تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,618 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,303,115 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,356,891 |
إطلالة فینومنولوجیة علی القصة القصیرة جدا فی نماذج من قصص مرزبان نامه | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
مقاله 6، دوره 6، شماره 24، خرداد 2016، صفحه 167-153 اصل مقاله (195.63 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
فریبا نامداری1؛ شهین اجاق علی زاده* 2 | ||
1طالبة فی مرحلة الدکتوراه بجامعة آزاد الإسلامیة فی رودهن، إیران | ||
2أستاذة مساعدة بجامعة آزاد الإسلامیة فی رودهن، إیران | ||
چکیده | ||
التقلیلیة (Minimalism) أو التبسیطیة أو الحد الأدنى عبارة عن حرکة فنیة تسعى إلى إبداع عمل فنی عبر الاستعانة بالحد الأدنى من العناصر. ولکون هذه المدرسة تحذف جمیع العناصر الإضافیة لبلوغ الحد الأقصى من الإیجاز، فإن تحدیدها قد یواجه بعض الخلل من حیث الجوهر. ومن جهة أخرى فإن علم الظواهر (Phenomenology) أو الظاهراتیة أو الفینومینولوجیا عبارة عن منهج للمعرفة العلمیة ظهر فی أوائل القرن العشرین. ویسعى هذا المنهج لمعرفة جمیع الظواهر المادیة أو غیر المادیة وتحلیلها وتفسیرها بطریقة تعامل الذهن مع طبیعة هذه الظواهر. ستحاول هذه المقالة تفسیر بعض الأمثلة من القصص القصیرة جداً من کتاب مرزبان نامه من تألیف سعد الدین وراوینی، والذی یتسم بسمات من نوع القصص القصیرة جداً، لتسلیط الضوء على بنیة هذه القصص بناءً على المنهج الفینومنولوجی. تشیر النتائج إلى أن مراجعة الکثیر من الأعمال الکلاسیکیة فی الأدب الفارسی، من شأنها أن تقترن باستنتاجات جدیدة ومتنوعة. سیعتمد هذا البحث الدراسة المکتبیة ویتأسس علی تحلیل المحتوى. | ||
کلیدواژهها | ||
التقلیلیة؛ القصة؛ فینومنولوجیة (الظاهراتیة)؛ مرزبان نامه | ||
اصل مقاله | ||
لقد تسببت الحربان العالمیتان الأولى والثانیة بصدمة کبیرة للبشریة ولمنجزات البشریة، بما فی ذلک النمو الجامح للصناعة والإحباط العاطفی، وهی من النتائج السلبیة التی ألقت بظلها على الفن. «تجسدت هذه الفوضى فی الأدب على شکل مدرسة تخریبیة عابرة سمیت بالدادائیة.» (سیدحسینی، 1997م: 752) کما تجسدت الآثار الأخرى فی التأثر بالمجتمع الآلی وضغوطات الحیاة وضیق الوقت، والتی تعتبر من العوامل التی أدت لظهور التقلیلیة. وتمیز هذا الحدث الفنی بنمو سریع وشامل نظراً للحاجات الخارجیة التی أدت إلى وقوعه. ومن الواضح أن هذین الأمرین أدیا إلى التخریب البنیوی والجوهری فی معظم الظواهر الفنیة؛ لأن عدم معرفة بنیة الفکرة أو مدرستها، یؤدی إلى انحرافات خطیرة وتطرف ناجم عن المعرفة السطحیة، ولذلک فإن العثور على منهج فعال لهیکلة النتائج یرتبط بعلاقة مباشرة ببقاء ظاهرة ما. ویمکن للظاهراتیة أن تکون حلاً مناسباً وأداة دقیقة لهذه المعرفة، لأنها تتجاهل العناصر الإضافیة والعرضیات غیر الضروریة للظواهر وتشیر مباشرة إلى جوهرها، وبما أن التقلیلیة تشمل الحد الأدنى من أسس القصة، فالسؤال الذی یطرح نفسه هو: هل یمکن تقویم هذا الحد الأدنى بمعیار ظاهراتی؟ سنقوم فی هذه المقالة بتقدیم لمحة عن التقلیلیة محاولین النظر إلى جوهر التقلیلیة الأدبیة "القصة" نظرة ظاهراتیة، لنرسم لها حدوداً جوهریة دقیقة. مثل هذه النظرة یمکن أن یؤدی إلى التمهید بشکل مناسب لدراسات هیکلیة. ومن الواضح أنه وبالإضافة إلى عرض صورة واضحة لقصص الحد الأدنى، فسوف نشیر إلى تأثیر هذا النوع الأدبی فی نطاق الأدب الإیرانی الکلاسیکی، موضحین الدور الفنی والقصصی للحکایات الإیرانیة الفریدة. لقد قمنا بهذا التقویم عن طریق الدراسة التحلیلیة للقصص القصیرة جدا من کتاب مرزبان نامه، والذی یشبه کثیراً قصص المدرسة التقلیلیة من حیث الإیجاز والإبداع الفنی والهیکل القصصی. خلفیة البحث ألفت فی السنوات الأخیرة بعض الأعمال حول التقلیلیة ودراسة قصصها فی الأعمال الکلاسیکیة بما فی ذلک: کتاب "بضع کلمات حول التقلیلیة" لجان بارت، وکتاب "ریختشناسی داستانهای مینی مالیستی" لمحمد جواد جزینی، و"داستان مکاشفه" لفرحناز علیزاده، وغیرها، إضافة إلى مقالات مثل: «نام مینی مالیسم و ادب پارسی» لسید أحمد بارسا، و«بررسی داستانهای مینی مالیستی در دیوان کبیر» لرامین صادقی نجاد، وغیرها. وبمراجعة الموقعین الإلکترونیین المعتمدین (Irandoc) وموقع (Noormags) لم نعثر على أی بحث أو کتاب أو أطروحة حول النظرة الظاهراتیة إلى القصص التقلیلیة (فی أی من الأعمال الکلاسیکیة باللغة الفارسیة)، ولذلک فإن موضوع البحث سیکون عملاً بدیعاً. الأسس النظریة: تعریف المفردات والمصطلحات الرئیسیة للبحث
عاش الفیلسوف الألمانی إدموند هوسرل (Edmund Husserl) بین عامی 1859م و1938م. ونظراً لبراعته فی الریاضیات والمنطق وعلم النفس، فقد قام بطرح وجهة نظر فلسفیة باسم الظاهراتیة أو الفینومینولوجیا (Phenomenology) ویتکون هذا المصطلح من مقطعین Phenomena وتعنی الظاهرة، وLogy وتعنی الدراسة العلمیة لمجال ما، والظاهراتیة عبارة عن وصف وفی لما یظهر لا أکثر ولا أقل (صاحبکار ووافقی، 2013م: 59)، وللوصول إلی هذا الوصف یستخدم مصطلح اباسم (Epoché) ویعنی التعلیق. یعبر هذا المصطلح عن لحظة نظریة تدخل فیها کافة الأحکام حول الوجود والکون والعالم الخارجی وبالتالی جمیع الأفعال فی العالم فی حالة التعلیق. (جمادی، 2006م: 53) وبعد هذا التعلیق، یمکن التطرق إلى جوهر الظاهرة دون أی ارتباط بالظواهر الأخرى، وهذه هی الحالة التی یمکن من خلالها النظر إلى الجوهر الأصلی للظاهرة. وبتعبیر أبسط، یمکن النظر إلى کافة الظواهر التی یواجهها الذهن بشکل جوهری نقی سواء کانت عینیة أم غیر عینیة. ولأجل الحصول على هذه النقاوة یجب أن نقوم بحذف کافة العناصر الإضافیة والمظاهر والاستمرار بهذا العمل حتى یصبح حذف أی عنصر آخر مؤثراً فی جوهر الظاهرة. وهکذا فقد قام إدموند هوسرل بتأسیس مدرسة فلسفیة جدیدة باسم الظاهراتیة لتحلیل الوعی وما یتعلق بالوعی. کان أحد معانی مصطلح الظاهراتیة حتى یومنا هذا، یتجلى فی تحلیل أی شیء قابل للتجربة دون أن یؤخذ بعین الاعتبار أن هذا شیء قابل للتجربة أم لا. ویشمل هذا الأمر التجربة المباشرة ولیس فقط الأشیاء المادیة، بل الکثیر من الشؤون التجریدیة ولا یقتصر على الأفکار والآلام والعواطف والذکریات، بل یشمل الموسیقى والریاضیات والعدید من الأشیاء الأخرى فی کافة الحالات التی تخضع للبحث، ویهمل جوهر الشیء الذی یتعلق الوعی به ویبحث حول الشیء الذی یعرف بمحتوى الوعی والذی لا یشک فیه أحد. یعتقد هوسرل أنه یمکن بلوغ مصدر المعرفة الإنسانیة بتحدید کیفیة ظهور العالم فی ذهنه. یرى هوسرل فی الواقع أن هدف الظاهراتیة لیس سوى إثبات أن العالم هو التجربة التی نخوضها. ولمزید من الشرح حول هذا المفهوم، یجب أن نضیف أن الإنسان یعتمد على الأفکار والعقائد التی توصل إلیها للحکم حول الأشیاء والمفاهیم التی یراها ویواجهها. ولهذا فإن الظواهر والأحداث التی تقع لمجموعة من البشر، تتشکل فی ذهن کل منهم بشکل مختلف، أو بتعبیر آخر، یکون هناک العدید من الإدراکات والاستنتاجات لحدث واحد أو ظاهرة واحدة. فعلى سبیل المثال، یمکن لمفهوم "الحریة" أن یتجسد فی ذهن أفراد مختلفین بشکل مختلف أو حتى بمعان متضادة. تسعى الظاهراتیة لتجاوز ظواهر المعانی والتطرق إلى جوهرها وذاتها، وترى أن معرفة العالم العینی والظاهری وفصله عن الظواهر الذهنیة لیسا تعریفین مستقلین للعالم، بل تعاریف مختلفة لمفهوم واحد؛ لأن الفاعل الذی یقوم بفعل المعرفة والآخر المعروف لیسا منفصلین عن بعضهما البعض. تسعى الظاهراتیة لاکتشاف المواضیع دون أولیات ودون تسرع، واختبار المعلومات الناتجة بمساعدة أی نوع من الشک لتیسیر الوصول إلى جوهر الموضوع، ویظهر الموضوع ذاته فی الظاهر ولا یعتبر مستقلاً عنه. ففی هذا المنهج، یعتبر الظاهر لامتناهیاً. ومن القضایا الهامة فی الظاهراتیة قضیة الفهم والإدراک. یتمثل الفهم فی الظاهراتیة فی البحث عن النیة الکامنة فی الأشیاء والعالم، ویجری تحدیث هذا البحث بشکل مستمر. نلاحظ من خلال وجهة النظر هذه أن الظاهراتیة عبارة عن تغییر التوجه فی نظرتنا إلى الحقائق التجریبیة باتجاه میزة الخضوع لتجربة وقوع الحقائق. الوظیفة الرئیسیة للظاهراتیة هی فهم القوانین السائدة فی الوعی الإنسانی وتحدیدها. (إرشاد، 2001م: 72-69) وبما أن للعالم الخارجی التأثیر الأکبر على معنویات الإنسان وردود فعله، فیمکننا أن نعتبر معظم المدارس مستوحاة مباشرة من الطبیعة، دون أن تکون هناک أیة نیة لتغییرها. ومن هذا المنطلق، تتسم مدارس الواقعیة (Realism) والطبیعیة (Naturalism) بهذه السمات. ولا تقتصر هذه النزعة الطبیعیة على الفن الکلاسیکی، بل تحمل الحرکات الحدیثة مثل الواقعیة الفائقة (Superrealism) والواقعیة التصویریة (Photorealism) فی طیاتها شیئا من هذا الاتجاه.
ظهرت التقلیلیة منذ أواخر ستینیات القرن العشرین کمدرسة فی الفنون المرئیة مثل الرسم، ثم اتسع نطاقها بعد فترة قصیرة لتشمل النحت حیث انضم إلیه الکثیر من الأنصار. ترکت الحرکة التقلیلیة أکبر آثارها فی الولایات المتحدة الأمریکیة لتتحول بسرعة إلى ظاهرة فنیة جدیدة ورئیسیة بأعمال ثلاثیة الأبعاد. (سمیث، 2015م: 187) ومن أهم مؤسسیها یمکننا الإشارة إلى المعماری والنحات الأمریکی البارز طونی سمیث (Tony Smith). تعرف التقلیلیة بشکل موسوعی على النحو التالی: نوع أو مبدأ أدبی أو دراماتیکی یقوم على تقلیل المحتوى الأدبی بشکل مفرط إلى الحد الأدنى من العناصر الضروریة ضمن إطار قصیر مثل شعر الهایکو والکلام القصیر والمسرحیات القصیرة أو المونولوج. هذا النوع الأدبی مستعار من النحت والموسیقى. (کادن، 2001م: 243) ویسعى لإبداع عمل أدبی معتمداً على الحد الأدنى من العناصر والأدوات لدرجة یصبح معها إدراک المفهوم بحاجة إلى التأمل. یتسم هذا النوع الأدبی بعدم توقع المشاهد لوجود أی معنی داخل العمل الفنی. (سمیث، 2015م: 189) وبتعبیر آخر، التقلیلیة عبارة عن نوع أدبی یعتمد على الاختصار المفرط والإیجاز الکبیر للمحتوى. ویستمر التقلیلیون فی الإیجاز والاختصار حتى تبقى العناصر الضروریة للعمل الفنی بأقل شکل ممکن، ولذلک یعتبر عری المفردات وقلة الکلام من أبرز سمات أعمالهم. (جزینی، 1999م: 35) وتقتضی طبیعة الفن أن تقترن أعماله بانحراف معیاری عن الواقع، ویتجلى هذا الأمر فی العهود الجدیدة للفن بشکل أبرز، لأنه کلما کان الإنسان یقترب من العصر الصناعی والحقیقة المرة، کان یرجح عالمه المتخیل الناجم عن تصوراته الشخصیة أکثر ویلجأ إلیه. وقد تمکن هذا الإیجاز من التمهید أمام توسع المدرسة التقلیلیة من عدة جوانب: أ- اقتضى الوقت القلیل المتاح للأفراد فی العصر الحدیث اختصار التعبیر عن القضایا. ب- مع تزاید انتشار وسائل الإعلام مثل التلفزیون والتی تتمیز بسرعة النقل وسهولة الوصول، فإن العثور على مخاطب للفن فی التنافس القائم مع وسائل الإعلام یحتاج إلى تحول عظیم. ت- إن استعانة المخاطب بذهنه فی إدراک المفهوم، من شأنه أن یجعله مکتشفاً للعمل الفنی أو مبدعاً له نوعاً ما. ومن هذا المنطلق، ترسخت التقلیلیة مع مرور الوقت فی سائر مجالات الفن مثل الموسیقى والعمارة، وسرت إلى الأدب بالتدریج وتألقت فی الشعر والقصة. وتنبع أهمیة القصة من کونها تشکل الجزء الأکبر من الأعمال الأدبیة العالمیة، نظراً لنتائجها الإیجابیة المتمثلة فی العبرة والاستفادة من تجارب الأمم والشعوب ومصیرها. وقدمت القصة التی تعتبر جزءاً لا یتجزأ من حیاة الإنسان، أنواعاً وأسالیب مختلفة طوال عمر الأدب الفارسی الذی یمتد لألف عام، وقد استقطب کل من هذه الأسالیب الکثیر من المعجبین. وخلال مسیرة هذا التحول، کانت القصص التقلیلیة المحطة الأخیرة لکتابة القصة فی الوقت الحاضر فی أرض ظاهرها صغیر، هذه القصص التی قدمها الکتّاب الغربیون للعالم فی الستینات من القرن العشرین، لکنها تتمتع بالعراقة والأصالة فی الأدب الفارسی الراقی، حتى أنها تعود إلى القرن الرابع الهجری. وتشبه الأعمال الأدبیة الفارسیة القدیمة القصص القصیرة الحدیثة من حیث الهیکل إلى حد ملموس لا یدع مجالاً للتساؤل والإنکار أمام النقاد. ورغم ذلک کله، فإن هناک أشخاصا یحاولون الإساءة إلى القیم القصصیة والسمات الذاتیة لها. إن وجهة النظر القائلة بأن موطن المفاهیم الحدیثة هو قلب العالم الحدیث، لا تبدو صحیحة فی کافة الحالات، کما أن وجود جذور تقلیلیة فی الأعمال الفارسیة القدیمة والعظیمة، لا یمکن أن یکون محض صدفة.
طالما تمتعت القصة بهیکل خاص وعناصر ممیزة تجعلها مختلفة عن سائر الأنواع الأدبیة، ومن هذه السمات یمکننا الإشارة إلى: التصمیم، الشخصیات، الحوار، الصراع، المشاهد، الزمان والمکان، وجهة النظر وعنصر الفکر، وتخدم هذه العناصر جمیعها الفکرة والرسالة الأصلیة للقصة. على الرغم من ذلک، یصعب کثیراً تعریف القصة تعریفاً شاملاً وربما یکون من المستحیل، لأن القصة باعتبارها جزءاً من الأدب والفن، لا تزال تنمو من ناحیة الجوهر، وبما أن الرأی الخلاق فی الفن عملیة جامحة، فإن تقدیم تعریف لفروع الفن هو تقدیم تعریف ثابت للقضایا المتغیرة. ومع ذلک یحتاج کل موضوع إلى تعریف لتوفیر إمکانیة دراسته والتوصل إلى نتائجه. من أجل ذلک، سنقدم فیما یلی لمحة عن وجهات نظر الخبراء فی هذا المجال تتضمن تعریفاً للقصة وبیاناً لها. سنبدأ بتعریف موثق لجوزیف شیبلی (Shipley Joseph): القصة مصطلح عامی لروایة الأحداث وشرحها. فی الأدب القصصی، تشمل القصة عادة عرض الجهود والصراعات بین قوتین متضادتین وهدف واحد. ویرفض ابراهیم یونسی المواضیع عن القصة ویقدم تعاریف سلبیة فی محاولة منه لتقدیم تعریف شامل للقصة فیقول: القصة عمل أدبی قصیر یعتمد فیه الکاتب على تصمیم منتظم لعرض الشخصیة الرئیسیة ضمن الحدث الرئیسی، وینتج عن هذا العمل الأدبی تأثیر واحد. (یونسی، 2013م: 15) ویرتبط هذا التعریف بالقصة القصیرة ویظهر أنه ذو صلة ببحثنا هذا. یقول میرصادقی: «یطلق على کل روایة یسود فیها الإبداع على الجانب الواقعی والتاریخی اسم القصة.» (میرصادقی، 2013م: 23) وللمنظرین والنقاد فی هذا المجال رأی مشابه، لکنهم غالباً ما یؤکدون على عناصر الشخصیة والحبکة القصصیة والتأثیر، ویمکننا اعتبار وجهة النظر المشترکة هذه نوعاً من الإجماع. وتختلف الآراء ووجهات النظر حول أنواع القصص، وتتسم هذه الآراء بنظرة جزئیة وتفاصیل کثیرة تتطلب مجالاً یفوق مقالتنا هذه؛ ولکن إذا أوجزنا الحدیث حول هذه الآراء، فیمکننا تقسیم القصص من حیث رد فعل مفرداتها "من القلیل إلى الکثیر" إلى الأنواع التالیة لنتوصل إلى وجهة نظر منطقیة: أ- القصص القصیرة جداً short short story ب- القصص القصیرة story short ت- القصص شبه الطویلة long short story ث- الروایات القصیرة novelette ج- الروایات الطویلة reman وتنتمی القصص التقلیلیة إلى فئة القصص القصیرة جداً والتی یستعان فیها بالإیجاز قدر الإمکان بناءً على الاختیار. القصص التقلیلیة تیار واع یطرح لإبداع الأعمال القصصیة عبر الاستعانة بمفردات قلیلة وبحوث ومفاهیم عمیقة جداً ومعقدة. (بارسینجاد، 2008م: 72) من البدیهی هنا أن حدود الإیجاز هی التی تعین جوهر القصة، کما أن الحبکة القصصیة وشخصیات القصة بسیطة فی هذا النوع. البحث بناءً على المنهج الفینومنولوجی، إذا کان من المقرر لأجل الوصول إلى تعریف القصة التقلیلیة، أن نضع هذا النوع ضمن تعلیق یعزل کافة العلاقات المفهومیة فیها عن أیة ظاهرة أخرى، فإن العناصر المتبقیة فی هذا التعلیق تحدد الجوهر القصصی لها ولا شک فی أن الشخصیات ستکون من هذه العناصر. لا شک فی أن الشخصیات تعتبر من العناصر الرئیسیة للقصة، ویمتزج هذا المبدأ باللاوعی الإنسانی لدرجة طرح بحوث مفصلة تحت عنوان حدود القصة والحکایة وسائر الأنواع فی کتب النقد؛ لأن المخاطب العام یعتبر کل روایة ذات شخصیات عبارة عن قصة. والشخصیات محدودة فی القصص التقلیلیة ولا تتسم بالکثیر من التنوع، حیث تخرج من المشهد کالممثلین الذین یلعبون دوراً واحداً ویخرجون بسرعة، وتکون ثابتة فی معظم الأوقات ولا تتغیر عقائدها وآراؤها کثیراً. العنصر الثانی الذی یتمتع بالأهمیة هو الحبکة القصصیة والعلاقة السببیة بین الأحداث، وهو یتمتع بأهمیة جوهریة تجعل بعض النقاد یعتبرون وجود القصة متعلقاً به. الحبکة القصصیة هی هیکل الأحداث سواء أکانت بسیطة أم معقدة. تقوم الحبکة القصصیة فی الحقیقة بإخراج سلسلة من الأحداث من الاضطراب وتمنح القصة الوحدة الفنیة. (میرصادقی، 2011م: 66) إذن یمکن اعتبار الحبکة القصصیة هی العنصر الثانی للقصة التقلیلیة والذی لا یمکن حذفه. وتتسم بساطة الحبکة القصصیة فی هذا النوع من القصص بسمات أساسیة، وتغدو بسیطة لدرجة أن القارئ یعتقد أنه لم یحدث شیء. یقول "روبرت مک کی" فی کتاب "القصة، الهیکل، الأسلوب" فی تحلیله لوظیفة الحبکة القصصیة فی القصص التقلیلیة: التقلیلیة تعنی أن یبدأ الکاتب بعناصر الحبکة التقلیدیة ویقوم باختصارها فیما بعد، أی أن یقلل السمات البارزة للحبکة القصصیة. نطلق على هذه الرموز التقلیلیة اسم الحبکة القصصیة الجزئیة، وهی لا تعنی عدم وجود حبکة قصصیة، بل المقصود بها أن التقلیلیة تسعى إلى البساطة والاختصار، حیث تحتفظ ببعض عناصر الحبکة القصصیة التقلیدیة لإرضاء القارئ. (جزینی، 2010م: 24) وعلى الرغم من أن بعض المنظرین تطرقوا إلى الموضوع والثیمة بشکل مستقل، لکن یبدو أن العنصر الثالث الذی لا یتجزأ عن ماهیة القصة هو الموضوع والجوهر، ولو فرضنا أنهما واحد، فیمکننا التعریف بهذا العنصر على النحو التالی: الجوهر عبارة عن العمل أو الحرکة البنیویة أو الموضوع العام الذی تصوره القصة. (شیبلی، 1970م: 48) ویتمثل موضوع القصص التقلیلیة غالباً فی مخاوف الإنسان العامة مثل الموت والعشق والوحدة وغیرها، ولا یشمل عادة القضایا السیاسیة والفلسفیة، لأن المجال لا یسمح بذلک فی القصص التقلیلیة. بناءً على ما تم ذکره، فإن من الواضح أن العناصر الرئیسیة الثلاثة للقصة هی جوهر القصص التقلیلیة ولا یمکن للإیجاز أن یحذفها لأن ذلک سیخدش جوهرها، وهذا من أکثر الحالات بدیهیة فی هذا النوع القصصی. ولکی تکون وجهة النظر هذه ملموسة أکثر، سنتطرق إلى التعریف بکتاب مرزبان نامه لدراسة ثلاث قصص منه من وجهة نظر فینومنولوجیة. الکاتب والأسلوب فی مرزبان نامه یعتبر هذا الکتاب من الآثار الثمینة فی الأدب الفارسی. ألف هذا الکتاب فی البدایة على ید مرزبان بن رستم أحد أمراء طبرستان باللهجة الطبریة؛ وفی النصف الأول من القرن السابع الهجری، بین عامی 622-617، ترجمه الأدیب القدیر سعد الدین وراوینی من اللهجة الطبریة إلى اللغة الفارسیة الدریة. یحتوی هذا الکتاب على قصص عامیة فلکلوریة إیرانیة تسبق الإسلام حول الشعوب المجاورة وعاداتها وتقالیدها، ویضم تسعة أبواب ومقدمة على لسان الحیوانات تقلیداً لکلیلة ودمنة. تتسم قصص مرزبان نامه بالمتانة والتقید بمبادئ القصة. کانت کتابة القصص فی الماضی ترکز على الجمالیات التی یمنحها علم البدیع للنص، وکان الناس آنذاک یتعاملون مع اللغة على أنها مصدر للتسلیة والترفیه. (لاج، 2010م: 42) ألف کتاب مرزبان نامه بالتقید بما یطلق علیه الیوم اسم العناصر القصصیة. وعلى الرغم من وجود الصناعات اللفظیة والمعنویة فی أنحاء النص، لکن الکاتب اقترب فی الکثیر من القصص من معاییر القصة التقلیلیة. القصة الأولى: «قالت الفتاة: الملک هو الشخص الذی یأمر نفسه وغیره. فقال الملک: ومن یتصف بهذه الصفة الآن؟ فقالت الفتاة: إنه من یطأ بأقدام عقله والطمع والغضب ویأمر نفسه ویعرض عن عیوب الآخرین حتى لا یبحث الآخرون عن عیبه، ویرأس نفسه وغیره.» (الباب الثالث: 184)
القصة الثانیة: «اعلم أن للنفس تلمیذین مضطربین: الحرص وحب الشهرة، الأول نهم وألم والثانی رعونة وغرور.» (الباب الثالث: 191) تتسم الجمل القصیرة بماهیة معقدة، ویکون تعریفها ضمن إطار النوع الأدبی أحیاناً أمراً مثیراً للجدل. ویبدو أن هذا النوع الأدبی ذو جذور فی حوار الشخصیات فی قصص أدباء معروفین مثل شکسبیر، أما فی الأدب الفارسی فهناک بیانات عمیقة بآراء فلسفیة – أخلاقیة غالباً – تحول العدید منها إلى تمثیل. لکن التعمق أکثر یجعلنا نکتشف أن بناء هذه الجمل یشبه کثیراً تألیف القصص القصیرة جداً.
إذا أمکننا أن نعتبر هذا النوع من الأدب تقلیلیاً – والأمثلة تشهد بصحة ادعائنا هذا – فإن الأدب الفارسی یتمتع بأحد أغنى مصادیق القصص التقلیلیة. القصة الثالثة: «یعض الکلبُ الکلبَ، لکن عندما یریان الذئب یقفان إلى جانب بعضهما البعض لمحاربته.» (الباب السابع: 478)
القصة الرابعة: أقبل الإمام محمد الغزالی رحمة الله علیه فی أحد الأیام على الحاضرین فی مجمع التذکیر ومجلس الوعظ وقال: «أیها المسلمون، کل ما قلته لکم خلال أربعین عاماً خلت وأنا على هذا المنبر، جاء به الفردوسی فی بیت واحد، فإذا أدرکتموه استغنیتم عن کل شیء: ز روزِ گذر کردن اندیشه کن پرستیدنِ دادگر پیشه کن» (الباب الثالث: 206) - فکر أیها الإنسان فی یوم الموت واسلک طریق عبادة الرب العادل. والأمر المهم هو اللجوء إلى الشعر فی هذه القصة. یحتاج هذا النوع من الأدب الفارسی الذی یتضمن النثر والشعر إلى مهارة بیانیة عالیة؛ لأن الجزء الموزون من النص یجب أن یتمتع بما یلی:
نستنتج مما تقدم أن القصة التقلیلیة التی تتمتع بالشروط المذکورة أعلاه، قد تحتوی على جزء شعری وهذا الأسلوب فی طرح القصة التقلیلیة یمهد الطریق أمام بنائها، لأن الجزء الشعری غالباً ما یحتضن جواباً لإشکالیة فی النص النثری أو أدلة بیانیة لاستکمال النص. القصة الخامسة: «سأل خسرو ما هو سبب التأخر؟ قال بزرجمهر: کنت قادماً، فهاجمنی اللصوص وسرقوا ثیابی فانشغلت بالعثور على ثیاب أخرى. قال خسرو: ألم تکن نصیحتک کل یوم أن تستیقظ مبکرا لتکون ناجحاً؟ إذن فقد تعرضت لهذه المصیبة بسبب استیقاظک المبکر. فأجاب بزرجمهر مرتجلاً: اللصوص هم من بکروا فی الاستیقاظ وسبقونی فی النهوض فنجحوا. فخجل خسرو من سرعة بدیهته وصواب قوله.» (الباب الرابع: 247)
القصة السادسة: «رغم أن الرجل الحکیم یری الحظّ نصیر العدو، غیر أنه لا یتراجع عن بذل جهده فیعلى قدر سعته، ویسعى للحفاظ علیه بقدر ما بقی من قدرته، کالطبیب الذی یعجز عن استعادة صحة المریض، فیستعین ببقایا القوى الغریزیة فی حسن الاستمرار وحیل الحکمة، وإذا لم یفعل ذلک فلا شک فی هلاکه.» (الباب الرابع: 220) یوجد نوع آخر من القصص التقلیلیة فی هذا الکتاب، یتضمن طرح الموضوع وتقدیم الدلیل. غالباً ما تکون الشخصیة مجهولة أو عامة فی هذا النوع، وتسعى القصة لاکتشاف ثیمة أخلاقیة ضمن إطار القوانین الأخلاقیة، والبطل إنسان کامل یسیر على الطریق المطلوب. وتتمثل الحبکة القصصیة فی هذا النوع من القصص التقلیلیة بالمناظرة أو الحوار أما الجوهر فهو یقوم على البنیان السلوکی الأخلاقی. فی کافة الأمثلة المذکورة أعلاه، توجد العناصر الثلاثة للقصة وهی الشخصیات والحبکة القصصیة والثیمة بأشکال مختلفة، وتکمن أهمیة البحث فی الإبداع فی استعمال نوع الحبکة والشخصیات. من خلال مقارنة عابرة حسب الأسس النظریة الفینومنولوجیة، نلاحظ أن عناصر القصة هی الشخصیات والحبکة القصصیة والثیمة وأن تعلیق هوسرلی (Epoché) یتجسد فی النص الذی یخضع للدراسة کقصة بهذه العناصر الثلاثة. النتیجة مع مرور الوقت، شهد العالم تغییرات هامة نجمت عن التحولات العلمیة والصناعیة العظیمة، وهذا ما أدى بدوره إلى تغییرات فی الفن. وللتماشی مع هذه التغیرات الفنیة، من الضروری اللجوء إلى أسس المعرفة العلمیة الحدیثة المتناسبة مع مقتضیات الزمن. ونظراً لکیفیات المعرفة فی الفینومنولوجیا "هوسرلی"، یمکننا أن نستنتج أن القصة التقلیلیة قصة مفرطة الإیجاز والاختصار تقترن بحذف الإضافات وتسعى لتقدیم قصة تناسب العصر الحاضر. وتعتبر عناصر القصة هی الشخصیات والحبکة القصصیة والثیمة، ومن المبادئ الأساسیة التی لا یمکن الاستغناء عنها فی القصة وإلا فسوف تتعرض ماهیتها للخدش وربما الزوال. مع التأکید على المناهج المعرفیة الجدیدة ومراجعة الأدب الفارسی الکلاسیکی الغنی، یمکننا التعرف أکثر على مبادئ القصص التقلیلیة فیه واعتبارها أسالیب ذات هیکل منظم ومنسجم. ویحتوی کتاب مرزبان نامه على عدد لا بأس به من القصص التی تنتمی إلى هذا النوع الأدبی وتحقق کافة معاییر القصص التقلیلیة التی لا تظهر فیها فحسب، بل تمهد لهیکل إیداعی فیما یتعلق بإبداع الأعمال التقلیلیة. إن المفاهیم الأخلاقیة والفلسفیة العمیقة واللغة الغنیة والممتزجة بالمهارات البیانیة والمواضیع النقیة، تمهد الطریق أمام هذا الکتاب لیکون مجموعة من القصص والإیجاز المفرط والثیمة الغنیة لهذه القصص تساعد على زیادة القیمة القصصیة لها. | ||
مراجع | ||
إرﺷﺎﺩ، ﻣﺤﻤﺪﺭﺿﺎ. (2001م). ﺍﻧﺪﻳﺸﻪﻫﺎﻱ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﺩﺭ ﻫﺰﺍﺭﻩ ﺩﻭﻡ، ﻣﺼﺎﺣﺒﻪ ﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺿﻴﻤﺮﺍﻥ. ﺗﻬﺮﺍﻥ: ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﺍﺕ ﻫﺮﻣﺲ. آریانبور، امیرحسین. (2014م). جامعهشناسی هنر. تهران: انتشارات گسترده. بارسینجاد، کیومرث. (2008م). هویتشناسی ادبیات و نحلههای ادبی معاصر. تهران: کانون اندیشه جوان. جزینی، محمدجواد. (1999م).«ریخت شناسی داستان های مینی مالیستی». مجلة کارنامه. السنة الأولى. العدد 6. صص 27-14. ـــــــ. (2010م). آشنایی با داستان های مینی مالیستی و پلیسی. تهران: چاپ نیلوفر سپید. جمادی، سیاوش. (2014م). زمینه و زمانه پدیدارشناسی: جستاری در زندگی و اندیشههای هوسرل و هایدگر. تهران: انتشارات ققنوس. زهاوی، دان. (2013م). پدیدار شناسی هوسرل. ترجمه مهدی صاحبکار، ایمان واقفی. لامک: کارگاه انتشارات روزبهان. سیدحسینی، رضا. (1997م). مکتبهای ادبی. ج 2. تهران: انتشارات نگاه. کادن، جانآنتونی. (2001م). فرهنگ ادبیات و نقد. ترجمه: کاظم فیروزمند. تهران: انتشارات امیرکبیر. کولایی-ابوخلیلی. (2014م). ماهیت شناسی مینی مالیسم و بررسی داستانهای مینیمال فارسی از آغاز تا امروز. تهران: انتشارات میترا. لوسیاسمیت، ادوارد. (2015م). آخرین جنبشهای هنری قرن بیستم، مؤسسه فرهنگی و پژوهشی. ترجمه: علیرضا سمیع آذر. تهران: چاپ و نشر نظر. وراوینی، سعدالدین. (2007م). مرزبان نامه (تحقیق: خطیب رهبر). تهران: صفی علیشاه. مددبور، محمد. (2007م). حکمت معنوی ساحت هنر. لامک: مؤسسه فرهنگی منادی تربیت. میرصادقی، جمال. (2011م). عناصر داستان. تهران: انتشارات سخن. ـــــــ. (2013م). شناخت داستان. تهران: انتشارات نگاه. یونسی، ابراهیم. (2013م). هنر داستان نویسی. تهران: انتشارات نگاه.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 661 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 782 |