تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,285 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,918 |
تمظهرات صورة الشخصیات الإيرانية في مِرآة البحتري الشعرية؛ آل سهل نموذجاً | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 3، دوره 12، شماره 46، شهریور 2022، صفحه 53-76 اصل مقاله (263.42 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
فرشاد جبروتي1؛ علی أصغر قهرمانی مقبل* 2؛ ابو الفضل رضایی2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1طالب دكتوراه في اللغة العربية وآدابها، جامعة الشهيد بهشتي، طهران، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة الشهيد بهشتي، طهران، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
تشهد الکتب التاريخية أنّ "آل سهل" أسرة عريقة من الأسر الإيرانية التي لعبت دوراً بارزاً في الحکم العباسي الأول بعد "آل برمك". فينتمي نسبهم إلی الملوك الساسانيين، ومکانة آل سهل في الحکم العباسي مکانة مرموقة في السياسة، إذ برزت سيادتهم ولباقتهم وحسن تدبيرهم في حلّ البلاد الإسلامية وعقدها. فأشهر شخصيات هذه الأسرة هو الفضل بن سهل المشهور بذي الرئاستين وأخوه الحسن بن سهل، وإبراهيم بن الحسن حاجب المتوکل، فتعرّف البحتري علی آل سهل واتجه إليهم بشعره وبعاطفته، إذ إنّه مدحهم حبّاً لهم إلی جانب التمتع بصلاتهم المادّية الغزيرة، فلا يکتفي البحتري بمدح هؤلاء فحسب، بل أدمج مدائحهم بأسماء الملوك الساسانيين، إذ انعکس شغف الشاعر العربي بالحضارة والثقافة الفارسيتين. رغب البحتري في مدح هذه الأسرة الإيرانية وقام بتمجيدها وتکريمها واعترف بسيادتها وفضلهما رغم أصوله العربية ونزعته القومية. فيحاول هذا البحث الذي ينهج المنهج المقارن أن يستخرج تمظهرات صورة آل سهل المنعکسة في قصائد البحتري. ويمکننا أن نستنتج أنّ الشاعر العربي قد صوّر الحضارة والثقافة الفارسيتين من خلال مدح آل سهل خير صورة يدلّ علی معرفة الشاعر بها معرفة دقيقة مع إبراز حبّه لآل سهل والحضارة التي ينتمون إليها. وعَکَس هذا الشاعر "الأنا العربي"، الصفات الإنسانية الراقية في "الآخر الإيراني" أي الفُرس بکل وضوح. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الشعر العباسي؛ البحتري؛ السلسلة الساسانية؛ آل سهل؛ الصورولوجیا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
عندما نُمعن النظر في شعر البحتري الذي اهتمّ فيه بكبار الشخصيات الإيرانيين الذين لعبوا دوراً هامّاً وإيجابياً في إنشاء حضارة ضخمة إيرانيّة وصنعوا ثقافة إنسانيّة رشيقة بجميع معالمها الفكرية والاجتماعية، منهم أبناء سهل الإيرانيون الذين برزت أسماؤهم في بعض قصائد البحتري الشعرية، بكل احترام وتمجيد. وإنّهم بذكائهم وشمّهم السياسي دخلوا في الدولة العباسية، وأصبحوا وزراء الحكم العباسية بتدابيرهم العقلية وصاروا مستشارين أقوياء للخلفاء العباسيين. فالبحتري باستنباطه الواعي عرف مكانة آل سهل ودورهم السياسي في الحكم العباسي، فلهذا صوّرهم بكل وضوح في أشعاره وخلّد أسماءهم في ديوانه للأجيال القادمة. وبإمعان النظر في أشعار البحتري التي أنشدها في حضارة الفرس وشخصیاتهم، نعرف أنّ البحتري ذو نظرة دقيقة في تصوير الثقافات المختلفة وباهتمامه إلی الشخصيات الكبار من الثقافات المتعددة، يُعرّف نفسه أنّه بدون تعصّب قومي، عقد صلة وثيقة بين الآداب القومية بصدق، فله قدرة بالغة في ترسيخ الأواصر الثقافية بين الشعوب والأقوام المختلفة. تحاول هذه الدراسة، علی أن تدرس صورة آل سهل، في شعر البحتري، وتعتمد علی المنهج المقارن المبنيّ علی المدرسة الفرنسية، مع الاستعانة بالدراسة الصورولوجية التي تُعتبر من اتّجاهات الأدب المقارن. إنّ للصورة مكانة جديدة في الأدب المقارن، وقد تُدرَس فيها صورة البلاد والشخصيات الأجنبية، في آثار كاتب، أو مدرسة في عصر من العصور التاريخية. ومن أهمّ أهداف علم الصورة، هي معالجة صورة شخص ما أو بلد ما في ثقافة أخری، أو في شعب آخر. وأثناء دراسة آل سهل في شعر البحتري نحاول الإجابة عن بعض الأسئلة؛ منها: أسئلة البحث - كيف كانت علاقة الشاعر العربي بآل سهل ؟ - ما هي خصائص آل سهل الإيجابية المشهورة التي أثّرت في الشاعر وأقنعتْه للتمدّح؟ - كيف عكست صورة آل سهل في شعر البحتري؟
فرضيات البحث بالنسبة إلی السؤال الأول يُفترض أنّ علاقة الشاعر بآل سهل الإيرانيين الّذين لعبوا دوراً بارزاً ومهمّاً في السياسة والأدب، ترتبط بمکانتهم المرموقة التي حصلوا عليها في العصر العباسي لتدابيرهم الفکرية في شؤون البلاد الإسلامية واهتمام الملوك العباسين بهم لوعيهم الواعي وأخلاقهم السامية. والفرضية الثانية هي أنّ آل سهل کانوا يتمتّعون من أخلاق حسنة وشجاعة وکرم، وهذه الأسرة كانت تنتمي إلی الأسرة الملكية قبل الإسلام أي الملوك الساسانيين، فلهذا تأثّرالبحتري بهم وبدأ بمدحهم لشأنهم السياسي وثقافتهم الفارسية. وأمّا الفرضية الثالثة هي أنّ انعکاس صورة آل سهل في شعر البحتري، إيجابيّ ولا يغفل الشاعر في مدحهم ويهتمّ بِنَسَبِهم الفارسي وفي مدحهم يستدعي الشخصيات الساسانية العظيمة لملوکيتهم وقدرتهم في إنشاء حضارة ضخمة آنذاك. إنّ البحتري يعترف بأنّ آل سهل فتيان فارِسَ من جميع الصفات الحسنة، لأنّ أصلهم كريم، وبكرامتهم أثنی عليهم وشكر منهم مواهبهم المشهورة التي لو سِرنَ في فلك لكُنّ نجوماً. خلفية البحث كما واضح، قد تمّت دراسات عديدة في إيران حول علم الصورة والصورولوجيا، نستطيع أن نشير إلی بعض الدراسات التي قامت بالصورولوجيا في حقل نظري وتطبيقي، منها: «درآمدی بر تصویر شناسی، 1388ش» وقد تطرّق بهمن نامور مطلق في مقاله هذا إلی الجانب التنظيري لصورولوجيا، وقد قسّم الآخر إلی "الآخر ضمن ثقافة الأنا" و"الآخر خارج ثقافة الأنا". ولیس للآخر اعتبار خارج ثقافة الأنا، إمّا فرداً أو جمعاً في جميع الأحوال كما يظنّ البعض. وهناﻙ مقال آخر لخليل برويني والآخرين بعنوان «دراسة رحلة ابن بطوطة من منظر الأدب المقارن، 1388ش» وقد أشير في هذا المقال إلی الصورولوجيا وتعريفه وتاريخه وأهمية دراسات الصورة ضمن الأدب المقارن بسبب تقريب الثقافات بعضها من بعض وتعاريف الشعوب والمجتمعات والمشتركات الموجودة بينها. ومقال آخر بعنوان «صورة الآخر العربي / الفارسي في الروايتين الفارسية والعربية: أحمد محمود وعبدالرحمن منيف نموذجاً، 1390ش» ليدالله أحمدي ملايري، وحاولت هذه الدراسة المقارنة إلی إلقاء الضوء علی صورة الآخر العربي والفارسي في روايات الروائي الإيراني أحمد محمود والروائي العربي عبدالرحمن منيف، متخذة من إنجازات المدرستين أميركية والسلافية آلية لإبراز نقاط التشابه والاختلاف في رسمهما لصورة الآخر. وكذلك نشير إلی مقال آخر لعلي أصغر قهرماني والآخر، بعنوان «تصویر شیراز در سفرنامه ابن بطوطه، 1394ش» وقد تناول هذا المقال إلی تحليل صورة مدينة شيراز ضمن الأدب المقارن، حسب المدرسة الفرنسية التي تعالج الدراسات وفقاً علی الاشتراكات بين الثقافتين المختلفتين، وقد أشير في هذه الدراسة إلی كيفية علاقة ابن بطوطة بشيراز، ثقافة، اقتصاداً، سياسة، وغيرها. إنّ هناك دراسة قيّمة أخری، تجدر الإشارة إليها فهي: كتاب إشكالية الأنا والآخر "نماذج روائية عربيّة" لماجدة حمّود وقد اختارت المؤلّفة فی هذا الكتاب ثماني روايات من عدة بلدان عربية وحاولت أن تناقش رؤية" الأنا" العربية ولغتها وموضعها تجاه الآخر وكيفية إيجاد علاقة التفاهم والتعامل مع الآخر في دراسة متأنيّة للروايات. وهناﻙ كتاب آخر لنفس الكاتبة -ماجدة حمّود- بعنوان "صورة الآخر في التراث العربي" بالّذي تتجذّر الكاتبة في هذا الكتاب دراسة الصورة الأدبية (الصورولوجيا) وظهورها في الأدب المقارن، وتناقش صورة الأنا والآخر ووسائلها وتجليّاتها في الأدب في مقدّمة الكتاب. وتحاول الكاتبة في هذه الدراسة، أن تصوّر جوّ التعايش في الثقافة الإسلامية العربية وتُبرزَ مدی اهتمام الإنسان العربي بالآخر وﺑ"الأنا"، جرّاء اهتمامه بالآخر والاعتراف به. وبالرغم من وجود هذه الدراسات وأمثالها إلّا أنّ الباحث لم يعثر علی مقال أو بحث يدرس صورة آل سهل في مرآة شعر البحتري بشكل مستقل مؤكداً علی أدبيّة الموضوع ولغته علی جانب الاهتمام بالمضمون، يحاول هذا المقال دراسة صورة الآخر في مجال أدبي وبآليّات مختلفة وعلی هذا الأساس يبدو جديداً وجديراً بالاهتمام.فاهتمّ الأدباء بنقل صورة الآخر في الأدب المقارن لأبناء شعبهم، ووطنهم لتعريفهم بها عن قرب، وقد بذل الأدباء جهودهم الجهيدة، لدراسة معتبرة عن الأدب المقارن، لمعالجة الاشتراكات والاختلافات بين الشعوب والبلاد، لتواصل العلاقات الثقافية والاجتماعية وغيرها. كما نعرف أنّ الصورولوجيا تتكوّن من عناصر وعوامل كثيرة وهذه العناصر تساعد الأدباء للتعرّف علی شعوب وأقوام مختلفة وتأثير بعضها علی بعض، باكتساب ثقافات خارجة عن المسائل الماديّة علی اختلافها. وهناﻙ آراء مختلفة ونظريات متعددة في تعريف الأدب المقارن. یقول هنري ریماك حول الأدب المقارن «یشمل الأدب المقارن عناصر من المكان والزمان والنوع والكثافة والأدب المقارن یتناول غالباً العلاقة بین بلدین أو مؤلفین من جنسیتین مختلفتین، أو بین مؤلف واحد وبلد أجنبي والأدب المقارن یستطیع أن یقارن أي شيء تمكن مقارنته بصرف النظر عن مدی قدم أو حداثة الموضوع اوالموضوعات المقارنة.» (علوش، 1987م: 109) و«إنّ الأدب المقارن الحقيقي يحاول، ككل علم تاريخي، أن يشمل أكبر عدد ممكن من الوقائع المختلفة الأصل، حتی يزداد فهمه وتعلیله لكل واحدة منها علی حدة فهو يوسع أسس المعرفة، كما يجد أسباب أكبر عدد ممكن من الوقائع.» (المصدر نفسه: 10) بما أنّ البحث يندرج ضمن الأدب المقارن، فالصورة تُعدّ من أهمّ عناصر الأدب المقارن، ومن الأفضل أن نشير إلی الصورة ومفهومها، ثمّ ندخل في صلب الموضوع. لمحة وجيزة عن الصورولوجيا بما أنّ الصورة هي من أهمّ وسائل نقل الثقافات والحضارات من الشعوب المتعددة إلی شعوب أخری، فجدير أن يشار إلیها. كما يتضح لنا أنّ الصورة، هي أفضل وسيلة لنقل الثقافة والحضارة من شعب إلی شعب آخر بأمانة وصداقة وقوة. وإنّ موضوع الصورة هو دراسة صورة "الآخر"، وبصورة أدق، صورة "الثقافة الأخرى" أو عناصرها في الأدب أو الفن. وبمعنى آخر، الصورة هي معرفة وطريقة يتم من خلالها دراسة صورة البلاد والشخصيات الأجنبية في أعمال مؤلف أو فترة ومدرسة. (نامور مطلق، 1388ش:122)، «فالصورة هي الوسيلة المرغوبة عند الشاعر، والمفضلة عند الأديب، ولكن غيرهما يكتفي بدونها في توصيل فكره التجريدي، ومعانيه الذهنية ونقله إلى الآخرين خبراً وإعلاماً، يكتفي في ذلك بلفظ جامد لا حياة فيه، وتعبير مركز دقيق لا إيحاء فيه.» (مصطفی صبح، 2016م: 3و4)، إنّ الصورة هي الوسيلة التي يستخدمها الأديب للتعبير عمّا يقصده. وعَنِيَ النقاد المحدثون بمفهوم الصورة، فعرّفها زكي مبارﻙ بأنّها: «أثر الشاعر المفلق الذي يصف المرئيات وصفاً يجعل قارئ شعره فما يدري أيقرأ قصيدة مسطورة، أم يشاهد منظراً من مناظر الوجود، والذي يصف الوجدانيات وصفاً يخيّل للقارئ أنّه يناجي نفسه، ويحاور ضميره، لأنّه يقرأ قطعة مختارة لشاعر مُجيد.» (مبارك، 2012م: 65) وعرّفها جابر عصفور: «بأنّها طريقة خاصة من طرق التعبير، أو وجه من أوجُه الدلالة.» (عصفور، 1983م: 323) و«يعدّ الصورولوجيا جزءاً من تاريخ الأفكار والثقافات الّتي تنشأ فی بلد واحد أو عدة بلدان وعن طريق تناول الآخر بالدراسة نظفر بتفكير مختلف بإمكانه أن يغني ثقافتنا ويطوّر سلوكنا، وعلی هذا يمكننا أن نعدّ الصورة تجسيداً لفعل ثقافي يبرز لنا كيف يتمّ التفاعل مع الآخر، فنلمس مجمل الأفكار والقيم الّتي تشكل وجدان الأمّة.» (حمود، 2010م: 14) وإذا أراد شعب أن يعرف نفسه، فلابدّ له أن يعرف شعوباً أخری وثقافتها، ولأجل هذا الأمر يجب أن يترابط مع الشعوب المتعددة، لاستمرار الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وهناﻙ نقطة أساسية في دراسة الصورولوجيا، وهي دراسة ثقافة الآخرين والتعرّف علی الأمم الأخری، باتجاهاتها الفكرية والأخلاقية، لتقديم صورٍ من بلدٍما وكيفية نظرة قومٍ ما إلی قوم غيرهم، وإظهار المقارنة بين الذات والآخر. وقد اتّسعت مجالات البحث في الصورولوجيا، لأنها تحتوی جميع حقول البحث في العلوم الإنسانية وتدرس العلاقات القومية بين الأنا والآخر والاشتراكات والافتراقات بينهما. «إنّ الصورولوجيا من أجل سعة مجالات البحث فيها تشمل كلّ العلوم الإنسانية والآداب القوميّة وما تحتويه هذه الآداب من معادلات معقّدة وشائكة في إشكاليّة الصورة بين الأنا والآخر؛ لذا فإنّها كانت موضع اهتمام دراسات الأدب المقارن.» (صالح، 2014م: 4-3) فإنّها تدرس العلاقات بين الذات والآخر والتشابهات والاختلافات بينهما. وعلی من يبحث في حقل المقارنة أن يتأنّى ويقف بإزاء الصورة التي يعطيها الأدب عن شعب، لأنّ الصورة تتكوّن من عناصر عقلية وعاطفية، تظهر فردياً أو جماعياً في الأوقات المختلفة، ولأهمّيتها تلعب دوراً هامّاً في تقديم شعب أو أمة إلی الأمم الأخری. فنعالج الصورولوجيا، للتعرّف علی دورها الأساسي في تعارف الثقافات والحضارات والآداب المختلفة، التي تُقرِّب الاشتراكات الموجودة بين الشعوب الأخری، فكراً، روحاً وعقلاً، وترسّخ العلاقات الثقافية لحفظ القِیَم الأخلاقية والإنسانية طوال القرون المتمادية. عندما نعالج الأنا والآخر، فالأفضل أن نأتي بتعاريف عن المصطلحي (الأنا والآخر)، «إنّ الأنا ليست وحدة، إلّا ظاهريّاً. إنّها عُمْقيّاً، تمزّق وانشقاق. الآخر نفسه مقيم (سلباً أو إيجاباً) في قرارة الأنا. لهذا لا فصل دون وصل: لا أنا دون الآخر.» (أدونيس، 2016م: 1/26) امتزاج الأنا العربي والآخر الفارسي عند البحتري وعندما يقال الأنا كأنّها تدلّ علی الحريّة ويتصور أنّها ذات طبيعة وجودية، وإنّ «الأنا بدائية، ولا يمكن أن تستمد من شيء أو ترد إلی شيء.» (برديائف، 1960م: 109) نقصد بالأنا هنا جوهر الذات العربية، ونُحاول التطرق إلى السلبية والإيجابية فيها، فالعلاقة بين الأنا العربي والآخر أخذت منحىً مختلفاً يأخذ شكل الحوار بين الذات العربية وبين الآخر الفارسي الذي يملك التقدم في الحضارة، فالحوار مع الذات يسبق الحوار مع الآخر ومعرفة النفس سابقة علی معرفة الآخر والتساهل في معرفة الذات يؤدي إلی تساهل في معرفة الآخر. «ولفظ "الأنا" يعادل لفظ الذات، والذات تتجلی في الثقافة والسياسة والأخلاق ويطلق لفظ الأنا في مقابل الآخر.» (حنفي، 2004م: 443) عندما نريد أن ندرس صورة الآخر، فعلينا أن نتعرّف علی الآخر ومفهومه في الصورولوجيا وعن نكشفه ضمن النصوص الأدبية، وغيرها. وما يقابل الأنا هو الآخر الّذي لا يمكن معرفته بمعزل عن الذات، لأنّه مقابل للأنا في المعنى، وكلّ منهما يتطوّران ويتكوّنان من خلال تشابك العلاقات داخل المجتمع. وليس الآخر «مفهوماً فرديّاً فقط، إنّه مفهوم جمعيّ أيضاً، فكما أنّ الفرد يشكّل تصوّراته عن الآخر بناء على تصوّره لذاته، فإنّ المجتمع كذلك يكوّن له تصوّراً عن الآخر بناء على تصوّره لذاته، أي أنّ هناك تلازم أيضاً بين (صورة الذات) و(صورة الآخر) على المستوى الجمعي كما هو على المستوى الفردي.» (الخبّاز، 2009م: 23) و«للآخر والأنا معاً حضور دائم في جميع مراحل الحياة ولا يشترط في الآخر أن يكون الغير المختلف عنّا إثنياً أو عرقيّاً، بل يمكن أن تكون الذات هي منشطرة على نفسها آخر بالنسبة لنا، إذ يستطيع المرء أن يكتشفها ويتعرّف عليها شيئاً فشيئاً.» (المصدر نفسه: 43) قد مزج البحتري الأنا العربي بالآخر الفارسي في أشعاره التي تجلّت فيها الشخصيات الإيرانية بأسمائهم ودورهم البنّاء في إنشاء حضارة ضخمة، وبما أنّه بجميع أنسابه ينتمي إلی الشعب العربي، ولكنّه بملء عواطفه، اهتمّ بالفرس وآدابهم وثقافتهم وتاريخهم، وله إحساس روحي خاص بالميراث الفارسي والشعب الإيراني، كأنّهم من أسرته أو عشيرته ووطنهم وطنه، ومن هؤلاء هم آل سهل، يحبّهم الشاعر ويرغب فيهم ويمدحهم مدحاً عاطفياً ويُعلن بوضوح أنّه بدون أيّ تعصّب عربي بحت، يهتم بالثقافة وبالأخلاق الإنسانية الإيجابية من الشعوب والقبائل. فالبحتري "الأنا العربي" يری العناصر الثقافية والحضارية المترقيّة في الآخر الفارسي، لهذا يرغب فيه وفي تراثه الشعري ويبدأ بمدح مبدعي الحضارة الضخمة الفارسية وكبار شخصياتها الشهيرة وبمدحه للممدوحين الفرس، رسّخ أواصر العلاقات بين الشعبين العربي والفارسي. كما سبق، يعالج البحث بتبلور صورة أبناء سهل الفرس في شعر شاعر عربي، ويشرح حوافز الشاعر الرئيسيّة، ورغبته في بيان محاسن هؤلاء الفضلاء الذين هم عيون بني ساسان وأوليون في السؤدد ويُبيّنُ أسباب مدحهم، وبنظرة عابرة نعرّف هؤلاء الممدوحين الذين قد أشار إليهم البحتري في بعض قصائده المدحية والوصفية. نبذة عن حياة آل سهل في الكتب التاريخية آل سهل نسبة إلی سهل بن عبدالله وابنيه الفضل بن سهل وأخيه الحسن وعدد من أبناء الفضل والحسن. سهْل کان سهل بن زاذانفرّوخ من قرية من السيب الأعلی، تُعرف بصابرنيتا، وکان مجوسيّاً وأسلم في أيام هارون الرشيد علی يد سلام بن الفرج مولی يحيی بن خالد، ولم يزل سلام يذبّ عنه وسهل يخدمه ويلزمه حتی خالط أسباب البرامکة. (الجهشياري، 1988م: 147-148) وتوفّي سهل والد ذي الرئاستينِ سنة 203ه بعد قتل ابنه بِستّة أشهُرٍ وعاشت أمّه حتّی أدرکت عرس بوران ابنة ابنها. (ابن الأثير، لاتا: 924) الفضل بن سهل من الأفضل أن نشير إلی الفضل بن سهل السرخسي الوزير (ت202ه) الذي هو أكبر ابنَي سهلٍ، وهو أخو الوزير الحسن بن سهل، «أسلم الفضلُ سنةَ تسعين ومئة علی يد المأمون. وقيل: لمّا عزم جعفرٌ البرمكيّ علی استخدام الفضل للمأمونِ وصفه بحضرةِ الرشيد، ونطق الفضلُ، فرآه الرَّشيدُ فَطیناً بَليغاً. وكان يُلقَّبُ "ذا الرِّئاستين" لأنّه تقلّد الوِزارة والحرب. وكان شيعياً مُنَجّماً ماكراً، أشار بتجهيز طاهر بن الحُسين، وحَسَبَ بالرّملِ بأنّه يَظفَرُ بالأمين. ويقال: إنّ من إصاباته الكاذبة أنّه حَكمَ لنفسه أنّه يعيش ثمانياً وأربعين سنةً، ثمّ يُقتَلُ بين ماءٍ ونارٍ، فعاش كذﻟﻚ، وقَتله خالُ المأمون في حمّام سَرخَس في شعبان سنةَ اثنتين ومِئتين. وبعده بأيّام مات أبوه. وأظهر المأمون حزناً لمصرعه، وعزّی لوالدته، وقال: إنّ الله أخلفني ﻋﻠﻴﻚِ بدلَ اﺑﻨﻚِ، ﻓﺒﻜﺖ، وقالت: كيف لا أحزن علی ولدٍ أكسبني ولداً ﻣِﺜﻠَﻚَ، ثمّ عاشت وأدركت عُرسَ بنت ابنها بُوران علی المأمون وكان الحسنُ بنُ سهل مِن كبار الوزراءِ الممدَّحين.» (الذهبي، 2004م: 3035؛ وكذلك انظر: المرزُباني: 2005م: 224؛ والبغدادي، 2001م: 14/298-299؛ ابن تغري بردي الأتابکي، 1963م: 172؛ الزركلي، 2002م: 1516) وكان الفضل ذا يد طولى في البلاغة. الحسن بن سهل الحسن بن سهل بن عبدالله السرخسي (166-236ه)، أبو محمد وزير المأمون العباسي، وأحد كبار القادة والولاة في عصره، اشتهر بالذكاء المفرط، والأدب والفصاحة وحسن التوقيعات، والكرم، وهو والد بوران (زوجة المأمون) وكان المأمون يجلّه ويبالغ في إكرامه، وللشعراء فيه أماديح، أصيب بمرض السويداء في سنة 203ه فتغير عقله حتی شُدّ في الحديد وحُبس(ابن الأثير، لا تا: 926؛ وکذلك انظر: ابن بردي الأتابکي، 1963م: 287)، ثمّ شفي منه قبل زواج المأمون بابنته سنة 210ه، وتوفي في سرخس (من بلاد خراسان) سنة 236 هـ. قال الخطيب البغدادي هو أخو ذي الرياستين، الفضل بن سهل كانا من أهل بيت الرياسة في المجوس وأسلما، هما وأبوهما سهل في أيام هارون الرشيد. (البغدادي، 2001م: 8/284) وقد ذكر الذهبي عن جوده: «وكان فرداً في الجودِ، أراد أن يكتب لسقّاء مرّة ألف درهم، فسبقته يده، فكتب ألف ألف درهم، فروجع في ذﻟﻚ، فقال: والله لا أرجع عن شيء كتبته يدي، فصولح السقّاء علی جملة.» (الذهبي، 2004م: 1408) إبراهيم أبو الفضل بن الحسن، والحسين بن الحسن، والصالح بن الفضل کما سَبق، عالج البحتري بمدح آل سهل لدَورهم البنّاء في العصر العباسي سياسةً وأدباً، وضِمن مدحِ کبار الممدوحين من آل سهل، مدح أبناء هذه الأسرة الکريمة أيضاً، لِيُريهم عاطفته الإنسانية ورغبته فيهم، إذا مدح إبراهيم والحسين والصالح، يَذکر الفضل والحسن، لأنّهما رُکنَانِ أساسيانِ لأسرة آل سهل أوّلاً ووزيرانِ مشهورانِ للحکم العباسي ثانياً. وهذه علاقة الشاعر الروحية مشهودة في قصائده المدحية التي أنشدها في مدح هؤلاء الثلاثة. صورة آل سهل في شعر البحتري قُتِل الفضل بن سهل قبل ميلاد البحتري، ويبدو أنّ الشاعر مدح الحسنَ بن سهل في أواخر حياة الحسن، عندما لم يكن وزيراً في بلاط المعتصم ولكن كان ذا مكانة مرموقة وكان ابناه إبراهيم (أبو الفضل) والحسين صاحبي منصب في بلاط الخليفة ومدح الشاعرُ هاتين الشخصيتين وتناول الشاعر في مدح أبيهما الحسن وعمّهما الفضل. يبدو أنّ الشاعر انحاز إلی الفرس وثقافتهم وحضارتهم من خلال تعرّفه علی آل سهل ونشأت نزعته الفارسية إلى جانب تعصّبه إلی القوميّة العربيّة ولم يبتعد عن هذه النزعة بعد ابتعاده عن آل سهل بسبب الظروف السياسية بعد المعتصم والمتوكل بحيث مدح الفتح بن خاقان بسماته الفارسية، ولا نثق بجذوره الفارسية البحتة. أما من جانب النسب فنعرف أنّ هذه الأسرة كانت تنتمي إلی الأسرة الملكية قبل الإسلام أي الملوك الساسانيين ولا يغفل الشاعر في مدحه أن يمدحهم في نسبهم واستدعی الشخصيات الساسانية العظيمة في أشعاره واستخدم أسماءهم مع الالتفات بالمعنی لها وذكر مشتقاتها تميّناً بها. ولكن أقبل إلی مدحه بعقله وعاطفته، كما نری إقبال المتنبّي إلی سيف الدولة. تجدر الإشارة إلی مدح الفضل بن سهل من جانب البحتري الذي لم ير الممدوح، ولکن يمدح ممدوحه بالكرم والشجاعة والعلم والأدب والنسب وكان صادقاً في مدحه لآل سهل، لأنّ هذه الأسرة كانت تتصف بهذه الصفات في الواقع وعلی رأسهم الفضل والحسن، والفضل كان يتصف بذي الرئاستين (السياسة والحرب) إلی جانب شخصيته الأدبية كما كان الحسن يتصف بالعلم والأدب إلی جانب السياسة والشجاعة، وهذا السبب الرئيس أنّ البحتري عندما يمدح إبراهيم أو الحسين، يعود إلی الوراء ويتذكر بمكرومات آل سهل، يختص منهم الفضل والحسن. إنّ البحتري يری آل سهل مصدر الخير والنعمة له، وهو ابنهم وبوجودهم يسهلُ الأمور الدنيوية للشاعر، وهم أحبّاء أهله، دونَ البحتُرِ، فالشاعر يحبّ أن يكون من أبناء آل سهل، بما أنّهم ذوو القدرة ولهم مكانة مرموقة في الحكم العباسي، وبأخلاقهم وأدبهم ومحبتهم يجذبون قلوب الناس نحوهم ولهذا يودّ الشاعر أن يكون ابناً لهم، كما مدحهم بوضوح: بِنِعمَتِكم، يا آلَ سَهلٍ، تَسَهَّلت عَلَيَّ نَواحي دَهريَ المُتَوَعَّرِ شَكرتُكم، حَتَّی استكانَ عدوُّكم، وَمَن يُولَ ما أولَيتُمُونيَ يَشكرِ ألَستُ ابنَكم، دونَ البَنينَ، وأنتُمُ أحِبَّاءُ أهلي، دونَ مَعنٍ وَبُحتُرِ أبا الفَضلُ! إن يُصبِح فَعاﻟُﻚَ أزهراً، فمِن فَضلِ وَجهٍ، في السَّماحةِ، أزهَرِ (البحتري، 1964م: 2/890-891) كسرويّة الفضل بن سهل عند البحتري كما أسلفنا أنّ الفضل بن سهل كان من كبار الرجال في عهد العباسيين، وكان من الفصحاء والبلغاء آنذاﻙ، وقد تصدّی المقامين، رئاسة الحرب وزعامة الأدب، ولُقّب بذي الرئاستين، وقد صرّح البحتري بهذه الصفة الممتازة: يا أبَا الفَضلِ! والَّذي وَرِثَ اﻟﻔَﻀ ﻞَ عَن "الفَضلِ" حادِثاً وقَديماً قَد لَعَمري أعدَت شَمَاﺋﻠُﻚَ الدَّﻫ ﺮَ فأضحَی مِن بَعدِ لُؤمٍ كريمَا ﻟَﻚَ مِن "ذِي الرِّئاسَتَينِ" خِلالٌ مُعطَيَاتٌ في المَجدِ حَظًّا جَسيمَا (البحتري، 1964م: 4/2058) وفي الحقيقة أنّ أبا الفضل (إبراهيم بن الحسن بن سهل) كان أبوه وزيراً للمأمون وقد تزوّج المأمون بوران ابنة الحسن، أما إبراهيم فتروي بعض المصادر أنّه كان حاجباً للمتوكل. وللبحتري فيه أكثر من عشر قصائد. (ديوان، 1964: 1/576) كانَ ابن أخي الفضل بن سهل، والشاعر مدحه مدحاً کثيراً، وکان الفضل بن سهل عمّ الممدوح أحقَّ علی هذه الميزة الإنسانية وكان ذا حظٍّ جسيم في الأدب والقلم والسّيف، وكان يحتذي حذو أجداده من الفرس في معاملاته السياسية، كما أشار إليه أحمد أمين: كان أكثر هؤلاء الكتاب فُرسا ًكالوزراء، يحتذون حذو أجدادهم من الفرس، حتى في مظاهرهم الخارجية، يروي الجهشياري: أن الفضل بن سهل بن زاذا نفروخ (ذا الرياستين) كان يجلس على كرسي مجنح، ويُحمَل فيه إذا أراد الدخول على المأمون، فلايزال يُحمَل حتى تقع عين المأمون عليه، فإذا وقعت وضع الكرسي، ونزل عنه فمشى، وحُمِل الكرسي حتى يوضع بين يدي المأمون، ثم يسلِّم ذو الرياستين، ويعود فيقعد عليه. وإنما ذهب ذو الرياستين في ذلك إلى مذهب الأكاسرة، فإن وزيرًا من وزرائها كان يُحْمل في مثل ذلك الكرسي، ويقعد بين أيديها عليه، ويتولى حمله اثنا عشر رجلًا من أولاد الملوﻙ. (أمين، 2012م: 165) ويُخاطب الشاعر آل سهل كأنّهم عيون بني ساسانَ أو غُيوثُهم، في الجود والنجدة والحُلوم، وهم كاللّيث في البأس والشجاعة، وحيث يخصّ بذكر الفضل بن سهل قائلاً: "آلَ سَهلٍ" أنتُم غُيُوثُ "بَني سا سانَ": جُودًا ونَجدَةً وحُلُومَا أَيُّ فَضلٍ؟ وأَيُّ بَذلٍ وَجُودٍ لم يُحالِف ذَا الجُودِ "إِبراهيمَا" كسرَوِيٌّ تَلقَاهُ في الحَربِ لَيثًا قَسوَرِيًّا، وفي النَّدِيِّ حَكيمَا (البحتري، 1964م: 4/2059-2058) ويُصوِّر الشاعر من آل سهلٍ تصويراً حيّاً، كأنّهم لوحة الأدب والفضل وتتعالی المآثر بهم، وهم آمال الناس بوضوح وجهِهم وفعالهم، فالبحتري بعقل واعٍ، خاطب "آل سهل" غیوث "بني ساسان" ومن ميزات الغيوث هي البذل والعطاء بجميع الكائنات بدون أيّ منّة وقد كرّر لفظ "الجود" مرّات عديدة، كأنّه يتلذّذ منه ويتفأل به، وأيضاً استعمل الشاعر كلمتَي "فضل" و"بذل" في معنی الجود، كأنّ الممدوح غيث جواد ويعطي بكل سخاء، وأنّه فرع من أصل كريم، أي من الأسرة الملكية التي تتصل بالساسانيين. واستخدام هذه الألفاظ ذات إيقاعات متناسقة متلائمة للآذان يدُلّ علی البشارة لمن يرجو أن يتنعّم، وكما أشار الشاعر إلی هذه الصفات الحسنة التي رأها فيهم، قد شبّه الشاعر آل سهل بغُيوثٍ كأنّهم نفس الغيوث، يجودون، يبذلون ويحلِمون، وإضافة إلی هذه السخاوة هم كأجدادهم كسری شجعاء، كأنهم أُسُودٌ ذات شجاعة وقدرة وعزّة وفي مجلس قومهم حكماء. فطوبی لهم بهذه الصفات الإنسانية الممتازة. وفي جانب آخر يعترف البحتري بأنّ آل سهلٍ هم كسرَويّونَ أوَّليّون في السِّيادة، لأنّهم سبَقوا في الفضل والمجد والشرافة ولهم تدابير حسنة عند المواجهة بالخطوب وهم أصحاب الحكمة في الأمور السياسية: يا أبا الفَضلِ قَد تَنَاهَی بُلُوغُ اﻟ ﻔَﻀﻞِ مِن دُونِ ﻓَﻀﻠِﻚَ الموصُوفِ مَجدُ سَهلٍ والفَضلِ والحَسَنِ الإﺣ ﺴَﺎﻥِ في مَجدِﻙَ الرَّفيعِ الشَّريفِ كسرَوِيُّونَ أوَّلِيُّونَ في السُّؤ دُدِ، بِيضُ الوُجُوه، شُمُّ الأُنُوفِ (البحتري، 1964م: 3/1366) فعاطفة الشاعر مملوءة بالحب الصادق، وعندما يبدأ بوصف هؤلاء الكبار، يأتي بألفاظ ملائمة لتلك العاطفة، وقد تكرر لفظ الفضل أربع مرّات دون أن يختل شكل القصيدة، ودون أن يملّ القارئ من قراءة القصيدة، وذكر الشاعر مجدَهم بالترتيب من سهل وابنيه الفضل والحسن احتراماً لهم واعترف أنهم ذوو السيادة وهم طيبون ذوو الكبرياء، واستَخدمَ من الصور البلاغية يعني صنعة الجناس في كلمتي «الحسن والإحسان»، فنری السهولة والوضوح في الأبيات وتجنّب الغريب من الألفاظ، والرقة والعذوبة في الألفاظ. فالألفاظ مختارة بعناية تناسب الموضوع، والکلمات متناسقة جزلة والمحسنات البديعية السجعية في «سَهل وفَضل» تدلّ علی إيقاعات ملائمة تناسب للآذان والاستعانة بالمحسنات تدلّ علی روعة التعبير وجمال التصوير وعمق الأفکار والميل إلی التفاؤل. وهناﻙ قصيدة أخری للبحتري في مدح صالح بن الفضل بن سهل (لم نهتد إلی شيء عنه. ولعلّه من أولاد الفضل بن سهل أخي الحسن بن سهل، مدحه البحتري حين كان يمدح هذه الأسرة الفارسية سَنَةَ 231ه (البحتري، 1964م: 4/2344 "الحاشية") من آل سهل ومن الأبناء الإيرانيين الذين لهم دورٌ بارزٌ وشاسعٌ في السياسة والثقافة، حيث يشير الشاعر إلی نسَبِهم الإيراني : يا "صالِحَ بنَ الفَضلِ" إﻧَﻚ مُخبِرِي عن صالِحِ الخُلَطاءِ والإخوانِ وَمُذَكري بكريمِ ﺷِﻴﻤَﺘِﻚ الَّذي قَد كنتُ أَعهَدُهُ من الفِتيانِ وكذاﻙَ مَن "كسرَی أبَرويزٌ" لَهُ عَمٌّ إلَی "كسرَی أنُوشَروانِ" وأبُوﻙ "شَهربَرَازُ" فارِسُ "فارِسٍ" و"الرُّومِ" يَخلِطُ ضَربَها بِطِعَانِ بَينَ المُلُوﻙِ إلَی الأسَاوِرَةَ انتَهَی شَرَفَانِ في عَلياﻙ يَجتَمِعَانِ (البحتري، 1964م: 4/2344-2345) وكان صالح بن الفضل يقرض الشعر، كما أشار البحتري إليه: وأراﻙَ أتقَنتَ القَريضَ؛ وَبَعضُهُم يَتَبَدَّلُ التَّشقيقَ بِالإتقانِ أحسَنتَ في فِعلٍ وفَضلِ مَقالَةٍ فَحَظِيتَ بِالإفضَالِ والإحسَانِ (المصدر نفسه) يبدو أن آل سهل كلّهم قد حظّوا من الأدب، ولهم يدٌ طولی فيه، فالبحتري يعترف بهذه الميزات الأدبية التي كان يتمتّع آل سهل منها. فالشاعر يصوّر من الإيرانيين صورة واضحة من الشيم الإنسانية الكريمة لمخاطبيه ويذكر كبار الملوﻙ الفرس من برويز، أنوشَروان وشهربراز، كأنّهم كُنوز الخُلُق ولهم صالح الأعمال في حياتهم الاجتماعية وأنّهم أفضلُ الخلطاء وأكرمُ الإخوان لحُسن أخلاقهم. أنوشروانية الحسن بن سهل وشخصيته السياسية في شعر البحتري کما أسلفنا إنّ الحسن بن سهل کان ذا مکان مرموق في العصر العباسي والبحتري إضافة علی مدحه في القصائد التي ذَکَر آل سهل فيها ومدحهم ومجّدهم، ولکنّه اختصّ قصيدة لمدح الحسن بن سهل في 33بيتاً وادّعی أنّ ممدوحه مَلِكٌ ذو اختيارات سياسية يَستطيع أن يَقضی حوائج الناس. وأوضح لمخاطبيه مقامه السياسي والاجتماعي والأدبي في العصر العباسي، كما ذكر عنه: وإذا ما استَهَلَّ ﺑِ "لحَسَنِ" الجُو دُ، فإنَّ الكثيرَ غيرُ كثيرِ ﻣَﻠِﻚٌ عنده علی كلِّ حالٍ كرَمٌ زائِدٌ علی التَّقديرِ فَلَهُ كلّما أتَتهُ أمورٌ مُشكلاتٌ دَلائِلٌ من أمورِ وقد صرّح الشاعر أنّ الحسن بن سهل من كبار السياسيين في عصره، وبتدبيره الصواب تتفادی الخُطوب منه، وله رأي منصور ودلائل من الأمور، يستطيع أن يحلّ المشاكل بسعة صدره وبذكاوته الفريدة التي يتمتع منها في حياته السياسية، وهو ذو حكمة بالغة في بيانه، وأنّه ذو مجد وشرف عالٍ وقد ورث هذه الصفات الإنسانية من آبائه وأجداده الفضلاء، الذين كانوا ملوكاً ذوي التيجان، أهل النّهَی وأولي الألباب وأهل الخير، وأصحاب الثقافة والحضارة الضخمة الإيرانية. كسرَويٌّ، عليه منهُ جَلالٌ يملأُ البَهوَ مِن بَهَاءٍ ونُورِ يا "بنَ سَهلٍ" وأنتَ غَيرُ مُفيقٍ من بِناءِ العَلياءِ أُخرَی الدُّهُورِ إنَّ لِلمِهرَجانِ حَقًّا علی كلِّ كبيرٍ - من "فارِسٍ"- وصَغيرِ عِيدُ آباﺋﻚ الملُوﻙِ ذَوي اﻟﺘِّﻴ ﺠﺎنِ، أَهلِ النُّهَی، وأهلِ الخيرِ مِن قُباذٍ ويَزدَجِردَ وفَيرُو زٍ وكسرَی وقَبلَهُم أَردَشِيرِ (البحتري، 1964م: 2/885-886) يخاطب الشاعر الحسن بن سهل، بأنّ آباءك قد بنوا المجد وخلّدوا أسماءهم في سماء ثقافة الإيرانيين الذين هم ورثاء الخير والعزة وهم أكاسرة الفضل قد لبسوا ثوب الشرف والجلال، ولهم تدابير خاصة في حلّ الأمور وعقدها، وأنّهم أهل الجبروت وبنوا حضارة ضخمة في زمنهم وبقيت آثارهم الثقافية والاجتماعية رمزاً للرقي والتقدّم. ويذكر الشاعر أسماء الملوﻙ الإيرانيين بكل احترام ويمدحهم بكل فخر، لأنّهم أحقّ بهذه الميزات الإنسانية الكريمة. وقد نجح الشاعر في استخدام الألفاظ التي تظهر فيها العاطفة قويّة صادقة والألفاظ مختارة، وهناك نوع من روعة التعبير، ونری الجناس الناقص في "البهو وبهاء" والتضاد بين "کبير وصغير" والتعابير واضحة قوية. إنّ البحتري باطّلاعه الواسع عن ماضي الملوﻙ (قباذ، يزجرد، فيروز، كسری، أردشير) قد استدعاهم في شعره ووصفهم نماذج الشجاعة. إنّ الشاعر يذكر الشخصيات التاريخية الإيرانية، في أبياته الشعرية الكثيرة، وقد حاول أن يبلغ رسالته التي تتجلّی فيها ذكاوته ويظهر انصافه وعلمه بالوقائع التاريخية الفارسية وبالحضارة الإيرانية وقد عبّر الشاعر عن عواطفه وأحاسیسه نحو عظمة الفرس وشخصياتهم وثقافتهم، واستطاع أن يخلّد ميراث الفرس للأجيال المستقبلة. أردشيرية ابنَي الحسن بن سهل عند البحتري كما أُشير آنفاً، إنّ لآل سهلٍ مكانةً خاصةً ومرموقةً في شعر البحتري، لأنّ الشاعر يعتقد أنّهم ذَوو الفضل والأخلاق والأدب والتدبير وقد ورِثوا هذه الصفات الإنسانية العالية من أجدادهم القدماء الذين بَنوا حضارة ضخمة في بلدهم وأصبحوا أسوة حسنة للآخرين، ولِلَباقَتهم وشجاعتهم دخلوا في الحكم العباسي وتصدّوا الأعمال الصعبة والهامّة في العصر العباسي، كأنّهم وُرثَاء العلياء عن أردشير، وقباد، وأنوشروان، وأذعن البحتري إذعاناً واضحاً إلی هذه المسألة المهمّة في شعره، كما مدح الحسين بن الحسن بن سهل في إحدی قصائده: صاغَ منها الرّبيعُ شَكلاً لأخلا قِ حُسينٍ ذي الجودِ والإحسانِ غَمَرتهُ جَلالَةُ اﻟﻤُﻠﻚِ، واستَو لَت عَليهِ شَمائِلُ الفِتيانِ واصِلٌ مَجدَهُ بِعِقدِ الثُّرَيّا، وَيَداهُ بالجُودِ مَوصُولَتانِ یا أبا القَاسِمِ المُقَسِّمِ في اﻟﻤﺠ ﺪِ لِيَومِ النّدَی وَيَومِ الطِعانِ قَد وَرِثتَ العَلياءَ عَن أردَشيرٍ، وَقَباذٍ، وَعَن أنوشِروانِ (البحتري، 1964م: 4/2198-2199) ومَن أمعن النظر في هذه الأبيات التي مدح الشاعر أبناء آل سهل، يعترف أنّ البحتري بكل ذكاوة وعلم عالج بثقافة الفرس وأصحاب هذه الثقافة، لأنّه يشعر صفات الإنسان الكمالية من العدل والجود والكبرياء في آل سهل الفرس الذين ورثوا هذه الميزات المحمودة من كبار شعبهم ومن أعزّاء قومهم الذين أنشؤوا حضارة ضخمة وصنعوا ثقافة عالية للأجيال المختلفة طوال قرون متمادية. واهتمّ الشاعر بالصور البلاغية والصناعات اللفظية، إذ قال: "حسين وإحسان، والقاسم والمقسّم" فیهما جناس وأيضاً صنعة المبالغة في "واصل مجده بعقد الثُريّا". فالشاعر يری سمات إنسانية متمايزة في آل سهل، ولحبّهم أنشد قصائدة عديدة في مدحهم وخلّد أسمائهم في ديوان شعره طوال الدهر، وعندما نتصفح ديوان شعره، نواجه بثقافة الفرس بجميع محاسنهم، لأنّ الشاعر عاش بين الأبناء الإيرانيين ولَمس هذا الميراث العظيم الذي انتبع من المجد والأخلاق والكرامة، فلهذا بدأ بمدح كبار الشخصيات الإيرانيين وتعریفهم علی الآخرين من الأجناس المختلفة. حيث مدح إبراهيم بن الحسن بن سهل مدحاً رائعاً. فَلَو إنّني أُعطيتُ فيهِنَّ المُنَی لَسَقَيتُهُنَّ بِكفِّ إبراهيما بسَحابَةٍ غَرّاءَ مُتئِمَةٍ، إذا كانَ الجَهامُ منَ السّحاب عَقيما وَأغَرُّ للفَضلِ بنِ سَهلٍ عِندَهُ كرَمٌ، إذا ما العمُّ وَرّثَ لُومَا وَابنُ الّذي ضَمّ الطّوائِفَ بَعدَما اﻓ ﺗﺮَقَت، فَعادَت جَوهراً مَنظوما وَرَدَ العِراقَ، وَمُلكها أيدي سَبَا، فاستَارَ سِيرَةَ أردَشيرَ قَديما (البحتري، 1964م: 3/1966-1965) وبعدما يمدح البحتري إبراهيم بن الحسن في الجود ويُشبِههُ بسَحابة غَرّاء ويصفه بالنظم، يعترف كأنّه ناظم النظم، وقد تَورّث هذه السيرة من أردشير قديماً. ويقول إنّ إبراهيم رجل مهذَّبٌ وهو ذو أخلاق قد امتزجت بالمكرُماتِ امتزاجَ الرّوح بالبدنِ، ولهذا زادت رغبة الشاعر في عِقد وُدّه، وهو بجوده وبذله يجذب القلوب نحوه، وشغل الجميع بنواله. إنّ الهُمُومَ، إذا أوطَنّ في خَلَدٍ لِلمَرءِ، سارَ وَلَم يَربَع علی وَطَنِ إلَی المُهَذَّبِ إبراهيمَ أوصَلَنا آذيُّ دِجلَةَ في عيرٍ مِنَ السّفُنِ جِئناﻙَ نَحمِلُ ألفاظَاً مُدَبَّجَةً، كأنّما وَشيُها مِن يُمنَةِ اليَمَنِ كأنّها وَهيَ تَمشي البَختَريّةَ في يَدَي أبي الفَضلِ أو في نائلِ الحَسَنِ رَضيتُ ﻣﻨﻚَ بأخلاقٍ قدِ امتَزَجَت بالمَكرُماتِ امتِزاجَ الرّوحِ بالبَدَنِ (البحتري، 1964م: 4/2194) وأيضاً يمدح البحتري إبراهیم بن الحسن بن سهل ببلاغته ورقة ألفاظه، وفصاحة قوله، فتنزل الكلمات الرقيقة في الأسماع درّاً ولؤلؤاً منظوماً: قَد تَعالَت ﺑﻚَ المآثِرُ، حَتّی قَد حَسِبناﻙَ، للسّماﻙِ، نَديما كلَّ يَومٍ آمالُنا ﻓﻴﻚَ لِلأﻣ ﺮِ الرّئاسيّ يقتَضينَ النّجُوما واضِحُ الوَجهِ وَالفَعالِ، إذا ما قادَ صَرفُ الزّمانِ خَطباً بَهيمَا هِبرِزِيٌّ، قَد نالَ من كلّ فَنٍّ من جَميعِ الآدابِ، حظّاً عَظيما وَرَقيقُ الأَلفاظِ يَرصُفُ في الأَس ماعِ دُرّاً وَلُؤلُؤاً مَنظوما (البحتري، 1964م: 4/2059) وكلّما نُدقّق في القصائد التي أنشدها البحتري في مدح آل سهلٍ، وذكر محاسنهم ومكارمهم بكلّ احترام نعرف قد ادّعی الشاعر أنّ آل سهل قد ورثوا هذه الفضائل كلّها من أجدادهم الأفاضل كأردشير، قباد، ساسان، أنوشروان وغيرهم من الملوﻙ الفرس الذين بنوا حضارة ضخمة في زمنهم وجعلوا لَبنة الثقافة العالمية المتقدّمة آنذاﻙ، وسبقوا في الأخلاق والمكرمة والأدب، وخلّدوا أسمائهم في العالم الإنساني. إنّ البحتري يعترف بأنّ آل سهل فتيان فارِسَ من جميع الصفات الحسنة، لأنّ أصلهم كريم، وبكرامتهم أثنی عليهم وشكر منهم مواهبهم المشهورة التي لو سِرنَ في فلك لكُنّ نجوماً. أَفَتَى بَني الحَسَنِ بنِ سَهلٍ إِنَّهُم فِتيانُ فارِسَ نَجدَةً وَحُلوما لا توجِبَن لِكَريمِ أَصلِكَ مِنَّةً لَو كُنتَ مِن عُكلٍ لَكُنتَ كَريما فَلَكَ الفَضائِلُ مِن فُنونِ مَحاسِنٍ بيضاً لِإِفراطِ الخِلافِ وَشيما (البحتري، 1964م: 3/1967) وبعد اطّلاعِنا عن أسماء الممدوحين من آل سهل عند البحتري، أتينا بأسمائهم في الجدول التالي: أسامي آل سهل في أشعار البحتري
المحسِّنات البديعية المبنيّة على الممدوحين من آل سهل إنّ البحتري استعان بالمحسنات البديعية لإظهار مشاعره وعواطفه؛ للتأثير في النفوس، وقد زيّن کلامه بهذه الوسائل الجمالية التي لها رونق في الأدب وتحسين في الکلام. وقد استخدم الشاعر من التعابير الواضحة والدقيقة تلائم المدح واستعان ببعض المحسنات البديعية، کجناس الاشتقاق بين "الحسن والإحسان" و"فضل والإفضال" و"أحسنتَ والإحسان" و"سهل وتسهّلت" و"القاسم والمقسّم" واستخدام هذه التعابير، يدلّ علی قدرة الشاعر الأدبية، فالشاعر أخذ لفظاً من آخر لمناسبة بينهما في المعنی، وعندما يمدح إبراهيم بن الحسن، يذکر "الإحسان وأحسنتَ" وأيضاً في مدحه يأخذ لفظ "الإفضال"، من اسم عمّه "الفضل" أو يأتي بلفظ "تسهّلت" مأخوذ من اسم جدّه "سهل" وفي مدح أبي القاسم يأخذ لفظ "المقسّم" وقس علی الکلمات الأخری التي استخدمها الشاعر بکلّ ذکاوة، کأنّه لَعِبَ بالألفاظ بمهارة خاصة، وتُلاحَظ هذه المحسنات البديعية في أشعار البحتري کثيرة، ولها مکانة مرموقة في البديع کما تلي: مَجدُ سَهلٍ والفَضلِ والحَسَنِ الإﺣ ﺴَﺎﻥِ في مَجدِﻙَ الرَّفيعِ الشَّريفِ قد مدح البحتري ممدوحه "إبراهيم بن الحسن" وذکر جدّه وعمّه وأباه علی الترتيب الزمني، وبذکر مجد الممدوح، يذکر مجد أقربائه من جدّه وعمّه وأبيه، ولايَفرُق بينهم في مجدهم وشرفهم. أَحسَنتَ في فِعلٍ وَفَضلِ مَقالَةٍ فَحَظيتَ بِالإِفضالِ وَالإِحسانِ قد عبّر الشاعر بکلّ روعة في تعابيره المدحية للممدوح، عندما يقول له: أنت عملك حَسَنٌ وقولك فيه الفضيلة، وإنك منتفع من خصلتين جميلتين وهما الإفضال والإحسان واستخدام هذين المصدرين يدُلّ علی کمال صفة الحُسن والفضل في الإنسان، واستخدام هذين المصدرين من باب الإفعال الذي يدُلّ علی تعدّي الفعل للممدوح، يتّضح للقارئ أنّ الشاعر يتلذّذ من أقوال الممدوح وأعماله، ومن جانب آخرعندما يمدح الشاعر ممدوحه يذکر الفضل بن سهل عمّ الممدوح والحسن بن سهل أبا الممدوح، لأنّه صاغ من اسمیهما کلمتي الإفضال والإحسان، وهما غاية الفضل والحُسن. بِنِعمَتِكم، يا آلَ سَهلٍ، تَسَهَّلت عَلَيَّ نَواحي دَهريَ المتَوَعَّرِ یا أبا القَاسِمِ المقَسِّمِ في اﻟﻤﺠ ﺪِ لِيَومِ النّدَی وَيَومِ الطِعانِ والجناس التام بین "الفضل والفضل" الفضل اسم الممدوح والفضل الآخر هو من إحدی الصفات الإنسانية وبين "صالح بن الفضل وصالح الخلطاء" فالشاعر بذکر ممدوحه صالح بن الفضل يذکر لفظ «صالح» من خصال الإنسان الحسنة. يا أبَا الفَضلِ ! والَّذي وَرِثَ اﻟﻔَﻀ ﻞَ عَن "الفَضلِ" حادِثاً وقَديما يا "صالِحَ بنَ الفَضلِ" إﻧَﻚ مُخبِرِي عن صالِحِ الخُلَطاءِ والإخوانِ فأسلوب البحتري في هذه الأبيات هو أسلوب مدحيّ واستخدم هذه المحسنات بدقة المعنی ووضوح الألفاظ. النتائج عالجت هذه الدراسة صورة آل سهلٍ في ديوان البحتري. فتوصّلت من خلال البحث إلى مجموعة من النتائج الّتي يمكن أن نلخّصها فيما يلي:
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
- أدونیس. (2016م). الثابت والمتحول (أربعة مجلدات). القاهرة: الهیئة العامة لقصور الثقافة.
- أمون، جاﻙ. (2013م) الصورة. ترجمة: ريتا الخوري، ومراجعة جوزيف شريم. ط1. بيروت: المنظمة العربية للترجمة.
- أمين، أحمد. (2012م). ضحی الإسلام، القاهرة: مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.
- البحتري، أبوعبادة الوليد. (1964م). الديوان. تحقيق وشرح: حسن كامل الصيرفي. القاهرة: دار المعارف.
- ابن الأثير، ضياء الدين. (لاتا). الکامل في التاريخ. اعتنی به: أبو صهيب الکرمي، بيت الأفکار الدولية.
- ابن الأثير، ضياء الدين. (1995م). المثل السائر. تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد. بيروت: المكتبة العصرية.
- ابن تغري بردي الأتابکي، جمال الدين أبو المحاسن يوسف. (1963م). النجوم الزاهرة في ﻣﻠﻮﻙ مصر والقاهرة. القاهرة: المؤسّسة المصرية العامة.
- ابن رشیق. (1981م). العمدة فی محاسن الشعر وآدابه ونقده. تحقيق: محمد محیی الدین عبدالحمید، بیروت.
- ابن النديم، أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب اسحق. (لاتا). الفهرست. تحقيق: رضا تجدّد.
- التونجي، محمد. (1995م). الآداب المقارنة. بيروت: دار الجيل.
- پرويني، خليل. (1391ش). الأدب المقارن (دراسات نظرية وتطبيقية). تهران: سمت.
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر. (1998م). البيان والتبيين، تحقيق: عبد السلام محمد هارون. ط7. القاهرة: مكتبة الخانجي.
- الجهشياري، أبوعبدالله محمد بن عبدوس. (1988م). کتاب الوزراء والکتّاب، تقديم: حسن الزّين. بيروت: دار الفکر الحديث.
- حمّود، ماجدة. (2010م). صورة الآخر في التراث العربي. بيروت: الدار العربية للعلوم.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (2013م). إشكالية الأنا والآخر: نماذج روائية عربية. الكويت: عالم المعرفة.
- الحموي الرومي، ياقوت. (1993م). معجم الأدباء. تحقيق: إحسان عباس. ط1. دار الغرب الإسلامي.
- حنفي، حسن. (2004م). حصار الزمن الحاضر. ط1. لامك: مركز الكتاب للنشر.
- الحوفي، أحمد محمد. (1968م). تيارات ثقافية بين العرب والفرس. القاهرة: دار نهضة مصر.
- الخبّاز، محمّد. (2009م). صورة الآخر في شعر المتنبّي (نقد ثقافي). ط1. بيروت: المؤسّسة العربية للدراسات والنشر.
- درویش، أحمد. (2006م). الأدب المقارن: دراسات نظرية وتطبيقية. دار النصر.
- الذهبي، أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان. (2004م). سيرُ أعلام النبلاء، بيت الأفكار الدولية.
- روشنفكر، كبرى، نظري منظم، هادي، إسلامي، نوح. (1395ش). «تقابل الحضارات بين الأنا والآخر في رواية "واحة الغروب" لبهاء طاهر». مجلة إضاءات نقدية، العدد 23. صص 29-49.
- الزركلي، خير الدين. (2002م). الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين. ط15. بيروت: دار العلم للملايين.
- باسنيت، سوزان. (1999م). الأدب المقارن: مقدمة نقدية. ترجمة: أميرة حسن نويرة، المجلس الأعلی للثقافة.
- شكري، مسعود وآخرون. (2017م). «صورة الآخر الإسرائيلي في رواية "المتشائل" لإميل حبيبي». مجلة إضاءات نقدية، العدد 26. صص 85-109.
- الشكعة، مصطفی. (1986م). الشعر والشعراء في العصر العباسي. ط6. بیروت: دار العلم للملایین.
- صالح، بُشری موسی. (1994م). الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث. ط1. بيروت: المركز الثقافي العربي.
- صبح، علي علي مصطفی. (2016م). الصورة الأدبية: تاريخ ونقد. بيروت: دار إحياء الكتب العربية.
- صليبا، جميل. (1982م). المعجم الفلسفي لألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية. بيروت: دار الكتاب اللبناني.
- الصولي، أبوبكر محمد بن يحيی. (1958). أخبار البحتري. تحقيق: صالح الأشتر، ط1 دمشق: المجمع العلمي العربي.
- ضيف، شوقي. (1434ق). العصر العباسي الثاني. قم: ذوي القربی.
- عبد الدايم، صابر. (2003م). الأدب المقارن بين التراث والمعاصرة. ط2.
- غويار، ماريوس فرانسوا. (1988م). الأدب المقارن. ترجمة: هنري زغيب. ط2، بيروت: منشورات عويدات.
- فروخ، عمر. (1981). تاریخ الأدب العربي: الأعصر العباسیة. ط4. بيروت: دار العلم للملایین.
- فرويد، سيجمند. (1982م). الأنا والهو. ترجمة: محمد عثمان نجاتي. ط4. بيروت: دار الشروق.
- قهرماني مقبل، علي أصغر، كاظمي، نجيبه. (1394ش). «تصوير شيراز در سفرنامه ابن بطوطه». مجموعه مقالات همايش ملی جایگاه فارس در عرصه زبان و ادبيات عربي. ج2. صص39-54.
- الكتبي، محمد بن شاكر. (1974م). فوات الوفيات. تحقيق: إحسان عباس. بيروت: دار صادر.
-كفافي، محمد عبدالسلام. (1972م). في الأدب المقارن (دراسات في نظرية الأدب والشعر القصصي). بيروت: دار النهضة العربية.
- مبارك، محمد زکي عبدالسلام. (2012م). الموازنة بين الشعراء. مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.
- المرزُباني، أبو عُبيد الله محمد بن عمران بن موسى. (2005م). معجم الشعراء. تحقيق: فاروق اسليم. ط1. بيروت: دار صادر.
- المقدسي، أنیس. (1981م). أمراء الشعر العربي في العصر العباسي. ط14. بيروت: دار العلم للملایین.
- الموافي، محمد عبدالعزيز. (1990م). حركة التجديد في الشعر العباسي. القاهرة: مطبعة التقدم.
- ميرزايي، فرامرز، وآخرون. (1431ق). «استدعاء الشخصیات الساسانیة في شعر البحتري». مجلة دراسات في العلوم الإنسانیة، العدد4. الصفحات57-73.
- ندا، طه. (1991م). الأدب المقارن. ط2. بيروت: دار النهضة العربية.
- نامور مطلق، بهمن. (1388ش). «درآمدي بر تصويرشناسي معرفي يک روش نقد ادبي و هنري در ادبيات تطبيقي». فصلنامه مطالعات ادبیات تطبيقی. ش12. صص119-138.
- نيقولاي، برديائف. (1960م). العزلة والمجتمع. ترجمة: فؤاد كامل عبد العزيز. القاهرة: مكتبة النهضة.
- هلال، محمد غنیمي. (1962). الأدب المقارن. ط4. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 454 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 138 |