تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,622 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,351,769 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,392,956 |
الأسطورة والرمز وتوظیفهما فی منظومة بانوگشسبنامه | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 2، دوره 4، شماره 14، آبان 1435، صفحه 33-50 اصل مقاله (1.84 M) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
محمود طاووسی1؛ خدیجة بهرامیرهنما2 | ||
1أستاذ بجامعة آزاد الإسلامیة فی رودهن، إیران. | ||
2طالبة دکتوراه بجامعه آزاد الإسلامیة فی رودهن، إیران. | ||
چکیده | ||
تکشف الأساطیر عن الحلقات الخفیة للاوعی الجماعی عند البشر، وهی تحمل فیطیاتها الکثیر من المفاهیم الرمزیة والمفعمة بالأسرار عند کل أمة. إنّ منظومة بانوگشسبنامه منظومة أسطوریة یشاهد القارئ فیها ألواناً من التوظیف الأسطوری للنماذج العلیامن المرأة البطلة والمقاتلة. ویشیر تقریر اعتماد المرأة علی ذاتها فی المنظومة إلی فترة ازدهار دور المرأة فی عصر الزراعة، العصر الذی یدعی عصر زعامة المرأة. تحاول المرأة فی هذه المنظومة البدیعة أن تعبر عن قدراتها وماهیتها. وبناء علی ما تقدم، تسعی هذه المقالة إلی إظهار شخصیة بانوگشسب فی هذه المنظومة وتسلیط الضوء علی توظیفات أسطوریة أخری، مثل: التحول الجسدی الذی یعدّ من القضایا المهمة فی هذه المنظومة، کما تدرس موضوع رمزیة الماء من خلال إطار نظری یحاول تحلیل التوظیفات الأسطوریة المذکورة أعلاه. | ||
کلیدواژهها | ||
بانوگشسبنامه؛ الأسطورة؛ الرمز؛ المرأة المقاتلة؛ التحول الجسدی؛ الماء | ||
اصل مقاله | ||
تستخدم الأسطورة لغة رمزیة مفعمة بالأسرار، حیث یمکن من خلالها التعرف علی عالم الأسطورة الزاخرة بالرموز والأسرار للوصول إلی قضایا البشر ومثلهم التی تجلّت فی قالب الرموز؛ «إن الأسطورة عبارة عن الکلام والتصویر والحرکة التی تقوم بحفر الحادثة فی الذاکرة قبل أن یتمّ تسجیلها فی قالب روایة أو حکایة.» (باستید، 1991م: 10) إنّ هناک علاقة قویة بین الأسطورة وبین الثقافات البدائیة للشعوب، وهی وسیلة ناجعة لدراسة الأفکار البدائیة والأحداث التاریخیة وقضایا البشر عبر العصور والأزمان. «إنّ الأسطورة عبارة عن قصة ترتبط بأرباب الأنواع أو الآلهة فی الغالب. وترتبط الأسطورة حسب هذا المفهوم بالثقافات البدائیة أو الأدوار القدیمة للثقافات المتطورة. لا تقوم الأسطورة بسرد أحداث الماضی ولکنّها وسیلة لإثبات صحة ما یعتقد فی الوقت الراهن بأنّه جری فی الأزمان الغابرة.» (فرای، 1995م: 101-102) فالأساطیر قصص تقوم بشرح العناصر الطوطمیة، والأعمال الشخصیة للإنسان البدائی، والقیم السائدة عند شعب من الشعوب، وحاجة الناس. إنّ أهمّ توظیف للأسطورة یتجلّی فی «الکشف عن النماذج العلیا فی جمیع الطقوس والأنشطة الإنسانیة ذات المعنی الخاص.» (الإلیاذة، 1983م: 17) کما تسعی الأسطورة إلی إقامة علاقة بین أعمال الانسان وبین الأدب والفن، حتی تتمکن بذلک عبر النظرة العلمیة من نقد الآثار الأدبیة وتحلیلها. لقد فتح هذا الاتجاه نافذة جدیدة فی النقد الأسطوری عند الباحثین، بحیث یتمّ من خلاله إظهار روح الشاعر إلی المخاطبین بشکل أوضح حتی یتمکنوا من فهم أدق للمفاهیم الأسطوریة وإدارکها. إنّ الأسطورة عبارة عن رؤیة الشعوب البدائیة حول تفسیر أسباب الأحداث، تلک الأسباب التی قد تبدو تافهة غیر مبررة علمیاً. «یمتزج العالمان العینی(الموضوعی) والذهنی فی الأسطورة، ویفقد الزمن الراهن موضوعیته لیتحول إلی زمن ذهنی، وتتحول الآلهة إلی بشر، ویظهر الإنسان قدرات غیر عینیة من تلک التی تنسبها الأسطورة إلی الأحداث الأخرویة، وتحتل الأرواح الأخرویة عالم التاریخ وساحة الزمن العینی.» (زرین کوب، 1978م: 45) «ومع تطور الأفکار البشریة حلت النظرة العلمیة محل الأفکار الأسطوریة، وفقدت المعتقدات الخرافیة قیمتها تدریجیاً. ولقد خفت الصبغة الغیبیة للأحداث والمثیرة للحیرة فی عملیة التبدل التدریجی للأسطورة إلی الملحمة، وأخذت الأشیاء والشخوص أبعاداً اعتیادیة إنسانیة فی هذا العالم عند خلق الصورة الملحمیة الجدیدة التی بنیت إلی حد کبیر علی أساس المعاییر العقلیة والتجریبیة.» (سرکاراتی، 1999م: 71) وفی الحقیقة «فإنّ حرکة الفکر البشری من عصر معایشة الأسطورة نحو عهد إزالة الأساطیر هی أحد عوامل تحول الأسطورة إلی الملحمة.» (آیدنلو، 2006م: 4) إنّ تصوّر موت الأساطیر أمر غایة فی الصعوبة، ویمکن القول: «إن جمیع هذه التطورات والتغیرات فی الأساطیر تدلّ علی أنّ المعتقدات الأسطوریة القدیمة مازالت حیة بعد مضیّ قرون من الزمن، وهی تواصل حیاتها بقلیل من التغییر والتطور.» (ریاحی زمین وجباره ناصرو، 2011م: 146) إنّ الطبیعة وأجزاءها زاخرة بالرموز؛ولقد استطاع الإنسان عبر النظر إلی الجبال والودیان والکهوف والنباتات والأشجار والحیوانات والشمس والقمر وبعض الأرقام والأشکال الهندسیة أن یتصور لکل واحد منها رمزاً معیناً، تلک الرموز التی قد تتمتع ببنیة دینیة، وکانت موضع تقدیر واحترام عند الشعوب القدیمة. «إنّ الرمز یعدّ معادلا موضوعیّایجسد شیئاً غائباً أو غیر مرئی عبر الوسائل المستمدة من الطبیعة، وهو صورة تنقل المعنی السرّی والرمزی.» (دلاشو، 1985م: 9-10) إنّ للرمز حدوداً معنویة واسعة فی الأدب یمکن من خلاله تحلیل النصوص الأدبیة تحلیلاً أسطوریاً. إنّ منظومة بانوگشسب نامه أثر أسطوری نواجه فیها الرموز والتوظیفات المختلفة للأسطورة. «یعود تاریخ هذا المنظومة إلی القرن الخامس ه.ق، ولا یعرف ناطمها، وتتألف من شرح أربعة أحداث مستقلة لا تربطها علاقات واضحة. إنّ بانوگشسب هی ابنة رستم، وإحدی البطلات الشهیرات فی الملحمة الإیرانیة. وقد بلغت من البطولة مکانة رفیعة، حیث إنّها کانت تحارب الأسود، وتشطر الأبطال إلی نصفین بضربة واحدة، وتجعل الأمراء والملوک أسری طائعین لدیها. لقد ثارت النقاشات حول هذه الفتاة البطلة بین عظماء إیرن ورجال بلاط کاووس الملک، وقد زوّجها رستم بموافقة کاووس من گیو ابن گودرز الذی کان أشجع الإیرانیین قاطبة حتی تنتهی النزاعات والمشاکل. غیر أن بانوگشسب البطلة قد تنازعت مع گیو بدایة، ثمّ صرعته وکبّلته، حتی تدخل رستم، ووبّخها،وأصلح الأمور، وقد أنجبت بانوگشسب بیژن الذی وصفه فردوسی بالعظمة بکل ما تحمله الکلمة من معنی.» (صفا، 1999م: 303) تعدّ منظومة بانوگشسب نامه تجسیداً للمعتقدات والتقالید والثقافة الوطنیة للأمة الإیرانیة؛ إنّنا نواجه فی هذه المنظومة شخصیة امرأة مقاتلة تصارع الرجال وتصرعهم،وإنّ جذور أعمالها الفردیة العظیمة تعود إلی النماذج العلیا والأفکار القدیمة، وهی جمیعاً ضاربة بجذورها فی العصر الزراعی فی إیران القدیمة، حیث تشیر إلی سیطرة النساء وقدراتهن فی تلک العصور.ومن هذا المنطلق تحاول هذه العجالة دراسة شخصیة بانوگشسب، وتوظیف الأساطیر الأخری من مثل: التحول الجسدی للشخصیات، ورمزیة الماء. فرضیة البحث إنّ للأسطورة وتوظیفاتها خطاباً مستقلاً ممنهجاً یمکن من خلاله دراسة منظومة بانوگشسب نامه دراسة أسطوریّة. أسئلة البحث - ما هی العناصر التی جعلت منظومة بانوگشسب نامه أثراً أسطوریاً؟ - هل تأثرت أعمال بانوگشسب بالآلهة الإناث فی إیران القدیمة؟ - هل تتمتع العناصر الأسطوریة فی هذه المنظومة بالرمزیة المطلوبة؟ سوابق البحث ظهر النقد الأسطوری فی بدایة القرن التاسع عشر علی ید ماکس مولر (MAX Mooler)،ومن ثم واصل عالم الأساطیر الشهیر من رومانیا میرتشا الیاذة (MirceaEliade) دراسةالنصوص الأسطوریة، ومن أشهر مؤلفاته یمکن الإشارة إلی الموسوعة الدینیة، وآفاق الأساطیر والأسطورة، والعودة الخالدة. وقد ألف جیمز فریزر (jamesFrayzer)، أحد أبرز علماء الأساطیر، کتابه المعروف الغصن الذهبی حول الأسطورة، کما أن نورتروب فرای (Northrop Fray) ألفّ کتابه المسمی تحلیل النقد الذی یعد من المصادر المهمة فی مجال الأسطورة.وأما فی إیران فقد عالجت شخصیات عدیدة قضیة الأسطورة منهم:مهرداد بهار، وژاله آموزگار، وذبیح الله صفا، وبهمن سرکاراتی، وهاشم رضی، ومنصور رستگار فسائی و ... . ولقد تمت دراسة الکثیر من النصوص الملحمیة ونقدها وتحلیلها تحلیلاً أسطوریاً. وأما فیما یتعلق بمنظومة بانو گشسب نامه فیمکن الإشارة إلی الدراسات التالیة: "بهلوان بانو"، و"مهین دخت بانو گشسب سوار" من تألیف سجاد آیدانلو، و"امتزاج الأسطورة والملحمة فی قراءة جدیدة لبانوگشسب نامه" من زهراء ریاحی زمین وعظیم جباره ناصر، و"بانوگشسب فی الملاحم الوطنیة" لسعید حسام پور وعظیم جباره ناصرو. ولکون هذه المقالة لا تسعی إلی الحدیث عن أبعاد هذه المنظومة المختلفة والخوض فی تفاصیل ذلک، فإنّ ما تستعرضه هو أعمال بانوگشسب التی تعد النموذج الأعلی للمرأة المقاتلة، کما تدرس موضوع التحول الجسدی والعناصر السامیة من مثل الجن ورمزیة الماء. ویبدو أنّهذه الدراسة هی الدراسة الأولی فی هذا المجال. منهج البحث سیتناول هذا المقال بالبحث والتحلیل الأعمال الخاصة التی قامت بها بانوگشسب، وتوظیفات هذه المنظومة للأسطورة. وبالنظر إلی أنّ الهدف العام من الدراسة هو النظر بشکل تفصیلی إلی بطلة القصة ودراسة بعض عناصرها الأسطوریة کوحدة للتحلیل، فإنّ منهج البحث وصفی"غیر تجریبی"، ومن نوع دراسة الحالات (Case Study)، کما سیتم تفسیر وتحلیل الشواهد من المنظور الکلی (Holistic)، وبالتأکید علی العملیات. وتجدر الإشارة إلی أنّ النماذج الإحصائیة للبحث مأخوذة من منظومة بانوگشسب نامه (2003م) من منشورات معهد العلوم الإنسانیة والدراسات الثقافیةوبتحقیق وتصحیح من روح انگیز کراجی. دراسة التوظیفات الأسطوریة لمنظومة بانوگشسب نامه
بانو گشسب والتأثر بالثقافة الأنثویة إنّ منظومة بانوگشسب نامه تحظی بأهمیة خاصة من بین المنظومات التی أنشدت محاکاة للشاهنامة. إذ إنها المنظومة الوحیدة التی تتناول أعمال وبطولات امرأة شجاعة وقویة تضرب بطولاتها بجذورها فی النماذج العلیا القدیمة. ویمکن مقارنة بعض توظیفاتها مع المرأة الإلهة فی القدیموالتی کانت موضع تقدیس وعبادة، وکذلک مع المرأة القوّامة والمسیطرة علی الأمور فی العهد الزراعی. کانت المرأة تعتبر فی العهود القدیمة رمزاً للحیاة والخصوبة والتربیة، وذلک لقدرتها علی الحمل؛ لذا فإنّ «الإنسان فی العصر الحجری الجدید قام بتقدیس المرأة، إذ کان یری علاقة وثیقة بین خصوبة الأرض وخصوبة المرأة.» (هینلز، 2004م: 464) لذا فإنّ الأرض والمرأة أصبحتا تسجیداً مثیراً للحیرة،وللخصوبة والولادة والتغذیة. هکذا خیّل إلیهم أنّ المرأة ذات قدرة أزلیة، لذلک فقد أصبحت موضع العبادة «بلغت المرأة فی هذه المجتمعات مقاماً روحانیاً، وکانت تعتبر وسیلة لنقل دماء القبیله فی أنقی أشکاله.» (جیرشمن، 1989م: 11) ولقد أدّت قدرات المرأة فی المعتقدات الأسطوریة إلی أن تتمتع المرأة بمکانة رمزیة، وأن تصبح ذات قوة وتفوق خاصین، وأن تصبح موضع الاحترام والعبادة. وقد ظهرت العلامات الدالة علی قوة المرأة فی بعض الأحیان فی التماثیل النسائیة المتبقیة من العهود السحیقة، وفی أحیان أخری علی شکل رمزی وذهنی مثل المفاهیم والإشارات الواردة فی الأساطیر. «کما أنّ هذه الصور موجودة علی شکل النموذج الأعلی القدیم فی لاشعورنا الجماعی.» (بولن، 1994م: 34) وقد نواجه فی القصص الأسطوریة فتیات أو نساء یعتبرن النموذج الأعلی القدیم للمرأة المقاتلة، بحیث إنّ الرجال عاجزون عن مواجهة هؤلاء النسوة، وقد یخضعون أمامهن بشکل کامل. وتذکرنا بطولاتهن وشجاعتهن فی ساحات الوعی إلهة الفتیات وإلهة النسوان اللاتی لیس لهن مثیل فی العصر الزراعی. «إنّ فکرة المرأة المقاتلة فکرة غیر إیرانیة نضجت تدریجیاً عند الإیرانیین.» (حسامپور وجباره ناصرو، 2010م: 55) ومن بین النساء الإیرانیات و"انیرانیات" غیر إیرانیات یمکن الإشارة إلی الأسماء التالیة: «گرد آفرید وگردیه فی الشاهنامه، وابنة کورنگ وزوجة جمشید فی گرشاسب نامه، وهمای ابنة ملک مصر وابنة پوراسب وزربانو فی بهمن نامه، وفرانک ودلارام فی شهریار نامه، وسمن رخ ابنة کید الهندی فی فرامرز نامه، وگل کامکار ابنة ملک الشام ومحبوب همای فی همای نامه، وروز افزون ومردان دخت فی سمک عیار، وأنطوطیة ابنة ملک المغرب وجیباوه وابنة کیداور الهندی فی داراب نامه للطرطوسی، وجهان أفروز ابنة القیصر وگل بوی ابنة الملک مسروق وعین الحیاة ابنة الملک سرور الیمنی فی داراب نامه،ولبی غمی وهمای طایفی وخورشید خاوری فی حمزه نامه، وطوطی ابنة الشداد وهی فتاة فی الرابعة عشر من عمرها وخورشید ابنة زال فیطومار نقالی هفت لشکر، ویمانی رخ فی قصة حسین الکرد الشبستری.» (آیدنلو، 2008م: 12-13) إن بانوگشسب ابنة إلهة تتمتع بالقدرة علی أفعال وأعمال خارقة مثل تولی تربیة فرامرز والمهارة فی الصید والشجاعة فی الحروب وهذه القدرات مستمدة من الآلهة الأنثی فی العهود القدیمة. إنّ معارک بانوگشسب مستمدة من آناهیتا وأبعادها العسکریة «إنّ آناهیتا هی إلهة الحرب.» (بهار، 2007م: 477) إنّها تجسید إنسانی للمرأة الإلـهة فی العهود القدیمة «ففی آبان یشت یسعی الفریقان المتقاتلان فی ساحة المعرکة من قبیل: ارجاسب، وگشتاسب، وتوس، وپیران، وسیه، وافراسیاب إلی التمتع بمساعدة إلهة المیاه آناهیتا.» (کویاجی، 2001م: 149) إنّ فکرة المرأة المقاتلة أخذت شکلها النهائی استناداً إلی مثل هذه الفکرة وهذا المعتقد. أبعاد اعتراض بانوگشسب علی النظام الأبوی(زعامة الرجل) تمکنت النساء من فرض سیادتهن لقرون عدیدة فی العصر الزراعی، غیر أنّ هذه العظمة النسائیة لم تدم طویلاً، وبدأت بالأفول شیئاً فشیئاً، وظهرت بعد ذلک فترة الحیاة الأبویة. «فمع بدایة عصر زعامة الرجل خضعت المرأة أمام الرجل وتم الاعتراف بالأسرة ذات السیادة الرجالیة والتی کان یتولی الرجل الأکبر فیها رئاستها...؛ وقد تحولت الآلهة التی کانت حتی ذلک التاریخ علی شکل النساء إلی شخصیات رجالیة ذات لحی طویلة، والتی کانت تمثل رجال القبیلة وشیوخها.» (دورانت، 1998م: 65) إنّ تفوق الرجال فی القضایا الاقتصادیة والاجتماعة واطلاعهم علی موضوع التناسل یعد من العوامل الأساسیة لتفوق النظام الأبوی فی هذه العصور. «ومع بدایة عصر سیادة الرجل اعتبر الرجال کمصادیق للخیر، واعتبرت النساء کمصادیق للضعف والعجز، وانتشرت فکرة مواجهة المرأة فی العصور القدیمة بظهور برهما وزنوس، وبعد ذلک مع ظهور یهوه کحاکم مطلق، وطردت المرأة من الساحة نهائیاً، وتم التشکیک فی روحانیتها وقدسیتها. لقد أبعدت الهالة الإلهیة عنهن، وضعف الاعتقاد بالآلهة الإناث بین الناس، وزال تدریجیاً من حیاتهم. وبذلک تم قمع القیمة الاجتماعیة والدینیة للمرأة وجمیع حقوقها الاجتماعیة.» (بولن، 1994م: 33-34) ومع بدء هذه الفترة فقدت المرأة قدسیتها فی المجتمع، وحل محلها النظام الأبوی الذی یرید المرأة الخاضعة المطیعة بشکل مطلق، ولا یقبل قدسیة المرأة وعبادتها. إنّ بانوگشسب تحاول الاعتراض علی النظام الأبوی، وعلی الرغم من محاولتها لإثبات ماهیتها الوجودیة فی جمیع أرجاء المنظومة إلّا أنها تخضع لهذا النظام مع قبول گیو زوجاً لها. إنّ الأسباب التالیة تشیر إلی اعتراضها علی النظام الأبوی: ارتداء الملابس القتالیة الرجالیة إنّارتداء بانوگشسب للزی القتالی یشیر إلی تمرّدها أمام العجز الجنوسی، فهی تحاول أن تقول: لیست المرأة کائنة ضعیفة فی ذاتها، فهی قادرة علی أن تسبق الرجال فی کل شیء إذا ما أرادت ذلک. چــو مـــردان به جــوشــن شدی در زمان ســر و مـــوی در خـود کردی نهان (بانوگشسبنامه،1382: ص56، ب17) - لقد کانت ترتدی الدروع فی کل وقت کالرجال وکانت تخفی شعرها ورأسها بلبس الخوذة. چــو بــانــو زره کرد بیــــرون ز تــــن فــــرو مـــاند بیچــــاره شاه ختــن (بانوگشسب نامه،1382: ص93، ب284) - عندما خلعت بانو درعها فإنّ ملک الصین المسکین أصبح حائراً أمامها. گــــرانمـایـه بـانـو زره پـــوش گشـت به ظلمت نهـــان چشمـهی نوش گشت (بانوگشسب نامه،1382:ص111، ب765) - لقد ارتدت السیدة العظیمة المبجلة الدرع، وکأنّ عیون الحیاة قد سیطر علیها الظلام. قتل طلاب الزواج الإنیرانیین "غیر الإیرانیین" تشتمل المنظومة فی جمیع أقسامها علی الحدیث عن الأعمال البطولیة لبانوگشسب، ولا نشهد أیّ حدیث عن الغرامیات والدقائق والکید والسحر النسائی، بحیث إنّ القارئ یخیل إلیه أنّ حب الرجل لم یدخل قلبها بتاتاً. فعندما کان عشاقها یلهثون أمامها، ویتحدثون عن حبهم لها لم تکن هی تظهر أی حب تجاههم، وکانت تعاملهم بعدم الاهتمام، وکانت تقطع أجسام الوقحین منهم بغضب شدید بسیفها البتار. ویمکن من بین من کانوا یخطبون ودها الإشارة إلی تمرتاش وثلاثة من ملوک الهند هم: جیپور،وجیپال، ورای گزین، حیث حاربتهم بانو وقتلت تمرتاش وجیپور، وأصابت جیپال بجرح، وحذّرت رای گزین. لیس لبانوگشسب أیّ دور فی اختیار زوجها، وإنّ رستم هو الذی یختار لها زوجها؛ فهذه المرأة التی کانت تعتبر نفسها فی المنظومة کلّها نداً للرجال، بل أحیاناً أفضل منهم لیس بیدها أی قرار فی حق اختیار الزوج مما یدل علی فکرة السیطرة الجنوسیة وتفوق الرجال علی النساء فی هذه المنظومة. ببردند مـــه را به خلـــوت ســـرای چـــو شـد بستـه کابیــن آن دلگشــای چــو در خلوت خاص شد گیـو گــرد بیـــامــد بـــر مـــــاه بــا دستبــــرد همـــی خواسـت ماننـد گستـــاخوار درآرد مــــر آن مـــــــاه را درکنــــار زتنـــــدی بــــرآشفـت بـانوی گرد نمــود آن جهــانجـــوی را دستبــــرد بــزد بر سر گــوش او مشت سخت بـدان ســان کــه افتـــاد از روی تخـــت دو دست و دو پــایــش به خمّ کمند ببســت و بــه یک گـــوشهاش درفگـــند (بانوگشسبنامه، لاتا:ص126، ب990- 993) - عندما تم الزواج أخذوا ذلک القمر إلی البیت الخاص بها. - فجاء گیو فی البیت وهو یرید التغلب علی هذا القمر. - وقد أراد بکل وقاحة أن یضمها إلی جانبه. - لکنها غضبت وکبّلت یدی ذلک البطل. - فلکمت وجهه وآذانه بکل قوة بحیث إنه سقط من فوق السریر. - فقد کبلت یدیه ورجلیه ورمته فی ناحیة. الأسطورة والتحول الجسدی «إنّ المراد بالتحول الجسدی هو ما یعبر عنه فی الثقافة الغربیة بعبارتی (TransFormation و Metamorphoses)،ومعناه تغییر المظهر الخارجی أو الهیکل أو أساس کیان شخص أو شیء أو هویته القانونیة باستخدام القوی الخارقة للطبیعة، وهذا أمر غیر اعتیادی للجمیع وفی کل الأعصر، ویعتبر أمراً خارج قدرات الإنسان العادیة، سواء فی ذلک النوابغ والأشخاص من ذوی المواهب الخاصة.» (فسائی، 2009م: 43) «إنّ التحول الجسدی هو أحد المضامین المهمة فی الأساطیر، حیث یصور فی بعض الأحیان أسطورة أو بنیة اجتماعیة لشعب من الشعوب. إنّه تصویر یدل علی اللاوعی الإنسانی وذهنه المتوقد خلال العصور المختلفة، حیث یعالج قضایا مثل خلق کائنات مکونة من امتزاج الإنسان والحیوان و ...، وذلک لعرض حاجات الإنسان الداخلیة والتعبیر عنها. إنّ التحول الجسدی فی الأساطیر قد تسبب فی أعمال خارقه وهی مصحوبة عادة بالتغییرات والتطورات والقوی السحریة؛ فعلی سبیل المثال کان الإله بهرام فی بهرام یشت یتغیر إلی عشرة أشکال منها: الریح السریعة، والثور الذهبی الجمیل، والحصان الأبیض الجمیل، والبعیر الفحل، والخنزیر الذکر ذو المخالب الحادة، والشاب ذو الخمسة عشر عاماً، والکبش البری، والتیس، والرجل الوسیم العاقل.» (افستا، 1996م، ج1: 431-437) ونلاحظ فی قصة العقبات السبع لاسفندیار أنّ عجوزاً قبیحة المنظر قد تحولت إلی امرأة فاتنة الجمال وعرضت نفسها علی اسفندیار: زن جــــادو آواز اســفنــدیــــــار چـــو بشنید شــد چــون گـل اندر بهار چنیــن گفت کــامد هــژبـری به دام ابا چـــامه و رود پـــر کـــرده جــــام پـــرآژنــگ رویــی بیآیین و زشت بدان تیـــرگی جــــادوییهـــا نــوشــت بســـان یکی تــرک شد خـوبروی چــو دیبــای چینـــی رخ از مشـک مــوی (فردوسی، 1387،ج4: ص178، ب207- 210) - إنّ المرأة الساحرة عندما سمعت غناء اسفندیار تحولت من نشوته إلی ما یشبه ورود الربیع. - فقالت قد استطعت اصطیاد بطل عظیم یتصف بصفات الجمال والقوة. - انّها امرأة قبیحة المنظر کتبت الطلاسم والسحر فی ذلک الظلام. - لقد تحولت إلی إمرأة فاتنة الجمال کالمرأة الترکیة فهی کانت تشبه الحریر الصینی تفوح من وجهها رائحة المسک. وفی الأساطیر الیونانیة أنّ «دیمیتر (Dimiter) عندما أراد الهروب من بوزیدون (Posidun) تحول إلی فرس واختفی بین خیول آکاری (A Cardi)، ولکن پوزیدون قد تحولت إلی حصان وتزوجت من الإله "دیمیتر" وقد أنجبا فتاة کان ذکر اسمها ممنوعاً وکانت تدعی "خاتون"، وحصاناً کان یدعی آریون (Arion).» (عزیمال، 1977،ج1: ذیل المفردة Arion) ولقد أشیر فی"إنهإید" إلی تحولات جسدیة مختلفة یمکن الإشارة من بینها إلی «تحول عشر بجعات إلی المقاتلین، والإنسان إلی الحیوان، والغول إلی کاهنة عجوز، وتحول الحیة إلی القلادة، والسفینة إلی الجنیة البحریة، والجنیة البحریة إلی الإنسان، وتحول الغول إلی طائر مشؤوم.» (ویرحیل، 2011م: 34) وقد تضمنت منظومة بانوگشسب نامه تحولین جسدیین هما: تحول الحمار الوحشی إلی الجنیة إنّ تحول الحمار الوحشی الجسدی إلی الجنیة یدل دلالة واضحة علی الخیال الواسع فی اللاوعی الإنسانی فی منظومة بانوگشسب نامه، حیث تسیر أحداث القصة فی مسار تغییر المظهر الخارجی والأفعال المتغیرة لتعرض ماهیة مختلفة عن هذا الکائن. «إنّ الجنیة وجود لطیف وجمیل أصلها من النار، ولا یمکن مشاهدتها بالعین، وتخدع الإنسان بجمالها الخلاب. إنّ الجنیة علی العکس من الغول تمثل الخیر فی الغالب وهی خلابة جداً.» (أشرفزاده، 2007م: ذیل کلمة پری) «إنّ الإشارات الواردة إلی الجنیة فی الشاهنامه والکتب الفارسیة الأخری والأساطیر والقصص العامة تدل علی أنّ الجنیة لیست کائناً مشؤوماً قبیح المنظر، کما کان یعتقد أتباع الزرادشتیة ومزدیسنا وإنما اعتبرت امرأة أثیریة رائعة الجمال کانت تتمتع بالحسن والهالة القدسیة.» (سرکاراتی، 1999م: 2) «إنّ للجانّ حضوراً واسعاً فی الأساطیر. ففی الأساطیر الیونانیة تعدّ دافنه (Dafne) جنیة بحریة تتحول إلی شجرة للخلاص من آبولون (Apollon).» (روتون، 1999م: 21) وتوجد فی إنهإید جنیة بحریة تدعی "جوتورن" (Juturne) تطلب من الإلهة جونون (Junon) أن تساعدها فی قتال أخیها ضد "إنه" بطل القصة، «فتجلت فی مظهر متیسکوس (Matiscus) عامل حظیرة "إنه" وساعدت أخاها تورنوس (Turnus).» (فیرجیل، 2011م: 408) کانت بانوگشسب عند الصید تظهر شجاعة نادرة تهرب منها الحیوانات کلها، بما فی ذلک الأسود والنمور، وقد واجهت أثناء الصید حماراً وحشیاً لجأ إلیها وطلب منها المساعدة. چـــو آن گــــور نـــزدیک بانــو رسید تنــش بــود لــــــرزان دمـــی آرمیـــد (بانوگشسبنامه،1382: ص57،ب24) - عندما وصل الحمار الوحشی إلی بانو کانت ترتعد فرائصه ولکنه هدأ. وفی هذه الأثناء هاجم أسد الحمار الوحشی، وحاول افتراسه، فضربت بانوگشسب بعصاها علی رأسه، وأهلکته. بـــرآشفــت بــانــو یــل پــــرهنــر بـــزد گــــرز بـــر تـــارک شیــر نـر (بانوگشسبنامه،1382: ص57،ب24)
- ثارت ثائرة بانو البطلة الکثیرة الفنون،فضربت ضربة علی رأس الأسد الذکر. وبعد أن أنقذت حیاة الحمار الوحشی تحول فجأة الحمار الوحشی هذا إلی جنیة أعلنت بأنّها ملک الجانّ. بگـفتـش که ای مـــاه روی زمیـــن منـــم پــادشـــاه پــــری نــام عیـــن (بانوگشسبنامه،1382: ص58،ب36) - فقالت لها أیها القمر المنیر علی الأرض ها أنا ملکة الجانّ، اسمی عین. «إن اسطورة الجنیة تمتزج دوماً بالحب، إنّ الفتنة وخلق الحب فی الجنیة صفة ذاتیة أصیلة.» (لاهیجی، 1992م: 293) لقد أحبّ فرامرز ملکة الجان بعد الاطلاع علی حقیقتها. فـــرامرز از آن صورت از دست شد ز جـــام مـــی عــاشقــی مســت شــد (بانوگشسبنامه،1382:ص58،ب45) - لقد فقد فرامرز عقله من رؤیة ذلک الجمال وسکر من کأس الحب. إنّ حب فرامرز لملکة الجان فی هذه المنظومة عبارة عن حب عابر، وتمت الإشارة إلی هذا الحب فی البیت المذکور سابقاً فحسب، ولم یرد کلام عن حالاته فی هذا الحب، حیث أغفلت ملکة الجان بعد ذلک، ولم یتم الحدیث عنها فی هذه الملحمة. بدان صـورتش دل چو خشنــود کرد پسنـدیـــدش آنگاه و پــدرود کــــرد (بانوگشسبنامه،1382: ص58،ب48) - فعندما رضی بجمالها وفرح، أعجب بها وودّعها بعد ذلک. تحول الأسد إلی الجنی لقد وردت الإشارة إلی جنی یدعی "سرخاب"، وهو یعادی الجنیة. وتتحدث ملکة الجان فی حدیثها مع بانو گشسب وفرامرز عن سبب قتالها مع هذا الأسد علی النحو التالی: یکــی دشمنـم بود سرخــاب نام که بـــر جنـیــان شـــاه بــودی تمـــــام به کینــم شب و روز در جنگ بود ازو ایــن جهــــان بـــــر دلــم تنگ بود که تا بر مــن امــروز او چیـر بود که مــن گـــــور بـــودم و آن شیـــر بـود (بانوگشسبنامه،1382: ص58، ب38-40) - کان لی عدو یدعی سرخاب حیث کان ملک الجان. - کان یعادینی حقداً منه لیلاً ونهاراً لذلک کنت أشعر بأنّ العالم یضیق علیّ. - کان یغلبنی حتی الیوم إذ کنت حماراً وحشیاً ولکنه کان أسداً. «یعتقد العرب أنّ الجان تسکن القفار والصحاری، فهی کائنة شبیهة بالشیطان، وسبب للشر والخبث.» (ناس، 1991م: 710) و«بإمکان الجان أن تتشکل بأیّ شکل ترید شریطة ألا تختلف کثیراً عن النار والدخان.» (کلمبل، 2010م: 82) ومن الأعمال التی یقوم بها هذا الجنی القدرة علی الاختفاء. فعندما لجأ الحمار الوحشی إلی بانوگشسب ضربت علی رأس الأسد ضربة، وأنقذ حیاة الحمار الوحشی ولکن جثة الأسد اختفت بعد أن قتلته بانو من الأرض. «إنّ حضور ملکة الجان ذات الاسم العربی "عین" والإشارة إلی الجانّ کل ذلک من العناصر الأسطوریة والعناصر العامة التی دخلت فی خلق القصص البطولیة بعد القرن الخامس ه.ق علی الأرجح، کما نلاحظ علی سبیل المثال فی سام نامه "القرن 8 ه.ق".» (آیدنلو، 2005م: 39) الأسطورة والماء یعتبر الماء أحد العناصر الأربعة فی الکون حیث یعیش العالم بواسطته «إنّ الماء هو أشهر تجسید للحیاة، إنّه رمز لجمیع الأشیاء التی یمکن أن توجد فی الحیاة، فهو المصدر والمنبع والرحم لجمیع إمکانیات الکون.» (الإلیاذة، 1997م: 189) إنّ الماء هو رمز الحیاة والعالم، ویتمتع برمزیة خاصة فی الأساطیر. ففی أساطیر ما بین النهرین «کان قد مضی علی الدهر زمن لم تکن فیه الأرض ولا السماء فقد مزج ابسو (Apsu)، وهو إله میاه المحیطات، ماءه مع تیامات (Tiamat)، وهی إلهة الفوضی والاضطراب، وتولّد من ذلک العالم.» (زرین کوب، 2004م: 411) لذلک فإنّ الماء فی أساطیر ما بین النهرین کان فی وجوده سابقاً للأرض والسماء. کمان أن الأساطیر المصریة تری «أنّ العالم کان ملیئاً فی البدایة بالمحیط الأول الذی کان یدعی (نون) (Nun). لقد کان نون مسیطراً علی کل مکان، وکان کالنواة السماویة الراکدة.» (ویو، 1996م: 35) وفی الأساطیر الهندیة أنّ «میاه الفیضانات العظیمة فی بدایة الحرکة الدورانیة للخلق کانت قد أحاطت بالکون، ولکن نواة الحیاة الذهبیة التی کانت عائمة فوق المیاه لمدة ألف عام تفجرت أثناء عملیة الخلق وظهر العالم منها، وانقسم إلی قسمین: هما الذکر والأنثی.» (ایونس، 1994م: 43) وجاء فی بندهشن «أنّ الحیاة بدأت من قطرة دمع، وإنّ ظهور کل شیء حیّ من الماء.» (دادگی، 1990م: 139) لا یشتمل الماء لوحده علی المعتقدات والأفکار الرمزیة، ولکنّ روح الإنسان هی التی تتصور هذه الرموزَ للحیاة «إنّ الماء عنصر مقدس فی ثقافة مزدیسنا وهو یحمل شحنة أهورانیة إیجابیة کان الإیرانیون القدامی یقدسون الینابیع والأنهار والثلج والمطر.» (بازرگان، 2009م: 48-49) ففی الشاهنامه نجد أنّ رستم فی العقبة الثالثة عندما ینتهی من قتل التنین یغسل جسده فی الماء به آب اندر آمد ســر و تــن بشست جهــان جـــز به زور جهــانبــان نجســت (فردوسی،1387، ج2: ص97،ب391) - لقد ورد الماء وغسل رأسه وجسمه،ولم یکن یبحث عن شیء فی العالم إلّا عبر قدرة الخالق. إنّ الهدف من الاغتسال بالماء هو نیل سمو الروح «إنّ المعانی الرمزیة للماء یتلخص فی ثلاثة مضامین أساسیة، هی: عین الحیاة، وأداة للتزکیة، ومرکزاً للحیاة. وقد تجلت هذه المفاهیم والأبعاد الأسطوریة والطقوسیة للماء فی ثقافات الشعوب المختلفة بأشکال متنوعة.» (یاحقی، 2007م: 3) أشارت منظومة بانوگشسب نامة إلی رمزیة الماء. وبلغت بانو گشسب وفرامرز بعد معرکة القرابة مع رستم أرض توران ونصبا الخیام بالقرب من عین ماء.
شکـــار افکنان تــا بـه تــــوران زمیـــن کـه از چــرخشان دل نبـــودی غمیــــن گزیــدنـــد ســـرچشــمــهیی دلپــــذیر کشیــدنــد آن خســـروانی ســریــــر همـــان سبــــز خـــرگه بــرافــراختنـد چو شیـــران به نخچیـــرگــه تاختنـــد بکــشـتند بسیـــار آهــــــو و گـــــور بســـی چشمـــه دیـدنــد نزدیک و دور ز هـــر گــوشــه اسپـــان بـرانگیختــند به آهــوی و گــــور انـــدر آویختنــــد (بانوگشسبنامه،1382: ص86- 87،ب400- 404) - وهم فی نشوةالاصطیاد حتی وصلوا إلی أرض توران، ومن کثرة تنقّلهم وترحالهم لم تکن قلوبهم مغمومة حزینة. - فاختاروا لأنفسهم عین ماء مستطابة، وبسطوا هناک الأسرّة الفاخرة. - فأقاموا الخیام الکبیرة الخضراء، وانقضوا نحو المصاد کالآساد. - فقتلوا الکثیر من الغزلان والحمر الوحشیة، ورأوا هناک ینابیع ماء ٍکثیرةً، قریبةً وبعیدةً. - فانهالت الخیول من کلّ صوب وجانب، فأحاطت بالغزلان والحمر الوحشیة المتواجدة. وعندما طلب ملوک الهند الزواج من بانوگشسب عسکروا بجیوش عظیمة علی حدود ایران وتوران، وأقاموا خیامهم بالقرب من الماء. ســـراپــرده و خیمـــه نــزدیک آب طنــابـــش بپـیــوســت انــــدر طنــــاب (بانوگشسبنامه،1382:ص109،ب726) - لقد أقاموا الخیام بالقرب من الماء بحبال مترابطة محکمة. یسعی الناقد فی النقد الأسطوری أثناء دراسته للآثار الأدبیة إلی إماطة اللثام عن الرموز فی النصوص الأدبیة لإظهار الأرضیات التاریخیة الحضاریة، وتشکل الثقافات عبر تحلیل تلک النصوص؛ لذلک فإنّنا نجد أنّ الماء هو أوسع المفاهیم انتشاراً فی ثقافات الشعوب. إنّ الماء من العناصر التی تساهم فی بناء الحضارات فی الأساطیر، کما أنّ له بعداً تطهیریاً وأداء حیویاً فی الحیاة. ونلاحظ فی منظومة بانوگشسب نامه أنّ الماء اکتسب أهمیة بالغة، حیث أنّ الخیام تنصب جنب المیاه. النتیجة تتمتع الأساطیر بمفاهیم عمیقة وتؤدی معرفتها إلی فهم لغة الشاعر والدخول إلی عالم مفعم بالأسرار والرموز. تعدّ منظومة بانوگشسب نامه من الآثار الأسطوریة التی تحمل أفکاراً أساسیة متعددة. بطلتها تُدْعَی بانوگشسب، وتعود إنجازاتها إلی فترة سیادة الأم (زعامة المرأة) فی التاریخ الإیرانی القدیم, حیث کانت الآلهة الإناث تقدس، وکانت تتمتع بمکانة رفیعة إذ کانت تعتبر جزءاً من الأرض الأم. تحاول بانوگشسب فی هذه المنظومة فرض شخصیتها علی الآخرین فی مواجهتها للنظام الأبوی الذی بدأ یسود, حیث نلاحظ معالجة الظلم النابع من الجنوسة فی هذا الأثر، ولکنها فی النهایة ترضح لطلب رستم، وتقبل أن تکون زوجة لگیو الذی خرج مرفوع الرأس من الامتحان. ومن التوظیفات الأسطوریة الأخری فی هذا الأثر موضوع التحول الجسدی، وهو ضارب بجذوره فی الثقافة الیونانیة القدیمة، کما أنّ رمزیة الماء، والذی هو رمز حیاة الکائنات، من العناصر الأساسیة فی هذه المنظومة. | ||
مراجع | ||
آیدنلو، سجاد. (2005م). «مهین دخت، بانوگشسب سوار». کتاب ماه ادبیات و فلسفه. العدد 93. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (2006م). «ارتباط اسطوره و حماسه». مجله مطالعات ایرانی. السنة 5. العدد 10. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (2008م). «پهلوان بانو». مجله دانشکده ادبیات و علوم انسانی دانشگاه شهید باهنر کرمان. السنة 7. العدد 13. اشرف زاده، رضا. (2007). فرهنگ بازیافتههای ادبی از متون پیشین. مشهد: سخن گستر و معاونت پژوهشی دانشگاه آزاد اسلامی واحد مشهد. الیاذة، میرچا. (1983م). چشم اندازهای اسطوره. ترجمه جلال ستاری. تهران: توس. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (1997م). رساله در تاریخ ادیان. ترجمه جلال ستاری. تهران: سروش. اوستا. (1996م). ترجمه جلیل دوستخواه. تهران: مروارید. ایونس، ورونیکا. (1994م). اساطیر هند. ترجمه باجلان فرّخی. تهران: أساطیر. بازرگان، محمد نوید. (2009م). «آب و افراسیاب». پژوهش نامه فرهنگ و ادب. السنة 5. العدد8. باستید، روجیه. (1991م). دانش اساطیر. ترجمه جلال ستاری. تهران: توس. بانوگشسب نامه. (2003م). تصحیح روح انگیز کراچی. تهران: پژوهشگاه علوم انسانی و مطالعات فرهنگی. بولن، شینودا. (1994م). نمادهای اسطورهایی و روانشناسی زنان. ترجمه آذر یوسفی. تهران: روشنگران. بهار، مهرداد. (2007م). پژوهشی در اساطیر ایران. تهران: آگاه. حسام پور، سعید. (2010م). «بانوگشسب در حماسههای ملّی». مجله مطالعات ایران. السنة 9. العدد 18. دادگی، فرنبغ. (1990م). بندهشن. ترجمه مهرداد بهار. تهران: توس. دلاشو، م. لوفلر. (1985م). زبان رمزی افسانه ها. ترجمه جلال ستاری. تهران: توس. دورانت، ویل. (1998م). تاریخ تمدّن، مشرق زمین گاهواره تمدّن. تهران: اقبال. رستگار فسایی، منصور. (2009م). پیکر گردانی در اساطیر. تهران: پژوهشگاه علوم انسانی و مطالعات فرهنگی. روتون، ک.ک. (1999م). اسطوره. ترجمه ابوالقاسم اسماعیل پور. تهران: مرکز. ریاحی زمین، زهرا و جباره ناصرو، عظیم. (2011م). «آمیزش اسطوره و حماسه در روایتی دیگر از بانوگشسب نامه». ادب پژوهی.العدد 18. زرّین کوب، عبدالحسین. (1978م). در قلمرو وجدان. تهران: سروش. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (1983م). یادداشتها و اندیشهها. تهران: جاویدان. سرکاراتی، بهمن. (1999م). مجموعه مقالههای سایههای شکار شده. تهران: قطره. صفا، ذبیح الله. (2008م). حماسه سرایی در ایران. تهران: فردوس. فرای، نورتروپ. (1995م). ادبیات و اسطوره. از مجموعه مقالههای اسطوره و رمز. ترجمه جلال ستاری. تهران: سروش. فردوسی، ابوالقاسم. (2008م). شاهنامه. به کوشش سعید حمیدیان. تهران: قطره. کامبل، جوزف. (2010م). قهرمان هزار چهره. ترجمه شادی خسرو پناه. مشهد: گل آفتاب. کویاجی، جهانگیر کوروجی. (2001م). بنیادهای اسطوره و حماسه ایران. گزارش و ویرایش جلیل دوستخواه. تهران: آگه. گیرشمن، رومن. (1989م). ایران از آغاز تا اسلام. ترجمه محمد معین. تهران: علمی و فرهنگی. لاهیجی، شهلا و کار، مهرانگیز. (1992م). شناخت هویّت زن ایرانی در گستره پیش تاریخ و تاریخ. تهران: روشنگران. فیرجیل. (2011م). انهاید. ترجمه میرجلال الدین کزازی. تهران: قطره. ویو، ج. (1996م). فرهنگ اساطیر مصر. ترجمه ابوالقاسم اسماعیل پور. تهران: فکر روز. هینلز، جان راسل. (2004م). شناخت اساطیر ایران. ترجمه با جلال فرّخی. تهران: اساطیر. یاحقی، محمدجعفر. (2007م). فرهنگ اساطیر و داستان واره ها در ادبیات فارسی. تهران: فرهنگ معاصر.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,802 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 1,199 |