تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,329 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,944 |
نظرية التسلط وهویة الأنثى الثقافیة الاجتماعیة في الأمثال العامية المصرية؛ موسوعة شعلان نموذجا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 6، دوره 12، شماره 48، اسفند 2022، صفحه 137-162 اصل مقاله (255.88 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
احیا کماسی* 1؛ امیر مسگر1؛ عذرا صابري2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1دكتوراه في اللغة العربية وآدابها، جامعة العلامة الطباطبائي، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2طالبة مرحلة الدكتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة العلامة الطباطبائي، طهران، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اللغة والمرأة وتأثير الثقافة والمجتمع في إنتاج سلوكها اللغوي موضوع قد شغل بال الباحثين منذ سنوات طويلة. نظرية التسلّط من أهمّ النظريات التي درست اختلافات المكانة الاجتماعية بين الرجل والمرأة وكيفية انعكاسها على السلوك اللغوي المختصّ بهما. تعدّ الأمثال أبرز عناصر لغوية تبيّن الحياة الشعبية فمن الممكن تسليط الضوء عليها لدراسة لغة المرأة وإدراك هويتها الثقافية والاجتماعية. الجزء الأوّل من كتاب "موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة" لإبراهيم "أحمد شعلان" يحتوي في ثناياه على كثير من الأمثال الشعبية المصرية التي تميّزت بتسجيل التعبيرات النسائية. نظراً لأهمّية اللغة المتداولة أو اللهجة الدارجة في دراسات علم اللغة الثقافي رأينا أنّنا نفتقر إلى البحث عن كيفية الهوية الثقافية والاجتماعية للمرأة عبر الأمثال المتداولة في اللهجات العربية. بالاعتماد على المنهج الوصفي-التحليلي وحسب الأسلوبية الإحصائية تناولنا الأمثال الشعبية النسائية وفق الكتاب المذكور وعلى ضوء نظرية التسلّط، فتوصّلنا إلى النتائج التالية: نسبة الميزات السلبية للمرأة تفوق ميزاتها الإيجابية. المرأة في مقام التعبير عن آرائها تختار كثيرا ما أسلوب الجملة الاسمية والخبرية وفي مقام التنافس والتحدّي تختار أسلوب تكرار الضمير وفي مقام بيان التحسّر والفشل وخيبة الأمل والإحباط النفسي تمیل إلى اختيار أسلوب الجملة الإنشائية في سلوكها اللغوي. فنلاحظ أنّ المرأة تملك هوية تابعة من الرجل في الاقتصاد والفكر ومعايير الجمال ومدى قداستها ودناستها. كما أنّ المرأة تميل إلى استخدام مفردات بشعة وسيئة في المفاهيم وتستخدم اللغة التمثيلية وهذه في التناقض مع ما أثبتتها نظرية التسلّط أنّ المرأة تميل إلى استخدام لغة أكثر تأدّبا. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الهوية الثقافية والاجتماعية؛ المرأة؛ الأمثال المصرية؛ نظرية التسلّط | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ينتهي مؤدّى دراسات علم اللغة الحديث انطلاقا من تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية على اللغة إلى هذا القول: إنّ هناك مستويات متعدّدة من اللغة تولّدت من جرّاء كيفية رؤية المجتمع إلى التمایزات المتواجدة بين أصحابه. الشواهد اللغوية التي يتمسّك بها علماء اللغة تبيّن أنّ هناك اختلافات بين أصحاب اللغة في استعمالها فيبدو أنّها تنبثق من العوامل الاجتماعية والثقافية في المجتمع. حسب ما تطرّقنا إليه، من الممكن القول إنّ التمایزات بين الجنسين (الذكر والأنثى) والعرقية والطبقية من العوامل التي لها أثر بالغ الأهمیّة في إنتاج الاختلافات اللغوية. تخضع اللغة لظروفها الخارجية وتستخدم بأشكال مختلفة من قبل مجموعات اجتماعية مختلفة. وفقًا لرأي علماء اللغة، يمكن التمييز بين اللغتين الأنثوية والذكرية. اختلاف الرجال والنساء فيزيولوجيا أمر طبيعي وربّاني لا إنكار ولا نقاش في ذلك بيد أنّ اختلاف السلوك اللغوي بين الجنسين استقطب نظرة علماء اللغة المحدثين. لقد أصبح الجنس من المتغيّرات الهامّة التي تهتمّ بها الأبحاث السوسيولسانية الحديثة؛ لما له من أثر في التباين والتنوّع بين لغة الرجال والنساء في المجتمع. قد استطاع العلماء أن يفسّروا الاختلاف اللغوي بين الجنسين بنظرية السيادة والتسلّط التي تُعَدّ أنّ لغة الرجال يمكنها أن تكون أداة للسيطرة على النساء فمادام ثقافة مجتمع تتبنّى فكرة أنّ هناك اختلاف بين الذكر والأنثى وأنّهما غير متساويين فسيبقى الاختلاف اللغوي بين الجنسين. (هنّان، 2020م: 242) من ثمّ نستطيع القول إنّ لغة المرأة تتأثّر بشدّة بمكانتها الاجتماعية في المجتمع فتستخدم الكلمات والمفاهيم والأشكال النحوية التي تعكس نوعا ما اعتراف المرأة بسيطرة وتحكّم الرجل عليها في المجتمع. تبرز الاختلافات اللغوية بين الجنسين في النصوص الأدبية والأمثال الشعبية و... . بما أنّ الأمثال الشعبية تعتبر لغة متداولة وحيّة واجتماعية بين الشعب فمن الممكن ظهور الاختلافات اللغوية الكثيرة بين الذكر والأنثى فیها. يعترف "سوالمية" بأنّ الأمثال العربية تمثّل شفرات ثقافية ودليل صادق على كيفية الشخصية العربية ومكوّن من مكوّنات الثقافة وسمة من سمات المجتمع ومن خلالها يمكن التعرّف على خصائص المجتمع وعاداته وتقاليده وقيمه. وهي تحمل في طيّاتها دلالات اجتماعية وثقافية عن مظاهر الحياة العامّة السائدة على المجتمع. (سوالمية، 2018م: 281) كما نلاحظ اعتراف العلماء بأنّ «دراسة لغة الذكور والإناث في المجتمعات العربية يجب أن تقوم على أساس كلّ مجتمع على حدّة لأنّ تلك الاستعمالات الخاصّة لن تفهم إلّا في إطار ذلك المجتمع وباللهجة العربية المستعملة فيه.» (خرما، 1978م: 196) نفترض أنّ فردا يحاول التحليق خارج المنظومة اللغوية للجماعة، على سبيل المثال يستخدم مصطلح "عظّم الله أجوركم" في مقام التهنئة ويخالف المجتمع في استخدامه ويخرج عن المألوف فهو من المتأكّد سيتعرّض للانتقاد والسخرية. لذلك نستطيع أن ندّعي أنّ وجود الاختلافات اللغوية بين الجنسين وانحصار بعض المصطلحات ضمن استخدام النساء ليست خارج إطار المجتمع بل الاجتماع هو الذي يعيّن أن تكون لغة الأنثى مختلفة عن لغة الذكر. بما أنّ اللغة طبيعة اجتماعية فيعتقد علماء اللغة أنّ السلوك اللغوي الخاصّ بالنساء يتولّد من المجتمع أو بعبارة أخرى إنّ اللغة هي التي تبيّن كيفية الهوية الثقافية والاجتماعية للنساء. انطلاقا من أهمية الأمثال الشعبية بمثابة اللغة التي تعكس البنية التحتية للثقافة وما يحدث في المجتمع ويتجلّى فيها الوعي الجماعي للشعب وتحكي عن تاريخه عبر الزمن واتخاذ دراسة اللهجة كضرورة علمية لمعرفة حياة الشعب العربي نريد أن ندرس السلوك اللغوي للمرأة المصرية للحصول على هويتها الثقافية والاجتماعية من منظار اللهجة المتداولة بين الشعب المصري على ضوء نظرية التسلّط. منهج البحث سنتمسّك بالأمثال والتعبيرات الشعبية المصرية معتمدين على المنهج الوصفي _ التحليلي وفقا للأسلوبية الإحصائية وسنركّز للاستشهاد بالنماذج على الجزء الأوّل من كتاب "موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة" لإبراهيم أحمد شعلان وسنستمدّ ممّا استفسرنا من المواطنين المعمّرين المثقّفين المصريين عن التعابير الشعبية المصرية. سبب اختيار هذا الجزء من الكتاب يعود أوّلا إلى تعايش مؤلّف الكتاب مع الذين يعيشون في القرى المصرية واعتماده مباشرة وبدون واسطة على ما سمع من المواطنين، ثانيا يعود إلى تسجيل الأمثال المربوطة بمجتمع النساء بالتحديد في مصر وما تعرّض للتغيّرات الدلالية عبر الزمن بالتحوّلات التي حدثت في مجتمع النساء بالأخصّ. أسئلة البحث أمّا من أهمّ الأسئلة التي نريد أن نجيب عنها في هذا البحث، فهما: -ما هي الهويّة الثقافية والاجتماعية للمرأة المصرية من منظار الأمثال الشعبية على ضوء نظرية السيادة والتسلّط؟ - كيف تعكس الأمثال الشعبية المصرية السلوك اللغوي المختصّ بالنساء في مجتمع مصر والميزات المنتسبة إليها؟ فرضية البحث نطرح الفرضية التالية للإجابة عن السؤالين الأساسين للبحث: يمكن تعميم نظرية السيطرة والتسلّط على مجتمع مصر وهي أنّ للرجل سيطرة على المرأة فلاتتميّز المرأة المصرية وفقا للأمثال المدروسة بمكانة اجتماعية متساوية في القياس مع الرجل. المرأة المصرية لها تعابير وجمل تدلّ على اعترافها بتحكّم الرجل وهذا يشير إلى الاختلاف في السلوك اللغوي الذي ينشأ من العوامل الاجتماعية والثقافية في مجتمع مصر. خلفيّات البحث تناولت بحوث هائلة موضوع علاقة اللغة والجنس أو اللغة والمرأة وأثبتت أنّ هذه المسألة في العلاقة مع الدراسات الثقافية والاجتماعية ولايمكن انفصالهما فلم تعد الحاجة إلى إثبات ذلك من جديد، بيد أنّ التركيز على اللهجات العربية واللغة الدارجة بين الشعب العربي وأهميتها في اكتشاف الهوية الثقافية والاجتماعية للمرأة لم تنل الحظّ الكبير عند الباحثين. أمّا البحوث التي تساعدنا على الوصول إلى أهدافنا في هذا البحث واستلهمنا الفكرة الأساسية منها، فهي:
3.كتب "علي أكبر أحمدي" وزملاؤه مقالة تحت عنوان "اللغة والجنس في القصص القصيرة لفضيلة الفاروق وزويا بيرزاد على ضوء آراء روبن لاكوف" ونشروها في مجلة "بحوث في الأدب المقارن" سنة 2018م. ومن نتائج البحث أنّ غالبية الشخصيات النسائية عديمات الثقة بذواتهنّ بحيث يخفن من مواضع الحكم في المجتمع الرجولي. لذلك يبرز في محادثاتهنّ استخدام عدد غير قليل من القيود التشكيكية ووالألفاظ الدالّة على مبدأ اللايقين.
عثرنا في اللغة الفارسية على بحوث لاتعدّ ولاتحصى تكترث بدراسة اللغة والجنس في العلاقة مع الثقافة والاجتماع. نشير إلى أهمّها:
من الممكن الادّعاء أنّ البحث المتناول بين أيدينا يعدّ -قدر علمنا- من الدراسات الأوّلية التي تهتمّ بأهمية دراسة اللهجات المحلية للحصول على فهم الهوية الثقافية والاجتماعية للمجتمع العربي بالأخصّ مجتمع النساء. وهذا هو الذي يميّز دراستنا عن الدراسات السابقة. الإطار النظري للبحث العامل الاجتماعي والثقافي واختلاف السلوك اللغوي بين الجنسين من بين العوامل التي لها دور في الفروق بين الذكر والأنثى، العامل الثقافي والاجتماعي أثار انتباه علماء اللغة وقالوا «إنّ كثيرا من التباينات اللغوية للجنسين تصطبغ بعوامل اجتماعية وثقافية فالرجال والنساء نتاج تأثيرات المحيط وشروطه.» (برهومة، 2002م: 30) صحيح أنّنا لا نستطيع أن نرفض العامل البيولوجي والفسيولوجي في إنتاج الاختلافات اللغوية بين الجنسين ولكن للعامل الثقافي والاجتماعي صبغة كثيرة ودور عظيم فلا يمكن إنكارها. اللغة هي أبرز الظواهر الثقافية والاجتماعية وتجرّد اللغة عن الطبيعة الاجتماعية تجرّدا تامّا أمر مستحيل فنلاحظ أنّ "مصطفى لطفي" في كتابه "اللغة العربية في إطارها الاجتماعي" يؤكّد على العنصر الاجتماعي في اللغة فيذهب إلى أنّ صلة اللغة بالمجتمع وثيقة وتأثّرها بمعطياته ومكوّناته أمور لاجدال فيها. (لطفي، 1976م: 45) نظرية التسلّط نظرية التسلّط أو السيادة من النظريات التي تدرس اللغة والجنس في علاقة اللغة مع محيطها الاجتماعي. نظرية التسلّط تعتبر الفئة النسوية فئة مهمّشة ومضطهدة من قبل الرجل. ولغة الرجال يمكنها أن تكون أداة للسيطرة على النساء. (هنّان، 2020م: 242) فمادام المجتمع يقدّم كلّا من المرأة والرجل على أنّهما مختلفان وغير متساويين فستبقى الاختلافات اللغوية بين الاثنين. (عمر، 1997م: 24) نستنتج من منطلقات ما قيل أنّ نظرية السيادة أوّلا تُدرَسُ ضمن علم اللغة الاجتماعي وثانيا تبحث عن أسباب اختلاف السلوك اللغوي بين الجنسين وثالثا تكترث بالمباحث النسوية. انتبه علماء اللغة القدماء في العالم العربي بالتنوّعات اللغوية بين الرجال والنساء. فمنهم أبوبكر الباقلاني الذي جاء في تعليقه على قول امرئ القيس: (لك الويلات إنّك مرجلي) بكلام يدلّ على أنّه يجعل استخدام مفردة "ويلات" ضمن استخدام النساء فقال: «هذا من كلام النساء.» (الباقلاني، 1954م: 81) ومنهم أبو الفتح عثمان بن جنّي حين درس أسلوب الندبة وقال: «أكثر من يتكلّم بهذا الأسلوب النساء.» (ابن جنّي، 1990م: 12) لعلّ أوّل من درس نظرية التسلّط في عالم الغرب هو "ميشيل فوكو" لمّا قال: «إنّ ما هو صوابٌ يعتمد على من يهيمن على الخطاب.» (فوكو، 1984م: 9) يحمل لواءها "روبين لاكوف"[1]ويعتقد أنّ اللغة تخضع لظروفها الخارجية وتستخدم بأشكال مختلفة من قبل المجموعات الاجتماعية المختلفة أي أنّ الرجال والنساء يستخدمون اللغة بطرق مختلفة. (فيّاض ورهبري، 1385ش: 38-37) رغم أنّ إنجازات "لاكوف" تتبنّى الإدراكات الشخصية وغير علمية لكنّها تعتبر ذات أهمية كثيرة لأنّها قدّمت مناهج وأساليب تفرق لغة النساء بها عن مناهج أو أساليب أخرى. (نعمتي، 1382ش: 78) "روبين لاكوف" طرحت مسألة التسلّط وذهبت إلى إثبات أنّ عدم المساواة بين الذكر والأنثى في المكانة والأدوار الاجتماعية أسفرت عن الاختلافات في السلوك اللغوي بينهما. المرأة تملك مكانة اجتماعية سافلة وتتأثر بثقافة مجتمعها فتستخدم اللغة السافلة. (Lakoff, 1973: 73) نلاحظ أنّ نظرية التسلّط تعتقد بأنّ الرجل يُحتسب الأساس في المجتمع، من ثمّ اللغة التي يستخدمها تعتبر المعيار حيث لغة النساء لاتعترف بها كالمحور أو المعيار في المجتمع. (ترادگیل، 1376ش: 112) نلاحظ تشكّل اتجاهين ضمن نظرية التسلّط وهي: 1.الاتجاه الذي يرى أنّ لغة النساء تتأثر بمكانتهم السافلة في المجتمع و«أنّ الفرق بين الرجل بصفاته الإيجابية والمرأة بصفاتها السلبية إنّما هو فرق إيديولوجي ثقافي اجتماعي دافع عنه المجتمع والثقافات المختلفة بقوّة القانون والسلاح.» (الرويلي والبازغي، 2002م: 151) وهو الذي يضع قيودا على التفكير والإبداع والسلوك اللغوي للإناث. 2.الاتجاه الذي يرى أنّ اللغة في اختيار الرجال على الإطلاق ولا يعتقد بمجرّد التأثّر. يميل أصحاب الحركة النسوية إلى هذا الاتجاه حيث بالغوا فيها فقالوا إنّ اللغة ذكورية في المجتمعات ولا لون للغة النساء وقام الرجال بإحباط النساء لغويا إلى أن أصبحت لغة النساء أمرا هامشيا ومنسيّا. (فيّاض ورهبري، 1385ش: 38) أسّست "روبين لاكوف" نظرية التسلّط بكتابة مقالة عنوانها "اللغة ومكانة المرأة" وأثارت جدال ونقاش العلماء حيث قدّمت مؤشّرات لتبيين السلوك اللغوي للنساء وميّزته عن لغة الرجال. من الممكن انحصار مؤشّرات لتبيين التغيّر اللغوي بين النساء والذكور حسب نظرية "لاكوف" في: 1.الخصائص الصوتية والنطقية 2. الخصائص الدلالية لمفهوم المفردات والجمل 3. الخصائص الأسلوبية. سنتطرّق في المباحث التالية إلى مؤشّرات لغة النساء حسب نظرية التسلّط أكثر. الإطار التحليلي للبحث قسّمنا بيانات أمثال كتاب "موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة" لإبراهيم "أحمد شعلان" حسب السلوك اللغوي المختصّ بالنساء والميزات التي أطلقت إليها من قبل المجتمع المصري إلى ثلاثة أقسام: 1. قسمٌ يبحث عن الميزات اللغوية للنساء حسب نظرية التسلّط وما قدّمت "روبين لاكوف" من الخصائص الأسلوبية للمرأة أو بعبارة أخرى يطبّق مؤشّرات نظرية التسلّط على الأمثال 2. قسم يبحث عن الخصائص اللغوية للمرأة المصرية في الأمثال وذلك وفق ما عثر مؤلّفو هذا المقال عليها ولم تشر إليها لاكوف في نظريتها 3. قسم يبحث عن الميزات السلبية والإيجابية للمرأة المصرية حسب مفاهيم الأمثال وذلك لتقييم تناسب المفاهيم مع الأساليب المتداولة. في كلّ قسم اعتمدنا على الأسلوب الإحصائي وملنا إلى احتساب التكرار والتواتر لكلّ الميزات اللغوية المستخرجة من الأمثال. الجدير بالذكر أنّ معيارنا لكيفية استخراج الأمثال النسائية من كتاب أحمد شعلان هو يعود إلى ما ذكره مؤلّف الكتاب بعناوين مختلفة، نحو: هذا من أمثال النساء، تقوله الزوجة، هذا من أقوال الأمّ، من الأمثال النسائية، المثل عبارة من حوار بين الحماة وزوجة الابن و... .
من خلال ما انعكس على الأمثال في المجلّد الأوّل لكتاب "أحمد شعلان" من الممكن أن نبيّن الهوية الثقافية والاجتماعية للمرأة حسب المؤشّرات التي حدّدتها "لاكوف" لخصائص اللغة النسائية وهي: 1. الخصائص الدلالية لمفهوم المفردات والجمل 2. الخصائص الصوتية والنطقية 3. الخصائص الأسلوبية. الآن ندرس مكوّنات منهج لاكوف لدى المرأة المصرية في المباحث التالية. في هذا القسم من البحث قمنا بإحصائية ما يتواتر في الأمثال المصرية من ميزات لغوية للنساء حسب نظرية التسلط كما يلي في الجدول التالي. الرقم1: الميزات اللغوية للنساء حسب مؤشّرات نظرية التسلّط
-استخدام أسلوب أقلّ حزما والتجنّب عن الصراحة تذهب لاكوف إلى إثبات أنّ التراكيب الشكلية تظهر في كلام المرأة التي تشير إلى أنواع الاحتمالات والشكّ في الأحداث التي وقعت أو سوف تقع. فهنّ يستعملن مفردات أو أدوات تدلّ على الغموض وعدم الجزم والقطع. (برهومة، 2002م: 191) من ثمّ المرأة حسب نظرية التسلّط تستعمل لغة للمنع من الصراحة في تقديم رأيها. تمّ العثور على أساليب الجملة الاسمية والسؤال القصير والمؤكّدات في كلام المرأة المصرية وهي ضمن مؤشّرات نظرية التسلّط وتحمل دلالة عدم القطعية والحزم والثبات في الرأي والتجنّب عن الصراحة في الكلام. حسب رأي "روبين لاكوف" أنّ المرأة تستخدم الأسماء أكثر من استخدام الأفعال فهي «تميل إلى استخدام الأحداث ذات المسند الوصفي فيما يميل الذكور إلى استخدام الأفعال بكثرة. ويعلّل بعض الدارسين أنّ التفاوت في استخدام الأفعال والأسماء يرجع إلى طبيعة الجنس فالتعبير بالأحداث يفضي إلى سيطرة فاعلة أمّا التعبير بالأسماء فيعني قبولا والتزاما.» (برهومة، 2002م: 128) كما نلاحظ في الجدول السابق أنّ أسلوب الجملة الاسمية أكثر تواترا وتكرارا في كلام المرأة المصرية في القياس مع الميزات اللغوية الأخرى حيث عدد تواترها يصل إلى 71 مرّة. إن قمنا بمقارنة عدد تواتر الجملة الاسمية مع الجملة الفعلية في اللغة النسائية رأينا أنّ نسبة الجملة الاسمية تفوق نسبة الجملة الفعلية. الجدير بالذكر أنّ عدد تكرار الجملة الفعلية تبلغ إلى 20 مرّة. المثلان: «الرجالة غابت والستّات سابت» (شعلان، 2003م: 1/ 290) و«حرمة من غير راجل زيّ الطربوش من غير زيّ» (نفس المصدر: 250) يبيّنان أنّ الرجل حارس للمرأة ألّا تفسد أخلاقها حيث غيابه عن حياتها يسفر عن وقوعها في الأزمات الأخلاقية فلا بدّ من تواجد الرجل في حياة المرأة. الطربوش قبّعة قديمة كان يستعملها الرجال في القديم والمثل يعبّر بأسلوب الساخر عن حال المرأة الوحيدة فنلاحظ أنّ المرأة اختارت الجملة الاسمية لاعترافها أو اعتقادها بضرورة حضور الرجل في حياتها. أمّا في مثلين تاليين: «الحماة عقرب تقرص وتِهرب» (نفس المصدر: 256) و«السلفة داهية مختلفة» (نفس المصدر: 213) فالمرأة تعتقد أنّ حماتها كالعقرب في كلامها اللاذع والسلفة كالداهية العظيمة. كما نلاحظ في المثلين السابقين أنّ المرأة لمّا تكون في مقام الالتزام باعتقاد قبول ما حمّل عليها والاعتراف بما تؤمن والتعبير عن تجارب حياتها وبيان ما ورثته من الحياة كالقوانين، تلجأ إلى استخدام الجملة الاسمية. في متناول أيدينا أمثال عديدة تبيّن أنّ المرأة المصرية لمّا تكون في مقام التعبير عن تجارب حياتها وآرائها تتمسّك بالجملة الاسمية، نحو: «أسى الولادة منسى» (نفس المصدر: 100) و«أكل ومرعى وقلّة صنعة» (نفس المصدر: 114) و«البكرية زي العروس المجلیّة» (نفس المصدر: 206) و«جري السحلية ولا قطع الدرية» (نفس المصدر: 232) و«الستّ اللي مابتخلفش زي الضيف» (نفس المصدر: 310) و«قالع راسه وعادم ناسه» (نفس المصدر: 398) و«كل دار ولها مدار.» (نفس المصدر: 421) يستحقّ القول إنّ المرأة في مقام التخيّل والخرافة وتقدّس الحظّ والتقدير تتّجه إلى استعمال الجملة الاسمية كذلك، نحو: «بخت الوِحشة يزيد حِفنة» (نفس المصدر: 195) و«لا أمي ولا اختي ده قلّة بختي.» (نفس المصدر: 436) في الحقيقة وفق هذه الأمثال لا نستطيع أن نحكم حكما قاطعا أنّ المرأة المصرية تتّجه إلى الخرافة والتخيّل أكثر من اتجاهها نحو التعقّل وهي شخصية تقدّس الحظّ والتقدير ولكنّنا حسب ما تجلّت في الأمثال المدروسة نستطيع أن نستنتج أنّ المرأة تميل إلى مفاهيم التقدير والتخيّل أكثر من الرجال. يتّفق أصحاب الحركة النسوية ونظرية التسلّط على «أنّ النساء يعتبرن سلبيات وأقلّ عقلانية وهذا في مجتمع يزن العقل أكثر من العواطف فهذا يعني في الواقع أنّهن مقودات ومدارات من قبل من هم أكثر عقلانية وأكثر فاعلية (الرجال). وتعتبر النساء غير مستقلات وقليلات الإبداع ولذلك يظهرن ملائمات بصورة خاصّة للأشغال الروتينية.» (شوي، 1995م: 20) إذاً المرأة تكاد أن تنعدم من العقلانية والكفاية أو الإجادة بالوظائف الاجتماعية في بعض المجتمعات وهذا هو الذي يؤكّد عليه روّاد نظرية التسلّط. فنرى كيف المرأة تمثّل الإنسان غير عاقل وغير فاعل في الأمور الاجتماعية حيث الرجل إذا كان يطاوع المرأة يعتبر كالمرأة. قد يمكن حسب نظرية التسلّط استنتاج هذا أنّ المرأة باستخدام الجملة الاسمية تعبّر عن تجارب حياتها وآرائها كاحتمالات أو تخيّلات تتغيّر ولاتعتبر أمرا ثابتا حيث الرجل يعبّر عن تجارب حياته كقوانين ثابتة وغير متغيّرة فلذلك يستخدم الجملة الفعلية. أمّا السؤال القصير فهو أسلوب تستخدمه المرأة في كلامها ليحمل دلالة الاحتمال وعدم القطعية والحزم وفق نظرية التسلّط. في هذا المثل: «يا سوق بلا رجّالة وإيش تعمل النسوان.» (شعلان، 2003م: 1/548) جاءت المرأة بأسلوب السؤال القصير فيبدو أنّ استخدام المرأة هذا الأسلوب (إيش= ماذا) في كلامها دليل على أنّها لاتستطيع أن تقدّم رأيها إلى المخاطب مباشرة أو تعطي رأيا صارما في كل المجالات بل تحتاج إلى تصديق المخاطب أو إنكاره. كما تعتقد "روبين لاكوف" أنّ استخدام المرأة للسؤال القصير «يعكس شخصيتها وهو جزء من عدم أخذ المرأة على محمل الجدّ لأنّ السؤال يؤكّد أنّها لاتستطيع أن تصدر قرارا وبالتالي عدم الثقة بها لتحمّل المسؤولية.» (برهومة، 2002م: 126-127) تكرّرت صورة المثل السابق فی المثل التالي أيضا: «إيش تعمل الماشطة في الوجه العكر.» (شعلان، 2003م: 1/ 188) من السلوك اللغوي لكلام المرأة حسب نظرية التسلط هو: يغلب على أسلوب اللغة للمرأة التكرار والمؤكّدات. تعيد "لاكوف" سبب هذا السلوك اللغوي المختصّ بالمرأة إلى عدم الثقة بنفسها لتحمّل المسؤولية وتؤكّد أنّها لاتستطيع أن تصدر قرارا. (برهومة، 2002م: 127) التكرار ظاهرة نراها في الأمثال النسائية حيث المرأة تتجه إلى استخدام التكرار في كلامها للتأكيد على أمر ما، نحو: «يا دي الشيلة يا دي الحطّة رُحنا على جمل وجينا على قطّة» (شعلان، 2003م: 1/:545) و«لاحصيرة ولامخدّة وكمان مش لدّة؟؟» و«لا بيت أروحه ولابيت أجيه ولا بيت أشكى اللي نابني فيه» و«لا بتي ولا مِسيتي يا داهية الشوم جيتي.» (نفس المصدر: 437) يبدو أنّ تكرار حرف "لا" واستخدام المنادى يبيّن غاية تحسّر المرأة على فقدان رفاهية الحياة الزوجية وكان على الزوج أن يوفّرها لها. تحسّر المرأة على ما فقدته والاعتراف بالفشل في الحياة الزوجية هما أبرز شيء يعبّران عن عجزها وتسلّط الرجل عليها. كأنّ مفاهيم التحسّر والفشل تتناسب مع الأساليب الإنشائية. من ثمّ نلاحظ أنّ أكثر الأمثال التي تدلّ على اعتراف المرأة بفشلها وخيبتها تأتي في قالب المنادى والتأكيد بالتكرار. -استخدام مكمّلات وأدوات ليس لها دور وظيفي في المحتوى ذهبت صاحبة نظرية التسلّط "روبين لاكوف" إلى إثبات أنّ المرأة تستخدم الأدوات والحروف أكثر من الرجل في لغتها. هذه الأساليب مالئة أو مكمّلة لا معنى لها كما يقرّر اللغويون. (برهومة، 2002م: 128) النداء من المكمّلات وأداة ليس لها دور وظيفي في المحتوى فنلاحظ أنّه يتواتر 20 مرّة في أمثال كتاب شعلان كما أشرنا إليه آنفا في الجدول السابق. في الأمثال التالية سنلاحظ كيف المرأة المصرية تتّجه إلى استخدام النداء وما تقصد إثر ذلك. -«يا رتني بيضة ولي ضبّ والله البياض عند الرجال ينحب» و«يا رتني بيضة ولي عرقوب والله البياض عند الرجال محبوب» و«يا رتني بيضة ولي بربور والله البياض عند الرجال محبوب.» (شعلان: 2003م: 1/ 546) نشاهد أنّ النداء أي "يا رتني" أسلوب لغوي يتكرّر عند النساء. كأنّ الرجل هو الذي يحدّد معايير الجمال للمرأة فنلاحظ أنّ المرأة المصرية تعترف نفسها من جرّاء استخدام أسلوب النداء بأنّ بياض لونها محبوب عند الرجل. إنّ المرأة تتمنّى أن تكون بيضاء ولو عندها عيوب أخرى. وهي تعتبر نفسها أن تكون البيضاء ذات ضبّ وعرقوب (عيب ونقص خلف عقب الرِجل) وبربور (الذي مخاط أنفه دائم السيلان) أجمل من نفسها أن تكون سوداء لأنّها تمتلك حبّ الرجال وتدخل في قلبه. تواجد أسلوب النداء في هذه الأمثال خير دليل على أنّ ثقة المرأة بنفسها تتعلّق بلونها حيث أن تكون بيضاء تمنحها ثقة وأن تكون سوداء تمنحها الإحباط النفسي أو خيبة الأمل. استخدام أسلوب "يا رتني" أي (يا ليتني) والالتزام بالحلف والقسم (واللّه) أكثر دلالة على أنّ المرأة لديها الحسرة والآلام والتأوهات الكثيرة في التضاد العنصري وهو أنّ المرأة السوداء لاتتساوي في المكانة الاجتماعية مع المرأة البيضاء. أسلوب التمنّي (يا رتني) يعكس الصورة الحقيقية من مشاعر المرأة تجاه الرجل أنّها لن تحصل على حبّه إلّا أن تمتلك معيار الجمال الذي قرّره الرجل لها. وأسلوب القسم تأكيد أوّلا على اعتراف المرأة السوداء بخيبتها وفشلها في الحياة الزوجية وثانيا محاولة على إقناع الآخرين بما أدركت أو أحسّت من اختلاف المكانة الاجتماعية. الجمال أمر نسبي ولکلّ مجتمع معاییر لتقییم جمال المرأة يختلف بها عن مجتمع آخر. من الممكن الادّعاء أنّ معيار الجمال في المجتمع يعيّن إلى حدّ ما كيفية هوية المرأة في ذلك المجتمع. على سبيل المثال؛ في اللغة الروسية يعتبر اللون الحنطاوي أو السمراوي معيارا لجمال المرأة لقلّة تواجد هذا اللون في روسيا (رضواني، 1399ش: 796)؛ حيث يعتبر تميّز المرأة المصرية باللون الأبيض معيارا لجمالها. فيبدو أنّ الرجل هو الذي يقرّر هذا المعيار للجمال. هناك معايير ومستويات لتقييم جمال المرأة في مجتمع مصر. لذلك تهتمّ المرأة بجمالها ومعاييرها فنلاحظ أنّها تتأثّر بما يقبل المجتمع من معايير الجمال وتعترف بها في كلامها اللغوي. نلاحظ في المثل هذا: «يا بخت الناس برجالنا ويا تعاستنا برجال الغير» (شعلان، 2003م: 1/540) أنّ المرأة تتمسّك بأسلوب النداء حتّى تبيّن حسرتها وخيبتها وتعاستها في اختلاف الأحوال وعدم توفيقها في التعامل مع الغير رغم توفيق الغير في التعامل مع زوجها. -استخدام مفردات أو عبارات ترتبط بعالم النساء أكثر من عالم الرجال لاحظت "لاكوف" وجود عبارات أو مفردات تتناسب عالم النساء. ومن مجموع ما تناولت إليه عن خصائص المفردات والتعبيرات في لغة المرأة هي اللغات الدالّة على الألوان والزينة والديكور. (Lakoff. 1973: 73) من الخصائص الدلالية للمفردات التي تستخدمها المرأة هي الصفات ذات دلالة تقنع المخاطب و تستقطب انتباهه، على سبيل المثال؛ المرأة في اللغة الفارسية تستخدم مفردة "با نمک" كثيرا (نفس المصدر) أو تستخدم المرأة المصرية مفردات "يا مزّة" و"يا عسّولة" و"يا لَهوي" أو تستخدم المرأة في اللغة الإنجليزية مفردة “cute”في كلامها كثيرا ما. يبدو أنّ اتصاف المرأة بالمفردات المغايرة من قبل المجتمع هو من إحدى التمايزات اللغوية التي نشاهدها بين الرجال والنساء. «تحمل بعض الألفاظ دلالة مغايرة فيما لو أطلقت على أحد الجنسين، فالسيّد هو الرجل المحترم والسيّدة هي المرأة المتزوّجة أو ابن شارع يدلّ على رجل غير مؤدّب أمّا ابنة شارع فتدلّ على اللقيطة.» (برهومة، 2002م: 132) تميّز المرأة الألوان تمييزا دقيقا من الرجال فهناك ألوان يتردّد ذكرها عند النساء فهي: العنّابي أو البصلي أو الكَمّوني أو أصفر حليبي و... . ذكرت "لاكوف": أنّها سمعت رجلا يضحك ضحكات متتالية لاستماعه نقاشا بين الشخصين حول لون غلاف الكتاب إن كان بنفسجيا أو عنّابيا. فالرجل يرى أنّ هذا الحوار تافها ومضيعا للوقت.(Cameron. 1998: 244) يستحقّ الذكر أنّنا ما عثرنا في الأمثال على كلام يبيّن أنّ المرأة المصرية تميّز الألوان تمييزا دقيقا. عثرنا على مفردات تتواتر عند النساء في الأمثال المصرية وهي تدلّ على اهتمام المرأة بحياتها الزوجية وأمومتها. في الحوار بين الرجال يجري الحديث حول السياسة وتشريع القوانين والمزاح والرياضة بينما تتمحور مواضيع النساء مع أقرانهنّ حول أحاسيسهنّ والعلاقات والمنزل والعاطفة. (آذري، 2012م: 33) كان المجتمع التقليدي يعتقد أنّ المرأة المثالية هي التي تعمل في المنزل وتقوم بوظائفها الزوجية. أثارت انتباهنا مفردات تكون أكثر شيوعا في لغة النساء حسب الأمثال في اللهجة المصرية وهي مفردة الرجل والزوج حيث تتواتر 24مرّة، نحو: «حطي جوزك فوق السطوح إن كان فيه خير ما يروح» (شعلان، 2003م:1/253)، جوز يعني الزوج في اللهجة المصرية وتقول المرأة المصرية هذا المثل نصيحة وتوصية لزميلتها أو صاحبتها التي تشتكي من سوء أخلاق زوجها والمعنى الّا تهتمّي بذلك فإذا كان الزوج على خلق ويحافظ على كيان البيت فإنّه لن ينحرف وسوف يبقى على العلاقات الأسرية أمّا إذا كان سيئا فلافائدة من إصلاح حاله. المثل الآخر: «الّلي جوزها يحبّها الشمس تطلع لها» (نفس المصدر: 128)، المثل يعبّر عن اعتراف المرأة بأنّ التي يحبّها زوجها تتميّز بالحظّ الوافر. المرأة المصرية إمّا ناجحة وإمّا فاشلة؛ حبّ الرجل إيّاها كما يتجلّى اعتراف المرأة نفسها به في هذا المثل والحياة الزوجية والقيام بوظائفها هي التي تبيّن نجاحها أو فشلها وتعتبر كمعيار لتقييم مدى فوزها. نتمسّك بمثالين آخرين منتقين من الأمثال الواردة في الكتاب المذكور سابقا كالشواهد الدالّة على إتيان المرأة مفردة الزوج أو الرجل في كلامها. -«ظلّ راجل ولا ظلّ حيط» (نفس المصدر: 351)، الراجل يعني الرجل في اللهجة المصرية فنلاحظ في هذا المثل أنّ المرأة تعترف بضرورة حضور الرجل في حياتها. كما تعترف في المثل الآتي: -«الراجل مايعيبه إلّا جيبه» (نفس المصدر: 284) بأنّ الرجل لا يملك نقصا إلّا فقدان نقوده. من الكلمات أكثر شيوعا في كلام المرأة المصرية هي كلمات "ابن" و"ابنة" و"بنات" و"صبيان". من الواضح أنّ اتجاه المرأة إلى استخدام هذه المفردات في كلامها لا يرتبط بشعورها الذاتي والفطري قبال أولادها فحسب بل يرتبط بهويّتها التي يحدّدها المجتمع لها. لوضوح الأمر يمككنا أن نقارن حياة المرأة في المجتمع الغربي وغيره، حيث أنّ الحياة في هذا المجتمع حديث بيد أنّها في المجتمعات الأخرى خاصّة في المجتمع الشرقي والأفريقي تقليدي. المرأة المصرية تتولّى أكثر مسؤولية أمور المنزل فنلاحظ أنّها تتمنّى أن تنجب الصبية قبل الصبيّ لأنّ البنت تساعدها في أمور المنزل «اللي يسعدها زمانها تجيب بناتها قبل صبيانها.» (نفس المصدر: 156) المثل الآخر الذي تنعكس أمومة المرأة المصرية عليه هو: «أدعي على ابني وقلبي يقول بعيد الشرّ» (نفس المصدر: 90)، تقول هذا الكلام الأمّ التي يضايقها ابنها وهي تدعو عليه ولكنّ لحنان قلب الأمّ فإنّها تكره من يساعدها في الدعاء. المثل الآخر: «جوز البنية أغلى من نور عيني» (نفس المصدر: 236) تقوله الحماة امتداحا لزوج ابنتها الذي يسعد ابنتها، لذلك هو عزيز عندها كنور عينها بل أغلى منها.
قمنا في القسم الثاني من البحث بإحصائية ما يتواتر من ميزات لغوية للنساء المصرية حسب دراساتنا التي لم تذكر في نظرية التسلّط أو كانت متناقضة ومخالفة لما وصفته لاكوف كالميزات اللغوية المختصّة بالنساء. فنأتي بالجدول التالي لبيانات ما عثرنا عليها كخصائص لغوية للنساء المصرية المتجلّية في أمثال كتاب أحمد شعلان.
الرقم 2: الميزات اللغوية للنساء في الأمثال حسب دراسات مؤلّفي هذا المقال
-عدم اتجاه المرأة إلى استخدام كلمات أو أسلوب أكثر تأدّبا صاحبة نظرية التسلّط "روبين لاكوف" تميل إلى إثبات أنّ المرأة تكثر من أساليب التأدّب والاعتذار؛ لذا تشيع على لسانها عبارات، نحو: إنّه يؤسفني أن أقول، من غير مؤاخذة، آسفة، أرجو التكرّم بالحديث و... . المرأة تتّجه إلى أن تطلب ما تريد في أساليب الرجاء والتمنّي وهي تتجنّب عن استخدام أساليب الصراحة والمباشرة في طلبها. (إبراهيمي وآخرون، 1397ش: 192) ما يستقطب الانتباه هو أنّنا حصلنا على خلاف ما ذهبت إليه لاكوف أنّ المرأة تتجه إلى استخدام أسلوب أكثر تأدّبا. عدد تواتر بياناتنا وفق الجدول السابق يبيّن أنّ المفردات التي تدلّ على الشتائم والمفاهيم السيّئة تصل إلى 28 واستخدامها أسلوب الأمر يبلغ 12 وأسلوب النهي يبلغ 3. لإثبات ما حصلنا عليه يمكننا أن نتمسّك بالأمثال الآتية. في المثل: «الوشّ قد البنينة والقدّ قدّ الجنينة» (شعلان، 2003م: 1/ 532) تستهزئ المرأة بصاحبة الوجه الصغير والرأس الكبير فنرى كيف هي تستخدم العبارة الصريحة والمباشرة لبيان استهزائها. يبدو أنّ قمة ما نريد اثباته تتجلّي في مثلین تاليين: «ناس قحبها في السوق وناس قحبها في الصندوق» (نفس المصدر: 512) و«القحبة بقحبتها والحرّة إيش نصيبها» (نفس المصدر: 450) نلاحظ أنّ المرأة لاتستحيي من استخدام مفردة "القحبة" وهي تدخل مباشرة في بيان آرائها ولايمنعها شيء من الصراحة في الكلام. وهذا خير دليل على أنّ المرأة قد تلوّن كلامها بكلام الرجل وتستخدم المفردات السيئة في المفاهيم وأساليب الصراحة والمباشرة في طلبها كما نراها في المثل هذا: اتوصّوا بيعضكوا جات الغرب داهية (نفس المصدر: 84)؛ تقوله الأمّ لأولادها أي عليكم أن تساعدوا بعضكم بضعا وأن تقفوا بجانب بعضكم في الشدّة أمّا الأغراب فلايصلحون أن يساعدوكم في وقت الشدّة والمحنة. الجدير بالذكر أنّ أكثر أسلوبي الأمر والنهي عند المرأة تدلّ على التوصية والإرشاد فمن الممكن القول إنّ أسلوبي الأمر والنهي يخفّفان من أدبية الكلام ويحملان دلالة الصراحة والمباشرة في الطلب إن نقارنهما مع أسلوب التمني والرجاء. المرأة تفضّل أن تعبّر عن طلباتها بأسلوب التمنّي والرجاء كما تقوله "لاكوف" صاحبة نظرية التسلّط بيد أنّ الأمثال المدروسة عندنا تثبت خلاف ذلك؛ بعبارة أخرى المرأة المصرية تبيّن توصياتها وإرشاداتها بأسلوب الأمر والنهي كأنّها تريد أن تعطي رسالة إلى المخاطب أنّ توصياتها كقوانين الحياة وعليه أن يطبّق ما قالته في حياته. بين أيدينا أمثال عديدة تبيّن أنّ المرأة في مقام التوصية والإرشاد تميل إلى استخدام الأمر والنهي في كلامها، نحو: «إجري يا خايبة للغايبة» (نفس المصدر: 85) و«البسي خفّ واقلعي خفّ لمّا يجي خفّ يناسبك» (نفس المصدر: 115) «وماتدّيني ولدي تحت خُلقي.» (نفس المصدر: 458) «إجري يا خايبة للغايبة» (نفس المصدر: 85) تقول ذلك الأم لابنتها عندما تكون لها ضرّة أو سلفة أو حماة حتّى لاتواجه استغلالهنّ حيث تسعى وتكفح بيد أنّ نتيجة سعيها تسجّل لأسماء اللذين يستغلّون الفرص لمنفعتهم. يبدو أنّ استخدام فعل الأمر أو النهي للدلالة على التوصية والتحذير ليس ضمن استخدام النساء فحسب بل يختصّ بالرجال كذلك ولكنّ الشيء الذي يستقطب الانتباه أنّ استخدام النداء بشكل عام في السلوك اللغوي للمرأة يتناسب تناسبا أكثر مع تعبيرها عن حالة الخيبة والانهزام. المرأة المصرية إمّا تتخذ موقف التوصية والإرشاد وإمّا تتخذ موقف خلق المشاكل للآخرين أو تتشاجر وتتنازع معهم. من المواقف التي تأتي المرأة بفعل الأمر هي لمّا تكون في مقام التوصية والإرشاد. فرأينا أنّ المرأة تستخدم فعل الأمر لمّا تكون في مقام تحذير بنتها وتنبيهها حسب ما تعلّمت من تجاربها. -استخدام اللغة التمثيلية يذهب أصحاب الحركة النسوية إلى قول إنّ الرجل یستعرض نفسه في كلامه شخصیّة متنافسة ومتحدّية وهو يعرّف تفوّقه ومواهبه، حيث المرأة تأنف نفسها من التحدّي والتنافس وذلك لراحة التواصل مع الآخرين وتستخدم الألفاظ السهلة. (برهومة، 2002م: 131 و134) ما يثير الانتباه أنّنا بدراسة الأمثال حصلنا على نتائج جديدة كما ترون في الجدول السابق، وهي أنّ المرأة تستعمل اللغة التمثيلية كي تتحدّى وتتنافس مع الآخرين لتخفيف ما تعاني من قلّة الانتباه إليها وهي تريد أن تجعل نفسها أمام أعين مخاطبيها وأن تستقطب انتباههم إليها. بعبارة واضحة؛ هي تبدّل لباس كلامها بلباس كلام الرجل وتمثّل دوره في تحدّيه وتنافسه. الكلام الموزون واستخدام ضمير المتكلّم وحده وتكراره هي من آليات اللغة التمثيلية التي تتمسّك بها المرأة المصرية لإثبات نفسها وبيان تنافسها وتحدّيها مع من يهدّد حياتها الزوجية. الأسماء المسجوعة والتكرار من التراكيب الشكليّة الّتي تزيّن المرأة المصرية لغتها بها وهي تأتي كثيرا ما بكلام موزون بالسجع وتكرار ضمير المتكلّم وحده، نحو: «آديني الحيّة لمّا أشوف الّلي جيّة»؛ آديني يعني هذه أنا وتقول ذلك الزوجة لزوجها الذي يضربها ويسيء معاملتها ويهدّدها بالزواج من امرأة ثانية فتردّ عليه بهذا المثل لتشير إلى أنّه سوف لايجد مثلها في النشاط والأدب وخدمة المنزل. (شعلان، 2003م: 1/93) كما نلاحظ تطابق مفردتي "الحيّة" و"الجيّة" في الوزن والقافية. والمثل الآخر: «أنا وِحشة وأعجِب نفسي وأشوف الحلويين تقرف نفسي»؛ تقوله ذلك المرأة التي توصف بالسوء ردّا على اتهامات الناس لها. المثل يحمل أسلوب التحدّي والعناد، والمعنى أنّ كلّ إنسان راضٍ عن نفسه مهما كان عندها من عيوب. (نفس المصدر: 166) فنرى كيف المرأة زيّنت كلامها بتكرار مفردة "نفس" وتكرار ضمير "ياء". المثل الآخر هو: «ده عادتك واللي هتشتريها ده عادتي ومِتقندلة فيها» (نفس المصدر: 280)، هذا المثل يعبّر عن حوار الحماة وزوجة الابن التي تتحدّى الحماة وتقول لها أنّ هذه طبيعتي وأخلاقي السيئة وليس لديّ غير ذلك. تكرار اسم الإشارة "ده" وتكرار الضمير في مفردتي "عادتك" و"عادتي" أدّى إلى أن يكون الكلام موزونا. «الزرع أخضر والناس أخبر»؛ يقال هذا المثل بين النساء عند قيام المشاجرات ومعناه أنّ كلّ الناس تعرف "أنا مين وأنت مين" وتقول ذلك المرأة للافتخار بالأصل وفي التحدّي مع النساء الأخرى. (نفس المصدر: 297) مفردتا "أخضر" و"أخبر" متطابقان في الوزن والقافية. والمثل: «مخدّة بطبيب ولا الربيب» (نفس المصدر: 477)؛ تقوله زوجة الأب لمّا تكره أبناء زوجها لأنّها في التنافس معهم في اكتساب محبّة الزوج وهي تريد أن تنفرد به لنفسها فحسب. كما نشاهد أنّ هناك التطابق بين مفردتي "الطبيب" و"الربيب" في الوزن والقافية. أمّا هناك أمثلة أخرى فتدلّ على أنّ المرأة في مقام التحدّي تلجأ إلى استخدام التراكيب الشكلية بالأخصّ السجع والتكرار في كلامها، نحو: «طول عمرك يا خالة وإنت على دي الحالة» (نفس المصدر: 346) و«طول عمرك يا ردة وإنت كده» (نفس المصدر: 347) يعبّران عن التنافس بين الحماة وزوجة الابن. فنرى تزيّن الكلام بالسجع الموزون وتكرار ضمير "إنت". وفي المثل: «دي عَوجة القَرطة وإيدها فِرطة»؛ المراد من "القرطة" منديل الرأس و"عَوجة القَرطة" تعني سوء سلوك البنت لعدم احتشامها لانّ الفتاة التي يميل منديل رأسها تبعث على النفور وتثير الغرائز. (نفس المصدر: 282) هناك التطابق بين مفردات "عوجة" و"القرطة" و"فرطة" في الوزن والقافية. «اللي بيجيب سيرتي يحتار حيرتي» (نفس المصدر: 122): هذا المثل تقوله المرأة المصرية لمّا تقع في مشكلة وترى الناس يوجّهون إليها الشتائم. من ثمّ تلجأ إلى استخدام الدعاء عليهم في كلامها بأن یصابوا بما أصيبت به من همّ وحيرة حتى تتنافس معهم بنوع ما وتخفّف من ألم الشماتة التي تشعر بها. كما نلاحظ تحلّي كلام المرأة بتكرار ضمير المتكلّم للوحده واتفاق مفردتي "سيرتي" و"حيرتي" في الوزن والقافية. ما يستقطب انتباه المخاطب في الأمثال مسبوقة الذكر أنّ لغة المرأة في حالة التنافس والتحدّي تتحلّى بمجوهرات تكرار ضمير المتكلّم وحده والأسماء المسجوعة وهي نوع من أنواع التراكيب الشكلية واللغة التمثيلية. المرأة في مقام التنافس تحتاج إلى أن تري شيئا من أنانيتها للمخاطب وتثير إعجابه وأن تكون في محور التفات الآخرين؛ من ثمّ استعمال الضمائر بالأخصّ ضمير "أنا" وتكرارها ثمّ تزيين الكلام بالمسجوعات هي خير سلاح يمكّن المرأة من الدفاع عن نفسها بكلامها. تبعية المرأة للرجل لاتنحصر في الاقتصاد أو الآراء بل تتعدّى إلى تعلّقها به عاطفيا. المرأة المصرية شخصية متنافسة ومتحدّية كما تبيّنها أمثال الكتاب. شدّة الاهتمام بالحياة الزوجية واكتساب موافقة الزوج صنعت من المرأة المصرية شخصية لابدّ أن تتنافس وتتسابق مع حماتها أو ضرتها أو سلفتها لتخلق حياة مريحة ومقنعة ومتمّة وممتعة لزوجها. الهدف والغاية من الحياة الزوجية هي اكتساب محبة الرجل وإقناعه لذلك أصبحت الحياة الزوجية كحلبة الصراع للمرأة حتى تنازع وتصارع مع من تخطّط أو تتحايل أن يخلق المشاكل لها أو يغتصب ويسلب قلب الرجل منها. الشخصية المتنافسة تجعل المرأة أن تتسلّح بالسلوك اللغوي الخاصّ لكي تراقب نفسها وحياتها من منافسيها. يبدو أنّ تواجد اللغة التمثيلية كضمير المتكلّم وحده والكلام الموزون في كلام المرأة المصرية هي أقوى سلاح لغوي تستخدمه في التحدّي مع منافسيها. ج. الميزات السلبية والإيجابية للمرأة المصرية حسب مفاهيم الأمثال بيانات القسم الثالث تختصّ بالميزات الإيجابية والسلبية للمرأة من خلال أقوال أصحاب المجتمع أو المفاهيم اللغوية التي استخدمتها المرأة نفسها في لغتها. الجدول التالي يبيّن عدد تواتر كل ميزة سلبية أو إيجابية للمرأة حسب مفاهيم الأمثال.
الرقم 3: عدد تواتر الميزات السلبية والإيجابية للمرأة المستخرجة من مفاهيم الأمثال
ما يقوله أصحاب المجتمع عن المرأة بشكل عامّ وكلام المرأة في التعبير عن ذاتها وصفاتها بشكل خاصّ قد يبيّنان كيفية الهوية الثقافية والاجتماعية للمرأة في المجتمع. يذهب "أورزولا شوي" إلى إثبات أنّ أكثر خصائص المرأة نحو: الميزات السلبية والميزات الإيجابية سببها اجتماعي. فالمرء لايأتي إلى العالم امرأة بل العامل الاجتماعي والثقافي له دور بارز وعظيم في خلق صفات المرأة والفروق بين الجنسين. (شوي، 1995م: 14) في كثير من اللغات نحو اللغة الفارسية، تظهر الأمثال المختصّة بالنساء أنّ المرأة مظهر من مظاهر الجهل والعجز والتفشّي والفضولية و... . بعبارة أخرى تشكّلت ثقافة اللغة الفارسية بحيث تنتج النظرة السلبية إلى المرأة. (موسوى ديزكوهى، 1374ش: 34) لو نظرنا نظرة واثقة وواعية إلى الجدول المشار إليه سابقا لرأينا أنّ المرأة المصرية حسب ما جاء في كتاب "أحمد شعلان" تسير بين شخصية القداسة والدناسة ولكنّ المثير للانتباه أنّ الميزة السلبية المنتسبة إلى المرأة المصرية أكثر تواترا من الميزة الإيجابية. تبعية المرأة للرجل اقتصاديا وفكريا أو استقلاليتها قد تعتبر مؤشّرا لتقييم كيفية الهوّية الثقافية والاجتماعية للمرأة في المجتمع. (رضواني، 1399ش: 796) تبعية المرأة للرجل كانت ظاهرة عالمية في الماضي بيد أنّها زالت أو خفّت في المجتمعات الحديثة إثر ما حدث من المساواة بين الرجل والمرأة في الكّفة الاقتصادية. نظرا لما حدث من تغير اجتماعي في مجتمع مصر بصفة عامّة والمجتمع الريفي بصفة خاصّة وخروج المرأة من البيت للتعليم والعمل خارج المنزل والاشتغال في البلاد العربية النفطية وانتشار وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي فمن المتوقّع أن تنخفض نسبة تبعية المرأة للرجل اقتصاديا وفكريا. حسب ما سجّله كتاب "موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة" ل"إبراهيم أحمد شعلان" فمن الممكن الادّعاء أنّ هوية المرأة المصرية كانت هوية تابعة في الاقتصاد من الرجل. تعترف المرأة نفسها بعجزها ولزوم الرجل في حياتها واعتمادها عليه ودعمه وحمايته عنها. الأمثال تعبّر عن شدّة اهتمام المجتمع المصري بالرجل حيث يدفع المرأة إلى التعلّق بالرجل والسعي للحصول عليه والحرص على البقاء بجانبها. النتیجة بعد دراسة أمثال كتاب "موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة" لأحمد شعلان، بوصفها أمثالا منقولة من لغة المرأة أو قالتها النساء من مختلف ثقافات مصر، توصلنا إلى النتائج التالية: لما تكون المرأة في مقام التوصية والإرشاد أو الحسرة والاعتراف بالفشل والخيبة أو مقام الدعاء أو التمني أو إقناع الآخرين أو بيان العجز تميل كثيرا ما إلى استخدام الأساليب الإنشائية في سلوكها اللغوي. وفي حالة التعبير عن آرائها والتشاجر والنزاع تتجه إلى اختيار أسلوب الجملة الاسمية والخبرية وفي موقف التنافس والتحدّي مع الآخرين تتسلّح بتكرار الضمير واستخدام التراكيب الشکلیة في كلامها. الجدير بالذكر أنّ هذه النتائج لاتعمّم على جميع الأمثال. حسب تطبيق مؤشّرات نظرية التسلّط على الأمثال نستطيع القول إنّ اتجاه المرأة إلى استخدام أسلوب أقل حزما والتجنّب عن الصراحة في الكلام ميزة لغوية يفوق عدد تواترها عدد الميزات اللغوية الأخرى. مهما يكن من أمر فإنّنا حصلنا على نتائج تخالف ما حصلت عليها "لاكوف" صاحبة نظرية التسلّط وهي أنّ اتجاه المرأة إلى استخدام مفردات تدلّ على تمييز الألوان تمييزا دقيقا، لاتلاحظ في الأمثال ومن جانب آخر أنّ المرأة تستخدم مفردات تدلّ على مفاهيم بشعة وسيئة فهي تتناقض مع ما أثبتته "لاكوف" أنّ المرأة تميل إلى استخدام أسلوب أكثر تأدّبا في كلامها مقارنة مع الرجل. استخدام المرأة اللغة التمثيلية كأنّها شخصية متنافسة ومكافحة للحفاظ على حياتها الزوجية، هي من إحدى نتائج مهمّة لهذا البحث التي لم تذكر في نظرية التسلّط فمن الممكن الادّعاء أنّها تجعل ضمن حصيلة هذا البحث. مؤدّى كلّ ذلك هو أنّ مسألة التسلّط أمر نسبيّ يختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر. ومن جانب آخر يبدو أنّ الكفّة الاجتماعية تساوت بين الرجل والمرأة في المجتمعات الحديثة فإمّا زالت الاختلافات اللغوية بين الرجل والمرأة نتيجةً لزوال تمايزات المكانة الاجتماعية بينهما وإمّا يسير المجتمع إلى مرحلة الاشتراكات اللغوية وإمّا يكون في الخطوات الأولى من التغيّرات اللغوية.
[1]. Robin Lakoff | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
العربية
ابن جنّي، أبو الفتح. (1979م). اللمع في العربية. التحقيق: حسین محمّد أحمد شرف. بيروت: عالم الكتب.
الباقلاني، محمّد بن الطيّب. (1954م). إعجاز القرآن. تحقيق: السيد أحمد صقر. القاهرة: دار المعارف.
البرهومة، عیسی. (2002م). اللغة والجنس؛ حفريات لغوية في الذكورة والأنوثة. عمّان: دار الشروق.
خرما، نايف. (1978م). أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة. الكويت: علم المعرفة.
الرویلي، ميجان والبازغي، سعد. (2002م). دليل الناقد الأدبي. ط3. المغرب: دار البيضاء.
سوالميّة، نورية. (2018م). «دور الأمثال الشعبية في التنشئة الاجتماعية». مجلّة الناصرية للدراسات الاجتماعية والتاريخية. المجلّد 9. صص 301-280
شعلان، إبراهيم أحمد. (2003م)، موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة. ج1. القاهرة: دار الآفاق العربية.
شوي، أورزولا. (1982م). أصل الفروق بين الجنسين، الطبعة الأولى. القاهرة: دار الآفاق العربية. الجنسين. الترجمة: بوعلي ياسين. ط1. بيروت: دار التنوير.
عمر، أحمد مختار. (1997م). اللغة واختلاف الجنسين. القاهرة: عالم الكتب.
فوكو، ميشيل. (1984م). نظام الخطاب، الترجمة: محمّد سبيلا. ط1. بيروت: دار التنوير.
لطفي، مصطفى. (1976م). اللغة في إطارها الاجتماعي. ط1. بيروت: معهد الإنماء العربي.
هنّان، إيمان. (2020م). «السلوك اللغوي واختلاف الجنسين في ضوء اللسانيات الاجتماعية». مجلّة الآداب واللغات. المجلّد 6. العدد 12. صص 250-238
الفارسية
آذری، پروا. (2017م). «مشخصه های زبان و روایت زنانه در داستانهای نویسندگان زن». مجله کتاب ماه ادبیات. شماره 66. صص38-29
ابراهیمی، ژینو وصابری، کورش و مرادخانی، شهاب. (1397ش). «بررسی ویژگیهای زبانی زنان با توجه به متغیر سن بر اساس رویکرد لیکاف». مجله جستارهای زبانی. ش6. صص212-187
آذری، پروا. (2017م). «مشخصه های زبان و روایت زنانه در داستانهای نویسندگان زن». مجله کتاب ماه ادبیات. شماره 66. صص38-29
ابراهیمی، ژینو و صابری، کورش و مرادخانی، شهاب. (1397ش). «بررسی ویژگیهای زبانی زنان با توجه به متغیر سن بر اساس رویکرد لیکاف». مجله جستارهای زبانی. ش6. صص212-187
رضوانی، وجيهه. (1399ش). «بازتاب فرهنگی هویت زنانه در ضرب المثلهای زبان فارسی و روسی». مجله پژوهشهای زبان شناختی در زبانهای خارجه. دوره 10. شماره 4. صص799-788
فياض، إبراهيم و رهبري، زهره. (1385ش). «صدای زنانه در ادبیات معاصر ایران». پژوهش زنان. دوره 4. شماره 4. صص50-23
موسوی دیزکوهی، هاشم. (1374ش). طنز در گیلان. پایان نامه کارشناسی ارشد. دانشکده علوم اجتماعی. دانشگاه تهران.
نعمتي، آزاده. (1382ش). «تحليلى بر تفاوتهاى زبانى زنان و مردان، تحقيقى در جامعه شناسى زبان». مجله دانشكده علوم انسانى دانشگاه سمنان. شماره 5. صص 92-73
الإنجليزية
Lakoff, R. (1973). “Language and Woman's place” (Vol. 2). Language in Society.
Cameron, Deborah. (1998). The Feminist Critique of Language. London: Macmillan.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 762 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 188 |