تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,003 |
تعداد مقالات | 83,617 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,293,038 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,347,498 |
تبلور أفکار نصرالله من خلال الأسالیب التعبیریّة في روایة "حرب الکلب الثانیة"؛ دراسة جمالية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
دوره 11، شماره 44، خرداد 2022، صفحه 117-138 اصل مقاله (244.11 K) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أحمد عارفی* 1؛ فرامرز میرزایی2؛ عیسی متقی زاده2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1دکتوراه في اللغة العربیة وآدابها، جامعة العلامة الطباطبائی، طهران، إیران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذ في قسم اللغة العربیة وآدابها، جامعة تربیت مدرس، طهران، إیران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إنّ أفکار إبراهیم نصرالله المطروحة في روایته "حرب الکلب الثانیة"، یقصد منها الکشف عن حقائق حیاة الشعب الفلسطیني بالأسالیب المتلائمة الّتي قد ذکرها الروائي لإفادة دلالة خاصّة. فربّ أسالیب قد أخرجها الروائي من المعاني الأصلیّة إلی المعاني الثانویّة المجازیة التي قد برع فیها إلی حدّ کثیر لإضفاء جمالیّة النصّ وتحریک عواطف المتلقي. فمن هنا یهدف هذا المقال إلى الكشف عن أفکار الروائي وفقا للمنهج الوصفي التحليلي معتمدا على الأسلوبيّة الإحصائيّة ليجيب عن مدى التناسق بين هذه الأسالیب ومستويات اللغة الروائية الثلاثة: السردية، والوصفية والحوارية، وإبراز أهمّ ما في هذه الأسالیب من جمالية لإفادة المعاني إلى المتلقّي. وأهمّ ما وصل إليه هذا المقال أن الراوي استخدم أکثر الأسالیب التعبیریّة النحویّة 3406 مرة متلائما مع أفکاره المطلوبة، حیث استخدم أسلوب النفي 1759 مرّة: 52%، ثمّ الاستفهام 812 مرّة: 24%، ثمّ الشرط 328 مرّة: 10%، وغیر ذلک، مشیرا إلی الرؤیة التشاؤمیّة السائدة علی الأنظمة الفلسطینية المضطهدة، لأن في الروایة شخصیات انتهازیّة فاسدة تعمل أعمالا سلبیّة، خاصّة بطل الروایة راشد الانتهازيّ الّذي لایعمل إلّا لمصالح نفسه الممتلئة من الشرور إلی درجة أن الاتّجار بالبشر عنده حدث اعتیاديّ بعیدا عن القیم الخلقیّة والإنسانیّة. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الجمالیّة؛ الأسالیب التعبیریّة؛ الأفکار؛ إبراهیم نصرالله؛ الروایة الفلسطینیّة؛ روایة "حرب الکلب الثانیة" | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
- المقدّمة إنّ الترکیب النحوي الّذي ینظم علیه أسلوب الکاتب الأدبيّ بطریقة نظریة النظم للجرجاني، یدعو إلی المزاوجة بین اللفظ والمعنی علی أساس مجيء الكلم بشكل ما یقتضيه علم النحو. (الجرجاني، لاتا: 55) فإنّه مع طرح هذه النظریّة وبسطها أرسی حجر الجمالیّة الأساسي في اللغة والأدب، أو علی حد تعبیر القیرواني في "عمدته" اللفظ جسم والمعنى روح لابدّ من التناسق بینهما (القیرواني، 1981م: 124) حتّی یتمثّلا معا التصویر الفنّي الّذي یریده الکاتب إرساله إلی المتلقي بصورة أوضح. فلا قیمة للألفاظ ومزیّةَ إلّا حینما ینظم بعضها مع البعض في سلك التعبیر مع تلائم ألفاظها مع معانيها الّتي تنظم معها، وجعل كلّ لفظ في المكان الّذي یقتضیه الشكل. إذن النصّ في الأعمال الأدبية لیس مجموعة من الألفاظ فقط، بل مجموعة من العلاقات المصاغة بین الألفاظ و المعاني، فالمهم في العمل الأدبي لیس الألفاظ و المعاني بذاتها، بل الروابط الّتي تقام بینهما. (الهواری، 1983م: 222) مثل ما نلاحظه في روایة "حرب الکلب الثانیة" الّتي تتناسب هذه الألفاظ مع المعاني المشار إلی الرؤیة التشاؤمیّة السائدة علی الروایة ومستویات اللغة الثلاثة للروایة – السرد، والحوار، والوصف- الدالّة علی فساد السلطة الفلسطینية وانتهازیة أکثر أشخاصه. أمّا رواية "حرب الكلب الثانية" فروایة سیاسیّة یسرد فیها الروائي لنا حکایة بطل الروایة بوصفه کان شخصا ثوريّا سياسيا يضحي كلّ ما لديه في سبيل أهدافه النبيلة، حیث یصمد أمام تعذيبات النظام الفاسد ویثبت عقیدته الثوریّة کرجل حديدي، ولكنه، عبر الزمن، انقلب إلى متطرف فاسد وأشدّ مؤيدي النظام الذي عذّبه، بل أصبح من صناع القرار فيه، والسبب في انقلابه يرجع إلى فساد المجتمع وتحولاته الّتي تناولها إبراهيم نصرالله في روايته هذه، بأسلوب فانتازيّ، من خلال رصد تحولات "راشد" الشخصية الرئيسة للرواية بين شخصیّته المزدوجة، ليلقي الضوء على النزعة الانتهازية البعيدة عن القيم النبيلة. فهذه الرواية روایة سیاسيّة ثقافیّة یمثّل فیها الراوي لنا موجزا من حکایات المدن الفاسدة في الماضي، کما یراها متمثلة في المستقبل؛ کما یمثّل لنا أحوال البشر في کلّ مکان وزمان لم یعد فیه الإنسان بقادر علی أن یمیّز الإنسان الّذي هو مقابله، أهو أصله أو شبیهه؟ إذن سادت عليها رؤیة تشاؤمية تستغلّ شخصیاتها الفرص في سبیل تحقیق مصالحها الاقتصادیّة والسیاسیّة الخاصّة عشوائیّةً، فتمسح لنفسها أن تنزع نزعة التوحّش، حتّی تبید بعضَها البعض بکلّ عنف في سبیل تحقیقها، فتتجاوز كلّ القیم الأخلاقية والاجتماعية، خاصّة بطل الروایة "راشد"الّذي طلب منه الضابط أن یشارك معه في الاتجار بالبشر، حینما کان سجینا، فیتحوّل إلی السجّان، ويشاركَ ببراعة معه في هذا الاتّجار إلی درجة یصیر عنده حدثا اعتیادیّا. یهدف هذا المقال من الجمالیّة إلی التناسب بین اللفظ و المعنی والمزاوجة بینهما لبیان أفکار الروائي وفقا للمنهج الوصفي التحليلي معتمدا على الأسلوبيّة الإحصائيّة الّتي تُعیننا في دراسة الکمّ للحصول إلی الکیف ليجيب عن مدى التناسق بين هذه الأسالیب ومستويات اللغة الروائية الثلاثة: السردية، والوصفية والحوارية، وإبراز أهمّ ما في هذه الأسالیب من جمالية لإفادة المعاني إلى المتلقي. وجمالیّة هذه الأسالیب التعبیریّة تتمثّل في ما توخّي في الکلام من نظم خاص، وما توخّي في نظم الکلام من ترتیبه علی نحو خاص. فالجمال والقبح بینها ینشآن من وثیق الصلة بین الألفاظ أو وهن هذه الصلة. فکلّما اشتدّت الوثاقة، کان حظ هذه الأسالیب من الجمال وافرا، وکلّما وهنت الطلة ضعف ذلک الحظ أو انمحی في هذه الأسالیب. (بدوي، لاتا: 188-189) 1-2- أهمیّة البحث والهدف منه تکمن أهمیّة البحث في أن الروائي من ثنایا الأسالیب التعبیریّة النحویّة عبّر عن أفکاره وهو ثائر یثور علی المستعمرین ومصلح یدعو إلی الإصلاح مع هذا الأسلوب الأدبي الرشیق الّذي یتمیّز بتحریک عواطف القارئ. والهدف منه الکشف عن أفکار الروائي من خلال طرح أسالیبه الّتي یستخدمه في روایته. 1-3- أسئلة البحث موضوع بحثنا یكمن في استخدام جمالية أسالیب الروائي التعبیریّة الأدبیّة وکیفیّة الأداء اللغويّ الّذي یؤدّي إلی إثارة عاطفة المتلقي وتحریکه نحو أفکار الروائي بصورة أوضح مع تناغمها هي ومستويات اللغة الثلاثة في رواية "حرب الكلب الثانية". فيحاول البحث الإجابة عن ثلاثة أسئلة من ثنایا النصوص بتتبّع للمنهج الوصفي التحلیلي المستمدّ من الأسلوبیّة الإحصائیّة: 1- أيّ أسلوب من الأسالیب التعبیریّة النحویّة أكثر حضورا واستخداما بالنسبة إلی الأسالیب الأخری في روایة "حرب الکلب الثانیة"؟ لماذا؟ 2- ما هو أبرز الأسلوب التعبیريّ النحويّ من حیث الجمالية في تشکیل التصویر الفنّي لإثارة عواطف المتلقي؟ 3- كیف تتلائم الأسالیب التعبیریّة ومستویات اللغة الثلاثة (السردي التقریري؛ والحواري؛ والوصفي) في رواية "حرب الکلب الثانیة"؟ 1-4- خلفيّة البحث قد ترک الباحثون عدة دراسات مرتبطة بمحاور المقالة الرئيسة وروایات إبراهیم نصرالله ولاسیّما روایة "حرب الکلب الثانیة"، فمن أهمّها: كتاب "أساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين" (1982م) للدكتور قيس إسماعيل الأوسي الّذي بحث في الکتاب عن الأسالیب الطلبیّة وأدواتها ودلالاتها وخروجها من معانیها الأصلية إلی المعاني الثانویّة الجمالیّة. وكتاب "من نحو المباني إلى نحو المعاني (بحث في الجملة و أركانها)" (2003م) لمحمّد طاهر الحمصي الذي حاول الباحث أن يخرج النحو من جفافه إلى رونق المعاني النحوية، ليكشف الدلالات النحوية ضمن دراسته الجملة وأركانها. وكتاب "جمالية الخبر والإنشاء (دراسة بلاغية جمالية نقدية)" (2005م) لحسين جمعة، فإن المولف في هذا الکتاب قدّم دراسة بلاغية جمالية نقدية من نمط جديد لأساليب البلاغة العربية معتمدا على الشرح والتحليل وإدراك العناصر الجمالية بكل أبعادها مستفيدا من فضاءات الدراسات القديمة كلها إعجازية أو نقدية أو أدبية أو لغوية. وكتاب "الأساليب النحوية، عرض وتطبيق" (2007م) للدكتور محسن علي عطية الّذي تناول الباحث الأساليب النحوية ذات الجملة الإنشائية وأنواعها، والأساليب النحوية ذات الجملة الخبرية وأنواعها للوصول إلی المعاني والکشف عن التزوّد الجمالیّ. ومقالة "الأسالیب السردیّة لدی ابراهيم نصرالله، رائد الجیل الجدید في الروایة الفلسطینیّة" (1389هـ.ش) لجواد أصغري، فقد تناول الباحث خمسة أعماله الروائیّة وهي: «طیور الحذر»، «طفل الممحاة»، «أعراس آمنة»، «مجرد 2 فقط»، و«حارس المدینة الضائعة»، فبحث فيها عن الأسالیب السردیّة المتنوّعة الّتي استخدمها إبراهيم نصر الله مثل «الواقعیّة السردیّة»، «روایة الأصوات»، «تیار الوعي»، و«الطفل الراوي» ولكنّه لم یتطرّق الباحث إلی دراسة الأسالیب النحویّة، بل اقتصر بحثه على زاویة الرؤیة وأنواعها في روایات ابراهيم نصرالله. ورسالة الماجستر المعنونة بــ«تداخل الأنواع الأدبیّة والفنون في روایة (قنادیل ملك الجلیل) لإبراهيم نصرالله» (1392ش) لشهرام دلشاد تحت إشراف خلیل برویني الّذي قد بحث الباحث فيها عن تداخل الأنواع الأدبیّة والفنون، كتداخل الروایة والشعر، تداخل الروایة والملحمة، تداخل الروایة والمسرحیّة وما إلی ذلك. ومقالة «أنماط الشخصية في رواية "تحت شمس الضحي" لإبراهيم نصرالله» (1395ش) لسيد مهدي مسبوق، وعلي حسين غلامي يلقون آقاج. قد قام الباحثان في هذه المقالة بتحليل الشخصية، ووصف أبعادها الجسمانية والنفسانية معتمدا على المنهج الوصفي- التحليلي. والمقالة المعنونة بـ«سردیّة الفوضی وعقد الإنسان في الروایة العجائبیّة روایة "حرب الکلب الثانیة" لإبراهیم نصرالله نموذجا» (2019م) لإیمان مصطفی حسین، والقضاة محمّد، فیعالج الباحثان صورة الإنسان وأمراضه النفسیة فی هذه الروایة العجائبیة نموذجة، کما یتناولان عینة من مقتنصی الکوارث ومرتزقة الحروب والفوضی وکیفیة تحول الإنسان من شخص مثالي إلی انتهازي متطرف فاسد ترکیزا علی شخصیّة بطل الروایة راشد لتحلیل شخصیته وکیفیة تحوّله من شخصیة منضبطة مثالیة إلی شخصیة انتهازیة تستثمر التحولات الاجتماعیة للسیطرة والانتقام مشیرا إلی عیوب الرأسمالیة التی حوّلت الإنسان إلی آلة اللا أخلاقیة لا تهتمّ إلا بالربح والمکاسب المادیة. رغم كثرة دراسات الباحثين حول أعمال إبراهيم نصرالله، لميهتموا بدراسة جمالية أسالیبه التعبیریّة متناغمة مع أفکاره ومستويات اللغة السردية الثلاثة، فمن هنا على حد ما علمنا، يمكن القول: إنّ هذا المقال هو أوّل بحث يتطرّق إلى دراسة جمالية أسالیب نصرالله التعبیریّة في هذه الرواية دراسة جمالیّة لاستجلاء أفکاره مع تناسقها هي ومستويات اللغة الثلاثة بتتبّع للمنهج الوصفي التحليلي المعتمد علی الأسلوبية الإحصائية. 1-2- روایة "حرب الکلب الثانیة" لإبراهیم نصرالله إن هذه الروایة روایة للروائي إبراهیم نصرالله حائزة علی جائزة بوکر لعام 2018 کتبها للدفاع عن الشعب الفلسطیني وتحریره من الاستعمار والاندساس. إنه في هذه الروایة السیاسیّة یسرد لنا حکایة بطل الروایة بوصفه کان شخصا ثوريّا سياسيا يضحي كلّ ما لديه في سبيل أهدافه النبيلة، حیث یصمد أمام تعذيبات النظام الفاسد ویثبت عقیدته الثوریّة کرجل حديدي، ولكنه، عبر الزمن، انقلب إلى متطرف فاسد وأشدّ مؤيدي النظام الذي عذّبه، بل أصبح من صناع القرار فيه، والسبب في انقلابه يرجع إلى فساد المجتمع وتحولاته الّتي تناولها إبراهيم نصرالله في روايته هذه، بأسلوب فانتازيّ، من خلال رصد تحولات "راشد" الشخصية الرئيسة للرواية بين شخصیّته المزدوجة، ليلقي الضوء على النزعة الانتهازية البعيدة عن القيم النبيلة. فهذه الرواية روایة سیاسيّة ثقافیّة یمثّل فیها الراوي لنا موجزا من حکایات المدن الفاسدة في الماضي، کما یراها متمثلة في المستقبل؛ کما یمثّل لنا أحوال البشر في کلّ مکان وزمان لم یعد فیه الإنسان بقادر علی أن یمیّز الإنسان الّذي هو مقابله، أ هو أصله أم شبیهه؟، إذن سادت عليها رؤیة تشاؤمية تستغلّ شخصیاتها الفرص في سبیل تحقیق مصالحها الاقتصادیّة والسیاسیّة الخاصّة عشوائیّةً، فتمسح لنفسها أن تنزع نزعة التوحّش، حتّی تبید بعضَها البعض بکلّ عنف في سبیل تحقیقها، فتتجاوز كلّ القیم الأخلاقية والاجتماعية، خاصّة بطل الروایة «راشد»الّذي طلب منه الضابط أن یشارك معه في الاتجار بالبشر، حینما کان سجینا، فیتحوّل إلی السجّان، ويشاركَ ببراعة معه في هذا الاتّجار إلی درجة یصیر عنده حدثا اعتیادیّا. 2-2- جمالیّة الأسلوبیّة الإحصائیّة في روایّة "حرب الکلب الثانیة" خلال أسالیب نصرالله التعبیریّة إنّ الجمال هو توافر التناسق والترابط والانسجام بين أجزاء شيء ما، «فالوجه الإنساني يكون جميلا عندما تكون أعضاؤه كلّها منسجمة بينها ومتناسبة في الحجم والمساحة بين الحاجب والعين والأنف والفم والشفتان والأذنان، واللون، فلا يتضخم عضو على حساب عضو آخر، كذلك النصّ الأدبي [القصيدة الشعرية أو الروایة] یكون جميلا، عندما یبدو عناصره متناسقا ومترابطا فيما بينه، ويحتلّ كلّ منه الحيز نفسه من أرضية النصّ، ويحظى كلّ منه بنصيب واحد من عناية الأدیب» (مصطفي، وعلي، 2015م: 21)، فإنّه في النصّ الأدبي «يتجلّى لنا مجموعة السمات والخصائص الّتي يحويها النصّ الأدبي ويتميّز بها عن غيره من مزايا تعبيرية، والجمال ينسحب على الشكل والمضمون معا، حيث يكون النصّ الأدبي قادرا على إثارة انفعالات المتلقيين وعواطفهم، فيحقّق المتعة لديهم واللذّة.» (مجاهد، 2015م: 32) إذن لیس النصّ في الأعمال الأدبية مجموعة من الألفاظ فقط، بل مجموعة من العلاقات المصاغة بین الألفاظ والمعاني، فالمهم في العمل الأدبي لیس الألفاظ والمعاني بذاتها، بل الروابط الّتي تقام بینهما. (الهواری، 1983م: 222) هذا أمرٌ نلاحظه في روایة نصرالله المسمّاة بـ"حرب الکلب الثانیّة"، فإن الروائي یسرد هذه الروایة باللغة المتّسقة والمتلائمة مع المعاني المرادة ومستویات اللغة الثلاثة وهي السرد، والحوار، والوصف كوحدات سردیّة مهمّة وینقد فيها نقدا سیاسیا واجتماعیا علی المجتمع وأشخاصه الّذين یعملون في المجتمع أنواع الشرور والزیوف بعيدین عن القيم الخلقية والإنسانية. وتتجلّی هذه التعابیر والدلالات بالأدوات التعبیریّة والفنیّة المتنوعة الّتي تتنوّع هذه الأدوات التعبیریّة تبعا لتنوّع الأغراض والمعاني المرادة المرتبطة بالجوّ العام الّذي یحكمها كلّ نصّ من النصوص. فإن هذه الروایة المرادة لیست نصوصه مجموعة من الألفاظ والمعاني علی صفحات دون رعایة الترتیب للأحداث أو غیر متناغمة مع الأحداث والشخصیات والأماکن الروائیّة وما إلی ذلک، بل مجموعة من العلاقات والروابط الّتي تصاغ بین الألفاظ والمعاني الّتي تتشکّل الجمالیّة من التناغم والانسجام بینهما، حیث إن الألفاظ کموجود حيّ مثیر متحرک تثیر عواطف المتلقي وحرّکه وهداه إلی ما فیها من الأفکار. إنّ الأسلوبیّة منهج من المناهج النقدیّة الحدیثة الّتي قد اختصّ بها قسم كبیر من الدراسات الحدیثة، وهي تدرس طریقة الأدیب الأدبیّة في استخدام اللغة في التعبیر عن الأغراض والدلالات والمعاني الكامنة في النصّ. فإذا کانت اللغة تدرس ماهية القول، فالأسلوبیّة تدرس كیفية القول. وإن الأسلوبیّة الإحصائیّة فرع من فروع الأسلوبیّة الّتي هي «أسهل طريق لمن يتحرى الدّقة العملية ويتحاشى الذاتية في النقد الحديث، فيجب أن يستخدم هذا المنهج كوسيلة لإثبات والاستدلال على موضوعية النّاقد، أي بعد أن نتعامل مع النّص بالمناهج الأخرى التي تبرز جوانب التميز في النّص. (سهام والآخرون، 2016م: 29) فالأسلوبیة الإحصائية «تهدف إلی التمییز إلی السمات اللغویّة فیه وذلک بإظهار معدلات تکرارها ونسب هذا التکرار، ولهذه الطریقة في التحلیل أهمیّة خاصة في تشخیص الاستخدام اللغوي عند المبدع علی أساس خطوتین متتابعتین متکاملتین: في البدایة لجأ الباحث إلی الإحصاء لقیاس معدلات تکرار المثیرات أو العناصر اللغویة الأسلوبیّة قلة وکثرة. ثمّ وصف التأثیرات الإخباریّة الدلالیّة والجمالیّة وکشف ها لتلک المثیرات من خلال الإحصاء.» (نورالدین السد، 2010، ج1: 112-113) إن أول من اقترحها وطبقّها على نصوص الأدب الآلماني هو بوزيمان الّذي قام في دراسته علی اتجاه یدرس فیه طرفین: 1- التعبیر بالحدث: یدرس فیه الألفاظ والجمل التي تعبّر عن حدث. 2- التعبیر بالوصف وهو یدرس فیه الکلمات التي تعبّر عن صفة معینة ممیزة لشيء ما. فعلی هذا الأساس لیس المبدع قد قام بالإتیان بالأسالیب التعبیریّة عشوائیا، بل یأتي بها کثرة وقلة وفقا للأغراض التي أراد إلقاءها إلی المتلقي. فالحقّ إن الإحصاء الذي قد قمنا للکشف عن المعاني في المقال یفیدنا کثیرا مثلا حول الربط بالأسالیب الخبریّة بالسرد في الغالب والربط بالأسالیب الإنشائیّة بالحوار في الغالب. ففي البدایة کشفنا هذا عن طریق الإحصاء، ثمّ اتبعنا دلیل هذا الربط علمیا حتی وجدناه. وأیضا مثلا وجدنا في الاستفهام بطریقة الإحصاء أن کثیرا منها خرج إلی معاني النفي والتوبیخ والإنکار والتعجب الّتي هذه المعاني قریبة ومتناسبة مع النفي الذي غلب علی الروایة لتشاؤمیة رؤیة الروائي، فلهذا استخدام النفي فی الروایة أکثر أسلوب، ثم الاستفهام في المعاني النفي والانکار والتوبیخ والتعجب. فکل من هذه الدلائل یثبت بأن إحصاء الأسالیب متناسبة مع الأغراض الّتي یفیدنا کثیرا في الکشف عنها. إذا یتبیّن مدی استخدام الروائي هذه الأسالیب التعبیریّة في هذا الجدول والرسم البیاني التالیَین لإیضاح المعاني والأغراض أکثر - علی حد تعبیر أحمد شایب الّذي یدّعي أنّ الأسلوبیّة الإحصائیّة دراسة قویمة في إحصاء الکمّ للوصول إلی الکیف – ثمّ نحلّل سبب تکرار الأسالیب بعد الإحصاء وقمنا بالاستنتاج عن هذا الإحصاء:
إذا دقّقنا النظر في هذا الجدول والرسم البیاني أعلاهما یتبیّن لنا أن الروائي استخدم أکثر الأسالیب التعبیریّة للدلالة علی أن لکلّ أسلوب دلالة متمیزة عن غیره علی حد تعبیر الجرجاني، فأکثر أسلوب استخداما هو أسلوب النفي، حیث استخدمه بکلّ أدواته 1759 مرّة بنسبتها المئویّة 52% للدلالة علی رؤیة الروائي التشاؤمیّة نتیجة تحوّل الإنسان من شخص مثالي إلی انتهازي متطرف فاسد وعیوب الرأسمالیة التی حوّلت الإنسان إلی آلة اللا أخلاقیة لا تهتم إلا بالربح والمکاسب المادیة، فاستخدام النفي أکثر من الأسالیب الأخری في الحقیقة لیس لأجل کثرة أدواته، بل وإنّما لأجل الأغراض الّتي تؤدّي إلی استخدام هذا الأسلوب، لأنّ الأسالیب لاتتشکّل إلّا عندما تخطر ببالنا الأغراض والمضامین علی حد تعبیر عبدالقاهر الجرجاني في "دلائل الإعجاز"، لأنّ کثرة نفس أدوات النفي أیضا ترجع إلی أنّ لکلّ زمن وحدث – إذا نرید نفیهما - أداة نفي تختصّ بهما، حیث لکلّها غرض متمّیز عن غیره. (الجرجاني، لاتا: 124) ثمّ أکثره بعد النفي هو أسلوب الاستفهام حیث استخدامه 812 مرّة: 24%. هذا الأسلوبأبرز أسلوب جمالیّة متناسقا للرؤیة التشاؤمیّة السائدة في الروایة، حیث یخرج في الغالب إلی معنی النفي والانکار والتعجّب والتوبیخ نتیجة شکوک الشخصیات الروائیّة في قضیّة الأشباه الّتي شکّت الشخصیات في وجود بعضها الآخر حتّی وجود نفسها إلی درجة لم تعد بقادرة علی أن تمیّز الشخصیّةَ الّتي مقابلها أ هي أصلها أو شبیهها، لأجل هذا، استخدام الاستفهام في فصل «مفاجآت أخری!» - الّذي يسود موقف الشبيه على الفصل، حیث يشبه الراصدُ الجوي راشدَ بطلَ الرواية، حتي يكاد يؤدي براشد إلى الجنون نتیجة تقلید الراصد الجوي راشدَ في کلّ شيء نحو مشيته، وطريقة كلامه، واشتراءه سيّارة شبيهة بسيارته في اللون والطراز - کثیر جدا بتنوعه في معان أصلیّة أو مجازیّة نحو التعجّب والحیرة نتیجة هذه الأشباه، والإنكار والنفي والتعجب وما إلی ذلک متناسبة مع هذه الرؤیة التشاؤمیّة الّتي ذکرناها. ثم من أکثرها أسلوب الشرط حیث استخدمه 328 مرّة أي:10%، ثمّ الأمر 5%، وما إلی ذلک من الأسالیب الّتي أشرنا إلی إحصاءها في الجدول أعلاه. فاستخدام هذه الأسالیب علاوة علی تناسقها مع العناصر الروائیّة، متناسقة مع مستویات اللغة الثلاثة، حیث تتناسب الأسالیب النحویّة الخبریّة في الغالب مع السرد لسرد الأحداث الروائیّة، بوصفه أساسا جوهريّا ضروریّا للروایة، حیث إن «الروایة هي سرد، قبل كل شيء.» (یوسف، 2015م: 37)، وهو وسيلة توصيل القصة إلى المستمع أو القـارئ بقيـام وسيط بين الشخصيات والمتلقي هو الراوي علی حد تعبیر الشکلانیّین (یقطین، 1997م: 19)، ثمّ الحوار لتبادل الكلام کوسیلة حیویّة السرد وتدفّقه، حیث إنّه محلّ التخاطب، فیُعطي النصَّ الحواريَّ حیویّةً وتنوعّاً لایملّ المتلقي من قراءته فحسب، بل یجرّده عن الرتابة، یجرد النصّ الروائي عن الرتابة، ثمّ الوصف لوصف الأحداث الروائیّة بوصفه ظاهرة حتمیّة في السرد، حیث إن الروائي «یمکن أن یصف دون أن یسرد، کما هو معروف، ولکن لایمکن أبدا أن یسرد دون أن یصف.» (مرتاض، 1991م: 208) فکلّ سرد یحتوي الوصف، حیث إنّ الوصف یسهل فهم المقاطع المختلفة للمتلقي. فتتناسب الأسالیب النحویّة الإنشائيّة في الغالب مع الحوار، ثمّ أحیانا مع السرد، ولكن لا تتناسب مع الوصف، لأن الوصف جزء من الخبریّة الّتي لاتتناسب مع الإنشائيّة. فأسلوبي النفي، والشرط، والاستثناء، والكنایة، والتفضیل، والتخصیص، والتعجّب متناسب مع السرد، والحوار، والوصف في أكثر الأحیان. وأسلوبي الاستفهام، والأمر، والنهي، والنداء، والقسم تتناسب مع الحوار في الغالب، ثمّ أحیانا مع السرد، دون الوصف للسبب المشار إلیه. فلأجل هذا استخدم الراوي الأسالیب الخبرِیة في الغالب في مستوی السرد، لأنّها تتلائم هي وسرد الأحداث، واستخدم الأسالیب الإنشائيّة في الغالب في مستوی الحوار، لأنّ هذه الأسالیب محلّ الحوار والتخاطب. 3- تحلیل جمالي لأسالیب الروائي التعبیریّة في روایة "حرب الکلب الثانیّة" في مقطع حول شراء الکلب الّذي أدی إلی تجاوز الحرب إلی کل البلاد نتیجة شراء هذا الکلب وعدم دفع النقود بواسطة الشاري مسخدما لسرد والوصف والحوار کلها أشار الراوي إلی أن «باع رجل كلبه لرجل آخر بعد أن اتفقا على مبلغ دفع الشاري نصفه، وأبقى النصف الآخر لنهاية الشهر، ولكن المشتري لم يدفع النصف المتبقي في موعده، فذهب صاحب الكلب وطالبه بالأموال، فوعده أن يدفع نهاية الشهر التالي، لكن ما أغاظ البائع كثيرا أن كلبه نبح بشدة عليه، وكان على وشك أن يهاجمه! فرأى في ذلك انحيازا فجا ليس من صفات الكلاب في شئ، في نهایة الشهر الثاني، ذهب البائع، فخرجت إمرأة الشاري، الّتي عملت كثیرا علی كبح جماح الكلب النابح بأن حجزته بإغلاق الباب خلفها. قالت له: إن زوجي في بیت عزاء، وكانت تلك البیوت منتشرة في تلك الأیّام، فقد كان یموتون فرادی، ولم یكن الموت فرادی، ولم یكن الموت الجماعي أمرا معروفا سوی في مذبحة هنا أو مذبحة هناك، تفصلهما سنوات.» (نصرالله، 2016م: 125-126) فی هذا الموقف ساد النفي علیه، فأداة (لم) في «لم يدفع النصف المتبقي في موعده» و«ولم یكن الموت فرادی، ولم یكن الموت الجماعی أمرا معروفا سوی في مذبحة هنا أو مذبحة هناك» یدلّ علی النفي في الزمن الماضي، وفي «لن یستطیع الحصول علی النصف الآخر» یدلّ النفي علی نفي حصول البائع إلی سائر ثمنه نتیجة اشتراء كلبه أبدا. والنفي في «ليس من صفات الكلاب في شيء» یدلّ علی نفي مضمون الخبر، أي: نفي هذه الصفة من الکلب الّذي نبح علی صاحبه السابق، فأوشك أن یهاجمه، فلیس الجحود من صفات الكلب، بل الوفاء من صفاته. لجأ الروای في الكلام إلی السرد التقریري، فهو یحكي هذا، وإلی الحوار بین البائع والشاري وزوجته بوصفه أسباب حیویّة السرد و تدفّقه، ثمّ الوصف، فاستفاد من كل مستویات اللغة الثلاثة. أشار في هذا المقطع إلی اندلاع الحربين المتتاليين بين الطرفين المتعاقدین بسبب هذا الكلب الّذي نبح علی صاحبه السابق، ومن هنا اشتعلت المعركة وتطوّرت متجاوزة الحي نحو المدينة ثم المدن البعيدة. ولم ينج من عائلات طرفي الصراع سوى الكلب الّذي یسبّب المعرکة. وأیضا «أشار من ضمن هذه الروایة مؤكدة هذه الحكایة هنا في هذه الأثناء إلی تغيیر الصفات الوراثية والجينية لجميع الكائنات الحية بدءا من الإنسان الذي تحول إلى التوحش فأصبح ذا أنياب ومخالب، ينقض الواحد منهم على الآخر لأتفه الأسباب. ومرورا بظاهرة اختفاء الوفاء عند الكلاب وتجلي أنانية النمل (رمضان، 2018م: https://www.sasapost.com/dog-war-ii-cyberpunk-from-the-idea-of-human-brutality/). في مقطع آخر حول قضیة الشبیهات وقتل السائق أشار الراوي إلی أن راشد في هذه القضیة حینما یشابه بالسائق الذي یصاحب معه في السیاقة في الأزقة وقتل بواسطة النظام الدکتاتور، تمّ القبض علیه بواسطة الضابط شقیقة زوجته سلام وقام باعترافه في السجن بأنه لیس راشد. ولکن راشد یصمد أمام هذا التعذیب و أشار إلی أنه راشد. وبعد أن الضابط اضطره باعتراف بأأنه لیس راشد بل هو سائق، تحوّل راشد من الشخصیّة المثالیّة المعارضة مع النظام الفاسد إلی الشخصیّة الفاسدة نتیجة فساد المجتمع، فیعاون مع الضابط في تعذیب السجانین والدکتاتور والاتجار بالبشر: «لماذا تصرّ علی أنّك راشد؟، لأنّه لایرید أن یعترف بأنّه قتل راشد! علّق الضابط.» (نصرالله، 2016م: 333) في هذا المقطع یسود الموقف الحواري تماما حول الأشباه، فيسرد الراوی هذا مستفيدا من الحوار الّذي هو أسباب حیویّة السرد وتدفّقه، حیث إنّه «أنسب الأسالیب الّتي تلائم التعبیر عن الأفكار فالحوار لا مكان فيه عن الكلمة الزائدة» (الحكیم، 1973م: 148)، فـ«ینبغی أن یكون الحوار ملائما للشخصیّة ودالّا دلالة صادقة علی حقیقتها، ومن وظائف الحوار في القصّة أنّه یكسب السرد طابع الحیویّة ویجرده من الرتابة، والكاتب الجید هو الّذي یستخدمه لهذا الغرض الفنّي في الوقت والمكان المناسبین» (باقازی، 1402ق: 2)، هذا الحوار الّذي جری بین الضابط وزوجة راشد الّتي تخشی أن راشد الّذي یأتي إلی البیت لیس راشد الّذي تزوجته، لأن راشد الأصلي یقبّل خدود الأولاد الأیامن بدل الأیاسر، بینما هذا راشد في الحال(راشد المزیّف الشبیه في زعم زوجة راشد) یقبّل خدود الأولاد الأیاسر، ثم الحوار بین راشد وزوجة السائق الّتي تبحث عن زوجها المفقود المقتول، والّتي أجرت لراشد عملیّة التخفّي المطلوبة، ثمّ الحوار بین راشد والضابط الّذي یبحث عن راشد نتیجة الشك الّذي توجّه إلی راشد بأنه لیس راشد أصلا بل شبیهه السائق، فوجده، ثمّ أمر الشرطةإلقاء القبض على راشد، حتّی یذهبوا به إلی منطقة أسری الأمل 2 المسمّی بالزنزان، فعندما ذهبوا براشد إلی الزنزان بدأوا یعذّبونه، حتّی یعترف بأنه لیس راشد، ولكن راشد یصمد فيقول: إنه راشد أكثر من مرّة، ففي هذه اللحظة وصلت زوجة السائق في سیارة شرطة، فدخلت إلی قاعة لایوجد فيها سوی راشد، فجری الحوار بینها وبین الضابط سائدا الموقف الاستفهامي بینهما لکشف شخصیّة راشد: «- هل تعرفين هذا الشخص؟ - إنه زوجي؟ -كانت مطمئنة، ... . - إنه ممن تغیّر شكلُهم. - هذا صحیح؟ - وهل تغیّر ذلك قبل اختفائه أم بعد اختفائه. - أي اختفاء تقصد؟ - ... . لا، فقد قامت الحرب وفرض حظر التجوال، ... .» فساد موقف الشك هنا، حتّی توجّهت أسئلة الضابط إلی زوجة السائق لكشف شخصیة راشد بأنه أ هو راشد الحقیقي أو السائق الّذي تغیّر شكله، فصار شبیه راشد. ثمّ توجهت أسئلة زوجة السائق إلی راشد: «- لماذا تصرّ علی أنّك راشد؟، لأنّه لایرید أن یعترف بأنّه قتل راشد! علّق الضابط.» (نصرالله، 2016م: 333) فيقول راشد لزوجة السائق: إنّني راشد، بینما زوجة السائق والضابط یفكّران أنّه هو السائق لا راشد، لذلك علّق الضابط في جواب سؤالها: «لأنّه لا یرید أن یعترف بأنّه قتل راشد.» (نفس المصدر: 333) فالفعل المضارع «لا یرید» یدلّ علی نفي إرادة اعتراف السجین بأنّه قتل راشد قطعیّة ثابتة. واستخدام الاستفهام، والنبر الاستفهامي - الّذي حذفت أداة الاستفهام، ویفهم الاستفهام من سیاق العبارة - یدلّ علی المعنی الحقیقي في «- هل تعرفين هذا الشخص؟»، والتعجّب في «-إنّه زوجي؟» و«- أي اختفاء تقصد؟»، فیشیر الراوي في هذه القضیّة (قضیة الشبیهات) الّتي هي نفس الحرب الثانیّة لأولئک الّذي یعملون الشرور والزیوف والوحوش والافتراس بعیدا عن القیم الإنسانیّة المتصّفون بالکلب في افتراسهم ووحوشهم، إلی أحوال البشر في کلّ مکان وزمان لم یعد فیه البشر بقادر علی أن یمیّز الإنسان الّذي هو مقابله، أ هو أصله أو شبیهه؟، حتّی لم یؤدّ إلی قتل الشبیه مخافة قتل الأصل نتیجة الالتباس مع الشبیه. هذا المقطع المهمّ من الروایة أشار إلی صمود راشد - عندما کان شخصا مثالیّا - حول الضابط وزوجة السائق المفقود المقتول، عندما یفکّران أنه هو السائق الّذي یشبه راشد إثر اختراع التقنية الحديثة الّتي أبدعها راشد نفسه لأجل انتهازیّته في سبیل وصوله إلی المال. ثمّ تحوّل من هنا إلی متطرّف فاسد ومن أشد الموالین للنظام الحاکم، حیث تغیّر من السجین إلی السجّان بفضل الضابط، فطلب (الضابط) منه أن یشارک ببراعة معه في الاتّجار بالبشر، حیث هذا الاتّجار عنده یصیر حدثا اعتیاديّا بعیدا عن القیم الأخلاقیّة والإنسانیّة. «لم یعرف إن كان علیه أن یكون مسرورا لأن راشد أصبح یشبهه، أم یحزن أم یغضب.» (نفس المصدر: 44) لقد استعمل الراوي (إن) في الاستقبال في مستوی السرد لسرد الأحداث الروائية في أمر محتمل وقوعه بین أن یكون الضابط مسرورا أو محزونا أو مغضوبا، لأن راشد الّذي كان في الماضي ثوریّا عسكریا، ثم صار سلبیّا انتهازیا، أصبح یشبه الضابط الّذي قد كان أكثر الناس دهشا وإبهارا بما یحدث في قضیّة الأشباه الّتي قد أشبه راشد بالضابط. واستخدمها مع فعل ماض(كان) لینزل أمر غیر المحقق منزل أمر المحقق، لأنّ «(إن) لا یعدل عن المضارع إلی الماضی المؤذن بالتحقیق إلّا لاعتبار ما.» (جمعة، 2008م: 255) «إذا كان یبکي بین حین وآخر، خلال عمره، فإنه لایبكي في الحقیقة، لأنّ حزنا ألمّ به أو مأساة أصابته فقط، بل لأنّه یفتقد، دون أن یعي، ذلك الرحم الدافئ.» (نصرالله، 2016م: 90) فدخلت (إذا) علی الفعل الماضي (كان) وهو مستقبل من ناحیة التعلق الشرطي، لأن «إذا الشرطیّة تقلب الماضی إلی معنی المستقبل» (الدسوقی، ج2، بلاتا: 40)، فاستفاد الراوي من هذه المیزة في خدمة غرضه الروائي لیحقّق هذا الغرض. فلقد استعمل هذا في مستوی السرد لسرد الأحداث الروائية في أمر مقطوع وقوعه بین بكاء الانسان بین حین وآخر، فإنه في الحقیقة لایبکي، لأنّ حزنا ألمّ به أو مأساة أصابته فقط، بل لأنّه یفتقد، دون أن یعي، ذلك الرحم الدافئ.» (نصرالله، 2016م: 90) ولقد أراد الراوي الإشارة إلی مأساة الإنسان الحالي ویقول علی لسان راشد بیقین أن یمکن الناس أن یتأقلموا مع أسوأ الظروف في النهایة. في مقطع آخر أشار الراوي بتعذیب السجانین بواسطة النظام الدکتانور وتحقیرهم وإهانتهم: «أغلق فمك أیها الكلب.» (نفس المصدر: 279) لقد استعمل الراوي فعل الأمر (أغلق) في معنی الإهانة علی أساس مایقتضیه المقام وهو خطابه بالكلب في مستوی الحوار بین رجل الأمن الطیب ورجل الأمن الشریر. ویرید الإشارة إلی النظام الدیمقراطي الحاكم علی المجتمع الفلسطیني الّذي ترید السلطات الإهانة للكائن الإنساني جسدًا وروحًا، بما يجري فيه من التعذيب باستخدام وسائل شديدة القسوة. وفي مقطع آخر أشار الراوي إلی الاشتباک الشدید نتیجة قضیة الشبیهات وانتهازیة الشخصیات الروائیّة: «تعالت الأصوات في الخارج: إدفع ولننه المسألة.» (نفس المصدر: 300) لقد استخدمه الراوي فعلي الأمر(ادفع، لننه) في مستوی الحوار بین راشد والراصد الجوي في معنی الاستعلاء. ویرید الإشارة إلی أن الراصد الجوي یرتدي قمیصا أسود وبنطالا أبیض مثلما یرتدیهما راشد، فلأجل هذا حدث الاشتباك الشدید بین راشد والراصد الجوي وصاحب القمیص الاحمر، حتّی أمر صاحبُ القمیص الأحمر الراصدَ الجوي بالدخول في متجر الملابس واشتراء قمیصا أبیض وبنطالا أسود، نتیجة انتهازیته (أي: صاحب القمیص الأحمر) لوصوله إلی الأموال بذریعة حلّ القضیة، ... ثم صاح صاحب المتجر بأنّ علی الراصد الجوي اشتراء هذه الملابس المشار إلیها من متجره بثمن غال ودفع ثمنهما الغالي. فاستخدام الروائي هذین الفعلين یدلّ علی الاستبداد، مشیرا إلی عیوب الرأسمالیة التی حوّلت الإنسان إلی آلة اللاأخلاقیة لا تهتمّ إلا بالربح والمکاسب المادیة. «لاتنس أنّك لم تستخدم المطرقة بعد، والكهرباء و... .» (نفس المصدر: 288) هذا الموقف حول راشد الّذي بدأ حياته معارضا للسلطة السياسية، فیكون متّهما دائما، حتّی أطلق القبض علیه، فذهب إلی السجن للتعذیب، ثمّ تحوّل بعد ذلك من سجين إلى سجان ویكون مشاركا بارعا مع الضابط في الاتجار بالبشر، فهو ذو شخصية مزدوجة في الرواية، ففي البدایة کان شخصا مثالیّا معارضا لأنظمة الحکم – ربّما وفق مصالحه الاقتصادية -، ثمّ تحوّل إلی شخصیّة فاسدة انتهازيّة قام بالاتجار بالبشر مع الضابط، بوصفه (البشر) آلة یحصل بها علی المال والربح. فیشیر هذا المقطع إلی شخصیته المزدوجة. فإذا قال له الضابط: یجب علیه ضرب السجانین، وتعذیبهم مع أدوات التعذیب نحو السوط، والمطرقة والّتيار الكهربائي، ولکن یصمد راشد أمام طلب الضابط وتأكّد بأن لن یضربهم أبدا، فهذا یتبین لنا شخصیّته المثالیّة المعارضة لأنظمة الحکم. أمّا إذا کان الضابط یقنعه أن یعذّب المساجین، ویشارک معه في الاتجار بالبشر، فقبل، فهذا یتبیّن لنا شخصیّته المتطرفة الفاسدة الانتهازیّة. أمّا هذا أمر ضابط راشدَ بتعذیب المساجین مع وسائل التعذیب یشیر إلی الإهانة للكائن الإنساني جسدًا وروحًا، بما يجري فيه من التعذيب باستخدام وسائل شديدة القسوة. «ما هي إلّا لحظات حتّی عمّت الفوضی.» (نفس المصدر: 189) یسرد الراوي هذا في مستوی السرد لسرد الأحداث الروائية. وأشار إلی هروب أحد السجانین من السجن وهو یعرّف نفسه طبیبا للناس وفي هذه الحال صاح رجل من أحد ممرّات العالیة المطلة علی باحة المدخل بأنه نصّاب فلیس طبیبا، بل أنا طبیب، ثم صاح اقبضوا علیه، لكن أحد لم یتقدّم لتنفيذ المهمة، لأن رجلي الأمن كانا قد غادرا وهما یقتادان سلام إلی الخارج، ففي هذه الحال عمّت الفوضی. استعان الراوي بالنفي مع الاستثناء للدلالة علی أن تأكد بأن الفوضی عمّت فيها بقدر لمحة البصر. یمکن الإشارة إلی مأساة المجتمع الفلسطیني بسبب الفوضی الّتي حدثت إسرائیل الغاصبة علی المجتمع الفلسطیني. «ما هي إلّا لحظات حتّی تعالت الصرخات، وتناثر دم في الأجواء مشتعلا كقنابل الاضاءة.» (نفس المصدر: 301) أشار هذا المقطع إلی أن جار راشد لبس قمیصا أحمر شبیها بالرجل الآخر صاحب ذي القمیص الأحمر، حتّی هذا التشابه یتسبّب الفوضی والقتل، لأنّ الرجل ذي القمیص الأحمر یقول لجار راشد الّذي یلبس قمیصا أحمر أیضا: «إنّك یقلدني لیسخر مني» (نفس المصدر: 301)، فهذا سبب التشاجر والصرخات والقتل وتناثر الدم، ففي الحقیقة أشار إلی التقلید العشوائيّ الّذي یقلد بعض الناس بعضهم الآخر في الأفكار والعادات دون أن یفكروا حولها حتی یتسبب الفوضی والقتل. «بعد سبع ساعات من التعذیب، لم یعترف خلالها راشد بشيء غیر اسمه.» (نفس المصدر: 332) لجأ الراوي هنا لبیان ما یقصد إلیه إلی "غیر" الاستثنائیة بوصفه خیر أداة لإیصال غرضه إلی السامع في مستوی السرد لیسرد الوقائع الروائية. فأشار إلی أن یقول یصمد راشد أمام الاعتراف الّذي یرید الضابط أن یعترف بها راشد بأنه شخص آخر غیر راشد، أمّا إنّه لا یعترف بشیء إلّا اسمه بأنه نفس راشد لا شخص آخر، فلهذا فهم أنه نفس راشد، بینما فكر في السابق أنه شخص غیر راشد. فوصفه لبیان صفة لثبوت راشد. «إنّها مأساة یا سلام.» (نفس المصدر: 205) لقد وظّفها الراوي أداة (یا) بوصفها وسیلة إبلاغیّة وتواصلیّة وخطابیّة في مستوی الحوار بین راشد وزوجته سلام لالتفات الانتباه وطلب إقبال سلام علی راشد علی أن شباهة الناس بعضهم بعضا تعدّ مأساة، لأنّهم حزنوا علی فقدان وجودهم بوسیلة الشخص الّذي صار شبیها له، لأن الإنسان یمكن أن یتقبل وجود شبیه لغیره، ولكن لایمكن أن یتقبل وجود شبیه له، حتّی لایؤدّي إلی قتلهم کأصل بدل الشبیه، لأن قتل الشبیه لایتحقّق مادام الانسان لم یمیّز الأصل من الشبیه، فیمکن قتل الأصل بدل الشبیه. «لاتنس، [یا] سید راشد، أننا لم نستخدم أكثر من عشرة بالمائة فقط من قدرات هذا الاختراع.» (نفس المصدر: 154) لقد استخدم الراوي هذا في مستوی الحوار بین راشد والطبیب كوسیلة خطابیة وتقاربیة ویرید الإشارة إلی سفر راشد مع سكرتیرته إلی بلد آخر لرؤیة اختراع أجهزة طبیّة الموسومة بالأنبوب الطبّي الّذي یبدعه راشد والطبیب، هذا الجهاز الّذي مع عشرة أجهزة أخری، في عشر عواصم كبیرة، تملكها الشركة مباشرة لا المستشفيات. هذا المقطع یشیر إلی انتهازیة راشد حتی أجبره بالسفر لرؤیة هذا الجهاز وشراءه بقیمة باهظة لوصوله إلی المال واستخدامه في المستشفی الّذي یعمل فيه. «فشعرت كم كانت أسلافها غبیة حین أمضت حیاتها وفية للبشر!» (نصرالله، 2016: 46) لقد استخدم الراوي (كم) الخبریّة للدلالة علی الكثرة في مستوی السرد، ویرید الإشارة إلی انتقال راشد جیران أصحاب الملایین إلی جوف المدینة مع تزاید الأمراض وشیوع أمراض جدیدة خوفا من الفوضی والحیوانات وبالذات شرسة الكلاب الّتي ربّما تكون أدركت بذكائها مدی فظاعة أعمال الإنسان. 4- النتائج من خلال الدراسة المعنونة بـ«تبلور أفکار نصرالله من خلال الأسالیب التعبیریّة في روایة "حرب الکلب الثانیة" (دراسة جمالیة)» باستطاعتنا من الاستنتاج الإجمالي بما هو آت: 1- لقد استخدم الروائي الأسالیب التعبیریّة في الروایة 3406 مرة، فاستخدامه أسلوب النفي 52% أكثر من الأسالیب الأخری، ثمّ أسلوب الاستفهام بنسبة 24%، ثمّ أسلوب الشرط بنسبة 10%، فأسلوب النفي أكثر حضورا واستخداما في الروایة بالنسبة إلی الأسالیب الأخری، لیعبّر لنا الراوي عن الرؤیة التشاؤمیّةالحاكمة علی الروایة الّتي کان أکثر شخصیاتها سلبیّة انتهازیة جدّا، خاصّة بطل الروایة راشد الّذي کان شخصیّته ثوریّا مثالیّا معارضا للنظام الفاسد، ثمّ تحوّل إلی شخصیّة انتهازیّة فاسدة موافقة للنظام الفاسد المتجرة بالبشر مع الضابط نتیجة فساد المجتمع، فیستغلّ كلّ الفرص في تحقیق مصالحهها الاقتصادیّة الخاصّة الدالة علی الرؤیة التشاؤمیة للأنظمة الفلسطینیة الّتي تکون مصیرها في المستقبل سیادة الظلم والاستعمار والاندساس. فجاءت هذه الإحصائیّة من استخدام أدوات النفي المتنوعة لربط هذه الأدوات بالفكرة الأساسية التي أشار إلیها الروائي في روایته وهي انعدام الإنسانية في مجتمعات المستقبل وسيادة الظلم والقتل والاستبداد، حیث استخدام أدوات (لا، ولم، ولن) أکثر من الأدوات الأخری، فاستخدام أداة (لم: 36%) تتناسب مع الزمن الماضي الّذي کان بطل الروایة راشد ثوریّا مخالفا للنظام الفاسد السائد علی المجتمع، واستخدام أداتي (لا: 38%)، و(لن: 5%) تتناسبان مع زمن المستقبل الّذي یشیر فیه الروائي إلی انعدام الإنسانیة بأسرها في مجتمعات المستقبل، حیث ساد الظلم والعنف والقتل والاستبدادوالاندساس علی مجتمعات المستقبل إلی حد لایشمّ فیها إلّا رائحة العفونة والجراحة والقتل إهانة للكائن البشري جسدًا وروحًا، بما يجري فيه من التعذيب باستخدام وسائل شديدة القسوة. 2- أسلوب الاستفهام أبرز أسلوب جمالیّة وإفادة أسرار ولطائف جلیّة، فمنها إضفاء جمالیّة وتأثیر أعمق علی أذهان المتلقيین وإثارتها، وقد رأی الراوي أسلوب الاستفهام حقلا مناسبا للتعبير عمّا في صدره حول فلسطين وكلّ ما يدور فيها واحتلالها؛ ومن هذا المنظار یتردّد الراوي بین أغراض النفي، والنهي(شبه النفي)، والإنكار، والتعجب، والتوبیخ، والاستبعاد، والأمر متناسبة مع الفضاء المتشائمي السائد علی الروایة لانعكاس قضیة فلسطین، وهمومها الّتي یعانیها الشعب الفلسطیني. فأدوات(الهمزة، هل، وكیف) تتضمّن المعاني البلاغیّة أكثر من الأدوات الأخری، حیث خرجت أداة (الهمزة) في الغالب إلی معنی التعجّب، وخرجت أداة (هل) في الغالب إلی معنی النفي، والأمر، وخرجت أداة (كیف) في الغالب إلی معنی النفي والاستبعاد. فأخرج الراوي أسلوب الاستفهام في الغالب إلی غرضي النفي والإنكار، مصحوبين بالتعجب والتوبیخ، أكثر من سائر الأغراض، لأنهما يتناسبان هما والفضاء الروائي المتشائم الذي يسود الرواية لیظهر انتهازیّة الشخصیات الروائیة خاصّة بطل الروایة راشد الّذي لایعمل إلّا لمصالح نفسه. ثمّ یعدّ أسلوب الأمر والنهي أبرز جمالیّة بعد أسلوب الاستفهام، حیث خرجا في الغالب إلی معنی الاستعلاء الدالّ علی الاستبداد. 3- تتناسب الأسالیب التعبیریّة النحویّة مع مستویات اللغة الثلاثة وهي السرد والوصف والحوار في أكثر الأحیان، حیث تتناسب الأسالیب النحویّة الخبریّة في الغالب مع السرد لسرد الأحداث الروائیّة، ثمّ الحوار لتبادل الکلام کوسیلة حیویّة السرد وتدفّقه، حیث إنّه محلّ التخاطب، فیُعطي النصَّ الحواريَّ حیویّةً وتنوعّاً لایملّ المتلقي من قراءته فحسب، بل یجرّده عن الرتابة، ، ثمّ الوصف لوصف الأحداث الروائیّة. وتتناسب الأسالیب النحویّة الإنشائيّة في الغالب مع الحوار، ثمّ أحیانا مع السرد دون الوصف، لأن الوصف جزء من الخبریّة الّتي لاتتناسب مع الإنشائيّة. فأسالیب النفي، والشرط، والاستثناء، والكنایة، والتفضیل، والتخصیص، والتعجّب متناسب مع السرد، والحوار، والوصف في أكثر الأحیان. وأسلوبي الاستفهام، والأمر، والنهي، والنداء، والقسم تتناسب مع الحوار في الغالب، ثمّ أحیانا مع السرد، دون الوصف للسبب المشار إلیه. فلأجل هذا استخدم الراوي الأسالیب الخبرِیة في الغالب في مستوی السرد، لأنّها تتلائم هي وسرد الأحداث، واستخدم الأسالیب الإنشائيّة في الغالب في مستوی الحوار، لأنّ هذه الأسالیب محلّ الحوار والتخاطب. 4- وظّف الروائي فی هذه الروایة - لتبیین أفکاره أکثر وضوحا- کلّ التقنیات الروائیة وعناصرها متناسقة مع الأفکار والخصائص الأسلوبیّة في معظم النصوص الأدبية كالوصف لعرض مشاهد الأرض المحتلة فلسطین بوسیلة الغاصبتین أمریكا وإسرائیل، وکالتكرار كتكرار بعض الألفاظ والعبارات والأفكار لإثبات المفاهيم والدلالات المتنوعة المستفادة من التكرارات، وکالتشبیه لتشبیه المجتمع الفلسطیني بعد الانتكاسة إلی أفضع حالة، وأیضا الخصائص السیمائیة الّتي تعطي النصّ دلالة خاصة للقارئ للفهم الأصح والأجمل من النص السردي كالعناوین والأسماء الخاصة الّتي لكل منها – العناوین المتنوعة والأسماء- الدلالة الخاصة الّتي تظهر في خلال الروایة، وکالتناص كوسیلة لوصول المتلقي إلی الأغراض الروائية، وکالأمثال كوسیلة للإقناع، وکالروائح والألوان الّتي تمنح للقارئ الإحساس، حتی تكشف فضاء الروایة، كالأحمر في (صاحب القمیص الأحمر) للدلالة علی تناثر دم الشعب الفلسطیني والغضب، والعنف، وکالأصوات كأصوات الإنفجار والرصاصات والمسدسات والقنبلات للدلالة علی تخریب فلسطین، لأنّ الكلمات، والألفاظ علی حد تعبیر دي سوسیر السویسري مجرّد علامات أو إشارات للأشیاء، ولها دلالات رمزیّة، فمثلا فلكلّ من الضوء الأحمر والأخضر في إشارات المرور قیمته الدلالیة: فالأحمر یثیر معنی الخطر والدم والعنف، والأخضر یثیر معنی الأمل والاطمئنان والهدوء. فتحاول هذه الروایة أن ترسم الثورة علی الاستعمار والإرهاب والمحاولة لكسب حریة فلسطین نتیجة تحریك العواطف من خلال تناسق الألفاظ والأفکار والعناصر الروائیّة. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أحمد بدوي، أحمد. (لاتا). عبدالقاهر الجرجاني وجهوده في البلاغة العربیة. القاهرة: المؤسسة المصریة العامّة.
باقازي، عبدالله. (1402ق). القصّة في أدب الجاحظ. جدّة: تهامة.
الجرجاني، عبدالقاهر. (لاتا). دلائل الإعجاز. تعلیق: أبوفهر محمود محمّد شاكر. مكتبة الخانجي: مطبعة المدني.
جمعة، حسين. (2005م). جمالية الخبر والإِنشاء(دراسة بلاغية جمالية نقدية). دمشق: اتّحاد الكتاب العربي.
حسیني، عبدالله، تورج سهرابي. (2017م). النقد الأدبيّ ونظریاته. دمشق: تموزه.
الحكیم، توفيق. (1973م). فن الأدب. بیروت: دار الكتاب اللبناني.
خلیل، إبراهيم. (2011م). النقد الأدبي الحدیث (من المحاكاة إلی التفكیك). عمان: دار المسیرة.
دسوقي، محمد. (بلاتا). حاشیة الدسوقي علی المختصر(في ضمن كتاب شروح التلخیص). بیروت: دار الإرشاد الإسلامي.
رمضان، أسماء. (2018م). ساسة بوست: https://www.sasapost.com/dog-war-ii-cyberpunk-from-the-idea-of-human-brutality
السدّ، نورالدین. (2010م). الأسلوبیّة وتحلیل الخطاب(دراسة في النقد العربي الحدیث). الجزائر: دارهومة، ج1.
سهام، ألمي، لیندة حامد، فرید ثابتي. (2016م). مقارنة أسلوبیة إحصائیّة لقصیدة الوعد الحق للشاعر خلیفة بوجادي. جامعة عبدالرحمن. میرة - بجایة.
عطیّة، محسن علي. (2007م). الأسالیب النحویّة (عرض وتطبیق). الطبعة الأولی. عمان: دار المناهج.
القیرواني، ابن رشیق. (1981م). العمدة في محاسن الشعر وآدابه. تحقیق: محمد محي الدین عبدالحمید. بیروت: دار الجیل.
مجاهد، تامي. (2015م). جمالیّة النصّ الشعری في نهج البلاغة. أطروحة لنیل درجة الدكتوراه تحت الإشراف الدكتور أحمد مسعود. جامعة وهران – السانیا وهران – كلیّة الآداب اللغات والفنون: قسم اللغة العربیّة وآدابها.
مرتاض، عبدالملک. (1991م). خصائص الخطاب السردي لدی نجیب محفوظ. مجلة الفصول. المجلد التاسع. العدد الرابع.
مصطفی، فائق أحمد، عبدالرضا، علی الوادي. (2015م). في النقد الأدبي الحدیث(منطلقات وتطبیقات). عمان: دار الأیّام.
نصرالله، إبراهيم. (2016م). حرب الكلب الثانية. بیروت: دار العلوم ناشرون.
الهواري، أحمد إبراهيم. (1983م). نقد الروایة في الأدب العرب الحدیث في مصر. القاهرة: دار المعارف.
یقطین، سعید. (1997م). الكلام والخبر مقدمة السرد العربي. ط1. المركز الثقافي. بیروت: الدار البیضاء.
یوسف، آمنة. (2015م). تقنیات السرد في النظریة والتطبیق. مجلة الإبتسامة. بیروت: المؤسسة العربیة للدراسات والنشر.
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 420 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 178 |