تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,618 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,303,014 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,356,127 |
دراسة المونتاج السینمائی فی تشکیل صورة العدّودة المصریة | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 6، دوره 5، شماره 17، شهریور 1436، صفحه 127-153 اصل مقاله (2.88 M) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
هاشم محمّد هاشم1؛ مریم جلائی2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1دکتوراه فی الأدب الفارسی المقارن، جامعة أسیوط ، جمهوریة مصر العربیة | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذة مساعدة فی اللغة العربیة وآدابها بجامعة کاشان، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
یمثّل "العدید" ممارسة من أهم ّالممارسات الشعبیة التی تمارَس فی مصر والمرتبطة بطقوس الموت والعزاء، ویُعدُّ الوجه الشعبی للمراثی فی الأدب الرسمی مع وجود بعض الفوارق بینهما، کما أنّه نوع مهمّ من أنواع الأغنیة الشعبیة المصریة. فقام هذا البحث بالمنهج الوصفی ـ التحلیلی بدراسة نصوص من فنّ العدید برؤیة سینمائیة والبحث مکوَّن من جزءین؛ أوّلهما تطبیق أنواع المونتاج السینمائی حسب نظریة ایزنشتین علی فنّ العدید، وثانیهما دراسة العاملَین الأساسیَین الذین یؤثران فی توظیف تقنیة المونتاج داخل نصوص العدّودة وهما قالب العدید والتکرار. ولاحظنا عند دراسة نصوص فنّ العدید وجود بعد سینمائی واضح؛ بحیث برزت بعض التقنیات السینمائیة وعناصرها داخل نصوص الفنّ المدروس، تلک التقنیات التی تتوافق فی الوقت نفسه مع أغراض فنّ العدید من إبراز حالة الحزن وتعدید صفات المیت من خلال مشاهد تصویریة یحاول المبدع الشعبی باستخدام مفرداته فی تجسیدها فی مخیّلة المتلقی. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الأدب الشعبی المصری؛ الرثاء؛ فنّ العدید؛ تقنیة المونتاج؛ تشکیل الصورة | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
فنّ العدید هو براعة المرأة المصریة فی الرثاء فی صورته الشعبیة فی حالة وفاة شخص ما؛ تهدف منه إثارة الحزن واللوعة علی المیّت عن طریق الصورة الشعریة. هذا الفنّ یندرج تحت نوع الممارسات النسائیة؛ فعلی حسب أحد تقسیمات الأدب الشعبی نجد تقسیماً یقسمه إلی ثلاثة أنواع؛ النوع الأول لا یؤدیه إلا الرجال مثل السیرة الشعبیة[1] التی ینحاز أداؤها للرجال دون النساء باعتبار أنّ السیرة الشعبیة أعلى من مدارک النساء وأرفع من مقامهنّ، والنوع الثانی لا تؤدیه إلا النساء مثل العدید أو أغانی الفراق؛ تلک الأغانی التی تقوم النساء بأداءها دون الرجال بحیث تعدّ بحقّ ممارسة نسویة خالصة، وهناک النوع الثالث الذی یتشارکان فیه الرجال والنساء مثل أغانی العمل وحکی الحکایات الشعبیة والخرافیة )حواس، 2005م: 25-26) وعلیه یکون فنّ العدید نوعاً من الممارسات النسائیة الخاصّة. ویُرجع بعض الباحثین أصل ونشأة فنّ العدید إلى الأصول الفرعونیة؛ بمعنى أن فنّ العدید بما تحمله من معان ومضامین عبارة عن أثر حقیقی لتجربة وفلسفة المصریین القدماء الذین وقفوا أمام ظاهرة الموت موقفاً حضاریاً ومتقدماً بمقاییس زمنهم آنذاک (البولاقی، 2011م:25) واستدلوا على ذلک بالصلات الکثیرة بین المدوّنات الفرعونیة القدیمة المنقوشة أو تلک التی ذکرت فی کتاب الموتى أو على ورق البردی[2]، ومن الأناشید الدینیة الحزینة التی کان یردّدها الکاهن المرتل کما وجدت ندبة دینیة کانت تنشد تمجیداً لـ "خرتروس" الذی عشق "ریا" زوجة إله الشمس وأم ایزیس و أوزوریس (توفیق، 2005م: 40) ومن ثم نجد أنّ المصری القدیم دأب على الاهتمام الشدید بطقوس الموت والاحتفال بدفن الموتى حیث کان یعتقد أنّ سعادة المیت تتوقّف على هذا الاحتفال وما یلحق به من طقوس (بارندر،1993م:44) وهذا الفنّ لایزال یمارس فی بعض محافظات مصر ویعتبر بحقّ من أقدم وأهمّ فنون القول التی مارسها الإنسان ولکنّه من المؤسف علیه أغفل عنه لحدّ بعید الباحثون والنقّاد فی مجال الأدب. وعلیه، تناولت الدراسة الحالیة بالمنهج الوصفی ـ التحلیلی فنّ العدید الذی أفاد من أسلوب المونتاج السینمائی فی تشکیل صورة من صور التعبیر الشعبی لأشدّ اللحظات ألماً وحزناً فی دورة حیاة الإنسان لتکشف النقاب عن علاقة هذا الأدب العربی المعاصر عامّة وهذا الفنّ الشعبی خاصّة بالسینما؛ فیهدف البحث الإجابة علی السؤال التالی: ما العلاقة بین فنّ العدّودة المصریة وفنّ المونتاج السینمائی فی تصویر الآلام والأحاسیس؟ فوقفنا فی صلب الدراسة عند المصطلحات الأساسیة للبحث، ثم قمنا بدراسة فنّ العدّودة من جهتین؛ أولاهما تطبیق أنواع المونتاج علی الفن المقصود دراسته، ثانیتهما دراسة قالب العدّودة والتکرار الذین یُعتبران من أهمّ العوامل التی أدّت إلی توظیف المونتاج السینمائی فی هذا الفنّ. وجدیر بالذکر أنّ نصوص فنّ العدید التی تقوم علیها الدراسة من عدة مصادر وهی کالتالی؛ الأوّل عبارة عن النصوص التی قام أحد الباحثَین بجمعها من محیط محافظة قنا بجنوب مصر وسوف نکتب بعدها کما هو مبیّن اسم الباحث، والثانی النصوص التی استعانت بها الدراسة من کتاب الناقد والشاعر أشرف البولاقى، أشکال وتجلیات العدّودة فی صعید مصر.. عرابة أبیدوس وبردیس (دراسة میدانیة)، والثالث النصوص التی استعانت بها الدراسة من کتاب الباحث عبدالحلیم حفنی بعنوان المراثی الشعبیة(العدید)، والرابع النصوص التی استعانت بها الدراسة من کتاب الباحث أحمد توفیق، أغنیات الفراق تراث الحزن فی صعید مصر. مصطلحات البحث بدایةً علینا أن نقدّم تعاریف موجزة للمصطلحیَن الأساسیَین للدراسة وهما المونتاج وفنّ العدید بغیة تعرف القارئ الکریم علی ماهیة البحث. ـ المونتاج (montaje): وهی تقنیة سینمائیة خالصة یقول ارنست لند جرن:« إنّ تطوّر الفنّ السینمائی کان فی جوهره تطوراً فی المونتاج.» (لندجرن، 1959م:40) فالمونتاج السینمائی فی حد ذاته أسلوب فی التعبیر، وهو قاعدة التجمیع بین العناصر المتفرقة (اللقطات) ویختصّ الفنّ السینمائی وحده بتقنیة المونتاج وفی نفس الوقت له أهمیة کبیرة وضرورة ملحة (فیلدمان، 1996م:38 ) وعرّفبودوفکین المونتاج أو ما یسمّیه عملیة الترکیب أنّها «اختیار وتوقیت وترتیب لقطات معیّنة فی تسلسل سینمائی وتصبح هی العامل الخلاق الفاصل فی إنتاج أیّ فیلم.» (رایس، 1987م: 13) أی أنّ المونتاج عملیة لترتیب اللقطات المختلفة، بحیث تعطی مجتمعةً معنی أو فکرة مخالفة لما تعطیه کلّ لقطة على حدة، أو هو عملیة ترکیب خلاق لجزئیات الفیلم من حیث تکوین الأفکار والمعانی والمشاعر والإیقاع والحرکة، وکذلک تحقیق الوحدة الفنیة للفیلم کلّه. (عجور، 2011م: 97) ومن ثمّ نجد أنّ المونتاج بمثابة النحو بالنسبة للغة، فهو یعمل على ترتیب اللقطات وأطوالها واللحظة التی یتمّ اختیارها للانتقال من لقطة إلى أخری واختیار وسائل القطع والانتقال، فالانتقال السیئ بین المشاهد واللقطات یؤدّی نفس نتیجة أساءة استخدام قواعد النحو واستخدام قواعد حروف الهجاء وعلامات الترقیم بالنسبة للأعمال الأدبیة التی تفقد قیمتها بسبب ذلک الاستخدام السیئ. (الصبان، 2001م: 103) ولا یمکن أن نصل إلى جودة المونتاج إلا عن طریق وجود إیقاع سلیم للحدث، وذلک الإیقاع لا یأتی إلاّ من خلال اختیار التناسب بین طول اللقطات الذی یستثیر المتفرج أو یهدئه، وربما یتجاوز المونتاج کونه وسیلة تعبیریة لسرد قصّة ما إلى أن یکون کل قطع عبارة عن فکرة جدیدة بدلاً من الاکتفاء بتطویر الحدث فقط. (سیف، 2012م: 181) وترجع أهمّیّة المونتاج إلى أنّه هو الذی ینتج المعنى العام، وهو المسئول عن تسلسل الأحداث بشکل منطقی، ولا یتوقّف دوره حدّ ترتیب اللقطات لیتناسب السرد الدرامی فقط؛ بل یقوم بدور المجاز والتوریة والاستعارة وغیرها، فهو یصنع بلاغة السینما. (عجور، 2011م: 103) کما أنّ عملیّة المونتاج ذاتها وربط اللقطات ببعضها البعض تحمل مفهوم إیدیولوجی وفکری معیّن یتبنّاه صنّاع الفیلم.( فیلدمان، 1996م: 40-41) ـ العدید: ویتّسم فنّ العدید کغیره من الفنون الشعبیة بصعوبة تحدید تعریف جامع مانع لفنّ العدید، فلقد ظهرت عدّة تعریفات لهذا الفنّ؛ منها التعریف الذی ورد فی "موسوعة التراث الشعبی العربی" بأنّه «أغان جنائزیة أو بکائیات فی مناسبات الموت (المآتم) لرثاء الموتى تؤدّیها النسوة من أقارب المیّت دون الرجال، وقد تؤدّیها المعددات أو (المعدادة) أو الندّابات المحترفات ـ کما یطلق علیهنّ فی کل بلد عربی ـ اللاتی یتخّذن من العدید حرفة لهن، وفی بعض مناطق البلاد العربیة -کما فی مصر والعراق وتونس وغیرها- یبدأ العدید بعد الانتهاء من مراسم الجنازة، فتجتمع النسوة فی منزل المیّت تتقدّمهنّ المعددة یرددن العدید الذی تشتدّ حرارته وانفعاله کلّما وفد على المکان وفد من النساء المعزیات فیعلو الصراخ والصیاح ثمّ تعود دورة العدید مرة أخرى.» (الجوهری، 2012م:330) ومن التعریفات التی نقبل بها أنّه «نوع من الشعر؛ الهدف منه تعمیق حالة الحزن وشحذ المشاعر وهو ملیء بالموسیقى، موزون ومقفى، یختلف عن الشعر فی أنّه مقطوعة من أربع شطرات، لیست بالمربعات[3] ولا فنّ الواو[4] ولا غیرها من فنون الأدب الشعبی، یتمیز بالبطء الشدید فی مط الکلمات، له مذهب لحنی واحد لا یتغیّر، ومع هذا یهیأ للمتلقّی فی کلّ مرّة أنّ هناک جملة لحنیة جدیدة، لأنّ النهنهة والصرخات والانفعال تضفى المذهب اللحنی تألّقاً جدیداً.» (توفیق، 2005م: 95) ویرجع تسمیة أغانی الفراق الحزینة باسم العدید إلی السمة الغالبة علیها وهی التعدید أو الإکثار من ذکر محاسن المیّت وعاداته الحمیدة، کتعبیر صارخ عن حالة الفقد التی ستعانیها برحیله. (خضر، 2009م: 143ـ144) والعدید جمع "عدودة" ورغم عامیة المفردة إلاّ أنّها تنتسب إلى الفصحى من حیث مصدرها وهو العدّ، بما یعنى عد وإحصاء مناقب وصفات المیّت وذکر ما کان علیه فی دنیاه من حالات القوّة والفرح أو الصلاح....إلخ. (البولاقى،2011م: 21) ونحن نری أنّ اسم العدید أفضل الأسماء التی أطلقت علی هذا النوع من الأغانی، بحیث سمیت حیناً باسم أغانی الفراق والبکائیات والنواحیات، لکن اسم العدید یمتاز عن هذه المسمیات بخصوصیة اللفظ، وکذلک بما یحمله اللفظ من دلالة سابقة الشرح.
خلفیة البحث قام عددٌ من الباحثین بدراسة "فنّ العدید" وکذلک"تقنیة المونتاج فی الأدب العربی المعاصر" من أهمّها؛ ـ کتاب بعنوان أشکال وتجلیات العدّودة فی صعید مصر "دراسة میدانیة" للشاعر والباحث أشرف البولاقی؛ یستکشف خلالها الشاعر بعض غوامض فنّ البکائیات فی صعید مصر من خلال بحثه فی أصول هذا الفنّ والتأثیرات الثقافیة والاجتماعیة علیه متخذًا من قریتَى أبیدوس وبردیس بمحافظة سوهاج نموذجین فی رحلته ملتزماً بالمنهج العلمی والموضوعی لیکشف النقاب عن بعض ملامح ومؤثرات الثقافة المصریة القدیمة فی هذا الفنّ. ـکتاب بعنوان الأسلوب السینمائی فی البناء الشعری المعاصر؛ سعى فیه مؤلّفه محمد عجور للتأسیس لبلاغة الصورة السینمائیة وغزوها للخطاب الشعری فی العصر الحدیث، مقارباً علاقة الشعر الحدیث بالسینما، وبواعث اعتماد الشعراء على التقنیات السینمائیة فی بناء القصیدة، کالسیناریو وطرائق توظیفه، وآلیات اشتغاله فی القصائد الحدیثة، والمونتاج وکیفیة الاستفادة منه فی تشکیل القصیدة الحدیثة بشکل یعتمد على الصورة المتتابعة فی صنع الأحداث. ـ کتاب عنوانه المونتاج الشعری فی القصیدة العربیة المعاصرة للشاعر والکاتب حمد محمود الدوخی، وهو عبارة عن دراسات فی أثر مفردات اللسان فی القول الشعری حیث تناول دیوان "مدیح الظل العالی للشاعر محمود درویش". اشــــتغلت هذه الدراسة على موضوع فنّی صرف وهو دراسة فن السینما متمثلاً بأسلوب المونتاج فی شعر محمود درویش الذی أفاد مبکراً من هذا الأسلوب الفنی فی بناء قصیدته الشعریة المعاصرة. ـ کتاب تحت عنوان المراثی الشعبیة (العدید)، وهو دراسة فی غایة الأهمیة للکاتب عبدالحلیم حفنی وهو من أهمّ الدراسات التی درست فن العدید وأبعاده ولقد حوی الجزء الأول منها نصوص فی فن العدید والجزء الثانی یضم دراسة فن العدید من ناحیة التعریف والسمات العامة لهذا الفن. کما نری فی خلفیة البحث وحسب علم الباحثَین لاتوجد دراسة تناولت الأدب الشعبی العربی عامّة وفنّ العدید خاصّة من رؤیة سینمائیة؛ فقمنا بدراستنا هذه لسدّ الفراغ فی هذا المجال. معطیات البحث کما سبقنا القول فی الملخص والتمهید قمنا فی الجزء الأول من بحثنا بتطبیق أنواع المونتاج السینمائی حسب نظریة ایزنشتین علی فنّ العدّودة وفی الجزء الثانی کما برز لنا عند الکشف عن دور المونتاج السینمائی کتقنیة فنیة فی تشکیل العدّودة عاملان یؤثّران بطریقة أو بأخرى فی توظیف تقنیة المونتاج داخل نصوص العدّودة، العامل الأول هو قالب العدّودة وشکلها الفنّی والعامل الثانی هو التکرار، فتناولناهما فیما یأتی بصورة أعمق وبأکثر تفاصیل. ـ أنواع المونتاج السینمائی فی العدّودة حسب نظریة ایزنشتین یُعدُّ المخرج الأمریکی د.و. جریفیث (1875- 1948م) هو المکتشف الأول لقواعد المونتاج السینمائی وهو أوّل من استخدمها. (لند جرن، 1959م: 61) أما المخرج الروسی سیرجی میخایلوفیتش ایزنشتین (1898-1948م) فقد أضاف الکثیر لتقنیة المونتاج بنظرته التجدیدیة الواعیة مقارنة بنظرة جریفیث، فقد اکتشف جریفیث فکرة التولیف وأعدَّه البناء الأساسی للسینما وغالباً ما کان یعتمد علی غریزته وإحساسه الفطری فی استخدام المونتاج، وکذلک کان استخدامه للمونتاج استخداماً محافظاً، أما ایزنشتین فقد صاغ نظریة تجدیدیة واعیة فی المونتاج وکان عمادها الأساسی یعتمد علی اکتشافات علم النفس فی الإدراک وعلی الجدلیة التاریخیة المارکسیة. (کوک،1999م:192-193) ولقد عبر ایزنیشتین عن نظریته قائلاً«إذا أردنا مقارنة المونتاج بشیء ما، فیجب مقارنة مجموعة من قطع المونتاج بمجموعة من الانفجاریات المتوالیة داخل محرک اشتعال داخلی وهو یدفع السیارة أو المحرک الآلی إلی الأمام، فالقوی المحرکة للمونتاج هی التی تدفع الفیلم کلّه إلی الأمام.» (رایس، 1987م: 43) ویقول ایزنشتین أیضاً: «إذا وصلنا لقطتین متقابلتین ببعضهما فإنّنا لا نحصل علی النتیجة البسیطة للقطة ولقطة أخری، بل نحصل علی ابتکار بدیع.» (المصدر نفسه) إنّ الافتراض الکامن فی نظریة ایزنشتین تقوم علی أنّ المتفرّج لا یری فی المونتاج لقطات متتابعة الواحدة بعد الأخرى، لکنّه یدرکها کوحدة واحدة، فإن اللقطات "أ" و"ب" و"ج" لیس لها وجود أو معنی فی حدّ ذاتها ولکن وجودها یتحقّق من خلال تتابعها علی شریط الفیلم، أی أنّ اللقطة المنفصلة تستمدّ معناها داخل المونتاج فی علاقتها وتفاعلها مع اللقطات الأخرى المتجاورة، وذلک یشبه موضع أیّ کلمة فی جملة ما یعتمد علی علاقة الکلمة بالکلمات الأخرى السابقة علیها والتالیة لها داخل الجملة، أو کالجمع مابین رمزَین أو أکثر فی وحدة واحدة یرمز بالتأکید إلی شیء جدید تماماً والرمز الجدید لیس هو المجموع الحسابی للرموز ولکنّه یعطی مفهوماً جدیداً لا یمکن أن یعبّر عنه أی من الرموز بمفرده فمثل "باب+أذن = یسمع"، "سکین+قلب = یحزن" ، "طفل+فم= یصرخ." (کوک، 1999م: 215-216) ولقد قسّم ایزنشتین المونتاج إلی عدة أنواع، وتجلّت أغلب هذه الأنواع فی نصوص فنّ العدید بصورة متفاوتة، وهذا التفاوت یعود إلی قدرة النصوص علی استیعاب وتوظیف کل نوع حسب تقسیم ایزنشتین لها. أـ المونتاج الطولی یهتمّ هذا النوع من المونتاج فقط بسرعة التولیف أو القطع بصرف النظر عن مضمون اللقطات، وأساس هذا التولیف هو مراعاة طول اللقطة وزمن عرضها علی الشاشة، وفیه یجب أن تظل العلاقة النسبیة بین طول کل لقطة وأخری ثابتة داخل المشهد الواحد. (المصدر نفسه: 219) ومن النماذج علی هذا النوع من المونتاج قول المبدع الشعبی: والله جدع من شقته دلوه / حموا المیه وعلی الجبل ودوه / والله جدع من شقته انزله / حموا المیه وعلی الجبل وله (الباحث) یتکوّن المشهد السابق من ثلاثة لقطات "نزول الجدع من الشقة/ تغسیله وتکفینه/ رحیله إلی القبر"، ولقد وظّف المونتاج بین اللقطات الثلاثة معتمداً علی التساوی النسبی بین طول کل لقطة والأخرى، فنجد أنّ لقطة "نزول الجدع من الشقة" تمثّل الحدّ الفاصل مابین لقطة "التغسیل والتکفین" ولقطة "التشیع والدفن"، بحیث تمّ استخدام تقنیة الفلاش باک فی المشهد السابق، فجاء فعل "حموا المیه" للرجوع إلی مراسم الغسل، ثم أکمل المشهد بالتسلسل الطبیعی لمراسم العزاء بمراسم التشیع والدفن "وعلی الجبل ودوه"، ومن ثمّ تعدّ لقطة التغسیل وزمن مراسم الغسل والتکفین مساویة نسبیاً للقطة تشیع الجنازة والدفن.
ضربة قویة جات علی لوحی / دخلت بسرعة طلًعت روحی / ضربة قویة وجات علی صدری / دخلت بسرعة وقصرت أجلی / ضربة قویة وجات علی راسی / والله کفتنی وشتتت ناسی (حفنی، 1997م: 160) یتّسم النصّ السابق بالطول النسبی وهذه السمة ساعدت علی تعدد الصور داخل النص، بحیث تظهر لنا ثلاث مشاهد؛ بحیث یکون المشهد الأول والثانی منها تکرار یحمل نفس الفکرة والمضمون "ضربة قویة جات علی لوحی/ صدری- دخلت بسرعة طلعت روحى/قصرت أجلی"، بالإضافة إلی المشهد الثالث المختلف "ضربة قویة وجات علی رأسى/ والله کفتنی وشتتت ناسی"، ونلحظ أنّ المونتاج الموظّف بین اللقطات فی المشاهد الثلاثة یتّسم بالتساوی بین اللقطات، فلدینا اللقطة الثابتة فی المشاهد الثلاثة "ضربة قویة جات علی لوحى/ صدری/ راسی" هی اللقطة الافتتاحیة للمشاهد وفعل الحرکة بها "ضربة قویة" هی التی تحیلنا إلی اللقطة الثانیة ثمّ اللقطة الثالثة فی کلّ مشهد من المشاهد الثلاثة، کما أنّها تدفع بالأحداث إلی الأمام، وتتّسم اللقطتان الثانیة والثالثة فی کلّ مشهد من المشاهد الثلاثة بالتساوی؛ ففی المشهد الأول والثانی یعدّ وقت دخول الرصاصة السریع لجسد القتیل مساویاً لوقت خروج روحه "خلت بسرعة = طلعت روحی / قصرت أجلی"، أما فی المشهد الثالث فنجد أنّ هناک تساویاً بین اللقطتین "کفتنی = شتتت ناسی"، کما أن هناک تناسباً فی حرکة الکامیرا فی المشهدین الأول والثانی بحیث تکون الحرکة أفقیة تتناسب مع موضع الضربة علی اللوحة والصدر، أمّا فی المشهد الثالث فاتجاه الکامیرا متناسق مع اتجاه الضربة من أعلی إلی أسفل؛ لهذا جاء باللقطة الثانیة من المشهد "کفتنی" متناسقة مع اللقطة الأولی للضرب من أعلی"وجات علی راسی" ثم اللقطة الثالثة"تشتّت الناس". ب ـ المونتاج الإیقاعی یعتمد هذا النوع من المونتاج علی القواعد الأساسیة المستخدمة فی المونتاج الطولی، ولکن سرعة التولیف فیه تعتمد علی إیقاع الحرکة داخل اللقطات؛ بحیث تصبح الحرکة داخل الکادر هی العنصر الذی یفرض حرکة التولیف من کادر إلی آخر، ویمکن أن یستخدم المونتاج الإیقاعی لتعزیز وتقویة الإحساس بنبض وسرعة المونتاج الطولی داخل المشهد وربما یصبح نقیضاً له. (کوک، 1999م: 219-220) ومن النماذج التی وظّف فیها المونتاج الإیقاعی داخل نصوص فن العدید قول المبدع الشعبی: ما أنا قاعده علی الدکه / میتم جدید ما حامل الهته[5]( البولاقی، 2011م: 145) یتّسم المونتاج الإیقاعی فی المشهد السابق بالبطء، ونلحظ أنّ کل لقطة من اللقطتین داخل المشهد "جلوس سیدة علی الدکه/ مرور جنازة جدیدة" متساوین فی زمن عرضهما، وهذا یعد الهدف الأول من المونتاج الإیقاعی وهو تحقیق القواعد الأساسیة للمونتاج الطولی، أضف إلی ذلک أنّ زمن العرض ساعد بشکل ما فی جعل إیقاع المشهد بطیئاً خاصة بتوظیفه "قاعدة علی الدکه/ ما حامل الهته"، وبذلک أعطی المونتاج الإیقاعی الدلالة الحزینة داخل المشهد. ریح شویة یا بویا علی المقعد / خایفة یا بویا وراک نتعب / ریح شویة نقولک علی الدیوان / خایفة یا بویا وراک نتهان / وقف نقول وأنت علی السلوم / خایفة یا بویا وراک[6] نهون (حفنی، 1997م: 114) یتّسم المونتاج الإیقاعی فی المشاهد الثلاثة السابقة بالسرعة مع مراعاة أنّ التولیف والقطع بین لقطتی کل مشهد من المشاهد الثلاثة متساویة تقریباً، بحیث تدلّ اللقطة الأولى فی المشاهد الثلاثة علی الزمن الآنى للعرض "ریح شویة یا بویا علی المقعد/ ریح شویة نقولک علی الدیوان/ وقف نقول وأنت علی السلوم"، أمّا اللقطة الثانیة فی المشاهد الثلاثة فتعدّ نتیجة للحدث الأول "خایفة یا بویا وراک نتعب/ خایفة یا بویا وراک نتهان/ خایفة یا بویا وراک نهون"، ونلحظ أنّ هناک تناقضاً مابین حرکة الأب السریعة والمتعجلة فی الرحیل فی اللقطة الأولی من المشاهد الثلاثة وبین الحرکة البطیئة والبائسة للبنت بعد رحیل والدها، بمعنی وجود تناقض مابین الحرکة الطولیة والإیقاعیة داخل المشاهد، ومن جمالیات الترابط مابین اللقطتین فی کلّ مشهد هو توظیف عناصر کلّ لقطة من اللقطات وتوظیف کلّ مکوّن للصورة ففی المشهد الأوّل نجد تناسباً مابین توظیف "المقعد" مع فکرة "التعب"سواء جسدی أو نفسی، وفی المشهد الثانی تجلّی التناسب مابین "الدیوان" وبین فکرة "الهوان" حیث أنّ الدیوان کمکان یدلّ علی الکلمة والعزة والسیادة، وهذا التناسب لم یبرز بالقدر الکافی فی المشهد الثالث والربط مابین "السلم" وبین "الهوان". ج ـ المونتاج النغمی یعد ایزنشتین هذا النوع من المونتاج تطوراً للمونتاج الإیقاعی؛ ففی المونتاج الإیقاعی تصبح الحرکة داخل الکادر هی العنصر الذی یفرض حرکة التولیف من کادر إلی کادر، لکنّ الحرکة داخل الإیقاع النغمی تعنی شیئاً أکثر اتّساعاً بحیث تتضمّن الحرکة کل العناصر الوجدانیة والدرامیة داخل اللقطة، وسمّی هذا النوع من المونتاج بالمونتاج النغمی؛ لأنّه یرکّز علی نغمة سائدة داخل المشهد. (کوک، 1999م:220) ومن النصوص التی وظّف فیها المونتاج النغمی قول المبدع الشعبی: مرات الصغیر یا حاله رأسک / خدی عزاکی وروحی لناسک / مرات الصغیر یا حاله شعرک / خدی عزاکی وروحی لأهلک (الباحث) یتجلّی المونتاج النغمی فی التولیف بین اللقطات الثلاثة "مرات الصغیر یا حاله رأسک/ شعرک" و"خدی عزاکی" و"روحی لناسک/أهلک"، وتعدّ الحرکة التصاعدیة فی المشاهد ذات أثر کبیر لنمو الشعور النفسی، بحیث یبدأ تسلسل الأحداث التی تتحرّک بدایة من حزن زوجة المیّت، ثمّ المشارکة فی مراسم عزاء زوجها وصولاً إلی عودتها لبیت أهلها، ونلحظ أنّ الحرکة داخل المشهد تضمّنت حرکة کلّ العناصر الدرامیة داخل اللقطات، أضف إلی أنّ کلّ لقطة من اللقطات الثلاثة اتّسمت بکثرة حرکة الأشخاص داخل اللقطة الواحدة، وهذا یؤدی إلی زیادة الأثر النفسی خاصة لاختیار شخصیة الزوجة التی تتسم بصغر السن، فهی زوجة الإبن الصغیر ومن العادات الشائعة فی مصر أن یکون الرجل أکبر سنّاً من زوجته. حبیبتی مالت وعدلوها / هانت ع البنات سبلوها / حبیبتی مالت وعدلوکی / هانت ع البنات سبلوکی (حفنی، 1997م:155) تتّسم اللقطات فی المشهد السابق بتعدّد الحرکة التصاعدیة للقطات فی بناء سردی واضح وتسلسل قصصی یتناسب مع لحظات الاحتضار والوفاة، مما جعل هذه الحرکة داخل لقطات المشهد السابق ذات أثر درامی مؤثر فی المشهد، کما أنّ حرکة الشخوص داخل اللقطة الواحدة یستوجب حرکة من عین المتلقّی وتتبع حرکة الکامیرا لعناصر الصورة "مالت/ عدلوها"، بالإضافة إلی أنّ الحرکة الأخیرة فی اللقطة الأخیرة "سبلوها" تتّسم بالتناقض مع الحرکة فی اللقطتین السابقتین، مما ینتج عنه خلق أثر نفسی یؤثر فی نفس المتلقّی. د ـ المونتاج الذهنی أو الإیدیولوجی یعدّ المونتاج الذهنی أو الفکری أو الإیدیولوجی من أهمّ أنواع المونتاج عند ایزنشتین وهو ملخّص تجربة ایزنشتین السینمائیة، حیث أنّ المونتاج الذهنی عند ایزنشتین لا یهتمّ بالسرعة أو الإیقاع أو الطابع الوجدانی علی الرغم من أنّ هذه العناصر یمکن أن تکون متضمّنة فی أیّ تتابع من اللقطات، ولکنّه یعتمد فی جوهره علی العلاقة الذهنیة بین اللقطات ذات المحتوی البصری المتناقض، بمعنی أنّه یعتمد علی الجدل أو الصراع أو التفاعل بین العناصر البصریة، حیث أنّ مفهوم المونتاج ووظیفته عند ایزنشتین لایقف حد خلق المشاعر والأحاسیس، ولکنّه قادر أیضاً علی التعبیر عن أفکار مجرّدة وصیاغة مقولات ذهنیة مباشرة وصریحة. (کوک، 1999م:220) وهذا النوع من المونتاج یتّسم فی حالات کثیرة بالصعوبة وعدم الوضوح للمتلقّی، ولا تنشأ الصعوبة من عدم وضوح بعض الفقرات من السینما الفکریة، بقدر ما تنشأ من عدم مقدرة المتلقّی علی فهم الارتباط بین اللقطات عند مشاهدة الفیلم لأوّل مرة، مما یتطلّب منه قدراً من الدراسة والتحلیل. (رایس،1987م:45) ومن نماذج فنّ العدید التی تجلّی فیها المونتاج الذهنی قول المبدع الشعبی: ناقة بلا جمال فایتها[7] الصیف / حرمة قلیلة شقیق تعمل کیف؟ / ناقة بلا جمال فاتها البلﱢ / حرمة قلیلة رجال، حال الدل[8]؟ / ناقة بلا جمال عقلوها / حرمة قلیلة رجال، هونوها[9]/ ناقة بلا جمال عقلوکی / حرمة قلیلة رجال، هونوکی (حفنی،1997م: 118) یتحقّق المونتاج الذهنی فی التولیف السابق، ویخلق الحالة النفسیة والتعبیر عن الفکرة العامّة التی یقصدها المبدع، فنجد أنّ التولیف بین لقطات "الناقة بلا جمال" المتعدّدة "فایتها الصیف/ فاتها البل/عقلوها/عقلوکی" وبین لقطات المرأة "الحرمة قلیلة الرجال" المتعدّدة "تعمل کیف؟/ حال الدل/ هونوها/ هونوکی"، فمن خلال تتابع وعرض اللقطتین تولدت فکرة ذهنیة "الانثی بدون ذکر عائل لها لا قیمة لها" لاتوجد فی أیّ منهما مفردة، بل تتولد من خلال تتابع اللقطتین وتوالیهما. تکلتونا علی حیطان[10] مالت / والله رجال الناس مادامت / تکلتونا[11]علی حیطان وقعت / والله رجال الغیر مانفعت(حفنی، 1997م: 118) "عدم وجود شیء ذی فائدة وقیمة بعد رحیل الرجال" تعدّ هی الفکرة الذهنیة التى حاول المونتاج الذهنی إبرازها من خلال توالی لقطة الحیطان "مالت/ وقعت" و لقطة رحیل الرجال "رجال الناس ما دامت/ رجال الغیر مانفعت"، فمن خلال تتابع اللقطتین برزت الفکرة الذهنیة التی یقصدها المبدع الشعبی فی نصّه.
ـ توظیف تقنیة المونتاج داخل نصوص العدّودة من خلال دراستنا لنصوص فنّ العدید لقد اکتشف لنا أنّ هناک عاملین لهما دور جلیّ فی توظیف تقنیّة المونتاج داخل النصوص؛ العامل الأوّل هو قالب فنّ العدّودة وشکله الفنّی والعامل الثانی هو تقنیة التکرار؛ سنتطرّق إلیها فیما یلی بتفاصیل أکثر وأعمق مع نماذج من نصوص العدّودة.
أ ـ أثر قالب العدّودة على توظیف تقنیة المونتاج تتمیّز العدّودة بمحدودیة قالبها وصرامة شکلها الفنّی -إلاّ فی بعض الحالات القلیلة- بحیث أدّی ذلک دوراً لا یستهان به فی تحدید وتحجیم الدور الذی یمکن أن یساهم فیه المونتاج السینمائی فی تشکیل العدّودة، فلقد أدّت محدودیة القالب کمساحة فنیة وصرامة الشکل وثباته إلى عدم استغلال جمیع أنواع المونتاج السینمائی المتعارف علیها، وهذا لأنّ المساحة المتاحة للعدودة - التی غالباًتتکوّن من أربع أسطر وربما تقلّ إلی اثنین أو تزید فی بعض النصوص القلیلة لتصل إلی ستّة أسطر أو ثمانیة- لم تسمح بالمزید من اللقطات التصویریة التی تعتمد علیها بعض أنواع المونتاج، ومن تلک النصوص: روق شویه[12]یا جایب الصابون / لیه حبایب فی الطریق بتهوم[13] / روق شویه یا جایب المیه / لیه حبایب فی الطریق جایه (الباحث)
یصوّر النصّ السابق وقت تغسیل المیّت، هذا الحدث الذی یحوی الکثیر من المشاهد، وعلى الرغم من ذلک نجد أنّ النصّ اقتصر على لحظة واحدة، تلک اللحظة التی ترکز على تأخیر المغسل فی تغسیل المیّت حتّى وصول أحباب المیت لحضور الجنازة، فالنصّ السابق یتکوّن من أربعة لقطات سینمائیة، بحیث تعدّ اللقطة الثالثة والرابعة تکراراً للقطة الأولى والثانیة على التوالی، فاللقطة الثالثة تکرار للقطة الأولى مع اختلاف فی جزء من مکوّنات الصورة فی تغیّر جلب المغسل للصابون إلى جلب المغسل للماء، وذلک ینطبق على اللقطة الثانیة والرابعة حیث أصبحت اللقطة الرابعة لقطة مکرّرة من اللقطة الثانیة مع اختلاف فی حالة الأحباب الغائبین عن الجنازة ومراسمها. یتجلّی فی النصّ السابق أثر ثبات قالب وشکل العدّودة فی عدم خلق المزید من اللقطات السینمائیة التی تتیح لتقنیة المونتاج إمکانیّات أکبر فی تشکیل النص، فلم یستطع المبدع الشعبی الإسهاب فی توظیف العدید من اللقطات مثل إبراز طریقة الغسل، وأدواته، أو حالة المغسل، أو حالة المیت الذی یغسل، وکذلک لم یستطع المبدع الشعبی فی النصّ السابق الإسهاب فی تصویر حالة الأحبة الغائبین عن الجنازة ومراسمها، وهذا ما دفع المبدع الشعبی لتکرار نفس اللقطات مرّة أخری مع خلقه لاختلاف طفیف؛ غرضه الأساسی خدمة الإیقاع والموسیقى الداخلیة أکثر من خدمة الصورة البصریة للنصّ، ومن النصوص الأخرى المماثلة للنص السابق، والتی لم یتح لها القالب والشکل استغلال إمکانیات تقنیة المونتاج السینمائی کقول المبدع الشعبی: أنا طالع عفصت[14] على اللوحة[15] / یاتری أرجع والا آخر الروحة / أنا طالع عفصت على المسمار / یاتری أرجع والا آخر المشوار (الباحث)
لقد أدّى ثبات الشکل وصرامة القالب فی النصّ السابق إلى عدم توظیف تقنیة المونتاج بالشکل المناسب، فالنصّ یصوّر لحظة خروج المیت من بیته بعد تغسیله، وهذه اللحظة بالإضافة إلى أنّها تحمل معانی ومشاعر کثیرة تحمل فی الوقت نفسه لقطات متعدّدة لخروج المیّت ولأهله والمشیعین لجنازته، ولکنّ بسبب محدودیة القالب وثبات الشکل لم تتعدّد وتتنوّع اللقطات الخاصّة بهذه اللحظة بحیث اقتصرت فقط على الاختلاف مابین تصویر المرور والضغط على اللوحة فی اللقطة الأولى وعلى المسمار فی اللقطة الثالثة، أی أنّ الکامیرا رکّزت على خروج جثمان المیّت فقط دون استدارتها لتصویر ما یحیط بالجثمان من مشاهد ربما لو دمجت داخل الصورة السینمائیة کانت ستزیدها رونقاً وقوةً لتجسید اللحظة، وهذا بالطبع أثر بالسلب على استخدام تقنیّة المونتاج بالشکل الذی یسمح باستغلال إمکانیّات المونتاج وتوظیفها لخدمة النصّ. وعلی الرغم من ثبات قالب وشکل العدّودة نجد أنّ تقنیّة المونتاج قد تحقّقت داخل نصوص فنّ العدید من خلال طریقتَین، الطریقة الأولی هی استغلال الطول النسبی لبعض النصوص، وأمّا الطریقة الثانیة فهو استخدام بعض الأفعال والمفردات التی ساعدت علی الدفع بالنصّ وتعدّد صوره. الطریقة الأولی؛ استغلال الطول النسبی لبعض نصوص العدید لقد تمیّزت بعض نصوص فنّ العدید بالطول النسبی الذی أتاح بدوره الفرصة لتعدّد الصور الذی ترتّب علیه بروز تقنیة المونتاج الذی بدوره ساعد على إبراز البعد الدلالی والجمالی للعدودة، وهذا لا یعنی أیضاً أنّ کلّ عدودة طویلة تتمیّز بتوظیف تقنیة المونتاج السینمائی ولکنّ بعضها یتمیّز بتعدّد لقطاته ومشاهده، ومن النصوص التی تمیّزت بطولها وتعدّدت صورها قول المبدع الشعبی: أمی تغطینی بطرحتها / وتخاف علیا إنی بنیتها / أمی تغطینی بکم طویل / وتخاف علیا من الذل والتهویل / أمی تغطینی بشعر الراس / وتخاف علیا من کلام الناس (البولاقی، 2011م:164-165) یتکوّن النصّ السابق من ثلاثة لقطات؛ تصوّر الأم وخوفها وحرصها على ابنتها، وهذا المضمون من المضامین التی نالت نسبة کبیرة من الحضور داخل مضامین العدّودة، ولقد أدّى المونتاج دوراً مهماً فی تشکیل بنیة النصّ وترتیب لقطاته الثلاثة، بحیث یعدّ ترتیب منطقی فی تسلسل الحدث، فالأمّ فی البدایة تحافظ على بنتها بطرحتها[16] وهو من أسهل ملابس المرأة من حیث الارتداء والخلع وکذلک من حیث الحجم، ثمّ محافظة المرأة على بنتها بکم جلبیتها[17] الذی یتّسم بالطول والذی یدلّ على الحشمة ولکن هذه الحشمة لا تعنی شیئاً فی سبیل المحافظة على بنتها، وأخیراً تذهب العدّودة فی اللقطة الأخیرة إلى ما هو أبعد من الملابس والأشیاء المادیة إلى حمایة الأم لبنتها بشعر رأسها وهذه الصورة تعدّ قمّة التدرّج فی تسلسل الأحداث الذی تکون من خلال النصّ وذلک بفضل تقنیة المونتاج. شکیت لأخویا یاریت ماشکیت / شتم على بعد أنا مامشیت / شکیت لأخویا فرش حصیره ونام / ما یکون أبویا کان عدى وعام[18]/ شکیت لأخویا راح ولا فاکر / ما یکون أبویا مایطیب له خاطر (حفنی، 1997م:116) یعدّ النصّ السابق من النصوص الطویلة التی تجلّت بداخلها تقنیة المونتاج السینمائی، وساعد طول النصّ وتنوّع الصور وکذلک عدم الاعتماد الکامل على بنیة التکرار على توظیف تقنیة المونتاج السینمائی، حیث تکوّن فی النص السابق من ثلاث لقطات یصور من خلالها وبشکل عام حالة الابنة التی مات والدها ویتجاهلها أخوها، بحیث صوّرت اللقطات الثلاثة التی یحویه النصّ طرق تهرّب الأخ وتجاهله لأخته، ففی المرّة الأولى بعدما شکت الأخت لأخیها حالها، ما کان من الأخ إلاّ أن شتم على أخته بعدما رحلت، وفى اللقطة الثانیة کان ردّ فعل الأخ على شکوى أخته أنّ فرش حصیره ونام متجاهلاً أخته والتی تتحسّر على والدها الذی کان عدى (البحر/النهر/الترعة) وعامه من أجلها. أمّا اللقطة الثالثة والأخیرة فصوّرت ردّ فعل الأخ بالتجاهل وعدم تذکر أخته من الأساس وهذا عکس والدها الذی لم یطب خاطره إلاّ براحة ابنته، وکان دور المونتاج السینمائی فی هذا النصّ العمل على ترتیب اللقطات الثلاثة وربطها بشکل تدریجی وتتابع سردی مستغلاً الکامیرا والتضادّ البصری فی رد فعل الأخ والأب اتجاه شکوى الابنة حیث کانت حرکة الأخ تتّسم بالسکون وبطء الحرکة على العکس من حرکة الأب التی تتّسم بالسرعة والاندفاع، ولقد ساعد کل هذا على زیادة التأثیر النفسی لدی المتلقّی. الطریقة الثانیة؛ استخدام بعض الأفعال والمفردات التی ساعدت علی تعدّد الصور والأحداث أمّا عن الطریقة الثانیة التی ساعدت على توظیف تقنیة المونتاج السینمائی داخل نصوص فنّ العدید فهو استخدام المبدع الشعبی لبعض الأفعال والمفردات التی کانت عاملاً أساسیاً فی الدفع بالأحداث وتتابع الصور مما ساعد على تطویع تقنیة المونتاج وتوظیفها لتساهم کتقنیة فنیة فی تشکیل العدّودة، وذلک بطریقتین؛ هما:
کان للفعل دور کبیر فی الدفع بالأحداث وساعد علی تعدد الصور واللقطات فی بعض النصوص مما أتاح الفرصة لبروز تقنیة المونتاج السینمائی واستغلال امکانیاتها فیقول المبدع الشعبی: یا خایبه اتحزمى واجری / م تحلقی[19] ع النعش من قبلی(البولاقی ، 2011م: 132)
قامت الأفعال فی النصّ السابق بالدور الرئیس فی عملیة المونتاج، بحیث تکوّن النصّ من أربعة لقطات، کانت اللقطة الأولى هی اللقطة الافتتاحیة التی ترکز على شخصیة الممثلة/البطلة الوحیدة والتی وصفت بالخیابة؛ لهذا السبب استخدم المبدع الشعبی أفعال الأمر لتوجیه هذه الشخصیة الخایبة/ الجاهلة، ونجد ردّ فعل هذه الشخصیة هو تنفیذ أفعال الأمر والتی جاءت فی توالی اللقطات حتّى تصل إلى منع النعش من الوصول إلى مقرّه الأخیر فی المقابر والذی غالباً یکون کما وضح النصّ فی الجهة القبلیة/الجنوبیة فی بیئة جمع النص، وعمل المونتاج فی النص السابق على تکثیف النص وسرعة إیقاعه وکذلک على زیادة تصاعد الشعور النفسی للمتلقی. یا برج عالی فی طریق الواح[20] / اتکسر البرج شت الحمام وراح (الباحث)
تکوَّن النص السابق من أربع لقطات؛ رکّزت اللقطة الأولى على برج الحمام العالی وهو رمز للشخصیة کبیرة الشأن التی توفّیت، ثمّ جاءت اللقطات التالیة على التوالی اتکسر البرج / شت الحمام / راح الحمام فلقد تحقق المونتاج فی اللقطات السابقة عن طریق استخدام المبدع الشعبی للأفعال "اتسکر / شت / راح" التی بدورها عملت على تعدّد الصور وتتابعها، ولقد أجاد المبدع الشعبی فی توظیف وضع الکامیرا بحیث کانت الکامیرا فی جمیع اللقطات باستثناء اللقطة الثانیة فی وضع أعلى من مستوی النظر وهذا واضح من المفردات والأفعال التالیة "العالی / شت/ راح" ویعد توظیفاً مثالیاً للکامیرا بحیث یدلّ على القیمة الفعلیة للبرج/ المتوفى الذی بدونه لا یکون للحمام/ الأهل والأحباب أی قیمة بدون البرج. هاتوا المخدة واسندوا راسی / اکتب جواب واشیعه[21] لناسی / هاتوا المخدة واسندوا ظهری / اکتب جواب واشیعه لأهلی (حفنی، 1997م:83)
ینتمی المونتاج المستخدم فی النصّ السابق إلی المونتاج السردی والذی فیه یتمّ التولیف بین اللقطات من خلال تتابع زمنی خاصّ ویهدف هذا النوع من المونتاج إلی تکوین تدفّق سردی وکذلک یهتمّ علی نحو خاصّ بتطوّر القصّة وتنامیها. (عجور، 2011م: 117) وهذا ما اعتمد علیه المبدع الشعبی فی نصّه بحیث کان التتابع الزمنی لتطوّر السیناریو فی النصّ بدایة من إحساس المتوفّى فی غربته بقرب الأجل ومن ثمّ تطوّر السیناریو إلی أن یصل خبر موته إلی أهله، ونلحظ أنّ الإیقاع السینمائی الموظّف فی النصّ السابق بطیء بعض الشیء، وهذا الإیقاع البطیء یتناسب مع الحالة النفسیة التی یتّسم بها النصّ.
استطاع أیضاً المبدع الشعبی وفی بعض النصوص توظیف تقنیة المونتاج عن طریق استخدامه للمفردات، بحیث وظّف المبدع الشعبی قاموسه اللغوی لخدمة نصّه وإن کان هذا التوظیف متواضعاً من حیث الاستفادة القصوى من القاموس اللغوی للمبدع الشعبی، ومن النصوص التی کان للمفردات دور فی بروز تقنیة المونتاج؛ إیش[22] یوجعک فی اللیل یا حبیبتی یا بتی[23] / شقایقی[24] وراسی وقلبی وکبدی / إیش یوجعک فی اللیل یا زینة الحلوین / شقایقی وراسی وقلبی یا أمی وشقتی الیمین (توفیق، 2005م: 128)
دمج المبدع الشعبی فی النصّ السابق مابین مایعرف بالمونتاج المتسارع الذی یهدف إلی جذب انتباه المشاهد عن طریق تلاحق الصور دون اللجوء إلی السردیة (عجور،2011م:120) وبین المونتاج الأمریکی، وفیه یتمّ تولیف مجموعة لقطات سریعة من أجل الإیحاء خلال فترة زمنیة قصیرة بجوهر الأحداث وذلک من أجل التلخیص والإیجاز أو لتبریر الانتقال من حدث إلی آخر. (المصدر نفسه: 124) وهذا ما تجلّی فی النصّ السابق الذی کان لتوالی المفردات المستخدمة "شقایقی/ راسی/ قلبی/ کبدی- شقتی الیمین" دورٌ فی تجلّی المونتاج وخلق لقطات متتالیة سریعة بعیدة عن السردیة والتفسیر لإبراز مدی سوء الحالة الصحیة للبنت، وفی نفس الوقت یهدف المونتاج إلی الإیجاز والسرعة فی الرد علی سؤال الأم (إیش یوجعک)، بحیث جاءت إجابة البنت سریعة تتناسب مع الجو العام للنصّ، ومن ناحیة أخری أدّی توالی المفردات السابقة إلی إبراز حالة الحزن والمرارة التی تعانی منها الأمّ، ولقد کان لمفردة اللیل دور کبیر فی تأکید هذه الحالة وذلک لما تحمله مفردة اللیل من معانی سلبیة، أی أنّ المبدع الشعبی لجأ إلی توظیف مفرداته لخلق صور بصریة متتالیة تتّسم بالسرعة لتوضیح المقدمة السردیة والمتمثلة فی سؤال الأمّ. وفی بعض النصوص الأخرى کانت المفردات التی استخدمها المبدع الشعبی فی نصوصه عبارة عن إشارات تدلّ بوجه عامّ على شخصیّة المتوفّی وصفاته الشکلیة والخلقیة ومستواه الاجتماعی، بحیث صارت المفردات وتوالیها فی النصّ تلخیصاً وإیجازاً لسرد صفات المتوفّى بطریقة طویلة ومملّة، وهذا فی مجمله هدف من أهداف تقنیة المونتاج ومن تلک النصوص قول المبدع الشعبی: اسم الله علیک من رقدة[25] التابوت / یا أبوالحریر والدهب والریحة والنبوت (البولاقی،2011م: 72)
یندرج القطع المونتاجی فی النص السابق إلی المونتاج الأمریکی، بحیث کانت المفردات فی النصّ تهدف إلی الإیجاز والتلخیص، وفی نفس الوقت کانت نوعاً من أنواع التکثیف، ونلحظ أیضاً التناسب فی ترتیب اللقطات السابقة (الحریر/ الدهب/ الریحة/ النبوت) بحیث انتقلت اللقطات من الداخل إلی الخارج أی من الذات إلی العالم الخارجی، کذلک أبرزت لنا الکلمات المتوالیة حقیقة المستوی الاجتماعی والطبقی الذی ینتسب له المتوفّى. ب ـ أثر تقنیة التکرار على توظیف تقنیة المونتاج أما عن تقنیة التکرار داخل نصوص فنّ العدید فقد أدّت إلى تحجیم وتقیّد إمکانیات المونتاج السینمائی واستغلالها، وهو دور مماثل لدور القالب والشکل فی عدم إتاحة القدرة الکاملة لاستغلال تقنیة المونتاج، وعلیه أصبحت تقنیة التکرار فی بعض النصوص عبأ على تقنیة المونتاج، بحیث صارت تقنیة المونتاج تحصیل حاصل فی تشکیل النصّ وبذلک فقد النصّ بعض جمالیاته، ومن تلک النصوص قول المبدع الشعبی: طلعوا التقریر من جیبه / شطبوا على اسمه ووظفوا غیره / طلعوا التقریر من یده / شطبوا على اسمه ووظفوا خلفه (حفنی، 1997م: 69-70)
یاعم عسسنی[26] قرار جیبک[27] / لا عین أبوی یجی یکشف على عیبک / یاعم عسسنی قرار الجیب / لا عین أبوی یجی یکشف على دا العیب (توفیق، 2005 م: 143)
أمی الحبیبة یا جراب المال / شفوقه علیا وعالمه بالحال / أمر الحبیبة یا جراب مالی / شفوقه علیا وعالمه بحالی( الباحث)
یا بت متبکى على ابوکى / ما ینفعک جوزک ولا اخوکى / یا بت متبکى على بیک / ما ینفعک جوزک ولا خیک (البولاقی، 2011 م: 129)
یتبیّن لنا من النصوص السابقة - وهى على مثال الحصر- مدى الدور السلبی الذی یقوم به التکرار فی تقلیل الصور وتنوّعها، بحیث اقتصرت الصور علی نفس الصورة مع تکرارها دون التغیر الذی یبرز جمالیات العدّودة، والذی انعکس فی توظیف مفردات اللغة وأفعالها التی لم تساعد على تنوّع الصور ومنح النصّ استمراریة فی تعدّد صوره، وعلیه تم إقصاء تقنیة المونتاج من أداء دورها فی تشکیل النصّ وإضفاء بعد جمالی یضفی له رونقاً.
النتیجة تبیّن بالدراسة أنّ دور المونتاج السینمائی فی نصوص فنّ العدید ارتبط فی الأساس بتنظیم إیقاع العدّودة وترتیب تسلسل الأحداث داخل العدّودة وذلک بهدف إبراز الشعور الحزین الذی یرغب المبدع الشعبی فی إیصاله إلی المتلقّی ویجعله یتأثر نفسیاً بالقدر المناسب عن طریقة ترتیب اللقطات داخل النصّ، ویبرز لنا عند الکشف عن دور المونتاج السینمائی کتقنیة فنیة فی تشکیل العدّودة عاملان یؤثرّان بطریقة أو بأخرى فی توظیف تقنیة المونتاج داخل نصوص العدّودة، العامل الأوّل هو قالب العدّودة وشکلها الفنّی والعامل الثانی هو التکرار. أما بالنسبة للعامل الأول فوصلنا إلی أنّه علی الرغم من ثبات قالب وشکل العدّودة قد تحقّقت تقنیة المونتاج داخل نصوص فنّ العدید من خلال طریقتین، الطریقة الأولی هی استغلال الطول النسبی لبعض النصوص، وأما الطریقة الثانیة فهو استخدام بعض الأفعال والمفردات التی ساعدت علی الدفع بالنصّ وتعدّد صوره. [1]ـ السیر الشعبیة هی المصطلح العربی المعادل للمصطلح الأدبی العالمی للملحمة الشفویة (Oral Epic) بما هی جنس أدبی قائم بذاته، عماده السرد القصصی، شعراً أو نثراً، بالغ الطول، مجهول المؤلف، یروی أو یؤدی شفهیاً، ویحکی ـ من منظور جماعی ـ الماضی القومی للشعوب، وتاریخ الأبطال الحقیقیین أو الخیالیین ومآثرهم العسکریة والقومیة، وهذا التأریخ فی حقیقته مزیج من الوقائع التاریخیة والمبالغات المیثولوجیة، حتّی قیل إنّ السیر الشعبیة هی التاریخ الذی ینشد علی أبواب الأسطورة، أی أنّ السیرة الشعبیة تعدّ نوعاً من أنواع الأدب الملحمی العربی وهی خطاب أدبی سردی، مجهول المؤلف متواتر بالروایة الشفویة عبر الأجیال، ویحکی بطریقة سردیة سیرة حیاة البطل أو بالأحرى قصة الماضی الجمیل للأمة العربیة من خلال تأریخها لحیاة هذا البطل والتغنی بمآثره البطولیة العسکریة والقومیة والسیاسیة والأخلاقیة والإنسانیة علی نحو مثالی و تعکس من خلاله أحلام المجتمع الشعبی وتصوّراته، ومن أهمّ السیر الشعبیة العربیة "سیرة عنترة بن شداد" تقع فی حوالی 4000 صفحة و"سیرة الأمیرة ذات الهمة و البطال وولدها الأمیر عبدالوهاب" تقع فی حدود 5000 صفحة و"السیرة الهلالیة" تقع روایتها النثریة فی 2000 صفحة. أمّا روایتها الشعریة فتقع فی ربع ملیون مربع شعری و"سیرة الملک الظاهر بیبرس" وتقع فی حوالی 5000 صفحة. (انظر: النجار،2006م: 25-28) [2]ـ هو نوع من أنواع الورق المستخدم فی الکتابة ویصنع من نبات البردی وقد عرف واشتهر فی العصر الفرعونی وهناک العدید من لفافات ورق البردی فی المتحف المصری بالقاهرة و المتاحف العالمیة الأخری. [3]ـ شکل من أشکال النظم فی الفنون الشعبیة فی مصر. [4]ـ فن من الفنون الشعبیة فی مصر و تشتهر به محافظة قنا فی جنوب مصر. [5]ـ الهته تعنی الصرخة. [6]ـ وراک تعنی بعدک. [7]ـ فایتها تعنی تارکها. [8]ـ حال الدل تعنی حال الذل. [9]ـ هونوها تعنی هانت. [10]ـ حیطان جمع حیط وتعنی الحائط. [11]ـ تکلتونا تعنی اعتمدنا. [12]ـ روق شویه تعنی اصبر. [13]ـ بتهوم تعنى تأتى مسرعة. [14]ـ عفصت تعنی ضغطت. [15]ـ اللوحة هی الخشبة التى یتم علیها تغسیل المیت. [16]الرداء الذی تلبسه النساء فی صعید مصر. [17]نوع من أنواع الملابس فی مصر وهی نفسها اللفظ العربی جلباب. [18]ـ عام تعنی أن یعوم. [19]ـ تحلقی تعنی تقفی أمام. [20]ـ ألواح تعنی الواحة. [21]ـ أشیع تعنی أرسله. [22]ـ ایش تعنی ماذا. [23]ـ یقصد بها کلمة بنتی وهذه الکلمة منتشرة جداً فی صعید مصر. [24]ـ شقایقی: جنبی. [25]ـ رقدة التابوت تعنی النوم داخل التابوت وهی إشارة إلى الموت. [26]- عسسنی تعنی عرفنی عن طریق اللمس. [27]ـ قرار جیبک تعنی کل ما یحویه الجیب. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بارندر، جفری. (1993م). المعتقدات الدینیة لدی الشعوب. ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، الکویت: عالم المعرفة. البولاقى، أشرف. (2011م). أشکال وتجلیات العدّودة فی صعید مصر: عرابة أبیدوس وبردیس (دراسة میدانیة). القاهرة: وعد للنشر والتوزیع. توفیق، أحمد. (2005م). أغنیات الفراق تراث الحزن فی صعید مصر. القاهرة: الهیئة المصریة العامّة للکتاب. الجوهری، محمد. (2012م). موسوعة التراث الشعبی العربی، المجلد الرابع (الأدب الشعبی). القاهرة: الهیئة العامّة لقصور الثقافة. حفنی، عبدالحلیم. (1997م). المراثی الشعبیة (العدید).القاهرة: الهیئة المصریة العامّة للکتاب، الطبعة الثانیة. حواس، عبد الحمید. (2005م). أوراق فی الثقافة الشعبیة. القاهرة: الهیئة العامّة لقصور الثقافة. خضر، فارس. (2009م). میراث الأسی تصورات الموت فی الوعی الشعبی، القاهرة: الهیئة المصریة العامّة للکتاب. رایس، کاریل. (1987م). فنّ المونتاج السینمائی. ترجمة أحمد الحضری، الجزء الأول، القاهرة: الهیئة المصریة العامّة للکتاب. سیف، ولید. (2012م). أسرار النقد السینمائی أصول وکوالیس، القاهرة: الهیئة العامّة لقصور الثقافة. الصبان، منی. (2001م). فنّ المونتاج فی الدراما التلیفزیونیة وعالم الفیلم الإلکترونی، القاهرة: الهیئة المصریة العامّة للکتاب. عجور، محمد. (2011م). الأسلوب السینمائی فی البناء الشعری المعاصر. القاهرة:الهیئة العامّة لقصور الثقافة. فیلدمان، جوزیف وهاری. (1996م). دینامیة الفیلم. ترجمة محمد عبد الفتاح قناوی، القاهرة: الهیئة المصریة العامّة للکتاب. کوک، دافید أ. (1999م). تاریخ السینما الروائیة. ترجمة أحمد یوسف، الجزء الأول، القاهرة: الهیئة المصریة العامّة للکتاب. لند جرن، ارنست. (1959م). فنّ الفیلم. ترجمة صلاح التهامی، القاهرة: الهیئة العامّة المصریة للکتاب. النجّار، محمد رجب. (2006م). الأدب الملحمی فی التراث الشعبی العربی. القاهرة: الهیئة العامّة لقصور الثقافة.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,854 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 4,933 |