تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,619 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,305,694 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,360,084 |
توظيف لغة الجسد وغايتها في أشعار الحب عند بدر شاکر السياب | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 1، دوره 11، شماره 41، تیر 2021، صفحه 9-39 اصل مقاله (273.26 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
عبدالاحد غیبی* 1؛ مهین حاجی زاده2؛ شهلا حیدری3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1أستاذ في قسم اللّغة العربيّة وآدابها بجامعة الشّهيد مدني بأذربيجان، تبريز، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذة مشارکة في قسم اللّغة العربيّة وآدابها بجامعة الشّهيد مدني بأذربيجان، تبريز، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
3طالبة الدّکتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الشّهيد مدني بأذربيجان، تبريز، إيران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
العلاقات الإنسانية لاتتوقف عند حدود الکلمات المنطوقة، بل تتعداها باستخدام الحرکات الجسدية. وهناک تتفق لغةُ الجسد مع اللغة المنطوقة لنقل المعنی التعبيري فتفردت هذه اللغة بهذا المهام حيث أخذت الدراسة هذه تغور بلغة الجسد في الأبيات التي ترکها بدر شاکر السياب، وحاولت الکشف عن مدی غاية هذه اللغة في أشعار الحب عنده معتمدة علی المنهج التوصيفي التحليلي. اختيرت الأمثلة الشعرية من ديوانه "أزهار وأساطير" الذي احتوی علی نسبة کبيرة من تغنيات الحب لهذا الشاعر العراقي. بما أنَّ لغة الجسد بحد ذاتها متشعبة الفروع، فأخذ الباحثون منها ستة تقسيمات: لغة العيون، ولغة اليدين، ولغة الوجه، ولغة الشفاه، ولغتا العِطر والشَعر کترکيز يلائم أشعار الحب عند السياب. استنتج البحث أنَّ لغة الشاعر في هذا المجال، کانت غالباً ما تترجم ملکات الجسد، وکأنها إلهام لقصائده؛ کانت لغة العيون عنده بمثابة السحر والجمال، ولغة اليدين التي لها أکثر استخداماً في ديوانه،کأنَّما کان الشاعر يستکمل عباراته بحرکة اليد حتی يعبر عن شعوره، ولغة الشفاه فکانت هذه اللغة المستخدمة في أبياته مکبوتة بتعابير عتابية، ولغة الوجه عند الشاعر فاضحة فشت له أسرار الوجوه التي ازدحمت في عالم خياله. وإنّ هناک تناسقاً وترابطاً وثيقاً بين لغة العِطر ولغة الشَّعر وتضافر إحداهما مع الأخری حيث ينقص المعنی في کلتا اللغتين إذا اعتُبرتا کلغتين منفصلتين: لغة العطر تفشي سر الجنون المخبوء في خصلات لغة الشعر، کضفائر معطرة مسترسلة من أعلی قصائد الشاعر. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
شعر الحب؛ لغة الجسد؛ بدر شاکر السياب؛ ديوان أزهار وأساطير | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کما يعرف الجميع أنَّ اللغة الناطقة هي أداة التواصل للمشارکة بين البشر دون شک، وهذه اللغة _الناطقة_ تميز کلّ قوم عن غيرهم، إلا أنَّ أبلغ منها أي نعني من لغة الکلام المنطوقة، هي (لغة الجسد)، فهي باختصار تعني تلک الحرکات والإشارات التي تصدر من الفرد لترسل رسالات معبرة عن خلجات وأفکار الإنسان الداخلية، فهذه اللغة هي رسالة صامتة تعبر عن کل حرکة يصدرها الجسد إن کانت إرادية أو غير إرادية؛ لغةٌ لها کلماتها وتراکيبها، کل حرکة فيها بمثابة کلمة، وکل صوت فيها له معنی. هذه الحرکات والأصوات هي السلوک الجسدي الإنساني المنبعث من أعماق النفس، والمفصح عن طبيعته وفعاليته ضمن إطار البيئة التي تدور حوله، إذ إنَّ دوافع المرء الذاتية وحاجاته النفسية، وانفعالاته هي کما تکون قضية لها عوامل تحمله علی القيام بسلوک ما لتحقيق عرض خاص. في الوقت الذي اعتبر البعض أنَّ اللغة الناطقة فقدت معناها في ظل اللغة الجسدية، أثبت البعض الآخر من الباحثين عکس هذا، فقد أضافت أفقاً جديداً علی إيصال المعنی، مع أن أحيانا تجد اللغة الصامتة تمرَّدت علی قوانين النطق وفاقت علیه تأثیراً وتأثّراً، ولکن واقع الحال هو بأن کلتا اللغتین تتوحدان معاً لإیصال المعنی والمفهوم المطلوب بتضافرهما مع بعض، وربما تجد الإشارات أکثر تفاعلیة بهذه المهمة. وکما یقول خلیل عودة في کتابه "فن التواصل بلغة الجسد": «فلم تعد الکلمة وسیلة الاتصال والتواصل الوحیدة في مخاطبة الآخر، ولم تعد وسیلة التعبیر الوحیدة في نقل الأفکار، وتبادل الأراء، وإحداث الأثر والتأثیر، وإنما توجد وسائل تعبیریة أخری قد یکون لها الأثر نفسه، ولما تکون هذه الوسائل أقوی في إیصال المعنی والتأثیر في المتلقي، فالإشارات والحرکات والإیماءات المصاحبة للجسد في المواقف والأحداث تتبوأ مکاناً مهماً في إیصال الفکرة وإقامة علاقات اتصال جیدة مع المخاطبین.» (عودة، 2017م: 1) لهذا نجد «لغة الجسد لغة غیر منطوقة أو مسموعة، لکنها لغة صامتة تصدر عن حرکات الجسد، تعبر عن المعنی بإیحاءات یمکن فهمها بسهولة والتأثیر بها، والتفاعل معها، فهي حرکات تعبیریة غیر لفظیة تعتمد حرکات أعضاء الجسد کالعین والید وقسمات الوجه والکتف والعنق... وبناء علی ذلک یمکن أن نقرأ في الجسد أکثر من لغة، وهي تعبر عن خلجة صاحبها في کل أحواله وحالاته المختلفة، ویمکن للمتلقي أن یتواصل مع کل جارحة حسب وسائل التعبیر التي یقصدها الشخص في توظیف جوارحه.» (المصدر نفسه: 1) والحقیقة هي أنَّنا نمضي ساعات متعددة في تحليل الکلمات التي وجهت لنا، دون أن ندرک مغزاها، ولکن برفقة الإيماءات والإشارات الجسدیة یمکننا حل اللغز الذي شغل تفکیرنا، اعتماداً علی عفویة الحرکات الصادرة من الشخص حین الأداء. إذن للجسد لغة إضافة إلی اللغة الناطقة، تتعاطی معها وحدة تناسقیة متبادلة المفهوم، لأن بینهما ممارسات علائقیة نحتاج إلیها کلما ضجّت ذاکرتنا بالانشغالات الإیحائیة. ومن أکثر ما یدور حول حدیث لغة الجسد هو غالبا یکمن في أشعار الحب والغزل. فلذا نری الشاعر بدر شاکر السیاب یفتتن بمفاتن الجسد وبجمال الإیحاءات الجسدیة تارةً في أشعاره، ویخبر عن لسان الحال ولغة الجوارح تارةً أخری. الشاعر یتحدث إلی العیون والقلوب والإشارات والإیماءات کما یرسم صورة کاملة بوصفیاته عن هذه التمایلات والحرکات بتشبیهات دقیقة ملیئة بفیض المشاعر، ویقدمها کتحفة رائعة لجمهوره. وهکذا نالت قصائده المختارة هي محل بحث في مجال کشف لغة الجسد بین تعابیرها وتماثیلها وهمزات أبیاتها. أسئلة البحث: السؤالان الرئيسان الّذان تهدف الدراسة الحالية إلى الإجابة عنهما في هذا المجال هما: 1. ما هي أبرز المجالات الدلالية للغات الجسد في أشعار الحب لبدر شاکر السيّاب؟ 2. ما هي وظيفة هذه اللغة وغایة استخدامها في هذه الأشعار؟ فرضیات البحث
خلفیة البحث لایوجد أي شک في شهرة السیاب التي حثت الکثیر من الباحثین لیدرسوا أشعاره وحیاته من شتی الجوانب. ولکن هناک بحوث ترتبط بموضوع هذه الدراسة. وأمّا بالنسبة للدراسات العربیة فیمکن الإشارة إلی مقال من الباحث محمد رفعت زنجیر (2004م) المسمّاة بـ«لغة الجسد في الشعر العربي: قراءة أدبية بلاغية نقدية.» حاولت هذه المقالة معرفة جوانب لغة الجسد من خلال الشعر العربي في أربع مجالات؛ الأول: معرفة لغة الجسد بما فيه من الأعضاء والجوارح. الثاني: معرفة إسهام الأجداد الأوائل في هذا الميدان. الثالث: معرفة سبل التعامل مع الآخرين عبر لغة الجسد. الرابع: تحليل ما قيل في هذا الصدد من وجهة فنية أدبية تربوية. وهناک أطروحة معنونة بـ«لغة الجسد في شعر نزار قباني دراسة تحليلية» للباحث رهام عصام سعیدي صبري. (2018م) تبحث هذه الأطروحة عن لغة الجسد في شعر نزار قبّاني، واعتمدت علی تحليل الأمثلة الشعرية التي تُثبت حضورها الطاغي في شعرِه. تقوم هذه الدراسة على فکرة أساسيّة مفادُها أن حرکات الجوارحِ کلها تمثل أدوات مساعدة في توصيلِ المعنى للآخرين، ولها تأثيرٌ کبيرٌ وفعّال في ترجمةِ کلِّ ما يدور في النفسِ من مشاعر وانفعالات بصدق تام. ومن الباحثین الإیرانیین الذین اهتموا بهذا الموضوع فیمکن الإشارة إلی زهراء محققيان وأعظم برجم (1394ش) في المقالة المسمّاة بـ«نشانهشناسی ﺍﺭﺗﺒﺎطات ﻏﯿﺮﮐﻼﻣﯽ در آیات قرآن کریم»، بحثتا عن نص القرآن الکريم من وجهة نظر أغراض التواصل غير اللفظي بما في ذلک السلوکيات والوقت والمکان وما إلى ذلک من خلال الرسائل التي أصدرها الله بواسطة عناصر غير لفظية وفک شفرة الکلمة المنقولة للإنسان. ومسعود باوانبوري والزملاء (2020م) في دراستهم المعنونة بـ«الاتصال غيراللفظي في رواية "موت صغير" لمحمد حسن علوان؛ دراسة سيميولوجيّة». درس الباحثون في هذه المقالة الاتصالَ غير اللفظي باعتباره أحداً من فروع السيميائية التي تشمل مجموعة متنوعة من السلوکيات الحرکية للناس في رواية "موت صغير" للکاتب السعودي محمد حسن علوان. توصل الباحثون لهذه النتیجة أنّ هذه الحرکات استُخدمت للتعبير عن حالات مختلفة لشخصیات الروایة مثل الغضب، والخوف، والقلق والضيق. ومع ذلک، فإن بالبحث في المواقع الإنترنتیة الموثوقة وکذلک المنشورات المختلفة لم يعثر على مقال عن توظیف لغة الجسد وغایته في أشعار الحب عند بدر شاکر السیاب. فعلی هذا الأساس تقدمت هذه الدراسة لمعالجة الموضوع فاختارت دیوان الشاعر المعنون بــ "أزهار وأساطیر" حیث کان مفعم بالأحاسیس التي توثقت أشعاره مع عدة لغات محکیة تواصلیة معبرة، منها لغة الجسد الصامتة الصارخة متضامنة مع الإیماءات الشعریة الخلابة. منهج البحث تسعی هذه الدراسة إلی البحث عن قصائد السیاب المنشودة في الحب مقتطفة من دیوان "أزهار وأساطیر" للکشف عن الدلالات التي تکمن وراء اللغات الصامتة المسماة بلغة الجسد. فمن أبرز الصعوبات التي واجهها هذا البحث هي عدم العثور علی توظیف نظریات نقدیة تلائم لغة الجسد کي تلهم الباحثین فکرة التطبیق ما بین التعابیر المستخدمة في الأبیات مع الحرکات الجسدیة الدلالیة المطلوبة. ولکن سعی البحث إلی معالجة هذه المختصات مع إرجاعات أمکنته الحصول علی مراد الشرح من خلال المستندات المدروسة حول لغة الجسد النفسیة بشکل عام، مع ما یوافق التعبیر الأدبي بشکل خاص في أشعار الحب عند السیاب. فمن هذا الإطار اعتمدت الدراسة علی المنهج التوصیفي التحلیلي حیث هو الأنسب لدراسة هذا المبحث. الأسس النظریة لغة الجسد وأما مصطلح لغة الجسد فهو مرکب من کلمتین هما (اللغة) و(الجسد)، کلمة لغة هي: «أصوات یعبر بها کل قوم عن أغراضهم»(الفیروزآبادي، 1983م: 1715). وکلمة جسد کما هو معروف تطلق علی «جسم الإنسان». (ابن منظور، لاتا: 3/120) لغة الجسد هو مصطلح من المصطلحات التي تُعد حدیثة الظهور، حیث قاموا بتعریفها کما یلي: «إشارات وإیماءات جسدیة ترسل رسالات محددة في مواقف وظروف مختلفة، تظهر لک المشاعر الدفینة، وتخرجها للسطح، فتصل من خلالها معلومات أو أفکار عن الشخص الآخر بحیث لایستطیع إخفاء الأفکار التي تدور في ذهنه.» (بني یونس، 2007م: 340) وأیضاً: «هو الرسائل التواصلیة الموجودة في الکون الذي نعیشه، ونتلقاها عبر حواسنا الخمس، یتم تداولها عبر قنوات متعددة، تشمل کل الرسائل التواصلیة حتی تلک التي تتداخل مع اللغة اللفظیة والتي تعتبر من ضمن بنیتها.»(أمین، 2003م: 40) ویأتي المکاوي بهذا التعریف بأن لغة الجسد هي: «مجموعة الأفعال والحرکات التي یأتیها الإنسان لینقل إلی الغیر ما یرید من معان ومشاعر مثل تعبیرات الوجه، حرکات العیون، حرکة وضع الرأس، حرکة الیدین... .» (المکاوي؛ السید، 1998م: 67-68) ومن وجهة نظر محمد منیر أنها: «جزء من الاتصال غیر اللفظي تحمل معنی متفق علیه بین المرسل والمستقبل.» (منیر، 2007م: 225) و«تستطیع هذه اللغة توصیل معلومة دون علم صاحبها.» (برغوث، 2005م: 31) هناک أیضاً تعریف آخر عن هذه اللغة بأنَّها: «لغة غیر لفظیة، وأنَّها لغة مکملة للغة الکلام، وتشمل الحرکات، والإشارات والإیماءات، والتعابیر الصادرة عن أجزاء من جسم الإنسان في مواقف مختلفة، وتحمل هذه اللغة معاني ودلالات رمزیة، وتساعد علی التواصل مع الآخرین، والتأثیر فیهم بطریقة ایجابیة، أو سلبیة. إنَّ من شأن تحلیل لغة الجسد وتفسیرها، تقدیم المساعدة علی نشوء علاقات جیدة مع الآخرین، کما أنَّ من فوائد هذه الاتصالات الجیدة الإسهام في بناء الثقة والتعاون والترابط بین الأفراد في إطار المنظومة الإنسانیة. وإضافة إلی ما سلف، فإنَّ لغة الجسد تسهم في التعرف إلی شخصیة الفرد، وهذا من شأنه أن یؤدي إلی تنبؤ سلوکه، والتأثیر فیه بالطرق التي تتناسب مع خصائصه النفسیة والجسمانیة.» (السالم، 2001م: 10-12) فبهذه التعاریف نستنتج أن التعاریف التراثیة للغة لا تختلف من غیرها الحدیثة التي أُطلقت من جانب اللغویین العرب أو الأجانب. فإن اللغة بمفردها، لاتستطیع أن تُجَسَّد علی أرض الواقع، ولایمکنها أن تُنبئ عن أي فکرة تدور في الأذهان، لابد من امتلاک أسالیب أخری لتتمکن من التعبیر بحریة. فمن هذا المنطلق یتضح أن الکلمات لابد من أن تستکمل بحرکة تشکیلیة جسدیة معبرة، هي وبکل تأکید بأنَّها أقوی من ذلک التأثیر الذي تترکه الکلمات. فلغة الجسد هي من أکثر اللغات صداقة وبلاغة وعظمة، هي تلک الوسیلة المثیرة التي تعکس ما بداخل المرء من تعابیر وترسله من خلال الحرکات والإیحاءت والإیماءات الصادرة منها کرموز تأخذ محل الکلمات، والتي تصدر من الدماغ ویستقبلها الرائي دون نطق. للغة الجسد کما للغة الناطقة قاموسٌ یفصح عن مفرداته التعبیریة. في هذا البحث اختصر القلم علی الحرکات دون غیرها، تلک التي تحمل المعاني المؤثرة في أشعار الحب للسیاب. فمن تلک حرکات المقصودة في لغة الجسد، والمختارة منها هي: لغة العیون، ولغة الیدین، ولغة الشفاه، ولغة الوجه، ولغتا الشَعر والعِطر. لغة العیون من أروع اللغات التي تتخطی الکلام وتتمرد علی اللغة الناطقة بسحرها وبلاغة أداءها، هي لغة العیون؛ کما یمکننا أن نعبر عنها بمثابة الذات لصاحبها، لأنَّها تتعاطف معه بکل حالاته، بحزنه وفرحه؛ تعبیرها عن مشاعر المرء صادقة، فکأنَّما تتحدث بکلمات یعجز اللسان عن نطقها، «إنَّها لغة الجسد التي تستنطق الأخیلة، وتثیر الأوهام، وتحلق بالنفس الإنسانیة بعیداً عن عالم مجهول، تکتب سطوره النظرات والعبارات، بعیداً عن لغة الغرطاس والقلم.» (الإبشیهي، 1993م: 2/2030) تتفرّد لغة العیون من بین کل تلک الإشارات الجسدیة، بحالاتها التي تدل علی عاطفة المتکلم، هي الحساسة بنقل مهمتها، لها ذلک التأثیر القوي علی النفس فهي کما قیل عنها تکون بمثابة رسول القلب، ومن أبرز الأنساق في نقل الرسائل والمعاني غیر اللفظیة، یقول ابن حزم أبو محمد علي بن سعید: «واعلم أن العین تنوب عن الرسل و یدرک بها المراد والعوامل الأربع إلی القلب ومنافذ نحو النفس والعین أبلغها وأصحها دلالة وأوعاها عملاً وهي رائد النفس الصادق ودلیلها الهادي ومرآتها المجلوَّة التي بها تقف علی الحقائق وتميِّز الصفات وتفهم المحسوسات.» (ابن حزم، 2016م: 43) العين مکونة من آيات السحر والجمال، في نظرتها ودمعتها وبسمتها حدیث یلائم کلمات النفس. کما نجد التعجب، الاستفهام، الاستنکار، حرکة الأصابع وتشابکها تشیر علی معان مختلفة مثل ضرورة الانتظار، الصبر، عدم الهدوء أو الهدوء نفسه، وحتی اتجاه الأصابع أثناء الکلام، لها معانٍ في کلمات صامتة، ففي العین أیضاً یکمن تأثیر في وضعها الحرکي. هي من: «أکثر الأعضاء تأثراً وتأثیراً، فهي تتأثر بما تقرؤه في الآخرین وتؤثر حین تقرؤها عیونهم، تتأثر فتختلف في ذات صاحبها الحزن أو السرور، وتؤثر فتهیج ما کان دفیناً في الأخرین، بل لها قدرة قویة علی اختراقهم، لتصل إلی مکنونات نفوسهم، إضافة إلی أنَّها هي نفسها تکشف عما في نفس صاحبها من المعاني والدلالات الکثیرة.» (مشلح، 2004م: 1) ومن هنا نری بأنَّ حرکاتها کالدهشة، اتساع الحدقة، غض الطرف، الغمز واللمز، من الحرکات التي تحملها لنا بتعابیرها الغیر منطوقة. ویمکننا القول بأنَّها تعد أکثر الوسائل الحرکیة استعمالا للتعبیر في جسم الإنسان، لتعبر عن معان وأفکار ومشاعر وأحاسیس التي تجیش في الأعماق. یشیر محمد کشاش في کتابه "لغة العیون": «العین تنطق بأغراض شتی، شأنها شأن اللسان، ولکن میزتها الکتمان والتوریة والإیهام.» (کشاش، 1999م: 60-61) العین عند الشعراء بکل حالاتها منذ القدم حتی عصرنا الحاضر ترمز لأزلیة العشق، منها العیون الجمیلة وهي الأکثر وصفاً عندهم، ومنها الحزینة وتلک الوالهة الشاردة، وکل ما تعکسه من دواخل صاحبها؛ فهي مفعمة بالکلام ومن أکثر الأعضاء حساسیة واحتیاجاً لمن یصغي إلیها بتمعن، تبوح بکل ما تمسَّکه صاحبها بقوة عن التفشي. قلما تجد من یفسر مفرداتها وتعابیرها. «فکما أن للکلام حروفاً خاصة تترک منها مفردات اللغة، فإن للعیون حرکات وأشکالاً هي لبنة الأساس في لغتها، والمفترض في ذلک سیستطیع فهم هذه اللغة، فالعیون تمثل الحالة الجسمانیة والذهنیة والنفسیة کلها، فهي من أکثر أدواتنا المعبرة، تظهر ما فیها من تغییر جسماني وذهني ونفسي، وتفصح عن کل شئ.» (میتشیوکوشي، 2003م: 93) وهي من أکثر الأعضاء نطقاً وثرثرةً فضفاضة في جسمنا، هي مرایا عاکسة لمکنونات القلب، جعلت الکثیر یتباهی بمهارة فهمها. حیث تغنی السیاب بها في قصیدة "أهواء" ینادي محبوبة خیاله ویقول:
کأن عینیها هما الضیاء وهما ارتواء الظمآن، ونشوة القلب العاشق، یستنجد منها طلةً ترحمهُ من الضَّیاع؛ منها یوصف عیناها بالجمال، ومنها یستمد من لمعتهما الضوء ویتغنی به. وإذا ذهبنا خارج إطار الأحاسیس وأردنا أن نأتي بتعریف عن مطالبة الإطلال والنظر فنقول إنّه یعني طلب اهتمام من شخص ما، عندما نتحدث معه وهو منشغل بعمله ونطلب منه أن یرکز لأقوالنا فنقول له: انظر..! أو رکز معي، وهذا یعني بأنَّک تهمّني، ونظرتک تنقذني من التشتت فکن لي کما أنا لک. إذاً تعبیره بـ"أطلِّي" هو یعني أظهري من غیبوبة الخیال وتعالي لعالمي الحقیقي والواقعي، وامنحیني نظرة ملؤها نور وضیاء؛ "علی طرفي الدامع" أي علی حاليَ الحزین وعیوني الباکية بعد فراقک؛ فالرسالة المستوحاة من هذه الأبیات هي أنَّه طلة من قِبل الحبیبة بمثابة نظرة ولو قصیرة، ومنها أخذ بتعریف تلک العینین وشبههما بالکوکب الذي یضئ له ناظره، أو یمنحهما السرور والفرح؛ فمن تلک العینین عندما تطلان علیه وتسرّانه، تتراشق علیه الکلمات فیترنم بها کالمجنون وتنهمر علیه الأغاني کما یتصبب الدم في الفؤاد. کرر هذه المطالبة حتی في ختام القصیدة:
مازال السیاب یطلب إطلالةً ونظرة اهتمام علی ذلک الطرف الدامع الغریر بالشجن؛ وهو المعبّر عن الحزن ومفعم بمشاعر الشوق الذي سرعان ما یشرح صورة صاحبه للرائي. إنه حدیثٌ خاص بالعشاق وعاکس تعابیرهم الوجدانية التي تلقي بتأثیرها علی السامع والمتابع وکلّ من یفهم حالتهم الحساسة. "الکوکب الساطع" کنایة شعریة والمقصود بها الحبیبة مثل الرؤیا التي طیفها قادم من الشمس، والساطع کنایة عن جمالها الوضاء. کما کانت العیون عند القدامی کرمزٍ للعشق بکل تعابیرها ومکوناتها وجمالها وسحرها، هکذا مّرت بمسیرتها الساحرة عند شعراءنا المعاصرین، ومن ضمنهم السیاب، حیث قال: سوف أمضي. حولي عینیک لاترني إلیّا! / إنَّ سحراً فیهما یأبی علی رِجلي مسیراً / إنَّ سراً فیهما یستوقف القلب الکسیرا (المصدر نفسه: 39) فکأنما في نظرتها له تسحره وتخلخل قواه الحرکیة وعندها یأبی السیر والحرکة، یجد في لغة عینیها کلاماً یناجیه صمتاً ویجبر له کسور قلبه المتیم؛ «لذلک وصفوا جمال العين، وسحر نظرتها، وفتور طرفها، وما تهمي به من دموع تفعل فعلها في النفس، فتکوي القلوب، أو تذيبها لهفة وشوقاً.» (الظفیري، 206م: 3) ومن المیزات الأخری للغة العیون، أنَّها تتکلم بالنیابة عن خلجات صاحبها عشوائیاً وبلسان ینطق صمتاً ویبوح بالعبارات الخفیة کرذاذ ینعش القلب، دون ذات البوح نفسه، وبمقدرته أن یعطل کل اللغات الحیة الناطقة، أو ربما تنتشر من لمعانها الأصداء، تهز السکون وتهتف بأذرع نظراتها کلام؛ کما عبر السیاب في قصیدة "وداع":
أما في قصیدة "عینان زرقاوان" یعتبرها السیاب هي مصدر إلهامه وخیاله، وهي النغم التي یذوب لها قلبه، وإنَّ فیهما کلام لا منتهی له، فنظرة من الحبیب بمثابة نور وضیاء لیومه وذهاباً لشتاء حیاته؛ یرسم منها صورة من عشیقته، تداعب خیاله، وفي عینیها حلم جمیل بلانهایة، حیث راح یلتمس منها نظرة تُرجِف أوصاله:
أيُّ نظرةٍ هذه التي یستنجد السیاب منها کل هذه الانفعالات؟!! إلّا إذا کانت تمتلک حدیثا نافذاً ترک في وجدانه أثراً أفقده إتزان وعیه. کما أنَّ خیال عیني محبوبته مصدر لإلهامه وشعره وإعادة ذکریاته، وکذلک مصدر لسرد أجمل ما یدور في خلجاته من شعر وأعذب ما یستوحیه خاطره. یقول أبوعیاش: «إنَّ نظرات العین لها مفعول السحر من حیث تأثیرها في الآخرین.» (أبوعیاش، 2005م: 24) فماذا لو کانت تلک العیون الساحرة بلونها الأزرق، التي أخذ السیاب یستلهم من حروفها وکلماتها قوافي شعره:
کما تمکنت عیناها علی أسر قلبه، فلابد لها أن تنفذ عقله، لهذا رأی فیهما رفیق وحدته کي یحادثهما ویخبرهما عن ما في داخله. وأعطی لعینیها دور الباحث عن شغف الماضي والحب القدیم والحاضر الذي قد خُلي من وجودها وامتلئ بالذکریات، فیترجم نظراتها ویقول:
یقول جابر عصفور: «من خصائص الخیال الشعري الأصیل أنه یحطم سور مدرکاتنا العرفیة، ویجعلنا نجفل لائذین بحالة من الوعي بالواقع، تجعلنا نشعر کما لو کان کل شئ یبدأ من جدید، وکما لو کان کل شئ یکتب معنی فریداً في جدته وأصالته.» (عصفور، 1992م: 14) وهکذا غاصت عیناها في خیاله وفي حالة کهذه من العشق، استوقفت لغة الکلام عند السیاب وتضافرت مع خیال عینیها حکایاته، وتولَّدت لغة جدیدة إثرها، ألا وهي لغة العیون الفاتنة. کأنَّما هما مصدران للصوت والصورة العالقة في ذهنه، صورة العینین الباحثتین، وهنا یبغی الصمت السائد ینتظر ذلک الحدیث الخاص بالأجساد، لأنّه یلغي أيّ تأثیر لأيّ حدیث باللغة المنطوقة. لکن في قصیدة "ملال"، یتهرب السیاب من نظرات محبوته الباردة، التي توحي بالفتور والسآمة والإعلال بعد مدی انتظار لاجدوی منه في قضیة الوصال، کأنَّما تلک القصة الرمادیة ألقته من قمة الخیال إلی هاویة البرود، والتبس بروحه الیأس من جدید، فبدء یطالبها کي لاتنظر إلیه، کأنَّما دفئ حیاته کان مرهون نظراتها، أو بهذا التهرب ربما کان یشیر إلیها کي تنظر إلیه، کحالةٍ من الرفض تعني المطالبة لمزید من الاهتمام، وتعود الذکریات من جدید، ولکن بدلاً من تلک النظرة الباردة، تأتیه بنظرة یتطایر منها شرر العشق القدیم. لأنَّ النظرة الباردة تعبر عن شعور اللاّمبالاة:
أما المقلة الشاردة فهي تحکي عن خیال ذهبت به النوایا إلی الخیبات وتلاشت حقیقة واقعه ولم تُبق له من ذلک الواقع سوی الصورة المصورة في زوایا الجدران والطرق؛ أو ربما ترنو إلی طریق الانتظار وتداعي وعود لاوجود لها فیخاطبها بنبرة شجیة ساخرة حزینة؛ کما یقول: أضیئي لغیري فکلّ الدروب / سواءٌ علی المقلة الشاردة... (المصدر نفسه: 77) وأما إطراق العیون عند اللقاء فهو حکایة یرید إخفاءها القلب قسراً وتصدح بها الحرکات والنظرات لا إرادیاً، فیحتار الشاعر في تشبیه وصف اشتیاقه ولوعة قلبه الهائم کما أنشد في قصیدة "هل کان حباً": هل تسمین الذي ألقی هیاماً؟ / أم جنوناً بالأماني؟ أم غراماً؟ / ما یکون الحب؟ نوحاً وابتساما؟ / أم خفوق الأضلع الحرَّی إذا حان التلاقي / بین عینینا، فأطرقتُ، فراراً باشتیاقي / عن سماءٍ لیس تسقیني، إذا ما / جئتها مستقیماً إلا إواما. (المصدر نفسه: 89) السیاب یغلق باباً من حکایات العیون الشاردة ویفتح باباً للعیون المنتطرة ویتحدی الخمول باستقامة منه أمام هیکل الحب الذي أنهکه تعباً وأورثه الخیبات. ویناشد روحه ویتساءل هل یبقی وفیاً أمامه مع کل خیانته ورغم النسیان؟!: أأظل أذکرها... وتنساني؟ (المصدر نفسه: 81) یبقی شاعرنا مع کتلة من الأوهام الثقال وأحجام النظرات التي ختمت بتوقیعها علی أنفاسه، یرشق بقلمه علی القرطاس لیخلد تلک المشاویر الخیالیة. لأنَّ للعیون حکایات لاتنتهي بالکلمات، ولا تتلخص في کلماتها الحکایات، هي جزء لایتجزأ من لسان الجسد، فهي «عبارة عن مجموعة من الأدوات المهمة في ورشة عمل لغة الجسد.» (هاجن، 2017م: 108) لها لسان ینطق قبل ذات اللسان، بل وتبقی هي المتکلم الوحید، لأنَّ عند التلاقي تنتفي اللغة الکلامیة، تصبح الحناجر کآلة موسیقیة، ویکتفون بسمفونیا لغة العیون. وتصبح العین بقضیتها هي الموضوع الأساسي للحب، وتمسک عنان رسائل الغرام. نظرة واحدة منها بإمکانها أن تنقل الإعجاب والعجائب، إنَّها شدیدة الفتک، تُلهبُ الحواس، وتغزو القلوب، وتذهل الناظرين، هي مُعجزة اللّه على أرضه في موضِع الجسد، بل هي أکثر من ذلک وصفا وتأملا. لغة الیدین یواصل الشخص أحیاناً حدیثه بحرکاتٍ إیمائیة في جسده لیکمل عملیة الإلقاء للمخاطب، هذه الحرکات هي بحد ذاتها تُعتبر لغة مکملة، تُستخدم أثناء الحدیث أو ما بعده أو بدونه. کما عبّروا عنها في لغة الجسد بأنَّها لغة الإشارات، أو لغة الیدین. وهي من أکثر المستخدمات حرکیاً أثناء الحدیث وعملیة التواصل. ویقول عبدالرحمن محمد المبیضین في کتابه "وسائل الاتصال": «إن حرکة الیدین وإشاراتهما قد تصف لنا الحالة المزاجیة للشخص أحیاناً وهي تحل محل الکلام.. وقد تکون الحرکة أو الإشارة تعبیراً عن الاحترام أو التهدید أو إلقاء الأوامر.» (المبیضین، 2001م: 107) لغة الیدین في أشعار السیاب حوت علی نسبة کبیرة من الأبیات تکرارا. والشاعر استخدمها في الحوارات التي یصف بها المواقف مع عدید الحرکات الصادرة منها، أعطت أشعاره منحاً خاصاً عن بقیة الأعضاء، فکأنَّما یقدم مقوِّماً لحواراته بتلک اللغة. نشیر إلی أول بیت من قصیدة "أقداح وأقلام" کمثال تکرر في القصیدة مرتین:
شعور بالوحدة، برفقة قدحه مع عتابه بذلک الإحساس المریر، وهو مازال متمسک بالکأس، في لیلة حثته بنطق هذا الشعور لملائمة جوها. هذه الصورة من شخص أتعبته الوحدة وأشغلته الذکریات وحنین الماضي، في جو هادئ شکلیاً ومتلاطم بالأفکار حسیاً، بیده کأس من الشراب؛ فیها حکایة من عوالم لامتناهیة لإحساس یعیشه الشاعر في لحظات من الألم. صورة من شخص متألم أخذته الأفکار الی ذکریات الماضي. مثال الإیماءة بالید التي تلوح السلام المنتظَر، ویشبه الشاعر تلویحتها بالعلم المرفرف في قصیدة "أهواء":
یعلن السیاب عن استعداده لتفدیة الخصام لساعات من الوئام، والحصول علی ذاک السلام ولو برفة یدٍ أو لفتة من الحبیب. من أخری تعابیر حرکة الید التي تنقل حدیثا صامتاً دون أي لفظ وأي کلام، هي حرکة حجب الخدین، فهذه الحرکة تعبر عن الخجل التي تلیها احمرار الوجنتین، والتلعثم بالکلمات، حینها یسود الصمت وتتحکم لغة الحرکات لتبریر المواقف، کما عبر السیاب بهذا الوصف:
في البیت الأول، حُجب الخدین بالید یعبر عن الخجل، وارتخاء الکفین في البیت الثالث یعبر عن الانهیار والاستسلام. الکلام الذي ینطق به الحب ویهمس به الشعر مع کل المعاني الملازمة واللازمة للتواصل، لاتنفک عن لغة الجسد، فیستمر الشاعر بهذه التعابیر التي تعطي معنی التخلي برخاوة الیدین المنسابة، کاستسلام بعد تطویقها الذي کان یعني به العناق، بکل أحاسیسه المنتقلة وبکل حالاته في قصیدة "في السوق القدیم" ویقول: عند المساء وطوقتني تحت أضواء الطریق / ثم ارتخت عني یداها وهي تهمس– والظلام / یحبو، وتنطفي المصابیح الحزانی والطریق: «أتسیر وحدک في الظلام؟ / أتسیر والأشباح تعترض السیل، بلارفیق؟» (المصدر نفسه، 20) أو هنا نری السیاب یستخدم عمل تطویق الید للاستیقاف: «أنا سوف أمضي فاترکیني: سوف ألقاها هناک عند السراب» / فطوقتني وهي تهمس: «لن تسیر» (المصدر نفسه: 21) بهذه الصورة التي شرحها السیاب نجد الید کأنَّما تمتلک لسانا یتحدث به، نری التعبیر والمعنی والمفهوم بحرکتها دون أي شرح؛ أعطی الشاعر للید سلطة للتحکم بذات الشاعر ومفاهیم مشاعره المعکوسة في تعابیر أبیاته، یلقي بنفسه علی أذرع الاستسلام ویقول: «حتی کأنَّ لا استیقاف إلا بالید ولاتحرر إلا بعد ارتخاء الأیادي.» (صالح، 1981م: 31) وفي صورة أخری عن لغة الیدین یروي السیاب عن حکایة الاستسلام وقلة الحیلة التي تعطل لغة الیدین وینتهي حدیث التطویق والارتخاء المعبر عن عدم القدرة، لإمتناع الرحیل کي تبقی بلاحراک، عاجزة ومرتعشة، یأتي ویقول: أنا سوف أمضي! فارتخت عني یداها، والظلام / یطغی... / ولکني وقفت وملء عیني الدموع! (السیاب، 2017م: 22) العشق یمکنه أن یکون أمراً یمسک بالید، ویمکن الاحتفاظ به أو ترکه حراً دونما قیود، ویمکن أن یُشعر حتی بیدین مرتخیتین، فینحت الشاعر هنا صورة من شفاه عالقة في لیلة یغمرها شعاع النجوم الضئیل الذي یعکس صورة العناق إثر الشوق والعشق ومن ثم یحکي الصمت حکایة الاستسلام أمام اللاجدوی من الامتناع؛ کما هو مکشوف لدی القارئ، کان نحتاً تجسيديًّا بارعاً، بترسيم الصورة، وتعميق رؤاها التوصيفيَّة، لتأتي غاية في التنسيق، والترسيم الجمالي اللطیف، لتستقطب القارئ بصيرورتها الجماليَّة، وبُعدها التشکيلي النحتي الخالص: شفتاک في شفتَيَّ عالقتان / والنجم الضئیل / یُلقي سناهُ علی بقایا راعشاتٍ من عناقٍ / ثم ارتخت عني یداک، وأطبق الصمتُ الثقیل. (المصدر نفسه: 24) لغة متغطرسة طاغیة جمیلة بکل صفاتها، ترافق لغة الکلام وتأخذ بالإشارات مکان النطق، إنَّها ذلک الحوار الذي یصدر المعاني بسحر عمیق التأثیر دون فم. وأحیاناً هنا یأتي التوحد اضطراراً بین ما تنتجه الید وبین الحوار الناطق، أو ربما یکتفي النطق بإشارة الید ویقف جانباً لکل ذلک الوضوح الذي تشرحه الإشارات. في قصیدة "اللقاء الأخیر": والتفت حولک ساعداي، ومال جیدک في اشتهاء / کالزهرة الوسنی_ فما أحسستُ إلا الشفاه / فوق الشفاه. للمساء / عطرٌ یضوعُ فتسکرینَ به، وأسکر من شذاه / في الجید والفم والذراع (المصدر نفسه: 23) التفاف الساعدین یعبر عن العناق بکل بساطة، هذه الحالة تنبئ عن شعور قلبي عفوي؛ فالصورة الموصوفة من خلال الأبیات والتعبیر عن التفاف الساعدین، تبث عن حدث العناق العشقي الذي تلیه انطباق الشفاه وتراشق القُبُلات، إلی أن تنتهي القصیدة بإیماءة الید والتلویح للتعبیر عن الوداع: لیلٌ ونافدة تضاء ... تقولُ إنک تسهرین / إني أحسّک تهمسین / في ذلک الصمت الممیت: «ألن تخفَّ إلی اللقاء؟» / لیلٌ، ونافذةٌ تُضاء / تغشي رؤاي، وأنت فیها... ثم ینحلُّ الشعاع / في ظلمة اللیل العمیق / ویلوِّحُ ظلک من بعیدٍ وهو یؤمئُ بالوداع / وأظلّ وحدي في الطریق (المصدر نفسه: 25) خیال من رفقة محبوبته وظلّ تلویحة وداع وحزن مستمر. أنبأت یدها إیماءات صامتة وروت الحکایة دون أن تخرج کلمة واحدة من بین الشفاه المطبوقة، حوار خیالي مکتنز نابع من قلب مشتعل عاشق، یلجأ بالمعاني الملتهبة لتحرق لغة الکلام مهما کانت قویة، حوار صادر من إشارات الید لیمحق أي أثر من حوار الفم. جمالیة مصورة من ألم عاناه الشاعر ووقعت إثارته علی القلوب الحساسة وعکست نظرته الحزینة بلغة جسدیة بلیغة. لأنَّ «قصیدة الشاعر في کثیر من الأحیان ورقة لنوع الهم الذي یعانیه الشاعر ویکلف في حیاته.» (ریکان، 1989: 67) یواصل السیاب هذا الحزن في قصیدة "القریة الظلماء" بنبرة أکثر حزناً واستسلاماً ویقول: دعها تحب سواي، تقضي في ذراعیه النهار / وتراه في الأحلام یعبس أو یُحَدِّثُ عن هواه / فغداً سیهوي ساعداه / مثل الجلید، علی خطوط باهتاتٍ في إطار.. (السیاب، 2017م: 82) "تقضي في ذراعیه النهار" أي تقضي وقتها في أحضانه، یری السیاب بأنَّها ترکته ولجأت لحضن لایهدیها سوی بضع سویعات من تقضیة الوقت، وبعدها ستهوی الساعدان وتنتهي حکایة الحب ولم تحصل إلا علی ذکریات منسیة ومتروکة خلف أنسجة العنکبوت. "انهیار الساعدین" یعبر عن التخلي. وللتعبیر عن الملل من حالة انتظار ومن الغیاب الطویل، أمام المقاعد الخالیة والمتروکة أخذ الشاعر من الیدین المرتخیة صورة لیبین مدی تعبه مع خیال للقاء الطویل ترک الملل مرسوم علی انسیاب الیدین وعینین مرموقتین:
فتور الیدین في هذه الأبیات دلالة علی فتور الشوق؛ ظل الید الخالیة علی المقاعد المهجورة وخیال دنو الشفاه ببطئ من الکوب، یخلق صورة کأنما تحکي عن حالة من شخص أراد ترتیل سؤال بتأنٍ وتردید فبقيت حروفه عالقة علی الشفاه... وصور لنا حکایة ذاک الحزن الغالب وخیال اللقاء لدی الشاعر. کأنَّ الشاعر قدم بهذا الفتور حرکة هجائیة من أعماق مشاعره علی الملل المنعکس في ثقل یدیه. وفي البیت الأخیر من هذه القصیدة یعبر السیاب عن طلب الحضور بحرکة الذراعین الممتدة، وکأنَّها تنادي تعال، أو تَقدَّم وبقیت ممتدة بانتظار الإجابة:
استخدام الیدین أثناء عملیة الحوار بحرکات ملحوظة، تُعد من الأکثر الإیماءات الجسدیة التي تخبرنا عما یصول ویجول داخل الفکر من مشاعر وماشابه ذلک، کأنَّ الید لدیها ما تقوله تارة، وتأخذ نوبة صمت تارة أخری، فحدیثها یوحي عن ما تختلجه أجواف صاحبها، ولکن في صمتها أحیاناً یخرج الحدیث عن سیطرة التعبیر ویبقي الصمت هو المعبر الوحید الذي یخرق طاقة الصمود. في هذه الأبیات یتمنی الشاعر لو تلک الذراعان تخرج من ساحة الخیال وتمتد نحوه لتحضتنه محبة من صاحبها:
بما أنَّ التلویح بالید من تعبیرات التودیع في هذه اللغة، للإستقبال أیضاً نری الید أخذت دورها في هذا الحیز، لها حرکة تعني بها الاستقبال وانتظار الإحضان، کما ذکر السیاب في البیت المشار إلیه. بعض الأحیان نجد الید کتاباً موسوعاً شاملاً لجمیع لغات البشر، تتآلف لغاتهم المختلفة في حرکة واحدة منها. وتعطي الفهم إشارة دون تعلیق، تختزن بین الأصابع شعراً، وثقافة شاملة، حواراً واضحاً دون بحث عن معناه في معجم آخر. ففیهما المعنی والکلام والشرح وکل ما یتطلبه الحوار. أو ربما تختصر الید لغتها بحرکة إصبع منها أو لمسة بطرف البنان، یقول السیاب في قصیدة "أساطیر": وهذا الغرام اللجوج / أیرتدُّ من لمسةٍ باردة... / علی إصبع من خیال الثلوج / وأسطورة باردة؟ (المصدر نفسه: 28) "لمسة باردة" هي عبارة تعبیریة عن برود المشاعر عند شخصٍ ما، و«اللمس وضع الید علی الشئ لمعرفة وجوده، أو لمعرفة وصف ظاهره من لین أو خشونة، ومن برودة أو حرارة، أو نحو ذلک» (ابن عاشور، لاتا: 7/142)، استخدم الشاعر هذا التعبیر ویتساءل هل هذه اللمسة الباردة باستطاعتها أن ترد عزیمة هذا الغرام اللجوج؟! لمسة باردة، علی إصبع من خیال الثلوج، علی أسطورة باردة... برود في برود في برود، تخلي ونسیان، ومشاعر لاتفهم ما تخاطبها اللمسات المثلجة، فإنها مصرة علی غایتها. ولکن تختلف هذه البرودة في قصیدة "لن نفترق":
فهنا تعبر عن حالة من الاضطراب وخوف، مصطحبة بشحوب ونوع من التمسک، خلافاً لذلک التخلي. فتعبر عن خوف من إصابة مکروه أو الفقدان. ولکن: «أنه لاجدوی في هذا الحب مادام خیطه القصیر سینتهي بفراق وشیک، وکانت وهي تتحدث إلیه یرجف الحزن في عینیها ویضطرب الیأس في شفتیها، وقد سرت البرودة في یدیها، وشحب الظلال فوق جبینها.» (عباس، 1992م: 81) لأن السیاب کانت حیاته ملیئة بهذه الخیبات والتخلي والانقطاع حتی أصبحت لغة أشعاره عبارة عن صرخة دفینة امتدت صیحتها في کلماته. لغة الشفاه أحیانا تتحرک الشفاه بلانطق لتعبر عن معانٍ یقتصر اللسان عن لفظها أو رسم حروفها، لها إشارات یمکنها أن تکون أساسیة في لغة الجسد. وبما أنَّ کلامنا هنا یدور حول لغة الشفاه في أشعار الحب وجدنا هذه اللغة کعامل مهم یساعد تعبیر الحب بین شخصین؛ فمن ضمن تلمیحات الفم والشفاه، تأتي ابتسامات الإعجاب المتقابلة. فبابتسامة أو إیماءة تلمحیة نابعة من القلب، تخبر دغدغة مشاعرها التي لایمکن السیطرة علیها أو إخفائها. لأنَّ عندما نتحدث عن المشاعر نجد جسدنا یبرز بإفرازاته الإیمائیة ولیس بالکلمات، نحو الضحک، فهو: «ینقل للآخرین مشاعر الود والبشاشة بما یشجع علی التواصل وإبداء رأیه.» (أبوعیاش، 2005م: 127) وکذلک الابتسامة الدافئة فهي توحي بالحب والمشاعر التي یخفیها الطرفان _الشاعر وحبیبته_ عن بعض، فیصف السیاب هذه الابتسامة في قصیدة "أهواء":
فهذه الابتسامة، هي التي تغنّی بها معظم الشعراء ووصفوا تأثیراتها علی الروح العاشقة. ولکن تقف لغة الضحک والابتسامات عند شفاه أبیات السیاب وقفة حزنٍ، وتنسی ملامح البشاشة، وتقتصر علی التقطیب والتجهم والغمغمة، وتوهم قُبلات خیالیة، حلم بها في قصص حبه التي کانت معایشتها مجرد هواجس لم تأخذ من عالم الواقع مأخذاً. جعل السیاب من لغة الفم والشفاه ریشةً یرسم بها خواطره الحزینة بلمسات مجروحة وألوان داکنة نست عالمها الوردي. مثال من قصیدة "هویً واحد":
إذا نظرنا من جانب المشاعر العاشقة إلی هذه اللوحة الفنیة فنجد قبلة الشفاه هي عشق ضاقت علیه الخفایا فظهر ثائراً، ونری هذه اللغة، لغة مجنونة، تدخلنا في عالم السیاب من الجانب الوصفي الخیالي الحزین، فکل ما نلمحه في کلماته، نصل به إلی إیماءات جسدیة مطبوعة علی التعابیر. ینقل لنا السیاب بقایا مشاعره بها. قصیدة "لقاء ولقاء":
تسلیط الأضواء مستمر علی الشفاه، ومحور الحدیث متمرکز علی صورة النهایة السابقة. وفي قصیدة "الموعد الثالث" یستمر السیاب بحکایة حزنه وقصص حبه القدیمة وخواطره المکبوتة علی قلبه، ولکن یبدأ بتساؤل عن مسبب لوعاته وجروحه:
ومازال الکلام جامداً علی الشفاه، والتعبیر یأتي مهرولاً من غیر کلام، فکأنَّ تعابیر الشفاه تحطم تعابیر الحرف، حتی جعلت السیاب یتحداها ویقف قبالتها. هکذا هي لغة الجسد، عمیقة المعنی، تتباهی بنسج تعابیرها. طبعا لغة الشفاه لاتقتصر علی اللثم والقُبلة والضحک فقط، هنالک إشارات أخری یمکننا أن ندرکها من حرکات الفم والشفاه، کما في قصیدة "رئة تتمزق":
یطلب من مساحة لغة الجسد الأنثوي ردة فعل تزوده لوعة حب وتمهیدة جمال. یناشدها عصبیةً وتقطیباً کي تزداد تلألأً وجمالا. فعندما«یغضب المرء فیقطب الوجه، رأسما تکشیرة، الغرض منها إخافة العدو، أو إظهار القدرة علی البطش.» (أبوزر، 2011م: 109) ولکن هنا یطلب السیاب منها حتی تقطِّب الشفاه کي تزیده نشوة من جمال صورتها الغاضبة.
وفي قصیدة "لن نفترق":
"روحٌ علی شفتیک تحترق" عندما تمتزج مشاعر الخوف والحزن والقلق تظهر آثار هذه الحالات الکئیبة علی الوجه وحرکات الفرد، وخاصة علی الشفاه، یبدأ بتمتمة غیر مفهومة ملیئة ببرود ویَبس وتشققات علی الفم، وحالة تشبه الظمأ، کأنما تنذبح روح ما بین الکلمات وتبقی لغة الجسد هي وحدها من تطلب الاستنجاد. فعبر الشاعر عن هذه الحالة بذلک البیت المذکور، ولکي یکمل الصورة أخذ یقول في الأبیات التالیة: "الحزن في عینیک مرتجفُ/ والیأسُ في شفتیک یضطرب"، فالشفتان المضطربتان هما اللتان تتقوس أطرافهما وترتجف علیهما الکلمات وتتبعثر الجمل، فأکمل بـ: ""إني أخاف علیک" واختلجت/ شفة إلی القبلات تلتهب"، أرادت أن تبدي عن خوفها علیه فاقتصرت کلماتها المنطوقة في الغمغمات والحرکات الجسدیة لإیصال ما تخشاه، حیث وصف السیاب شفاهها الملتهبة عشقا وخوفا، کأنَّما تنادیه للتقبیل. ومن أخری تعابیر الشفاه، هي الهمس. فیقول قصیدة "ستار":
أجمل ما في لغة الجسد أنَّها تبوح بکل أساریر الصمت، لها سیمفونیا خاصة احتفضت بروائعها من خلال حروفها المتحرکة دون نطق. تجید الصمت والهمس والصراخ في آنٍ واحد. تغازل الخیال وتتحکم بجمالیة الأحاسیس وتقودها نحو أنواع الإیهامات التي تدخل الفرد في طیات کتابها، تخلق منه قارئ متفهم، حاذق في فهم تقلباتها وثوابتها، وتفرض رأیها علیه قسراً وتحثه علی قبول فهمها بمحض إرادته. لغة الوجه الوجه هو أول ما یُطالع، وأول ماتُقرأ في ملامحه التعابیر الموحیة فسرعان ما تنکشف سرائره وعواطفه، وکما یقال: «لکل عاطفة من عواطف الإنسان تأثیراً خاصاً في ملامح وجهه، فإذا غضب أحدنا أو حزن أو فرح أو اغتم ظهر أمر لکل من هذه العواطف علی وجهه، وعندنا علامة للغضب، وأخری للفرح، وأخری للاهتمام، ومعنی هذا التأثیر طلباً تغییر یحدث في عضلات الوجه تحت الجلد تنکمش أو تنقبض أو تنبسط تبعاً للتأثیر الذي أصابها فتتغیر ملامح الوجه.» (زیدان، 1914م: 19) لهذا نری الوجه کتأشیرة دخول لمحطة الأفکار لیفصح ماتبطنه النفس في مختلف حالاته. یقول السیاب عن إحدی هذه الحالات:
هنا نجد للشوق انعکاسات علی ملامح الوجه، منبعثة من داخله، نتیجةً لاندماج بسمة ودمعة، علی شئ من الارتجاف، مع تمتة شکوی علی رجاء وماشابه ذلک. فیصف الشاعر هذه الصورة بوجوه محتشدة في غرفة خیالیة لیعبر عن کل الازدحامات التي سیطرت علی مشاعره. وأیضاً في قصیدة "السوق القدیم" یری السیاب حکایة حزنه مرسومة في لغة الوجوه الشاحبة: اللیل والسوق القدیم، وغمغمات العابرین / والنور تعصره المصابیح الحزانی في شحوب / _مثل الضباب علی الطریق_ / من کل حانوت عتیق / بین الوجوه الشاحبات، کأنَّه نغم یذوب / في ذلک السوق القدیم (المصدر نفسه: 17) الوجوه الشاحبة هي تعبیر عن الخوف والحزن أو السقم، وشاحب الوجه أي مصفر الوجه، هو الوجه الممتقع الباهت، وهذه العلامة هي حکایة عن الذبول وقلة النضارة. یقول الرازي في التفسیر الکبیر عن هذه الحالة المنسوبة للوجه: «إنَّما عزا الإساءة إلی الوجوه، لأنَّ آثار الإعراض النفسانیة الخاصة في القلب إنَّما تظهر علی الوجه، فإن حصل الفرح في القلب ظهرت النضرة والإشراق والإسفار في الوجه، وإن حصل الحزن والخوف في القلب ظهر الکلوح والسواد في الوجه.» (الرازي، لاتا: 20/159) أو ربما الابتسامة الشاحبة هي التي تؤدي مهمة الحزن علی ملامح الوجه: ...حین أخلو وهذا السکون العمیق / یوقد الذکریات / بابتساماتک الشاحبات، / کل أضواء ذاک الطریق البعید / حیث کان اللقاء (السیاب، 2017م: 55) أو: فما صادفت مقلتاه / سوی وجهه المکفهرُّ الحزین / تغمغم "لا لن تراه" (المصدر نفسه: 79) مکفهر الوجه بمعنی عابس الوجه، الذي تراکمت علیه ظلمات الحزن والهموم، وهو یعني «جمع جلد ما بین عینیه وجلد جبهته وتجهم.» (أنیس وزملائه، لاتا: 2/580) للوجه أصابع تقوم بتجسید الکلمات الصامتة وتترجم تلک اللغة إلی أحرف وجمل وأشعار. أحیاناً تتشعب هذه اللغة من خیال الابتسامات، أو العبوس والحزن وغمغمات الهم والیأس من کسر الخواطر، فمثلا الابتسامة هي التي تؤدي دور الفرح، عندها نجد في عضلات الوجه لغة جسدیة ظاهرة من دافع النفس المشرقة المبتهجة، وفي عقد الحاجبین صوت إیمائي یشي بحنق النفس، أو غضبها، وفي بعض الأحیان هذه الصورة تکشف أسرار الملامح، فلا یحتاج الفرد إلی التعبیر عن الإعجاب أو عدمه بلغة محکیة. بما أنَّ أشعار السیاب نابعة من خَلَدٍ حزین وخیال مهموم، لهذا لغة الوجه في أشعاره أخذت طابعا معبرا عن حزنٍ وألمٍ مغلّف بالبسمات والأشواق. کما في قصیدة "لقاء ولقاء" یصف بسمة لقاءه بصورة کئیبة، کابتسامة ذابلة وحزینة:
"ابتساماً ذلیلاً" و"ابتسامات الحیاری" هي تعابیر عن ذکریات حزینة ملخصة مرسومة علی الشفاه. إلا أنَّ حقیقة الابتسامة علی المحیا هي تلک التي تنبئ عن ازدهار الروح وفرحة الباطن التي یصفها الشاعر في قصیدة "أهواء":
وفي قصیدة "لن نفترق" یخبرها بأنَّ:
هنا بدر بکل ما یحمله في قلبه من حزن، یُفدِّي ابتسامة محبوبته ووجهها الباسم بکل العالم. وفي مکان آخر یروي لنا عن لغة الابتسامة الغامضة ویقول: صفحة زرقاء تجلو، في برود / وابتسام غامض، ظلَّ الزمان / للفراغِ المتعب البالي علی الشطِّ الوحید. (المصدر نفسه: 32) هذه الابتسامة تحکي عن غموض المشاعر الدفینة وصورة من الذکریات المنعکسة في خلجات الشخص. وفي قصیدة "لاتزیدیه لوعة" یقف السیاب بوجهه الذاوي أمام محبوبته لیستنجد منها رحمة حب لینسی القلیل من کئابته وحزنه وینادي:
الوجه الذاوي هو الذي فیه یبس وضعف، وهذه الحالة تعبر عن نتیجة حزنٍ عمیق التأثیر، منبعث من دواخل عانت معانات الکئابة وفیها شيئ من الانکسار والتخلي والوحدة. لغة الوجه عند السیاب، بکل تعابیرها ومسمیاتها تحکي عن حزنه ووحدته ووصف حاله. کما عبر في قصیدة "أغنیة قدیمة": والوجه الساهمُ کالأحلام، فقد عادا / شبحاً في مملکة الموت (المصدر نفسه: 60) عندما تتلاقی الوجوه بعد غیاب طویل وبعد فراق حتم القدر علی وقوعه، تلتهب مسامات الحواس بحرقة خفیة قاتلة، تأخذها رهبة ممزوجة بحسرات الخسران وحظ ملأته الخیبات، وأورثه الذبول والأفول. والسیاب یری هذا التلاقي حتی في ثنایا السطور التي غشیتها ید الغبار وسیطر علیها الخمول، فیقول في قصیدة "وداع":
حتی ولو کان مجرد خیال، ففي ملامح الوجه توجد کل التعابیر التي یقصدها الشاعر، بلغة ذلک الجسد المکتنز بالمعاني الذي لایخشی البوح. یخبرها السیاب بحزن قد یصیبها عندما تلتقي باسمه الذابل علی کتاب أشعاره، وحین تنفض الغبار عنه بکل حسرة وعند مرور تلک الذکریات، کأنَّما تنطّ روحه المعاتبة من بین السطور لتخبرها بمدی ألمه وعذابه. یرسم هذا الوجه بریشة کلها شجن، توحي أوجاعه، بتوَّعدٍ نبع من مسامات قلبه المجروح، کأنَّما یناشدها حتی تتراجع عن موقفها المودع بکل ما یمتلکه من التماس. لغة السیاب بکل تفاصیلها وبکل تعابیرها، تفوق علی مستوی الکلامي، بل تحتاج لعدة قوامیس کي تُفهم، کما یقول ناظم عودة: «وعلى هذا الأساس، فإنّ قراءة بدر شاکر السيّاب لا تتجه صوب لغة النصّ وحدها، وإنما صوب اللغة والجسد في آن، أحدهما يقرأ الآخر، لتُستکمل صورة مفترضة من النص والجسد. ولا يعني ذلک أننا نبتعد کثيراً عن المنطلقات العلمية للقراءة، فثمة وشيجة کبيرة بين النفس والشعر والجسد.» (عودة، 2009م: 10) لغتا الشَعر والعِطر اللغات التي تصبح ناطقة باسم الحب، فهي شتّی، لاحدود لها ولانهایة، منها التعابیریة، ومنها المحکیة؛ فإذا کانت تلک اللغات، صادرة من أعضاء الجسد، أي تعابیریة، فهنا یظهر جمال بواطنها الخاص. ففي حدیث الأشعار، لایمکنها أن تأخذ تلک اللمسة، إلّا إذا أخذت طابعاً تلهم روح الشاعر من ذلک النبع. تعابیر لغة الجسد تختصر للکلام والأفکار والأشعار عدة طرق، وتوَحِّد کلَّ اللغات بمختلفها، وفي کلّ أقالیمها الحضاریة، ومع أغلبیتها وکلّ أدواتها التواصلیة في العالم. ربما المفردات والکلمات الناطقة قد تسبب بحالة من التشویه في إبراز المقاصد، لکن عندما تصدر من الحرکات الجسدیة، أو برفقتها، نجدها قد إتصلت بنوعیة مذهلة للإدراک. یمکن أن تکون هذه اللغة هي إحدی اللغات الحرکیة التي نطقت بها المفاتن المرأة، مثل خصلات شَعرها، أو إشعاعات عِطرها الذي تستخدمه یومیاً، الطبیعي منه والکیمیاوي. نعم؛ للعِطر أیضاً لغة، تمتلک قدرة التعبیر وإبداء الرأي. لها سطوتها وتعابیرها الخاصة، التي حثت معظم الشعراء لاستخدام أبجدیتها الفذة، بملازمة جمالیتها الصارخة، فیکتمل بها المعنی الشعري والتعبیري. کما في قصیدة "أقداح وأحلام":
کتاب الشعر أدمج لغة الذوائب مع لغة العِطر، لتفسر تفاصیل مفرداتها علی روح الشاعر. کان السیاب في هذه القصیدة یسرد عن خواطره وحبه القدیم کالعادة، فأعطی بهذه الصورة تعبیراً عن عاشق تتلاعب علی محیاه ضفائر محبوبته المعطرة التي کادت تأخذه سکرة الحب من شذاها. للعِطر تأثیر لایقل أهمیة عن باقی أعضاء الجسد، رافقناه مع لغة الشعر، لأنَّهما الوحیدان في هذا التقسیم، یتلائمان مع بعض، واللغة الوحیدة التي حاکت مفرداتها بمفردات لغة الشعر وصنع منها ضفائر أبیاته. وجدنا إشارات بین سطوره راودت هذا القلم علی تظافرهما، بأن لغة الشَعر، ملازمة بعض الشيء بلغة العِطر. لغة العِطر التي عبر عنها السیاب بأنَّها هدهدت مضجع حبیبته وخلقت صورة من الجمال، کما ذکر في قصیدة "أهواء":
العطر له همسة، وصرخة، منه مما یأخذ نوبة جمال یسکر به العشاق، ومنه ما ینبت له لسان یسلب من هیکلة الحب وعیها، ویطارد کلمات الشاعر بسحره وفتکه وفتونه، ومنه ما یملأ صدر المحب هدوء وسکینة ودفئ، کما في قصیدة "أساطیر": تعالَي، تعالَي... نُذیب الزمان، / وساعاتهِ، في عناقٍ طویل، / ونصبغ بالأرجوان / شراعاً وراء المدی، / ونسی الغدا / علی صدرک الدافئ العاطر / کتهویمة الشاعر. (المصدر نفسه: 29) لغته تتناغم مع النفس، تنفث الروح بالأذواق، لها عالمٌ سحري مليئ بالدهشة والغموض، تنغمس به الروح وتستنشق ریعان التحرر، فیها معانٍ تهز لغة الشاعر بأسطورتها، وتبث في مسامات جسمه وسکونه الهدوء، فتغفو شاعریته علی لحن أکفّتها؛ کما في قصیدة "رئة تتمزق":
فتبقی هنا لغة الشذی هي الوحیدة التي تغرد لحن الهوی، بکلماتها المثیرة، ومعزوفاتها المتناغمة، التي تلهم الشاعر من عبقها، وتعطِّر إیقاعات أبیاته. فیستمد السیاب من هذا الرحیق ومن تفاصیل شَعر محبوبته الأسود المسترسل ویقول في قصیدة "عبیر":
اللغة الناطقة أحیاناً بمفردها لاتفي بالغرض، فیتوسل الشاعر باللغات التي یطلقها الجسد لتوصیل مبتقاه. إذا اعتبرنا لغة الشَعر والعِطر من اللغات الخاصة بالمرأة فهذا لیس ادعاء، بل هو حسب ما تتحدث به عضویتها الجمالیة وطبیعتها من اتخاذ هذا العنصر الجسدي المجسَّد في حرکاتها العفویة، فاستوحدت أنوثتها بهذا السحر، وجعلت کل القوامیس تستوحي معانیها، منها. فقام السیاب یرسم صورة هواه في هذه الأبیات باستخدام منفردات محبوبته ویقول:
یری أنَّ مصباح هواه ولم یشتعل بعد، لو لم تکن هي، حیث یستوقد هذا المصباح من خیال القُبل في الغیب التي لم تولد بعد، ویری هذه القُبَل لاتطفو إلّا علی خیال العِطر، ولاترسب إلا في فؤاده الصدي الظمآن. الشَعر المتطایر یعبر عن الحرکة والتحرر، حیث نسب هذا التحرر لهبوب الریاح المجنونة، فأعطی السیاب لخیال العِطر عندما ینشرها الریاح جمالاً من التوصیف، حتی یری وقعته في أعماق فؤاده المتعطش لذکریات محبوبته. خیال العِطر، والشَعر المنساب دونما قیود، کلاهما مواصیف من جمال الأنثی التي تستخدمه دائماً کلغة تنوب عنها لتحکي عن مدی جذبتها وتأثیرها وبأصول الکلام للغتها الجسدیة المنفردة. النتيجة نستنتج مما بحثنا عن لغة الجسد وتوظيفها في أشعار الحب عند بدر شاکر السياب أنّ: مشاعر السیاب في لغة العیون وصیاغة أبیاته کانت جمیلة ومؤثرة حیث حوت أجمل الأبیات لها. وعنون قصیدة في هذا الحیز تحت عنوان "عینان زرقاوان" من بین باقي أعضاء الجسد. فلغة العیون کانت عنده بمثابة السحر والجمال؛ لهذا هي أول ما بدأنا بها کي تکون بدایتنا مرصعة بجمالها وسحرها. وعن لغة الیدین، فوجدناها هي من الأکثر استخداماً في دیوانه، کأنَّما کان یستکمل عباراته بحرکة الید حتی یعبر عن شعوره، کالیدین المطوقتین، والبحث عن الأمان، فکان ینقل حلمه للاحتضان من خلال تعابیره فیها، ولکن کانت نسبة الیدین المرتخیة وکثرة استخدامها التي تدل علی التخلي المتکرر تستوقفنا ملیاً في أبیاته. کان رحیل والدته الذي ترک في قلبه جرحاً لایتضمد جعله یتسول الرفق في أحضان باردة ویدین مرتخیة. وثالث مبحث فهو دار حول لغة الشفاه، فکانت هذه اللغة المستخدمة في أبیاته مکبوتة بتعابیر عتابیة، موصوفة بصور خیالیة عله تمنی حدوثها في واقع حاله. حیث کانت مترکزة علی حرکة الشفاه نحو القُبَل وخیال القاء، وکانت کالعادة مغلفة بالحزن، ومفعمة بصرخات الوحدة. أصل اللغة الجسدیة بقاعدتها تعیش في سریرة المشاعر الصادقة، لأنَّ مهما حاول الفردُ مِنّا التزییف في منطقه الکلامي، لایمکنه التغلص في کلامه الجسدي بتاتاً. فلهذا کانت لغة الوجه عند السیاب فاضحة، فشت له أسرار الوجوه التي ازدحمت في عالم خیاله، وتراکمت في غرفة ذکریاته، ومن خلف تلک الملامح الجمیلة التي افتتن بها، ظهرت له وجوه هاربة، قاطبة، باردة الملامح، لاتشبه ظاهرها أبداً. کل شيء علی الجسد له تعبیر، یحکي، یشکو، یوحي، یلهم، حتی بموته یطلق لغة عن قضایاه الکامنة، بأحزانه وأشجانه ومآسیه وفرحه وضحکه وضجیجه، وحتی تناقضه وصفواته، سکونه وسکوته وصمته، یتکلم وأیُّما کلام. لهذا وجدنا لغة العطر والشعر في أبیات السیاب، کالأنغام الرقیقة، وهدوء لایوصف علی مضجع هدهدته العطور کما سرده لنا في قصیدة "أهواء". کانت هاتان اللغتان من أهم ما عثر علیه هذا القلم. أبینا أن نبقي لغة العطر منفکة عن لغة الشعر لکثرة تناسقهما مع بعض، حیث کانت لغة العطر تفشي سر الجنون المخبوء في خصلات لغة الشعر، کضفائر معطرة طویلة مسترسلة من أعلی قصائده حتی بلغت یدي الشاعر. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الکتب ابن حزم الأندلسي، علي. (2016م). طوق الحمامة في الألفة والألاف. ط1. لامک: مؤسسة هنداوي للتعلیم والثقافة. ابن عاشور، محمدالطاهر. (لاتا). التحریر والتنویر. تونس: دارسحنون للنشر والتوزیع. ابن منظور. (لاتا). لسان العرب. ط1. بیروت: دارصادر. أبوزر، إیناس. (م2011). علم الفراسة، لغة الجسد. ط1. عمان: دار غیداء. أبوعیاش، نضال. (2005م). الاتصال الإنساني من النظریة الی التطبیق. ط1. لامک: کلیة فلسطین التقنیة. الإبشیهي، شهاب الدین، (1993م). المستطرف في کل فن مستظرف. ط1. بیروت: دارالکتب العلمیة. أمین، محمد. (2003م). الاتصال الصامت في القرآن الکریم. ط1. لامک: دار الثقافة والإعلام. أنیس، ابراهیم؛ وزملاؤه. (لاتا). المعجم الوسیط. إشراف: حسن علي عطیة، ومحمد شوقي أمین. ط2. المجلد الثاني. برغوث، علي. (2005م). الاتصال الإقناعي، مذکرة تعلیمیة لطلبة مستوی ثالث. غزة: جامعة الأقصی. بني یونس، محمد محمود. (2007م). سیکولوجیا الواقعیة والانفعالات. ط1. عمان: دارالمسیرة. ریکان، ابراهیم. (1989م). نقد الشعر في المنظور النفسي. بغداد: دارالشؤون الثقافیة العامة. زیدان، جرجي. (1914م). علم الفراسة الحدیث. بیروت: دارالجیل. السیاب، بدر شاکر. (2017م). أزهار وأساطیر. القاهرة: مؤسسة الهنداوي سي آي سي. صالح، مدني. (1981م). هذا هو السیاب، أوجاع وتجدید وإبداع. الجمهوریة العراقیة: دار الرشید للنشر. ظفیري، مروان. (2006م). العین من النطرة إلی الدمعة في الشعر العربي. مجلة الأدیب العربي. عباس، إحسان. (1992م). بدر شاکر السیاب، دراسة في حیاته وشعره. ط6. لبنان: المؤسسة العربیة للدراسات والنشر. عصفور، جابر. (1992م). الصورة الفنیة في التراث النقدي والبلاغي عند العرب، ط3. بیروت: المرکز الثقافي العربي. عودة، خلیل. (2017م). فن التواصل بلغة الجسد. نابلس: جامعة النجاح الوطنیة. الفیروز آبادي. (1983م). القاموس المحیط. بیروت: دارالفکر. کشاش، محمد. (1999م). لغة العیون. ط1 بیروت: المکتبة العصریة والنشر. المبیضین، عبدالرحمن محمد. (2001م). وسائل الاتصال (إعلام، علاقات عامة، دعایة، إعلان، اتصالات، تواصل). ط1. عمان: دارالبرکة. المکاوي، حسن عماد مکاوي؛ السید، لیلی. (1998). الاتصال ونظریاته المعاصرة، القاهرة: الدار المصریة اللبنانیة. منیر، محمد حجاب. (2007م). الاتصال الفعال للعلاقات العامة. القاهرة: دارالفجر للنشر والتوزیع. میتشیو کوشي. (2003م). علم الفراسة والتشخیص. ترجمة: یوسف بدر. ط 5. بیروت: شرکة المطبوعات للتوزیع والنشر. هاجن، شیلي. (2017م). کل شئ عن لغة الجسد. مراجعة فنیة بواسطة جوزیف أي دیفیتو. ط1. لامک: مکتبة جریر. المقالات السالم، عبدالله. (2001م). "أهمیة لغة الجسم في الإتصال مع الآخرین". مجلة الإدارة. المجلد 33. العددان الثالث والرابع ینایر وابریل. عودة، ناظم. (2009م). "السیاب: الخیال المأساوي". مجلة: اللحظة الشعریة. یصدرها الشاعر فوزي کریم. العدد 14. مشلح، عادل. (2004). "العین من النظرة إلی الدمعة في الشعر العربي، مجلة الموقف العربي". اتحاد الکتاب العرب. العدد: 394، شباط.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,466 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 556 |