تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,800,527 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,338 |
تأثُّر علاء الأسواني بشخصيات حقيقية في رواية "عمارة يعقوبيان" على أساس نظرية التقليد والتمثيل؛ "زکي الدسوقي" نموذجاً | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 4، دوره 12، شماره 48، اسفند 2022، صفحه 87-110 اصل مقاله (244.67 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
اعظم بی باک* 1؛ سیدابراهیم آرمن2؛ عطاءالله کوپال3 | ||
1مرشح الدکتوراه في اللغة العربية وآدابها، فرع کرج، جامعة آزاد الإسلامية، کرج، إیران | ||
2أستاذ مشارک في اللغة العربية وآدابها، فرع کرج، جامعة آزاد الإسلامية، کرج، إیران | ||
3أستاذ مساعد في اللغة العربية وآدابها، فرع کرج، جامعة آزاد الإسلامية، کرج، إیران | ||
چکیده | ||
إن عمارة یعقوبیان هي إحدی روایات الکاتب المصري المعاصر علاء الأسواني الذي اشتهر بنظرته النقدية للمجتمع المصري والحكومة. یدرس الروائي في روایته التي بُنیت علی عمارة تحمل نفس الإسم مشاكل وصعوبات المجتمع المصري المعاصر ویحلّلها حیث أبطال روایته نماذج من شرائح المجتمع وهذا المقال يقوم على نظرية التقليد والتمثیل وحسب هذه النظرية، يتم تقييم العمل الأدبي بناءً على درجة انعكاس الحقائق المحيطة به ودرجة صدقه في إظهار ما يعكسه، لأن أساس الفن هو التقليد وقابلية التأثیر، وعمل الفنان هو قول الحقيقة مع الخيال. و تطرق هذا البحث إلی دراسة وجوه الشبه والاختلاف في احدى شخصيات الرواية "كي الدسوقي" مع الشخصية الحقيقية "زكي رستم". وأهم ما توصل إلیه البحث هو أن الأسواني قد تأثّر کثیرا بسيرة حياة الفنان المصري الشهير "زكي رستم" واستلهم منها معالم الشخصیة الخیالیة، ومن هذه المعالم التي يمكن ذکرها: إسم الشخصية والوضع الاجتماعی الرفیع لأبیه و کیفة نشأته و مكان عیشه والتاريخ العائلي ونمط الحياة والإمكانيات المالية والرفاهية. | ||
کلیدواژهها | ||
عمارة یعقوبیان؛ علاء الأسوانی؛ زکی الدسوقی؛ زکی رستم؛ التقلید؛ الواقعیة | ||
اصل مقاله | ||
الأدب جزء غیر منفک من ثقافة الأمم، ویُعرف الناس في العالم بأدبهم. والقصص القصيرة والروایة من نتاج الأدب. وفي الواقع، ففیها يعبر المؤلف عن أفكاره وآرائه الفلسفية عبر شخصيات الروایة والأفعال وردود الفعل بينهم، والتي يمكن تقديمها على أنها حقيقية أو خيالية أو حقيقة في غلاف الخيال. حیث كان استخدام الأسماء الحقيقية للأماكن أو الأشخاص وتلوین قصصهم بألوان الخيال ممارسة شائعة لرواة القصص والکُتّاب ویمکن أن یبعث الفضولیة للناس حرصاً لقراءة النص الأدبي. وفي هذا المجال من یرکّز علی آلام المجتمع ومشاکلها ویعرضها في نتاجه الأدبي یسعی بیانها بوضوح أکثر وبأجمل صورها لتوعیة الحکومة والمجتمع بالمواضیع المطروحة والاهتمام لإزالتها. ومن هذه الروايات رواية "عمارة يعقوبيان" للكاتب المصري المعاصر الدكتور علاء الأسواني المأخوذ إسمها عن عمارة حقیقیة بشارع طلعت حرب، أحد أهم وأشهر الشوارع بالقاهرة - يقع في منطقة وسط البلد ويمتد من ميدان التحرير مرورا بميدان طلعت حرب في القاهرة عاصمة مصر وحسب تصریح الکاتب في مقدمة الكتاب فإن جميع أسماء الروایة وشخصياتها خيالية سوی إسم البناء وأبطال روایته نماذج عن شرائح المجتمع کالبشوات وأبناءهم الأثریاء ذوات المکانة الاجتماعیة والفتيات والنساء الفقيرات اللاتي یتعرضن للمعاملات السوء من قبل أصحاب العمل في المجتمع والمثلية الجنسية واستغلال السلطة لرجال الحکومة والظلم للشعب المظلوم وکیفیة معاملة قوات الأمن مع المحتجین بشکل أسوء والاعتداء علیهم جنسیاً. إن الروائي یضع المجتمع المصري أمام مرآة لیری حقیقته المستترة بین طبقات المجتمع. لقد مثّل الأسواني وتخيل الحقائق من حوله، ويمكن اعتبار أسلوبه واقعيًا. استخدام إسم "عمارة يعقوبان" الذي يعتبر من أشهر بنایات في القاهرة، يثير التساؤلات تلقائیا في أذهان الجمهور حول تشابه الأسماء والأحداث المستخدمة في الروایة وهي: هل العمارة الخیالیة نفس العمارة الحقیقیة؟ و هل توجد علاقات بین سکان العمارة الحقیقین وشخصیات الروایة؟ وهل استخدم الروائي السکان الحقیقین نماذج لخلق شخصیاته الروائیة؟ یتطرق هذا البحث إلی تأثّر الروائي من الشخصیات الحقیقیة ویقارن أحد أبطال روایته "زکي الدسوقي" والفنّان المصري الفقید والمعاصر "زکي رستم" مع بعض. خلفیة البحث نظرا لمعرفة المجتمع الأدبي الإيراني ومحبّي الروایات بعلاء الأسواني ورواية عمارة يعقوبيان، فقد درس العديد من الباحثين الإیرانیین هذه الرواية من الجوانب المختلفة، کأسلوب سرد الرواية وبناء الشخصیة في الروایة وانعكاس عدم المساواة الاجتماعية في الرواية، منها: 1. روایت شناسی رمان عمارت یعقوبیان اثر علاء الأسوانی بر اساس نظریه روایتی ژرار ژنت. (دراسة سردیة لروایة عمارة یعقوبیان من علأ الأسواني حسب نظریة سردیة لجرار جنت)، صلاح الدین عبدی والآخرون، مجلة لسان مبین، الخریف،1393ش – العدد1: القصة تعاني من الذهان وحالة غیر طبیعیة في السرد والراوي من خلال استخدام أسلوبین أي تواجد قلیل وتقدیم الحد الأقصی من المعلومات، یحاول أن یقلص الفاصل بین القصة والروایة لإظهار نص الروایة واقعیا. إن نقله للروایة یکون عادة بشکل المونولوج أو النجوی أو الحوار مع النفس أم تیار الوعي. 2. نقد رمان عمارت یعقوبیان بر اساس رئالیسم در نظریه جامعه شناسی "جورج لوکاچ" (نقد روایة عمارة یعقوبیان استنادًا إلى الواقعية في نظرية علم الاجتماع لجورج لوكاس)، زهرا افضلی و الآخرون. نقد ادبی معاصر، 1395ش، العدد 12). يعكس الروائي الحقائق دون تطبيق أفكاره وبجرأة كاملة و قد صرّح منطقيا عبر الروایة التناقضات الاجتماعية عن الفساد الأخلاقي والسياسي والإداري (الواقعية النقدية) و وبسبب إهتمامه تجاه شعبه ، فقد عبر عن المشاكل السائرة في المجتمع (روایة شعبیة). 3.نقد جامعه شناسی رمان عمارت یعقوبیان (النقد السوسيولوجي لرواية عمارة يعقوبيان). علی گنجیانخناری و الآخرون. نقد ادب عربی، 1392ش، العدد7). يقدم الأسواني في روايته صورة كاملة وباثولوجیة للمجتمع المصري وكل شخصيات الرواية تعاني من عدم الكفاءة والإحباط ويرى أن الخروج من المشاكل يتمثل في النهوض وإحداث التغيير وتحقيق الديمقراطیة الحقيقية. تطرق بحثنا هذا إلی مدى تأثر أحد الشخصيات في الرواية بشخصية حقيقية ومشهورة وهي مبنية على نظرية التقليد والتمثیل التي تعتبر من أهم النظريات الأدبية و ذلک لم یتطرق الباحثون إلیها. أسئلة البحث 1.هل هناك علاقة بين الشخصيات الخيالية في الرواية والأشخاص الحقيقيين الذين يعيشون في عمارة يعقوبيان؟ 2.هل كان اختيار اسم "زكي" لإحدى الشخصيات في الرواية صدفة؟ فرضیات البحث 1.تتشابه الشخصية الخيالية "زكي الدسوقي" أحد الشخصيات الرئیسیة في الرواية، مع الشخصية الحقيقية "زكي رستم" الفنان الشهیر الفقید الذي عاش في عمارة يعقوبيان منذ سنوات عدیدة. 2.يبدو أن اختيار الاسم بسبب التشابه بين الشخصيتين الحقيقي والروائي لیس صدفة، وقد استخدم الروائي شهرة زكي رستم للتأثير في الرواية إضافة إلى اسم الرواية. منهج البحث یعتمد هذا البحث منهج التحلیل الوصفي لتحلیل الشخصیة الخیالیة مع الشخصیة الحقیقیة وقد قمنا بجمع المعلومات عبر الکتب والمقالات العلمیة وأیضا اعتمدنا إلی المواقع والمجلات الإلکترونیة العربیة للمعرفة علی حیاة الفنان المصري الشهیر زکی رستم. التعاریف علأ الأسواني ولد علاء الأسواني أدیب مصري 26 مايو (1957م) وهو طبيب أسنان وروائي ومن معارضي الحکومة المصریة. کتب روایة عمارة یعقوبیان (2002م) و تمت ترجمتها إلی أکثر 30 لغة و نالت 15 جائزة دولیة. تحولت فيما بعد إلى فيلم سینمائي عام (2005م) الذي أدّی إلی ترحیب الناس أکثر فأکثر للروایة. (بوظو، 2021م: الحرة) موجز روایة عمارة یعقوبیان تدور أحداث الروایة علی أربع قصص تجتمع في روایة واحدة وترتبط بعضها من بعض بخیط رئیسي وهو عمارة یعقوبیان وتتطرق الروایة إلی مواضیع متحدیة منها: السیاسة واستغلال أصحاب السلطة من قدراتهم والتطرف الدیني والجنس والمثلیة الجنسیة وعدم اهتمام الحکومة والمجتمع إلی حقوق المرأة والفقر ومستقبل قانط أمام الشعب المصري. فأبطال الروایة هي: زکي الدسوقي وطه الشاذلي وبثینة والحاج عزام وحاتم رشید. المدخل إسم الروایة مأخوذة عن عمارة حقیقیة قدیمة بشارع طلعت حرب ویمکن القول إن المکان عنصرا بارزا في بناء الروایة خاصة إذا کان المکان ذا هویة تاریخیة وشاهدا للأحداث المهمة. ونجح الأسواني بحسه الشعبي علی تسلیط الضوء علی هویة ثقافیة. جدران عمارة یعقوبیان لها قصص لمن عاش خلفها منذ أزمنة عدیدة وکأنها مصر صغیرة بشرائح شعبها المختلفة. في الحقیقة یکشف المکان عن شخصیة الإنسان والإنسان یعطي للمکان قیمته والمکان لیس مجرد وصف هندسي بل إنه یکسب سمات الشخصیة کما کان في هذه الروایة. (الحفناوي، 2021م: 337-353) زکي الدسوقي (الشخصیة الروائیة): ابتدأت الروایة بتعریف شخصیة زکي الدسوقي کأنه من الشخصیات الرئیسیة للروایة. كان زكي الإبن الأصغر لعبد العال باشا دسوقي زعيم الوفد الشهير الذي کان وزیرا للحکومة عصر ملک الفاروق للدورات المختلفة ومن کبار الأثریاء قبل الثورة ویمتلک أکثر من خمسة آلاف فدان من الأراضي الزراعیة المرغوبة. ولکنه مع الأسف بعد الثورة 1952م، تمّ القبض علیه و تقدیمه إلی المحکمة رغم أن التهمة بالفساد لم تثبت علی القاضي ولکن الحکومة أخذ منه معظم أراضیه ووزعتها علی الفلاحین. وبعد قلیل من هذه الحادثة توفي عبدالعال باشا متأثرا لما جری. (الأسواني، 2002م: 9-10) حیاة زکي الدسوقي الشخصیة رحل زکي بک إلی فرنسا للدراسة وتعلّم الهندسة في جامعة باریس وبعد رجوعه إلی مصر بسبب حبه للوطن لم یواصل عمله في الهندسة واشتغل باللهو واللعب مع ما ترک له الأب من الثروة. کان لزکي دسوقي مکتبا في عمارة یعقوبیان افتتحها والده من زمان وتحول إلی مکان یقضي فیه وقت فراغه ویلقی أصدقاءه وعشیقاته وبهذا السبب لم یتزوج. فکان واحدا من السکان القدیمة لعمارة یعقوبیان وهو بالنسبة لسکان شارع سلیمان باشا (طلعت حرب) شخصیة فلکولوریة. کان له علاقة حمیمة مع الناس کلهم من ماسحي الأحذیة والمتوسلین وعساکر المرور حتی البوابین والشباب وأصحاب المحلات... وکل یوم علیه أن یحیي جمیعهم في الشارع. کان مهتما بملابسه وأنیقا ویظهر ببدلته الکاملة صیف شتاء ومندیله المکوي بعنایة المتدلی دائما من جیب السترة بنفس لون ربطة العنق... کان له خادما إسمه آبسخرون الذی یخدمه أکثر من عشرین سنة. لمینجح زکي العثور علی المناصب الحکومیة بسبب ما حدث لوالده فیقضي أوقاته بمکتبه في عمارة یعقوبیان بقراءة الصحف والمجلات ولقاء الأصدقاء أو عشیقاته وارتشاف القهوة وبعض الأحیان کان یجلس في شرفته وینظر إلی المارة والسیارات في شارع سلیمان باشا. في الحقیقة یقضي الأیام بدون هدف. (نفسه: 9-16) إن الروائي یعرّفه للمخاطب عبر معاملاته مع الناس وآرائه بصورة غیر مباشر حیث یشیر إلی أنه یمشي مسافة بین بیته ومکتبه في عمارة یعقوبیان التي لاتتعدی مئة متر یقطعها في ساعة یعني أنه ذا خلق حسن ورقیق القلب مع الناس. وأیضا یستعین الأسواني من مونولوج عنه وینتقل إلینا أزمته الداخلیة وهي وحدته وعدم تزوجه فهو إنسان لطیف ومحب الفقراء والمساکین ویساعدهم رغم أنه لیس ملتزما بالصلاة: «لو أنه تزوّج لما شعر بهذه الوحدة المؤلمة القاتلة...أنا موتي قریب...کیف تکون النهایة؟!...أیکون الموت بمثابة نوم طویل لایفیق الإنسان منه أبدا؟...هل یعذّبه الله بعد الموت؟!... أنه لیس متدینا ولایصلّي ولایصوم صحیح...لکنه حیاته لمیؤذ أحدا، لمیغش ولمیسرق ولمیعتد علی حقوق الآخرین ولمیتأخر أبدا عن مساعدة الفقراء باستثناء الخمر والنساء، لایعتقد أنه ارتکب ذنوبا بالمعنی الحقیقي.» (الأسواني، 2002م: 157-158) یعتبر الکاتب عقوبة الغش والسرقة واستغلال الآخرین والظلم والتعدي علی الناس أکثر من ترک الفرائض الدینیة ویمکن القول إنه یهجم علی الأوساط الدینیة المصریة لعدم تعلیم الدین الحقیقي للمسلمین. وبعد هذه الشعور الوحدة بحیاته، یواجه زکي الدسوقي مع فتاة محترمة ومؤدبة "بثینة" ولایتطرق الروائي إلی التفاصیل بجسم البثینة کما کان سابقا ویشیر إلی ملابسها البیضاء والخضراء فقط، کأن تواجدها نور استضاء قلب زکي المتعب والقانط. (شکري، 1395ش: 22-23) اهتمامات زکي الدسوقي الشخصیة بما أن زکي الدسوقي عاش ودرس بفرنسا فمن الطبیعي أن یستلهم بالمعاییر الفرنسیة في حیاته، فتشیر بثینة إلی هذا الأمر: «أنا لاحظت أن حضرتک عایش زي الأجانب بالضبط.» (الاسواني، 2002م: 191). ولکنه رغم هذا، یتعشق کثیرا بمصر وهذا کان سببا لمراجعته إلی الوطن الحبیب. «عارفة یا بثینة...أنا باحس أن عمارة یعقوبیان ملکي... حاسس أن عمري من عمرها، یوم ما تنهدّ العمارة دي أو یجري لها حاجة أنا ها أموت في نفس الیوم.» (نفسه: 232) وإن مشاعره الوطنية والقومية من سماته المميزة والتي تجعله العودة إلی الوطن وفضّله علی الرفاهیة بفرنسا. النقطة الأخری لحیاته هي أنه من معارضي الثورة وحکومة جمال عبدالناصر: «أنا عشت أیاما جمیلة بمصر ... مصر کانت زي اوروبا ... وکان فیها الأجانب ... عبدالناصر طردهم سنة (1956م) ...عبدالناصر أسوأ حاکم في تاریخ مصر کله ... ضیع البلد وجاب لنا الهزیمة والفقر ... التخریب اللي عمله في الشخصیة المصریة محتاج سنین طویلة لإصلاحه ... عبدالناصر علّم المصریین الجبن والانتهازیة والنفاق ... اللي یحبّ عبدالناصر إمّا جاهل أو مستفید... .» (نفسه: 228-229) فیمکن القول إن انقلاب (1952م) بأیدی الضباط الأحرار وبزعامة جمال عبدالناصر الذي أدّی إلی سقوط حکومة الملک فاروق له أثر کبیر في حیاة زکي الدسوقي وغیّر مسیرته. واعتبر الأسواني هذا الانقلاب وزعیمه عبدالناصر سبب تخلف البلد وکل مشاکله عبر کلام زکي الدسوقي. (گنجیانخناری، 1392ش: 64-65) زکي رستم (الشخصیة الحقیقیة) 1903-1972م حیاته الشخصیة زکي رستم الفنان الشهیر المصري المعاصر وُلد في 25 مارس (1903م)، في قصر جده اللواء محمود رستم باشا بحي الحلمیة. کان یعیش في عائلة إرستقراطیة وکان إبن البشوات. كان والد الفنان زكي هو محرم بك رستم سياسياً بارزاً وكان عضوا مهما في الحزب الوطني وصديقاً شخصياً للزعيم مصطفى كامل والزعيم محمد فريد وكان من كبار ملاك الأراضي الزراعية، فتوفي والده وهو کان شابا. فبعد نال شهادة البکالوریا قرّر قرارا غیّرت حیاته. (محبوب، 2022م: صوت الأمة) کانت من سنن العائلات الإستقراطیات مواصلة الدراسة في فرع الحقوق أو الطب ولکنه لمیسلک هذه الطریقة المتداولة فرفض استكمال مشواره التعليمي والتحق بالفریق الفني. الأمر الذي أصاب والدته بحزن شديد، لأنها كانت تتمنى له الالتحاق بكلية الباشوات في الفن أو استکمل الدراسة بکلیة الحقوق. فخیّرته أمّه بخیارین: مواصلة السنن العائلیة بدراسة الحقوق أو الطرد من العائلة والالحاق بالفن والتمثیل وأخیرا اختار الفن وهذا القرار المفاجئ سبّب الحزن والألم الکثیر لأمه وأدّت إلی شللها وتوفيت بعد فترة قصیرة ... . (عزالدین، 2022م: الوطن) حیاته الفنیة وصفته مجلة لایف الأمریکیة أنه من أکبر ممثلي العالم الشرقي وهو کالممثل البریطاني الکبیر "تشارلز لوتون". بدأ حیاته السینمائیة بمشارکته في الفيلم الصامت "زينب" وبلغ رصيد أفلامه إلی 240 فيلما، ولكن المشهور منها والموجود 55 فيلما، بينها: "العزيمة" عام (1939م)، "زليخة تحب عاشور" عام (1939م)، "إلى الأبد" عام (1941م)، "الشرير" عام (1942م)، و"عدو المرأة" عام (1946م)، وآخر أفلامه "إجازة صيف" عام (1967م.( کان له موقفا وطنيا شجاعا بالنسبة للعرب والوطن العربي وعندما رفض عرض شركة "كولومبيا للإنتاج السينمائي" للمشاركة في بطولة فيلم عالمي، سألوه عن سبب الرفض بقوله غاضبا: «كيف أقبل العمل بفيلم يعادى العرب !! .. هذا أمر مرفوض على الإطلاق.» (دوارة، 2019م: مسرحنا) کان فنانا بارزا ویتجسد في أدواره وعُرف باسم "رائد مدرسة الاندماج"، کأنه یستغرق في أدواره ویتحول إلی شخص جدید واشتهر بلقب ابن الباشوات وفي الأوساط الفنية كان يطلق علی زکي رستم "زكي بك". إن عمارة یعقوبیان اکتسبت شهرة عالمیة بعد کتابة روایة الروائي علاء الأسواني وازدادت شهرتها بعدما تحولّت إلی فیلم سینمائي عام (2006م). و لکن العمارة لمتکن مجهولة من قبل لأن الفنان البارز والشهیر زکي رستم یعیش بمفرده مع کلبه في شقة فیها حوالي ثلاثین عاما ولم یکن معه سوی خادمه العجوز الذي قضی أکثر من ثلاثین عاما في خدمته. (عوني، 2021م: البلد) زواجه و نهایة حیاته قرّر زکي رستم أن لا یتزوج طیلة حیاته بعدما انتحرت حبيبته خوفًا من رفض أسرتها زواجها منه وبقي في حياته أعزب. ومع ذلک کان أنیقا ومتعارفا بين سكان وسط البلد خلال حياته ويخرج لتناول الغذاء والعشاء في أفخر مطاعم المنطقة فإنه لیس بخیلا وعدم زواجه قرار شخصي اتّخذه في حیاته. کان انسانا حنونا وطیبا بالنسبة للآخرین ولکنه یحب العزلة وبعد کل مشروع سینمائي وکل تصویر تنقطع علاقاته مع زملاءه. لم یکن الفنان زکی رستم من الشخصیات التی یطلق علیها اجتماعیة حیث کان لا یحب الخروج أو السهر حتی أنه کان یعیش بمفرده في شقته. کان عبقریا في فنه وأعطاه الرئیس جمال عبدالناصر وسام الجمهورية للعلوم وکان مسرورا بأخذه من ید رئاسة الجمهوریة. ( یوسف، 2020م: الجریدة) عانی زکي رستم في أوائل الستينيات من ضعف سمعه ویفکّر أن یزول بعد کم یوم أو بعد الاستراحة ولکنه مع الأسف فقده تمامًا وجعله أن یترک عمله الفني واختار العزلة بعیدا عن الشاشات والأضواء والمقابلات والسیاسة. هذا الفنان کان ثریا وادّعت ابنة شقیقته لیلی رستم: «كان زكي رستم إنسانًا غير عادي، فنانًا بمعنى الكلمة، لكن الرئيس عبدالناصر أخذ نصف ثروته بعد وفاته وبعدها تخلّى زكي عن النصف الآخر للفن». لمنعثر علی مکتوب بالمجلات والمواقع العربیة إیجایا أو نفیا لهذا المدعی. بقي الفنان الکبیر في حیاته معزولا عن الناس حتی أصیب بالأزمة قلبیة حادة وتوفي إثرها وفي منزله وحيداً ولم يكن معه سوى خادمه والكلب الذي يرافقه طيلة الوقت، وللأسف الشدید لم يحضر جنازته أي شخص من الوسط الفني. (مصطفی، 2017م: المصري الیوم). المحاکاة في خلق الشخصیة الروائیة کلمة mimesis یونانیة وبمعنی التقلید والتخییل وایضا تمّت ترجمتها إلی المحاکاة. المحاکاة في اللغة العربیة وهي مصدر من فعل حَاکی أي فعلَ نفس الفعل والمحاکاة یعني المماثلة والمشابهة في القول والعمل. استخدم أفلاطون كلمة التقليد لأول مرة في كتاب الجمهور أي تقليد الفنان وخاصة الشاعرللطبيعة في إبداع عمله واعتقد أرسطو أن الواجب الرئيسي للتقليد هو إظهار الشؤون العامة والعالمیة. فللمحاکاة معنایتان: أولاً؛ الانتباه إلى الواقع، لأن الواقع يستحق الانتباه إليه والثاني هو إن الأدب استكشاف للآثار أو العواقب المترتبة على أفعال الإنسان وتصوراته. فالمحاکاة أسلوب لدراسة المفاهيم المقبولة في الواقع وتحديها. (مدرسی، 1395ش: 218) الأدب هو المحاکاة والتقليد للأشياء، والفنان يعيد خلق العالم من حوله باستخدام خياله، فالفن تقليد لأفعال الإنسان. (میرصادقی-ذوالقدر، 1377ش: 237) بناء على نظرية المحاكاة يمكن القول إن الأسواني كان له اتجاهان بالنسبة لإسم الروایة والحقيقة الخاصة به، اولا ان اختیار إسم الروایة المأخوذ من اسم عمارة حقیقیة وموجودة بالبلد وصارت أساسا للروایة وثانیا امتزاج الأحداث الواقعیة مع خیال الکاتب بحيث يصعب على القارئ التمييز بينهما، وهذه إحدى نقاط القوة في الرواية. ومع هذه البدایة القویة استطاع الروائي أن يرسم مسیرة القارئ بین الواقعیة والخیال، فتارة یقرّبه إلی الحقیقة بذکر خلفیة بناء العمارة وخصائصها الفنیة وتارة یقربّه إلی الخیال بظهور الشخصیات الروائیة. «في عام (1934م) فکّر المليونير هاجوب یعقوبیان عمید الجالیة الأرمنیة في مصر آنذاک في إنشاء عمارة سکنیة تحمل إسمه في شارع سلیمان باشا... وقد سکن فیها وزراء وباشوات من کبار الأقطاعیین وإثنین من ملیونیرات الیهود... .» (الأسواني، 2002م: 20-26) والکاتب طرح القضايا المهمة والصعبة لمجتمعه بذكائه الاجتماعي وخبرته علی أساس أحداث تتعلق بالعمارة، ومن خلالها انتقد الوضع الراهن والاحداث السياسية والاجتماعية والثقافية نقدا مرا وصریحا، مقسما ظروف المجتمع المصري إلی ما قبل انقلاب الضباط وما بعده، الانقلاب الذی امتدّت آثاره السیئة حتی زمن الروایة. فإسم "عمارة يعقوبيان" يثير التساؤل في ذهن الجمهور: هل أحداث الرواية حقيقية أم خيالية تماما؟ ویشتدّ هذا الغموض عندما نواجه بشخصیة زکي الدسوقي الذي یشبه واحدا من سکان العمارة الحقیقیین وهو زکي رستم الذي عاش سنوات طویلة فیها حتی توفي. کان زکي رستم من نجوم السینما المصریة ومن الأعلام البارزة في العمارة. وهذا التشابه هو النقطة الثانیة في الروایة التي تعزز الغموض في ذهن القارئ بین الحقیقة والخیال. یمکن القول إن نظریة المحاکاة التي طرحها أفلاطون وواصلها أرسطو وطوّرها، أوجدت الترابط بین علم الاجتماع والأدب. وبمعنی آخر إن المحاکاة تقلید لمظاهر الطبیعة والحیاة لما فیها مع نکهة الابداع. فالیونانیون الکبار من أوائل الذین صرّحوا ذلک أي الصلة بین الفن والمجتمع والفلاسفة المسلمون اتبعوا هذه النظریة کالجاحظ والفارابي وإبن الرشد و ... ولکن أصبحت النظریة أکثر تطورا في القرن العشرین. فاتفق الکثیر من الأدباء والفلاسفة إن العلاقة بین الأدب والمجتمع علاقة متقابلة ولها تأثیر وتأثّر. رأی أفلاطون أن العالم ینقسم إلی قسمین: مثالي ومادي. فالعالم المثالي عالم نقي وخالص وخال من السمات السیئة کالأزمات الاقتصادیة والسیاسیة والاجتماعیة وبالمقابل مليء بالسلم والصحة، وأما العالم الطبیعي والمادي هو العالم الذي نحن فیه وصورة مشوهة وناقصة عن العالم المثل الذي خلقه الله. ووفقا لنظریة أفلاطون إن کل فن مبني علی التقلید کعالمنا هذا الذي تقلید لعالم المثل. فتاریخ المحاکاة یعود إلی الزمن القدیم الذي بدأ الإنسان وتعلّم أن یعبّر عن أفکاره ومشاعره بصور متخیلة. (منتظري و الآخرون، 1391ش: 156-159) التقليد ممتع بطبيعته لأن رؤية تلك الصورة تعطي معرفة بواقعها ويظهر الفنان ما يراه أكثر او اقل من الواقع. فاختار الأسواني بخبرته وذکائه اسم إحدى شخصيات روایته، أحد المقيمين الحقيقيين في عمارة يعقوبيان وفي هذا المجال، اعتمد نهجين: أولاً: الرسم الأولي وتمثيل الشخصية الخيالية لزكي الدسوقي بناءً على العديد من النقاط المشتركة مع الشخصية الحقيقية لزكي رستم، ثانیاً: تلقين زكي الدسوقي بأفكار المؤلف وأهدافه لکتابة الروایة. اختار الروائي اسم زكي الذي كان مشابهًا لاسم زكي رستم وهومن أشهر ممثلي السينما المصرية ویصنّف من النجوم البارزة في السینما الدولیة وکان أحد المقيمين الحقيقيين في عمارة يعقوبيان، البناء المعروف على نطاق واسع في المجتمع المصري. واستفاد الأسواني من بعض خصائص عائلة زكي رستم لتشكيل الشخصية الخيالية لزكي الدسوقي. كان زكي رستم من عائلة بشوات مشهورة، وخلافًا لتقاليد الأسرة، اختار التمثيل وأصبح أحد نجوم السينما المصرية ولكنه في الوقت نفسه، كان شديد الميل للعزلة وفضّل البقاء بمفرده بعد انتهاء كل مشروع سینمائي وكان أحد السكان الحقيقيين في عمارة یعقوبیان وعاش هناك حتى وفاته، وكانت سيرته هذه الاساس الذي اعتمد عليها الروائي لیخلق شخصیة زكي الجديدة. شخصيةٌ کانت مهمتها التعبير عن أفكار المؤلف بطريقة جميلة وغير مباشرة لانتقاد المسؤولين الحكوميين. عبّر المؤلف عن أفكاره بطريقة إبداعية للغاية حول أسباب ازدهار مصر في الماضي وتخلفها حالیا، من خلال قصة حیاة الشخصية الروائية زكي الدسوقي وتقسيمها إلى قسمين رئيسيين: حقبة ما قبل انقلاب الضباط والتي تشمل الطفولة والمراهقة والدراسة في فرنسا واستغلال فرص العصر ونمط الرفاهیة في الحیاة، ثم حقبة ما بعد انقلاب الضباط، والتي تتضمن ارتباكًا وحيرة وضياع في الحياة، مع عجزه عن العثور على وظيفة مناسبة أو علی دور إجتماعی بارز، ومرارة الصراع مع أخته دولت على ميراث الأسرة ... . كان زکي الدسوقي رمزا لرجل فاشل حصر اسباب مشاکله بانقلاب الضباط بقيادة جمال عبد الناصر، ويشير الروائي بعناية إلى هذه النقاط في كل مرحلة من مراحل حیاة زکي: «زکي بک من أقدم سکان شارع سلیمان باشا وجاء إلیه أواخر أربعینات بعد عودته من بعثته في فرنسا ... کان شخصیة فلکلوریة محبوبة ویظهر علیهم ببدلته الکاملة... ومندیله المکوي بعنایة المتدلي دائما من جیب السترة بنفس لون ربطة العنق... وما أن یظهر في أول الشارع تتعالی تحیات الصباح من کل صوب... .» (الأسواني، 2002م: 9-10) إن إشارة الروائي إلى دراسة زكي في فرنسا ثم وصف مظهره وإناقته وحسن خلقه واهتمامه بأبناء البلد ساقها كدليل للايحاء أن سبب هذه السلوکيات الممتازة هي دراسته ونموه فکریاً في فرنسا کما اشار فیما بعد الى أن سبب البؤس والفقر ومشاکل مصر هو ابتعادها عن ثقافة فرنسا الممتازة: «مصر کانت زي أروبا... نظافة وإناقة والناس مؤدبة ومحترمة ... مصر کان فیها أجانب کثیر...معظم السکان في وسط البلاد کانوا أجانب لغایة لما طردهم عبدالناصر... طردهم سنة 56... .» (نفسه: 228) ويورد الأسواني میزته السلبية، وهي حقيقة انه زیر نساء وهوسه الكبير بالجنس بعد توصیفه بالسمات الإیجابیة ليخفف من تاثيرها السلبی على الشخصية: «عندئذ یستعین زکي بک بدائرة معارفه الجنسیة الجبارة ویشرح للشباب باستفاضة وتلذذ وصوت مسموع للجمیع أدق الأسرار الجنسیة بل أحیاناً یطلب ورقة لیرسم بوضوح بعض المشاهد... .» (الأسواني، 2002م: 10-11) أي حتى لا یعتبر الناس تلک السمة السيئة شيئا قياساً لخصائصه الأخری الجیدة. وهکذا یری الروائي ان بعض الذنوب في المجتمع أقل ضرراً بالنسبة للآخرین وإن اعتبرها الکثیرون خلاف ذلک. إن انقلاب الضباط تسبب باضرار وخسائر علی حیاة الناس والکاتب یمثّله بین خطوط روایته ویصرح علی أنه غیّر مسیرة حیاة بعض الناس حتی دمّر سعادتهم فیشرح هذه الکارثة بحیاة دولت شقیقة زکي الدسوقي علی لسانه. «... بعد الثورة أحیل زوج دولت إلی التقاعد لعلاقته الوطیدة بالاسرة المالکة ولم یلبث أن مات فجأة ... ثم غادر ولدیها مصر کمعظم أبناء جیلهما ... لأن ظروف مصر کانت سیئة جدا ... وبقیت دولت وحیدة ... وتحولت أخته الحبیبة إلی هذه العجوز الکریهة ... .» (نفسه: 94) وبالتالي لو لم يحدث الانقلاب لما اضطر زوج أختها للتقاعد ثم للموت قبل الأوان! و لو لم يكن هناك انقلاب، لما كان الوضع الاقتصادي للبلاد كارثي، ولما ذهب أبناء أخته إلى الخارج، ولم تكن لتُترك وحيدًة حزينًة ومكتئبًة! وحمّل المؤلف مرة أخرى عبد الناصر الذي قاد الانقلاب، مسؤولية مغادرة الشباب البلادَ والأزمة التي خلقت لعائلاتهم والبطالة القسرية لمن يمكن أن يكون مفيدًا للبلاد. المحاکاة مسافة بین الفن والسرقة المحاکاة بالنظرة الأولی هي التقلید الفني لما یعجبه الأدیب وإذا کان الأدیب یرفعه مکانة فهو محاکاة وإذا یقلله بمجرد التقلید فهو سرقة. عندما الأدیب یقلّد شیئا أو موضوعا فعلیه أن یکون معترفا به تماما ولایقلده لمجرد الکلمات بل علیه أن یعرضه مع عاطفته وبراعته في استخدام المفردات والجمل المتناسبة مستعینا بالصور الجمالیة والفنیة. قد تردد مفهوم المحاکاة بین الفن والسرقة مجرد تقلید بدون أي تغییر سرقة ولکنه إذا صار مزینا بالإبداع وما في بال الأدیب فیصبح محاکاة. (هدارة، 1377ش: 121-124) في الحقیقة إن المکان في العالم الحقیقي یختلف عما یروی في العمل الفني وإن کان متفقا معه في الإسم أو الوصف کما شاهدنا في هذه الروایة فهو متخیل لفظي صنعه وخلقه خیال الروائي المبدع ورسم خریطة المکان بالکلمات. اختار الأسواني إسم عمارة یعقوبیان لعمله الأدبي ليس فقط كأثر تاريخي بل لإنها أحد العناصر المهمة في الرواية، حيث انتهت كل أحداث شخصيات القصة إلیها وكانت صلة الوصل بينها، فتداخل القصص في الروایة وکل قصة تؤدي إلی أخری ومحورها هي العمارة، قاد الى جعلها العنصر الاساسي الذي تتمحور حوله الرواية من البداية الى النهایة. المحاکاة والقوة المتخیلة: القوة المتخیلة في الإنسان هي مرکز مهم لإدراکه التي تتجلى كل تحالیلها وتراکیبها في فلسفة الفن. فالقوة التخيلية تحلل الأشكال والمعاني، وبالتالي تخلق أشكالًا جديدة يمكن أن تكون صادقة أو کاذبة بمعنی أن یکون مثله في الخارج أو لا. ولهذه القوة واجبة أخری وهي المحاکاة أي التقلید من العالم الخارج ويعتبر المحتوى فیها عنصرا أساسيا. فعلی الفنان أن یمزج الصور الخارجیة مع أفکاره الداخلیة ویحاکي. ویمکن القول إن نطاق التقليد هو الكون کله. وهناک الفرق بین المحاکاة والمغالطة رغم تواجد التشابه بینهما. فکلاهما لایعرضان الحقیقة للمخاطب ولکن الفرق بینهما هو أن المغالطة ترشد المخاطب إلی الخلاف وتجعل غیر الموجود موجودا له. وأما المحاکاة فتهدي المخاطب إلی شیء مشابه للحقیقة لا خلافها کالمرآة فالذي ینظر إلی الأشیاء من داخل المرآة یراها وإن کانت غیر حقیقیة ولکنه ما یراها لیست خلاف الحقیقة بل جزء منها. فالعمل الفني ليس مجرد فكرة، ولكن له علاقة مثالية بالواقع وقد استخدم الحقيقة إلى أقصى حد. (بازرگانی، 1394ش: 71-73) إن المحاکاة عموما تبني علی فکرة المماثلة بین العمل الفني والحقیقة وکل فنان یستخدمها في فنه. علی سبیل المثال إن الوسام عندما یرسم لوحة جمیلة فیقوم بمحاکاة حقیقیة أو یرسم شیئا في بیئته الطبیعیة فلهذا الفن أدوات ضروریة کالأقلام والألوان وصفحة الرسم. أو الشاعر عندما یصف شخصا أو شیئا أو مشهدا فیقوم بعملیة المحاکاة وأدواته هي الکلمة والوزن واللحن أو الروائي عندما یکتب روایة عما یشبه الواقعیة فیقوم بالمحاکاة ایضا ویستلهم الحقیقة الموجودة في سرده کما فعل علاء الأسواني في روایة عمارة یعقوبیان لخلق أحد أبطاله وهو زکي الدسوقي واستلهم من شخصیة الفنان الکبیر زکي رستم. ومن هذا المنظر یمکن دراسته من ناحیة النقد الخيالي وهو دراسة العمل الفني والأدبي مقارنة مع العالم الحقيقي وهذا الأسلوب في النقد أصبحت جوهر النظرية الجديدة للواقعية الأدبية. (فضیلت، 1390ش: 88) ورغم التشابهات التي يمكن رؤيتها بينهما ولم يكن هناک خیار أمام المؤلف سوى ذكرها للدخول في القصة -ستأتي وجوه التشابهات والاختلافات بینهما فیما بعد- لكن بإبداعه العالي يرسم زكي الدسوقي في مرآة الرواية کما يريده ويربط الأحداث الحقيقية في بلده مصر بحياته ويعبر به عن تفسيره لها. يمثل الدسوقي الأشخاص المحبطين والفاشلين في المجتمع المصري الذين يلومون الآخرين باستمرار على وضعهم ولا يبذلون الجهد اللازم لتغییر حیاتهم أوتطورها. «... یفکر أحیانا أنه قلیل الحظ منذ مولده ... لو أنه ولد قبل خمسین عاما لتغیرت حیاته تماما ... لو أن الثورة فشلت ... لو أن الملک فاروق أسرع بالقبض علی الضباط الأحرار ... لما قامت الثورة ولعاش زکي حیاته الحقیقیة الجدیرة به ... وسیتولی الوزارة ... .» (الاسواني، 2002م: 256) وعبر لسان بطل الرواية یتهجم على المجتمع المصري الذي یدعي التدین والسلوک الدیني وفیه جامع الأزهر وکثیر من رجال الدین ورغم هذا کله یعاني البلد من الفساد والارتشاء وانتهاک حقوق الناس، فأي الذنوب أکبر من هذه الامور؟ وهذا یعني أن الجهات المعنیة والدینیة لم تقم بواجباتها. «... إنه لیس متدینا ولا یصلي ولا یصوم صحیح ... لکنه طیلة حیاته لم یؤذ أحدا، لم یغش ولم یسرق ولم یستول علی حقوق الآخرین ... باستثناء الخمر والنساء! ولا یعتقد إنه ارتکب ذنوبا بالمعنی الحقیقي ... .» (نفسه: 158) نظریة الواقعیة من النقاط المهمة في تكوين مدرسة أدبية كيفية دخول هذا المصطلح إلى عالم الأدب وما هي الشروط التي تم توفيرها لهذا الوجود. فالواقعية هي إحدى المدارس التي كانت موجودة في عالم الفن قبل أن تصبح مصطلحًا أدبيًا. على ما يبدو، تم استخدام "الواقعية" لأول مرة عام (1835م)، كوصفة جمالية لتمييز "الواقع البشري" في لوحات رامبرانت [فنان هولندي في القرن السابع عشر] من "الخيال الشعري" للرسامين الكلاسيكيين الجدد، ثم وبعد تأسيس مجلة تسمى الواقعية عام (1856م)، أصبحت مصطلحًا أدبيًا. (پاینده، 1399ش: 13) وکان في هذه الفترة، أصبحت الواقعیة في الأدب منهجا علمیا یهتمّ به الآخرون وخاصة الکتّاب العظام. ظهرت الواقعية كنهج أدبي في منتصف القرن التاسع عشر احتجاجًا على المدرسة الرومانسية في فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة. وتمّ تأسیس هذه المدرسة الأدبية بأیدي بالزاك في فرنسا، وجورج إليوت في إنجلترا، وويليام دين هاولز في أمريكا بأعمالهم الأدبیة. (داد، 1378ش: 257) الواقعية هي رؤية حقائق الحياة ووصفها واختيار الأبطال للأعمال الأدبیة، وبمعنى آخر، البحث في القضايا الحيوية التي تتواجد وراء المظاهر كما أن مهمة الكاتب الواقعي وأتباع الأسلوب الواقعي هي فصل هذه الحقائق عن الخيال. (الیوت، 1375ش: 279) تعتبر رواية عمارة يعقوبيان عملاً واقعياً حسب مجريات أحداثها، وعلى الرغم من أن مهمة هذه المدرسة الأدبية هي انعكاس الحقائق، إلا أن فکر المؤلف وميله يؤثران تلقائیا فیها، ونموذج بارز علی هذا المدعی هو انتقاد زكي الدسوقي الصريح والقاسي لجمال عبد الناصر الذي يعتبره حرفیا مسؤولاً عن تخلف المجتمع المصري والفقر والقنوط فیه. «... عبدالناصر أسوأ حاکم في تاریخ مصر کله ... ضیع البلد وجاب لنا الهزیمة والفقر... علّم المصریین الجبن والانتهازیة والنفاق... .» (الاسواني، 2002م: 229) ویسمّی دعاة عبدالناصر وتابعیه جاهلین أومستغلین: «اللي یحب عبدالناصر إما جاهل أومستفید ... .» (نفسه: 229) صحيح أن الروائي يعبر عن الواقع القائم للمجتمع، ولكنه يدخل عن وعي او غير وعي وجهة نظره السلبية بالنسبة للرئیس جمال عبدالناصر وعلی سبیل المثال لم یذکر تأمیم قناة السويس الذي یعتبر من اهم منجزات عبدالناصر وکان هذا الامر ذو أهمیة بالغة للمواطن المصري وإذا کان الرئیس عبدالناصر بهذا السوء فکیف تمكن من حشد حوالي خمسة ملایین مصري في مراسیم تشییع جثمانه الذي تمّ تسجیله کأكبر مشاركة جماهيرية في تشييع جنازة في التاريخ، في ذلك الوقت. أتباع مدرسة الواقعية يعرضون الجوانب المألوفة والعادية للحياة و هدفهم هو البحث عن المیزات الحقيقية لكل شيء والتعبير عنها وعن العلاقات الداخلية بين ظاهرة أو ظواهر أخرى. (میرصادقی، 1377ش:285) في الواقع، إن القصص الواقعية ولو في أشكاله أکثر تقليديا، لیست انعكاسًا للواقعیة بل أثر الواقع الخارجي ببال الكاتب والروائي وإبداعه على الحقائق یؤدّي إلی خلق الظاهرة الفنية والعمل الأدبي. «إن أساس الواقعية هو التحليل الاجتماعي ودراسة الحياة البشرية وتجسيد العلاقات الاجتماعية وبالأحری العلاقة بين الفرد والمجتمع.» (ساچکوف، 1362ش :20) في الحقیقة دخلت الواقعية مجال الأدب والفن عندما أدرك الناس ضرورة التعرف على القوى المؤثرة في عملیة العوامل الاجتماعية و تُعدّ ضرورية لکل شخص. (رافائل، 1357ش: 12) يأخذ الأدیب الواقعي موضوعه من المجتمع ويكون متفرجًا عند إنتاج عمله ولا يضيف أفكاره وآرائه الشخصیة إلیه ولكنه في الوقت نفسه، يحاول أن يجعل القارئ يشعر المشاعر الحقیقیة الموجودة فیه وطبعا یتم الترکیز کثیرا في هذه المدرسة الأدبیة علی أن المؤلف مجرد ناقل للواقع ولكنها يتم التعبير بلغة الإنسان وبالطبع کل شخص یستنبط الواقع بطریقته الخاصة ولهذا السبب إن اتجاه الأدیب له أثر فیه. على سبيل المثال، تشارلز ديكنز الرجل الذي نشأ في الطبقات الدنيا من المجتمع البريطاني ولکنه کان متفاعلا وراجیا للمستقبل، فيصور تلک الطبقات بلغة فكاهية في أعماله ويعتقد أن القلب النقي سيقلل من الآلام العمیقة والمعاناة، وعلی شخصياته أن لن تفقد آمالهم حتى في أصعب الظروف. (مقدادی، 1378ش: 256) ويشير الأسواني إلى قنوط الشباب من مستقبل البلاد ورغبتهم بالهجرة إلى الخارج كمشكلة أخرى أمام جيل الشباب، ويعتبرها من نتاج الديكتاتورية الحاكمة للمجتمع. الفکرة التي عشعشت في عقول معظم الشباب في دول العالم الثالث، وجعلتهم يعتقدون ان کل مكان غیر بلادهم أفضل لهم، وهي فكرة خطيرة توقف نمو البلاد وتقود الى انحدارها. یحکی الدسوقي مع بثینة: «أنتِ لسه کارهة البلد ...؟! أنا مش قادر أفهم الجیل بتاعکم أبدا ... علی أیامي حب الوطن کان زي الدین ... شباب کثیر ماتوا في الکفاح ضد الإنجلیز ... قالت بثینة: هل هم خرجوا؟... یعنی البلد انصلح؟... السبب في تدهور البلد انعدام الدیمقراطیة ... أخو صاحبتي سافر هولندا وتزوج هناک ... بیقول ما فیش ظلم في بلاد بره ولا افترا زي عندنا ... .» (الاسواني، 2002م: 282) أهم ميزات الأعمال الواقعية هي أنها تعرّف الإنسان ككائن اجتماعي ويبحث في المجتمع البشري عن جذور و أسباب كل معاملاته الحسنة أوالسيئة. و عموما يتم اختيار الشخصیات الرئیسیة الروايات الواقعية من الطبقة الوسطى، الذين يمثلونهم في التفكير. زكي الدسوقي شخص عالق بين التغريب والوطنية وبالرغم أنه كان يستطيع أن يعيش عیشة مريحة في فرنسا، إلا أنه عاد إلى مصر ویعشق الوطن مع مشاکله ومتاعبه ویری عمارة یعقوبیان رمزا لمصر ویحبها کحبه لبلده: «عارفة یا بثینة ... أنا باحس أن عمارة یعقوبیان ملکي ... حاسس أن عمري من عمرها، یوم ما تنهدّ العمارة دي أو یجري لها حاجة أنا ها أموت في نفس الیوم.» (نفسه: 232) الشکل الشائع للقصص الواقعية هي الروايات والقصص القصيرة، لكن الرواية، باعتبارها أهم شكل أدبي في العالم المعاصر، وتکون منصة جيدة لخلق العديد من الروائع الأدبية. وحسب ما ذکرناه لبیان الواقعیة کمدرسة أدبیة فتعتبر "عمارة یعقوبیان" روایة واقعیة لأنها تصور لنا عمارة مع سکان یمثل کل واحد منهم شریحة من المجتمع المصري ویتطرق الروائي من نظرتهم إلی المشاکل الموجودة من الفقر والارتشاء واستغلال السلطة من قبل الحکومة والمثلیة والمسافة البعیدة بین الأثریاء والبشوات وبین عامة الناس. الواقعیة في رواية عمارة يعقوبيان من خلال نسبة القصة إلى مكان حقيقي ووصفه كما هو في الواقع، وحقيقة أن اسم إحدى الشخصيات الرئيسية في الرواية يشبه اسم أحد المقيمين الحقيقيين فيها، يخلق انطباعًا لدى القارئ بأن الأحداث المنسوبة إلى الشخصيات كانت أحداثًا حقيقية وواقعية، خلق المؤلف شخصياته الخيالية بناءً على تصميم شخصيات حقيقية بحيث يكون لدى القارئ انطباع بأنها حقيقية بالفعل. وكان الأسواني ناجحًا جدًا في هذا الاتجاه، ولعبت شخصيات الرواية دور الحياة الحقيقية للناس بشكل جميل للغاية بدا معه وكأنهم كانوا يعيشون في العالم الحقيقي وفي تلک العمارة وبالفعل. وبالمزج الماهر بين الخيال والواقع حاول المؤلف أن یظهر أن هذه القصة واحداثها الوهمية حدثت في العالم الحقيقي. إن الشخصيات الخيالية في الرواية وخاصة شخصية زكي الدسوقي قريبة جدًا من سمات شرائح المجتمع الحقيقية، وهذا الأمر یخلق الواقعية ویخلق إحساس بالهوية الذاتیة والتعاطف بين القارئ وشخصيات الرواية. وبالنسبة لرواية الأسواني، أصبح هذا الشعور قوياً للغاية بين القراء الى درجة دفعته الى الاشارة في مقدمة الطبعة الجديدة من كتابه إلى أن الأسماء الموجودة في الروایة باستثناء اسم المبنى خيالية! ولکن الدراسة بین شخصیتي زکي رستم وزکي الدسوقي تظهر نقاط تشابه وتطابق جدیرة بالعنایة. فهناک نذکر وجوه التشابه و الاختلاف بین الشخصیة الروائیة "زکي الدسوقي" والفنان الکبیر "زکي رستم" لدراسة درجة التأثر في العمل الأدبي على أساس نظرية التقلید والتمثیل. زکي الدسوقي وزکي رستم (التشابهات والاختلافات) التشابهات کلاهما یسمّی "زکي". كلاهما من عائلات معروفة وثرية في القاهرة. (الدسوقي من کبار الأثریاء قبل الثورة- رستم من عائلة إرستقراطیة) أبواکلیهما من السیاسین البارزین. ( كان زكي الدسوقي الإبن الأصغر لعبد العال باشا دسوقي زعيم الوفد الشهير الذي کان وزیرا للحکومة عصر ملک الفاروق للدورات المختلفة -کان والد الفنان زكي هو محرم بك رستم سياسياً بارزاً وكان عضوا مهما في الحزب الوطني.) امتلک أبواهما الأراضي الکثیرة. (والد زکي الدسوقي یمتلک أکثر من خمسة آلاف فدان من الأراضي الزراعیة المرغوبة- والد زکي رستم كان من كبار ملاك الأراضي الزراعية.) لمیواصلا مسیرة والدیهما في السیاسة والحکومة. (بعد الثورة 1952م، تمّ القبض علی والد زکي الدسوقي وقدموه إلی المحکمة رغم أن التهمة بالفساد لم تثبت علی القاضي، ولکنه أصبح سببا لتجنب زکي عن السیاسة- توفي والد زکي رستم وهو شاب وبعد ذلک خالف مع سنن العائلة وتوجه نحو هوایته وهي الفن والتمثیل.) کلاهما من أقدم سکان عمارة یعقوبیان. (کان زکي الدسوقي واحدا من السکان القدیمة لعمارة یعقوبیان وهو بالنسبة لسکان شارع سلیمان باشا شخصیة فلکولوریة- کان الفنان البارز والشهیر زکي رستم یعیش بمفرده مع کلبه في شقة فیها حوالي ثلاثین عاما.) کان لهما خادمان یخدمانهما. (کان لزکي الدسوقي خادما إسمه آبسخرون الذی یخدمه أکثر من عشرین سنة- لم یکن مع زکي رستم سوی خادمه العجوز الذي قضی أکثر من ثلاثین عاما في خدمته.) افتقدا الکثیر من ثرواتهما بعد الثورة. (الحکومة أخذت من والد زکي الدسوقي معظم أراضیه ووزعتها علی الفلاحین- هذا الفنان کان ثریا وادّعت ابنة شقیقته لیلی رستم: «كان زكي رستم إنسانًا غير عادي، فنانًا بمعنى الكلمة، لكن الرئيس عبدالناصر أخذ نصف ثروته بعد وفاته وبعدها تخلّى زكي عن النصف الآخر للفن.») استخدم الروائي اسم "زكي بك" لزكي الدسوقي - في الأوساط الفنية كان يطلق علی زکي رستم "زكي بك". اختلافات لم یکن یسکن زکي الدسوقي في عمارة یعقوبیان، بل له مکتب افتتحها والده من زمان وتحول إلی مکان یقضي فیه وقت فراغه ویلقی أصدقاءه وعشیقاته. ولکن زکي رستم قد عاش في العمارة ثلاثین عاما وکان واحدا من أسباب شهرتها. کان زکي الدسوقي یقضي أیاما باللهو واللعب دون أي عمل. ولکن زکي رستم کان فنانا بارزا ویتجسد في أدواره وعُرف باسم "رائد مدرسة الاندماج"، کأنه یستغرق في أدواره و یتحول إلی شخص جدید. زکي الدسوقي لم یتزوج بسبب اهتمامه للعشیقات والخمر والأصدقاء والترفیه. ولکن زکي رستم قرر أن لا یتزوج طیلة حیاته بعدما انتحرت حبيبته خوفًا من رفض أسرتها زواجها منه و بقي في حياته أعزب. زکي الدسوقي کان إنسانا اجتماعیا و یمشي مسافة بین بیته ومکتبه في عمارة یعقوبیان التي لاتتعدی مئة متر یقطعها في ساعة ویحکي مع الناس کأصحاب المحلات والمارین. ولکن الفنان زکي رستم لم یکن من الشخصیات التی یطلق علیها اجتماعیة ویحب العزلة وبعد کل مشروع سینمائي وکل تصویر تنقطع علاقاته مع زملاءه، حیث کان لا یحب الخروج أو السهر حتی أنه کان یعیش بمفرده في شقته. النتیجة کلمة mimesis یونانیة وبمعنی التقلید والتخییل وایضا تمّت ترجمتها إلی المحاکاة واستخدم أفلاطون كلمة التقليد لأول مرة في كتاب الجمهور أي تقليد الفنان وخاصة الشاعرللطبيعة في إبداع عمله واعتقد أرسطو أن الواجب الرئيسي للتقليد هو إظهار الشؤون العامة والعالمیة. فالمحاکاة أوجدت الترابط بین علم الاجتماع والأدب وبمعنی آخر إنها تقلید لمظاهر الطبیعة والحیاة لما فیها مع نکهة الابداع. إن المحاکاة عموما تبني علی فکرة المماثلة بین العمل الفني والحقیقة وکل فنان یستخدمها في فنه. فعلی سبیل المثال إن الشاعر عندما یصف شخصا أو شیئا أو مشهدا یقوم بعملیة المحاکاة وأدواته هي الکلمة والوزن واللحن؛ أو الروائي عندما یکتب روایة عما یشبه الواقعیة فیقوم بالمحاکاة ایضا، کما فعل علاء الأسواني في روایة "عمارة یعقوبیان" ویستلهم الحقیقة الموجودة في سرده لخلق أحد أبطاله وهو "زکي الدسوقي" من شخصیة الفنان الکبیر "زکي رستم" وقطف قطفات من حیاته وامتزجها مع شخصیته الروائیة وصرح آراءه ومعارضته لسیاسات الحکومة عبر لغة الشخصیة الخیالیة ومن هذا المنظر یمکن دراسته من ناحیة النقد الخيالي أو المحاکاتي وهو دراسة العمل الفني والأدبي بالمقارنة مع العالم الحقيقي وهذا الأسلوب في النقد أصبحت جوهرة النظرية الجديدة للواقعية الأدبية. فالواقعية هي رؤية حقائق الحياة ووصفها واختيار الأبطال للأعمال الأدبیة، وبمعنى آخر، البحث في القضايا الحيوية التي تتواجد وراء المظاهر كما أن مهمة الكاتب الواقعي وأتباع الأسلوب الواقعي هي فصل هذه الحقائق عن الخيال. يأخذ الأدیب الواقعي موضوعه من المجتمع ويكون متفرجًا عند إنتاج عمله ولا يضيف أفكاره وآرائه الشخصیة إلیه ولكنه في الوقت نفسه، يحاول أن يجعل القارئ يشعر المشاعر الحقیقیة الموجودة فیه وطبعا یتم الترکیز کثیرا في هذه المدرسة الأدبیة علی أن المؤلف مجرد ناقل للواقع ولكنها يتم التعبير بلغة الإنسان وبالطبع کل شخص یستنبط الواقع بطریقته الخاصة. الشکل الشائع للقصص الواقعية هي الروايات والقصص القصيرة، لكن الرواية، باعتبارها أهم شكل أدبي في العالم المعاصر، وتکون منصة جيدة لخلق العديد من الروائع الأدبية. وحسب ما ذکرناه لبیان الواقعیة کمدرسة أدبیة، فتعتبر "عمارة یعقوبیان" روایة واقعیة لأنها تصور لنا عمارة مع سکان یمثل کل واحد منهم شریحة من المجتمع المصري ویتطرق الروائي من نظرتهم إلی المشاکل الموجودة من الفقر والارتشاء واستغلال السلطة من قبل الحکومة والممثلیة والمسافة البعیدة بین الأثریاء والبشوات وبین عامة الناس. تتشابه الشخصية الخيالية "زكي الدسوقي" أحد الشخصيات الرئیسیة في الرواية، مع الشخصية الحقيقية "زكي رستم" الفنان الشهیر الفقید الذي عاش في عمارة يعقوبيان منذ سنوات عدیدة منها: الإسم والعائلة الارستقراطیة وابن البشوات وامتلاک الأراضي الزراعیة وتفقد الثروة وعدم الزواج وتواجد الخادم و...؛ ويبدو أن اختيار الاسم بسبب التشابه بين الشخصيتين الحقيقي والروائي لیس صدفة، وقد استخدم الروائي شهرة زكي رستم للتأثير في الرواية إضافة إلى اسم الرواية. | ||
مراجع | ||
مدرسی، فاطمه. (1395ش). فرهنگ توصیفی نقد و نظریههای ادبی. تهران: پژوهشگاه علوم انسانی.
فضیلت، محمود. (1390ش). اصول و طبقهبندی نقد ادبی. تهران: زوار.
الیوت، تی. اس. (1375ش). برگزیده آثار در زمینه نقد ادبی. ترجمه محمد دامادی. تهران: انتشارات علمی.
پاینده، حسین. (1399ش). نظریه رمان (از رئالیسم تا پسامدرنیسم). تهران: نیلوفر.
داد، سیما. (1378ش). فرهنگ اصطلاحات ادبی، واژه نامه مفاهیم و اصطلاحات فارسی و اروپایی به شیوه تطبیقی و توضیحی. تهران: مروارید.
رافائل، مارکس. (1357ش). نگاهی به تاریخ ادبیات جهان (تاریخ رئالیسم). ترجمه محمد تقی فرامرزی. تهران: شباهنگ.
ساچکوف، بوریس. (1362ش). تاریخ رئالیسم. ترجمه فرامرزی. تهران: نشر.
میرصادقی، جمال. (1377ش). واژه نامه داستان نویسی. تهران: کتاب مهناز.
مقدادی، بهرام. (1378ش). فرهنگ اصطلاحات نقد ادبی از افلاطون تا عصر حاضر. تهران: فکر روز.
الاسوانی، علاء. (2002م). عمارة یعقوبیان. قاهرة: مکتبة مدبولي.
المقالات العلمیة
الحفناوي، أماني حافظ. (2021م). «هویة المکان في روايتي "عمارة یعقوبیان" لعلاء الأسواني و"لاسکالا" لنور عبدالمجید دراسة مقارنة». المجلة الدوریات المصریة. العدد 29. 331-370.
گنجیانخناری، علی و جمشیدیان، رضوان. (1392ش). «نقد جامعه شناسی عمارت یعقوبیان نوشته علاء الأسوانی». نقد ادب عربی. دوره 4. شماره 7. 58-75.
منتظری، آزاده و خاقانی، محمد. (1391ش). «النقد الاجتماعی للأدب نشأته و تطوره». إضاءات نقدیة. السنة الثانية. العدد6. 151-172.
بازرگانی، ابراهیم. (1394ش). «صوت انگاری معرفت و تاثیر آن در نظریه محاکات». خردنامه صدرا. شماره 82. 61-74.
هدارة، محمدمصطفی. (1377ش). «نظریة المحاکاة بین السرقة و الفن». المجلة. العدد 17. 120-124.
المواقع الإلکترونیة
بوظو، عماد. (2021م). «قصة أدیب عالمي محارب في بلده». الحرة. 11 اغسطس.
https://www.alhurra.com/different-angle/2021/08/11
محبوب، ایمان. (2022م). «ذکری میلاد زکي رستم "شریر السینما"». صوت الأمة. 5 مارس.
http//www.Soutalomma.com
عزالدین، محمد. (2022م). «زکي رستم أشهر عازب في السینما المصریة». الوطن.5 مارس.
https://www.elwatannews.com/news/details/5979328
دوارة، عمرو. (2019م). «زكي رستم، راهب الفن». مجلة مسرحنا. العدد 631. 30 سبتمبر 2019م.
www.gocp.gov.eg/masr7na/articles.aspx?ArticleID=22414
یوسف، هبةالله. (2020م). «راهب الفن زكي رستم عبقرية ممثل (الأخيرة)». الجریدة. 29 آوریل 2020.
.aljarida.com/articles/1588077894977353900
مصطفی، نورهان. (2017م). «قصة ضياع ثروة زكي رستم». المصري الیوم. 30 مارس 2017م.
https://lite.almasryalyoum.com/extra/138512
عوني، رشا. (2021م). «لم يمش في جنازته أحد. أسرار في حياة "زكي رستم"». البلد. 15 فبرایر 2021م.
www.elbalad.news/4700756
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,047 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 100 |