تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 9,997 |
تعداد مقالات | 83,560 |
تعداد مشاهده مقاله | 77,801,305 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 54,843,926 |
دراسة مكونات التقليد والحداثة في رواية "مرايا ذات أبواب" | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 3، دوره 13، شماره 50، شهریور 2023، صفحه 59-78 اصل مقاله (617.93 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
مهتاب توکلی1؛ بهرام پروین* 2 | ||
1طالبة مرحلة الدكتوراه في اللغة الفارسية وآدابها، فرع طهران شمال، جامعة آزاد الإسلامية، طهران، إيران | ||
2أستاذ مساعد في اللغة الفارسية وآدابها، فرع طهران شمال، جامعة آزاد الإسلامية، طهران، إيران | ||
چکیده | ||
استقطبت التيارات الحداثية في إيران اهتمام المنظرين ليس فقط في مجال العلم والمعرفة بل أيضا في الأدب وتأتى ذلك بسبب جهودهم في التعرّف على أسباب تخلّف إيران وإيجاد الحلول المناسبة للخروج من هذا الوضع. وفي هذا المجال يمكن ملاحظة ثلاثة مواقف حول الحداثة في الأدب: فريق يرى أن الحداثة غربية تماما ولا جدوی منها، وفريق آخر يعتبرها مقبولة نظرا لأصولها الغربية، وفريق ثالث يحافظ على التوازن بين التقليد والحداثة. ويعتبر هوشنك كلشيري الذي يتمتع بمعرفة كبيرة في مجال الأدب وتاريخ إيران القديم، أحد ممثلي الجماعة الأخيرة. يهدف هذا البحث أن يبين كيف قام كلشيري، باعتباره كاتبا حداثيا وتقليديا في نفس الوقت، بالجمع بين أساليب السرد الحديثة والقديمة دون المساس ببنية الرواية وقد أعطى أهمية خاصة لمكانة العناصر التقليدية في الأدب المعاصر. تم استخدام المنهج المكتبي في البحث حيث قمنا بتحليل وصفي لعناصر التقليد والحداثة في رواية "مرايا ذات أبواب". أظهرت نتائج الدراسة أن استخدام السرد في النصوص الكلاسيكية، البراغماتية والقصة القصيرة التمثيلية وتوظيف اللغة كجانب تقليدي، هي بعض طرق السرد القديمة في قصص كلشيري، ومحاولة الجمع بين مكونات التقليد والحداثة تظهر اهتمامه الخاص بمكانة التراث في الأدب. | ||
کلیدواژهها | ||
التقليد؛ الحداثة؛ الكتابة الروائية الحديثة؛ كلشيري؛ مرايا ذات أبواب | ||
اصل مقاله | ||
في عهد ناصر الدين شاه وإصلاحات أميركبير، ظهرت الحاجة إلى أساليب جديدة في الحكم والتشريع بشكل واضح وتسبب ذلك في كتابة العديد من رسائل الإصلاح وحاول الجميع المساعدة في إصلاح المجتمع والحكم. وكانت التيارات التجديدية تحاول التعرف على أسباب تخلف إيران وإيجاد حلول لتحسينها، واعتبر هؤلاء التحديث السياسي والاجتماعي كحل للقضايا ذات الصلة. وفي ساحة الأدب كان ثمة جماعة مؤيدون للتجديد وظهر هناك منظرون في هذا المجال. وكان المثقفون القوميون والدستوريون هم المنظرين الأوائل في مجال الأدب بل إن بعضهم أبدعوا أعمالا أدبية حديثة. وخلال هذه الفترة، كانت قاعدة التحديث الأدبي تتوسع، وشيئا فشيئا حاول بعض أتباعه تقديم الحداثة مستعينا بالخلفية القديمة للأدب الفارسي دون المساس بالتراث معتقدين أنه من الممكن المضي قدما نحو الحداثة دون تحطيم التقاليد. ومن ناحية أخرى، كان بعض الحداثيين يعتقدون أن التجديد الأصيل لايحدث إلا من خلال إبادة التقاليد. اعتبر العديد من مفكري الجيل الأول من المجددين الإيرانيين أن مناهضة التقليدية شرط ضروري للحداثة وبشكل عام، التحديث هو نوع من المعرفة الذاتية النقدية. كانت مناقشة التقليد والحداثة خلال الفترة الدستورية وحتى بعد مرور 50 عاما عليها إحدى الموضوعات الرئيسية للمجلات الرائدة خاصة في مجال الأدب. وفي هذا السياق، كان هناك الكثير من الجدل بين أهل الثقافة؛ لقد وجد نيما يوشيج، وهو حداثي لا يمكن الاستغناء عنه في الشعر الفارسي، طريقة لتعريف "القدماء" باعتباره أساسا وجذرا للثقافة والفن. كان نيما يعتقد أن الفنان يجب أن يحدد التقاليد بشكل صحيح وأن يعتبرها مواد أولية للبناء ويخلق عملا جديدا من خلال تشكيلها بطريقة جديدة، ويرى أن الحداثة جاءت لتشكيل هذه المواد بطريقة جديدة. وفي ساحة الشعر، حاول البعض البحث عن عناصر الحداثة في ماضي الأدب الفارسي؛ فنرى "مهدي اخوان ثالث" في دراسته للحداثة و التجديد عند نیما، توصل إلى أن أسلوب نيما هو نوع من الاستمرار المنطقي للشعر الفارسي واستطاع ثالث تبرير بعض إبداعات نيما واحتجاجات التقليديين على شعره. وفي مجال الرواية، بحث كلشيري عن عناصر الحداثة في قلب التقاليد وكان يرى أن جذور العديد من أعمالنا المعاصرة يمكن العثور عليها في أعمال الماضين. وعليه، لقد استخدم كلشيري في رواية "شنق الفارس الميت الذي سيأتي" لغة البيهقي (كاتب ومؤرخ إيراني قديم) وسياقه السردي ومن خلال دمجهما مع عناصر جديدة، ابتكر عملا إبداعيا. الرواية هي نوع أدبي ممزوجة بالخصائص الفلسفية والثقافية والسياسية والاقتصادية الغربية وقد تمت مناقشتها في الغرب. والروائيون في دول مثل إيران يستخدمون هذا الأسلوب الأدبي لأنه ليس لديهم خيار سوى تقليد الغرب والأدب الغربي. اما كلشيري، من خلال دراسة أعمال المنظرين الغربيين والبحث في الأدب الفارسي وتاريخ اللغة الفارسية، فتوصل إلى أن النظرة المعتادة للرواية والتي تعتبرها جانبا غربيا فقط، غير صحيحة. فهو يرى أن الرواية جزء من التراث الإنساني وليس التراث الغربي، ولهذا السبب يعتقد أن أفضل رواية في العالم يمكن كتابتها في إيران بعد دراسة أعمال "نظامي كنجوي". ويرى كلشيري أنه بدلا من تقليد الواقعية السحرية أو الواقعية الاشتراكية والاقتباس من المؤلفين الأجانب مثل رولان، يجب على الكُتاب العودة إلى مصادرهم الأدبية ودمجها مع الإنجازات العالمية لكتابة الرواية. يحاول كلشيري ربط الموارد الثقافية والأدبية الغنية في إيران بقصص اليوم من خلال إيجاد مواقف جمالية وأساليب رائعة للتعبير عن الرؤى الباطنية التي لا معنى لها في الحياة اليومية، فيحولها إلى معنى حي لا نهائي. كتبت رواية "مرايا ذات أبواب" في سبعينيات القرن الرابع عشر الهجري الشمسي، عندما كان كلشيري في ذروة الكتابة الروائية والتنظير. إنها قصة عودة إبراهيم إلى أوروبا؛ في هذه الرواية يحاول كلشيري التعبير عن رأيه حول ثقافة إيران المستقرة واللغة الفارسية والتقاليد والحداثة من خلال استخدام أساليب السرد القصصي الكلاسيكية والحديثة بذكاء. ولهذا فإن الرواية تحتوي على كافة الرموز والأمثلة التي تمثل نظريات كلشيري في هذه المجالات. ووفقا للتفسيرات المذكورة أعلاه، يعتبر كلشيري أحد ممثلي المجموعة الثالثة في عصر التجديد، وهي الفترة التي تمكنت من تحقيق التوازن بين التقليد والحداثة. وبالنظر إلى أن كلشيري حاول توظيف بعض التقاليد في أعماله الأدبية إلى جانب العناصر الحديثة دون الإخلال ببنية الروايات، فقد تمت دراسة رواية "مرايا ذات أبواب" بهدف تحديد مكانته في الكتابة الروائية وتسليط الضوء على دوره في إحياء هذه التقاليد.
أسئلة البحث
فرضيات البحث
خلفية البحث تم تاليف الكثير من الأبحاث العلمية والأكاديمية حول أعمال هوشنك كلشيري وتعد رواية "مرايا ذات أبواب" من أشهر الروايات التي كتبها وموضوعها رحلة بطل الرواية إبراهيم إلى أوروبا. وفيما يلي نذكر بعض الأبحاث التي أجريت حول هذه الرواية وأعمال أخرى لكلشيري:
كما رأينا فقد أجريت أبحاث مختلفة حول رواية "مرايا ذات أبواب" و تمت الإشارة في بعض هذه الدراسات إلى ميل كلشيري نحو التقاليد. وبما أن المناقشة المتعلقة بالحداثة أمر مهم جدا ولها جمهورها الخاص، وأيضا بسبب قدرة كلشيري ككاتب مشهور في تاريخ إيران وضرورة معرفة رأيه وتفكيره في قضايا الحداثة، لذلك كله تظهر أهمية دراسة مكونات التقليدية والحداثة في رواية "مرايا ذات أبواب" ويسوف يتم تحليلها بشكل تفصيلي. التقليد والحداثة التقليد مصطلح "التقليد" (tradition) ذات أصل لاتيني تعني "النقل" يقصد بها نقل القيم والمعتقدات والأنشطة من جيل إلى الأجيال التالية. تحدث هذه العملية في الغالب بشكل النقل أبا عن جد وتتضمن الآراء والأذواق والأنشطة. (انظر: غولد، 1376ش: 518؛ جهانبكلو، 1387ش: 206) إن مصطلح "التقليد" كما يستخدمها التقليديون تشمل دلالتين: الأولى، بمعنى الأمر المقدس الذي نزل على الإنسان من خلال الوحي الإلهي والكشف. (الصالحي، 2006: 28) أما الدلالة الثانية للتقليد، فهي تعني تطور وتوسيع مفهوم تلك الرسالة المقدسة خلال تاريخ الحياة الاجتماعية الإنسانية. وبهذا المعنى فإن التقليد هي الحقائق التي تتجلى وتعطى تفسيرا رسميا من خلال الوحي الإلهي في صورة أساطير وطقوس ورموز وتعاليم وأيقونات وغيرها من مظاهر مختلف الحضارات البدائية والدينية. وبهذا المعنى، فإن التقليد ليس ثابتا وليس بلا وجه، واذا كان يمتلك وجها فلم يعد مظهرا للحقائق المطلقة بل إنه ناقل للحقائق الجزئية والنسبية. (الدمدو، 1389ش: 153) التيار التقليدي في الأدب يُعرف الاتجاه التقليدي في الأدب باسم "مدرسة العودة". أما العوامل التي ساهمت في ظهور مدرسة العودة فهي: - نهب مكتبة أصفهان بسبب هجوم الأفغان مما أدى إلى عثور الناس على بعض الكتب واتصالهم بأدب الماضي. - رجال البلاط القاجاري الذين اعتبروا انفسهم في طبقة الجبابرة مثل محمود الغزنوي وكانوا يتوقعون من الشعراء أن يقوموا بمدحهم. - ضعف المجتمع بسبب الهزيمة أمام الروس وأثر هذه الهزيمة على الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي. فهذا الوضع الفوضوي كان يتطلب مثل هذه الأدب.
مكونات التقليدية في الأدب تلعب عوامل مختلفة دورا في شيوع التقليدية في الأدب، أهمها: - استخدام إمكانيات السرد في النصوص الكلاسيكية. - استخدام القصص القصيرة التمثيلية. - الاتجاه الأسطوري. - استخدام اللغة للحفاظ على التقاليد. - استخدام اللغة الشعرية.
الحداثة تُعرف الحداثة أو التجديد بأنها وصف للإنسان الذي تَكوَّنَ خلال الخمسمائة عام الأخيرة. ويشمل هذا المفهوم التغيرات الاقتصادية والثقافية والدينية والجمالية والأخلاقية والسياسية، والتي ترتبط جميعها بالفردية وأصالة الشخص، وتشمل العقلانية والعلموية والتصوف في السياسة والتحرر من المبادئ الأساسية. وقد تمت دراسة هذه الظاهرة من قبل فلاسفة كبار مثل ديكارت وكانط ونيتشه وعلماء الاجتماع البارزين مثل دوركهايم وماركس وماكس فيبر. أما التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي حدثت بسبب الحداثة، فهي كما يلي: - في المجال الاجتماعي، تعد التغيرات والتحولات في النظام الطبقي والانقسام الاجتماعي أمثلة على إنجازات التحديث الاجتماعي. - في المجال السياسي، تجرى الدراسة حول تغيرات النظم القيمية والمعيارية التي تعتمد على السياسة والحكومة والدولة. - في مجال الاقتصاد هناك تغيرات في الهياكل الاقتصادية، والعلاقات الاقتصادية بين المواطنين، وظهور أنظمة اقتصادية جديدة وظهور دولة الرفاهية، والكارتلات والائتمانات الصناعية، والشركات المتعددة الجنسيات، والفوردية أو عصر الصناعات الحديثة، وهناك تغيرات في النمط المهني وتقسيم العمل. - في المجال الثقافي يمكن دراسة تغيرات في النظم الثقافية، تغيرات في مجال التربية والتعليم، تغيرات في مجال الدين والقيم والأعراف والأيديولوجية، تغيرات في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، تغيرات في المواقف تجاه قضايا المرأة، تغيرات في مجال الثقافة التشكيلية و الدرامية، كما يمكن دراسة التغير في المواقف تجاه القضايا الصحية، وإلخ.
الحداثة في إيران تُعد النزعة نحو التجديد والنقد الذاتي من سمات الحداثة في إيران. ولذلك فإن دخول إيران إلى العصر الحديث تزامن مع تاريخ وعي الإيرانيين وانتقادهم لثقافتهم. (فضلي، 1387ش: 12) كان السعي إلى إقامة حكومة دستورية الخطوة الأولى للحداثة في إيران. بعد ثورة الدستور، دخلت فكرة القانون والثورة الصناعية إلى البلاد. (آزاد ارمكي وبرستش، 1383ش: 74) بدأت الحداثة في إيران، مثل العديد من دول العالم الثالث، بالتحديث المقلّد وفشلت بسبب المشاكل التي نشأت. (قرباني، 1384ش: 45) المسألة المطروحة اليوم هي أن الحداثة ولدت من الثقافة الغربية ودخلت إلى بلدان وثقافات أخرى، وكانت إيران أيضا بين هذه البلدان. ولكن من خلال دراسة الأدب الإيراني الكلاسيكي ندرك أن جوانب كثيرة من الحداثة كانت موجودة في إيران قبل أن يحققها الغرب، لكن الظروف الزمنية والمشاكل التي حدثت لم تسمح لها بالتقدم. السعدي الشيرازي هو من بين أولئك الذين تظهر أعماله أنه كان مواكبا للحداثة. «الفردانية، والاعتدال بين الثروة والفقر، وعدم مواجهة الشهوة والرغبات الجسدية، والتعبير عن الوجود الفردي أو الذات والإيجاز في الكلام» هي من بين المبادئ التي تمت مناقشتها في كلستان سعدي. (انظر: عباس الميلاني، 1382ش: 87-80) ذروة جهود التجديد العفوية في إيران كانت في عهد الشاه عباس الكبير. لقد أراد أن يجعل من أصفهان رمزا لقوة إيران ومثالا للهيكلية والقوة اللتين كان يقصد بهما. لقد كان هو نفسه مصمم هذا الرمز وأظهر هدفه من القوة بشكل جيد للغاية. كما كان يقبل التمييز بين قوة السلطة الحاكمة وقوة العقيدة الدينية وسعى إلى الجمع بينهما. لقد أراد الشاه استخدام الدين كأداة قوية للوحدة الوطنية في إيران. كان ازدهار التجارة والثقافة والمدارس أيضا من بين الجوانب الأخرى التي تم تخطيطها لمدينة أصفهان. قادت أصفهان الشاه عباس نحو المستقبل اذ كانت لها جذور في الماضي.
مكونات الحداثة في الأدب تلعب عوامل مختلفة دورا في الاتجاه الحداثي للأدب، أهمها: - استخدام تقنيات الكتابة الروائية الجديدة -مناقشة الأفكار والفلسفات
تم في الجزء السابق تناول التقليد والحداثة ودراسة العوامل والمكونات المهمة لكل منهما. وفي الجزء التالي، ومع النظر إلى هذه العوامل، سيتم تحليل رواية "مرايا ذات أبواب".
تحليل رواية "مرايا ذات أبواب" رواية "مرايا ذات أبواب" كتبها كلشيري في أواخر الستينيات وذلك عصر كانت كتابة القصة والتنظير في ذروتها. تدور القصة حول رحلة بطل الرواية إبراهيم إلى أوروبا. تتشابه بنية القصة مع روايات الرحلات ويتوافق مع موضوع قصصها. يستخدم كلشيري أسلوب ضمير الغائب المحدود في السرد. الشخصية الرئيسية في القصة هي كاتب يسافر إلى أوروبا بدعوة من الإيرانيين في الخارج ويلتقي في باريس بحبيبته في سن مراهقة وهي "صنم بانو". وصنم هذه كانت قد تزوجت من شخص آخر في تلك السنوات وهي الآن منفصلة عن زوجها ولديها مكتبة في منزلها في باريس تسميها "بيت اللغة". تعتقد صنم أن باريس لاتزال المركز الفني للعالم وإذا أقام إبراهيم في بيت اللغة فيمكنه أن يصبح كاتبا عالميا لأنه من خلال بيت اللغة، يتم الحفاظ على ارتباطه بثقافته الأم. يريد إبراهيم العودة إلى إيران والالتقاء بزوجته "مينا" مرة أخرى لأن مينا تربطه بالحقائق الأرضية. وفي نهاية المطاف نتعرف على اسم إبراهيم في الدرج الحلزوني الذي ينتهي بغرفة "بيت اللغة". الأسماء المختارة بعناية لها معنى خاص وترتبط ارتباطا قويا ببنية القصة. يحاول الراوي التعبير عن التناقضات الثقافية بين إيران وأوروبا ويشير أيضا إلى معاناة كتاب القصة ومفهوم الوطن. إن اختيار اسم البطل وعنوان القصة يدل على ذكاء المؤلف الذي يظهر فيها بداية توجهه وارتباطه بالثقافة والأدب الفارسي الكلاسيكي. ومفردة المرآة، التي تتكرر في معظم أعمال كلشيري، هي رمز يعبر من ناحية عن هروب المؤلف من القيود الفكرية البحتة، ومن ناحية أخرى، فهي نافذة على أيديولوجيا وثقافة إيران القديميتين. فالمرآة رمز العين والرؤية وبالإضافة إلى هاتين الدلالتين، حملت في ما بعد مجموعة من مفاهيم المعرفة والإدراك و ذلك بعد ظهور الصوفية في الشعر الفارسي. تبدأ القصة في المطار، وهو مكان ذو أبعاد مهمة في ثقافتنا يرمز إلى النضج والكمال والمعرفة. يتناسب بناء القصة مع الرحلة وموضوعها. السرد غيرمنظم، وكما يقول كلشيري، تم استخدامه بشكل مقطّع في بناء القصة. استخدم المؤلف لغة الراوي لإظهار صحة البناء وخلفيته التاريخية، فهو يعطي أمثلة من حياته اليومية ودراساته، وكذلك من الممارسة الشائعة في الأدب الكلاسيكي وحتى النصوص الصوفية والدينية الفارسية. وبهذا الوصف تكون رواية "مرايا ذات أبواب" بمثابة ساحة يعرض فيها كلشيري آرائه وأفكاره حول التقليد والحداثة بأسلوب روائي، وفي ما يلي سيتم تناول عناصر التقليدية والحداثة في رواية "مرايا ذات أبواب" بالإضافة إلى توضيحات عامة حولها.
مكونات التقليدية في مرايا ذات أبواب توظيف السمات السردية في النصوص الكلاسيكية ومن بين كتاب القصة المعاصرين، يُعرف هوشنك كلشيري بأنه أحد الكتاب الذين يستخدمون أحدث تقنيات كتابة القصة العالمية في أعماله، وفي الوقت نفسه يحاول استخدام الإمكانيات والحيل السردية للنصوص الكلاسيكية للأدب الفارسي. (انظر: مير عابديني 1384ش: 285) في العديد من النصوص القديمة للأدب الفارسي، خاصة كليلة ودمنة ومثنوي معنوي، يتم استخدام أسلوب القصة داخل القصة أو قوسين بين قوسين. وفي "مرايا ذات أبواب " فإن رواية القصة مستوحاة بلا شك من استخدام أسلوب كتابة القصة داخل القصة وتجنب المغامرة التي يمكن رؤيتها في البنية العامة للرواية. يحاول كلشيري تجميع قطع مختلفة معا وتكوين صورة شاملة للعمل الفني وهو ما يسميه مرايا ذات أبواب. فمتزامنا مع وصف رحلة إبراهيم إلى الخارج، يروي كلشيري أيضا العديد من القصص أثناء الرحلة. يعود أحيانا إلى طفولة الراوي ويتحدث عن حبه في سن المراهقة. كما أنه يضعُ قصة مينا وطاهر ما بين القصة الرئيسية بشكل متقطع أو يتطرق إلى زوجة الراوي في طهران ويكتب عنها وعن أطفالها. بهذه الطريقة تخرج القصة من الوضع الخطي وتستمر بالطريقة القديمة للقصة داخل القصة.
استخدام القصص القصيرة التمثيلية الأدب الفارسي القديم مليء بالحكايات والرموز والأساطير وكل منها يُستخدم للتعبير عن غرض وهدف في قصص مختلفة. وفي مرايا ذات أبواب أيضا، عندما يواجه الراوي (إبراهيم) زواج حبيبته رغم أن الفتاة ليست راضية تماما عن هذا الزواج، فإنه يعتبر حفل الزفاف وفستان الزفاف تمثيلا لمراسم نحر الابل. ويقول: «يشتري دستجردان (الذي يرعى الجمل) ابلا فيعطيه تبنا ليتضلع باللحم، وإذا اعتاد عليه الابل زينه بالزهور والنباتات كما أنه يضع مرآة على جبهته و يكحل عينيه ويطوفون حوله بالطبول النقارة، ويأخذ من كل بيت شيئا حتى يوم العيد، فيأتي الجميع إلى ساحة الحي وينحرونه ويقطّعون لحمه.» ( كلشيري، 1371ش: 28) ويمكن الإشارة إلى أن هذا الجزء من رواية مرايا ذات أبواب، بالإضافة إلى طابعه الاستعاري يلعب دورا حاسما في فهم القصة وسبب تسمية كلشيري.
الاتجاه الأسطوري اهتم كلشيري بوصفه كاتبا دائما بالتقاليد فهو يستخدم أساطير وإشارات القصص الأسطورية كإمكانية دقيقة فنية لمزج مدلول التقاليد والأفكار الفلسفية للثقافة الإيرانية بالعالم الجديد. ويرى بعض النقاد أنه في عالم فقد أساطيره وانهارت مكانة الإنسان، خطى كلشيري خطوة نحو "خلق الأساطير" من خلال العودة إلى زوايا مختلفة من تقاليد وثقافة هذا الشعب وتاريخه، وقد نجح في مزج هذه الزوايا مع تجاربه الشخصية وأفكاره ومشاعره. ويبدو أنه من الممكن التعرف على هذا العالم الفوضوي وتنظيمه وتحمله بمساعدة خلق الأسطورة. (ميلاني 2007: 255) وفي قصة "مرايا ذات أبواب" نصادف بعض القصص الأسطورية، ومعرفتها تعطينا فهما أفضل للقصة وتظهر براعة كلشيري في الربط بين العالم الجديد والتقاليد القيمة. يذكر كلشيري اسم الشخصية الرئيسية في نهاية القصة. وعندما يتعرف الجمهور على اسم إبراهيم فإن الإشارات التي قدمها الكاتب في القصة ستكون منطقية بالنسبة له. وإبراهيم بطل القصة لها علاقة عميقة بالنبي إبراهيم (ع) أو بأسطورة إبراهيم. في المرة الأولى عندما شهد الشاب إبراهيم حفل زفاف صنم بانو تذكر مراسيم ذبح الابل في قرى كاشان. (كلشيري 1371ش: 28) وفي نهاية القصة تقول صنم بانو لإبراهيم: «ظننت أن سعيد قتلني، والآن أرى أنك قتلتني وقطّعت جسدي وأعطيت كل قطعة مني لشخص ما.» (كلشيري، المرجع نفسه: 108) وصعود المؤلف مع صنم بانو على الدرج الحلزوني لـ "بيت اللغة" فهو إشارة لصعود إبراهيم إلى جبل المذبح، وهنا يظهر اسم الشخصية الرئيسية وقد ورد ذكر إبراهيم لأول مرة في القصة. (كلشيري، المرجع نفسه: 103) اختار كلشيري اسم صنم بانو بعناية؛ صنم أو الوثن هي صفة تستخدم للحبيبة في الأدب الرومانسي والصوفي الإيراني. صنم لها نفس الدور التقليدي في هذه الرواية، فهي تتجلى في كونها معبودة و حبيبية. وكما قال الحافظ الشيرازي: شعرها الأسود يصدّ عن طريق الدين ووجهها الأبيض يضيء الطريق. (انظر: صالح حسيني، 81) صنم بانو هي الحب الأول لإبراهيم. (كلشيري، المرجع نفسه: 138) وفي نص الرواية يُسميها ضمنيا اللفاح أو روح الصنم. وهو نبات يلتصق بجسم الإنسان وقدميه ويتبعه طوال حياته. ومن منظور أسطوري، اللفاح هو أحد القصبين اللذين نما في الراوند(Rhubarb) البدائي، ومنه ولدت أساطير مشى ومشيانه (إنهما يعادلان آدم وحواء في أسطورة الخلق الإيرانية). كان إرث إبراهيم أن يتغزل بوجه توأمه الخيالي(یقصد صنم بانو). (انظر: نفيسي 1380: 155) وعندما يلتقي إبراهيم بصنم بانو، وهي سيدة انفصلت عن زوجها بعد سنوات طويلة في فرنسا، تعرض عليه بانو أن يتزوج منها ولكن لايقبل إبراهيم ويفضل أن يرى قطعا خيالية منها في هذه المرأة أو تلك ويتبعها في قصته. وهنا ينكشف مفهوم ذبح الإبل في كاشان وهذه الجملة من صنم: «و أعطيت كل قطعة مني لشخص ما.» وهناك رأي آخر هو أن الراوي أي إبراهيم لايستطيع أن يقيم علاقة زواج في العالم الغربي (تجسيد العالم المادي) ويجد هويته في الشرق. (انظر: صالح حسيني، 81) أما الضلع الثالث من هذا المثلث فهي مينا. مينا زوجة إبراهيم ولها أوجه تشابه مع صنم بانو، لكن مشاعر المؤلف تجاهها ليست منبعثة عن الحب. مينا هي رمز الصبر ومخففة عن آلام حياة كلشيري. ومن معاني مينا كأس الخمر التي تعتبر في الأدب الصوفي نفس جامِ جَم أي كأس العرافة. فمينا تطلع إبراهيم على حقائق الدنيا وترشده إليها كما تفعل كأس جمشيد في الأسطورة. (انظر: النفيسي، المرجع نفسه: 156) ومن الرموز المهمة التي استخدمها كلشيري في قصة "مرايا ذات أبواب"، يمكن الإشارة إلى رمز "المرآة" الذي استخدمه الكاتب بطريقة فنية للتعبير عن فكرته والاستمرار في سرد القصة. هذا الرمز مهم جدا لدرجة أن عنوان الكتاب يعتمد عليه. وكان للمرآة حضور كبير في الأساطير والتقاليد الإيرانية والثقافة الشعبية. وفي عالم الصوفية والتصوف الإسلامي، المرآة هي رمز لقلب الصوفي، الذي تنعكس فيه الحقائق. كلما كانت هذه المرآة أكثر شفافية وخالية من العيوب كلما أمكن رؤية المزيد من الحقائق فيها. وفي الشعر الصوفي وقصائد الحب الفارسية، ترتبط المرآة بإسكندر وماء الحياة وجام جام والميناء والكأس المينائية اللون، فباستخدام هذه المفردات تم إنشاء شبكة من من المفاهيم والدلالات. في رواية "مرايا ذات أبواب" تعتبر المرآة هي المحور الرئيسي للقصة وتظهر هناك عدة مرايا ذات أبواب. إن اختيار عنوان دقيق ومرتبط بالقصة، والذي يمكن أن يفك العقدة في الرواية، يدل على قدرة المؤلف. وأهم شيء عن المرآة جملة التي يقولها مينا: «عندما يغلق المرء مصراعيها، يسعده أن صورته لا تزال ثابة وراء هذه الأبواب.» وهذه الملاحظة تدل على أن صورة الإنسان تبقى خلف باب المرآة ويتم الحفاظ عليها. في هذه الرواية تعتبر المرآة رمزا لعقلية الشخصيات، والباب المكسور رمز لقسمٍ من الحياة قد أفسدتها الحكومة، وسلامة الباب رمز لطيب الحياة وحلاوتها فكلما فُتح باب المرآة، يري وجوده وشخصيته فيها. ومن منظور تراثي يمكن اعتبار المرآة على أنها وعاء أو كأس الخمر، وهي كأس صافية يمكن رؤية العالم فيها. يذهب الراوي (إبراهيم) إلى العالم الغربي بهذه المرآة ويعكس فيها هذا العالم. وتنعكس صورة نفسه ومينا وصنم أيضا في هذه المرآة، ومينا هي الكأس المينائية (ساغر مينايی) وجامِ جَم لأنها هي التي تنير الدرب لإبراهيم في القصة بأكملها. لقد وظف كلشيري رمزا تقليديا متکررا مستهلکا في قصته الحديثة بتغيير جزئي وذلك باستخدام صفة "ذات الباب" للمرآة. هذا التغيير البسيط في الرمز يجعله جاهزا لاحتواء مفاهيم القصة و يمكن القول إن ارتباط كلشيري بالتراث يجعله يستنبط مدلولات جديدة من الرموز التقليدية.
اللغة كحارس للتقاليد "اللغة كمحافظ على التقاليد" هي أحد أهم العناصر في أعمال كلشيري فهو حاول طوال حياته أن يتوصل إلى لغة خاصة من خلال قراءة النصوص القديمة والملمس الذي يتناسب مع قصصه. ويجب أن تكون هذه اللغة متناغمة مع الحالة النفسية والوضع الاجتماعي والتاريخي للشخصيات وطبيعة القصة. على سبيل المثال، قصته الطويلة "المعصوم الخامس" تمت كتابتها بأسلوب البيهقي التاريخي. (شيري، 1395ش: 198) أما في رواية "مرايا ذات أبواب" فلغة القصة بسيطة وصادقة، وقد استخدم المؤلف إمكانيات لغة الكلام الحية. فمن المهم جدا أن يستخدم الكاتب لغة بسيطة وقريبة من لغة التداول، فهي تتيح له التعبير عن مشاعره وأفكاره بسهولة وبطريقة يومية دون التصنع. في هذه الرواية، يستخدم كلشيري التعابير والمصطلحات العامية والأمثال. وإذا قبلنا الأمثال باعتبارها لغة للتعبير نجد أنها جمل مصقولة وموجزة وهي تعكس ثقافة شعب ونظرته للعالم. وقد حاول المؤلف الحفاظ على اللغة المختصرة والمصقولة باستخدام الامثال وكذلك نقل العناصر الثقافية إلى الأجيال القادمة بطريقة بسيطة. في نص الرواية تتحدث صنم بانو مع إبراهيم عن مكتبتها "بيت اللغة" وتقع بيت اللغة في نهاية الدرج الحلزوني. ونظرا لتركيز المؤلف على اللغة، يمكن القول إن السلالم الحلزونية هي رمز لصعوبة فهم اللغة بشكل صحيح باعتبارها حاملة للثقافة والفكر. فيبدو أنه يعتبر "بيت اللغة" الجذر الوحيد المتبقي له ويعبر في هذه العبارات عن رأيه بلغة واضحة: «في كل مرة يأتي شخص ما ويعبث بتلك التربة (الوطن)، كان بسبب علاقات هذه اللغة أن اجتمعنا مرة أخرى وقد وحدتنا.» (كلشيري، 1371ش: 112) ينظر كلشيري بذكاء تجاه اللغة ويعتبرها العامل الرئيسي في التواصل بشكل صحيح مع التقاليد الثقافية للمجتمع. ويقول: «كلما شعرنا بالملل نتفرغ لقراءة شعر الحافظ الشيرازي أو نستدل بأبيات "مثنوي" في مناقشاتنا، مما يعني أن الماضي لا يزال موجودا.» (كلشيري، المرجع نفسه، 128) بما أن كلشيري يعبر في هذه الرواية عن آرائه حول التقليد والحداثة ويرى أن الحداثة الحقيقية تنبع من قلب التقليد وإعادة قراءته. لهذا السبب، من الممكن اعتبار مرايا ذات أبواب ليست قصة عادية بل بيانا سياسيا و أدبيا للمؤلف. (انظر: شيري، 1395ش: 388)
استخدام اللغة الشعرية قد يستخدم كلشيري نثرا شعريا وينبع ذلك من ذوقه الشعري والذي يحدث أحيانا متعمدا في أجزاء من القصة حيث يكون الجو أكثر شعرية وعاطفية. وهذا النثر الشعري مستوحى من لغة ونثر شعراء الأدب القديم. وفي مرايا ذات أبواب، تسبب موضوع رحلته الرومانسية في استخدام الكلمات الشعرية والجمل العامرة بالموسيقى: «الرجل البائس يجلس تحت شجرة القيقب.» (كلشيري، 1371ش: 158) «يستمعون إلى صوت الموسيقى التي تعزف من هنا وهناك، ولايشربون خمرة وردية اللون لذيذة هنيئة بل يتحسون سمومهم الرغوية ويأخذون حماماتهم الشمسية.» «أين رأى هذه الأشياء حيث أجبر الشخص على تقديم مئات القبلات على هذا اللون الوردي مثل المطر الذي تهمي على زهرة القرطم؟» «على أي صخرة يجلس المصلون هنا؟» «ومرة أخرى يساعد شخصا باكيا وضع يده على جبهته.» تقديم الصفة على الموصوف: «لقد وجد راحة مكان(مكانا مريحا)» (كلشيري، 1371ش: 41)
تقديم الفعل على الحال (في الفارسية يأتي الحال قبل الفعل): هذا الأسلوب الذي نراه بكثرة في كلستان السعدي وتاريخ البيهقي، يجعل الكلام متناغمة ويدل على التأكيد في الکلام: «فتح عيونه و هي لم تتفتح بالكامل.» التشبيه: «من كان ينظر إليها من وراء تلك القصبة كأنه مغسول ليلتين بالقار؟»
مكونات الحداثة في مرايا ذات أبواب استخدام التقنيات الحديثة في كتابة الرواية ذكرنا في السطور السابقة أن الرواية هي إحدى أنواع الأدب في العالم الحديث فإن استخدام هذا الشكل السردي للتعبير عن أفكار المؤلف ينمُّ عن نهجه الحداثي. في هذه الرواية، يستخدم كلشيري بعض تقنيات وحيل الكتابة الروائية من ضمنها استخدام "أسماء فخيمة" للشخصيات. فاسم الشخصية الرئيسية هو إبراهيم، وهو كما ذكرنا إنه مرتبط بأسطورة إبراهيم، وصنم بانو التي تعني الوثن (أي المعبودة) و"مينا" تذكرنا بكأس العرافة (جام جم). ويذكر المؤلف اسم الشخصية الرئيسية في نهاية القصة ليتمكن القارئ من مطابقة الاسم مع ما قرأه عن الشخصية منذ بداية القصة. التقنية الأخرى المستخدمة في الكتابة الروائية الحديثة هي المونولوج الداخلي. يستخدم كلشيري أحيانا هذه الطريقة مباشرة وأحيانا في الرسائل التي يكتبها إلى مينا. فقد كتب کلشيري الثلث الأخير من الرواية في شكل رسالة. وأسلوب آخر هي الروايات غير الخطية؛ في هذا النوع من السرد، الزمن ليس خطيا ويكتمل بشكل دائري باستخدام الاسترجاع الفني (فلاش باك)، والانتقال من الماضي إلى الحاضر، والانتقال من الماضي إلى المستقبل البعيد. هذه التقنية تجعل القارئ يشعر بأنه عاش مع شخصيات خيالية طوال الوقت. في هذه الرواية، يستخدم كلشيري كلا الشكلين من الزمن السردي بذكاء. عندما يذهب إبراهيم إلى أوروبا ويقرأ القصص للشباب ويلتقي بصنم، يكون للسرد زمن خطي، لكن باسترجاع الذكريات ومراجعتها يكتمل الزمن العقلي والدائري. ذكريات حب المراهقة لإبراهيم وصنم بانو في أذهان الشخصيتين، ذكريات مينا وطاهر زوجها السابق في ذهن مينا وذكريات صنم التي كانت بينها وزوجها السابق سعيد إيماني، يتسبب في تكوين مزيج فني من الزمن الخطي والدائري وهذه كلها تشير إلى مقدرة كلشيري واطلاعه على تقنيات الرواية الحديثة. في القصص التقليدية، يكون محور القصة هو الراوي العليم، لكن تغير زاوية الرؤية (للراوي) هو إحدى السمات المميزة للرواية الجديدة. إن تغيير زاوية المنظور بشكل مناسب وفي الوقت المناسب يمكن أن يثري القصة ويمنحها عمقا أو يمنحها أناقة وتصميما متعدد الوجوه وهرمي الشكل، أو قد يشوه القصة ويحطمها. وفي رواية "مرايا ذات أبواب" يستمر الراوي في التحول من إبراهيم إلى شخص آخر. هذا التغيير يجعل القارئ يرى القصة من زوايا مختلفة ومن خلال عدسة عقل الشخصيات المركزية في القصة ويتعرف أكثر على شخصيات القصة.
مناقشة الأفكار والفلسفات وهي من السمات المميزة للروايات الحديثة. في رواية "مرايا ذات أبواب"، عندما تجتمع مجموعة من الشباب الإيرانيين الذين يعيشون في أوروبا، يناقشون حقائق وقضايا يومية. كان يقول تورج وهو قد عاد إلى إيران من برلين: «هذه كلها عواقب دخول القرن الحادي والعشرين. وإذا فشلنا في التكيف معه فقد نفشل أو نضطر إلى العودة إلى الماضي الذي لايزال كما هو. فهذه الكتب القليلة التي نقرأها هناك لايساعدنا في الإجابة على هذه القضايا التي تحدث هنا وهناك.» (كلشيري، 1371ش: 18) وكان يقول حسن: «يحدث الأمر نفسه دائما، لايمكننا التوصل إلى اتفاق بينهما. ولهذا السبب، أُعيد العديد من الأشخاص قسرا إلى وضعهم الأصلي في أوروبا الشرقية.» فأجاب هادي: «إذن هل تقول إن الحضارة طريق ذو اتجاه واحد يمتد من هنا إلى الأبد، وواجب علماء الاجتماع والمخططين الاقتصاديين وحتى السياسيين هو ضمان عدم انحراف أحد عن هذا الطريق؟» (الصفحات 126 و 87)
النتيجة من خلال ما درسناه عن رؤى كلشيري تجاه التقليد والحداثة في رواية "مرايا ذات أبواب" يمكن أن نستنتج أنه بوصفه كاتبا معاصرا لم يتجاهل التقليد في محاولته إحياء عناصر الحداثة في هذه الرواية ولكن يبدو أنه أولى اهتماما أقل بالتقاليد مقارنة بالحداثة في نص الكتاب. يعتقد كلشيري أنه من الضروري للغاية التعامل مع التقاليد وفي ضوء الالتفات الى التقليدية يمكن للمرء أن يتكيف ويتعايش مع الحداثة. وفي هذه الرواية وضعت عناصر التراث والحداثة بشكل متناغم معا بحيث لم تخلق فجوة في بنية النص. وحتى عندما استخدم كلشيري خطابا يتناسب مع السياق التراثي فلانستطيع أن نؤاخذه على فعله لأن القارئ يستمتع به رغم استخدام اللغة القديمة في قسم من النص. وهنا تظهر موهبة الكاتب و خبرته لأنه تمكن من فهم ملامح التقليد والحداثة جيدا وجمعها معا في رواية مرايا ذات أبواب. | ||
مراجع | ||
آرین پور، یحیی. (1372ش). از صبا تا نیما. تهران: زوّار. اخوان ثالث، مهدی. (11396ش). عطا و لقای نیما یوشیج. تهران: لانا. اسحاقیان، جواد. (1387ش). راهی به هزارتوی رمان نو. تهران: گل آذین. افشار، ایرج. (1370ش). مقدمه قانون قزوینی در قانون نگارش محمد شفیع قزوینی. تهران: لانا. امامی، نصرالله. (1385ش). مبانی و روشهای نقد ادبی. تهران: جامی. امین پور، قیصر. (1383ش). سنّت و نوآوری در شعر معاصر. تهران: علمی فرهنگی. بارگاس یوسا، ماریا. (1386ش). عیش مدام (فلوبر و مادام بواری). ترجمه عبدالله کوثری. تهران: نیلوفر. بیات، حسین. (1389ش). داستاننویسی جریان سیال ذهن. تهران: انتشارات علمی فرهنگی. بهنام، جمشید. (1382ش). ایرانیان و اندیشه تجدد. فروزان فر. تهران: لانا. پورنامداریان، تقی. (1386ش). رمز و داستانهای رمزی در ادب فارسی. تهران: علمی فرهنگی. جهانبگلو، رامین. (1387ش). ایران و مدرنیته. تهران: گفتار. حسینی، صالح. (1380ش). چند نکته عمده در آثار گلشیری در همخوانی کاتبان. گرد آورنده: حسین سناپور. تهران: لانا. سناپور، حسین. (1380ش). هم خوانی کاتبان. تهران: نشر دیگر. شیری، قهرمانجادوی. (1395ش). جنکشی بررسی داستانهای هوشنگ گلشیری. مشهد: بوتیمار. صالحی محمد. (1386ش). اسلام سنتی در دنیای متجدد. تهران: دفتر پژوهش و نشر سهروردی. صانعپور، مریم. (۱۳۸۸ش). نقدی بر مباین معرفتشناس اومانیستی. تهران: کانون اندیشه جوان. طاهری، فرزانه. (1383ش). گفتگو با فرزانه طاهری در تاریخ شفاهی معاصر ایران. هوشنگ گلشیری، مریم طاهری، زیر نظر محمدهاشم اکبریانی. تهران: لانا. فرمان آرا ، بهمن. (1383ش). گفتگو با بهمن فرمان آرا در تاریخ شفاهی معاصر ایران. هوشنگ گلشیری، مریم طاهری، زیر نظر محمدهاشم اکبریانی. تهران: لانا. گلشیری، هوشنگ. (1371ش). آینههای دردار. تهران: نیلوفر. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1378ش). باغ درباغ. تهران: لانا. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1380ش). نگاهی به حیات خود، در همخوانی کاتبان.گرد آورنده :حسین سناپور. تهران: لانا. گولد، جولیوس و ویلیام.ل کولب. (1376ش). فرهنگ علوم اجتماعی. تهران: مازیار. گیدنز، آنتونی. (1376). جامعه شناسی. ترجمه: منوچهر صبوری. تهران: نشر نی. مطیعی، ناصر. (1383ش). گفتگو با ناصر مطیعی، در تاریخ شفاهی معاصر ایران. هوشنگ گلشیری، مریم طاهری، زیر نظر محمدهاشم اکبریانی. تهران: لانا. میلانی، عباس. (1387ش). تجدد و تجدد ستیزی در ایران. تهران: اختران. نفیسی مجید. (1380ش). قربانی در خانه زبان، در همخوانی کاتبان.گرد آورنده:حسین سناپور. تهران: لانا. یاحقی، محمد جعفر. (1369ش). فرهنگ اساطیر و اشارات داستانی در ادبیات فارسی. تهران: لانا. یوشیج، نیما. (1385ش). درباره هنر شعر و شاعری، به کوشش سیروس طاهباز. تهران: نگاه.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 415 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 93 |