تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,620 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,320,479 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,370,292 |
أصْدَاءُ الماضِی والحَاضِر فی شِعْرِ إدریس جَمَّاع | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 8، دوره 3، شماره 12، خرداد 1435، صفحه 195-181 اصل مقاله (217.31 K) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسنده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
محمد محجوب محمد عبدالمجید | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أستاذ مساعد بجامعة أم القرى فی مکة المکرمة، المملکة العربیة السعودیة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
یقوم هذا البحث بالتعرف على صدى الماضی والحاضر فی شعر الشاعر السودانی إدریس جَمَّاع ومدى نفعه وإفادته منهما. وهل کان استلهامه للماضی عن وعی ودرایة به، أم کان لا یعدو محاکاة وتقلیداً "استعارة بیت -ساخ معنى- تلفیق صورة". وهل أفاد من تجربة الحاضر ممثلة فی أبیالقاسم الشابی -لاسیما فی موقفه من الطبیعة وتقدیسه لها- أم کان مستهلکاً لها. وقد خلص إلى أنَّ جماعاً لم یکن مستوعباً للماضی فحسب، بل حاول قدر المستطاع صیاغته على نحو جدید یعبر فیه عن شخصیته وعن موقف شعراء العصر الحدیث منه، کذلک لم یفد من التجربة الشابیة -على الرغم من قصرها- فحسب، بل أضاف إلیها النضج والاتزان والهدوء الذی افتقدته. وحقاً أنَّ رؤاه وتصوراته من خلال شعره لاتفضی- فی آخر الأمر- إلى تصور فلسفی واضح المعالم أو رؤیة أیدیولوجیة صارمة، لکنَّها فی الوقت نفسه تدل بجلاء علی شاعریة واضحة المعالم بینة القسمات. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الشعر السودانی؛ جماع؛ الماضی والحاضر | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إنَّ أهمّ ما نحاول إنجازه فی هذا البحث، هو التعرف على صدى الماضی/ الحاضر فی شعر جماع ومدى نفعه وأفادته منه. وهل کان استدعاؤه له عن وعی تام به وبطبیعة السیاق التاریخی أو الفلسفی الذی أنجز فیه؟ أم کان لایعدو محاکاة وتقلیداً؟ وهل ظلّ الماضی على هیئته التقلیدیة؟ أم أعاد صیاغته على نحو جدید؟ وهل کان مجرد مستهلک للحاضر له؟ أم أتخذ موقفا نقدیا منه؟ سنقتصر فی هذا البحث على دراسة نموذجین مختارین یمثلان الماضی والحاضر، وهما: معارضته لبائیة أبیتمام فی فتح عموریة "عینة الماضی"، وتأثره بأبیالقاسم الشابی "عینة الحاضر"، أمّا الأوّل فلأنَّ السیاق الذی کتب فیه نصه یشابه إلی حدّ کبیر الجو والموقف الذی کتب فیه أبوتمام بائیته. وأمّا الأخیر فلأنَّه یشبهه فی حبه للطبیعة وتقدیسه لها. ولکنَّ قبل ذلک نجد أنفسنا مضطرّین للتعریف بالشاعر السودانی جمّاع، وهو وإن کان معروفاً فی بلادی، إلا أنَّنا -وللأسف الشدید- نجده فی کثیر من البلاد العربیة خامل الذکر، منسی السیرة. تمهید: سیرة جماع ولد الشاعر الکبیر إدریس محمد جماع سنة (1922م) بالخرطوم -حاضرة السودان- فی بیت زعیم قبیلة العَبْدَلَّاب الشهیرة، ولاشکّ أنَّ نشأته فی ظل هذه الأسرة قد هیّأته لاکتساب قیم العزة والشموخ والکبریاء والاعتزاز بالنفس. ویلتحق -کعادة لداته- بالکُتَّاب لتعلم مبادئ القراءة والکتابة وحفظ قسط من القرآن الکریم، فضلاً عن تلقف مبادئ الفقه المالکی "مذهب أهل السودان کلهم". وفی الثامنة من عمره یلتحق بمدرسة الحلفایا الأولیة "الابتدائیة" فیمکث فیها أربع سنوات، ما یلبث أن ینتقل إلى أم درمان الوسطى "الإعدادیة" سنة (1933م). ویبدو أن ضیق ذات الید قد حرمته فرصة البقاء فیها أکثر من شهرین. وفی سنة (1936م) یلتحق بکلیة المعلّمین ببخت الرضا. ویقذف به طموحه العلمی إلى مصر المحروسة للالتحاق بکلیة دارالعلوم. ویعود إلى السودان سنة (1951م) بعد حصوله على الإجازة فی اللغة العربیة والدراسات الإسلامیة لیشارک فی نهضته التعلیمیة إلى جوار نضاله الوطنی. ویظلّ على هذه الشاکلة إلى أن اخترمته المنیة سنة (1980م). وقد خلَّف شاعرنا دیواناً وحیداً أسماه "لحظات باقیة". *[1] المحور الأول صدى الماضی فی شعر جماع (أبوتمام/ جماع) أولاً. القراءة الخارجیة (النص من الخارج): یجدر بنا قبل أن نقرأ قصیدتی أبیتمام/ جماع قراءة واعیة متأنیة أن نقف قلیلاً عند دواعی نظمهما والجو العام الذی أنجزتا فیه، ثم نبحث فیما بعد قضیة الاحتذاء والتقلید. تعد قصیدة أبیتمام فی فتح عمّوریة واحدة من أجمل قصائده وأکثرها دویاً، وأکبر الظن أنَّ أهمیتها نابعة من کونها وثیقة تاریخیة وشاهداً مادیاً على نصر العرب المؤزر على الروم أو على إمبراطورهم توفیل بن میخائیل، الذی خرق العهد وخان الأمان وأبى دفع الجزیة عن ید، ولم یکتف بذلک «بل أغار على مدینة ملیطة وسبى من المسلمات ألف امرأة، وسمل أعینهم، وقطع آذانهم وأنافهم.» (الخضری، لاتا: 244) ویضیف ابنالأثیر «أنَّ امرأة هاشمیة أخذت تصیح عندما وقعت فی أسر الروم "وا معتصماه"، فلمّا بلغ المعتصم أقسم أن ینتقم من الروم، وأن یخرّب عموریة.» (العبادی، لاتا: 118) فی ظلّ هذه الأجواء کتب أبوتمام ملحمته فی فتح عموریّة لتکون شاهداً على الانتصار العربی، ولتکون بیاناً لموقف مثقفی العرب من الأحداث السیاسیة الجاریة وقتئذ. أمّا جماع فلایختلف السیاق التاریخی الذی کتب فیه بائیته عن سیاق أبیتمام، فهو -کأبیتمام- یمثّل موقف المثقفین من العدوان الثلاثی على مصر المحروسة سنة (1956م) بعد قرار تأمیم قناة السویس من قبل الزعیم الراحل جمال عبدالناصر "رحمه الله". إنَّ جماعاً وأباتمام یمثلان -بلا شک- موقف المثقفین من العدوان الغاشم على الأمة "مصر عند جماع" و"عموریة عند أبیتمام". وفی کل کان الرد حاسماً ومؤثراً، ومحرکاً للقاعدة الشعبیة، ومحفزاً للمجاهدین فی سبیل الله. إنَّ عناصر التشابه بین أبیتمام وجماع متعددة، فأبوتمام/ جماع، أو عموریة/ مصر امتداد للثقافة العربیة الإسلامیة، أو بمعنى أدق ثقافة التوسط والاعتدال، فی مقابل ذلک یمثل تیوفل/ دول العدوان الثلاثی ثقافة الظلم والاستبداد. لعل من الأجدى أن نصطنع جدولا توضیحیا لإبراز الواقع/ الصراع/ الموقف فی النصین.
ویوضح الجدول أعلاه تشابه السیاق التاریخی والجو العام الذی أنجز فیه النصان. کما یؤکّد من جهة ثانیة أنَّ استلهام إدریس جماع کان عن وعی ودرایة. القراءة الداخلیة للنصین: بدأ أبوتمام قصیدته بخطاب یتبنى فیه منطق القوة والحزم فی الردّ على المعتدین: السیْفُ أصْدَقُ أنْبَاءً من الکُتُبِ فی حَدِّه الحَدُّ بین الجدِّ واللعِبِ بیضُ الصَّفائحِ لا سُودُ الصحائِفِ فی مِتُونهِنَّ جلاءُ الشَّکِ والرّیَبِ والعلمُ فی شُهُبِ الأرْماحِ لامعةً بین الخمیسین لا فی السَّبعَةِ الشُّهُبِ (أبوتمام، 1994م: 1/32 وما بعدها) بینما جاء خطاب جماع مشحوناً بالعاطفة الجیّاشة والحماسة الشدیدة، ومع أنَّه حاول جاهدا أن یمنحه القوة والثورة إلا أنَّ الواقع یحول دون تحقیق أربه، کما أنَّه یقف عائقاً فی إقناع المتلقین: بی ما بِصَدرِکَ یا مِصریُّ من لَهَبٍ وَشِیْجَةُ الحَقِّ والتَّاریِخِ والنَّسَبِ عَمَّ البِلادَ ذُهُولٌ لا تُحَدِّدَهُ حُدودُ أرْضٍ وَمَشْبُوبٌ مِنَ الغَضَبِ هذا الدَّمُ الفائرُ المهتَاجُ نبْعَثُهُ ناراً ونَحْرِقُ مِنْهُ کُلَّ مُغْتَصِبِ (جماع، 1984: 55 وما بعدها) والحق أنَّ الفرق بین أبیتمام وجماع لایقتصر على المکونات الثقافیة أو المنطق الذی یؤمنان به، بل یمتد إلى الواقع العربی. إنَّه تباین بین زمنین، زمن القوة والسیادة وزمن الهزیمة والانکسار، أو قل البحث عن الذات العربیة الضائعة أو المتأرجحة بین دعاة القومیة العربیة وبین المنادین بالخروج من الجلد للسیر فی طریق الحضارة والمدنیة وفق نموذج المستعمرین. إنَّ أباتمام -یمثل فی تقدیرنا- أنموذجاً فذا للأمّة المسلمة المثقفة التی قادت العالم وفرضت سیادتها علیه بالحکمة والموعظة الحسنة، ولم تکتف بذلک، بل قدمت نموذجاً فذاً وفریداً فی التعامل مع الذمیین، فحفظت لهم حق ممارسة شعائرهم الدینیة، فالخروج على هذه الدولة خروج غیر مبرر، وبالتالی لابدّ من حسمه والوقوف فی وجهه. لذلک کان من الطبیعی لأبیتمام أن یبدأ مقدمته بمنطق القوة والحزم، فی مقابل ذلک کان جماع واقعیاً فی مخاطبة عاطفة العرب، فلعلّها تسری فی دمائهم لتمنح قلبهم جرأة افتقدوها زمناً طویلاً. لم یکتف أبوتمام بمنطق القوة، بل إرتدّ إلى التاریخ العربی الإسلامی لیمتح منه ما یعضد أطروحته ویمنحها منطقاً وعقلاً، یقول أبوتمام: وبرزةِ الوَجْهِ قَدْ أعْیَتْ ریاضَتُها کسرى وَصَدَّدَتْ صُدُوداً عن أبی کرِبِ مِنْ عَهْدِ إسْکَنْدَر أو قبل ذلک قد شَابَتْ نَوَاصِی اللَّیالی وَهْیَ لَمْ تَشِبِ فی مقابل ذلک لم یکن للتاریخ بأحداثه وشخصیاته حضور فی بائیة جماع، اللهم إلّا فی إشارة سریعة حاول اختزاله فیها: وَهزَّ ما رَسَّبَ التَّاریخُ فی دَمْهِم من البُطُولة والأمجَادِ والحِقَبِ ویبدو لی أنَّ جماعاً لم یکن مؤمناً باستدعاء التاریخ وشخصیاته البطولیة کأداة لإقناع القارئ الحدیث بهم، لذلک کان مضطراً إلى الاستعاضة عنهما ببدیل حاضر مؤثر ومقنع فی الوقت نفسه، وأعنی بذلک العروبة، ففی ظلَّ المدّ الثوری العروبی المتزامن مع شخصیة الزعیم جمال عبدالناصر وتأثیره القوی فی الشارع العربی،کان الضرب عن وتر العروبة مؤثراً على القلوب ومصافحاً للأسماع، یقول جماع: کُلُّ العرُوبةِ لما مَسَّ أخوتَهُم بأسُ المُغِیْرِ سَعَوْا فی نَـخـْوَةِ العَرَبِ عُرُوبةٌ وحدةُ الإنسانِ تَجْمَعُهُا کما الْتَقَتْ فی اتحادِ الأصْلِ والنَّسَبِ إنَّ تباین موقف الشاعرین من التاریخ هو امتداد لتباین الرؤیة والموقف منه، فأبوتمام یؤمن بحرکیة التاریخ لابوصفه زمناً، بل باعتباره وسیلة من وسائل الأداء الشعری وعنصر من عناصر المعنى. فحینما یلتمس نموذجاً أو نماذج تاریخیة بطولیة راسخة فی الوجدان العربی فإنَّه یمهد لإقناع القارئ بأنَّ بطله أو ممدوحه صورة مماثلة للأنموذج المختار، إن لم یکن امتداداً لها. أمّا جماع فلایعول على التأریخ کثیراً فی إقناع القارئ. کذلک لم تحفل قصیدته بمفهوم البطولة العروبی على نحو ما نجده عند أبیتمام. کذلک لم یکن التاریخ القریب أو البعید مسعفاً لجماع، فمن غیر المعقول أن یرتد إلى أکثر من ألف سنة لیستدعی نموذجاً یتقوى به فی مواجهة الحاضر. أنواع الصراع: إذا کانت جدلیة الصراع التی تنتظم الحیاة واضحة تماماً فی ذهن الشاعر الکبیر أبیتمام فمن الطبیعی أن تأخذ طریقها إلى نظمه، وأن تتعدد أشکالاً وهیئآت، ففیها الصراع الدینی والثقافی والحضاری. شغل الصراع بین الإسلام والکفر أو الصراع بین الحق والباطل قطاعاً عریضاً فی قصیدة أبیتمام: أبقَیْتَ جِدَّ بنی الإسلام فی صَعَدٍ والمشرکینَ وَدَارَ الشِّرْکِ فی صَبَبِ لو یَعلمُ الکُفرُ کم من أعصرٍ کَمَنَتْ له العَواقبُ بین السُّمْرِ والقَضَبِ تَدْبیرُ مُعْتَصِمٍ بالله مُنتقمٍ له مُرتقبٍ فی الله مُرْتَغِبِ ویأخذ الصراع بعداً ثقافیاً ویتجلى ذلک فی إیمان الروم بالمرجمین بالغیب وبالنجوم والطوالع: أیْنَ الرّوایةُ بل أیْنَ النُّجومُ وما صاغُوهُ من زُخْرُفٍ فیها ومن کَذِبِ تَخَرُّصَاً وأحَادِیثاً مُلَفَّقةً لیست بِنبْعٍ إذا عُدَّتْ ولاغَرَبِ وَخَوَّفُوا النَّاسَ من دَهْیَا مُظْلِمَةٍ إذا بدأ الکوکَبُ الغَربُّی ذُو الذَّنَبِ ویتطور الصراع عند أبیتمام لینتهی وفق تصور هیجل، أی بانتصار أحد الطرفین على الآخر: أبْقَتْ بَنِی الأصْفَرِ الممْرَاضِ کاسْمِهمِ صُفْرَ الوُجُوهِ وَجَلَّتْ أوْجُهَ العَرَبِ أمّا الصراع عند جماع فلم یکن واضحاً وضوحه عند أبیتمام اللهم إلّا فی إشارة مقتضبة: شَبَّ الصِّرَاعُ ولولا کَلْمَةٌ بَقِیَتْ فی الکون لامْتَدَّ فی الدنیا سرى اللَهَبِ أو فی قوله: لا عَیْشَ للنَاسِ فی دنیا طَرَائِقُها مِنْ شِرْعَةِ الغَابِ لا مِنْ شِرْعَةِ الکُتُبِ والحق أنَّ کلا الشاعرین کان وفیاً لعصره الذی عاشه، وأمته التی ینتمی إلیها وأطروحته التی آمن بها،فأبوتمام یؤمن بثقافة القوة فی حسم القضایا التی تشکل خطورة على العقیدة والأمة، بینما یمثل جماع إنسان القرن العشرین الذی یدعی الحضارة والمدنیة وهو وإن کان یؤمن بحق الأمة فی الدفاع عن نفسها إلّا أنَّه لا یقفل باب الحوار والاحتکام للمنظمات الدولیة فی حل القضایا الشائکة: فَعَالمُ الیومِ جِسْمٌ واحِدٌ وَسَرَى فیه الأسى سَرَیانَ الحِسِّ فی العَصَبِ شَبَّ الصِّرَاعُ ولولا کَلْمَةٌ بَقِیَتْ فی الکون لامْتَدَّ فی الدنیا سرى اللَهَبِ ویتحدث عن المبادئ التی یحتکم إلیها العالم،کحقوق الإنسان: یحْمِی الحَیَاةَ لهذا الجِیلِ فیک وفی کُلِّ الشُّعوبِ وَیَضْفِی السِّلْمَ فی حِقَبِ والنَّاسُ رُغْم فُروقِ الجنْسِ کُلّهم للحَقِّ أجْنَادُ جیشٍ صَاخِبٍ لَجِبِ ویمجد حکم الأغلبیة أو الدیمقراطیة: أن یحکمَ الأرضَ رأىُ النَّاسِ لَسْتَ تَرَى بها مَکَاناً لِظلمٍ لا وَلَا رَهَبِ ویشید بالدول الصدیقة التی دعتها الإنسانیة الحقة فی دفع غائلة المعتدین: أتى لنَصْرَکِ شَتَّى حَسْبهُمُ صِلَةً بُغْضٌ لِظُلْمٍ وإنْسَانِیَّةُ النَّسَبِ إنَّ میل جماع إلى السلم[2] وانتصاره له لیس نکوصاً أو ارتکاساً بقدر ما هو إیمان راسخ بمبادئ الإنسانیة الحقة. ومهما یکن من أمر فإنَّ أباتمام کان أکثر حماسة، وأشد ناباً، وأحزم موقفا، وحماسته لم تکن قاصرة علیه، بل انتقلت عدواها إلى المتلقی، فالقارئ أبیاته یشعر وکأنَّه أحد أجناد المعتصم أو أحد حراس ثغوره، فی مقابل ذلک کانت حماسة جماع فاترة ومضطربة، فالحماسة التی بدأ بها قصیدته لم تستمر طویلاً. إذ سرعان ما خفّ أوراها وقلّ ضرامها حتى تلاشت تماماّ. البنیة الإیقاعیة: جاءت بائیة أبیتمام فی إحدى وسبعین بیتاً، بینما جاءت بائیة جماع فی خمسة وثلاثین بیتاً. کذلک جاءت القصیدتان على زنة البسیط التام "مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن" وعلى روى واحد هو الباء المکسورة. أمّا فیما یتعلق بالزحاف فنلاحظ میل الشاعرین إلى زحاف الخبن، والجدول أدناه یوضح نسبة الالتزام الصارم بالتفعیلة الأصلیة فی مقابل الانحراف عنها.
ولعلّ أهمّ ما نلاحظه فی الجدول أعلاه، هو التزام أبیتمام الصارم بالعروض التقلیدی 85. 6% فی مقابل انحراف جماع عنه بنسبة تزید عن 26% أو بمعنى آخر أنَّ جماعاً میَّال إلى خلخلة النمط المثالی. ویبدو لی أنَّ سیطرة الروح والعاطفة عند أبیتمام هی من جعله یلتزم صیغة واحدة، فالقوة والصخب والجلبة هی الروح المسیطرة على النص فی مقابل ذلک نجد تفاوتاً واضطراباً عند جماع فروح الحماسة والقوة التی بدأها بها قصیدته لم تستمر طویلاً إذا سرعان ما خبأت فالتفاوت الانفعالی هو سبب لتباین الإیقاع، کذلک کان لمیل أبیتمام إلى استیفاء بحر البسیط وإعطائه حقه بالتزام نمطه المثالی داع ثان، هو الإلقاء، فأبوتمام ینشد شعره بین یدی الخلیفة، مما یضطره إلى إعطاء کل حرکة وسکون نصیبها الأوفى. أمّا جماع فأغلب الظن أنَّه کان یدفع به إلى الصحف السیارة أو المجلات الأدبیة لیأخذ طریقه إلى الجمهور. أما فیما یتعلق بالقوافی فنلاحظ اشتراک النصین فی 18 قافیة هی "الریب، الشهب، لأب النوب، الکرب، سرب، اللهب، تغب، العجب، الحقب، منقلب، محتجب، لجب، العرب، القضب، الحسب، النسب". وهذا یعنی أنَّ جماعاً اقتطف أکثر من 50% من قوافی أبیتمام. کذلک اعتمد الشاعران على تقنیات أسلوبیة متشابهة فی الوصول إلى القافیة،کالتضاد والترادف والتلازم:
والحق أنَّ جماعاً -حاول قدر المستطاع- أن یصطنع أجواء الفخامة والضخامة لقصیدته مجاراة لأبیتمام أو على الأقل أن یقرب من تخومه. لکن ذلک لم یتیسر له، فلا موهبته الشعریة تحقق له أربه، ولا الواقع العربی یهیؤه لذلک, فأبوتمام فحل لا یجارى ولایبارى کما أنَّ أجواء النصر التی ألهبت مشاعره وقت نظمه للقصیدة لم تتوفر لجماع. فأمّة أبیتمام کانت منتصرة عزیزة وأمة جماع کانت -ولا زالت- منکسرة ذلیلة. المحور الثانی الحاضر فی شعر جماع "جماع / الشابی" یعدّ أبوالقاسم الشابی أحد المفاصل الأساسیة فی مسیرة شعرنا العربی فی عصره الحدیث. ولعلنا لا نعدو الحق إذا قلنا إنَّه من العسیر على کل باحث أو دارس أو قارئ عادی لأدبنا العربی فی ثلاثینات القرن الماضی ألّا یقف عنده محییا له، ومقدراً لتجربته الشعریة الفریدة، ومتعاطفاً مع أزمته، وحزیناً على نهایته السریعة، ولو مُدَّ له فی عمره لزاحم کبار الشعراء بمنکب ضخم وریاش عریض. الأمر الذی لا مواربة فیه، هو أنَّ جماعاً -وکذلک شعراء عصره- قد استوقفته التجربة الشابیة ولم تترکه إلّا بعد أنَّ وعی کنهها، وعرف غایاتها، إن لم یکن امتص رحیقها. فإعجابه بالشابی یتعدى محاکاة قافیة، أو استجلاب معنى، أو سلخ صورة، إلى استلهام روح واستوحاء مذهب. ولا نقصد بذلک أنَّ شاعرنا کان عالة یتکفف موائده أو یتطفل علیه،بل، لأنَّه وجد فیه نفسه، فکلاهما کان محباً للطبیعة، مقدساً لعناصرها، مخلصاً لفضائها الرحیب. وکلاهما کان یحلم بالحب المستحیل، وکلاهما کان یحمل فی داخله قلب طفل صغیر وإنَّ أبدى خلاف ذلک،وکلاهما اعتصر فؤاده لیمنح غیره الحیاة، وکلاهما لم یظفر بطائل، وکلاهما صرعته الحیاة ومزقته إرباً، بل ترکته یعانی حسرة وألماً. فالشابی اخترمته المنیة مبکراً بعد أن أدمت قلبه الرقیق بفقد الأب الرکن الشدید، أمّا جماّع فأفقدته الحیاة توازنه العاطفی والنفسی ودعته فی آخر المطاف إلى اعتزال العقل واحتراف نقیضه. لذلک لم یکن بغریب أن یحل الشابی فی تضاعیف قصائده بروحه وعاطفته وفنه. لعلّ من الأفضل لنا قبل أن نناقش تأثر قصیدة جماع "جمال الحیاة" بقصیدة الشابی "النبی المجهول" أن نذکر قطاعاً من النصین. یقول الشابی: إنَّنی ذَاهِبٌ إلى الغَابِ یَا شَعْبِی لأقْضِی الحَیَاةَ وَحْدِی بیأسِی هکذا قَالَ شَاعِرٌ نَاوَلَ النَّاسَ رَحِیقَ الحَیَاةِ فی خَیْرِ کأسِی فأشَاحُوا عَنْهُ ومَرُّوا غِضَابا واسْتَخَفُّوا به وَقَالُوا بِیَأسِ قد أضاع الرَّشَادَ فی مَلْعَبِ الجِنِّ فیا بُؤْسَهُ أصِیبَ بِمَسِّ إنَّه سَاحرٌ تُعلّمُهُ السِّحَرَ الشیاطِینُ کُلَّ مطلعِ شَمْسِ فابعِدُوا الکافِرَ الخبیثَ عن الهیکلِ إنَّ الخبیثَ منبَعُ رِجْسِ هَکَذا قال شَاعِرٌ فیَلسُوفٌ عاش فی شَعْبِهِ الغَبِیِّ بِتَعْسِ جَهِلَ الناسُ رُوحَهُ وأغانیها فَسَاموا شُعُورَه سَوْمَ بَخْسِ فهو فی مذهبِ الحیاة نَبِی وهو فی شعبه مُصَابٌ بِمَسِّ (الشابی، 1993م: 117 وما بعدها) أما جماع فیقول : مَنْ أوْدَعَ الأنْفَسَ سَرَّ الحیاه وقال عِیْشِی وأحِبِّی الجمالْ فاندفعَ الشَّاعرُ یَعلُو صَدَاه وتارةً یَصْخبُ صَخَبَ الجِبَالْ وانطلقَ الرَّسامُ تَسْعَى خُطَاه نحو مجالی الحُسْنِ نَحْوَ التِّلالْ وصعدا فی الصَّخْرِ حَتَّى ذَرَاه وَهَوَّمَا فی جَنَّةٍ للخَیَالْ . . . .. . . . . وقال فی حلَقَتِهِ الفَیْلَسُوف إنَّ الجَمَالَ الحَقَّ فی المَعْرِفَهْ فهی طریقُ الخیرِ أمٌ عَطُوف إذا أرَدْنَا قَوْلَةً مُنْصِفَهْ . . . . . . . . . . وغمر الکَوْنَ سَنَى الأنبیاء فی الحقِّ والخیرِ یَرَوْنَ الجَمَالْ إلى أن یقول: وسَبَّحَ الشَّاعرُ فیما نَظر وقال فی نفسی یَعِیْش الجمیعْ من حَرَمِ الخیرِ أسُوقُ الصَوَر وأنفخُ الخَیرَ بِفَنٍ رَفِیعْ (جماع، المصدر السابق: 93) فالقارئ للنصین أعلاه یلاحظ أن ثمة عناصر مشترکة بینهما، فکلاهما یقول إنَّ نشدان الحق وطلبة الخیر وبغیة الجمال غایات یشترک فیها النبی والشاعر والفیلسوف. لکنَّ جماعاً جاء فانفرد هنا بالتفصیل والاستطراد، فهو لم یخبئ النبی والفیلسوف فی عباءة الشاعر کما فعل الشابی، بل جعل لکل منهم دوراً یقوم به. کذلک لم یقصر العالم المثالی على الشعر فحسب، بل مدّ إلیه التصویر "الرسام" والموسیقی "العازف". فی مقابل ذلک انفرد الشابی بالحدیث عن موقف العامة السلبی من الشاعر/ الفیلسوف/ النبی، أعنی وصفه بالجنون والسحر والکفر. ولعل تشابه الموقف السلبی یؤکّد وحدة المقاصد والغایات عند الشاعر/ الفیلسوف/ النبی. وأکبر الظن أنَّ هذا ما دفع الشابی إلى وصف الشاعر بالنبی المجهول والفیلسوف المتواری. فالشاعر إذ یأخذ من النبی تسامحه وموعظته الحسنة فإنَّه یلقى -مثله- عنت الکفر والجحود، ومثلها یأخذ من الفیلسوف حکمته وعقله الواعی فإنَّه یلقى جحود المنکرین والحاقدین من أصدقاء الجهل ومعارضی الحریة. ومما تمیز به جماع فی قصیدته إتباعه لقواعد الفلسفة المتمثلة فی طرح الأسئلة بحثاً عن إجابتها، ولعلّ القارئ یلاحظ تساؤله الفلسفی العمیق فی مطلع القصیدة ثم محاولته الجادة إیجاد إجابة عنه وفق تصورات الشاعر/ الفیلسوف/ النبی. کذلک انتهى جماع إلى النتیجة التی بدأ بها الشابی، فهو، وإن اصطنع عوالم مختلفة فیها الشاعر/ النبی/ الفیلسوف/ المصور/ المغنی. إلا أنَّه جاء فی خاتمة المطاف لیقول -کالشابی- إنَّ الجمیع یعیش فی الشاعر. فإذا کان التشاؤم والانفعال الزائد هو الشعور السائد على قصیدة الشابی فإنَّ التفاؤل والإقبال على الحیاة هو اللون الغالب على قصیدة جماع. یمکننا أن نقول إنَّ تجربة الشابی القصیرة لم تتح له فرصة للاستقراء الکامل وصولاً إلى الیقین. فی مقابل ذلک کان جماع أکثر نضجاً واتزاناً وهدوءً، ولا شکّ أنَّه أفاد من تجربة الشابی فکان أن توسع فی مناقشة القضیة،کما هیأ له الاستقراء الواعی الوصول إلى قرار ناضج وواعی. ومثلما بنی جماع قصیدته "جمال الحیاة" على غرار النبی المجهول، بنى أیضاً قصیدته "نومة الراعی" وفی ذهنه قصیدة "من أغانی الرعاة" للشابی. یقول الشابی: أقْبلَ الصُّبْحُ جمیلاً یملأُ الأفْقَ بهاهْ فَتَمَطَّى الزَّهْرُ والطَّیرُ وأموَاجُ المیاهْ قَدْ أفَاقَ العَالمُ الحیُّ وَغَنَّى للحیاهْ فأفِیْقِی یَا خِرَافِی وَهَلُمِّی یا شِیاهْ واتْبَعِیْنِی یَاشِیَاهِی بَینَ أسْرَابِ الطُّیُورْ واملئی الوادی ثغَاءً وَمَرَاحا وحُبُورْ واسمعی هَمْسَ السَّواقی وانْشَقِی عِطْرَ الزُّهُورْ وانظری الوادی یُغَشِّیه الضَّبابُ المستَنِیرْ واسمعی شَبَّابَتِی تَشْدُو بِمَعْسُولِ النَّشِیدْ نَغَمٌ یَصْعَدُ من قلبی کأنفَاسِ الوُرودْ لن تَمِلِّی یاخِرَافی فی حِمَى الغَابِ الظَّلِیلْ فزَمانُ الغَابِ طِفْلٌ لاعِبٌ عَذْبٌ جَمِیلْ فإذا طَالَتْ ظِلالُ الکلأ الغَضِّ الضئیلْ فَهَلُمِّی نُرْجِعُ المسعى إلى الحَیِّ النَّبِیلْ (الشابی، المصدر السابق: 190) أما جماع فیقول: فی مَرْقدٍ طافَتْ به الـ أحلامُ مُشرقَةَ الصُّوَرْ للنوم قد أسْلَمْتَ رأ سَکَ مُطْمَئِنَاً للقَدَرْ سَالَ الشُّعَاع ُمن الغصو نِ عَلَى جَبِیْنَکَ وانْحَدَرْ وَغَرقْتَ فی نسمٍ تَعَوْ وَدَ حَمْلَ أنْفَاسِ الزَّهَرْ أغْنامُکَ المرِحَاتُ تَقْ فِزُ فی الرَّوابی وَالْحُفَرْ کمْ وَقَّعَتْ أقْدامُهَا فی الأرضِ أنْغَامَ المطَرْ هی کُلُّ هَمِّکَ فی الحیا ة وَجُلُّ ما لک من فِکَرْ وإذا صَحَوْتَ عَمَدّتَ لِلْـ لـَهْوِ البَسیطِ وللسَمَرْ مِزْمارُکَ الـمَسْحُورُ یَنْـ ـفُثُ ما بِنَفْسِکَ من أثَرْ وهناک مُوسیقى الخَریـ ر ِتَرُفُّ خَالدِةَ النَّبَرْ* فاسْمَعْ لأنْغَامِ الطَّبِیـ عَةِ مَازَجَتْ دُنْیا البَشَرْ والزهرةُ العذراءُ تَن ظُرُ للتدفُقِ فی خفرْ دنیا یَشِیع ُبها الرِّضَى وتکادُ تَجْهلُ مَا الخطَرْ وَنَزَعْتَ أحیاناً لها لَکِنْ بِجِنَبَیَّ الحَضَرْ (جماع، المصدر السابق: 99)
ونلاحظ أنَّ شاعرنا یأخذ من الشابی صوره ومعانیه وأمانیه وموقفه من الوجود. فأغنامه المرحة التی تقفز بین الروابی والوهاد: أغْنامُکَ المرِحَاتُ تَقْـ فِزُ فی الرَّوابی وَالْحُفَرْ تضاهی قول الشابی: وامْرَحِی ما شِئْتِ فی الودیان أو فوق التِّلال وصورة الراعی وهو یمسک مزماره عند جماع: مِزْمارُکَ المَسْحُورُ یَنْـ ـفُثُ ما بِنَفْسِکَ من أثَرْ تماثل صورة الشابی: واسمعی شَبَّابَتِی تَشْدُو بِمَعْسُولِ النَّشِید* نَغَمٌ یَصْعَدُ من قلبی کأنفَاسِ الوُرود وکلاهما یمسک بآلته "المزمار عند جماع" و"الشبابة عند الشابی" وکلاهما یخرج ما بقلبه. إنَّ حیاة الراعی فی بساطتها وسذاجتها تمثل نموذجاً فذاً للحیاة الأولى التی لم تمتد لها ید المادیة الآثمة لتغیر ملامحها وتطمس قسماتها، فأحلام الراعاة تخایل أحلام الشعراء، فبینما یحلم الراعی بأغنامه المرحات تسرح فی فضاء رحیب دون خوف أو وجل، یحلم الشاعر بعالم یعیش سلاماً وهناء وطمأنینة . والحق أنَّ الراعی/ الشاعر یتشابهان فی أمور کثیرة، فمثلما یشعر الأول بأنَّ الطبیعة ملک له ولأغنامه تعبث بها أنِّى شاءت، یشعر الثانی بها وقد تبرجت له فی حلة زاهیة وثوب قشیب إن لم تک أعطته الإلهام والخیال، ومثلما یصفو قلب الراعی من درن الحقد ودنس الکراهیة یتسع قلب الشاعر لقیم الحق والخیر والجمال، وإذا کان صوت المزمار ینبئ عن حب الراعی للطبیعة وولهه بها، فإنَّ أناشید الراعی تصدح وتغنی. والحق أنَّ عناصر التشابه بینهما کثیرة، فکلاهما اتخذ من الراعی معادلاً موضوعیا بث من خلاله رؤاه وأحلامه، وکلاهما اتخذ من الطبیعة مسرحاً لأحداثه، وکلاهما اختار بحراً مجزوءاً صب فیه مواجده وأذواقه "مجزوء الرمل عند الشابی ومجزوء الکامل عند جماع" وکلاهما اتخذ القافیة المقیدة قراراً لقصیدته، لکنهما جاءا فاختلفا فی مواقف أخرى، فجماع وقف بعیداً عن الراعی، دون أن یندمج معه، فأقواله عنه کأنَّها رؤى نائم أو حلم ما لبث أن انزوى، أما الشابی فتقمص شخصیته، بل اندمج معه لدرجة یصعب علیک فکاکه. کذلک تباین موقف الشاعرین من المدینة "الحی النبیل عند الشابی والحضر عند جماع" فإذا کان راعی جماع یقف على تخومها خجلا وجلا، فإن راعی الشابی یتصالح معها، بل یعود إلیها عند کل مغیب. النتیجة تمیز شعر جماع بتأمّله المستمر للحیاة ولصیرورتها وتحولها، والحق أنَّ تأمله لایفضی إلى تصور فلسفی أو رؤیة أیدیولوجیة، فمعظم نتائجه کانت بسیطة وساذجة. ولیس هذا بعیب فجماع شاعر وجدانی خالص یقوده قلبه الطفولی وتحرکه رؤاه الحالمة. ولعل هذا ما جعله یتوهم -إلى حد کبیر- بأنَّ الحیاة قصیدة جمیلة، أو خیال حالم، أو حدیقة غناء. وأکبر الظن أنَّ هذا ما أشقاه وأضناه وجعله -دائماً- غیر قادر على العیش إلا فی رحاب الطبیعة. لم ینظم جماع شعره بمنأى عن الماضی الذی شاده القدماء، فکان أبوتمام -نموذج الماضی- حاضراً بقوة، والحق أنَّ احتذاءه له یتجاوز استعارة صورة، أو تضمین بیت إلى استلهام للنص واستدعاء للموقف الذی أنجز فیه، ولعل قصیدته فی العدوان الثلاثی على مصر المحروسة تمثل استیعاباً کاملاً لبائیة أبیتمام فی فتح عموریة. کما استوقفه الشابی -نموذج الحاضر- بشخصیته وبمذهبه الفنی، فکان أن تدرع بشخصیته وبمذهبه القائم على تقدیس الطبیعة، کما تبنى رؤاه تجاه الشعر والنبؤة. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أبوتمام، حبیب بن أوس. (1987م). دیوانه. بشرح الخطیب التبریزی. تحقیق محمد عبده عزام. الطبعة الخامسة. القاهرة: دار المعارف. جماع، إدریس محمد. (1984م). دیوان لحظات باقیة. الطبعة الثالثة. الخرطوم: دار الفکر. الخضری، محمد. (لاتا). محاضرات فی تاریخ الأمم الإسلامیة "الدولة العباسیة". بیروت: دار المعرفة. الشابی، أبوالقاسم. (1993م). دیوانه. قدّم له وشرحه مجید طراد. الطبعة الأولی. بیروت: دار الکتاب العربی. العبادی، أحمد مختار. (لاتا). فی التاریخ العباسی والفاطمی. القاهرة: مؤسسة شباب المعرفة.
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 2,359 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 39,414 |