تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,624 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,435,523 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,456,157 |
دراسة ملامح الغروتيسك في رواية "التجوّل في أرض الغرباء" بقلم أحمد دهقان | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
دوره 12، شماره 47، آذر 2022، صفحه 115-138 اصل مقاله (270.92 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
زهرا مطیعی1؛ فاطمه حیدری* 2 | ||
1طالبة دكتوراه في اللغة الفارسية وآدابها، فرع كرج، جامعة آزاد الإسلامية، كرج، إيران | ||
2أستاذة مشاركة في قسم اللغة الفارسية وآدابها، فرع كرج، جامعة آزاد الإسلامية، كرج، إيران | ||
چکیده | ||
الغروتيسك (المزاح بالألم) مصطلح فني- أدبي يقوم من خلاله الكتّاب والفنانون بخلق مشاعر غير متجانسة ومتناقضة في نفس الوقت لإظهار كل ما هو غريب ومتناقض وغير مألوف في الوسط العام لدى المتلقي. بالنظر إلى الخصائص غير المنتظمة وغير المتجانسة، مثل التناقض والرعب والسخرية والمبالغة والغرائبية، يخلق الكاتب شعوراً غريباً على حدود الضحك والخوف والاستياء، وروح الدعابة في هذا العالم المضطرب الخالي من الفرح وعلى الرغم من أنه يسعى إلى رسم الابتسامة على الشفاه، إلا أن المرارة سيشعر بها المتلقي بعد تلقيه الموضوع. يقوم البحث الحالي معتمدا على المنهج الوصفي التحليلي بدراسة ملامح الغروتيسك في رواية "التجول في أرض الغرباء" بقلم أحمد دهقان. في هذه الرواية الواقعية، يتم سرد جزء من عمليات فترة الدفاع المقدس (الحرب العراقية الإيرانية) في أرض العراق بعين ناقدة وقد ابتكر الكاتب ملامح غروتيسكية باستخدام عناصر اللهجة والحوار وتوظيف التشبيهات والاستعارات في ظل الحرب وظروفها - التي تحتوي على مشاهد وأحداث مفجعة - وصوّر أحداثاً مريرة من هذا المنطلق. | ||
کلیدواژهها | ||
أدب الدفاع المقدس؛ التجوّل في أرض الغرباء؛ الغروتيسك؛ الواقعية؛ الفكاهة | ||
اصل مقاله | ||
يستخدم الكتّاب والفنانون أساليب مختلفة للتعبير عن المفاهيم التي يرغبون فيها؛ يمكن اعتبار الغروتيسك[1] أي "المزاح بالألم" إحدى هذه الطرق. شق الغروتيسك طريقه من الرسم إلى الأدب في فرنسا في القرن السادس عشر. لوحات جدارية تُظهر مزيجاً من الإنسان والحيوان والنباتات والمخلوقات الخيالية. مع دخول هذا الفن إلى مجال الأدب، اهتمّ الكتّاب به كأداة ووسيلة لخلق أعمال من قبل القارئ تمنحه فرصة أكثر للتفكير، وأدّى إلى خلق شخصيات مثيرة للشفقة ولكن نظراً لظروف الكاتب وإبداعه، لم يكن تركيز الغروتيسك على الشخصية فحسب بل أصبح أداة للتعبير عن الأحداث المريرة والمروعة بقلم فكاهي أيضاً. ويتم وصف المشهد أو القصة بطريقة غريبة (غروتيسكية) حيث توضع الموضوعات المتباينة والمتناقضة معاً بطريقة غير معتادة، مما يخلق إحساساً متضارباً ومقرفاً ومثيراً للاستياء لدى المتلقي؛ شعور ممزوج بالخوف والضحك، والقبيح والمضحك، ويضع القارئ على حدود الضحك والانزعاج في نفس الوقت، بينما يُظهر غرابة وعبثية العالم، كما يذكرنا بالطبيعة الكوميدية والمأساوية للحياة. بعد التغييرات في المجتمع والحوادث المؤسفة مثل الحروب والكوارث وما شابه ذلك، خلقت بعض الأعمال فرصة للكُتَّاب لظهور الغروتيسك، جنباً إلى جنب المشاعر الداخلية للشخص، كما أن الفكاهة والمزحة توفر أيضاً مزيداً من الأرضية لظهور الغروتيسك وتقديم رسالة للقارئ. في مجال الدفاع المقدس، تناول أحمد دهقان في كتابه "التجول في أرض الغرباء"، على عكس الأعمال الأخرى في هذا المجال الذي يتعامل مع الجوانب الروحية لجبهة الحرب، تناول الحرب العراقية الإيرانية التي استمر لثماني سنوات، من منظور مختلف. تحتوي هذه الرواية على أحداث الحرب المكشوفة. واستخدم الكاتب بوعي أو بغير وعي، الغروتيسك (المزاح بالألم) في أجزاء من الرواية، وفكاهته هي أداة لتصوير ظروف الشخصيات الصعبة في الرواية. يتم استخدام الدعابة والمزاح في الرواية لتقوية روح الشخصيات لجعل الجو سعيداً؛ لكن الألم وشدة الحزن تظل مرارتهما في مذاق القارئ إلى جانب هذه الدعابات؛ لأن الجو الممزوج بالخوف والرعب الذي سببته الحرب والبرد السائد في المنطقة يسودان على المزحات بمرات. في هذا العمل، يتم تصوير قصة أخرى عن تضحية القوات المناضلة في عملية جرت في منطقة ماوت بالعراق. أسئلة البحث 1- ما هي عناصر الغروتيسك في رواية "التجول في أرض الغرباء"؟ 2- ما هو تأثير الفضاء والنبرة في خلق الغروتيسك في الرواية؟ 3- ما علاقة الغروتيسك بالفكاهة والواقعية في الرواية؟ فرضيات البحث 1- يمكن رؤية ملامح ومشاهد غروتيسكية في رواية "التجول في أرض الغرباء". 2- تلعب الظروف (الجو السائد) واللهجة دوراً فعالاً في خلق الغروتيسك في الرواية. 3- الفكاهة والاستياء الموجودان في الغروتيسك مقتبسان من الحقائق التي حدثت في الحرب ويخلقان شعوراً غير متجانس في نفوس المتلقين. خلفية البحث تم نشر العديد من المقالات في مجال الغروتيسك، ومنها: - مقال بعنوان «عناصر گروتسک ومدرنگرایی در رمان شازده احتجاب گلشیری» (عناصر الغروتیسك والحداثة في رواية الأمير احتجاب لـ هوشنك كلشيري) (1400ش) من تأليف السيد إسماعيل قافلهباشي وفرشته حسيني، ونشر في فصلية رقم 38 من دراسات اللغة والأدب الغنائي. تناول فيه المؤلفون الغروتيسك في قصة الأمير احتجاب بالاعتماد على ثلاثة عناصر هي الرمز والموقف والشخصية. مقال «بررسی جلوههای گروتسک در آثار بهرام صادقی و اوژن یونسکو» (دراسة المظاهر الغروتيسكية في أعمال بهرام صادقي وأوجين يونسكو) (1398ش) بقلم علي رضا أسدي وعلي رضا شوهاني وفاطمة إسماعيلي نيا ونشر في المجلة الفصلية لأبحاث الأدب الروائي بجامعة الرازي. وقد وجد المؤلفون في هذا العمل، أثناء تقديمهم للعناصر الغروتيسكية وخصائصها، من خلال تحليل أعمال أوجين يونسكو وبهرام صادقي، العديد من المظاهر المتعلقة بعناصر الغروتيسك وذكروا أن هذين الكاتبين قد نظرا بوعي وإدراك في التعبير عن العناصر الغروتيسكية في أعمالهما. مقال بعنوان «بررسی عناصر گروتسک در رمان خوف اثر شیوا ارسطویی براساس نظریات میخاییل باختین، فیلیپ تامسون وولفگانگ کایزر» (دراسة العناصر الغروتيسكية في رواية الخوف لشيوا أرسطويي بناءً على نظريات ميخائيل باختين وفيليب طومسون وفولفغانغ كايزر) (2017)، بقلم سعيدة جاور وناصر علي زاده، والذي نشر في العدد 237 من دورية اللغة الفارسية وآدابها بجامعة تبريز. في هذه المقالة، قام المؤلفان في تلك الرواية بتحليل العناصر الغروتيسكية مثل التشويه (المسخ)، والجانب الرمزي، وتباين الجوانب الهزلية والمأساوية، والسلوكية غير السوية، وخلق شخصيات خيالية بخصائص شيطانية، وما إلى ذلك، واعتبراها عملاً جديداً في مجال الأدب الإيراني. وفي مقال «تبیین گروتسک در عزاداران بیل» (شرح الغروتيسك في عزاء بيل) (1396ش)، بقلم عبد الله مير علي حسن زاده ونيلوفر أنصاري، نشر في مجلة رخسار زبان، العدد 3، قام المؤلفون، بالبحث عن عناصر الغروتيسك، و مؤلف الرواية جعل كباقي أعماله مشاكل مجتمعه الاجتماعية والسياسية، موضوعاً لهذه الرواية واستخدم الغروتيسك كوسيلة للنظر إلى العالم والإنسان وكل صفاته الحسنة والسيئة. مقال «بچههای قالیبافخانه اثر هوشنگ مرادی کرمانی» (دراسة وتحليل العناصر الغروتسيكية في قصة أطفال حياكة السجاد لهوشنك مرادي كرماني) (1391ش)، بقلم علي صفائي وحسين أدهمي، والذي تم تقديمه في ملتقى الدراسات الأدبية بجامعة شهيد بهشتي. وتناول دراسة العناصر الغروتيسكية للرواية وعلاقتها بالمدرسة الطبيعية والفكاهة. مقال «تلفیق احساسات ناهمگون ومتضاد گروتسک در طنز ومطایبه» (المزج بين المشاعر الغروتسيكية المتباينة والمتناقضة في السخریة والفكاهة) (1391ش) بقلم فاطمة تسليم جهرمي ويحي طالبيان؛ تم نشره في العدد الأول من مجلة الفنون الأدبية في أصفهان. تناول فيه المؤلفان موضوعات غروتسيكية في السخرية والفكاهة، وبالنظر إلى أحد الفروع الغروتسيكية في السخرية والفكاهة، أي ما يسمى بـ (الكاريكلماتور أي الكاريكاتور بالكلمات)، وبعد دراسة خصائص الكاريكلماتورية لبرويز شابور، وجدوا أنها تحتوي على عنصرين من التناقض والمبالغة. وتعتبر رواية "التجول في أرض الغرباء" من الأعمال التي تمت دراستها في مجال أدب المقاومة. والتي تشمل: مقال (ثمن العثور على شخص في ساحة الحرب: نظرة على رواية التجول في أرض الغرباء) (1389ش) لفرحان علي زاده؛ تم نشره في كتاب ماه ادبيات. مقال بعنوان «بازنمود پدیدۀ اجتماعی جنگ در رمان پرسه در خاک غریبه براساس روش تحقیق کیفی- نظریه مبنایی» (تجلي الظاهرة الاجتماعية للحرب في رواية "التجول في أرض الغرباء" على أساس منهج الدراسة النوعية- النظرية الأساسية) (1392ش) لفريدة داوودي مقدم ومنصورة شاه محمد ميراب، فصلية الأدب الروائي في جامعة الرازي. مقال بعنوان «بررسی ناتورالیسم در ادبیات داستانی جنگ» (دراسة الطبيعة في أدب الحرب الروائي) (1397ش)، بقلم مهدي خادمي كولاي ونسيم حسن بور إيلايي، مجلة أدب المقاومة بجامعة كرمان. مقال بعنوان «سبک شناسی لایهای داستان پرسه در خاک غریبه احمد دهقان» (أسلوبيات الطبقات فی روایة التجول في أرض الغرباء لأحمد دهقان) (1398ش) بقلم منوتشهر أكبري وعمران صادقي، مجلة أدب المقاومة بجامعة كرمان. كما يبدو أن هذه الرواية لم يتم دراستها من منظور الغروتيسكية. منهج البحث اعتمد البحث في هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي. ومن خلال تعريف الغروتيسك تمت دراسة العناصر الغروتيسكية وعلاقتها بالفكاهة والواقعية، في رواية "التجول في أرض الغرباء". الغروتيسكية وخصائصها ترجمت لفظة الغروتيسك باللغة الفارسية على أنها «السخافة، الشيء المضحك، الإحراج، الغرابة، الأمر الذي لا يصدق، وغير المعقول، العجيب والغريب، الخيالي، غير المألوف، غير المتناسق، وغير المتوازن.» (ثابت قدم، 1383ش: 201) تخلق الغرابة والتناقض وعدم الاتساق إحساساً مزدوجاً ومختلفاً لدى المتلقي، كما أن وجود السخرية والرعب جنباً إلى جنب يترك شعوراً غريباً في النفس. «الغريب في علم الأدب، أو في لغة الفن، يشير إلى الإنتاج الذي يصور التنافر، والتناقض، وعدم التجانس، والسخرية في العالم الواقعي الذي هو خارج التصور، أو تدمير العالم وشره وعبثيته.» (المصدر نفسه: 202) يسود هذا الأسلوب عادة في المجتمعات التي تتمثل سماتها الرئيسة في الصراع أو النزاع، التغيير والالتباس. (انظر: طومسون، 1390ش: 14) إن الشعور بالتناقض والغرابة عند قراءة عمل غروتسیکی، هو أهم تأثير يحدث للقارئ في الوهلة الأولى. والفكاهة والضحك في الغروتيسك لا يقترنان بالفرح والسعادة أبداً؛ بل إنهما يثيران نوعاً من الخوف والرعب والاستياء والقرف لدى القارئ. يمكن العثور على أمثلة عديدة لهذا النوع من المشاعر في كتاب المسخ لكافكا. إن تحول الإنسان إلى حشرة كبيرة، بأفكار بشرية ورهبة غير إنسانية، يخلق نوعاً من الصراع العاطفي في نفوس المتلقين. التخيل لم يجعل رواية كافكا فكاهية ومضحكة. بل إنها أوجدت الخوف والرعب في العقل اللاواعي، مما قد يشكل تهديداً لذهول الشخص وجهله. إن الغروستیك تبدو مختلفة في نظر كل من إيوا کوریلوك[2]، جيفری جالت هارفام[3]، میخائیل باختین[4] وولفغانغ کایزر[5]. ويعتبر كل من باختين وقيصر من أعظم المنظّرين في هذا المجال. في كتابه "غروتيسك في الفن والأدب" بعد الحرب العالمية الثانية، ركز كايزر اهتمامه على الأدب الألماني والفرنسي والفني كتعبير رومانسي في تعريف الغروتيسك. فهو يعتقد أن الغروتيسك هو عالم غريب ويبدو أنه تعبير عن قوة غير مفهومة وغير شخصية. غروتيسك هي لعبة مع سخافات وخلقها هو محاولة لاستدعاء وإخضاع الأبعاد الشريرة في العالم. (آدامز ييتس، 1398ش: 33-41) لكن الغروتيسك له معنى أكثر إيجابية في رأي باختين، على عكس كايزر، فإنه يرى الغروتيسك يتعلق بالضحك والكوميديا ويحاول «إخراج الغروتيسك من قلوب الكرنفالات الشعبية والصاخبة وينظر إلى هذه الكرنفالات على أنها النظام الحاكم؛ النظام الذي كل شيء فيه يسير بالضحك والنكات والاستهزاء، على عكس النظام الحاكم. حيث يضع الناس أقنعة وصوراً غريبة أو مضحكة أو مخيفة على وجوههم وتظهر في أكثر الصور عرياً وبدائية.» (شربتدار وأنصاري، 1391ش: 112) في المصادر المكتوبة عن الغروتيسك، لم يتم ذكر تأثير المحفزات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الغروتيسك بوضوح. على الرغم من أن الغروتيسك نشأ في العالم الغربي، إلا أنه يجب القول، یختلف هذ الصنف عن هيكلها الغربي في الأدب الفارسي كالعديد من المدارس الغربية. «لقد شهد معظم الكتّاب والشعراء الذين تناولوا الغروتيسك في أعمالهم بشكل مباشر أو غير مباشر، تغييرات وتطورات اجتماعية، ووقائع وأحداثاً اجتماعية أو تاريخية مؤسفة مثل الكوارث والأزمات والحروب والقتل وما إلى ذلك، أو تأثروا بهذه التيارات.» (تسليم جهرمي وطاليبيان، 1390ش: 4) يمكن للأحداث المريرة والبارزة مثل النزاعات والصراعات والحروب التي تتميز بطبيعة الحال بأجواء ومشاهد مؤلمة ومرعبة، أن تخلق جواً غروتيسكياً بشعاً في القصة من خلال إضافة شعور متناقض. وعادة يتجاوز ذلك كونه شعوراً غريباً، فيحفّز تفكير القارئ ويجعله يبحث عن السبب. لذلك، يخلق الكاتب أحياناً عن غير قصد أجواء ومشاهد غروتيسكية. (انظر: طومسون،1390ش: 80) رواية "التجول في أرض الغرباء" تدور أحداث الرواية حول القوات الإيرانية التي تم إرسالها لتنفيذ عمليات من الجنوب إلى غرب البلاد لإنقاذ أشخاص هاجمتهم قوات صدام بمساعدة القوات الكردية العراقية. الجو بارد جداً. يتم وضع القوات في مجموعات صغيرة تحت إمرة قادتها؛ ومن أجل التغطية على العملية، يتم وضعهم في قطار مع عدد من الحيوانات والمواشي لنقل الإمدادات والمعدات من محطة مهجورة. جمال هو قائد المجموعة التي يتواجد فيها عبد الله وإبراهيم وزكريا وبهرام. عبد الله، هو الشخصية الرئيسة في الرواية، يهرب أحياناً من ذكرياته ويذكر حبه السابق شيرين وهي مطربة في أحد الملاهي. بعد الثورة وبدء الحرب جاء الى الجبهة لينسى شيرين. لهذا السبب، هناك فرق بينه وبين المحاربين الآخرين. بعد الوصول إلى المكان والاستيلاء على الحيوانات لنقل الحمولات إلى منطقة العمليات، ستتوجه القوات المعنية إلى مدينة ماوت بالعراق. استشهد العديد من الجنود بعد هجمات العدو. فقطع الرؤوس ورمي الجثث على الأشجار وقتل الحيوانات، يخلق مشاهد مفجعة ومروّعة. في ظل الصراع المحتدم بين المقاتلين الإيرانيين والقوات العراقية، وصل اللاجئون الأكراد المطلوبون والملاحقون لعدة أيام من قبل قوات الحرس العراقي إلى المضيق وتم إرسالهم إلى خلف الجبهة بمساعدة القوات الإيرانية. في وسط السهل، قرية صغيرة ذات عدد قليل من السكان تعيش مع شيخهم ومرشد لهم ورغم الظروف القاسية والاعتداءات الشديدة، فهم لا يغادرون قريتهم. يستقطب الرجل العجوز قوى كثيرة بأقواله وسلوكه النبوي، لدرجة أنه بعد عودة القوات واستبدال القوى الجديدة، يعود عبد الله الذي تغير وتلاشى حبّه لشيرين؛ إلى القرية لإقناع الرجل العجوز والقرويين بمغادرة المنطقة؛ لكنه يرى من أعلى الوادي أن المنطقة تعرضت للقصف بالقنابل الكيماوية وأن السهل والقرية الصغيرة تختفيان تحت الغبار. ملامح الغروتيسك في رواية "التجول في أرض الغرباء" الجنوح والكوميديا والرعب: إن خلق إحساس بالتناقض، هو أحد أبرز سمات الغروتيسك. ويعدّ الضحك والخوف من بين المشاعر المتضاربة التي تنتج عند قراءة قصة غروتيسكية. «الكتّاب الذين كتبوا عن الغروتيسك، ربطوه دائماً بالهزل أو الرعب. هناك من يرون الغروتيسك أنه شكل فرعي من الكوميديا، فهم في هذه الحالة يصنفونه ضمن المهزأة المبتذلة أو البورلسك[6]، وآخرون يؤكدون على الجانب المروع للغروتيسك، فهم في هذه الحالة غالباً ما يجرّونه إلى عالم مجهول وغامض، وحتى الخارق للطبيعة. بطبيعة الحال، هناك العديد من النقاط بين هذين القطبين، ولكن باستثناء بعض الموارد في الفترات المبكرة، فإن رؤية الغروتيسك كظاهرة تجمع كلاً من الكوميديا والرعب في مزيج معقد، هو اتجاه جديد نسبياً.» (طومسون، 1390ش: 25) أحد ملامح الغروتيسك، هو التشوه من الناحيتين الجسدية والنفسية. التناقض في الغروتيسك، هو نوع من الجنوح أو الشذوذ الذي يظهر معه الصراع والمشاعر غير المتجانسة. في كتاب "الغروتيسك"، يناقش طومسون التشوه الجسدي بالإشارة إلى رواية مسخ لكافكا وحالة جريجور فيها، ويشير إلى أن «الغروتيسك يرتبط ارتباطًا وثيقاً بالتشوّه الجسدي.» (المرجع نفسه: 12) طريقة استخدام الغروتيسك في رواية "التجول في أرض الغرباء" مرتبطة بالمكان والزمان والسرد والأحداث التي وقعت فيها. يعود مبدأ الحرب إلى أسباب نفسية. مما يؤدي إلى بدء الحرب من قبل الجانب المعادي ويوفر الظروف لمهاجمة وغزو دولة أخرى. تجلب الحرب الخوف والرعب، حتى أن كلمة "الحرب" وحدها تخلق صورة مريرة في المستمع. لكن الكاتب في بعض مشاهد رواية "التجول في أرض الغرباء"، يصور للقارئ مشاهد مزعجة ومخيفة يمزجها بتشبيهات مضحكة. وما يمكن رؤيته وراء هذه النبرة السخيفة والسرد، ليس طبيعتها الهزلية والممتعة، وإنما الكاتب لجأ إلى هذا الأسلوب ليصور "الموت" و"المشاهد المؤلمة" لأشخاص أتوا لإنقاذ أرواح زملائهم في أرض غريبة. خلق دهقان شعوراً كوميدياً في الأجواء المرعبة التي سببها قصف العدو المتواصل من خلال تسمية الحيوانات التي تحمل الذخائر وتوصيفها بـ- آق ماشال وصاحب الساق السوداء. «آق ماشال الذي شعر بالموت، وقف للحظة وتنهد نخّر وصاحب الساق السوداء الذي كان إلى جانبه صرّ أذنيه للاستماع. لم يتوقف أق ماشال. ألقى صندوق الذخائر على الأرض وهرب. ورأى بقية البغال تجري خلفه ... بدأ قصف الطائرة يدور مثل آلة الخياطة. تشبث الحشد على الأرض ... كان الحشد خائفاً، وبمجرد أن أراد أن يتنفس الصعداء، نزلت الطائرة الثانية من أعلى الوادي. عبد الله الذي لم يتحرك من مكانه كفزاعة الحقل، فجأة رأى إطلاق قذائف من تحت الطائرة، كان لديه ساقان، واستعار ساقين وركض ... قال ضابط المشتريات الطويل: كان قد سقط في وسط الثلج - على بعد سبعة أو ثمانية أمتار من الخيام المشتعلة - ورفرف مثل الدجاجة المذبوحة.» (دهقان، 1393ش: 76) وفي تعبيره عن صعوبات العملية، يعبر دهقان عن الرعب الذي أحدثته تلك العمليات بطريقة كوميدية وهكذا يؤثر على مشاعر القارئ. بهذا الوصف، ألا يؤدي الانعكاس الهزلي والمضحك لمشاهد الحرب بلغة وتصوير جديدين، إلى الانتقال من اليأس والخوف إلى واقع الحياة والموت؟ اليأس والإحباط والخوف من الأمور المنبوذة والمنهي عنها في المعتقدات الدينية: "وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ"[7]، ويبدو أن محاولة الكاتب، قد بُذِلت للتغلب على المسائل المحرمة والمنهي عنها في الدين وخلق رد فعل يقوم على حقيقة أن الشيء المخيف يمكن تلطيفه بالفكاهة والضحك كما يمكن الشعور بالمتعة الذي ينتجه الانحراف عن القاعدة في الموقف أحياناً. «الأضواء والمفرقعات النارية الملونة في الهواء نشرت ألواناً مختلفة وجميلة في الثلج. فبدا الأمر كما لو أن الجميع قد دعوا إلى حفلة رائعة جداً. - لو تسمعها مني، الحرب ليست سوى احتفال بالموت. - يا عيني على التبذير والتكلفة اللي فيها! -ما زال هذا التبذير مستمراً يا صاحي، دع الدف والطبل يبدأ، فحينها سترى كيف يُقطف الإنسان كله كالثمرة الناضجة من أصله. (المرجع نفسه: 102) من أبرز المشاهد الغريبة في هذه الرواية موت الجحش وهو حمار صغير ومرح، والذي صوره الكاتب مع والديه في أجزاء من الرواية. «كان الحمار يقف بلا حراك أسفل جبل من الثلج - في وسط الثلج. يا بهرام، اذهب واحصل عليه، سیکون لديك واحد آخر! كان الحشد في حال الضحك والمرح عندما ابتعد بهرام عن الطابور ... وصل وأول شيء واجهه، هو رقاقة ثلج صغير يمتد من أنف الحمار إلى الثلج المتجمد. كانت عينا الحمار مفتوحتين ولكنهما لم ترمشا ... أمر لا يصدّق. كان الحمار واقفا مجمّداً! يرقد بجوار جثتي حمارين - والده ووالدته - وسط الثلج.» (المرجع نفسه: 236-237) خلقت الفكاهة في عبارة رقاقة الثلج على أنف الحمار، ووقوفه المتجمّد في الثلج بجوار جثث والديه مشهداً غروستيكياً. المبالغة والإفراط: إن المبالغة والإفراط في الغروتيسك يجعله قريباً من الخيال. (أنظر: طومسون، 1393ش: 27) كل شيء ممكن في عالم الخيال (الأناقة) وهو واضح من قبل القارئ؛ إن ابتكار العمل الغروتيسكي في الواقع مصحوب بالخيال، وعلى الكاتب أن يتجنب المبالغة في إبداعه حتى لا يدخل في فضاء الأناقة. ما نراه في رواية "التجول في أرض الغرباء" هو حقيقة الحرب. الكاتب نفسه كان حاضراً في ساحة المعركة وشهد مثل هذه الأحداث، ولا ينوي المبالغة والمغالاة والتخيل لما حدث. لكن ما يمكن اعتباره تجاوزات للرواية، هو تعبير عن مأساة الحرب التي يعبّر عنها الكاتب بالسواد، في عملية يعتقد أنها فاشلة وتجوّل في أرض أجنبية وهي العراق. الرواية هي سرد للعالم الحقيقي، بعيداً عن الخيال والأوهام، وهو يصوّر ما حدث علانية. لقد صورت الأجساد المقطعة، والتفجيرات المتتالية، والثلج والبرد الهائل، أبعاد الرعب الغروتيسكية والنبرة الفكاهية للكاتب، صوّرت الجانب الآخر من الغروتيسك. حقيقة وجود أشخاص مختلفين مع وجهات نظر مختلفة للعالم ليست بعيدة عن وجهة نظر الكاتب. إن وصف الأشخاص ذوي السمات الحقيقية ولكن غير التقليدية في جو الحرب، يأخذ القارئ بعيدًا عن رعب البيئة المحيطة للحظة. في ظل إنشاء شخصية جمال، قائد الفرقة الذي ينوي بالإضافة إلى العمليات، إنقاذ حياة قواته، يقوم الكاتب بالجمع بين العناصر غير المتجانسة وغير المتوافقة. ويسلط الضوء على رقبة جمال الطويلة والفضفاضة: «بهذه النظرة السوداء المحترقة والرقبة الطويلة المترنحة، كان يأتي وذهب.» (دهقان، 1393ش: 41) «كانت رقبته الطويلة رخوة فضفاضة» (المصدر نفسه: 56) «أصبح جمال يعتني بقواته أكثر من أي وقت مضى. وهو برقبته الفضفاضة، كان يأتي ويذهب باستمرار.» (المصدر نفسه: 118) عادة الوصف الممزوج بالفكاهة والسخرية يخفف من الرعب في أجواء الحرب، وتُروى مشاهد العملية ببعض الأوصاف المضحکة في ظل أجواء الخوف والرعب التي تسود المنطقة المعرّضة للقصف بكل أنواع الأسلحة ويستشهد فيها عدد من الجنود بوحشية. يصوّر الجو الغروتيسكي شعوراً سخيفاً ممزوجاً بالاستياء والرعب. نشعر بنوع من السخرية في كلام الكاتب؛ ولكن لا يقصد الاستهزاء بجمال، وراء هذا النوع من التعابير يصف جهود وشجاعة هذا القائد الشاب. في نهاية الرواية يستشهد القائد الشاب جمال وتحدث إحدى المشاهد المؤلمة حيث أخذ الوالد جسد ابنه إلى الجزء الخلفي من الجبهة، والده هو سيد ولي صاحب ذلك المقهى الذي كان يتردد عليه عبد الله، الشخصية الأخرى في الرواية، قبل الثورة. التغريب: ينشأ الغروتيسك من خلال صدمة مفاجئة. الفكاهة والسخرية وحتى الإساءة في القول المستخدمة فيها، تخلق الدهشة والغرابة وتربك الجمهور وتغير مسار نظرته الطبيعي للعالم. (انظر: طومسون، 1369ش: 100) بالغروتيسك، يمكنك تقديم وجهة نظر أخرى للقارئ، وبهذه الطريقة يمكنك مواجهته ببيئة مختلفة وغير مألوفة، ومزعجة تلفت المزيد من الانتباه. إن النظرة السائدة للمجتمع فيما يتعلق بالحرب العراقية الإيرانية هي وجهة نظر مقدسة ودفاعية. دفاع الناس عن العدوان بالاعتماد على المعتقدات، أدى إلى حماية الحدود والأرض. لكن هذا المعتقد في قصة "التجول في أرض الغرباء" يرافقه شكل غير مألوف، يوجه ضربة غريبة على العناصر المألوفة في معتقدات القارئ. من الممكن اعتبار التعاريف وبعض المزحات في الرواية اغتراباً يختلف عن أجواء القصص الأخرى للدفاع المقدس والتي غالباً ما تمتاز بالروحانية. التأثير النفسي: إن للغروتيسك تأثير في التخلّص من التأثيرات النفسية السيئة إلى جانب خلقه التوتر في نفس الوقت. والضحك في الغروتيسك لا يأتي من أعماق القلب، بل جانبه المخيف يجعل الضحك جافاً؛ والعكس صحيح أيضاً. ورد الفعل على الاستياء الموجود ينهار أيضاً مع الجانب المضحك من الغروتيسك. (المصدر نفسه: 101) لا يمكن تجاهل التأثير النفسي للحرب في نفوس الناس العاديين والمشاركين فيها. يستخدم دهقان "آلية نزع السلاح ذات الأثر النفسي" أثناء توظيف وتسليط سلالة من الكوميديا في أجواء مرعبة، بينما يروي صورة حقيقية للحرب، ويثير القلق والخوف الناجم عن الحرب باستخدام الكلمات والذكريات والتشبيهات والاستعارات. في مشهد من الرواية، بعد القصف الصاروخي، بقي بعض الجنود تحت الجليد فاستشهدوا. «لم يخرج أي منهم حيّاً. شخصان فقط – وهما كانا يحملان جرحى المجموعة - رغم أنهما أصبحا كالفحم، ما زلت تعتقد أنهما على قيد الحياة. أخرجوهما من تحت الثلج بكل صعوبة ومشقة. وقد مسكا جانبي النقالة بإحكام ولم يتركاها. عبد الله وجمال وزكريا، أقدموا على فتح أصابعهما المجمدة بكل ما لديهم من قوة وأخذوا النقالة من قبضتهما. كما توقفوا عن التنفس.» (دهقان، 1393ش: 131) في وصف المشاهد المفجعة، بالإضافة إلى الاهتمام بالمهمة المتمثلة في سرد الحقائق، يحاول الكاتب أن يبعد الخوف عن القارئ. الغروتيسك والفضاء احتل الغروتيسك أكبر مساحة في رواية "التجول في أرض الغرباء". «ما يمكن رؤيته في القصص الغروتيسكية الفارسية مقارنة بآداب الأمم الأخرى، هو خلق الجو والأحداث العامة التي تشكل جواً غروستيكياً في شكل قصة. في القصص الإيرانية، تؤدي جميع أحداث القصة، بما في ذلك خلق الجو والمكان وما إلى ذلك، إلى خلق جو غروستيكي.» (محمدي فشاركي وآخرون، 1392ش: 94) أجواء الرواية هي عبارة عن الحرب والخوف، كان بهرام، وهو أحد شخصيات الرواية يتداول أحياناً الطرائف والنكات الساخرة واستعادة الذكريات في تلك الظروف الصعبة وغير المنتظم، لرفع معنويات القوات، مما يخلق جواً مرحاً وفكاهياً في البرد القارس والوضع القاسي للعملية. لا شك أن الذكريات التي تُروى بمفردها وخارج فضاء هذه الرواية، تجلب الدعابة والفكاهة للقارئ؛ ولكن هذه الفكاهة تحدث في جو ومكان الحرب المرعبين، أجواء مصحوبة بشكل طبيعي بالخوف والأحداث المرعبة، لكن محاولة بهرام لتلطيف الجو ورفع الروح المعنوية، تخلق دون وعي منهجاً غروتيسكياً. وفي مثل هذا الفضاء، يخلق دهقان صوراً مضحكة لحقائق مثيرة للاستياء ويخفي الخوف واليأس والألم والغضب الناتج في ساحة المعركة تحت غطاء كوميدي ومضحك من التشبيهات والاستعارات يؤثر على مشاعر المتلقين. «سقطت قذائف الهاون والمدافع على الأرض في كل مكان. كانت السماء تضيء مرة وتنطفئ أخرى، والأرض ترتجف. انفجر أحد المدافع في منتصف الطريق ودهس ستة أو سبعة جنود وأربعة بغال ... فبعد مشاهدة هذا الموقف، قام بعضهم بحفر الأرض المتجمدة، والتي كانت أصعب من الحديد الزهر. كان عليهم أن يموتوا ليتمكنوا من حفر قطعة من الأرض. كان بعضهم قد دفنوا أنفسهم في الثلج، ولكن كان على بعد الطريق أحداث أخرى لم تقل رعباً عن هذه؛ كانت الكلاب تأتي وتذهب وتنبح كما لو كانت مدعوة لحضور حفل زفاف. في هذه الأثناء عندما رأى بهرام أنه لا يستطيع أن يضحك أحداً ولو للحظة، جاء وأخذ حبل آق ماشال وسحبه قائلاً: في هذا المكان المزدحم حيث لا يتضح بعد كم لي من الوقت حتى الموت، أريد أن أذهب وأحقق أمنيتي الأخيرة في الحياة. منذ اللحظة التي رأيت فيها آق ماشال، وقعت في حبه «كما لو كنت قد وجدت ما فقدته ... أريدك أن تقرأ لنا عقد مؤاخاة حتى نصبح إخوين حقيقيين. انفجر شخص أو شخصان يشعران بالاستياء بالضحك ... أما الرصاصة التالية لم تمنح لأي شخص فرصة للانفجار من الضحك. سقطت قذيفة مدفعية على رأس الأرض. ولم يلبث حتى سمع صوت أنين وصراخ لم يتضح ما إذا كان صوت إنسان أم حيوان.» يمتلك الغروتيسك طبيعة متنافرة وغير متجانسة وغير طبيعية يرتبط بالعدوانية والاستياء والتأثير النفسي. في رواية "التجول في أرض الغرباء" نرى انحرافات وشذوذاً غروستيكياً في فضاء الرواية ومشاهدها. بعد سقوط القذائف في المنطقة، تنشأ مشاهد رهيبة ومؤلمة.«يا أبا الفضل .. .كان بهرام هو من حدّق في شجرة البلوط القريبة منهم، تظهر عليها شخص بلا ذراعين وأرجل معلق على الأغصان وكان الدم يقطر منه. والفروع مليئة بالمعاطف الممزقة والملابس المتسخة وقطع الجثث ... رأى الله مراد الكلاب قبل كل شيء. كانت منتشرة على جانب الطريق. نظر جيداً. كانت تلعق الدماء على الأرض بجشع. وقف مرتبكاً وشعر بالغثیان. شعر بأن فمه مليء بالماء. كان يتجشأ ويستيقئ ما أكله منذ الصباح. جاء أحد الكلاب مسرعاً وأمام عيون مراد الله، بدأ بلعق السائل الذي نثر أمامه. الدم المجمد لم يكن طعمه جيداً حتى في أفواه الكلاب. فلم تمكث الكلاب طويلاً وتركت اللعق وغادرت .. لقد كانت فرحتها حقاً.» (المصدر نفسه: 114) الغروتيسك وروح الدعابة الفكاهة، هو الضحك على أحدهم والسخرية والتهكّم. (دهخدا: الفكاهة) يرتبط الغروتيسك بالفكاهة، بما أن الكوميديا تعدّ إحدى خصائص خلق الشعور المتضاد؛ فيمكن اعتبار العلاقة بين الفكاهة والغروتيسك مهمة ومباشرة. «يختلط الغروتيسك والهجاء معاً في علاقة ثنائية وداخلية، بحيث يصعب تحديد أي جزء من العمل هو هجاء أو غروتيسك.» (تسلیم جهرمی وطالبیان، 1390ش: 7) من الجوانب الشائعة الأخرى للغروتيسك والفكاهة هو التغريب. في كلتا الطريقتين، محاولة في أن: «ينظر إلى العالم الملموس بشكل آخر من قبل المتلقي من أجل إثارة مشاعره تجاه الأمر المهمل. في الفكاهة، يتم هذا التغريب عبر إعطاء الحقائق والمواقف حجماً أكبر منها أو أصغر، بينما في حالة الغروتيسك، يتم هذا التغريب بطريقة مختلفة.» (صفايي وأدهمي، 20131391ش: ) يتحقق التغريب من خلال اختلاط المشاعر غير المتجانسة. على الرغم من أن الفكاهة والغروتيسك يرتبطان ببعضهما، لكن «الدعابة عقلانية في المقام الأول من حيث وظيفتها ومتلقيها، والغروتيسك عاطفي أساساً.» (طومسون، 1390ش: 58) يذهل الغروتيسك المتلقي أو القارئ ويشوشه، لكن الفكاهة تمنح القارئ فرصة عقلانية للتواصل مع الموضوع. في الرواية المذكورة، يتم استخدام روح الدعابة في شخصية مثل بهرام، في بعض الأحيان يجري على لسانه التعبير عن نكات شيقة وأحياناً غير لطيفة. «الضحك الخالي من الحماس في الغروتيسك، هو في الواقع وسيلة للتعبير عن نقاط الضعف والقصور والتناقضات وتنبيه القارئ بما هو حق وشر وفساد. ستجعلك فكاهة جوجول وتشخوف تضحك أيضاً، لكن الضحكة التي تسبّبها الغروتيسك على شفتيك هي ضحكة مريرة وشريرة في نفس الوقت.» (راستي، 1388ش: 117) يتمثل فن الكاتب في هذه الرواية في أنه يمكنك رؤية العالم الحقيقي من جديد من خلال الجمع بين العناصر الغريبة عن بعضها مثل الحرب، الفكاهة والمزاح. يخلق مشهداً جديداً للمعتقدات الشائعة والموجودة، وهو مشهد غريب: مضحك ومزعج. إن تقديم هذا المشهد ليس أمراً غير موثق، بل هو أمر واقعي. ما يميز روح الدعابة عند دهقان، هو تعبيره عن حقيقة الحرب التي يمزجها بالسخرية والمرارة معاً، مما يجعلها قريبة من الفكاهة وإلى حد ما إلى الهزل. الفرق بين السخرية والهزل، هو أن السخرية أو الفكاهة تعدّ عملاً ولكن الهزلي يفعل ذلك فقط من أجل التلذذ والاستمتاع سواء لنفسه أو للآخرين. (دهخدا، لفظ "طنز" بمعنى الفكاهة) والكاتب يستخدم أحياناً في الذكريات والأناشيد التي يرويها على لسان بهرام، فكاهة الموقف والتعبير" لخلق جو من المرح والدعابة وإزالة المأساة الناتجة عن ساحة المعركة. فكاهة "الموقف" هي الدعابة التي «يحاول الكاتب خلق جو روح الدعابة من خلال استبدال الشخصيات ووضعها في مواقف غير متناسبة من حيث الزمان والمكان أو تغيير مواقفها. في هذا النوع من فكاهة القتال والمواجهة يخلق روح الدعابة، وهذا يحدث بغض النظر عن التعبيرات والكلمات.» (قيصري وصرفي: ١٣٨٨ش: ١١٩) في الواقع تنشأ حالة من فكاهة "الموقف" بفضل وجود الحيوانات التي تحمل المعدات. عندما يذهب بهرام إلى الله مراد ليأخذ الحيوانات، فإنه يحاول أن يختار أفضلها وأكثرها رشاقة، وعندما يفشل، يقول مازحاً: «يا أخي،، هذان الحميران زوج وزوجة ... يبدو أن الجميع في المجموعة أعزب، و هذا ليس بالأمر الجيد، إنه قبيح أمام هؤلاء الأطفال الصغار ...إنهم يفهمون أكثر منا نحن البشر. دع الأمر ولا تهتم.. إذهب يا أخي! ماذا أفعل بكل هذه الحمير؟ » (دهقان، 1393ش: 29) بهرام شخصية بارعة ومنفتحة في الرواية، وهي أداة الكاتب لخلق فكاهة التعبير. تنشأ فكاهة "التعبير" بناءً على القدرات اللغوية. تعتبر الفنون والصناعات الأدبية مثل التورية والتلميحات والاستعارات والألعاب اللغوية أساساً لإنشاء فكاهة التعبير. (قيصري وصرفي: ١٣٨٨ش: ١١٩) يغني بهرام العبارات المضحكة التالية لتعزيز معنويات الآخرين. در جبههها مولا پارتی فراوان است هرکس ندارد پارتی جاش در بیابان است (دهقان، 1393ش: 19) -يا سيدي في الجبهة -الوساطة هي كل شيء -ومن لم تكن لديه وساطة -فمكانه في الصحراء الغروتيسك والواقعية تستند الرواية غالباً إلى الواقع. ولا تستثنى روايات الحرب والدفاع المقدس من هذه القاعدة. هناك العديد من الكتّاب الذين كانوا حاضرين في ساحة المعركة وقدّموا ملاحظاتهم وذكرياتهم في شكل أدب روائي بعد انتهاء الحرب بسنوات. أحمد دهقان هو أيضاً كأحد هؤلاء الكتّاب، شهد الحرب وساحة المعركة من قريب وكتب رواية بناءً على ما رآه. يعتقد بعض الأدباء، أن هذه الرواية تتبع مدرسة المذهب الطبيعي، والطبيعية هي مدرسة أدبية مشتقة من الواقعية التي كانت شائعة في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر؛ وفقاً لهذه المدرسة، فإن جميع ظواهر الوجود موجودة في الطبيعة وفي حدود المعرفة العملية والتجريبية. (انظر: داد، 1392ش: 456) لا ينوي الكاتب التعامل مع الجوانب والآراء الطبيعية في هذه الرواية، بل في المدرسة الطبيعية، يتم التعامل مع الحقائق بطرق خاصة. الغروتيسك هو شكل ونوع ونظرة يستخدمها الکاتب في كتاباته، واختلافه عن الواقعية، هو دور الخيال فيه. يحاول الكاتب من خلال توظيف الغروتيسك الحفاظ على حدوده مع عالم الأناقة (الخيال) وهو أقرب إلى العالم الحقيقي ويعكس الواقع. لكن الواقعية موضوعية تصف ما تراه، ويمكن أن يشمل هذا الوصف تعبيراً عن القبح مأخوذاً من العالم الحقيقي. بما أن لدهقان حضوراً طويلاً في الحرب والجبهة، فقد اعترف بنفسه: «حول نطاق الخيال في رواية "التجول في أرض الغرباء" عليّ أن أقول إن هذا العمل ليس خالياً من الواقع ويمكن العثور عليه في تاريخ الحرب.» (وكالة أنباء تسنيم / 1400ش) ما قاله دهقان مبني على الواقع. لأن المزج بين ما هو واقع وغير واقع، سمة من سمات الغروتیسك، حيث تترك رواية "التجول في أرض الغرباء" القارئ في حالة من الصدمة والرعب في نفس الوقت الذي تدفعه نحو الجانب الكوميدي. يحاول الغروتيسك أن ينفصل عن عالم الخيال ويثبت أسس الواقعية فيه. «لا يربط هوغو الغروتيسك بالخيال بل بالواقع ويقول بوضوح إن الغروتيسك ليس مجرد أسلوب أو صنفاً فنياً، بل هو موجود في الطبيعة وفي العالم من حولنا. في كتاب، روبرت براوننج، نقل جي كي تشيسترتون[8] الغروتيسك من عالم الفن الخيالي إلى عالم الفن الواقعي (الأنيق) ويدعي أنه بمساعدة الغروتيسك، يمكن تقديم العالم في ضوء جديد دون أي تدخل، ومن الممكن أن يجعلنا نرى العالم (الواقعي) من جديد، ومن منظور جديد، على الرغم من أنه غريب ومؤلم، ولكنه على أي حال موثق وواقعي.» (طومسون، 1390ش: 21) التضخيم والمغالاة، هي من الأسباب التي تجمع بين الغروتيسك والأناقة (الخيال). لكن عالم الغروتيسك، على الرغم من كل ما يحمله من العجائب، إلا أنه ليس بعيداً عن عالم الخيال فحسب، بل هو عبارة عن صورة للعالم المألوف والحقيقي. في الغروتيسك، إذا كان المجرى العام الذي تحدث فيه القصة غير قابل للتصديق والقبول، فلا يوجد في الواقع أي غروتيسك. (انظر: جزيني، 1370ش: 104) نظراً لخصائصه، يمكن أن يوفر الغروتيسك الأرضية لحقائق خفية. يعبّر أحمد دهقان عن الخصائص الغروتيسكية للشخصيات على لسان شخصيات الرواية، والتي تتجلى في شكل تشوهات سلوكية - سببها الماضي - ولا تتوافق مع أجواء الجبهة والحرب. أحد هذه الشخصيات هو عبد الله. وقع قبل الثورة في حب شيرين وهي مغنية في الملاهي، وتزامناً مع انتصار الثورة هربت شيرين مع شخص يدعى خسروه الذي كان يحبها أيضاً. يحضر عبد الله في الجبهة مع بداية الحرب لينسى شيرين، لهذا ترى مظهره وخطابه مختلفاً عن الآخرين. فهو يقتنص الفرص للخوض في الذكريات الجميلة. «وضع يده اليسرى تحت رأسه واستلقى على جنبه ... ذهب ببطء إلى الماضي، إلى الماضي البعيد، إلى أيام شارع لاله زار، عندما ذهب إلى ملهى داريوش للمرة الثانية تحديداً لرؤية شيرين.» (دهقان، 1393ش: 34) من خلال هذه الشخصية، يعبّر الكاتب عن خطابات حقيقية ولكن غير تقليدية بأجواء قصص تروى عن الدفاع المقدس. «أيها الشاب، اسمع جيداً، عليك ألا تجري وراء امرأة أو حافلة أو قطار، في النهاية سيتم العثور على واحدة منها لتركبها!» (المصدر نفسه: 11) أو في مكان آخر، « أيها الشاب إن الشاي والحب عندما يكونان ساخنين، يكون لهما طعم، وإلا عندما يبردان، فلا طعم لهما.» (المصدر نفسه: 43) بعد دخول القوات، الأراضي العراقية لتنفيذ العملية، تدخل القوات مدينة تسمى ماوت لأخذ قسطاً من الراحة والاستقرار في منازل محددة سلفاً، تدخل قوات المجموعة الأولى منزل امرأة، وهناك تجري محادثة بين عبد الله والمرأة. فبيئة عبد الله الماضية مؤثرة في تعبيره. عبد الله الذي لم يتوقع أن يرى صاحب منزل مدنياً وسط تلك المعركة، قال وهو متعب – بلهجة من المزاح والجد-: ما شأنكِ والحرب يا امرأة؟! نظرت إليه المرأة في الظلام وقالت بحقد: الحرب مأساة مثل الكوليرا التي لا تعرف الرجال والنساء كباراً وصغاراً عندما تنتشر. الله يعلم متى تنتهي ... قال عبد الله: الحرب والنار والمرأة السيئة ثلاث مصائب عظيمة تنزل على البشر يجب تجنبها قدر المستطاع. مثل زوجك المسكين الذي غادر ورحل! .. ضحكت المرأة وقالت: «هو أیضاً مثلك یائس یجول في الجبال والثلج، ومثل كل الرجال يقتل زوجته حزناً.» (نفس المصدر: 84-85) إن إحباط عبد الله من ماضيه والحبيب الذي جفاه، کان له التأثير في نظرته السلبية للمرأة. نظراً لخصائص الغروتيسك في اتجاهه نحو الواقعية، فقد تمكن من الحفاظ على حدوده جيداً مع الخيال في رواية "التجول في أرض الغرباء"، وعلى الرغم من الخصائص الغروتيسكية في شخصيات الرواية، فإن القصة ليست بعيدة عن الواقع والغروتيسك هنا مرتبط بالواقعية. إن الغروتيسك في الرواية بعيد كل البعد عن عالم الوهم والخيال، وقد خلق الكاتب، بالنظر إلى الانحراف الموجود، الطبقات التحتية والمخفية الممزوجة بالغروتيسك بتعبير مضحك، وهو أمر لا يرضي القارئ أحياناً. في أجواء الحرب المرعبة، فإن ترك المشاعر خارج حدودها والدخول في حدود المشاعر الأخرى - حتى في العالم الحقيقي - يتطلب غروتيسكاً، وهذا التضاد الناشئ هو نتيجة الغروتيسك. «لا يعبّر الغروتیسك عن التناقضات فحسب، بل يسعى للتعبير عن المعنى الثالث الذي هو دائماً بعيد عنا. ينشأ هذا المعنى الثالث من التناقض بين فكرتين و مشاعرين أو أفكار ومشاعر مألوفة.» (جزيني، ١٣٧٠ش: ١٠٣) الغروتيسك والصور الخيالية في رواية "التجول في أرض الغرباء" لم تعبّر التشبيهات المبنية على أجواء الحرب الرهيبة وبرودة المنطقة عن أي جمال يذكر، بل تعبر عن مأساة الحرب ومرارتها. أصبحت الأجواء مرعبة مع قصف القوات العراقية. إن الإنارة والإضاءة والألعاب النارية وتشبيه قطع رأس الشخص كالثمرة الناضجة أثناء القصف يجسد مشهداً مرعباً. في كثير من الأحيان، عادة يكون المشبه به أقوى؛ لكن في بعض التشبيهات، يقارن شيء صعب، ومؤلم، بشيء بسيط وغير مؤلم كقطف ثمرة ناضجة. في منطقة لا يوجد فيها مكان تختبئ فيه القوات وتؤويها والثلج والبرد القارس في كل مكان، في هذه الحالة لابد أن يعدّ إنقاذ الأرواح أمراً مهماً، إلى جانب مقاومة العدو، لذلك من الطبيعي أن يصف الكاتب المشاهد ويصوّر هروب الناس وحتى الحيوانات؛ لكن استخدام التشبيهات المذكورة ونبرة دعابة دهقان والتعبير عنها هي فكاهة خالية من الفرح. تتميز مشاهد الحيوانات التي تُقتل والتي تُستخدم في حمل المعدات بإحساس متباين من الرعب والكوميديا؛ على الرغم من أن الشعور بالاستياء والخوف يسيطر على الجانب الكوميدي منه أكثر. ««آق ماشال الذي شعر بالموت، وقف للحظة وتنهد ونخّر، وصاحب الساق السوداء الذي كان إلى جانبه صرّ أذنيه للاستماع. لم يتوقف أق ماشال. ألقى صندوق الذخائر على الأرض وهرب. ورأى بقية البغال تجري خلفه ... بدأ قصف الطائرة يدور مثل آلة الخياطة.» (دهقان، 1393ش: 76) «قال ابراهيم بصوت عال: هل نحن فعلا ذاهبون لعملية؟ أنا .... أقصد أنني خلال هذه الفترة لم أكن في أي عملية ولا أعرف كيف هي. أعني ... بصراحة، لا أعرف ما هو شكل الموت ... أنظر أيها الشاب! الدنيا كراقصة ترقص لبعض الوقت أمام الجميع ثم تغادر فجأة دون أن تتوقع منها ذلك ... الموت ليس فظيعاً ... بل الاحتضار مخيف.» (المصدر نفسه: 15-16) أو في تشبيه آخر، «ألقوا الجثث التي جفّت كالخشب، في الوسط وأربعة أشخاص، أمسكوا بجوانبها الأربعة بشق الأنفس وانتشروا وساروا باتجاه الخلف. لم يكن هناك خيار آخر.» (المصدر نفسه: 117) وذكر الدكتور فتوحي في كتابه "بلاغة التصوير" أن «الدهشة والاستغراب من عالم الفن بالنسبة للفرد، هي المصدر الرئيس للشعور بالجمال ومصدر السعادة والإثارة.» (فتوحي، 318: 1397) لكن في هذه الرواية، يتحدث دهقان عن بشاعة الحرب، ويتحدث عن واقع يمكن رؤيته في الجبهة حسب قوله. فإن الصور الخيالية كالتشبيه في هذه الرواية، تجسد صوراً غروتيسكياً؛ لا تصور الجمال، لكنها تسلط الإحساس بالألم والحزن، محاولة لنقل مفهوم الموت إلى القارئ بنبرة فكاهية.
النتيجة رواية "التجول في أرض الغرباء" التي كتبها أحمد دهقان، على عكس العديد من الأعمال السابقة التي تحتوي على شجاعة وبسالة أبطال الدفاع المقدس، فهي تصوّر الحرب من منظور مختلف. القصة والحوادث هي حقائق الحرب التي لا يمكن إنكارها والتي تحتوي على مواضيع حاسمة لهذا الحدث المهم في البلاد. وظروف مضطربة غير مستقرة ناتجة عن عملية جرت في أراضي العدو، وقد فُسرت فيما بعد على أنها تجوال وبلا جدوى. في هذه الرواية، لا يريد الکاتب أن يقدّم صورة نمطية من الحرب للقارئ؛ بدلا من ذلك، ینوي تقديم صورة حقيقية للحرب وجیشها من منظور إنساني. شخصية الفتى الأسمر المليء بالروحانية ولكن ليس الروحانية التي نواجهها ونكررها كل يوم. لا يريد خالق الرواية أن يتعامل مع الشخصيات والأصناف في شكلها المشترك. يريد دهقان أن ينبّه الأجيال التي لم تر الحرب بوجود طبقات مختلفة من الأفراد في الحرب للدفاع عن الوطن. الطبقات التي ورد ذكرها في العديد من الروايات الأخرى؛ لكن هنا يتم التعامل معها بشكل مختلف وبعيداً عن الصور النمطية الشائعة في الروايات الأخرى. الغروتيسك نوع من النظرة إلى الواقع المحيط بنا؛ الذي من خلاله ينقل الكاتب رسالته من منظور آخر وتتألف من مشاعر غير متجانسة؛ يخلق عدم التجانس هذا، شعوراً متضارباً وغريباً في نفسية الشخص كما يخلق شعوراً بالدهشة والارتباك بين الضحك والكراهية، وهو ما يمكن اعتباره مفهوماً عاطفياً جديداً. يصوّر دهقان المشاهد المأسواوية التي يعبّر عنها بالسواد والأجواء المرعبة للمنطقة بموقف غروتيسكي. وهو لم يستخدم الملامح الغروتيسكية كلها بما في ذلك التشوهات التي تظهر عادة في الجسم، فلم نلاحظها في عمله هذا قط، لكن الاختلال والازدواجية النفسية يمكن ملاحظتها في شخصية عبد الله وفي أجواء العملية. كما أن السخرية والفكاهة في حوارات الشخصيات التي جرت في أجواء مرعبة تمثلت في موت الشخصيات من لحظة إلى أخرى، استخدمها الكاتب وجعلها موضوعاً لعمله، ليصور بُعداً مختلفاً للعملية بطريقة ساخرة وناقدة إلى جانب رسمه الابتسامة على شفاه المتلقي. فهو يخلط السخرية مع الرعب مستخدماً التشبيهات نتيجة معرفة الطبيعة المأساوية للحرب. دهقان كاتب ملتزم فهو ينظم المحتوى حسب التزامه ككاتب في مجال الدفاع المقدس. من خلال ربطه الغروتيسك بالواقعية، ترك عالم الخيال والأناقة ودخل عالم الفن الواقعي. كما يمكن القول إن عناصر الرواية، أي الفضاء (الأجواء) ونبرة الحوارات، لعبت الدور الأهم في خلق الملامح الغروتيسكية في هذه الرواية. إن الجو المرعب للحرب - المصحوب بقصف العدو من حين لآخر يشكل أساس الرواية الرئيس، وقد خلق دهقان، بمساعدة الفضاء والجو الذي خلقته عناصر أخرى، قصة غروتيسكية من دون أن يخطط له من قبل. دهقان مجاهد وكاتب متمرس في مجال الجهاد والدفاع. على الرغم من أن رأيه في هذه الرواية خارج عن النسق الشائع في مجال الجهاد والدفاع، إلا أنه لا يمكن استبعاده بأي شكل من الأشكال من دائرة كتّاب الدفاع المقدس، لكن يجب أن يقال بنظرة لا تخلو من النقد، لقد نظر إلى بعض الأحداث من خلال النظرة الغروتيسكية والفكاهة- والتي كان من الممكن وضعها في هذا الإطار. وهو يعدّ من كتّاب الدفاع المقدس حيث کان حاضراً في الساحة، لذلك فهو ينوي بالتأكيد تسجيل الأحداث ونقلها لقارئ اليوم الذي هو خارج عن السياق الخاص بمجال الدفاع المقدس، مع التعبير عن وجهة نظره النقدية بأساليب فنية مختلفة.
[1]. Grotesque [2]. Oakuriluk [3] .Jeffrey Galt Harfam [4]. Mikhail Bakhtin [5]. Wolfgang Kaiser [6]. البورلسك (المهزأة) يعني المزاح والسخرية والمحاكاة الساخرة. وهو عمل أدبي ميزته المبالغة السخيفة. يتم تقديم أسلوب نبيل أو موضوع جاد بشكل سخيف، أو يتم التعبير عن المشاعر الحقيقية بشكل مبالغ فيه ومثير للاستياء، والعكس صحيح. [8]. G. K. Chesterton
| ||
مراجع | ||
الکتب
القرآن الكريم
آدامز، جیمز لوتر. ویلسون یتس. (1394ش). گروتسک در هنر وادبیات (الغروتيسك في الفن والأدب). الترجمة: آتوسا راستی. ط2. طهران: قطره للنشر.
طومسون، فیلیپ. (1369ش). گروتسک در ادبیات (الغروتيسك في الأدب). الترجمة :غلامرضا امامی. ط1. طهران: شیوا للنشر.
_________. (1390ش). گروتسک. (الغروتيسك). ترجمة: فرزانه طاهری. ط1. طهران: نشر مرکز.
داد، سیما. (1392ش). فرهنگ اصطلاحات ادبی (قاموس المصطلحات الأدبية). ط6. طهران: مروارید.
دهقان، أحمد. (1393ش). پرسه در خاک غریبه (التجول في أرض الغرباء). ط2. طهران: نیستان للنشر.
فتوحي رودمعجني، محمود. (1397ش). بلاغت تصویر (بلاغة التصوير). ط5. طهران: سخن للنشر.
فرهنگ دهخدا (قاموس دهخدا).
المقالات
تسليم جهرمي، فاطمه و یحیی طالبیان. (1390ش). «تلفیق احساسات ناهمگون و متضاد گروتسک در طنز و مطایبه» (الجمع بين المشاعر غير المتجانسة والمضادة للغروتيسك في الفكاهة والمزاح). مجله الفنون الأدبية في أصفهان. السنة الثالثة. العدد1.(التسلسل4). صص 20-1
ثابت قدم، خسرو. (1383ش). «گروتسک در نثر ناباکوف» (الغروتيسك في نثر نابوكوف). مجلة سمرقند. العدد 3و 4. صص 210-201
جزيني، جواد. (1370ش). «ناهمگونی احساس- نگاهی به کتاب گروتسک در ادبیات نوشتة فلیپ تامسون» (عدم التجانس في الشعور - نظرة على كتاب الغروتيسك في الأدب بقلم فيليب طومسون). سوره ویژه ادبیات داستانی. العدد 12. صص 105-102
راستي یگانه، فاطمه. (1388ش). «جستاری در گروتسک» (دراسة في الغروتيسك). فصلنامه هنری صحنه (فصلية صحنة الفنية)، العدد 69. صص 118-116
شربتدار، کیوان وشهره انصاری. (1391ش). «گروتسک وادبیات داستانی، بررسی مفهوم گروتسک و کاوش مصداقهای آن در داستانهای کوتاه شهریار مندنیپور» (الأدب الغروتيسكي والأدب الروائي، دراسة دلالة الغروتيسك وتحليل ملامحه في القصص القصيرة لشهريار مندني پور). مجله ادبیات پارسی معاصر (مجلة الأدب الفارسي المعاصر). السنة الثانية. ش2. صص 121-105
صفايي، علی وحسین أدهمی. (1391ش). «بررسی و تحلیل مؤلفههای گروتسک در داستان بچههای قالیباف خانه اثر هوشنگ مرادی کرمانی» (دراسة وتحليل العناصر الغروتسيكية في قصة أطفال حياكة السجاد لهوشنك مرادي كرماني). همایش پژوهشهای ادبی (ملتقى الدراسات الأدبية). جامعة الشهید بهشتی. الدورية 6.
فلاح قهرودي، غلامعلی وزهرا صابری تبریزی. (1389ش). «نقیضه و پارودی» (النقیضة والمحاكاة الساخرة). پژوهشهای زبان و ادبیات فارسی دانشگاه اصفهان (دراسات اللغة الفارسية وآدابها في جامعة أصفهان). الدورية الجدیدة، العدد 4. صص 32-17
محمدي فشاركي، محسن و فضلاله خدادادی ویوسف افشارنیا. (1392ش). «بررسی و تحلیل عناصر ساختاری گروتسک در برخی داستانهای فارسی وخارجی» (دراسة وتحليل عناصر بنية الغروتيسك في بعض القصص الفارسية والأجنبية). مجلة مطالعات و تحقیقات ادبی (مجلة الدراسات والبحوث الأدبية). العدد 17. صص 109-89 | ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 527 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 116 |