تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,621 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,331,711 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,377,900 |
عملیة فهم النص علی ضوء رؤیة سوسور فی سورة "آل عمران"؛ المحور الاستبدالی نموذجا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 2، دوره 7، شماره 27، دی 2017، صفحه 27-50 اصل مقاله (284.64 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مجید صالح بک* 1؛ کمال الدین مطهر2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1أستاذ مشارک فی اللغة العربیة وآدابها بجامعة العلامة الطباطبائی، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2طالب مرحلة الدکتوراه فی اللغة العربیة وآدابها بجامعة العلامة الطباطبائی، طهران، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إنّ البنیویّة تذهب إلی أنّ النص لا یتألّف من الوحدات أو الکلمات ذات وجود مستقل أو منفرد، وإنما من الوحدات التی توجد داخل البنیة أو النسق بحیث تضبط تلک البنیة علاقات الکلمات وتعطیها معنى وقیمة أو بهاءا ورونقا، فضلا عن مواصفاتها وخصائصها الفردیة. ومن أهمّ المباحث التی تهتمّ بها بنیویة سوسور فی هذا الصدد تجدر الإشارة إلی المحور الاستبدالی، إذ إنّ سوسور ذهب إلی أنّ هناک نوعا من العلاقة اللغویّة بین الکلمة التی جاءت فی النص والکلمات التی تکون ذات صلة لفظیّة أو معنویّة بها غیر أنّها ما جاءت فیه وسمّی هذا النوع من العلاقة بالعلاقة الاستبدالیّة بحیث إنّ عدم الاعتداد به ینجرّ إلی إهمال المعنی المقصود. فالنص الأدبیّ بناءً علی رؤیة سوسور یجد اعتبارا وأهمیّة خاصة کأیّ نصّ لغویّ، وذلک باعتداده علی المحور الاستبدالی. فانطلاقا من هذه الفکرة تحاول هذه المقالة أن تدرس التفکیر البنیویّ لسوسور معتمدة علی المحور الاستبدالیّ فی سورة آل عمران لتجلّی أمر الوحدانیّة فی الألوهیّة والربوبیّة والمالکیّة، أی: الاعتقاد بوحدانیّة اللّه واستمرار إشرافه علی شؤون العباد وملکیته بالنسبة لما یملکه الإنسان بشکل نسبیّ ومؤقّت وکلّ ما یکون فی السّماء والأرض واحتوائها علی الاستبدالات الصرفیة الکثیرة التی تکون ذات اتصال قویم بأمر الوحدانیة وتسعی للکشف عن أثر استبدال بعض الکلماتالصرفیة بالکلمات الأخری الذی تمّ فی إطار النظام. ونتیجة إحصاء الاستبدالات الصرفیة تدلّ علی أنّ سبب اختیار بعض الکلمات الصرفیة تتفق تماما مع ما تتطلبه کلیّة السورة، أی: الوحدانیّة بحیث نجد صلة وثیقة بین معنی الکلمة الصرفیة المختارة أو المستبدلة والمعنی الذی تهدف إلیه کلیّة الصورة وفضلا عن ذلک تشیر إلی أنّ استخراج الکثیر من المعانی المستورة فی سورة آل عمران یرتبط بهذا المحور وللاهتمام به دخل کثیر فی کشف معالم الإعجاز فیها. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
سوسور؛ البنیویّة؛ المحور الاستبدالیّ؛ آل عمران؛ الوحدانیّة | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
سوسور بوصفه رائد البنیویة یؤکّد علی أهمیّة المحور الرأسی أو الاستبدالی للحصول علی المعنی المطلوب داخل النص ویجد المحور الاستبدالی عنده عنایة خاصة إذ إنّ الباحث الأدبی یستطیع باستعانة هذا المحور أن ینتخب بین الکلمات ذات معنی واحد علی المحور الرأسی کلمة متناسبة مع ما تبتغیه البنیة فعندما تقع مفردة فی أیّ جملة لا شکّ أنه یتمّ اختیار هذه المفردة من سلسلة عمودیة من الوحدات اللغویة التی یمکن أن تقع محلها. فالمحور الاستبدالیّ یعدّ من أهم المواضیع التی ألقی سوسور الضّوء علیها بالنسبة إلى تحلیله اللغوی فی عملیة فهم النص، فهو إیجاد الکلمة أی ما تستثیره الکلمة من معنى خارج السیاق من خلال علاقة هذه الکلمة بکلمات أخرى فی الذاکرة، وغایتها معرفة علاقة الکلمة المذکورة فی النص بالکلمات التی من وادیها وسبب اختیارها.وبما أن القرآن ینطوی علی معالم الإعجاز ویملک نصا ذا لون أدبی بحیث یحمل فی طیاته، وعلی سطحه ألوانا من الجمال الذی یؤثر فی النفس اخترنا سورة آل عمران منه لدراسة هذا المحور. خلفیة البحث لقد اعتدّ عدد کثیر من الباحثین بالدراسة البنویة فی الآیات وسور القرآن بالطُرق المختلفة، وأغلب هذه الدراسات التطبیقیة ألقت الضوء علی نظم الآیات بمعونة المستویات الترکیبیة، والصرفیة، والدلالیة وغیر ذلک. فصحیح أنّ القرآن لا یعتوره الفقر فیما یرتبط بالدراسات البنیویة غیر أنّنا لم نقف علی دراسة تنفرد بدراسة المحور الاستبدالیّ فی إطار النظام کما یذهب إلیه سوسور إلا بعض الدراسات المتفرقة التی وجدناها فی بعض المقالات، منها: مقالة : "الإعجاز البیانی للقرآن الکریم من خلال أسلوبیّة الانزیاح (دراسة وصفیة-تطبیقیة): للدکتورة آفرین زارع ونادیا دادبور، اللتین تمیطان اللثام عن الانزیاح الاستبدالی فی قسم من مقالتهما، أی الانزیاح الذی یقع فی جوهر الکلمة، أی: الاستعارة، الکنایة، المجاز المرسل، والتشبیه، و"التعلیل الصرفی فی الدراسات اللغویة العربیة الحدیثة" لأحمد صفاء عبد العزیز عبدالکریم العاتی الذی یدرس فی قسم من مقالته المستوی الفونیمی والمورفیمی للکلمات الصرفیة لا استبدال الکلمات الصرفیة وأثره فی إثراء المعنی کما ندرسه فی دراستنا هذه فیبدو أن الدراسات والأبحاث لهذا المحور قلیلة فی القرآن وذلک یزید بحثنا أهمیّة. أسئلة البحث انتبهنا إلی أنّ المحور الاستبدالی یعدّ من أهمّ المواضیع التی تؤکّد سوسور علیها فاستجابةً لأهمیة هذا المحور فی القرآن، تهدف هذه المقالة إلی إضاءة جوانب المحور الاستبدالیّ من الناحیة النظریة والتطبیقیة فی سورة آل عمران. فمن هذا المنطلق حاولنا الإجابة عن هذه الأسئلة: 1- لماذا یؤدّی تطبیق هذا المنهج فی القرآن إلی کشف معالم الإعجاز؟ 2- بأیّ صورة یمکن الحصول علی النماذج الاستبدالیّة فی هذه السورة؟ 3- إلی أیّ شیء یدلّ إحصاء الاستبدالات الصرفیة فی هذه السورة؟ أهمیّة البحث بدا لنا بعد قراءة العدید من الدراسات القرآنیة أنّ معالجة المحور الاستبدالیّ بالنسبة لاستبدال الکلمات الصرفیة فیها قلیلة، هذا من جانب ومن جانب آخر بما أنّ هذا البحث یسعی إلی إحصاء الاستبدالات الصرفیة التی تکون ذات ارتباط بأمر کلیة السورة فی سورة آل عمران تزداد أهمیته. وسبب اختیار سورة آل عمران دون باقی السّور یرجع إلی أهمیّة هذه السّورة، واشتمالها علی موضوع الإیمان بوحدانیّة اللّه تعالی وأیضا الإیمان باستمرار إشرافه علی أمور الناس وملکیته بالنسبة لما یملکه الإنسان بشکل نسبیّ ومؤقّت وکلّ ما یکون فی السّماء والأرض وما یتعلّق بأمر الجهاد والحجّ والإنفاق والصبر والتقوی و... . فإنّ دراسة هذه المواضیع دراسة مستقصیة تستدعی الاعتداد بهذا المحور دون ریب. وأما سبب اختیار بعض الآیات فیها یعود إلی عدم سماع البحث للقیام بدراسة کاملة تشمل جمیع الآیات التی قمنا بتحدید الدلالة فیها بالاستعانة من هذا المحور. منهج الدراسة لا یعدو المنهج المتخذ أن یکون وصفیا وتحلیلیّالهذا المحور وفق رؤیة سوسور وذلک بارتکازه علی المحور الاستبدالی. مصطلحات البحث بنیویة سوسور من أهمّ المناهج النقدیة التی ترتکز علی اللغة، وتری اللغة الطریقة الوحیدة للاهتمام بالعوالم الشکلیة والتعبیریة للنص، والمنهج الذی یری اللغة الطریقة الوحیدة للحصول علی المعنی لیس بمقدوره أن یُلمّ بالظّواهر المدروسة من کلّ جوانبها. یقول لیونارد جاکسون فی کتابه المعنون بـ"بؤس البنیویة الأدب والنظریة البنیویة": «یصوّر سوسور اللغة بوصفها نظاما بنیویّا یشکّل أساسا لکلّ استخدام لغویّ، أو لکلّ کلام، سواء کان نطقا أم کتابة. وثمّة عنصر ثان هو العلاقة الاعتباطیّة فی جوهرها بین أصوات اللغة والمفاهیم التی تعبّر عنها هذه الأصوات.» (جاکسون، 27: 2008) وذلک ما اهتدی إلیه عبد القاهر قائلا: «مما یجب إحکامه أنّ نظم الحروف هو توالیها فی النطق فقط، ولیس نظمها بمقتضیً عن المعنی ولا الناظم لها بمقتفٍ فی ذلک رسما من العقل اقتضی أن یتحرّی فی نظمه لها ما تحرّاه. فلو أنّ واضع اللغة کان قد قال "ربض" مکان "ضرب" لما کان فی ذلک ما یؤدّی إلی الفساد.» (الجرجانی، 1995: 56) فمنهج سوسور هو منهج وصفیّ، وفیه توصف اللغة بوجه عامّ علی الصّورة التی توجد علیها فی نقطة زمنیّة معیّنة. «ومن الأهداف التی یهتمّ بها المنهج الوصفیّ -کما صرّح بذلک دی سوسور نفسه – تحقیق مبادئ قابلة للتطبیق عالمیا علی کل اللغات.» (پای، 1998: 63) وأهمیة هذا المنهج تتجلّی فی أنّه یسمح «بجمع المعلومات الحقیقیّة والتّدقیق والتفصیل لظاهرة موجودة فعلا فی مجتمع معیّن، فیضع النقاط علی حروف المشکلة الموجودة، کما أنّه یمکننا من معرفة ما یفعله الأفراد فی مشکلة ما، ویستفید بذلک من آرائهم وخبراتهم باتخاذ القرارات المناسبة التی یتمّ تعمیمها فی مشاکل ذات طبیعة مشابهة لها.» (نابی، 2010-2011 :13) مهما یکن من شیء فیؤکّد سوسور فی منهجه علی مجموعة من الثنائیات، کالدال والمدلول، وااللغة، والکلام، والسانکرونیّة والدیاکرونیّة والمحور الترکیبیّ والمحور الاستبدالیّ[1]. المحور الأفقی – الرأسی "الترکیبی والاستبدالی" یذهب سوسور إلی أنّ التعیین والتّحدید للعلاقة بین المفردة والدلالة لا یمکن إلا وفق المحورین "الترکیبیّ والاستبدالیّ"، ویعتقد أنّ الجملة تتکوّن من الوحدات اللغویّة، والألفاظ، والألفاظ هذه قبل وقوعها فی الجملة تکون متباینة فی شکلها الفردیة ولا تدلّ علی دلالة ما، ولکن بمجّرد وقوعها فی مجاورة المفردات والوحدات اللغویّة تقع فی خط واحد وتشکل جملة ثم تدلّ علی دلالة خاص، والحال قبل الوقوع فی الجملة تمکن أن تدلّ علی أیّ شیء «فالعلاقات الترکیبیة أو السیاقیة فی نظره علاقة حضوریة لأنّها تقوم علی عنصرین فأکثر کلّها متواجدة فی نفس الوقت ضمن سلسلة من العناصر موجودة بالفعل.» (دی سوسور، 1985: 361) وهذا یسمّی عنده "المحور الترکیبیّ، الأفقیّ" أو بعبارة أخری"المجاورة". وأمّا "المحور الاستبدالیّ" الذی تهدف هذه المقالة إلیه فیری سوسور «أنّ العلاقة الرأسیّة أو الاستبدالیّة تنعقد کما أسلفنا عنها الذکر بین کلمة موجودة فی السیاق وعدد آخر من الکلمات من خارج السیاق، ولهذا فهی علاقة غیاب قائمة علی التداعی.» (عبدالعزیز، 1990: 35) فالعلاقة الرأسیّة تقوم علی تقابل بین عنصر لغویّ وعناصر أخری یمکن أن یستبدل بها وتحلّ محلّه فی نفس السیاق. والواقع أن «علاقات التداعی أو الترابطیة تجمع بین عدد من العناصر بصورة غیابیة ضمن سلسلة وهمیّة موجودة بالقوة أو بعبارة أخری هی مجموعة من الوحدات التی یمکن أن تظهر فی نفس النقطة من الملفوظ والتی لا یجوز للمتکلم أن یختار منها سوی واحدة لا غیر تارکا جمیع ما سواها وذلک بسبب الصفة الخطیة للخطاب.» (دی سوسور، 1985م: 361-362؛ والصویان، 2001م: 127) وأخیراً بإمکاننا القول إنّ هذه العلاقة هی العلاقات الناتجة عن انتماء الوحدات الصرفیّة أو الکلمات إلی صنف واحد، یمکن أن تستبدل فیه بوحدات أخری فی نفس الموضع. هیکل البحث من یستقرئ القرآن ینتبهأنّه یسوده نظم واحد وبنیة السُوَر تکون متشابهة وفی الحقیقة یکون القرآن بمثابة کتاب له فصول متعددة غیر أنّ هذه الفصول رغم استقلالیتها فی الموضوع تتمتّع بنظم واحد، أو بمثابة الدّرر الصغیرة والکبیرة التی تنتظم فی سلک التوحید ولها تنظیم موحّد. فبنیة آل عمران لا تعدو أن تکون کبنیة بقیة السُوَر، ویکون ترتیب إبراز الموضوعات علی ما یلی: - الوحدانیّة فی الألوهیّة یغلب محور الوحدانیّة فی الألوهیّة علی غالبیة السورة، إذ إنّ المسلمین ما إن بنوا دعامة مجتمعهم حتی واجهوا الدّعایات السلبیّة والفتن المتعددة، فعلیهم «أن ینتبهوا إلی دورهم البیّن والتاریخیّ أمام أهل الکتاب لیحفظوا اتّفاقهم فی التوحید... .» (بازرکان، 1375ش: 2/102) وتری أنّ «کلمة اللّه ظهرت بشکل تبهر العین فی السّورة.» (المرجع نفسه: 2/36و1/9) الآیات: 2،6،18،62 و... . - الوحدانیّة فی الربوبیّة کان «أهل الکتاب والمشرکون یعتقدون بوحدانیّة اللّه غیر أنّهم ذهبوا إلی أنّ اللّه أودع حفظ السماء والأرض وتدبیر شؤونهما إلی آلهة مثل الملائکة، والأشجار و... .» (المرجع نفسه: 1/266) ولذلک یردّ اللّه تعالی ما یذهبون إلیه ردّا عنیفا بالآیات التی تؤکّد استمراریة ربوبیّته فی شؤون الناس. الآیات: 26،27،36،192،193،194 و... . - الوحدانیّة فی المالکیّة إنّ الاعتقاد بمالکیة العالَم الإلهیة وربوبیته وتدبیره المستمر یعتبر الحجر الأساس لبقیّة القضایا التوحیدیّة. الآیات: 26،129،180و... . - رسالة النبی تتطلّب وحدانیة اللّه فی الألوهیة أن یهدی الناس ولا یدعهم وشأنهم غیر أنّه لا یُجبر الناس بقبول الدین الحق بل اکتفی بإرسال الأنبیاء حتی یکون الناس أحرارا فی قبول الدین الحق و رفضه. الآیات: 32،64،61 و... . - نزعة الناس انقسم الناس أمام رسالته السماویة إلی فریقین: الفریق الأوّل هو الذی انقاد واستسلم أمام الأوامر الإلهیّة، والفریق الثانی هو الذی تمرّد ورفض الرسالة السماویّة. الآیات: 134، 167، 21 و... . الأول: المومنون: المؤمنون هم الذین آمنوا باللّه وبالنبیّ ولم یدعوه وشأنه بل تذوّقوا مرّ الحیاة وحلوها إلی جانبه. والمنافقون فی القرآن هم الذین لا یتّفق قولهم وعملهم، ویقولون فی العلانیّة خلاف ما یذهبون إلیه فی السّر.والمشرکون هم الذین أعلنوا فی بدایة الإسلام عداوتهم مع الإسلام وکانوا یتحیّنون الفُرص لإلحاق الخسائر النفسیّة والمادیة بالنبیّ والمسلمین. - ابتلاء المسلمین: الآیات: 146،104،186،102،97،200، و... الأول: الجهاد: الجهاد فی سبیل اللّه یقترن مع الإمدادات الغیبیّة والإلهیّة کما یشیر إلیها اللّه تعالی فی غزوة بدر وهی أثر واضح من وحدانیّة اللّه تعالی وربوبیّته التی هی کلیّة السورة. الثانی: الإنفاق: إنّ الإنفاق فی سبیل اللّه مصدر العمل والنشاط وتحریر الأفکار من الأمیال الدنیویّة وبالتالی إیجاد الرغبة فی الناس للحضور فی الحرب کما أنّ البخل یؤدّی إلی عکس ما نحن فیه، أی: الضعف والمذلّة و فقد الإرادة و... وفی النهایة الهلاک. الثالث: الصبر والتقوی: یشجّع اللّه تعالی المسلمین فی الکثیر من الآیات بالصبر والتقوی لأنّ الذی لم یتسلّح بالصبر والتقوی فلیس بإمکانه أن یبقَ علی طریق التوحید. - قصة الأنبیاء: الآیات: 45،52،59،95 و... . الأول: قصة إبراهیم: ما جاء من موضوع فی سورة من سور القرآن إلا ویهدف إلی ما تهدف إلیه کلیة السورة. فیتماشی ذکر قصة إبراهیم مع کلیة سورة آل عمران التی هی الوحدانیّة، لأن إبراهیم هو أسوة للجمیع فی الاعتقاد بوحدانیّة اللّه ویمکن القول إنّ قصة إبراهیم تعتبر رمزا للوحدانیّة التی هی ما تهدف إلیه کلیّة السورة. الثانی: قصة آل عمران: آل عمران هم وارثو آل إبراهیم، وبما أنّ بنی إسرائیل بعد ما کانوا فی القرون المتمادیة تحت تعلیم الأنبیاء انخرطوا فی سبیل العدم والزوال، فمنّ اللّه علیهم ونجّاهم بإرسال أنبیاء آل عمران الذین هم واصلوا رسالة إبراهیم. فهم سقوا جنة التوحید من جدید وربّوا براعم الأخلاق والإنسانیة وأصبحوا أسوة لعمران النفوس والمجتمعات البشریّة. - العاقبة یتحدّث اللّه تعالی عن عاقبة الحق والباطل بصور مختلفة فتظهر هذه العاقبة بصورة العذاب، أو جهنم للکافرین و... والرحمة أو الجنة للمؤمنین و... . فمصیرهما واضح وضوح الشمس وذلک ما تقتضیه الوحدانیة. الآیات: 4،106،107،136،197 و... . المحور الاستبدالی ویتمّ ذلک "کما بینّا سابقا" إما باحلال وحدة محلّ الأخری أو مجموعة من وحدات محلّ الأخری، فهو اختیار الألفاظ، للإبانة عن المعانی الجلیلة، اسما، أو فعلا، أوحرفا.والانتباه إلی هذا الأمر، أی: اختیار المفردة من بین اثنین أو مجموع من الکلمات لیس أمرا سهلا کما یظن، ولا ینتبه سرّ ذلک إلا «من أوتی حظّا وافرا من الذوق والمعرفة کما یذهب إلیه عبد القاهر الجرجانی.» (الجرجانی، 1995: 224) وهذا التوفیق فی الاختیار، أو الإخفاق، یعدّ أحد الأسباب التی بها تتفاوت مراتب الکلام قوة وضعفا. ومن یتفقّد سورة آل عمران، ینتبه أنّ المفردة تنتخب بحسب ما تستدعیه البنیة کنظام أو لما تحتوی من المعانی المنشودة التی یهدف إلیها النظام. فلألفاظ «تثبت لها الفضیلة وخلافها فى ملاءمة معنى اللفظة لمعنى التی تلیها أو ما أشبه ذلک مما لاتعلق له بصریح اللفظ ، ومما یشهد بذلک أنک ترى الکلمة تروقک وتؤنسک فى موضع ثم تراها بعینها تثقل علیک وتوحشک فى موضع آخر.» (الجرجانی، 1995م: 16) و«حینما ینتقل عبد القاهر إلى المقارنة بین اللفظة تستحسن داخل سیاق وتثقل على السامع فى سیاق آخر دلالة على المحور الرأسی الاستبدالی فالاستحسان والوحشة یرتبطان بممارسة الاختیار، والاختیار أساس علاقة الاستبدال.» (حمودة، 1998م: 256) مهما یکن من شیء فهناک مواضع کثیرة فی سورة آل عمران تمّ فیها الاستبدال بحسب ما یستدعیه النظام بحیث تزید علیه الدقة والبیان فاخترنا نماذج منه ودرسناه دراسة کاملة وجامعة: منه: - استبدال الفعلیة بالإسمیة إنّ الفعل «یدلّ علی التجدد والحدوث والاسم یدلّ علی الثبوت والتأکید. فالجملة التی مسندها فعل تدلّ علی الحدوث والجملة التی مسندها اسم تدلّ علی الثبوت.» (السامرائی، 2007، 1/15) مهما یکن من شیء فقد تقع الاسمیة موقع الفعلیة علی المحور الاستبدالیّ لإفادة الثبوت والدوام. منه: ﴿إِنْ یَنْصُرْکُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَکُمْ وَإِنْ یَخْذُلْکُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِی یَنْصُرُکُمْ مِنْ بَعْدِهِ ...﴾ ]آل عمران: 160[ ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَّقِینَ﴾ ]آل عمران: 76[ ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَکُمْ أَجْرٌ عَظِیمٌ﴾ ]آل عمران: 179[ وهکذا فیما یتعلّق بالکافرین: ﴿فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِکَ فَأُولَئِکَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ]آل عمران: 82[ ﴿وَمَنْ یَکْفُرْ بِآیَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسَابِ﴾ ]آل عمران: 19[ ﴿فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْکَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِکَ فَأُولَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ]آل عمران: 94[ فلم یقل فی جواب الشرط فی الآیة الأولی: «لا تغلبوا ، یحببه اللّه، وفی الثانیة: یُعطکم أجرا، وفی الآیة الثالثة: لا تُغلبوا. وقس علیها بقیة الأجوبة علی ضوء رؤیة بعض النّحاة.» (ابن عاشور، 1984م: 4/153؛ الأنصاری، 2009م: 1/143) لأنّ من منطلق کلیة السّورة لاحاجة إلی تقدیر الجواب کما یذهب إلیه النّحاة ویقدّرون الفعل، إذ إنّ جواب الشرط یقتضی الاسمیّة بسبب إفادتها الدوام والثبوت والتأکید. فاللّه تعالی ینصر المؤمنین فی الحرب مع الکافرین ویحبّهم ویعطیهم الأجر وذلک ما تطلّبه کلیة السورة، أی: الوحدانیة لأنّ ما من حزب من أحزابه وهو نصرهم بسبب صبرهم وتقواهم إلا وهم غلبوا أعدائهم. ففوزهم قطعیّ وحتمیّ بالتأکید والدوام والثبوت بسبب نصرته فیتطلّب الجواب الجملة الاسمیة لا الفعلیة التی تفید التجدد، کما یعلم بسبب ربوبیته أن الظالمین ظلمهم أمر ثابت وقطعیّ ولا أمل برجوعهم منه بسبب افترائهم علی الله فهو سریع إلی محاسبة أعمالهم بالدوام والثبوت. والاستبدالات الصرفیة تؤید صحة ما نحن فیه: جدول تواتر استبدال الفعلیة بالاسمیّة:
- استبدال الماضی بالمضارع والمضارع بالماضی لیس بإمکان الصیغ الصرفیة أن تستوعب جمیع الحالات فی الاستعمال إذ إنّ التحدیدات الصرفیّة للعلماء تتعلّق بما یسمّی الزمن الصرفیّ وتحدید الزمن الأفقیّ هو ما تحدّده البنیة أو النظام کما یذهب إلیه سوسور. فالزمن الأفقیّ «هو شبکة زمنیّة تتّخذ نسیجها من الصیغة الفعلیة وما یتولّد عنها من اتجاهات نحویّة وما یضاف إلیها من صیغ حدثیة غیر فعلیة وصیغ مرکبة و قرائن مع ملاحظة الجمل والأسالیب التی تقع فیها تلک الأنواع من الصیغ.» (توامه، 1994م: 275)وبناءً علی ذلک «إنّ تحدید الزمن فی المستوی الأفقیّ أو فی الترکیب وظیفة البنیة ولیس وظیفة صیغة الفعل، لأن الفعل الذی علی صیغة "فعل" قد یدلّ فی السیاق علی المستقبل، والذی علی صیغة المضارع قد یدلّ فیه علی الماضی.» (حسان، 1994م: 104) وذلک یعنی استبدال الماضی بالمضارع والعکس صحیح. ومن الأول قوله تعالی: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِیسَى عِنْدَ اللَّهِ کَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ﴾ ]آل عمران: 59[ ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ. .. وَإِنِّی سَمَّیْتُهَامَرْیَمَ وَإِنِّی أُعِیذُهَا ...﴾ ]آل عمران: 36[ ﴿إِنَّ الَّذِینَ یَکْفُرُونَ بِآیَاتِ اللَّهِ وَیَقْتُلُونَ النَّبِیِّینَ بِغَیْرِحَقٍّ وَیَقْتُلُونَ الَّذِینَ یَأْمُرُونَ...فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِیمٍ﴾ ]آل عمران: 21[ ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیقًا یَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ ...وَیَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَیَقُولُونَ ...﴾ ]آل عمران: 78[ ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَکِنْ أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ﴾ ]آل عمران: 117[ ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ یَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا یَذَّکَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ]آل عمران: 7[ ﴿وَإِنْ یَخْذُلْکُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِی یَنْصُرُکُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْیَتَوَکَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ]آل عمران: 160[ لم یقل "کان، و..." بل قال "یکون، و..."، جاء فی زهرة التفاسیر: «ولم یقل کن فکان، وهو المناسب للماضی، وذلک لأن التعبیر بالمضارع دائما فیه تصویر وإحضار للصورة الواقعة کما وقعت، ومن جهة أخرى فصیغة المضارع فی هذا المقام تنبئ عما کان، وتومئ إلى ما یکون بالنسبة لخلق اللّه تعالى المستمر فی المستقبل کما کان فی الماضی وقد بیّن سبحانه أن هذا هو الحقّ الثابت المستمر.» (أبوزهرة، لاتا: 3/1251) فتَجَلّی قدرة اللّه بسبب الوحدانیة یستمرّ فی الحال والمستقبل. وفی الآیة الثانیة: إنّ السیاق سیاق الأفعال الماضیة فکأنّه قال: وإنی أعذتها بک وذریتها، غیر أنّه عبّر عن الإعاذة بالمضارع لإفادة الاستمرار لأّن الشیطان لا یُوقع النّاس فی فخّه عند الولادة فقط بل هو مستمرّ فی إغوائه الناس طیلة حیاتهم. فکما أنّ الشیطان مستمر فی إغوائه الناس، کذلک المؤمنون تستمرّ ارشادهم وتدبیر شؤونهم إلی یوم القیامة. وعبّر عن أقوال المشرکین وأفعالهم بالمضارع بسبب کلیة السورة لإفادة الاستمرار لأنّهم یرتکبون بالاستمرار ما یستحقّون به العقوبة. وذلک کان دأبهم وعادتهم المعتادة. فالله بسبب وحدانیته فی أمر الربوبیة التی تفید الاستمرار فی تدبیر شؤون العباد والإشراف علیها فی کلّ الأزمنة یعلم أنّ المشرکین یستمرّون ویتابعون ما کان علیه آباؤهم ویتحیّنون الفرص لإلحاق الخسائر النفسیة بالنبیّ والمسلمین . فالسیاق فیما یرتبط بالمؤمنین سیاق المدح وهم کانوا یؤیّدون بالقول استمرار الوحدانیة فی الربوبیة التی هی کلیة السورة کما أسلفنا عنه الذکر مرارا. وهکذا یعبّر عن التوکّل علی اللّه سبحانه وتعالی بالمضارع لإفادة استمرار إشرافه فی کلّ ما یعتریهم من مصائب الدنیا، وقدّم المجرور فی أسلوب قرآنی رفیع لإفادة الاختصاص. وذلک یتماشی مع کلیة السورة إذ إنّ الاستمرار فی التوکّل یتطلّب استمرار أمر الربوبیة التی ینکرها المشرکون بالتأکید. ویمکن إحصاء هذا النوع من الاستبدال فی کلّ السورة کما یلی:
وأما استبدال المضارع بالماضی فیغلب التعبیر عن المستقبل بلفظ الماضی «إذا کان مدلول الفعل من الأمور الهائلة المهدّدة المتوعّد بها فیعدل فیه إلى لفظ الماضی تقریرا وتحقیقا لوقوعه کقوله تعالى: نفخ فی الصور فصعق.» (الزرکشی، 1391ش: 3/372) فقد تقتضی البنیة، المضارع غیر أنّ الماضی یقع مکانه لإفادة التحقق وذلک فی قوله تعالی: ﴿وَمَنْ یَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِیَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ﴾ ]آل عمران: 101[ ﴿رَبَّنَا إِنَّکَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَیْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ ]آل عمران: 192[ ﴿فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْیَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ﴾ ]آل عمران: 148[ ﴿یَوْمَ تَبْیَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِینَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَکَفَرْتُمْ بَعْدَ إِیمَانِکُمْ فَذُوقُوا ...﴾ ]آل عمران: 106[ ﴿أَفَغَیْرَ دِینِ اللَّهِ یَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَکَرْهًا وَإِلَیْهِیُرْجَعُونَ﴾ ]آل عمران: 83[ فی الآیة الأولی لم یقل"یهدی" بل قال "هدی"، لأنّ المعتصم باللّه متوقع وهو المناسب للمضارع، غیر أنّه عبّر عن المضارع بالماضی للدلالة علی أنّ من یلتجئ إلیه "تعالی" ویعتصم بحبله فقد تحقّقت هدایته وثبتت استقامته. وفی الآیة الثانیة لم یقل: تخزیه، وعبّر عن المضارع بلفظ الماضی تنزیلا للمتوقع منزلة ما وقع، إذ إنّ خزیهم أمر قطعیّ وحتمیّ. وقس علیهما "آتاهم، واسودت" فی الآیة الثالثة والرابعة. وفی الآیة الخامسة لم یقل "یسلم"بل قال "أسلم" لأنّ السیاق سیاق المضارع غیر أنّ اللّه تعالی عبّر عن الإسلام بالماضی لإفادة التحقق والتأکید علی أمر الإسلام الذی هو کلیة السورة وتقدیم الجار والمجرور یزیدان هذا التأکید ویخصّانه بالله تعالی دون غیره. ویؤیّد ما نحن فیه قوله تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ یَسْجُدُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَکَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ﴾ ]الرعد: 15[ یستدعی عمل السجود کأمر الاسلام الاستمرار.فما استبدل المضارع بالماضی إلا لتوکید أمرالوحدانیة التی هی کلیة السورة. وأمّا إحصائه فإنه کالتالی:
- استبدال الفعل بالفاعل قد یستبدل الفعل بالفاعل لأنّ الفاعل تتّسع دائرة الزمان فیه ویدلّ علی الحاضر والمستقبل کما یدلّ علی الماضی. منه: ﴿رَبَّنَا إِنَّکَ جَامِعُ النَّاسِ لِیَوْمٍ لَا رَیْبَ فِیهِ إِنَّ اللَّهَ لَا یُخْلِفُ الْمِیعَاد﴾ ]آل عمران: 9[ ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِکَ الْمُلْکِ تُؤْتِی الْمُلْکَ مَنْ تَشَاءُ ...﴾ ]آل عمران: 26[ لم یقل تجمع بل قال جامع إذ إنّ کلیة السورة، أی: الوحدانیة تستدعی أن یجمع اللّه الذین عاشوا فی الأزمنة الماضیة والبعیدة والذین یعیشون فی الحاضر والذین من المقرّر أن یعیشوا فی المستقبل. ولم یقل تملک بل قال مالک بسبب وحدانیته فی أمر الملکیّة لأنّ ملکیّة جمیع ما فی السموات والأرض فی کلّ الأزمنة تختصّ به دون غیره وما یتصرّف فیه الناس مؤقّت ونسبیّ ولیس قطعیّا وإن تداول بینهم. ومنه : ﴿الصَّابِرِینَ وَالصَّادِقِینَ وَالْقَانِتِینَ وَالْمُنْفِقِینَ وَالْمُسْتَغْفِرِینَ بِالْأَسْحَارِ﴾ ]آل عمران: 17[ ﴿وَمَنْ یُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْیَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ یُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِی الشَّاکِرِینَ﴾] آل عمران: 145[ ﴿فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْکَاذِبِینَ﴾ ]آل عمران: 61[ ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا یُحِبُّ الْکَافِرِینَ﴾ ]آل عمران: 32[ ﴿وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْکِتَابِ لَکَانَ خَیْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَکْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ]آل عمران: 110[ لم یقل الذین صبروا وصدقوا وقنتوا وأنفقوا واستغفروا بل قال الصابرین و... لأن الأفعال مقیّدة بالزمن والفعل الماضی مقیّد بالزمن الماضیّ علی الأغلب فلذااستبدل الماضی بالفاعل للدلالة علی ثبات ما هم علیه بسبب أنهم أخبروا بهذه الصفات عن أنفسهم من الثبات علی أمر الصبر والصدق والقنوت والإنفاق والقرار علی الاعتقاد بها والابتعاد من أن ینصرفوا عنها . وذلک بسبب اعتقادهم بکلیة السورة. ولم یقل الذین کذّبوا وکفروا والذین فسقوا بل قال الکاذبین والکافرین والفاسقین لأنّهم عکس المؤمنین أخبروا بهذه الصفات عن أنفسهم من الثبات والبقاء علی ما هم علیه، أی: الکذب والکفر والفسق وهی ناتجة عن عدم اتقائهم اللّه والاعتقاد بوحدانیته. وعندما ننظر إلی السورة کنظام ننتبه أنّ اللّه کلّما تحدّث عن المؤمنین والمشرکین فی هذه السورة عبّر عن صفاتهم بالفاعل والمضارع لإفادة الثبوت والاستمرار فی أمر الاعتقاد بکلیة السورة أو رفضها؛ وإحصائه کما یلی:
استبدال الضمیر بالظاهر ﴿إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِیدٌ وَاللَّهُ عَزِیزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ ]آل عمران: 4[ ﴿لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾ ]آل عمران: 198[ ﴿...جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبَادِ﴾]آل عمران: 15[ لم یقل "وهو عزیز ذو انتقام" بل قال "واللّه عزیز ذو انتقام" وقس علیها بقیة الآیات. ومن یستقرئ سورة آل عمران ینتبه أنّ مفردة "اللّه" التی هی رمز الوحدانیّة کثرت کثارة وجاءت مائة وثمانی وسبعین مرة وهو أمر یدلّ علی أهمیة التوحید الذی هو کلیة السورة. فمن منظار الکلیّة استبدل الضمیر بالظاهر فی بعض الآیات للاعتداد بأمر مهم وهو الوحدانیّة. وهاکم جدول تواتر استبدال الضمیر بالله:
استبدال الضمیر بالموصول ینطوی مجیء المسند إلیه موصولا علی دلالات رائعة. ومن الجلیّ أن الموصول یزید المسند إلیه المعانی المنشودة، وذلک عن طریق الصلة، منه: ﴿إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَنْ تُغْنِیَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَیْئًا وَأُولَئِکَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾ ]آل عمران: 10[ ﴿إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَیْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِیلًا أُولَئِکَ لَاخَلَاقَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ ...وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ﴾ ]آل عمران: 77[ استبدل الضمیر بالموصول فی البدایة ثمّ زید ضمیر الفصل للتوکید فلم یقل "إنهم کفروا ، و..." بل قال"إنّ الذین کفروا، و..." إذ إنّ الصلة تشیر إلی وجه بناء الخبر، وتُومئ إلی أنّ ما جاء بعد الموصول وقوعه حتمیّ ولا شکّ فیه. فـ"الذین کفروا" لایغنیهم أولادهم وأموالهم شیئا من الغنی، ومجیء التنوین علی "شیئا" یفید القلّة والندرة ویرفض أیّ غنیً من جانب الأولاد والأموال للذین کفروا. واقتران الخبر فی الآیة الأولی والثانیة والرابعة بـ"لن والفاء" یزید هذا التوکید. جاء فی تفسیر زهرة التفاسیر: «"إِنَّ الَّذینَ کَفَرُوا" وبهذا یؤکّد سبحانه وقوع الکفر منهم، ویؤکّد سبحانه النفی فی قوله،"لَن تغْنِیَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَیْئَا" إذ نفی بـ " لن"؛ فالخبران مؤکّدان: الإثبات والنفی؛ فکفرهم وعدم نفع أعراض الدنیا مؤکّدان.» (أبو زهرة، لاتا: 2/1120) فبإمکاننا القول إنّ حبّ الکافرین للأولاد والأموال وقتلهم الأنبیاء و... ناتج عن إنکار الوحدانیّة التی هی کلیة السورة ومن ینکر أمر التوحید فعاقبته لا تعدو أن تکون العذاب کما یخبر اللّه عنه. وإلیک تواتر هذا النوع من الاستبدال:
استبدال الضمیر بالإشارة «إنّ الإشارة تمییز الشیء المقصود أکمل تمییز.» (السامرائی، 2007: 1/82) وذلک بوضعه تحت دائرة الحسّ، حتی یتجلّی فی حس السامع، ویتحقق هذا حین یکون المقام مقام مدح أو مقام ذم، منه: ﴿یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ... وَ أُولئِکَ مِنَ الصَّالِحِینَ﴾ ]آل عمران: 114[ ﴿وَلْتَکُنْ مِنْکُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إِلَى الْخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَأُولَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ]آل عمران: 104[ إنّ الأصل کان هم من الصالحین، وهم المفلحون و... ثمّ زید الضمیر للتأکید فلم یقل "هم من الصالحین، و..." بل أولئک من الصالحین، و...، لأنّ المؤمنین هم الذین أثبتوا اعتقادهم بأمر التوحید بالاستمرار فی الإیمان والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والمسارعة فی القیام بالأعمال الصالحة "الجهاد فی سبیل اللّه، والإنفاق، و..." وتعوید أنفسهم بالصبر والتقوی فبسبب تَحلّی أنفسهم بالأخلاق الحسنة هم یستحقّون أن یتّصفوا بالصالحین وذلک یستفاد من الإشارة لا الضمیر ولذا استبدل الضمیر بالإشارة. ﴿فمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْکَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِکَ فَأُولَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ]آل عمران: 94[ ﴿إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بَعْدَ إِیمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا کُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِکَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾ ]آل عمران: 90[ لم یقل "هم الظالمون، و..." بل قال "أولئک الظالمون، و..." وزید الضمیر فی الجملة لأغراض ثلاثة، أی: فصل الخبر عن النعت، والقصر، والتوکید. لأنّ الکافرین نهجوا عکس ما نهجه المؤمنون وهم بسبب شرکهم ورفض أمر التوحید"کلیّة السورة" وهکذا الابتعاد عن الجهاد، والإنفاق، وغیر ذلک زیّنوا أنفسهم بالأخلاق الذّمیمة فأولئک هم الذین یستحقّون أن یوصفوا بالظالمین والفاسقین فی الدنیا والآخرة. جاء فی بحر المحیط: «أولئک إشارة إلی من تقدّم موصوفا بتلک الأوصاف الذمیمة.فالإشارة هنا تفید التنبیه علی أنّهم أحقاء بما سیُخبرُ به عنهم بعد اسم الإشارة.» (الأندلسی، 1420ق: 3/78)
استبدال جمع الکثرة بالقلة قد یقع جمع الکثرة موقع جمع القلّة لغرض ما وذلک نحو قوله تعالی: ﴿هُوَ الَّذِی یُصَوِّرُکُمْ فِی الْأَرْحَامِ کَیْفَ یَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ﴾ ]آل عمران: 6[ ﴿أُولَئِکَ الَّذِینَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِینَ﴾ ]آل عمران: 22[ ﴿یَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَیْسَ فِی قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا یَکْتُمُونَ﴾ ]آل عمران: 167[ ﴿وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ لَوْ یُضِلُّونَکُمْ وَمَا یُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا یَشْعُرُونَ﴾ ]آل عمران: 69[ ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْکُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ کُنْتُمْ أَعْدَاءً ...﴾ ]آل عمران: 103[ عبّر عن "الأرحام، والأعمال، والأفواه، والأنفس، والأعداء، والأنصار، و..." بجمع القلّة بدل جمع الکثرة للدلالة علی أنّها وإن جاوزت الحصر فهی کالواحدة بالنسبة له ویقع جمیعها تحت قدرته وسیطرته وإشرافه بسبب وحدانیته فی الربوبیة التی کان الکافرون ینکرونها بالتوکید. وإلیک جدول تواتره:
أ أو هل هناک حرفان للاستفهام، أی: "هل، والهمزة" وتعتبران من الحروف المتقاربة فی المعنى؛ بدلیل صحة وقوع أحدهما بدلا من الآخر فی بعض الأحیان، ولا یتمّ اختیار إحداهما علی المحور الاستبدالیّ إلا بحسب ما تستدعیه البنیة. وهنا تجدر الإشارة أوّلا فی بیان أوجه التشابه والاختلاف بین الحرفین إلى «أنّ "الهمزة" أوسع استعمالا.» (السامرائی، 2007م: 4/199) من "هل"؛ «لکونها أم الباب؛ وذاک لمجیئها فی طلب التصور والتصدیق، بخلاف "هل"، فإنّها لا تأتی إلا لطلب التصدیق.» (الأنصاری، 2001م: 1/13) وهذا یعنی وجود اشتراک دلالیّ بینهما من حیث طلب التصدیق، ولکن لا یعنی هذا الاشتراک أنّ الحرفین سواء فی هذا المعنى، بل هناک فروق تستلزم إیثار أحدهما على الآخر بحسب البنیة، وإلا فمن البُعد وضع حرفین بدلالة واحدة، أوبعبارة أخرى، فلو کانت الدلالة نفسها بین الحرفین لاکتفی بـ"الهمزة" إیجازا واختصارا؛ لأنها تؤدّی معنى التصور والتصدیق. فالهمزة «هی الأصل للاستفهام و المراد به طلب الإفهام فلم تخرج عَن موضوعها ولم تستعمل لنفی ولا بمعنی "قد" بخلاف "هل" ومن أجل أصالتها فیه اختصّت بالحذف أَی بجواز حذفها کقول الشاعر: طَربْتُ وَمَا شَوْقاً إِلَى الْبیض أَطْرَبُ ... وَلَا لَعِبًا منی وذُو الشّیْبِ یَلْعَبُ أَراد أَو ذو الشیب، وتدخل على النَّفی والإثبات نحو ألم یقم زید وهکذا علی "واو العطف وفائه وثمّ" تنبیها على أصالتها فی التصدیر نحو: "أولم یَسِیرُوا فِی الأَرْض" [الرّوم: 9] بخلاف "هل" التی لا تتقدم علی العاطف بل تتأَخّر عنه، نحو: "فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ"[الْمَائِدَة: 91]» (السیوطی، لاتا: 2/582) وما أسلفنا الذکر عنه یتعلّق بالفروق اللفظیة بینهما، غیر أنّ هناک فروقا معنویة أخری بینهما بحیث لا تتضح إلا من خلال استبدال أحدهما بالآخر فی البنیة"فی الموضع الذی یشترک بینهما فی التصدیق"، فإنّ لاستبدال أحد الحرفین مع إمکان وقوع الآخر دلالة معنویّة ولیس لمجرّد الجواز فحسب، فکلّما کان الموضع موضع الشدة کـ"الإنکار الإبطالیّ والإنکار التوبیخیّ والأمر والتقریر" استدعت الجملة، الهمزة «لأن الهمزة من الأصوات المهجورة التی صوتها شدید مصمت منفتح ومستقل.» (بحری، لاتا: 35) منه: ﴿أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَیْکَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبَادِ﴾ ]آل عمران: 20[ ﴿أَکَفَرْتُمْ بَعْدَ إِیمَانِکُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا کُنْتُمْ تَکْفُرُونَ﴾ ]آل عمران: 106[ إنّ الموضع هنا موضع الشدة والتهدید إذ إنّ المسألة مسألة الوحدانیة التی هی کلیة السورة. وذلک تتطلّب الإسراع إلیها والإعراض عن الکفر بها فلذلک استبدلت "هل" بـ"الهمزة"، وإن کان المعنی بـ"هل" صحیح غیر أنّ فی الهمزة معنی لا نجده فی الاستفهام بـ"هل". وهناک موضع استبدل "هل" بـ"الهمزة": ﴿یَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَیْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ کُلَّهُ لِلَّهِ یُخْفُونَ فِی أَنْفُسِهِمْ مَا لَا یُبْدُونَ لَکَ یَقُولُونَ لَوْ کَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَیْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾ ]آل عمران: 154[ هذا استفهامٌ على سبیل الإنکار والمراد منه هنا إظهار الشَّفقة، أی: أنّه متى یکون الفرجُ والنُّصرة؟ أو هل لنا من أَمر اللَّه نصیب. فالسیاق سیاق الرخوة دون الشدة. إذ إنّ "الهـاء" «صوت مهموس رخو منفتح ومستقل و"اللام" مجهور منحرف منفتح بین الشدة والرخاوة.» (بحری، لاتا: 35-36) وإلیک جدول تواتر هذا النوع من الاستبدال:
إن أو إذا هناک تشابه بین "إذا وإن" فی دلالتهما علی الشرط فی الاستقبال إذ إنّنا لا نجد فرقا بینهما غیر بعض الفروق المعنویّة الخفیفة التی لا تتّضح إلا من خلال استعمالهما فی البنیة فلا یمکن استبدال أحدهما بالآخر أو إیثار إحداهما علی الآخر إلا بناءً علی تلک الفروق والبنیة التی تردان فیها، ف"إن و إذا" للشرط فی الاستقبال لکن «أصل "إن" عدم الجزم بوقوع الشرط، وأصل "إذا" الجزم بوقوعه.» (تفتازانی، 1378: 1/139) وبناءً علی ذلک تستعمل "إن" فی المعانی المحتملة الوقوع والمشکوک فی حصولها، وتأتی"إذا" للمقطوع بحصوله ولهذا تری کلّما خاطب اللّه المؤمنین والمشرکین استبدلت "إذا" بـ"إن" بسبب کلیة السورة، نحو قوله تعالی : ﴿قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللَّهُ وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ﴾ ]آل عمران: 31[ ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا یَضُرُّکُمْ کَیْدُهُمْ شَیْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا یَعْمَلُونَ مُحِیطٌ﴾ ]آل عمران: 120[ دخلت "إن" فی هذه الآیات علی المحور الاستبدالیّ بدل "إذا" للإفادة بأن حبّ اللّه، والصبر، والتقوی، والإیمان باللّه، وعدم إطاعة المؤمنین للمشرکین أمر متوقّع بسبب اعتقادهم بکلیّة السورة، أی: الوحدانیّة. ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَیْکَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبَادِ﴾ ]آل عمران: 20[ ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا یُحِبُّ الْکَافِرِینَ﴾ ]آل عمران: 32[ والعکس صحیح فیما یرتبط بالکافرین لأنّ الإعراض والتولّی وعدم الصدق فیما یقولون أمر ینتظر منهم بسبب رفض کلیة السورة من جانبهم. وإلیک الآن جدول تواتر هذا النوع من الاستبدال:
استبدال "سوف" بـ"السین" تدخل "سوف والسین" لإفادة الاستقبال علی المضارع، غیر أنّ هناک أقوالا فی دلالة السین وسوف اللتان تدخلان علی أوّل المضارع للاستقبال کما ذکرنا: الأوّل: «إنّ السین وسوف تدلّان علی الزمن غیر أنّ "سوف" أکثر معنى من "السین" ویقصدون بالمعنى ههنا: الدلالة الزمنیّة. فسوف کالسّین غیر أنّها أوسع زماناً منها وذلک عند البصریین لما فیها من ارادة التسویف، ومنه قیل فلان یسوّف فلانا، لأن کثرة الحروف تدلّ على کثرة المعنى، ومرادفة لها عند غیرهم.» (یونس، لاتا: 5) والقول الثانی: «إنّهما حرفا استقبال، وتاتیان للدلالة علی الاستمرار.» (یونس، لاتا: 8) یرفض ابن هشام الأنصاری هذا القول: «إنّ الاستمرار یستفاد من المضارع، والسین أو سوف مفیدتان للاستقبال.» (الأنصاری، 2001: 1/121) والقول الثالث: إن "السین" تأتی: «فی بدایة الخطاب لإرادة التعبیر، ولا یؤتى فی هذا الموقف إلا بالسین، وذلک أنّها لما دلّت على الزمن القریب، وکان المتکلم یحرص على إثبات فعله اللغویّ وأنّ حصوله قویّ إلى درجة أنّه قریب الوقوع، فلایعبّر بسوف الدالة على تراخی الحدث فی آنات الزمن البعید، فالعربیّ الناطق لا یبدأ جملته بفعل مستقبل بعید، لأنّه یدرک أن هذا الابتداء مخالف لغرضه الدلالّی، ومُستدعٍ لضعف حدثه اللغویّ الذی یرید تقویته فی ذهن السامع.» (یونس، لاتا: 16) منه: ﴿سَنُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ کَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَکُوا بِاللَّهِ ...﴾ ]آل عمران: 151[ ﴿سَنَکْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِیَاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ ...﴾ ]آل عمران: 18[ بعد التصفّح فی سورة آل عمران نجد أنّ "سوف" استبدلت بـ"السین" فی کلّ الآیات وذلک ناتج عن رفض کلیّة السورة، أو قبولها. فإجابة من یرفض أمر التوحید تتطلّب التهدید والتخویف ویتمّ ذلک بمعونة "السین" لا "سوف" لأنّ أمر التهدید لا یؤجّل. فیقذف اللّه فی قلوبهم عن قریب الخوف والفزع بسبب إشراکهم باللّه وعبادتهم معه آلهة أخری من غیر حجة وبرهان. ویأمر الحفَظَة بکتابة ما قالوه فی صحائف أعمالهم وجریمتهم الشنیعة الناشئة عن قتل الأنبیاء بغیر حق ویخبرهم عن هزیمتهم دون المهلة والتراخی. فیقتضی رفض کلیة السورة التهدید والوعید وذلک لا یناسب التسویف والتأخیر. والعکس صحیح فیما یتعلق بالمؤمنین والشاکرین فهم بسبب اعتقادهم بأمر التوحید یُبشّرون بالثواب الجزیل عن قریب. وإحصائها یکون کما یلی: جدول تواتر استبدال "سوف" بالسین
النتائج بما أنّ البنیویّة تهتمّ باللغة وتجعلها تحت دائرة حسّها تمکن دراستها فی أیّ نصّ من النصوص، دینیا کان أم غیر دینیّ فلا تقلّل من اعتبار النص کما رأینا فی التطبیق بل تزید النص اعتبارا وأهمیة. صحیح أنّ الانتباه إلی جمیع وجوه المعنی فی هذه السورة بسبب عدم اعتداد البنیویة بخارج النص والاکتفاء بما یقع داخل النص أمر مستحیل غیر أنّها بسبب إلقائها الضوء علی ما یکون داخل النص والنظرة إلیه کنظام تکشف عن الکثیر من الإبهامات داخله کما رأینا فی دراستنا. فهی أفضل طریق لغویّ لإماطة اللثام عن معالم الإعجاز فی هذه السورة، إذ إنّ الکثیر من الأسئلة فیما یتعلّق بها لیست بإمکاننا الإجابة عنها إلا من خلال التدبّر فی النص وفی إطار الکلیّة. إنّ إحصاء الکلمات الصرفیة فی هذه السورة تشیر إلی أنّ هناک الکثیر من المفردات استبدلت بالکلمات الأخری فی إطار النظام للدلالة علی الوحدانیة، ومن أهمّها کما أسلفنا الذکر عنها فی التطبیق تجدر الإشارة إلی استبدال "سوف" بالسین والماضی بالمضارع وعکسه. من خلال مرورنا بتطبیق المحور الاستبدالیّ فی سورة آل عمران رأینا أن الانتباه إلی معنی بعض المفردات أمر مستحیل ولایتمّ إلا بمعونة هذا المحور وذلک فی إطار النظام لا غیره. فکما علینا أن نهتمّ بما یقع خارج النص للحصول علی المعنی الذی تتطلّبه السورة، علینا إلقاء الضّوء علی ما یقع داخل النص خاصة محور الاختیار وفق رؤیة سوسور لا المنهج النقدیّ القدیم الذی یغفل الکلیة، وتنحصر دراسته داخل النص فی الجملة ولاتتجاوزها. [1] - signifier 2-signifiant 3-Languge 4-Parole 5-Synchronic 6-Diacronic 7-Syntagmatiqes 8-Paradigmatiques | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
القرآن الکریم. ابن عاشور، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسی. 1984م. التحریر والتنویر. تونس: الدار التونسیة للنشر. أبو زهرة، محمد بن أحمد. (لاتا). زهرة التفاسیر. بیروت:دار الفکر العربی. الأندلسی، أبوحیان. (1420ق). البحر المحیط فی التفسیر. تح: صدقی محمد جمیل. بیروت: دار الفکر. الأنصاری، ابن هشام. (2001م). مغنی اللبیب عن کتب الأعاریب. ط1. تحقیق: أبو عبدالله علی عاشور الجنوبی. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. بازرگان، عبدالعلی. (1375ش). نظم قرآن. تهران: انتشارات قلم. پای، ماریو. (1998م). اسس علم اللغة. ط2. ترجمة وتعلیق: الدکتور أحمد مختار عمر. القاهرة: عالم الکتب. التفتازانی، سعدالدین. (1378ش). شرح المختصر علی تلخیص المفتاح للخطیب القزوینی (المعانی والبیان والبدیع). قم: منشورات دار الحکمة. التونسی، ابن عاشور. (1984م). التحریر والتنویر. تونس: الدار التونسیة للنشر. جاکسون، لیونارد. ( 2008م). بوس البنیویة الأدب والنظریة البنیویة. ط2. تح: ثائر دیب. دمشق: دار الفرقد. الجرجانی، عبدالقاهر. (1995م). دلائل الإعجاز. تح: محمد التنجی. بیروت: دارالکتاب العربی. حسان، تمام. (1994م). اللغة العربیة معناها ومبناها. مصر: دار الثقافة. حمود، عبدالعزیز. (1998م). المرایا المحدبة من البنیویة إلی التفکیک. الکویت: عالم الکتب. الدایة، فایز. (1996م). علم الدلالة العربی. ط2. النظریة والتطبیق: دراسة تاریخیة –تأصیلیة-نقدیة. دمشق: دارالفکر. الزرکشی، أبو عبدالله. (1391ش). البرهان فی علوم القرآن. تح: محمد أبو الفضل إبراهیم. بیروت: دارالمعرفة. الزمخشری، أبوالقاسم محمود بن عمر. (1993م). المفصل فی صنعة الإعراب. تحقیق علی بو ملحم. بیروت: مکتبة الهلال. السامرائی، فاضل صالح. (2007م). معانی النحو. بیروت: دار إحیاء التراث العربی. السیوطی، جلال الدین. (لاتا). همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع. تح: عبد الحمید هنداوی. مصر: المکتبة التوفیقیة. عبدالعزیز، محمد حسن. (1990م). سوسیر رائد علم اللغة الحدیث. القاهرة: دار الفکر العربی. دی سوسور، فردیناند. (1985م). دروس فی الألسنیة العامة. ترجمه: صالح القرمادی، محمد الشاوش،محمد عجینه. طرابلس: الدار العربیة للکتب. المجلات الجامعیة الصویان، سعد العبد الله. (2001م). «النظریة اللغویةعند فردیناند دی سوسور». مجلة الدراسات اللغویة. مجلد 3. العدد 2 (ربیع الآخر- جمادی الآخر 1422ق/یوایو-سبتمبر). الرسائل الجامعیة بحری، نوارة. «نظریة الإنسجام الصوتی وأثرها فی بناء الشعر». (دراسة وظیفیة تطبیقیة فی قصیدة "الموت والاضطرار" للمتنبی). رسالة مقدمة لنیل درجة الدکتوراه فی اللغة العربیة. توامه، عبد الجبار. (1994م). القرائن المعنویة. رسالة دکتوراه فی النحو العربی: جامعة الجزائر. نابی، نسیم.(2010-2011م). مناهج البحث اللغوی عند العرب فی ضوء النظریات اللسانیة (مذکرة لنیل درجة ماجیستر). الجزائر: جامعة مولود معمری (تیزی وزو). یونس، محمد ذنون. (لاتا). مشکلة زیادة المبنى ودلالتها على زیادة المعنى دراسة تطبیقیة على السین وسوف فی القرآن الکریم. جامعة الموصل: کلیة الآداب. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 675 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 441 |