (238.14 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
مهرداد آقائی* 1؛ حسین حدیدی2؛ اکبر بشیری3 | ||
1أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة محقق أردبیلی، أردبیل، إیران | ||
2أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة پیام نور | ||
3أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة پیام نور، مرکز بروجرد | ||
چکیده | ||
التصوف العرفاني عبارة عن معرفة قائمة على حالة روحية لا توصف يشعر فيها الإنسان أن لديه علاقة مباشرة بدون وساطة مع وجود الحق تعالى. هذه المشاعر هي حالة روحانية متسامية يدرك من خلالها الصوفي، الجوهر المطلق من خلال حالة الذوق الصوفية وضميره الواعي. يعدّ التصوف أحد الموضوعات الهامّة للأدب الذي ساهم بدوره في توسيع وإثراء الموضوعات الشعرية. أبوالحسن الششتري الملقب بـ "عروس الفقهاء"، هو أحد شعراء العصر الأندلسي في القرن السابع الهجري، وقد كتب قصائد شعرية جميلة وممتعة في مجال التصوف. في غضون ذلك، يعتبر العطار النيسابوري أحد أبرز شعراء القرن السادس ورائد الشعر الصوفي في الأدب الفارسي. یهدف هذا المقال وفقاً للمنهج الوصفي- التحليلي، إلى القواسم المشتركة للأفكار الصوفية لهذين الشاعرين حول مفاهيم مثل (وحدة الوجود، والحب الإلهي، والخمرة الصوفية، والحرية، والبقاء والفناء، وحقيقة العالم، والرضا والخنوع) في بنية الشعر ولغته. تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن العطار النيسابوري وأبا الحسن الششتري من أبرز شعراء التصوف وقد تكررت في شعرهما مفاهيم، مثل: الحرية، والرضا الإلهي، والخمرة الصوفية، والموت، والفناء في الله، وحب الذات الأحدية بتردد كبير. وقد أثّر شعر العطار في نفوس المتلقّين بما يمتاز به من سمات كالرمزية والعزلة وحداثة الكلام والصمت. ويتحدّث أبوالحسن الششتري باستمرار عن الفناء في السير إلى الله ويؤمن بضرورة التعبير عن الحب الإلهي علانية كما كان للعطار حضور لافت في أشعار أبي الحسن الششتري. | ||
کلیدواژهها | ||
التصوف؛ العطار النيسابوري؛ أبوالحسن الششتري؛ الأدب المقارن؛ الأدب الأندلسي | ||
اصل مقاله | ||
للأدب الصوفي من بين الآداب الأخرى، علاقة وثيقة بالقرآن الكريم والنصوص الدينية بسبب أهميته الدينية. واحتلت أسس ومبادئ التصوف والسير والسلوك العرفاني جزءاً كبيراً من الأدبين العربي والفارسي على مدى قرون عديدة في مختلف اللغات والثقافات وأثرت على حياة الشعراء الصوفية الفكرية والاجتماعية بأكملها. إن لأدب كل أمة، بما في ذلك الأدب الفارسي والأدب العربي، على الرغم من الاختلافات اللغوية والثقافية، سواء في مجال النظم أو النثر، أوجه تشابه كبيرة تستحق البحث والدراسة. يقوم الأدب المقارن بدراسة أوجه التشابه هذه وأصل ظهورها، فضلاً عن العلاقات بين أدب مختلف الدول والشعوب في العالم. «الباحث الذي يعمل في هذا المجال كمن يتربّص في حدود إقليم اللغة الوطنية ليترصد ويشرف على جميع التبادلات الفكرية والأدبية التي تحدث عبر الحدود بين تلك الأمة وأمم الدول الأخرى القريبة والبعيدة عن الحدود الوطنية ومن الواضح أن نتيجة بحثه ستكون مناسبة مع مستوى الدقة والاهتمام في الإشرف الذي بذله في هذا البحث.» (زرین کوب، 1372ش: 182) قد ساهم الشعراء الصوفيون بشکل کبیر في إثراء الشعر الصوفي في الأدبين الفارسي والعربي. يرتبط التصوف في الأدب الفارسي باسم الشيخ العطار النيسابوري حتى أن قصائده الصوفية قادت باستمرار العديد من العشاق نحو المفاهيم الصوفية. وهو من الشخصيات التي ترك حضوره بصمات واضحة وناصعة في مجال التصوف. من ناحية أخرى، قام أبوالحسن الششتري أيضاً بتوسيع نطاق الأدب الصوفي من خلال فتح فصل في الشعر الصوفي العربي. «مع وصول المسلمين إلى الأندلس وتأسيس الحكومة الإسلامية هناك، دخلت العديد من العادات والتقاليد العربية إلى الأندلس، ودخل الشعر الصوفي، كغيره من الموضوعات الشعرية، إلى الأندلس ونما مع شعراء كبار مثل أبي الحسن الششتري.» عبّر الششتري عن الموضوعات الصوفية بشكل موشحات وأزجال وبصورة واضحة ومختصرة ولغة عامية بسيطة أحبها الناس وبالتالي أحدثت تغييراً جذرياً في هيكلها ولغتها. (مسبوق، 1393ش: 282) بالنظر إلى التقارب الزمني بين العطار والششتري، وبالنظر إلى التشابه الأدبي والثقافي بين الشاعرين، فإن هذا البحث قائم على النظرية الفرنسية للأدب المقارن. ضرورة البحث لطالما كانت الصوفية وهي الأكثر شعبية محور اهتمام عدد كبير من المسلمين. والقصائد الصوفية لشعراء الأدب الفارسي والعربي خير دليل على هذا الادعاء. إن التطرق إلى الشعر الصوفي له أهمية خاصة، ويتم ذلك وفقاً لاحتياجات المجتمع. الغرض من دراسة هذا الموضوع، هو عرض بعض الأدلة والوثائق لإظهار توافق الأدب في مختلف اللغات والمواضيع المختلفة؛ خاصة في اللغتين الفارسية والعربية اللتين تشتركان في العديد من القواسم المشتركة. أسئلة البحث يهدف هذا البحث للإجابة على الأسئلة التالية: - ما هي العناصر الصوفية المشترکة بین أبی الحسن الششتري والعطار النشابوري؟ - إلى أي مدى كان الششتری متأثراً من العطار؟ خلفية البحث أنجزت العديد من المقالات حول مقاربات في التصوف المقارن التي تتمحور حول الشعر العربي والفارسي. ولكن في غضون ذلك، لم يتلق أبوالحسن الششتري اهتماماً كبيراً من الباحثين. من بين الأبحاث ذات الصلة، يمكن ذكر ما يلي: يشير مقال سيد مهدي مسبوق (1393ش) بعنوان «ششتری و نقش او در گسترش شعر عرفانی عربی» (الششتري ودوره في تطوير الشعر الصوفي العربي) والذي نشر في مجلة الأدب الصوفي والأساطير المعرفية، إلى أن شعر الششتري، بالإضافة إلى الموضوعات الصوفية، يمتاز بلغة وبنية مختلفتين عن مؤلفات الصوفية الآخرين، ذلك لأنه عبّر عن موضوعات صوفية ودلالات صوفية في شكل الزجل والموشحات، والتي لها بنية مختلفة عن القصائد العربية الفصحى، لأن لغتها عامية وهي اللغة المفضلة لدى الناس. كما ورد في مقال لکل من فاطمة لطفي مفرد نیاسري، وأمير حسين رسول نيا ومحسن سيفي (1399ش) بعنوان «واکاوی تطبیقی منطقالطیر عطار و قصیده هدهد محمود درویش» (منطق الطير للعطار النیسابوری وقصيدة الهدهد لمحمود درويش دراسة مقارنة) والذي نشر في مجلة التصوف الإسلامي، أن محمود درويش قد صوّر المجتمع المثالي في قصيدة صوفية تسمى "الهدهد". وقد تأثر بأفكار العطار الصوفية في قصيدته "الهدهد". قام هذا البحث بدراسة مراحل التطور السبع للسلوك العرفاني في منطق الطير ومقارنتها مع قصيدة الهدهد لمحمود درويش، وأخيراً ذكر أن محمود درويش لديه العديد من الموضوعات المشتركة مع العطار في قصيدته. مقال لمحبوبة حسيني فارساني ومحسن سيفي وعلي النجفي ايوكي (1398ش) بعنوان «همسنجی سروده منطق الورد محمدعلی الرباوی و منطق الطیر عطار نیشابوری» (دراسة قصيدة منطق الورد لمحمد علي الرباوي ومنطق الطير للعطار النيسابوري) نشرت في مجلة الدراسات الصوفية تقوم بدراسة قصيدتي منطق الورد لمحمد علي الرباوي ومنطق الطير للعطار النيسابوري لاستخراج الرموز الصوفية في محاولة لكشف بعض أوجه التشابه والاختلاف فيها. التشابه الرئيس بين هذين العملين، هو الاختيار الهادف بدلالة منطقية في عنوان القصيدتين، والهدف المشترك لسير السالك وسلوكه، التشابه في تطبيق الرمز لـ"الفتح" والتعذر من مواصلة الطريق، وأيضاً استخدام بعض الرموز العرفانية مثل الستر، السلطان، السر والنور. كما ورد في مقال لكل من مسعود روحاني ومحمد عنايتي قاديكلاي (1395ش) بعنوان «تقابلهای دوگانه در غزلیات العطار نیشابوری» (معارضة ثنائية في أشعار العطار النيسابوري) والذي نشر في مجلة اللغة الفارسية وآدابها (جامعة الخوارزمي) أن المعارضات الثنائية هي إحدى الدلالات والعناصر الأساسية في البنيوية والنظريات اللسانية والسيميائية المتجذرة في المعتقدات البشرية القديمة. دراسة التناقضات الثنائية في الأعمال الأدبية تؤدي إلى فهم أفضل لهذه الأعمال. من خلال دراسة التناقضات في أشعار العطار النيسابوري، أظهرت هذه المقالة أن أساس العديد من هذه المقطوعات الغزلية هو التناقض الثنائي، وحتى في بعض الأبيات، هناك تناقضان أو ثلاثة أو أربعة تناقضات. كأن عنصر المعارضة والتناقض هو المحرك والدافع الأساسي لمقطوعات العطار الغزلية. ومن أهم أسباب اهتمام العطار بالتناقضات الثنائية، هو عقل الشاعر اللاواعي، والاهتمام بالقضايا الأخلاقية والدينية، والمفاهيم الصوفية، والتأثير بالبيئة الاجتماعية، واهتمام الشاعر بالقضايا الجمالية والموسيقية. في الواقع تعدّ التناقضات الثنائية، إحدى السمات الأسلوبية لأشعار العطار في الغزل، والتي لها وظيفة دلالية وجمالية. يشير مقال كتبتها كل من فاطمة مجيدي وفاطمة أبويساني (1398ش) بعنوان «اشکال تقابلهای عرفانی در غزليات عطار» (أشكال التناقضات الصوفية في قصائد العطار) والذي نشر في مجلة العرفان، إلى أن المفارقة من السمات المميزة في كلام العطار الناشئة عن خبراته الداخلية العميقة وإيحاءاته التي حصل عليها بعد أن تجاوز العالم المادي وواجه حقائق أسمى. تصبح لغة التصوف "منطوية على المفارقة"[1]بسبب الطبيعة المتناقضة للتجربة الصوفية. إن أشكال هذه المفارقات هي كما يلي: الوجود المتزامن لجانبين متقابلين في شخصية الإنسان المثالي، والتوافق بين الجانبين، والحركة الدائرية للسلالات المتناقضة، وعلاقتها الطولية، والتطور الدلالي لواحد من الجانبين وتفوقه على الجانب الآخر، التباين والتضاد بين الجانبين، المرور بالجانبين لفهم حقيقة التصوف، تساوي الجانبين في نظر الصوفيين. وبذلك، يمكن القول إنه حتى الآن لم تكن هناك مقارنة بين توجهات وميول هذين الشاعرين البارزين، لذلك قررنا استكشاف أفكار هذين الصوفيين من خلال مقارنة القواسم المشتركة والاختلافات بين العطار و أبو الحسن الششتري. نبذة عن الحياة الأدبية لأبي الحسن الششتري ولد علي بن عبد الله النميري الششتري أبو الحسن سنة (610 هـ) في ششتر إحدى قرى وادي آش جنوب الأندلس. في البداية درس القرآن والحديث والفقه والأصول، ثم درس الفلسفة. بعد ذلك بدأ مهنته الصوفية ولُقبت بـ "عروس الفقهاء". (الداية 1992م 160) سافر الششتري إلى بلدان إسلامية مختلفة ودخل الأوساط الصوفية. تشير الموضوعات الصوفية الغنية في شعره والأخبار والروايات التي وردت عنه، إلى إلمامه بالديانات الصوفية في عصره. كان الششتري على اتصال بمعظم الصوفيين في عصره وقضى حياته برفقة أصحاب المدارس الصوفية المختلفة. وفي كل مرحلة من مراحل حياته، كان قريباً من المدارس والمسالك الصوفية؛ بحيث يمكن تقسيم حياته الصوفية إلى ثلاث فترات: الأندلس والمغرب ومصر. (العطار، 1981م: 34) بالإضافة إلى وجود علاقات واسعة ووثيقة مع معظم المدارس والدوائر الصوفية في عصره، بما في ذلك مدرسة ابن سبعين، فإن الششتري نفسه هو أيضاً يعدّ مؤسساً لمسلك ومدرسة يمكن تسميتها بمدرسة الششتري. تمتع الششتري بمكانة رفيعة بين تلاميذه وطلابه، مما جعله يتفوق حتى على أستاذه ابن السبعين. (زيدان، 1996م: 63) نبذة عن حياة العطار النيسابوري الأدبية فريد الدين أبو حامد محمد العطار النيسابوري الملقب بالشيخ العطار النيسابوري، ولد عام 540 هـ في نيسابور. وهو أحد أشهر المتصوفة الإيرانيين وشعراء الأدب الفارسي في بداية القرن السابع. قتل عام 618 هـ أثناء هجوم المغول. (زرين كوب، ١٣٧٩ش: ١٣) يرى العديد من الباحثين أن العطار لم يكن مريداً لشخص مميز، وبعض آخر يعتقد خلاف ذلك. جاء في مرصاد العباد لنجم الدين الرازي ونفحات الأنس لعبد الرحمن جامي، أن التربية الروحية للعطار تنسب للشيخ مجد الدين البغدادي. «لدرجة أن المتصوفة العظماء، ومنهم رضي الدين علي لالاي الغزنوي ونجم الرازي والشيخ فريد الدين العطار النيسابوري، كانوا من بين تلاميذ ومريدي الشيخ مجد الدين البغدادي.» (جامي، 1336ش، 1: 599) البحث والدراسة المنهج التحليلي شهد الأدب المقارن في الفترة المعاصرة اهتماماً بالغاً من حيث طرح وتوسيع قضايا مثل الترجمة والنقد الأدبي وعولمة القضايا المتعلقة بمجال الثقافة والأدب والحوار بين الحضارات. لذلك، من بين التأثيرات والتأثرات المتبادلة بين ثقافة الأمم المختلفة وآدابها، فإن درجة تأثير وتأثر الأدب العربي والفارسي على بعضهما بعضاً هو أمر لا يخفى على أي باحث ومحقق في مجال الأدبين الفارسي والعربي. تمت دراسة الشعر الصوفي وتحليله باستمرار من قبل الباحثين، سواء في الأدب الفارسي أو في الأدب العربي، بسبب التقارب بين مفاهيمه وعناصره في هذين الأدبين. كرّس كل من النيسابوري وأبي الحسن الششتري وهما من الشعراء الصوفية جزءاً كبيراً من أعمالهما الشعرية للمفاهيم الصوفية ولديهما الكثير من القواسم المشتركة في العديد من المفاهيم الأدبية والصوفية. جاء عن التصوف: «التصوف سلوك يعتمد على المشاهدة، والإفاضة، والوصول إلى الحقيقة، والاتحاد مع الحقيقة لتحقيق وتحديد حقائق الوجود وعلاقة الإنسان بالحقيقة وارتباطه بها. إن تحقيق هذه المشاهدة ليس ممكناً من خلال الاستدلال وتقديم الحجج والتأمل، ولكن من خلال تنقية الروح، وقطع التعلقات المادية والدنيوية، والاهتمام الكامل بالجانب الروحي والروحاني، وقبل كل شيء، أصل الوجود وحقيقته. هناك العديد من المبادئ والطرق التي تحقق هذا الهدف.» (دهقان، 1390ش: 65) وفقاً لتعريف التصوف هذا، طبق كلا الشاعرين مبادئ صوفية عملياً من خلال الإشارة إلى بعض عناصر التصوف في قصائدهما. فيما يلي بعض الموضوعات المشتركة لهذين الشاعرين: الخمرة الإلهية الأدب الصوفي مليء بألفاظ مختلفة تدلّ على الخمر والنبيذ، يستخدمها كل صوفي في أعماله حسب ذوقه الخاص. الخمر الذي ورد في القصائد الصوفية يختلف عن هذا الخمر المسكر والشراب الخبيث – إن صح التعبير- الذي يزيل عقل الإنسان ويذهب بوعيه. ولكن هذه الخمرة لها جانب روحي ومعنوي وهي أشبه برائحة روح المسيح ونفحة رحمانية والصوفي بعد أن يتجرّع منها يغيب عن الوعي إلى درجة لا يرى فيها إلا الله وهي كمال المعرفة الذي يبحث عنه الصوفي في العالم كله، وهي حقيقة واحدة يتحدّثون عنها بلغات مختلفة. (حسيني، 1385ش: 2- 3) قد تمّ التعبير عن لفظ الشراب (الخمر) في القصائد الصوفية، بتعابير رمزية واسعة في الأدب الصوفي. كان لاستخدام هذه الكلمة في الأدبين الفارسي والعربي وظائف ثنائية؛ وقد حملوها أحياناً على الظاهر مما يعني أنها مرادف للهو واللعب. لكن من ناحية أخرى، من خلال استكشاف المفاهيم الصوفية السامية، فإنه تعبير عن الحب الإلهي والخمرة العرفانية التي ترمز إلى المعرفة فأخذت هذه اللفظة دوراً رمزياً. لهذا السبب، استخدم المتصوّفون ألفاظاً مثل الخمر والنبيذ كثيراً في قصائدهم، مما يعني معرفة الوجد والذوق والمحبة التي أفاظ الله تعالى نفوسهم بها، ويعبّر الخمر عن الوصل والإخلاص والعبودية أمام الذات الأحدية. كتب العطار العديد من القصائد الغنائية في مجال الشراب الإلهي، حيث غالباً ما يشاهد فيها ألفاظ مثل النبيذ والشراب. من وجهة نظر العطار، فإن من يشرب من الشراب الإلهي يسكر بالحب الإلهي ويسير في طريقه. يدعو العطار جمهوره لشرب الخمر الإلهي، لأن هذا الخمر لا يجلب سكراً دنيوياً، وإذا كان السالك يشرب من خمر الله الصافي سبحانه وتعالى، فإنه يقطع الملذات الدنيوية ويسعى إلى السير في طريق الله تعالى، وهذا العمل يجعله يحظى بمكانة عالية عند الله ويتقرّب إليه: مست خراب شراب شوق خدا شو زآنکه شراب خدا خمار ندارد خدمت حقّ کن به هر مقامی که باشی خدمت مخلوق افتخار ندارد (العطار، 1362ش: 186) - اشرب من خمر المحبة الإلهية، لأن الشراب الإلهي لا يسكر. - كن في خدمة الحق في أي منصب كنت، فلا شرف في خدمة المخلوق. تم استخدام "الخمر" و"الشراب" كثيراً في قصائد العطار وهي واضحة في قصائده. يدعو العطار الناس إلى احتساء الخمرة الإلهية. لأن هذه الخمرة هو الطريق الوحيد للسالك الصوفي. كما أن القصيدة الصوفية "طابَ شربُ المدامِ في الخَلوَاتْ" هي مثال على الخمرة العرفانية الإلهية التي كتبها أبوالحسن الششتري بنهج صوفي: طَابَ شُرْبُ المُدَامِ فـي الخَلوَاتْ أَسْقِـنيِ يا نَــديــمُ بِالآنيَـــــاتْ خَمـــرَةً تَركُـهَا عَليـــناَ حَــرامٌ لَيـــسَ فِيــها إِثــمٌ وَلا شُبُهَـاتْ عُتِّقَت في الدِّنانِ مِــــن قَبل آدمِ أصلُــهَا طِيــبٌ مِـــن الطَيِّبَــاتْ أفْتِـنيِ أيُّهــا الفَقِيـهُ وَقُـــلْ لِـي هَل يَجُـوزُ شُــربَهَا عَلى عَرفَــاتْ أو يَجُوزُ الطَّـوَافُ وَالسَّعْيُ بِـــهَا وَيُلَــبَّى و َيُرْمــى بِـالجَمَـــترَاتْ أو يَجُـــوزُ القُــرَآنُ وَالذِكـرُ بِهَا أو يَجُوزُ التَسْبيحُ فــي الصَّلــوَاتْ فَأجَاَبَ الْفِقيــهُ إِنْ كَــانَ خَمــرَ عِنَبٍ فيه شَيْءٌ مِــــن المُسْكَراتْ شُــربُهُ عِنــدَنا حَـــرَامٌ يَقِيـــنَاً زائــدٌ فيــهِ شـيْء مِــنالشُبَهَـاتْ آه يَاذَا الَفقِــيه لَـــوْ ذُقْتَ مِنــهَا وَسَمِعـتَ الألحْــانَ في الخَلـوَاتْ لَتَرَكـتَ الدُّنيــا وَمَـــا أنْتَ فِيـه وَتَعِــشْ هَائِــماً لِيَــــوْمِ المَمَاتْ (الششتری، 1960م: 35و36) نظر الششتري إلى مسألة الخمر بنظرة انتقادية، واعتبر شرب الخمر حراماً على قومه، ما داموا يعتبرونه شراباً قذراً ومكدّراً، والخمر في رأيه شراب طهور ولا شك فيه، وإنما قذارته يرجع إلى نهج الفقهاء ورأيهم فيها حيث لا يعدّونها شراباً طهوراً. على الرغم من أن الفقيه يدلي بمثل هذه الفتاوى حول الخمر، إلا أن الشاعر يدّعي أنه إذا شرب قطرة من هذا النبيذ النقي، سيترك كل المتعلّقات الدنيوية ويعيش في هذا العالم بمحبة إلهية. في قصيدة أخرى، يعتبر الششتري أن حب الخمر واجب ويحافظ على شغفه به باستمرار. يصوّر قلبه لوحاً يشهد له بشغفه وحبه للخمر، وستُنقش دموعه التي تجري من أجل فراقه للخمرة الإلهية، على هذا اللوح: سُلُوِّيَ مَـكرُوهٌ وَحُبُّكَ وَاجِــبٌ وَشَوقِي مُقيمٌ وَالتَّواصُـــــلُ غَائبُ وَفي لَوحِ قَلبي مِن وِدَادكِ أسطُرٌ وَدَمعي مِدَادٌ مِثلُ مَا الحَسَـنُ كَاتبُ وَقَارِىءُ فِكــري لْلمَحَاسِـن تَالِيَاً عَلى دَرْسِ آيَاتِ الجَمَــــالِ يُواظِبُ أُنَزِّهُ طَرفِي فــــي سَمَاءِ جَمَالِكُمْ ثَاقِــبُ ذِهنـــي نَجمُـهَا هُو ثَاقِــبُ حَديثُ سِوَاكَ السَمـعُ عَنـهُ مُحَّرمٌ فَكُـلِّيَ مَسلُــوبٌ وَحُسنُكَ سَالِــبُ (المصدر نفسه: 34 و35) يرى العطار أن الصوفي السالك في الطريق إلى الله، عليه أي يسكر نفسه بالخمرة الروحية، حتى يتمكن من الوصول إلى الحقيقة ويعبّر عنها بالمحبة الإلهية. وهو في حالة سكر وفناء لا نصب فيه ولا تعب حتى يكون في خدمة الحق والحقيقة. كما يعتبر الششتري شرب الخمر الروحي حلالاً والامتناع عنه حراماً ويعتقد أنه لا إثم ولا شك في حكم شربه (إشارة إلى الخمر الصوفي والتواصل مع الله).
الحرية عند الصوفية بزهده وتصوفه يفصل الصوفي نفسه عن العالم المادي ويدخل إلى عالم خاص حيث يتحرر من كل القيود ويقيّد نفسه لله فقط دون غيره. الحرية هي أحد الموضوعات التي أثيرت في كل من الأدبين الصوفي والوجودية. في الواقع، الحرية «في مصطلح الصوفيين تعني التحرر من عبودية الكون ومطالباته وقطع كل الروابط والعلاقات معه.» (العجم، 1999م: 282) تم استخدام هذا الموضوع كثيراً في أدب الوجودية، وخاصة آراء جان بول سارتر. في الواقع، الحرية التي يقترحها سارتر مصحوبة بازدواجية الطبيعة والوجود، وهما تشكلان اللفظتين الأساسيتين في فلسفته. (بدوي، 1984م: 564) يعتبر العطار النيسابوري أن السبب الرئيس لجميع مشاكل تحقيق الحرية يعود إلى التعلق والتبعية. يعتبر الإرادة الحرة كأداة لاختيار الجبر؛ لأن البشر من خلال مفترق طريق الاختيار يحقق النمو والازدهار، والاختيار أساساً هو شرط للوصول إلى الحرية المتعالية: چون شراب عشق در دل کار کرد دل شد از کار جهان چون سادهای در زمان زنار بستم بر میان در صف مردان شدم آزادهای نیست اکنون در خرابات مغان پیش او چون من به سر استادهای (العطار، 1362ش: 740) - بعد تأثير خمرة المحبة في القلب، يتحرر القلب من عمل العالم بكل بساطة. - بشدّ الزنار في وسط الظهر، أصبحت رجلاً حراً في خط الرجال. - في الحانة ليس أحد مثلي ثابت ومستقر. - لا يوجد شخص كالعطار يفتح عينيه في بحر الحب لامعتين ساطعتين. في الواقع، إن الحرية ظهرت بأجمل الوجوه في مجال التصوف من بين المجالات الأخرى. من وجهة النظر هذه، فإن عنصر الحرية ودلالته الخاصة ربما يكون العنصر الأساسي الذي تم الاهتمام به بالكامل في عالم التصوف والعرفان. وفقاً للشاعر العطار، في هذا العالم، أعطي أهمية كبيرة لتحرير الذات من تقييد القيود والوصول إلى الله والاتحاد معه من خلال دوس كل الرغبات والتبعيات، بحيث لا يمكن لكلمة الحرية أن تحتوي على كل معانيها: چون من آزادم ز خلقان، لاجرم خلق آزادند از من نیز هم چون منم مشغول درد پادشاه هرگزم دردی نباشد از سپاه آب بنمایم ز وهم خویشتن رازها دانم بسی زین بیش من با سلیمان در سخن پیش آمدم لاجرم از خیل او بیش آمدم هر که غایب شد ز ملکش ای عجب او نپرسید و نکرد او را طلب من چو غایب گشتم از وی یک زمان کرد هر سویی طلب کاری روان زانک مینشکفت از من یک نفس هدهدی را تا ابد این قدر بس (العطار، 1389ش: 17) - لأنني لا أعتمد على الناس وأنا حر، فالناس لا يعتمدون عليّ أيضاً. - لأنني مشغول بعمل الملك، فلن أتأذى أبداً من جيشه. - بإمكاني أن أجد مكان الماء من ذهني وأعرف الكثير من الأسرار. - لقد تفوقت على الجميع في حديثي مع سليمان وهذا هو السبب في تقدّمي بين مجموعته. - أي شخص يختفى من مملكته ويتركه، فلا يطلبه أبداً. - لكن عندما أبتعد عنه لفترة قصيرة، يرسل على الفور مجموعة للبحث عني. - لأنه لا يبتعد عني ولو للحظة، وهذه قيمة كافية بالنسبة لي. يؤكد الششتري بوضوح أيضاً على مفهوم الحرية والسماح لنفسه بشرب الخمر دون خوف وحذر ولا يشعر بالذعر والخوف: شَرِبنَا کَأسَ مَـــن نَهوی جِهَارَاً فَهُمـنا عَنـــدَ رُؤیَتِه حَیـاری وَ شَاهَدنَا بِـــها السَّـاقِی تَجلَّی فَصِرنَا مِــــن تَجلِّیهِ سُکَـاری طَلِبنَا الأمــنَ مِـن سَاقِی الحُمَیَّا فَنَادِی لا حِــجَابَ وَ لا سِتَارا رَأینَا الکَأسَ في الحَانَاتِ تُجلَی ظَنَّنَــا أنَّ فـي الکَأسَــاتِ نَارَا (الششتری، 1960م: 47) في هذه القصيدة، يشير الششتري من خلال تناوله للفظ الحرية العرفانية، إلى كأس الخمرة الإلهية والشراب العرفاني وشربه لهذه الخمرة وهو يأخذ هذه الكأس من يد حبيبته ويغمى عليه ويسكر بعد أخذه جرعة منها (حالة الفناء)، وبالطبع يزداد لقاؤه بالحبيب وتزداد عنده الحالة الروحانية والعرفانية. شدة هذه الحالة الصوفية تشتدّ في المقطع الرابع، يقارن الشاعر الخمر بالنار التي تشعل كيانه كله بالحب الإلهي. إن كلمات "الجهار" و"الرؤية" و"التجلّي" و"شاهد"، وهي مفاهيم صوفية عرفانية، عندما تأتي معاً وبالترتيب الذي اعتمده الصوفية، تظهر نوعاً من التماسك والوحدة، وكلها وفقاً للتناغم والموسيقى الذي تمتاز به وتؤكد على حرية اختياره للخمرة الإلهية. الحرية هي أهم جوهر في ذات كل البشر، وهي من السمات البارزة للإنسانية التي لوحظت في جميع المدارس الإنسانية في العالم. وهي مقدسة ومحبة لجميع البشر. في دراسة تاريخ أمم العالم، يشكل الصراع بين الحرية والسلطة أبرز فصول التاريخ الوطني للأمم. من وجهة نظر سارتر، تعني الحرية اجتياز الجواهر والوصول إلى الوجود، وهو الجوهر وأصل الإنسانية. في هذا الصدد، يعتقد سارتر أن الإنسان عنصر حي تأسره عناصر الطبيعة وهو يكافح في عالم الأسر والإكراه، وكأن وجوده امتلأ بالنفي وهو كسجين مقيد يطلب من حارسه الإذن بالمرور. (سارتر ، لاتا: 64) الموت والحب الإلهي الموت والفناء في الفكر الصوفي هما نفس الحياة والوصول إلى الكمال المطلق. الموت في قصيدة العطار هو نهاية القوى والكبرياء والعظمة كلها والنهاية يعود الإنسان إلى التراب ويتساوى معه. يعتقد العطار أنك إذا كنت ثريّاً مالكاً لكل ممتلكات العالم وثروتك تفوق كل ممتلكات العالم، في النهاية تحتضنك الأرض وترقد في التراب، لأنه لا يوجد أحد في هذا العالم خالد: گر تو ملک جهان زیر نگین است به آخر جای تو زیر زمین است نماند کس به دنیا جاودانی به گورستان نگر گر می ندانی ترا گر تو گدایی گر شهنشاه سه گز کرباس و ده خشت است همراه اگر ملکت ز ماهی تا به ماه است سرانجامت برین دروازه راه است (العطار، 1362ش: 141) - إذا كانت ممتلكات العالم کلها تحت سيطرتك، في النهاية يكون مكانك تحت الأرض. - لا أحد في العالم خالد، فانظر إلى المقابر إذا لم تعلم. - سواء كنت متسوّلاً أم ملكاً، فلا يكن نصيبك سوى كفن بثلاثة أثواب. - إذا كانت مملتك واسعة إلى السموات فلا بد في النهاية من المرور عبر بوابة الموت. يعتبر العطار أن الموت الطبيعي هو الحل الوحيد للتعاسة التي يعاني منها البشر بصورة عامة. هذا يعني الاستسلام لمشيئة الله وقبول أمره وهو السعادة والرضا، وعلينا أن نقبل أن الموت ملاقينا، والحياة تتوقف يوماً ما والانتقال إلى الدار الآخرة أمر لابد منه. يعتقد العطار أن الاستعداد للموت، قبل الأجل المسمّى، هو مختص لمن تحرروا من الرغبات النفسانية والرذائل الدنيوية، ومن خلال استئصال الشهوات النفسانية يصلون إلى مستوى لا ترغب فيه النفس إلى الملذات الدنيوية والرغبات الطبيعة. يظهر العطار أنه لا يمكن الوصول إلى الحقيقة إلا بالفناء وتجاهل النفس. ولا يتحقق الكمال الحقيقي والإدراك اليقيني لدى سالك الحق في طريق الله وهو المقام الأعلى لأولياء الله إلا بالفناء قبل الموت وهذا الفناء قبل الموت هو الحياة الأبدية: چو در دنیا به مردن اوفتادی یقین میدان که در عقبی بزادی به دنیا در به مرگ افتادن تست به عقبا در به مردن زادن تست چو اینجا مردی آنجا زادیای دوست سخن را باز کردم پیش تو پوست (المصدر نفسه: 118) - عندما تموت في هذا العالم، فمن المؤكد أنك ستولد في المستقبل. - إذا كانت نهايتك بالموت في هذه الدنيا، فإنك ستولد بالموت في الآخرة. - يا صاح إذا كنت تموت في هذه الدنيا فإنك ستولد في الآخرة وإني أخبرتك. يعتبر عطار الموت مرحلة من مراحل تطور الإنسان، فالإنسان الذي كان جماداً في البداية يصل إلى مرحلة النمو، ومن النماء يصير حيواناً، ومن الحيوان يصير إنساناً، وأخيراً بالموت تكون مرحلة تطوره النهائي ويصبح ملكاً وملاكاً ويصل أخيراً إلى وحدة الوجود والكمال المطلق. إن الإيمان بالقيامة كأحد المبادئ الأساسية للإسلام إنما ينبع من عدم اعتبار الموت نهاية الحياة الدنيا. على الرغم من أن المتصوفين قد ذهبوا إلى أبعد من ذلك، إلا أنهم يعتبرون الموت بداية حياة جديدة، وبما أنهم يعتبرون الموت سبباً للوصول إلى العاشق الأبدي والإله، فهم يستقبلونه بكل إرادة وحماس ولا يرونه أمراً مخيفاً ومرعباً ونرى مثالاً واضحاً على هذا الشوق للموت والفناء في الوصول إلى الحبيب في قصائد أبي الحسن الششتري: کیــفَ یَسـلُو مَـن قَد بَلَی عَـــن هَـــــواه أو یَغــفِل أشغــفَ القلــبَ حُــبـُّـهُ یا أهل ودی وین العیش لـی قالوا مـن حبَّ الله یمـوت قُلــــتُ أهــلاً بِقــــاتِــلی إنَّ في الـمــوتِ راحـــةً للــمُـــحِبِّ إذا بَــــلــــی قالـــوا إن کُنـتَ صــادقاً قُـــمْ في اللَّــــیلِ واسـألِ إنَّ فــي اللَّـــیل ساعـــةً لا تَنَمــــها یا غـــافـــــلِ (الششتری، 1960م: 366) من وجهة نظر الششتری، يجب على العاشق الحقيقي أن يتذكر دائماً حبيبه وألا يسكن في قلبه غيره. وفقاً للششتري، فإن الموت من أجل الحب هو الموت من قبل المحبوب الذي يقتل حبيبه ويجلب له الراحة المطلقة. وحدة الوجود يعتقد المتصوفة أن «الوجود حقيقة واحدة تكون في الداخل بوحدتها الكاملة خالية من أي كثرة وتعدد ولها مظهر هو مصدر عرض التعددية. هذه الكثرة ظاهرة خيالية وليست حقيقية.» (يثربي، 1368ش: 15) امتازت المقطوعات الغزلية بنوع من الوحدة حتى عصر العطار ومن سماتها الترابط والانسجام الملحوظ في أبياتها، لكن إذا قارنا غزليات العطار بغزليات سعدي أو البلخي، نرى الوحدة في غزليات العطار أكثر تجلّياً وظهوراً: پس هوا چیست؟ بر هیچ است و بس هیچ هیچ است که این همه هیچ است پس فکر کن در صنعت آن پادشاه کاین همه بر هیچ می دارد نگاه چون همه بر هیچ باشد از یکی این همه پیش هیچ باشد بی شکی (العطار، 1383ش: 235) - يعتبر الهواء لا شيء والخلق من العدم. في الواقع، كان خلق الوجود من العدم. - يعبر العطار عن دهشته من أن الوجود كله يقوم على العدم. - ويذكر كذلك أنه مع نظام الخلق هذا، فإن الوجود الكامل وجميع المخلوقات لا تُقارن بعظمة الخالق. أكثر من أي شاعر آخر في الأدب الفارسي، حدد العطار الوجود المطلق والغياب التام للكائنات والاحتمالات أو الممكنات. ومعظم غزليات العطار هي أمثلة رائعة وناجحة في تسجيل لحظات حياته. الشعر بالنسبة له عبارة عن تجربة، وهذه التجارب، بغض النظر عن مدى تنوعها من حيث العوامل الموسيقية واللغوية والبصرية، لها وحدة لابد من اعتبارها وحدة الوجود. وحدة الوجود هذه، تأتي من نظرته للعالم ومن نظامه الفكري ومن موقفه العميق والثابت. لأن كل مقطوعة من غزلياته ناتجة عن غليان عقله اللاواعي، وغالباً ما يتم إنشاؤها بتأثير من الموسيقى والوجد والشوق والسماع الصوفي، وهذه الوحدة أكثر وضوحاً فيها. يؤكد أبو الحسن الششتري على وحدة الوجود ويثبت وحدانية الله تبارك وتعالى بلفظ "لم يزل" و"دائم" و"لم تزل": یا مَــن خُفِـــی وَ لَم یَزَل مَـاأبینَكَ مَــا أظهَـــرَكَ إن کَــانَ تَغیبُ عَن بَصرِی بِعَینِ قَلبـــــی نَبصـرُك أنــتَ دَایـــمٌ لَـــم تَـزَل یَنظرُ جَمـیعَ المُوجُودات (الششتری، 1960م: 150 و151) أدرك الششتري بکل دقة وذكاء أنه يجب وضع خطة جديدة لنشر الموضوعات الصوفية بين طبقات مختلفة من الناس. كان يعلم جيداً أن هذا لن يكون ممكناً إلا من خلال كونه بسيطاً ويتبع أذواق الناس؛ لذلك، لم يجعل لغته الشعرية أقرب إلى لغة الناس العاديين فحسب، بل اختار أيضاً بنية وصيغة جديدة مقبولة بين الناس للتعبير عن أفكاره الصوفية السامية. كلماته البسيطة هذه جعلته يصل إلى مكانة رفيعة في الأدب الصوفي. استطاع أن يشرح أن للتصوف الفلسفي بعدين، نظري وعملي، وتطرق إليه بلغة بسيطة وبعيدة عن صعوبة الصوفية ورمزيتها، وربما كان هذا سبب قلق أعداء الصوفية ومعارضيها. كما اعتبر ابن تيمية - الذي يعادي الصوفية بشدة-الششتري أحد شيوخ وقادة الصوفية وكان له أثر كبير في نشر المذهب الصوفي. (الإدريسي، 2002م: 2) الحب الإلهي الحب له مفهوم عام وشامل. من يعرّف الحب لم يعرفه. الحب هو أقوى محفز يسبب حركة الظواهر ويحدد مسارها وهو عامل جذب غير مرئي يربط جميع أنحاء العالم معاً. الحب هو أهم ركن من أركان الطريقة الصوفية، ومن اجتاز مراحل الكمال يدركه ويفهمه. يقول الشيخ العطار في منطق الطير لما وصل إلى وادي الحب: العاشق من له حرقة في القلب من لوعة الحب وبكون كالنار حاراً وحارقاً ومتمرّداً، لا يعرف الدين ولا الكفر، ولا يعرف الشك ولا اليقين. يجب أن يكون الخير والشر هو نفسه في عينيه، ويخسر كل ما لديه في هذه الطريقة دون حسرة وملامة ويتقبل اللوم اليوم ولا يفكر ما يحصل له في الغد. (العطار، 1384ش: 385) في إحدى غزلياته الصوفية العرفانية، يعترف العطار بحبه وإعجابه بذات الباري تعالى: سوز عشقش بس بود در جان تو را دل منه بر وصل و بر هجران او با وصال و هجر او کاریت نیست اینت بس یعنی که عشقت زان او این کمالت بس که در وادی عشق خویش را بینی همی حیران او (العطار، 1386ش: 548) - لوعة الحب كافية لروحك، لا تتأمل بوصله ولا بهجرانه. - لا تشغل بالك بوصاله وهجره، ويكفيك حبك له. - يكفيك هذا الكمال أنك تغرق في وادي الحب وترى نفسك مندهشاً به. مهما كانت رتبة المحب، فهو لا يطلب مرتبة أعلى من المرتبة التي هو فيها، بل يشعر بالنعيم في نفس المرتبة، لأن روح الحب لها قيمة جوهرية، والشخص الذي يتمتع وينتفع بمشيئة الله من مختلف الفضائل التي تظهر في المرتبة التي هو فيها، حتى لو لم يصل إلى مرتبة أعلى، فهو لا يزال سعيداً. لهذا السبب، يقول العطار إنه لا ينبغي أن نجعل الوصل إلى الحق هدفنا وغايتنا، ولكن يجب على الإنسان أن يعيش الحب فقط من أجل الحقيقة ويبقى في الحيرة. فلا يتمكّن من الوصل إذن، هناك إمكانية في الحب، وهذا هو أعلى الكمال والقيمة التي يجب البحث عنها فقط. (حجازی، 1390ش: 192) ظهر في قصائد العطار الغنائية حب مؤلم سواء كان حقيقياً أو تجريبياً ولكنه كان مختلفاً عما قاله الشعراء الآخرون وهي عبارة عن كلمات لا تعبّر عن الحزن بل مجرد محاكاة لا غير. بالطبع، إن تحميداته ونعتاته ومناجاته تنتمي أيضاً إلى هذه الفئة، وكل من يتأمل فيها سيشعر بوجع القلب ولوعة الحب. (زرين كوب، 1378ش: 118) كما هو واضح في قصائد العطار أدناه: درد و خون دل بباید عشق را قصّهای مشکل بباید عشق را عشق را دردی بباید پرده سوز گاه جان را پرده در، گه پرده دوز عشق مغز کاینات آمد مدام لیک نبود عشق بی دردی تمام عشق بی درد ناتمام بود کز نمک دیگ را طعام بود (العطّار، 1384ش: 285) - ألم القلب ولوعة الحب تجربة يجتازها الحب، قصة صعبة ولكن على الحب أن يعيشها. - ألم الحب يتفوق على كل العشاق. - الحب هو رأس الحياة وعقل الكون، ولا يوجد حب تام بلا ألم. - الحب دون معاناة وآلام هو حب غير تام وهذا الألم كالملح في الطعام. يشير أبوالحسن الششتري إلى مفهوم الحب الإلهي ويكرر كلمة (الله) مراراً وتكراراً: یا طـــالباً رحمةَ الله سلِّــم أمــورك لله وقُــل بصدقٍ وجِدٍّ اللّــــهَ اللّــهَ اللّــه ولذَّ بـــه و تـأدّب فأنت في حضـرة الله فَقَــد ظفـرتَ بِکنزٍ وکـــل فضلٍ مِن الله واشدُد یـدك علـیه فقــطب أسـمــاءِ الله والزم حضوراً بقلبٍ إذا نطقـــتَ بــــالله (الششتری، 1960ش: 351) في هذه القصيدة يخاطب الشاعر السالك الصوفي في طريق الحق ويطلب منه أن يوكل عمله إلى الله وحده وأن يكون صادقاً ومخلصاً في عمله لينال الرحمة الإلهية. إن ذكر لفظ الجلالة (الله) هو أمر لطيف وممتع للصوفي، لأنه يعلم أن كل النعم والفضائل هي من الله سبحانه وتعالى. ويرى الله دائماً حاضراً في قلبه ويفنى في حضرة الله فلا يرى إلا الله.
النتيجة أدّت الدراسة الحالية إلى النتائج التالية: - أبوالحسن الششتري والعطار النيسابوري هما من الشعراء البارزين في مجال التصوف، ويمكن رؤية العديد من القواسم المشتركة في شعرهما. يشترك هذان الشاعران في مفاهيم مثل: الحرية، والرضا الإلهي، والخمرة الإلهية، والموت، والفناء في طريق الحب الإلهي، وحب الذات الأحدية. - يذكر العطار في قصيدته بعض النقاط التي تؤثر في نفوس جمهوره. ومن النقاط التي شدّد عليها، اختيار خير الكلام، والترميز، واختيار العزلة، وعدم الرغبة في تواصل الكلام، وتجنب الخطابة، وإحياء الشعر، ونضارة الكلام، والصمت. يختار العطار لكلامه وشعره منهلا مثل النفس والفكر والعقل والروح والقلب والحب والحبيب وعالم الغيب والإله. يتحدّث أبو الحسن الششتري أيضاً باستمرار في قصائده عن الفناء في سلوك الطريق إلى الله، ولهذا السبب يعتقد أنه يجب على المرء أن يعبّر عن الحب الإلهي علانية؛ لأن أفضل طريقة هي شرب خمر الحب الإلهي وكل من يميل إليها يرى خلوده. وفقاً لهذه المفاهيم المشتركة بين هذين الشاعرين وأيضاً بما أن الششتري كان متأخراً عن العطار، فلابد أن يكون الششتري قد تأثر بالعطار في بعض مفاهيمه الشعرية.
[1]. paradoxical | ||
مراجع | ||
الإدریسی، حسین. (2002م). «المؤتلف والمختلف فی الأدبین الفارسی والعربی شعر العرفان أنموذجا». مجله المنهاج. العدد 2.
بدوی، عبدالرحمان. (1984م). موسوعة الفلسفة. الجزء الأول. بیروت: الموسسة العربیة للدراسات والنشر.
جامی، عبدالرحمن بن احمد. (1336ش). نفحات الأنس من حضرات القدس. ج1. طهران: نشر مهدی توحیدی پور.
حسینی فارسانی، سیده محبوبه؛ محسن سیفی وعلی نجفی ایوکی. (1398ش). «همسنجی سروده منطق الورد محمدعلی الرباوی ومنطق الطیر عطار نیشابوری» (قصيدة منطق الورد لمحمد علي الرباوي ومنطق الطير للعطار النيسابوري)، مجله مطالعات عرفانی (مجلة الدراسات العرفانية). دوره ۱، العدد ۳۰ . صص 50-19
دهقان، علی. (1390ش). «بررسی تطبیقی عرفان سنایی وجان دان» (دراسة مقارنة بين عرفان سنايي وجان دان)، مجله ادبیات تطبیقی (مجلة الأدب المقارن). السنة الخامسة. العدد20. صص 82-63
الدایة، محمد رضوان. (1992م). مختار من الشعر الأندلسی. بیروت: دار الفکر.
روحانی، مسعود وعنایتی قادیکلایی، محمد. (1395ش). «تقابلهای دوگانه در غزلیات عطار نیشابوری» (اتناقضات الثنائية في غزليات العطار النيسابوري). مجله زبان و ادبیات فارسی (دانشگاه خوارزمی)، السنة 24 خريف وشتاء 1395 العدد 26 (التسلسل 81). صص 221-201
زرین کوب، عبدالحسین. (1372ش). آشنایی با نقد ادبی (التعرف على النقد الأدبي). طهران: سخن للنشر.
زرین کوب، عبدالحسین. (1378ش). صدای بال سیمرغ (صوت أجنحة العنقاء). طهران: سخن للنشر.
زیدان، یوسف. (1996م). شعراء الصوفیه المجهولون. بیروت: دارالجیل.
سارتر، ژان پل. (لاتا). هستی ونیستی (الكون والعدم). ترجمة عنایت الله شکیباپور. طهران: مؤسسة شهریار للنشر.
الششتری، أبوالحسن. (1960م). دیوان أبوالحسن الششتری. تحقیق علی سامیالنشار. إسکندریه: المعارف.
العطار، سلیمان .(1981م). الخیال و الشعر فی تصوف الأندلس. القاهرة: دارالمعارف
العطار النیسابوری، فریدالدین . (1940م). الهینامه. تصحیح ومقدمة هلموت ریتر. اسطنبول: مطبعة المعارف.
ـــــــــــــــــــــــــ . (1362ش). دیوان عطار، تصحیح تقی تفضلی، طهران: علمی و فرهنگی.
ـــــــــــــــــــــــــ .(1386ش). مختارنامه، تصحیح محمدرضا شفیعیکدکنی. طهران: سخن.
ـــــــــــــــــــــــــ .(1389ش). منطق الطیر، تصحیح محمدرضا شفیعیکدکنی. طهران: سخن.
العجم، رفیق. (1999م). موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامی. بیروت: مکتبة لبنان ناشرون.
لطفی مفرد نیاسری، فاطمه؛ امیرحسین رسول نیا ومحسن سیفی. (1399ش). «واکاوی تطبیقی منطقالطیر عطار و قصیده هدهد محمود درویش» (تحليل مقارن لمنطق الطير للعطار وقصيدة الهدهد لمحمود درويش). مجله عرفان اسلامی، الدورة 17. العدد 65. صص 115-97
مجيدي، فاطمه وابويساني، فاطمه. (1398ش). «اشکال تقابلهاي عرفاني در غزليات عطار» (أشكال التناقضات الصوفية في غزليات العطار). مجلة پژوهشنامه عرفان. الدورة 11. العدد 21. صص 186-169
مسبوق، سیّد مهدی. (1393ش). «ششتری و نقش او در گسترش شعر عرفانی عربی» (الششتري ودوره في انتشار الشعر الصوفي العربي). فصلنامه ادبیات عرفانی واسطورهشناختی (فصلية الأدب الصوفي والأسطورية). السنة العاشرة. العدد 34. صص 310-281
نجم رازی، عبدالله بن محمّد. (1365ش). مرصاد العباد. ج 1. طهران: محمد أمین ریاحی. | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 730 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 158 |