تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,359 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,968 |
العولمة الثقافیّة والتّهجين اللغوي في الرّواية الجزائريّة والإيرانيّة روايتا مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر أنموذجاً | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 5، دوره 12، شماره 46، شهریور 2022، صفحه 105-134 اصل مقاله (444.07 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
زهرا صادقی* 1؛ کبری روشنفکر2؛ فرامرز میرزایی3؛ خلیل پروینی3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1طالبة دکتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة تربیت مدرس، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذة في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة تربیت مدرس، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
3أستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة تربیت مدرس، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
لقد اتسعت رقعة تأثير العولمة الثقافيّة عقب الثورة المعلوماتيّة في العقود الأخيرة ممّا تركت لمساتها في شتى مناحي الحياة ومن ضمنها الناحية اللغويّة حيث أدّى الأمر إلى تفشّي ظاهرة التّهجين اللّغوي في مختلف المجالات العلميّة والثقافيّة بما فيها الرواية الإيرانيّة والجزائريّة. نتعرّض في هذا المقال لإشكالية العولمة الثقافیة والتّهجين اللغوي في روايتي "مملكة الفراشة" و"عشق وچیزهای دیگر" لكونهما نموذجتين بارزتين من الأعمال السرديّة الهجينة وذلك في ضوء نظريّة العولمة التحوليّة وعلى أساس المنهج الوصفي والتحليليّ المقارن. تدلّ النتائج على أنّ التهجين اللغوي الناتج عن العولمة الثقافية ظهر في الخطاب السردي لروايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر بنوعيه الاسم والجملة غير أن التّهجين اللّغوي عن طريق الاسم هو أبرز نوع التهجين الذي تجلّت مظاهرها في هاتين الروايتين. حسب بيانات التحليل الإحصائي، مكوّن تغيير أسماء الشخوص وتشويهها بإجمالي 33٪ وتكرار 465 هو المكوّن الأكثر تواجداً وتوظيفاً في رواية مملكة الفراشة ثم يأتي مكوّن استحضار أسماء الأعلام والمشاهير الأجانب بإجمالي 25% وتكرار 352. أما بالنسبة لرواية عشق وچیزهای دیگر، مكوّن أسماء نمط الحياة بإجمالي 49٪ وتكرار 220 احتلّ المرتبة الأولى وهو المكوّن الأكثر حضوراً واستخداماً في هذه الرواية، ثم یليه مكون أسماء الشّخوص الهجينة بإجمالي 27% وتكرار 122. كما يظهر البحث أنّ الاختلاف الأساسي بين هاتين الروايتين بالنسبة للتهجين اللغوي يكمن في نوع اللغة المستخدمة ثم كمية تهجين الأسماء من قبل الكاتبين حيث "الأعرج" كان الأكثر حرصاً على استخدام اللّغة الفرنسيّة وتهجين أسماء الشّخوص وتشويهها بينما اقتصر "مستور" على توظيف الإنجليزيّة فحسب وهو لم يكن بقدر الأعرج حريصاً على تغيير أسماء الشّخوص وتشويهها. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
العولمة الثقافيّة؛ التّهجين اللغوي؛ الرواية الجزائريّة والإيرانيّة؛ مملكة الفراشة؛ عشق وچیزهای دیگر | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
شهد القرن المنصرم تحوّلات وتطوّرات جوهريّةً صاحبها العديد من الظواهر والقضايا والّتي كانت العولمة من أهمّها وأخطرها حيث برزت كظاهرة عالميّة في مستوياتها السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة فی المنتصف الثّاني من القرن العشرين ثم بدأت بالتطوّر في الفترات اللاحقة عن طريق التقدّم الهائل لتكنولوجيا الاتّصال والمعلومات. «وفي ظلّ هذه العولمة الّتي اتسعت رقعة تأثيرها عقب الانفجار المعلوماتي والّتي قربت أطراف العالم المتناثرة، بل وجعلتها في شكل قرية صغيرة، أصبحت الهويّة الثقافيّة للمجتمعات تواجه سيلاً جارفاً من الخصوصيّات الثقافيّة الجديدة والدخيلة عليها.» (بالقاسمي ومزيان، 2012م: 41) وظلّت بلدان العالم تتأثّر بالعولمة الثقافيّة في أنحاء الأرض بدرجات مختلفة ولاسيّما من الناحية اللغويّة ممّا نجد اليوم عدّة لغات أصيلة وعريقة أصبحت في وقت وجيز، وبفعل الانتشار السريع للّغات الأجنبيّة عبر وسائل الإعلام والاتصال تتراجع عن خصوصيّتها الثقافيّة لصالح اللّغات الغربيّة. ومن أجل «تفشّي استخدام اللّغات الأجنبيّة دون ضوابط، فأصبحنا في حالة تبعيّة لغويّة باعتبارنا متلقّين ومستهلكين لكلّ شيء من منتجات الحضارة الغربيّة الحديثة وكلّ ما نستهلكه من ثقافة أو فكر أم سلع يأتينا باللّغة الأجنبيّة لغة المنتجين لها، فقد أغرقتنا المؤسّسات الغربيّة بإنتاجها الإعلامي والثّقافي الذي يأتينا باللّغة الأجنبيّة بقنوات البث المختلفة.» (عوني، 2014م: 38) حيث يتراءى لنا أنّ العولمة الثقافيّة إنّما تتوجّه للتّأثير في لغات الأمم الأضعف لمصلحة اللّغة الأقوى تماماً. ومن هنا نجد اليوم باتت عدّة لغات عالميّة تتبوّأ مكانة عالية على الصعيد العالمي نتيجة للتطوّر التكنولوجي والثّورة المعلوماتيّة ومن ضمنها اللغتان الإنجليزيّة والفرنسيّة الّلتان أصبحتا في الوقت الراهن تتحدّيان لغات بلدان العالم الثالث بوجه عام واللّغتين الفارسيّة والعربيّة في إيران والجزائر على وجه الخصوص ممّا تكوّنت لغة هجينة بالفعل عن طريق الخلط بين كلمات ومصطلحات باللّغة الإنجليزيّة والفرنسيّة وأخرى باللّغة العربيّة والفارسيّة ممّا أدّى الأمر إلى تفشّى ظاهرة التّهجين اللّغوي أو التّداخل اللّغوي في مختلف المجالات العلميّة والثقافيّة الجزائريّة والإيرانيّة ومن ضمنها اللّغة السرديّة في العقود الأخيرة: «لم تعد ظاهرة انتشار الكلمات الأجنبيّة في اللّغة عموماً قاصرةً على الشّارع فحسب، وبين النّاس على المقاهي وفي النوادي ومكاتب العمل، بل امتدّ أثرها لتدخل إلى عالم الأدب الرحيب، لتتردّد على ألسنة أبطال الروايات الحديثة، ولتدخل في سياق الشعر.» (العسال وآخرون: 2005م) وفي ما يخصّ الرواية فلابد من القول إنّ الرواية الإيرانيّة والجزائريّة المعاصرة لم تكونا بمعزل عن تحدّيات العولمة الثقافيّة ممّا تأثّرتا بمؤثّراتها وتراجعتا عن خصوصيّتهما اللغويّة نتيجة للتأثيرات السلبيّة الّتي خلفتها العولمة على البنى الاجتماعيّة في كل من إيران والجزائر من جراء التطوّر الاتصالي والانفتاح على الثقافات واللغات الأخرى دون حدود أو ضوابط في غضون العقود الأخيرة. روايتا "مملكة الفراشة" و"عشق و چیزهای دیگر" من الأعمال السرديّة الهجينة بالفعل حيث قام الكاتبان واسيني الأعرج ومصطفى مستور بتهجين خطابهما السردي من خلال توظيف المصطلحات والتعابير الإنجليزيّة والفرنسيّة المعبّرة عن الثّقافة العولميّة والغربيّة. كما تُعدّ الروايتان من الأعمال المنشورة في العقد الثاني من الألفيّة الثالثة، الفترة الّتي تبدو فيها آثار العولمة على الحياة الاجتماعيّة والثقافيّة أكثر وضوحاً لأنّها أفرزت مفاهيم وأنماطاً ثقافيةً جديدةً قد لا توافق مع خصوصيّة الكيانات المحليّة والإسلاميّة وأحياناً تعارضها. علاوة على ذلك، تعرّض الكاتبان في هاتين الروايتين لمأساة الحرب وآثارها المترتبة على أبناء شعبهما فضلا عن معالجة مختلف القضايا والمستجدّات الاجتماعيّة والثقافيّة والتي ظهرت بفعل العولمة في المجتمعين الجزائري والإيراني.
أهميّة البحث وضرورته تأتي ضرورة وأهمية هذا البحث من مختلف التأثيرات والنتائج الّتي خلفت العولمة الثقافية في الرواية الجزائريّة والإيرانيّة المعاصرة بشكل عام ومستواهما اللّغوي على وجه التحديد ممّا طرأت على لغتهما السرديّة تغييرات جذريّة في الآونة الأخيرة فظلّت المنتجات الروائيّة في هذين البلدين تظهر متعدّدة اللّغات والأصوات في زمن العولمة. لقد عمد الكاتب الإيراني والجزائري إلى مزج خطابه السّردي بتعابير ومصطلحات أجنبيّة تعبّر عن الثّقافة الغربيّة والعولميّة الّتي قد لا تتناسب مع الخصوصيّة الثقافيّة الجزائريّة والإيرانيّة فمن هنا يصبح الاهتمام بدراسة الروايات الإيرانيّة والجزائريّة الّتي تمّ نشرها في عصر العولمة أمراً لا غنى عنه.
أهداف البحث لا شكّ فيه أنّ هناك فی إنجاز كلّ بحث غايات وأهداف ويتم هذا البحث لتحقيق عدّة أهداف منها: إظهار مدى تأثير العولمة الثقافيّة في الخصوصيّة اللّغويّة لروايتي مملكة الفراشة وعشق چیزهای دیگر والإفصاح عن أهمّ مظاهر تحوّلاتهما الخطابيّة وغيريّتهما اللّغوية التي تمثّلت في التّهجين اللغوي.
منهجيّة البحث نتطرّق في هذا البحث لإشكاليّة العولمة الثقافيّة والتّهجين اللغوي في روايتي "مملكة الفراشة" و"عشق وچیزهای دیگر" وذلك في ضوء نظريّة العولمة التحوليّة وعلى أساس المنهج الوصفي والتحليليّ المقارن على وفق المدرسة الأمريكيّة. لتحقيق الأهداف التي ارتكزت عليها هذه الدراسة، نعتمد على المنهج الوصفي لتقديم المفاهيم النظريّة للبحث واستعراض أهم مواطن التّهجين اللّغوي ومظاهره الثقافيّة الناتجة عن العولمة في الروايتين سالفة الذكر كما نستمدّ من منهج تحليل المضمون (التحليل الكمي والإحصائي من خلال ترميز وحدات التحليل واستخدام الرسم البياني) لمعرفة مدى تأثير العولمة الثقافيّة على المستوى اللّغوي لهاتين الروايتين. وحدات التحليل في هذا البحث هي المقاطع والفقرات والجمل والعبارات والمقولات الّتي تُمثّل مظاهر التّهجين اللّغوي الناتج عن العولمة في هاتين الروايتين. كما نستفيد من المنهج المقارن لتحديد نقاط الخلاف والتّشابه في تجلّيات التّهجين اللغوي ومظاهره الثقافيّة الناتجة عن العولمة في روايتي "مملكة الفراشة" و"عشق و چیزهای دیگر.
أسئلة البحث ــ ما هو أبرز نوع التّهجين اللغوي الناتج عن العولمة الثقافيّة الّذي ظهر في روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر؟ ــ ما هو الاختلاف الأساسيّ بين روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر بالنسبة لظاهرة التّهجين اللغوي الناتج عن العولمة الثقافيّة؟ -كيف تجلّت ظاهرة التّهجين اللغوي في أسماء الشّخوص في روايتي" مملكة الفراشة" و"عشق و چیزهای دیگر"؟
فرضيات البحث - يبدو أنّ التّهجين اللّغوي عن طريق الاسم هو أبرز نوع التّهجين اللغوي الناتج عن العولمة الثقافيّة الّذي تجلّت مظاهرها في روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر وذلك من خلال تغيير أسماء الشّخوص وتشویهها واستحضار أسماء الأعلام والمشاهير الأجنبيّة والاحتفاء بأسماء الأمكنة الأجنبيّة وإقحام الأسماء المرتبطة بنمط الحياة. - الاختلاف الأساسي بين روايتي مملكة الفراشة وعشق و چیزهای دیگر بالنسبة للتّهجين اللّغوي الناتج عن العولمة الثقافيّة يكمن في نوع اللّغة المستخدمة ثم كميّة تهجين أسماء الشّخوص فيهما. - تتجلّى ظاهرة التّهجين اللّغوي في أسماء الشّخوص لروايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر، بشکل کبیر من خلال تغيير الأسماء ذات الدلالات والأصول الدينيّة والتاريخيّة في ثقافتين الفارسيّة والعربيّة وتشويهها إلى أسماء الأجنبيّة المألوفة وغير المألوفة.
خلفيّة البحث هناك عدّة دراسات تناولت إشكالية العولمة الثقافيّة واللّغة العربيّة غير أنّ معظم البحوث المدروسة تمّت في مجالات غير الأدب والرّواية ولم يتطرّق الباحثون إلى موضوع العولمة الثقافيّة والتّهجين اللغوي في الرواية إلّا نزراً ضئيلاً نذكر منها ما هو قريب بموضوع بحثنا هذا: دراسة مها عوني حجازي (2014م) الموسومة بـ "أثر العولمة في اللغة العربية: مدينة الخليل أنموذجا". وتطرّقت فيها الكاتبة إلى تجلّيات ومظاهر العولمة الثقافيّة في اللّغة العربيّة المستخدمة في مدينة الخليل بفلسطين ومن أهمّ النتائج الّتي توصّلت إليها الباحثة هي أنّ العولمة اللغويّة في مدينة الخليل، فقد برز تأثيرها في لافتات المحلّات التجاريّة، وفي وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة وفي لغة القصص القصيرة. وتعود الأسباب إلى الإعجاب بكلّ ما هو أجنبيّ إذ عُدّت اللّغة الأجنبيّة لغة التقدّم والحضارة. دراسة فردوس أقا گلزاده وحسين ياوري (1393ش) بعنوان "جهانيشدن و گسترش زبان انگلیسی" وعالج الباحثان فيها تداعيات ونتائج تطوّر اللغة الإنجليزيّة في إيران من ناحية، وحاجة مختلف شرائح المجتمع إلى هذه اللّغة من ناحية أخرى، واستنتج الباحثان أنّ قسم التّعليم كان له أثرٌ كبيرٌ في انتشار اللّغة الإنجليزيّة في المجتمع الإيراني وإذا لم يتم وضع خطّة استراتيجيّة لهذا المجال، سينتجُ التوسّع غير المنضبط للّغة الإنجليزيّة في ظل العولمة عن عواقب ونتائج وخيمة على الهويّة واللّغة الوطنيّة. دراسة راضية بن عربيّة (2016م) تحت عنوان "العولمة وأثرها في اللغة العربية" والذي تعرّضت الباحثة فيها لتأثير العولمة في اللّغة العربية. استنتجت الباحثة في ختام دراستها أنّ العولمة من أكبر التحدّيات الّتي تواجهها اللّغة العربيّة بسبب زحفها على الخصوصيّة اللّسانية واللّغوية والثقافيّة. تعتقد الباحثة بأنّ حركة العولمة اللّغوية تتمثّل في استعمار لغات أخرى من منطق التقنيّات أو الغزو الصناعي وهي تعتمد بشكل كبير على مبدأ المدّ التقني، ثمّ إنّ اللّغة العربيّة بحاجة إلى حصانتها من سلبيّات العولمة وذلك من خلال التوحيد المعياري اللغوي والتخطيط اللغوي. دراسة تورج زينيوند وروژین نادری (1398ش) بعنوان "امپریالیسم زبانی از دیدگاه نقدی عز الدین المناصرة" وتبيّن البحث أنّ عزّ الدين المناصرة درس بشكل نقدي دور الإمبرياليّة اللّغوية الغربيّة في عولمة الأدب وعلى وجه الخصوص دراسات الأدب المقارن. ومن أكثر الجوانب المثيرة للجدل للإمبرياليّة اللّغوية الغربيّة الّتي لفتت انتباه المناصرة هي الهيمنة اللّغوية للإنجليزيّة والفرنسيّة في الشرق والعالم العربي على وجه التحديد. وذهب المناصرة إلى أنّ تطوير هاتين اللغتين من خلال تعليم اللغات الأجنبيّة كان له آثار ونتائج عديدة في الدول العربيّة والإسلاميّة مثل لبنان والجزائر بما فيها صارت هاتان اللغتان أحياناً اللّغة الرئيسة واللّغة الأم لسكّانهما كما أدّى الأمر إلى أنّ الباحثين والمقارنين الجزائريين يضعون اللّغة العربيّة جانباً ويتحدّثون ويكتبون بالفرنسيّة. دراسة حسينة فلاح (2020م) المعنونة بـ "التهجين اللغوي والثّقافي في الرّواية الجزائريّة" والّتي تعرّضت الباحثة فيها لتجلّيات التهجين لغوياً وثقافيّاً في روايات: "مسلوب" لطاهر جاووت، و"لايزا" لمحمّد ديب، و"متاهات ليل الفتنة" لحميدة عياشي، و"النسيان" لأحلام المستغانمي. ومن النتائج الّتي حقّق البحث هي أنّ الروائيين طاهر جاووت، ومحمّد ديب، وحميدة عيّاشي، وأحلام مستغانمي أعكسوا روحا ما بعد الحداثة في رواياتهم حيث عمدوا في أعمالهم الروائية إلى توظيف العبارات والتعابير الهجينة ثمّ إنّ تبلور التّهجين في الرّواية الجزائريّة، يدلّ على رغبة الروائيّ الجزائري على الاحتكاك بالآخر المختلف والتناص معه ثقافياً ولغوياً. دراسة شاكر عبد القادر (2020م) الموسومة بـ"التّهجين اللغوي وأثره في تعليم اللّغة العربيّة: المرحلة الإبتدائية أنموذجاً" والّتي عالج الباحث فيها إشكاليّة التّهجين اللغوي وآثاره في تعليم اللّغة العربيّة للمتعلّمين في المدارس الابتدائية الجزائريّة ومن النتائج الّتي توصّل إليها الباحث هي أنّ استخدام الشكل الهجين الممتزج بألفاظ عامية وأحياناً أجنبية وأخرى منحوتة نحتاً غير صحيح أدّى إلى تلويث اللّغة العربيّة الفصحى. كما أنّ تعليم اللّغة العربيّة في المرحلة الابتدائية يتأثّر بشكل مباشر بما تعانيه اللّغة سواءً في البيت أو في المجتمع ووسائل التواصل الاجتماعي كما يتأثّر بالمعلّم ومدى فصاحته وأنّ العولمة وما أفرزته من الوسائل الاتّصاليّة لعبت دوراً كبيراً في تفشّي ظاهرة التّهجين اللغوي في المجتمع الجزائري عامةً والمتعلّمين في المرحلة الابتدائية خاصة. وتأتي ميزة هذا البحث بالنّسبة للدّراسات السابقة في تطرّقه إلى إشكاليّة العولمة الثقافيّة وعلاقتها بالتّهجين اللغوي في روايتي "مملكلة الفراشة" و"عشق و چیزهای دیگر" في ضوء النظريّة العولمة التحوليّة وعلى أساس المنهج الوصفي والتحليليّ المقارن.
الجانب النظري والمفاهيمي للبحث العولمة الثقافيّة1 العولمة لغةً، هي تعميم الشيء ليكتسب صفةً عالميّةً واصطلاحاً تَعني سيادة نموذج سياسيّ واقتصاديّ واجتماعيّ وثقافيّ واحد على الصّعيد العالمي. تعود تسمية العولمة إلى عالم الاجتماع الكنديّ "مارشال ماك لوهان2" في الستينيّات من القرن الماضي عندما صاغ مفهوم "القرية الكونيّة1"في كتابه الشهير" الحرب والسّلام في القرية الكونيّة" ويقوم هذا المفهوم على أنّ العالم بفضل تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتّصال، يصبح قريةً صغيرةً ممّا يعرف كلُّ شخص فيها ما يدور في أيّ مكان بها. وكما يوضح بعض المهتمّين في تعريفاتهم؛ «العولمة ظاهرةٌ أو حركةٌ معقّدةٌ ذات أبعاد اقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة وحضاريّة وثقافيّة وتكنولوجيّة أنتجتها ظروف العالم المعاصر، وتؤثّر على حياة الأفراد والمجتمعات والدّول المعاصرة تأثّرات عميقةً.» (عبد الباري الدرة، 1999: 53)
المدارس النظريّة في العولمة لابدّ من القول إنّ هناك اختلافاً كبيراً في آراء ونظريّات منظّري العولمة من حيث نشأتها التاريخيّة وتحديد أبعادها وآثارها المترتّبة على الدّول والشعوب حيث صاعد الجدل والصراع بين مؤيّديها ومعارضيها يوماً بعد يومٍ ممّا ظهرت في ظلّ هذه النّزاعات والخلافات، ثلاث مدارس فكريّة هي: المشكّكة2 والمتعولمة المتطرّفة3والتحوليّة4. أمّا المشكّكون يذهبون إلى أنّ العولمة قد حظيت بقدر من الاهتمام الّذي لا تستحقّه. العولمة في رأيهم ليست جديدةً وفي هذا الصدد يشير المشكّكون إلى أنّ توجّهات العولمة الجديدة لا تختلف عن سابقاتها إلّا من حيث تكثيف التّفاعل بين الدّول. أمّا أصحاب المدرسة المتعولمة المتطرّفة يتّخذون موقفاً معارضاً لموقف المشكّكين ويعتقدون بأنّ العولمة ظاهرةٌ نتلمس آثارها في كلّ مكان، فهي لا تعنى فقط التدخّل في شؤون الدّول والأمم بل وتعني إزالة الحدود بشكل نهائي. (خميس أحمد وجلبي، 2011م : 26)
المدرسة التحوليّة تضمُّ هذه المدرسة، مفكّرين مشهورين من أمثال ديفيد هيلد،5 وأنتوني ماجرو،6 وأنتوني غيدينز،7 ومانويل كاستيلز،8 وجيمس روزانو9، وجوزيف ناي،10 و روبرت كوهن،11 الّذين يعتقدون بأنّ العولمة كانت السبب الرئيس وراء التحوّلات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة. يتبنى التحوليّون موقفاً وسطاً بين المدرستين السابقتين؛ إذ يرون أنّ العولمة تُمثّل القوة الرئيسة الكامنة وراء طيف واسع من التغيّرات الّتي تقوم بتشكيل المجتمعات الحديثة. وعلى عكس المتعولمين، يرى التحوليّون في العولمة عمليةً ديناميةً مفتوحةً تتعرّض هي بدورها للتأثّر والتغيّر. من وجهة نظر التحوّليين، أنّ العولمة لا تتحرّك على مسار وحيد الاتجاه بل على مسار مزدوج ذي اتجاهين تزدحم عليهما الصّور والمعلومات، والمؤثّرات وتسهم عمليات الهجرة ووسائل الاتّصال والإعلام العالميّة في نشر الاتفاقيّات التأثيريّة. (غيدنز، 2005م: 133) يذهب ديفيد هيلد وزملائه إلى أنّ العولمة هي توسيع الترابطات المتبادلة وتعميمها فی جميع مناحي الحياة الاجتماعيّة المعاصرة من الثّقافة إلى الجنوح والشئون الماليّة والمعنويّة. (جونز، 1396ش: 94) يري غيدنز أنّ العولمة هي تكثيف وتعزيز العلاقات الاجتماعيّة العالميّة، بحيث إنّها تربط العوالم بعضها بالآخر، وتحكّم العلاقات بين المناطق المختلفة لدرجة إذا وقع حادثٌ في منطقة ما يتأثّر بما يحصل ويحدث في منطقة أخرى بعيدة عنها على بُعد آلاف الأميال. في رأي الغيدنز «العولمة ليست تغيّراً واحداً بل هي مزيجٌ من التغيّرات الّتي تسير باتجاهات متضادة وتؤثّر على أدق الجوانب الشخصيّة في حياتنا.» (غيدنز، 2003م: 32) يعتقد التحوليّيون بأنّ هناك جوانب من الثّقافة القوميّة (في الإعلام، والأفلام، والدّين، والطّعام، والموضات، والموسيقى) تختلط مع مدخلات من مصادر دوليّة، فلم تعد الثقافة القوميّة منفصلةً عن الثّقافة الدوليّة؛ ومن ثمّ تعتبر العولمة قوّةً تحوليّةً دافعةً تُغيّر من خبرات الناس وحياتهم. على سبيل المثال قد تبدأ بعض نماذج موسيقيّة من موقع محلي ولكنّها تصبح منفصلةً عنه؛ بعد أن يتمّ بيعها أو عزفها على نطاق كوني، أو تطرأ عليها تأثيراتٌ كونيّة. وهكذا تخلق العولمة صوراً جديدةً من الثّقافة تجمع بين المحليّة والكونيّة. (خميس أحمد وجلبي،2011م: 30) فنحن في ضوء نظريّة هؤلاء التحولييّن (وذلك لموقفهم الأكثر اعتدالاً وواقعيةً في العولمة بالنسبة للمدرستين السابقتين)، نتطرّق إلى إشكاليّة العولمة والتّهجين اللّغوي في روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر.
التّهجين اللغوي1 يُعدّ التّهجين اللغوي من الموضوعات الأسلوبيّة والظواهر اللغويّة المعاصرة الّتي قد تجلّت في العديد من لغات العالم لمختلف الأسباب السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والحضاريّة. «يُقصد بالتّهجين اللغوي؛ المزج، والتّنويع، والخلط، والتركيب، والتجميع، والتوليف، والتعدّد، والتلفيق، والإلصاق (الكولاج)، وصهر الكتابات ذات البناء المتقاطع وصهر اللّغات واللّهجات والخطابات والأساليب ضمن ملفوظ تكلميّ أو حواريّ واحد.» (حمداوي، 2020م: 29-30) وهو النمط أو المستوى اللّغويّ الأكثر خطورةً على اللّغات العريقة واللّغة العربيّة على وجه التحديد، ممّا يجتاح اللّغة العربيّة في نظام كتابتها وتكتب بالّلغة العاميّة مع الفصحى أحياناً لكنّ بالحروف اللاتينيّة والأرقام أحياناً أخرى مع الخلط بينها واللّغات الأجنبيّة. (عبد القادر، 2020م: 111) يحدث التّهجين اللّغوي أحياناً بتعمّد وأحياناً عفوياً في الكلام أو الكتابة «وتتمثّل هذه الظاهرة في تهجين أفراد الجماعة اللّغوية للغتهم المحكيّة أو المكتوبة بكلمات ومفردات تنتمي إلى لغة أجنبيّة أخرى، وتتمّ هذه الظاهرة بشكل واع ومعتمد عن طريق المحاكاة أو بشكل غير واع متعمد، ويعتقد من يمارسها بأنّها نوعٌ من الرقى الحضاريّ، ويصبح في نظرهم، من لا يمارسها غارقاً في غياهب التخلّف.» (محمد داوود، 2016م: 129) تنتطوي مظاهر التّهجين اللّغوي على عدّة مواضيع ومجالات ومنها: «کثرة اللّافتات الأجنبيّة في البلدان العربيّة، وأغاني فيديو كليب، وخلطة غربيّة في الأغاني والأداء لدرجة تسطيح الفن، وهيمنة اللّغة الأجنبيّة على خطاب بعض النخبة بمعنى هيمنة لغة المستعمر.» (حبيبة، 2018م: 159) لقد حظي التّهجين اللّغوي باهتمام كبير من قبل اللغويّين والمفكّرين والباحثين الّذين يهتمّون بشأن اللّغات وكلّ ما يحفّ بها خاصةً في الوقت الراهن الّذي شاهدت الساحة اللّغوية مستجدّات وتغيّرات جوهريّة ناتجة عن العولمة الثقافيّة ومن هنا صار التّهجين اللّغوي من الموضوعات الّتي تطرح بكثرة في مختلف المجالات المعرفيّة والثقافيّة ومن ضمنها الرّواية نتيجةً لما توصّلت إليه اللّغات في دول العالم الثّالث من التّداخل بين اللّغات الأجنبيّة. التّهجين اللّغوي من إحدى سمات الرّواية ما بعد الحداثيّة الّتي تضفى على العمل الروائيّ خاصيّةً أسلوبيّةً تنقله من خطاب منولوجيّ أحاديّ إلى خطاب روائيّ حواريّ وبوليفونيّ متعدّد وبالتّالي هو الّذي يكسب الرّواية قوّتها اللغويّة والأسلوبيّة والأيديولوجيّة. ويعني هذا أنّ الرّواية المهجّنة روايةٌ متعدّدة الأصوات والأبنية واللّغات والأساليب والمواقف والأطاريح والأيديولوجيّة. (حمداوي، 2020: 30) يُعدّ ميخائيل باختين واحداً من المهتمّين بالموضوع التّهجين في النقد الأدبي والرّواية من خلال كتبه النقديّة الثلاثة "شعريّة دوستيفسكي واستطيقا الرّواية ونظريّتها والماركسيّة وفلسفة اللّغة". يشير باختين في قوله إلى خاصية التّهجين اللّغوي في الرّواية: «إنّ الرّواية هي التنوّع الاجتماعيّ للّغات وأحياناً للّغات والأصوات الفرديّة تنوّعاً منظّماً أدبياً.» (باختين، 1987م: 39) يتبيّن لنا ممّا سبق أنّ هناك اتّجاهين مختلفين بين النقّاد والباحثين بالنسبة للتهجين اللغوي؛ الاتّجاه الأوّل هو الّذي ينظر إلى التّهجين اللّغوي نظرةً إيجابيّةً باعتباره ظاهرةً جماليّةً وطفرةً لغويّةً من ثمرات التّواصل بين الثّقافات يحوّل الرواية من خطاب منولوجيّ أحاديّ إلى خطاب حواريّ وبوليفونيّ متعدّد. وأما الاتّجاه الثّاني هو الّذي يعتبر التّهجين اللغويّ نوعاً من العولمة اللّغوية وفي هذا السّياق يسعى إلى البحث عن التحدّيات الّتي تواجه اللّغة السرديّة من ناحية التّهجين أو التداخل اللّغوي في عصر العولمة ونحن في هذا البحث نتّجه نحو الاتّجاه الثاني.
البحث والتحليل لقد تجلّت ظاهرة التّهجين اللّغوي في روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر بشكل غالب من خلال إقحام الأسماء والتّعابير والجملات الفرنسيّة والإنجليزية في النصّ العربي والفارسي من قبل الكاتبين واسيني الأعرج ومصطفى مستور والّتي نستخرج مواطنها ونستعرض أشكالها في ما يلي:
التّهجين اللّغوي عن طريق الأسماء التّغيير في أسماء الشّخوص وتشویهها لقد ظهر التّهجين عن طريق الأسماء بشكل مكثّف في روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر، باعتباره من أهمّ مظاهر التّهجين اللّغوي نتيجةً للانفتاح الثّقافي على العولمة والمسايرة لتغيّرات العصر ومستجدّاته من قبل كل من واسيني الأعرج ومصطفى مستور ممّا أصبحت ظاهرة التّهجين أداةً لغويّةً ولعبةً حواريّةً في الخطاب السردي اعتمد عليها الكاتبان للتّعبير عن ثقافة العولمة: «كانت فرقة ديبوـــ جاز Jaz- Dépôt مكوّنة من سبعة شباب مولعين بحاضرهم وعطر المدينة. أنا على الكلارينات. جواد أو دجُو على ساكسو. أنيس على القيثارة الجافة. شادي على الكلافية. رشيد أو راستا على الباس. حميدو أو ميدو على الباتري والطبل الإفريقي، داوود أو ديف على الهارمونيكا والقيثارة الكهربائيّة ويصبحون ثمانية إذا أضفنا عازفة البيانو صفية أو صافو الّتي هاجرت بمجرّد اشتعال الحرب الأهليّة.» (واسيني الأعرج، 2013م: 14) لقد تجلّت ظاهرة التّهجين في هذا المقطع السردي من خلال تغيير أسماء شخوص الرّواية وتشويهها وهي "جواد"، و"رشيد"، و"حميدو"، "داوود" و"صفية" الّتي لها دلالات وأصول دينيّة وتاريخيّة في الثّقافة العربيّة والإسلاميّة. اسم "جواد" كما جاء في معاجم اللّغة بمعنى السخيّ والكريم لكنّ الكاتب غيّر هذا الاسم وأعطى له اسم "دْجو". كما نجد التغيير في اسم "رشيد" وهو يعنى كثير الرشد والعاقل، والواعي والمدرك للأمور غير أنّ الكاتب أعطى له اسم "راستا" «نسبة إلى الرستفاريّة أو يريد واسيني، التعريف بالحركة الرستفاريّة وهي الدّيانة الّتي تقبل الإمبراطور هيلا سيلاسي الأوّل، الإمبراطور السابق لأثيوبيا، كتجسيد للرّب والّذي يطلقون عليه اسم جاه بالإنجليزيّة كما يراه متبوعاً لتلك الدّيانة كجزء من الثالوث المقدّس بوصفه المسيح المذكور في الإنجيل، واختصار إسم الحركة الرستفاريّة هو إسم راستا.» (بن علي وحشيفة، 2018م: 43-44) واسم "حميدو" حسب ما جاء في المعاجم العربيّة هو صيغة التّدليع والتّخفيف من اسم حميد، والمقصود به الكثير الحمد والشّكر والثّناء لمن يقدّم المعروف له لكنّ الكاتب قام بتخفيف هذا الاسم وتشويهه إلى"ميدو" كما نجد هذا التغيير في اسمي"داوود" و"صفية". اسم داوود يعود أصله إلى العبريّة ولكنّه انتشر في العالم العربي وذلك نسبة للنبي داوود عليه السّلام الّذي يؤمن به أصحاب الأديان السماويّة وجاء ذكره في القرآن الكريم أيضاً ولكنّ الكاتب أعطى له اسم "ديف" وهو اسم أجنبيٌّ غير مألوف. وهذا، شأن اسم صفية وهو اسم علم مؤنّث ذات أصول عربيّة تحمل معني النّقاء والهدوء واختيار ما هو أفضل وأجمل علاوةً على ذلك "صفية" من الأسماء الدينيّة المقدّسة فهو اسم إحدى زوجات نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ولكنّ نرى أنّ «الكاتب أختار له اسم "صافو" وهو اسم يرجع جذوره إلى الشاعرة الإغريقية والملحنة المولودة في جزيرة لسبوس في بحر إيجة باليونان.» (المصدر نفسه: 45) لم یقتصر الکاتب على تغییر أسماء فرقة موسيقى الجاز فحسب بل قام بتغيير أسماء الشّخوص الرئيسة وتشويهها إلى الأسماء الأجنبيّة ومن ضمنها؛ تغییر اسم "الزبير" والد "ياما" إلى " زوربا" و"فريجة" والدة ياما إلى "فيرجي" و"نعمان" أخ ياما إلى "رايان" و"ميرا" أخت ياما" إلى "كوزيت" و"فادي" حبيب "ياما" إلى" فاست" وغيرها من أسماء الشّخوص في الرواية. وهكذا نجد تغيير أسماء الشّخوص في رواية عشق وچیزهای دیگر ولكنّه بدرجة أقلّ من رواية مملكة الفراشة حيث لا نجد سوى أربعة أسماء مهجّنة في الرّواية وهي"كريم"، و"سام"، و"داود"، و"شابور" ممّا يبدو أنّ مستورا لم يكن بقدر الأعرج حريصاً على تغيير أسماء الشّخوص وتشويهها: «قال سامي: "الكلّ يعرف شابورX33 وإذا كنت ترغب في شراء السيّارة، فيوفّرها السيّد شابور بسرعة.» (مستور، مصطفى، 1396ش: 57) «وما إن رآنا سامي، حتّى قام من خلف الطاولة وعرّفني أنا وجوجو على الرجل الّذي کان يرتدي القبعة البیريّة ويُدعى داوود تشي جيفارا.» (المصدر نفسه: 115) «قاطع كريم جوجو محادثته الهاتفيّة وألقی الموبايل على السرير. كان يلهث ويهمس أشياء لم نتمكّن من فهمها. وقف صامتاً لدقائق ثم أخذ موبايله وقدّاحته من السرير وخرج من القبو بسرعة. قال مراد سرمة: اسمه العائلي جودي. كريم جودي لكنّه يُدعى كريم جوجو.» (المصدر نفسه: 131) یتراءى لنا من خلال هذه المقاطع السرديّة أنّ الكاتب غيّر اسم "سام" وهو اسمٌ فارسيٌّ عريقٌ جاء ذكره في كتاب الشاهنامة للفردوسي إلّا أنّ الكاتب أعطى له اسم "سامي" وهو اسمٌ غربي. وكذلك نجد التّهجين في اسم "شابور" وهو اسمٌ فارسيٌّ أصيلٌ بمعنى ابن الملك كما هو من ألقاب الملوك السّاسانييّن ولكنّ الكاتب قام بتهجينه عن طريق إضافة ملحق X33 إليه وهو اسم نوع من السيّارات الصينيّة. وداوود كما سبق ذكره، أنّه من أسماء الأنبياء الواردة في القرآن الكريم والّذي يعني الحبيب. دخل اسم داوود إلى اللّغة الفارسيّة منذ زمن بعيد وانتشر في المجتمع الإيراني ولكن نجد الكاتب يقوم بتهجينه من خلال إضافة ملحق "تشي جيفارا" إليه نسبةً للثوريّ الكوبي وأرجينتينيّ المولد "إرنستو تشي جيفارا". كما نلحظ التّهجين في اسم" كريم" وهو من الأسماء العربيّة والإسلاميّة الدخيلة إلى الفارسيّة علاوةً على ذلك هو من أسماء اللّه تعالى بمعنى الّذي يعطي بغير سبب غير أنّه طرأ عليه التغيير الهجيني من خلال إضافة ملحق "جوجو" (JoJo ) وهو لقب الفنّانة والمغنية الأمريكيّة "جوانا نويل لوفيسك" وأيضا اسم ألبومها الذي صدر بتاريخ 22 يونيو عام 2004ميلادي.
استحضار أسماء الأعلام والمشاهير الأجانب التهجين اللّغوي المتمثّل في الاحتفاء بأسماء الأعلام والمشاهير الأجنبية هو جانبٌ آخر من تأثير العولمة الثقافيّة في اللّغة السرديّة لرواية مملكة الفراشة بحيث نجد في العديد من مقاطع الرّواية يقوم الكاتب بتهجين خطابه السردي بأسماء الأدباء والموسيقيين والفنّانيين وكأنّه يريد أن يظهر للقارئ مدى معرفته وإلمامه بالثّقافات والفنون الأجنبيّة: «كلّهنّ كنّ جميلاتٍ. بعضهنّ كنّ يستعرن وجوهاً غير حقيقيّة. من الممثّلة الهنديّة إيشي ياوارا حتّى الفرنسيّة الإيطاليّة مونيكا بلوتشي، مروراً بعارضات الأزياء المعروفات والمغنيات العالميّات وحتى الوجوه الرياضية.» (الأعرج، 2013م: 370) من الملاحظ أنّ الكاتب استحضر أسماء فنانتي "إيشي ياورا" الممثّلة الهنديّة و"مونيكا بلوتشي"الممثّلة وعارضة الأزياء الفرنسيّة -الإيطاليّة اللّتين تُعدّان من أشهر الفنّانات والنجمات العالميّات. «الكثير من الموسيقيين الكلاسيكيين الكبار استلهموا بعض عناصر موسيقاهم من هذا الفنّ الشعبي. موريس رافيل مع بوليرو كونشيرتو اليد اليسرى. وداريوس ميلهود في خلق العالم، فرانسيس بولانك في كونشيرتو على بيانو مزدوج وأوركسترا. وايغور سترافانسكي في ايبوني كونشرتو. كارل جنكينز في صلاة الرجل المسلح. ونيكولا دوستايل رسم الكثير من وجوه الجاز ونواديه.» (المصدر نفسه: 437) يلحظ لنا من خلال هذا المقطع السردي أنّ تأثير العولمة الثقافيّة في البعد اللغوی لرواية مملكة الفراشة، ظهر في صورتها الأخرى وذلك عن طريق استحضار أسماء مشاهير الموسيقى وتسليط الضّوء بشكل مكثّف على الموسيقى الغربيّة حيث لم يكتف الكاتب بتوظيف أسماء الموسيقيين الغربيين فحسب بل راح يعرف القارئ بروائعهم الفنيّة أيضا ممّا أصبحت هذه الأسماء الغربيّة مهيمنةً على النص السردي تزاحم اللّغة العربيّة. وكذلك نجد إقحام أسماء النّجوم والأعلام والمشاهير الأجانب في رواية عشق وچیزهای دیگر حيث ذكر مصطفى مستور أسماء العديد من الممثّلين والمغنيين والفنّانين الأجانب فی الرّواية هذه: «بدأ لي موسى نقرة مع ذلك الوجه المستدير والسروال المربوط والشارب الكثيف ولحيته القصيرة مثل "بود سبنسر" في أفلام رعاة البقر.» (مستور، 1396ش: 51) نجد في هذه اللقطة السرديّة أنّ مستورا استحضر اسم "بود سبنسر" الممثّل الإيطالي الراحل الشهير ضمن النصّ الفارسي وذلك من خلال توظيف مصطلح " أفلام رعاة البقر أو أفلام الوسترن" الّتي تتمثّل في الغالب، الثقافة وأسلوب الحياة الأمريكيّة في فترة تاريخيّة ما. «كان موسى لصق ملصقين كبيرين على جدار غرفته؛ الملصق الأوّل يمثّل مشهداً لفيلم كازابلانكا، حيث كان همفري بوجارد وإنجريد بيرغمان واقفين ملتصق الخدين ببعضهما البعض ولكنّ يبدو أنّهما يفكّران في أشياء بعيدة. أما الملصق الثّاني يمثّل مشهداّ لفيلم سنجام حيث كان راجاند راكومار و راج كابور واقفين بجانب فيجانتي مالا ولكنّهما لا ينظران إليها.» (المصدر نفسه: 53-52) كما يتجلّى التّهجين الّلغوي الناتج عن تأثير العولمة الثقافيّة في الّلغة السرديّة لرواية عشق وچیزهای دیگر من خلال انفتاح الکاتب علی السّينما الأمريكيّة والهندية وإقحام أسماء الأفلام الهوليوديّة والبوليوديّة في الرّواية واستحضار أسماء ممثّليها الشهيرين في النصّ الفارسي. كما نرى هذا الاهتمام بالأعلام والمشاهير الأجانب في مقطع سرديّ آخر ينتقل فيه الكاتب من أسماء الأفلام وممثّليها إلى لغة السيناريو حيث يُلقي الضّوء على الرّوائي والقصصي وكاتب السّيناريو الأمريكيّ الشهير "داشيل هاميت": «كان هناك اقتباسٌ قصير من كاتب السيّناريو الأمريكيّ داشيل هاميت لصق على باب غرفة موسى ربّما سمعه من "مراد سورمه".» (المصدر نفسه: 53) يجب القول بأنّ الانفتاح الثّقافي على العولمة والمسايرة لتغيّرات العصر ومستجدّاته من قبل كلا الكاتبين إضافةً إلى اتّجاههما التجريبي جعل روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر ذاخرتين بأسماء الفنّانين الأجانب غير أنّ الأعرج قد أولى اهتماماً بالغاً للموسيقى وأسماء الموسيقيين الغربيّين ولكنّ مستورا ألقى الضّوء بشكل كبير على فنّ السينما وأسماء الأفلام الأجنبيّة وممثّليها.
الاحتفاء بأسماء الأمكنة الأجنبيّة يُعدّ المكان من أبرز عناصر الرّواية ومن أهمّ مكوّنات الخصوصيّة الثقافيّة وله دورٌ حيوي في بناء هويّة الشّخوص حیث «تتشکّل هویّة الأفراد من هويّة المكان الّذي ينسبون إليه، فالمكان يترك حفريّاته على شخصيّة ساكنيه ممّا هذا الأخير تتماسك هويّته باستقرار هويّة المكان الّذي يعيش فيه وتتمزّق وتتشظّى بتشظّي المكان.» (جريدان، 2021م: 32) علاوةً على ذلك، هناك علاقةٌ متبادلة بين المكان والعناصر الروائيّة الأخرى بشكل عام واللّغة بوجه خاص من حيث التأثير والتأثّر وذلك لأنّ نوع المكان الّذي يعتمد عليها الكاتب في عمله السردي يؤثّر بشكل مباشر على خصوصيّته اللّغوية إذ لكلّ مكان ثقافةٌ مختلفةٌ وهويّةٌ خاصّةٌ تؤثّر على نوع اللّغة المستخدمة في الرّواية ومن ناحية أخرى، اللّغة باعتبارها تقنيةً وصفيةً يوظّفها الراوي لتصوير المكان وبيان تفاصيله وأبعاده لكي يصبح أكثر ملموساً ومألوفاً للقارئ ومن هنا تتأثّر خصوصيّة اللّغة الموظّفة في الرّواية بالمكان الّذي تتحدّث عنه اللّغة كما نجد في مملكة الفراشة حيث احتفى الكاتب بأسماء الأمكنة الأجنبيّة فيها بشكل مبالغ ممّا تبدو الرواية للقارئ خريطة جغرافيّة تعرض مختلف الثقافات الأجنبيّة، الأمر الّذي يعبّر عن وجه آخر لتأثير العولمة الثقافيّة والّذي يتمثّل في فعل المثاقفة والتبادل والحوار الثقافي بين الثّقافة الجزائريّة والثّقافات الأجنبيّة الّتي تنتمي إلى هذه الأمكنة: «تتذكّر جيّدا ذلك اليوم الدافئ من أيّام أبريل من سنة 1941م الّذي ملأت فيه فيرجينيا وولف جيوبها بالحجارة لتثقل جسدها الثقيل، ونزلت إلى نهر أوز القريب من بيتها في مونكيز هاوس Monk's House.» (الأعرج، 2013م: 141) نجد في هذا المقطع السردي أنّ الكاتب استحضر مكانين أجنبيين هما "نهر أوز" الّذي يقع في شمال مقاطعة يوركشاير بإنجلترا و"مونكيز هاوس" الكوخ الريفيّ الّذي عاشت فيه الكاتبة الإنجليزية فيرجينيا وولف مع زوجه أثناء الحرب العالميّة الثّانية. وهكذا يتجلّى التّهجين باسم الأمكنة الأجنبيّة في مقاطع أخرى للرّواية: «اشتریت بطاقةً مكلّفةً لأنّه كان عليّ أن أذهب إلى باريس ومن هناك أغيّر نحو بوينوس أيرس الأرجنتينيّة.» (المصدر نفسه: 87) نلحظ لنا في هذا المقطع أنّ الكاتب أقحم في الرواية اسم مدينة "باريس" وهي عاصمة فرنسا وأكبر مدنها وأيضاً إسم مدينة"بوينوس أيرس" عاصمة الأرجنتين. «هو تعرّف علی والدي في نيويورك، عندما كان يشتغل مع شركة بريستول ميير الأمريكيّةMyers (MST) Bristol -.» (المصدر نفسه: 63) ونري في هذه الفقرة أنّ الكاتب استحضر اسم شركة “Bristol-Myers Squibb”وهي شركة أدوية أمريكيّة متعدّدة الجنسيّات المتخصّصة في إنتاج الأدويّة المضادّة لمرض السيدا، والسّرطان، وضغط الدّم، والأمراض القلبيّة والأوعية الدمويّة، والانهيارات العصبية وغيرها. «تختبرنی حبیبی...من لا یعرف سان فرانسیسکو...سان رفاییل...ساکرامنتو...یا مهبووووول حتّی لساكرامنتو.» (المصدر نفسه: 213) كما نجد إقحام أسماء الأمكنة الأمريكيّة في هذا المقطع السردي وهي "سان فرانسیسکو" و"سان رفاییل" و"ساکرامنتو" والّتي تُعدّ من أشهر المدن لولاية كاليفورنيا الأمريكيّة. وهكذا يتبلور التّهجين اللّغوي عن طريق إقحام أسماء الأمكنة الأجنبيّة في رواية عشق وچیزهای دیگر ولكن بدرجة أقل من رواية مملكة الفراشة وقد يعود السّبب في ذلك، إلى صغر حجم رواية عشق وچیزهای دیگر وقلّة عدد صفحاتها وشخوصها بالنّسبة لرواية مملکة الفراشة، ثمّ إنّ التداخل بين أنواع الأجناس الأدبيّة والفنيّة في هذه الرّواية وأيضاً تشظّي الأحداث وتعدّد الموضوعات والأصوات فيها والاشتباك في خطابها السردي يكون أقلّ بكثير من رواية مملكة الفراشة ولكنّ رغم ذلك كله، ظهر التّهجين اللغوي عن طريق توظيف أسماء الأمكنة الأجنبيّة فی عدّة مقاطع لرواية عشق وچیزهاي دیگر نتعرّض لها ما يلي: «كان لديّ أستاذٌ عاد من أستراليا حديثاً ويدرس الاقتصاد في الجامعة، فقال ذات مرة: المال كالمغناطيس وكلّ أشياء جيّدة في هذا العالم هي تقريباً نوعٌ من المغناطيس.» (مستور، 1396ش: 34) يتجلّى التّهجين اللّغوي عن طريق استحضار إسم المكان في هذا المقطع السردي في استخدام كلمة "أستراليا" من قبل الكاتب، وهي إسم بلد يقع في نصف الأرض الجنوبيّ ودولةٌ يقيم على أرضها كل الأعراق والأجناس الوافدين من كافة أنحاء العالم. «قال كريم جوجو إنّ لنقرة إبنتين كلتيهما تعيشان في أمريكا، واحدةٌ في الغرب الأمريكي والأخرى في شرقها. تعمل ابنتها الكبرى كممرّضة في أحد مستشفيات لوس أنجلوس، وابنتها الصّغرى تعمل كأمينة الصندوق في أحد المتاجر المتسلسلة في نيويورك.» (المصدر نفسه: 51) كما استحضر الكاتب في هذا المقطع السردي ثلاثة أسماء مكانيّة؛ فالأوّل"أمريكا" وهي اسم دولة تقع في قارّة أمريكا الشماليّة والثّاني "لوس أنجلوس" وهي مدينة في جنوب ولاية كاليفورنيا الأمريكيّة والثّالث اسم "نيويورك" وهي مدينة تقع على الطرف الجنوبي لولاية نيويورك وتعتبر عاصمةً اقتصاديّة للولايات المتّحدة الأمريكيّة. «في العام التالي، عندما تخرّج جوجو من الجامعة، باع منزل والده وجلب أمواله - على حد تعبيره - إلى سوق لاس فيغاس.» (المصدر نفسه: 69) كما استخدم الكاتب في هذا المقطع اسم" لاس فيغاس" وهي مدينة أمريكيّة تقع في الجنوب الشرقي من ولاية نيفادا وتُدعى مدينة القمار، كما توصف بمدينة الملاهي الليليّة بسبب الكازينوهات ومسارح الغناء وعروض الرقص المنتشرة بكثرة فيها. «قال كريم جوجو: ولكن ماذا عن الأغنياء؟ فإنّهم يقرّرون اليوم الذهاب إلى جزر هاواي وغداً استقلوا الطائرة المتجّهة إلى هونولولو.» (المصدر نفسه: 97) ويظهر التّهجين اللّغوي في هذه الفقرة من خلال إقحام أسماء الأمكنة الغربيّة داخل الخطاب المحكي والمكتوب باللّغة الفارسيّة والّذي تمثّل في كلمتي "جزر هاواي" و"هونولولو". فهاواي هي ولاية أمريكيّة على شكل أرخبيل من الجزر في المحيط الهادي وهونولولو هي مدينة وعاصمة لجزر هاواي.
توظيف الأسماء المرتبطة بنمط الحياة نمط الحياة هو مجموعةٌ واسعةٌ من الأمور الموضوعيّة والذاتيّة وبشكل عام ينطوي على أنماط العلاقات الاجتماعية، والترفيه والتسلية، والاستهلاك، والموضة والملابس، وحتّى ينعكس المواقف والقيم والنّظرة الكونيّة للفرد والمجموعة الّتي ينتمي إليها. (باينگانی والآخرون، 1392: 57) يعتبر"أنتوني جيدينز" نمط الحياة من أهمّ مكونات الحياة الّتي تتجاوز عن الأشياء الماديّة «أسلوب الحياة هو أكثر من مجرّد الاشتغالات المفضّلة أو السلع الاستهلاكيّة المحبّبة، ولكنّه يشمل التصرّفات والمعتقدات أيضاً.» (گيدنز، 1384ش: 30) تُعدّ نمط العيش وأسلوب الحياة من أهمّ الجوانب للتّعبير عن الخصوصيّة الثقافيّة واللّغوية في الرّواية لأنّها تحمل جملةً من الممارسات المتّصلة بالحياة اليوميّة لفرد أو جماعة ما من المأكل، والمشرب، والملبس، والموضة والمظهر الخارجي، والصّحة والجمال، والتسلية، والترفيه إلى قضيّة الحب، والزّواج غير أنّ نمط الحياة في روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر أصبح من أهمّ المواضع لتجلّي التّهجين اللّغوي حيث وظّف كل من الأعرج ومستور العديد من المصطلحات والمفردات المرتبطة بنمط الحياة ضمن النصّ العربي والفارسي والّتي تمثّلت مظاهرها بشكل كبير في مجالات: الفن، والتكنولوجيا، ووسائل الاتصال الحديثة، والمأكولات، والكماليّات، والموضة والصّحة والجمال و...إلخ والّتي استخرجنا في ما يلي أمثلة على ذلك: «فقد ركض نحونا الضابط المسئول عن الجسر، وقال ببرودة ميّت. لم يكن في وجهه أيّ دم: لا نريد فوضى ولا عويلاً. ثمّ انسحب في سيارة جيب Jeep خضراء.» (الأعرج، 2013م: 67م) «رکنت سیّارتی شیری عند باب دیبو – جازJaz.» (المصدر نفسه: 276) لقد ظهر التّهجين اللّغوي في هذه اللقطات السرديّة عن طريق توظيف أسماء سيّاراتي "الجيب الأمريكي والشيري الصيني" وشعاراتهما التجاريّة في النصّ العربي. «أتخفّي في مساحة الفيسبوك الزرقاء، مملكتي بحيث أرى وأتابع الجميع ولا يراني أحدٌ.» (المصدر نفسه:61) «فأنا الآن متخفيّة في الفيسبوك ولا يراني أحدٌ إلّا من أريد مراسلته. ثمّ أنطفأ أسمه كلّيا في نافذة المحادثة "التشات".» (المصدر نفسه: 74) «تراکمت الرّسائل من هذا النوع التّي خصّصت لها ملفاً مميزاً عن بقيّة الملفات في الكمبيوتر لا يهمّ أحداً غيري.» (المصدر نفسه: 74) يتجلّى التّهجين اللّغوي عن طريق النمط الحياة في هاتين الفقرتين من خلال احتفاء الكاتب بأسماء التكنولوجيا الاتصالية الحديثة المتمثّلة في "منصّة فيسبوك الاجتماعيّة" و"الشات" والكمبيوتر".«البارحة سمعتك تردّدين بالفرنسيّة، أغنيتكم في ديبو- جاز راقصو التانغو.» (المصدر نفسه: 197) «وموسیقا In the rain تملع قلبي وكان حواسي. لم أعد أشعر بعدها باللّيل، ولا بالخوف، ولا بما كان يحيط بي.» (المصدر نفسه: 499) «أنا على الكلارينات. جواد أو دجو على الساكسو أنيس على القيسارة الجافّة. شادي على الكلافية. راستا على الباس. حميدو أو ميدو على الباتري ودافيد أو ديف على الهارمونيكا والقيثارة الكهربائيّة.» (المصدر نفسه: 218) يتبلور التّهجين اللّغوي عن طريق نمط الحياة في هذه المقاطع السرديّة من خلال انفتاح الكاتب على الموسيقى والأغاني الغربيّة والّذي تمثّل في توظيف أسماء أغنيتي "راقص التانغو" و" In the rain" وهما أُعنيّتان غربيّتان شهيرتان. كما نجد إقحام أسماء آلات الموسيقى الغربيّة في النّص والّذي تمثّل في" الكلارينات، والساكسو، والقيسارة الجافّة، والباس والباتري، والهارمونيكا، والقيثارة الكهربائيّة". «والکثیر منهم عندما ينطق بهذا الإسم يظنّ أنّها حلويات مادلين الّتي يستمتع بها عندما يدخل إلى المقهى. وأوّل شيءٍ يطلبه بشكل آلي: أعطني قهوةً ومادلينا. ههههه. أضحك كلّما سمعت ذلك. أتذّكر بقوّة مادلين بروست. فأضحك أكثر وأنا آكل مادلينا وأشرب القهوة.» (المصدر نفسه: 255) «وضع بيرة التانغو أمامي بنوع من العنف ثم غرق في الدّوران حول الطّاولات والاستجابة للزبائن الّذين كان أغلبهم يطلب بيرة مضغوطة.» (المصدر نفسه: 429) ويلحظ لنا التّهجين اللّغوي في هذين المقطعين من خلال استخدام كلمتي" مادلينا" وهي نوع من الحلويات الفرنسيّة الشهيرة و" بيرة التانغو" الّتي تُعدّ من أنواع المشروبات الكحوليّة الغربيّة. وهكذا نجد تكثيف التّهجين اللّغوي عن طريق إقحام الأسماء والمفردات المرتبطة بنمط الحياة في رواية عشق وچیزهای دیگر غير أنّ تنوّع مجالات نمط الحياة وبالتّالي توظيف مفرداته كان أکثر من رواية مملكة الفراشة والّذي اخترنا بعض المقاطع أمثلةً على ذلك: «لكنّني غالباً ما أحدّق إلى مكتبة غرفتي لدقائق طويلة لآخذ كتاباً من على الرّف، ولكنّ دون أن أحمل شيئاً، أتّصل بشخص ما أو أذهب إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بي.» (مستور، 1396ش: 14) «كما تمّ عرض بضع مجلّات الأفلام القديمة وأقراص الأفلام المضغوطة للبيع. جلست ونظرت إلى الأقراص المضغوطة واحدةً تلو الأخرى.» (المصدر نفسه: 102) «نظرت إلى موبایلی. كانت السابعة صباحاً. استلقيت على ظهري على السرير وحاولت النّوم.» (المصدر نفسه:121) من الملاحظ أنّ التّهجين اللّغوي عن طريق نمط الحياة، تمثّل في هذه المقاطع السرديّة من خلال توظيف أسماء "الكمبيوتر و CD والموبايل وهي الأسماء المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة والّتي دخلت إلى اللّغتين الفارسيّة والعربيّة نتيجةً للتطوّر الهائل لتقنيات الاتّصال في السنوات الأخيرة. «انتظرنا في السيارة لمدّة عشرين دقيقة حتّى رکبت برستو بيكانتو الكرزي وانطلقت.» (المصدر نفسه: 138) «نظر جوجو إليّ وقال: المصابيح الأماميّة لسيارات مازيراتي، ولامبورغيني، وبورش.» (المصدر نفسه: 57) «قال سامي: صدیقنا شابور هو أوّل الشّخص في تسوّق السيارات موديل MVM X33.» (المصدر نفسه: 70) ظهر التهجين اللّغوي عن طريق مفردات نمط الحياة في هذين المقطعين من خلال احتفاء الكاتب بأسماء السيّارات الأجنبيّة وشعاراتها التجاريّة والّتي تمثّلت في سيارات "بيكانتو وMVM X33 الصينيين، وبورش الألماني، ومازيراتي ولامبورغيني الإيطاليين. «استلمت الأفلام ونظرت إلى أسمائهم. القمر المرّ لرومان بولانسكي وباريس تكساس وفيم فيندرز.» (المصدر نفسه: 127) «تقول بوبك هل تعرف رابونزيل وشعرها السحريّ؟ وماذا عن أليس في بلاد العجائب؟ لا أردّ عليها... تقول: لافكاديو؟ وماذا عن ذات الرداء الأحمر؟.» (المصدر نفسه: 170) ويتجلّى التّهجين اللّغوي عن طريق المفردات المرتبطة بنمط الحياة في هاتين الفقرتين من خلال استحضار أسماء الأفلام وقصص الأطفال الغربيّة ومخرجيها الّتي تمثّلت في أفلام "القمر المر" لـ"رومان بولانسكي"، و"باريس تكساس"، وفيم فيندرز" وقصص"رابونزيل وشعرها السحري"، و"أليس في بلاد العجائب"، ولافكاديو وذات الرداء الأحمر". «بعد قليل، أهديت لها ساعة أوماكس سويسريّة جميلة ذات شاشة على شكل القلب.» (المصدر نفسه: 6) «كان الدكتور بخاري رجلاً عجوزاً عبقرياً مازحاً يسكر الكُلّ برائحة تبغه الكابتن بليك الفاخر في الصف.» (المصدر نفسه: 86) إنّ التّهجین اللّغوی ظهر فی هذه المقاطع السرديّة من خلال توظيف أسماء عالم الموضة والّتي تمثّلت في "ساعة أوماكس السويسريّة" الّتي تُعدّ من أشهر الماركات العالميّة و"تبغ كابتن بلاك" وهو علامة تجاريّة أمريكيّة شهيرة للسجائر والتبغ والعطور". إنّ الاقتراض المصطلحات والمفردات الأجنبيّة وتوظيفها معدوداً في الخطاب السردي هو أمرٌ عادي ضمن تقنيات اللّغة وسعياً لإثراء لغة الرّواية ولكنّ توظيفها بشكل مكثّف من غير داع وفوق ما تقتضيه الحاجة يضرّ خصوصيّة الخطاب السردي ويعرضها للتشويه وفقدان الهويّة كما نجد في روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر ممّا أدى إقحام المفردات الأجنبية المرتبطة بنمط الحياة في النص الفارسي والعربي والإكثار منه من قبل الكاتبين إلى مزاحمة اللغة الأجنبيّة لخصوصية الخطاب السردي لكلتا الروايتين.
التّهجين اللّغوي بالجملات والتّعابير والمصطلحات لقد تبلور التّهجين اللغوي عن طريق الجملات والتعابير والمصطلحات الأجنبيّة في مقاطع عديدة من مملكة الفراشة ممّا وظّف الأعرج الكثير من العبارات والجملات الأجنبيّة ولاسيّما الفرنسيّة منها إلى جانب اللّغة العربيّة: «فقد طلّقت كوزيت، العائلة كلّها منذ مقتل والدي، ولا يهمّها الآن إلّا زواجها القريب من صديقها توما الّذي يشتغل معها. لا تردّ على الرسائل العاديّة ولا حتى بريد الفيسبوك. من حينٍ لآخر تبعث لنا رسالةً تليفونيةً قصيرةً هاربة:SMS “Ne vous inquietz pas. Je vais bien. On est juste pris par les preparatifis de notre marriage moi et Thomas. Portez veos bien2. “(الأعرج، 2013م: 137) من الملاحظ أنّ ظاهرة التّهجين اللّغوی والمزاوجة بين اللّغتين العربيّة والفرنسيّة ظهرت في هذا المقطع السردي عن طريق توظيف الجملة ممّا أدخل الكاتب الجملة الفرنسيّة ضمن النصّ العربي دون ضرورة وتبرير كغيره من المقاطع للرّواية حيث قد يشغل النصّ الفرنسي نصف صفحة أو صفحة كاملة أو أكثر، الأمر الذي أثار انتقاد الدارسين والنّقاد العرب ومن ضمنهم "نبيل سليمان" الكاتب والنّاقد السوري الّذي يعترض على هذه الازدواجيّة اللّغوية الناتجة عن إقحام اللغات الأجنبية وإكثارها في النصّ العربي ويعتقد بأنّ توظيف اللّغة الفرنسيّة الذي تواتر في روايات"واسيني الأعرج" والآخرين من بلدان المغرب العربي، ليس له مبرّرٌ ما دامت الرّواية مكتوبةً بالعربيّة وتتوجّه إلى القارئ العربي ولو كان تشيع فيها الفرنسيّة. (سليمان، 2008م: 289) لم يكتف الأعرج بالمزاوجة بين العربيّة والفرنسيّة فحسب بل قام بالمزاوجة بين الإنجليزيّة والعربيّة أيضاً في عدّة مقاطع من الرواية كما نجد في هذا المقطع السردي: «تأملّت قطع كيني - دجي الموسيقيّة على الحاسوب. فهو يحتلّني كليّا ويشهيني كل يوم للعودة النهائيّة إلى الكلارينات وإلى أصدقائي في ديبو-جاز. وبدأت العناوين تنزلق أمام نظری: “Spanish Nights…Tango…Homes…Don’t make me…Morning…Song Bird…Always…Remember…Wait for love…Sentimental…My heart will go on. “(الأعرج، 2013م: 198)
من الملاحظ أنّ الكاتب في هذه الفقرة اعتمد على تهجين الجملة ممّا أدخل النصّ الإنجليزي ضمن النصّ العربي ووظّف أسماء الأغاني الإنجليزيّة من دون داع أو مقتض ممّا أدّى الأمر إلى اختراق الخصوصيّة الثقافيّة واللّغويّة الجزائريّة لأنّ الكاتب بدلاً من استخدام اللّغة العربيّة الحاملة للثّقافة والهويّة الجزائريّة، استخدم اللّغة الإنجليزيّة الّتي تعبّر عن الثّقافة الغربيّة والأمريكيّة. وهكذا نجد ظاهرة التّهجين اللّغوی عن طريق توظيف الجملات والتّعابير والمصطلحات الأجنبيّة فی رواية عشق وچیزهای دیگر والّتي تجلّت فی التّداول بالإنجليزيّة في الحياة اليوميّة والاستماع للأغانی الإنجليزيّة من خلال شخصية "كريم جوجو" الّذي يبدو أنّه معجبٌ باللّغة الإنجليزيّة والثّقافة الغربيّة حيث يستخدم مصطلحات وتعابير إنجليزيّة لا تدعو إليها الضرورة: «عندما كان يقول هذا الكلام، حرّك أصابعه كطائر يحلّق في الّسماء ثمّ أنزلها ببطءٍ ووضعها على السّرير. ثم حدّق إلى وجهي وقال: .Do you agree?» (مستور، 1396ش: 35) «نظر إليّ جوجو وقال: المصابيح الأماميّة لسيّارات مازيراتي، ولامبورغيني، وبورش. بينما أنت لا تزال تبحث عن برستو .What do you think?» (المصدر نفسه: 57-58) نزل كريم من الدرج وفي يده صحنان من الحساء، فجلس بجانب القفص وفتح بابه ووضع الصّحون بعناية داخل القفص. فهرولت القطط إلى الصّحون لأكل الحساء. قال جوجو إنه يجب إطعام هذه القطط المرحة ثلاث مرّات يومياً .Very nice» (المصدر نفسه: 125) يتراءى لنا من خلال هذه المقاطع السرديّة أنّ مستورا كنظيره الأعرج اعتمد على التّهجين اللّغوي عن طريق توظيف الجملات والتعابير الأجنبيّة في الرّواية ممّا وظّف جملات وعبارات إنجليزيّة قصيرة في نهاية الجملات الفارسيّة ليست بالضرورة أن تستخدم. توظيف كلمات الأغاني الإنجليزيّة ضمن النصّ الفارسي هو شكلٌ آخر من أنواع التّهجين اللغوي وهو مظهرٌ آخر من تأثير العولمة في خصوصية اللّغة السرديّة لرواية عشق وچیزهای دیگر والّذي تمثّل من خلال نمط حياة الشّخوص: «ومرةً أخرى صوت الموسيقى ولكنّ هذه المرّة هادئ وممتعٌ وواضحٌ. تبدو أنّ ميراندا لومبرت كانت تغنّي بأفضل الكلمات في العالم وبأنعم صوت الممكن في قبو أميراباد من أجلي أنا: Sweet like a kiss, sharp like a razor blade Oh, oh, oh, oh
نجد تأثير العولمة على اللّغة الفارسيّة بكلّ وضوح في هذه الفقرة السرديّة المهجّنة حيث استخدم الكاتب كلمات الأغنيّة الإنجليزيّة الحاملة للثّقافة والقيم الغربيّة إلى جانب اللّغة الفارسيّة ممّا أخذت الإنجليزيّة تزاحم الفارسيّة، الأمر الّذي يكشف عن الاتّجاه التغريبي للرّواية ويكشف أيضاً عن مدى تأثير العولمة في المجتمع الإيراني، والوسط الأدبي والثقافي على وجه التّحديد وبالتّالي اختراق الخصوصيّة الثّقافية الإيرانيّة المتمثّلة في اللّغة الفارسيّة. جدول التوزيع التكراري لمظاهر التهجين اللّغوي في رواية مملکة الفراشة
الرسم البيان الدائري لتوزيع مظاهر التهجين اللّغوي في رواية مملکة الفراشة
وفقاً لجدول التوزيع التكراري والرسم البياني الدائري لمظاهر التهجين اللّغوي في رواية مملکة الفراشة، إنّ مكوّن تغيير أسماء الشخوص وتشويهها بإجمالي 33٪ وتكرار 465 احتلّ المرتبة الأولى وهو المكوّن الأكثر تواجداً وتوظيفاً في هذه الرواية ثم يأتي مكوّن استحضار أسماء الأعلام والمشاهير الأجانب واستخدامها بإجمالي 25% وتكرار 352 الذي حظي باهتمام كبير من قبل الكاتب حيث نادراً ما نجد صفحةً خاليةً من أسماء الأعلام والمشاهير الأجانب في رواية مملكة الفراشة. واحتلّ توظيف الأسماء المرتبطة بنمط الحياة بإجمالي 23% وتكرار 320 المرتبة الثالثة. بعد هذه المكوّنات الثلاثة، يأتي على التّوالي، الاحتفاء بأسماء الأمكنة الأجنبيّة بنسبة 12% وتكرار 163 ومكوّن التهجين اللّغوي عن طريق الجملات والتعابير والمصطلحات الأجنبيّة بنسبة 7% وتكرار 92.
جدول التوزيع التكراري لمظاهر التهجين اللّغوي في رواية عشق وچیزهای دیگر
الرسم البيان الدائري لتوزيع مظاهر التّهجين اللّغوي في رواية عشق و چیزهای دیگر
حسب معلومات جدول التوزيع التكراري والرسم البياني الدائري لمظاهر التهجين اللّغوي في رواية عشق وچیزهای دیگر، إنّ مكوّن توظيف الأسماء المرتبطة بنمط الحياة بإجمالي49٪ وتكرار220 احتلّ المرتبة الأولى وهو المكوّن الأكثر تواجداً وتوظيفاً في هذه الرواية. ثم یدرج توظيف الأسماء الهجينة التي تمثّلت في تغيير أسماء الشخوص وتشويهها بإجمالي 27% وتكرار 122. واحتلّ مكوّن توظيف أسماء الأعلام والمشاهير الأجانب بنسبة 10% وتكرار 44 المرتبة الثالثة. وبعد هذه المكوّنات الثلاثة، يأتي على التّوالي الاحتفاء بأسماء الأمكنة الأجنبيّة بنسبة 8% وتكرار 37 والتهجين اللّغوي عن طريق توظيف الجملات والتعابير والمصطلحات الأجنبيّة بنسبة 6% وتكرار 27. من خلال هذه القراء المتأنّية والفاحصة لإحصائيات توزيع مظاهر التهجين اللّغوي في روايتي مملكة الفراشة وعشق و چیزهای دیگر، یتبیّن لنا أنّ بعض المظاهر كان لها حضوراً بارزاً وملحوظاً جداً في الخطاب السردي لهاتين الروايتين ومنها "ظاهرة التّغيير في أسماء الشّخوص وتشویهها"، و"الاحتفاء بأسماء الأعلام والمشاهير الأجانب"، و"توظيف الأسماء المرتبطة بنمط الحياة" الّتي تم استخدامها على نطاق واسع من قبل الكاتبين. ومن المرجّح يعود هذا الأمر إلى عدّة أسباب ومن أهمّها؛ التأثيرات والانعكاسات الّتي تركتها ظاهرة العولمة الثقافيّة في مجتمعات العالم الثالث وعلى وجه الخصوص المجتمعين الجزائري والإيراني من جراء التقدّم الهائل لتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات واستجابة كل من الروائيين واسيني الأعرج ومصطفى مستور لدعوات العولمة والانفتاح على الثّقافة العولميّة الّتي تمثّلت بشكل غالب من خلال تكديس الأسماء والمصطلحات الأجنبيّة المرتبطة بنمط الحياة في هاتين الروايتين. علاوةً على ذلك، ينظر مؤلّفو الرواية اليوم إلى الأسواق العالميّة أكثر من الأسواق المحليّة كما لديهم طموح في نيل الجوائز العالميّة ومن هنا يقومون بتغيير أسماء شخوص الرواية وتشویهها لكي يحوز عملهم الروائي على اهتمام القرّاء الأجانب وإعجابهم وتصبح أسماء الشخوص أكثر مألوفةً لهؤلاء القرّاء. كما أنّ الاحتفاء بأسماء الأعلام والمشاهير والفنانين والتوظيف المكثّف لأسماء ومصطلحات مختلف الفنون كالموسيقى والرقص والسينما والمسرح والفنون التشكيلية كالنحت، والرسم والتّداخل بينها وبين الفنّ السردي، لم يأت اعتباطياً في روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر بل جاء استجابةً لمتطلّبات الرواية الحداثيّة أو ما يعرف بالتجريب الروائيّ الّذی ظهر فی غضون العقود الأخيرة كثورة نقديّة وحركة حداثيّة على أسلوب وتقنيّات الرواية النّمطية والتقليديّة.
النتيجة ختاماً يمكن استخلاص النّتائج أدناه: إنّ العولمة الثقافيّة أثرت على اللّغة السرديّة لروايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر تأثيراً كبيراً حيث تراجع الخطاب السردي لكلتا الروايتين عن خصوصيّته الثقافية على حساب الثّقافة الغربيّة والعولميّة. يتجلّى تأثير العولمة في الخصوصيّة اللّغوية لهاتين الروايتين بشكل غالب في التّهجين اللّغوي الّذي ظهر في خطابهما السردي بنوعيه الاسم والجملة غير أن التّهجين اللّغوي عن طريق الأسماء هو أبرز نوع التهجين الذي تجلّت مظاهرها في لغتهما السردية وهو الأسلوب الأكثر استخداماً من قبل الكاتبين وذلك من خلال تغيير أسماء الشّخوص وتشویهها واستحضار أسماء الأعلام والمشاهير الأجنبيّة والاحتفاء بأسماء الأمكنة الأجنبيّة وإقحام الأسماء المرتبطة بنمط الحياة. وحسب التحليل الإحصائي الذي تم إجراؤه لبيانات مظاهر التهجين اللغوي في هاتين الروايتين، أن مكوّن تغيير أسماء الشخوص وتشويهها بإجمالي33٪ وتكرار465 احتلّ المرتبة الأولى وهو المكوّن الأكثر تواجداً وتوظيفاً في رواية مملكة الفراشة ثم يأتي مكوّن استحضار أسماء الأعلام والمشاهير الأجانب واستخدامها بإجمالي 25% وتكرار 352 الذي حظي باهتمام كبير من قبل الكاتب حيث نادراً ما نجد صفحةً خاليةً من أسماء الأعلام والمشاهير الأجانب في هذه الرواية. أما بالنسبة لرواية عشق وچیزهای دیگر، مكوّن توظيف الأسماء المرتبطة بنمط الحياة بإجمالي 49٪ وتكرار 220 احتلّ المرتبة الأولى وهو المكوّن الأكثر تواجداً وتوظيفاً في هذه الرواية. ثم یليه مكون توظيف الأسماء الهجينة الّذي تمثّل في تغيير أسماء الشّخوص وتشويهها بإجمالي 27% وتكرار 122. الانفتاح الثقافي على العولمة والمسايرة لتغيّرات العصر ومستجدّاته من قبل كلا الكاتبين إضافةً إلى طموحهما في نيل الجوائز العالميّة واتّجاههما التجريبي جعل روايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر ذاخرتين بأسماء الشّخوص الهجينة وحافلتين بمختلف الفنون ومصطلحاتها وأسماء الفنّانين والأعلام الغربيين غير أنّ الأعرج قد أولى اهتماماً بالغاً للموسيقى الغربيّة واستعراض أسماء الموسيقيين ولكنّ مستورا ألقى الضوء بشكل كبير على السينما والأفلام السينمائيّة والأعمال القصصيّة الأجنبيّة وأسماء شخوصها وممثّليها. كما يظهر البحث أنّ الاختلاف الأساسي بين روايتي مملكة الفراشة وعشق و چیزهای دیگر بالنسبة للتهجين اللغوي الناتج عن العولمة الثقافيّة، يكمن في نوع اللغة المستخدمة ثم توظيف الأسماء الهجينة من قبل الكاتبين حيث الأعرج كان الأكثر حرصاً على استخدام اللّغة الفرنسيّة وتهجين أسماء الشّخوص وتشويهها بينما اقتصر مستور على توظيف الإنجليزيّة فحسب وهو لم يكن بقدر الأعرج حريصاً على تغيير أسماء الشّخوص وتشويهها. التّهجين اللغوي المتمثّل في أسماء الشّخوص لروايتي مملكة الفراشة وعشق وچیزهای دیگر والّذي استحوذ على جزء كبير من خطابهما السردي، فإنّه تجلّى بشکل کبیر من خلال تغيير الأسماء ذات الدّلالات والأصول الدينيّة والتاريخيّة في الثقافتين الفارسيّة والعربيّة وتشويهها إلى أسماء الأجنبيّة المألوفة وغير المألوفة.
1 Cultural globalization 2 Marshal McLuhan 1 Global Village
2 the sceptical 3 the hyperglobalist 4 the transformational 5 D Held 6 A McGrew 7 A Giddens 8 M Castells 9 JN Rosenau 10 Joseph Nye 11 Robert Cohen 1 language hybridization لا تشغلوا بالکم علیّ، أنا بخير. مشغولان فقط بتحضير عرسنا أنا وتوما. كونوا بخير.2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الأعرج، واسيني. )2013م). مملكة الفراشة. ط1. دوبي: دار الصدى.
الأمين، ولد الكتاب. (2011م). «الخصوصية الثقافية العربية بين متطلبات الحداثة وتحديات العولمة». موقع صحراء ميديا. 5984/ https://www.saharamedias.net.
إلزعر، حبيبة. (2018م). «التهجين اللغوي من منظور "صالح بلعيد"». مجلة التعليمية. المجلد5. العدد15. صص161-154.
باختين، ميخائيل. (1987م). الخطاب الروائي. ترجمة محمد برادة، ط1. القاهرة: دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع.
باینگانی، بهمن وسيد فهيم ايراندوست وسينا احمدي. (1392ش). «سبک زندگی از منظر جامعه شناختی، مقدمهای بر شناخت و واکاوی سبک زندگی». مجله مهندسی فرهنگی. سال 8. ش77. صص 74 -56.
بالقاسمي، آمنة ومحمد مزيان. (2012م). العولمة الثقافية و تأثيراتها على هوية الشباب والمراهقين الجزائريين. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية. السنة الثانية. العدد الثامن. صص 58-39.
بن علي، المهدي وسمية حشيفة. (2018م). الأنساق الثقافية في رواية مملكة الفراشة لـ واسني الأعرج. مذكرة لنيل شهادة الماجستير فى اللغة والأدب العربي. الجزائر: جامعة الشهيد حمة لخضر- الوادي.
جريدان، إيمان. (2021م). هوية المكان وتحوّلاته: قراءة في رواية طوق الحمام. ط2. الشلف: دار الكافي للنشر والتوزيع والترجمة.
جونز، آندرو. (1396ش). نظریه پردازان بزرگ جهانی شدن. ترجمه مسعود کرباسیان. همایاک اودیس یانس. چاپ دوم. تهران: نشر چشمه.
الجويلي، عزام. (2015م). الإعلام الاجتماعي. عمان: دار غيداء للنشر والتوزيع.
حمداوي، جميل. (2020م). التهجين في روايات أحمد المخلوفي. ط1. الناظور-تطوان/ المملكة المغربية: الدار الريف للطبع والنشر الإلكتروني.
خميس أحمد، هاني و عبد الرزاق جلبي. (2011م). العولمة والحياة اليومية. ط1. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
داود، محمد. (2016م). اللغة كيف تحيا ؟ … ومتي تموت ؟. (لاط). القاهرة: دار النهضة.
الدرة، عبد الباري. (1999م). العولمة وادارة التعدد الحضاري والثقافي في العالم وحمایة الهویة العربیة الاسلامیة. ط1. عمان: جامعة فیلادلفیا.
سليمان، نبيل. (2008م). شهرزاد المعاصرة. (لاط). دمشق: منشورات اتحاد الكتاب العرب.
عبد الفتاح، بشير. (2007م). الخصوصية الثقافية. القاهرة: نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع.
عبد القادر، شاكر. (2020م). التهجين اللغوي وأثره في تعليم اللغة العربية: المرحلة الإبتدائية أنموذجا. رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه. الجزائر. جامعة عبد الحميد بن باديس-مستغانم- كلية الأدب العربي والفنون. قسم الدراسات اللغوية.
العجیلی، شهلا. (2011م). الخصوصیة الثقافية في الرواية العربية. القاهرة: دار المصرية اللبنانية.
عسال، زينب. (2005). «لماذا انتقلت الكلمات الأجنبية من لسان الشارع إلى لغة الأدب؟». قاهره: جريدة الأشرق الأوسط. https://archive.aawsat.com/
عوني حجازي، مها. (2014م). العولمة وأثرها في اللغة العربية: مدينة الخليل أنموذجا، رسالة لينل شهادة الماجستير، فلسطين: جامعة الخليل.
غيدنز، آنتونی. (2005م). علم الاجتماع. ترجمة وتقديم. فايز الصياغ. الطبعة4. بيروت: المنظمة العربية للترجمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (2003م). عالم جامح. ترجمة عباس كاظم وحسن ناظم. ط1، بيروت: المركز الثقافي العربي.
گل محمدی، احمد. (1381ش). جهاني شدن فرهنگ و هویت. تهران: انتشارات نی.
گیدنز، آنتونی. (1384ش). چشماندازهای جهانیشدن. ترجمه محمدرضا جلائی پور. تهران: انتشارات طرح نو.
مستور، مصطفى. (1396ش). عشق و چیزهای دیگر. ط1. تهران: نشر چشمه.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 843 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 175 |