تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,004 |
تعداد مقالات | 83,629 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,545,562 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,616,465 |
بناء الشخصية الروائية في "بقايا صور" لحنا مينة و"جاي خالي سلوتش" لمحمود دولتآبادي وفقا لهرم ماسلو للحاجات | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
دوره 12، شماره 47، آذر 2022، صفحه 63-88 اصل مقاله (344.97 K) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کبری فروتن1؛ علی اصغر حبیبی* 2؛ عبدالباسط عرب یوسف آبادی3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1طالبة الماجستیر في اللغة العربية وآدابها، جامعة زابل، زابل، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة زابل، زابل، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
3أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة زابل، زابل، إیران | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
سيكولوجية الشخصية من الموضوعات الأساسية في علم النفس، حيث يتمّ تحديد السمات والعوامل التي تؤثّر على عمليات التفكير والعاطفة والسلوك البشري الطبيعي أو غير الطبيعي، ويتمّ تحليل أسباب السلوك البشري في المواقف المختلفة. حتى الآن، تمّ اقتراح العديد من النظريات فيما يتعلق بعلم نفس الشخصية، ومن أبرزها نظرية هرم أبراهام ماسلو نظرًا لتأكيدها على مراحل تطور الشخصية بناءً على الاحتياجات البشرية الخمسة (الفسيولوجيا، والأمن، والاعتماد، واحترام الذات، وتحقيق الذات). يعتقد ماسلو أن عملية تلبية الاحتياجات البشرية لها عملية هرمية تعتمد على الإشباع النسبي للاحتياجات السابقة. بالاعتماد على المنهج الوصفي-التحليلي والنهج المقارن متعدد التخصصات، تحاول الدراسة الحالية فحص نمو كل شخصية في روايتي "بقايا صور" لحنا مينة و"جاي خالي سلوتش" لمحمود دولتآبادي، بالإضافة إلى تحليل الأبعاد النفسية وأبعاد النمو المختلفة، وتتناول مرحلة الاحتياجات الفسيولوجية إلى مرحلة تحقيق الذات وتأثير العوامل المختلفة خلال كل مرحلة. أظهرت النتائج أنّ أية من الشخصيات في الروايتين لم تصل إلى مرحلة تحقيق الذات بل وحتى احترام الذات التام؛ ومع ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أنه في رواية "جاي خالي سلوتش" كانت هناك ظروف اجتماعية واقتصادية وأمنية مؤاتية لشخصيات الرواية أكثر من "بقايا صور"؛ لذلك، تمّ توفير منصة مناسبة نسبيًا لمراحل ماسلو التحفيزية لشخصيات هذه الرواية. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
سيكولوجية الشخصية؛ إبراهام ماسلو؛ الاحتياجات الخمسة؛ "بقایا صور"؛ "جاي خالي سلوتش" | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إن موضوع الشخصية من أهم موضوعات علم النفس لأن من يريد تناول دراستها فهو في الحقيقة يتناول دراسة الشخص بكل جوانبه الجسمية، والانفعالية، والعقلية، والاجتماعية، وما يتعلق بهذه الجوانب من أنشطة ذهنية وحركية واتجاهات نفسية واجتماعية تتعلق بتفاعل الشخص مع بيئته كما أنه يتناول الشخص والعوامل المؤثرة في نموه. (السامرائي، 1988م: 19) فدراسة الشخصية تعد المصدر الرئيس لمعرفة مظاهر السلوك البشري لأن موضوع الشخصية لا يقتصر علی البحث فيما نحن عليه، وإنّما ما يجب أن نكون عليه. ومن هذا المنظور فإن الشخصية من أعقد الظواهر التي تعرض علم النفس لدراستها. ومما لا شك فيه أن ما يحمله الفرد من مفهوم حول ذاته له دور كبير في تحديد سلوكه وشخصيته، حيث أن مفهوم الذات هو الذي يميز الإنسان عن غيره من الكائنات، فالإنسان هو الوحيد الذي يمكنه إدراك ذاته، وحتی نستطيع فهم شخصية الإنسان. إشکالیّة البحث ارتكز النقاد النفسيون على الأسس والآليات التي تساعد على الربط بين علم النفس وبين العمل الإبداعي الذي يتفرع منه الأدب، باعتباره الثمرة الناجمة عن السلوك الإنساني الذي يقوم اللاوعي بتوجيهه وتحريكه حيث أن العملية الإبداعية موهبة نفسية ذاتية وهذا بدوره يفسر سبب تفاوتها بين فرد وآخر. (العصيلي، 2019م: 1718) عرفت الساحة الأدبية في الفترة الأخيره انتشارا واسعا في مجال الرواية لأنها سجل المجتمع البشري كونها تطرح القضايا الاجتماعية بطريقة فنية لتعالج الإشكاليات الفكرية والنفسية، فنجد نظريات السرد الحديثة اهتمت اهتماما كبيرا بالدراسه مكونات الرواية، ومن أبرزها الشخصية بوصفها جزء لا يتجزأ من العملية السردية. لقد تعددت وجهات نظر النقاد إلی الشخصية في النص السردي وتباينت رؤاهم ومزاعمهم، فظهرت اهتمامات كبيرة بالشخصية الفنية وبدت نظريات أكاديمية تدرس الشخصية من وجوه نفسية مختلفة، ومن هؤلاء المنظّري ابراهام ماسلو (1908-1970م) عالم نفس أمريكي اشتهر بنظريته التي تسمّی بـ"هرم ماسلو للحاجات". تَتبع هرمُ ماسلو فرعَ علم النفس التنموي الذي يدرس تطوّر ونمو الإنسان خلال المراحل المختلفة من حياتِه. وتناقش هذه النظرية ترتيب حاجات الإنسان ووصف الدوافع التي تُحرّكه؛ وتتلخص هذه الاحتياجات في: الاحتياجات الفسيولوجية، واحتياجات الأمان، والاحتياجات الاجتماعية، والحاجة للتقدير، والحاجة لتحقيق الذات. يعتقد ماسلو أن الفرد الذي يعاني لفترات من عدم إشباع الحاجات الفسيولوجية (الحاجة إلى التنفس، والـطعام، والماء، والجماع، والإخراج، والنوم) قد يرغب في المستقبل عندما يصبح قادراً أن يشبع هذه الحاجات في أن يشبعها بشكل مفرط. تظهر الحاجة إلی الأمان، وذلك بعد إشباع الحاجات الفسيولوجية، وهي تشمل علی السلامة الجسدية من العنف والاعتداء، والأمن الوظيفي، وأمن الإيرادات والموارد، والأمن المعنوي والنفسي، والأمن الأسري، والأمن الصحي، وأمن الممتلكات الشخصية ضد الجريمة. وفي بيان الاحتياجات الاجتماعية (العلاقات العاطفية، والعلاقات الأسرية، واكتساب الأصدقاء والبشر) يشير ماسلو إلی أن البشر عموما يشعرون بالحاجة إلى الانتماء والقبول، سواء إلى مجموعة اجتماعية كبيرة أو الصلات الاجتماعية الصغيرة، والحاجة إلى الحب من الآخرين، وفي غياب هذه العناصر الكثير من الناس يصبحون عرضة للقلق والعزلة الاجتماعية والاكتئاب. أما الحاجة للتقدير فهي تركز على حاجات الفرد في تحقيق المكانة الاجتماعية المرموقة والشعور باحترام الآخرين له والإحساس بالثقة والقوة. وفي الحاجة لتحقيق الذات يحاول الفرد من خلال تعظيم استخدام قدراته ومهاراته الحالية والمحتملة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات لتحقيق ذاته. (محيسن، 2020م: 572-576) يعدّ مجال الأدب القصصي أحد المجالات الأدبية التي تتمتع بقدرة جيدة على تطبيق نظريات الشخصية. وفي الوقت نفسه، نظرًا للنطاق الواسع في معالجة الشخصيات القصصية، فإن النوع الجديد لديه أكبر قدرة على تنفيذ أنماط علم نفس الشخصية. في هذه الدراسة تم محاولة إجراء دراسة مقارنة لروايتي "بقايا صور" لحنا مينة و"جاي خالي سلوتش" لمحمود دولتآبادي بناءً على نموذج أبراهام ماسلو. سبب اختيار هاتين الروايتين هو الموضوع المشترك، والمضمون، ومكان حدوث القصتين، وكذلك التشابه في هرم احتياجات ماسلو؛ بطريقة تجعل موضوع الروايتين هو سرد الفقر الذي يحكم معيشة القرويين وصورة المشقات والصعوبات التي يتحملونها. تجري أحداث الروايتين في بيئة ريفية وفي أسر فقيرة. في كلتا الروايتين، يترك الوالد الأسرة لتلبية الاحتياجات الاقتصادية لها وكسب لقمة العيش، وتضطر الأم للعمل جنباً إلى جنب مع الرجال بشكل لا يستهان به. ومن أوجه التشابه الأخرى بين الروايتين هي بحث احتياجات الشخصيات ومدى إزالتها أو قمعها؛ وفقًا لنموذج ماسلو، نظرًا لانتشار الفقر المدقع والمشاكل الاقتصادية، تظل شخصيات كلتا القصتين تقريبًا في نفس قاعدة الهرم، أي الاحتياجات الفسيولوجية، ولا تتاح لها الفرصة للتقدم والوصول إلى المراحل العليا من الهرم. هدف البحث الهدف من هذه الدراسة هو إجراء بحث مقارن ومتعدد التخصصات على شخصيات الروايتين بناءً على هرم ماسلو للحاجات الخمس. أسئلة البحث لتحقيق هدف البحث سنحاول الإجابة عن الأسئلة التالية: - وفقا لهرم الحاجات لأبراهام ماسلو، إلى أي مدى تمكنت الشخصيات في روايتي "بقايا صور" لحنا مينة و"جاي خالي سلوتش" لمحمود دولتآبادي من تلبية احتياجاتها؟ - وفقا لهرم الحاجات لأبراهام ماسلو، ما هو القاسم المشترك بين الشخصيات في الروايتين في تلبية احتياجاتها؟ - وفقا لهرم الحاجات لأبراهام ماسلو، ما هي أوجه الاختلاف بين الروايتين في تلبية الاحتياجات الخمسة للشخصيات؟ فرضيات البحث
- إن الشخصيات في "بقايا صور" و"جاي خالي سلوتش" أفضل حالا في تلبية احتياجاتها البيولوجية والأمن وغير قادرة على تلبية الاحتياجات في المستويات الأعلى. - لم يكن لدى أي من الشخصيات في الروايتين الفرصة للتعبير عن الحاجة إلى تحقيق الذات؛ وهكذا، لم يصل أي منهما إلى ذروة الهرم في نظرية ماسلو. - يكون تواتر الحاجات الواردة في رواية "بقايا صور" أعلى من تواترها في رواية "جاي خالي سلوتش"، لكن هذه الحاجة تتجلى أكثر فأكثر في "بقايا الصور". خلفية البحث من خلال قراءاتنا للمصادر التي تعيننا في إنجاز هذه الدراسة والتي تناولت موضوع دراسة الشخصية في الأعمال الأدبية وفقا لمنهج ماسلو، نشير إلى أهمها: تطرق بهرور (1388ش) في مقال بعنوان «قراءة سيرة مولوي وفقًا للتسلسل الهرمي لاحتياجات ماسلو» لحياة مولوي وأعماله ويخلص إلى أنه يمكن فحص حياته وأفكاره بناءً على نظرية ماسلو. نشر محمدمهدي شريعت باقري (1391ش) مقالاً بعنوان «دراسة مقارنة لنظريات الرومي وماسلو حول الإنسان المثالي» ويقارن فيه نظريات وأفكار الرومي وماسلو في هذا المجال، وقد خلّص إلى أن كلا المفكرين، على الرغم من المسافة الزمانية والمكانية البعيدة والأصول الفكرية المختلفة، لكنهما يعتقدان أن تحقيق الكمال البشري ممكن للجميع. توصلت زينب نوروزي وآخرون (1391ش) في مقال «دراسة شخصية بهرام في الكواكب السبعة حسب نظرية ماسلو» توصلوا إلى استنتاج مفادها أن أساس تفكير نظامي في هذه القصة، هو الكمال والتميز وتحقيق الذات التدريجي لشخصيات القصة خاصة بهرام غور في البعدين المادي والروحي. ويتفق نهج نظامي گنجوی هذا مع نظرية ماسلو. قام داودنيا وآخرون (1393ش) في مقال بعنوان «نقد شخصية كيخسرو استنادًا إلى نظرية أبراهام ماسلو» بفحص حياة كيخسرو وفقًا لنظرية ماسلو للاحتياجات وخلصوا إلى أن كيخسرو هو شخص مثالي ويعتبر من الأفراد العصاميين الذين حققوا ذاتهم. فاطمة بركات وسعيد حاتمي (1395ش) في مقال «تحليل الشخصيات الرئيسة في عشر قصص قصيرة لصادق هدايت على أساس نظرية ماسلو» توصّلا إلى أنه لم يتمّكن أي من أبطال القصص من تحقيق الذات من خلال التغلب على حواجز بيئتهم المعيشية، وهذه الحقيقة تشير إلى انتشار الفوضى في المجتمع الإيراني في فترة حياتهم. قام ركزة وآخرون (2016م) في دراسة بعنوان «أهمیة قیاس الشخصیة في علم النفس وبعض المشكلات المؤثرة فیه» بفحص أهمية اختبارات الشخصية في علم النفس وخلصوا إلى أن اختبارات الشخصية تسعى إلى هدفين رئيسيين. أولاً، الأهداف التنموية (تحديد المتغيرات ومفاهيم نظرية الشخصية)، والثاني، الأهداف العلمية المقارنة (اتخاذ القرار المناسب في المواقف المختلفة فيما يتعلق بأنواع مختلفة من الشخصية). تم العثور على بعض الأبحاث عن نقد روايتي "بقايا صور" و"جاي خالي سلوتش" والتي تميل إلی دراسة البنية الروائية لهما دون أن تنظر إليهما دراسة سردية مقارنة. فعلى ضوء ما تقدم، لم يتوصّل الباحثون لحدّ الآن إلى دراسة مستقلة تتناول الشخوص للروايتين دراسة مقارنة وفقا لمنهج إبراهام ماسلو. وعلى هذا تُعتبر هذه الدراسة أولَ بحث أكاديمي مقارن عن الروايتين. منهجيّة البحث المنهج الذي طبقناه في هذا المقال هو المنهج الوصفي-التحليلي والذي ينتمي إلی المدرسة الأمريكية في الأدب المقارن حيث لا تشترط التفاعل الأدبي بين النموذجين، خلافاً للمدرسة الفرنسية وهي تعتمد علی التأثير المتبادل بين الأدبين. الإطار النظري تُعتبر نظرية إبراهام ماسلو (Abraham Maslow) نظرية سلوكية يمكن من خلالها المعرفة لطبيعة الدوافع السائدة لدی كل شخص والظروف التي يعيشها. لهذه النظرية أهمية خاصة بين الرؤى المكتسبة من حركة العلاقات الإنسانية في الإدارة في الفترة التي تزامنت مع الكساد الكبير الذي واجهه الغرب. ومع أن نظرية ماسلو تُعد من نظريات المحتوى للدافعية فهي تصف ماهية السلوكيات المحفزة وتتعامل بشكل أساسي مع ما يجري داخل الفرد أو بيئته وتعزز سلوك الفرد؛ «بمعنى آخر، تمنح هذه النظريات المدير نظرة ثاقبة لاحتياجات موظفيه وتساعده على معرفة ما يقدره الموظفون كمكافأة أو إرضاء وغيرها.» (شولتس، 1375ش: 217) رتّب ماسلو هرماً من الحاجات الإنسانية ترتيبا تسلسليا، واعتقد أن الشخص يصبح راضيا عند أي نقطة معينة إذا ما تم الوفاء باحتياجاته. (الطويل، 1999م: 189) يبدأ هرم ماسلو بالاحتياجات الأساسية كالغذاء والأمن والتقبل، وعندما تشبع يصل الفرد إلی الحاجة إلی تحقيق الذات. والشكل التالي يشرح المراحل التي يتبعها الشخص لكي يصل إلی أعلی مستوياته: (محييالدين، 1988م: 52) يعتقد ماسلو أن «أولويات الإنسان من الاحتياجات لها تسلسل هرمي يتأثر فيه سلوك الأفراد في لحظات معينة بالاحتياجات الأكثر ضرورة. عندما تبدأ الاحتياجات في الإشباع، تظهر لدى الشخص رغبات في تحقيق مستوى آخر من الحاجات هي التي تحفّز سلوكه. وهذه الاحتياجات تبلغ ذروتها خلال التدرّج حتى نهاية السلم وهكذا تعطي دورها إلى ما بعدها.» (سپهري، 2022م: 14) إن هذه الاحتياجات من وجهة نظر ماسلو فطرية ذاتية إلا أن طريقة إشباعها مكتسبة «من المؤكد أن تلبية احتياجات قمة الهرم تتطلب تلبية احتياجات آسفله.» (گنجي، 1389ش: 164) على سبيل المثال، الشخص الذي لا تُشبع احتياجاته الفسيولوجية يتردد في إشباع الحاجة إلى التقدير والاحترام، وتتركز معظم أنشطته على هذا المستوى، وبقية الاحتياجات تمنحه القليل من الحافز. (سپهري، 2022م: 15) أظهر ماسلو أن تحقيق الذات له مكانة عالية في التسلسل الهرمي من بين الدوافع البشرية؛ فهو فوق الدوافع البيولوجية، من الحاجة إلى الشعور بالأمان وحتى الحاجة إلى الحب. «يعتقد ماسلو أن الحافز السائد لدى الإنسان هو احتياجات النقص التي تبنع من شعوره بالنقص؛ لكن تحقيق الذات هو من احتياجات النمو لإشباع القوة الإيجابية في الوجود. ووفقا لماسلو، على الرغم من أن تحقيق الذات يعتبر نزعة فطرية، إلا أنه دافع ضعيف مثل الهمس في الداخل أو الصوت الهادئ، لذلك من الأفضل أن تكون حساساً لهذا الصوت الهمس أو الصوت الهادئ.» (فرانك، 1370ش: 120)
الاحتياجات الفسيولوجية (Physiological Needs) هي الاحتياجات الأساسية التي تأتي في قاعدة الهرم والتي لا يمكن العيش بدونها، مثل الماء والتنفس والطعام والمأوى والنوم والجماع. (Feist & Gregory, 2017: 281) ومن المهم تلبية جميع الاحتياجات الفسيولوجية حتى يمكن الانتقال إلى مستوى متقدم من الاحتياجات في الهرم، فعلى سبيل المثال يصعب الشعور بالانتماء الاجتماعي إذا كان الشخص يعاني من الجوع. (محيسن، 2020م: 574) ينطلق الإنسان إلی هذه الاحتياجات بلا وعي منه، وإذا لم يجدها فإنه ربما يتنازل عن حاجاته الأخرى، فمثلا إذا لم يجد الإنسان ما يأكله ويشربه فهو قد يسطو على الناس، يسرقهم أو يقتلهم أو يتسول في الطرقات ولا يهمه أن يعرض نفسه للخطر أو أن يفقد احترام الناس أو أن يخسر علاقاته بهم. (عمران والآخرون، 2021م: 135) وفيما يلي بعض هذه الحاجات مع أمثلة من روايتي "بقايا صور" و"جاي خالي سلوتش": الطعام: إن حاجة الإنسان إلى الطعام لا تعني إملاء المعدة، وإتخامها بالمأكولات، والمشروبات الكثيرة، بل هو لمد الجسم بالغذاء اللاَّزم، ولتجديد القوة، والطاقة المستهلكة، ولبناء ما تلف من خلايا وأعضاء، ولتأمين نمو سليم، ولبناء جسم صحيح. إن أولئك الذين حرموا من الطعام لفترة طويلة يركزون بشكل كامل على هذا النقص. يصبحون منشغلين بالطعام وحتى أنهم يحلمون بالطعام. إن انشغال هؤلاء الناس بأنشطة أخرى مثل إصلاح السقف وشراء السيارات أو الخروج مع الأولاد والسفر يتضاءل تدريجياً. باختصار، عندما لا يتم تلبية جوع الناس، فسوف يكونون أقل اهتمامًا بالاحتياجات الأمنية والحب والاحترام والاتجاه نحو تحقيق الذات وازدهارها. (رايكمن، 1393ش: 447) يعتقد ماسلو أن إشباع حاجة الأكل لا يؤدي إلی احتياز هذه الحاجة إلی حاجة الأمن؛ بل «الإفراط في إشباع هذه الحاجة يصل إلی حد النهم والشرامة، وهذا مما يؤخذ عليه حيث لا يعيّن كيف نقيس كمية الإشباع التي يجب أن يتحقق في مستوی معين حتی تصبح الحاجة التي تقع في المستوی الأعلی منها، بارزة وتطلب الإشباع هي الأخری.» (عبدالرحمن، 1998م: 457) تظل معظم الشخصيات في الروايتين على مستوى الاحتياجات الفسيولوجية، وأهمها الغذاء، وبسبب الظروف الاجتماعية غير المواتية وقلة الدخل الكافي، فإنها تفشل في تلبية هذه الحاجة إلى الحد المطلوب. في رواية "بقايا صور"، يصعب أحيانا توفير الضروريات الأساسية للحياة بحيث يضطر الناس إلى القيام بأشياء غير سارة. عندما ينشغلون في تلبية الاحتياجات الأساسية، لا تتاح لهم الفرصة للتفكير أو تلبية احتياجات المستوى الأعلى. تتمثل محاولتهم الوحيدة في البقاء على قيد الحياة: «فالآخرون يملكون شيئًا ما علی الأقلّ، لديهم الطحین لأجل الخبز. أمّا نحن فجیاع، ولكي لا نموت جوعًا كان والدنا قادرًا علی الارتكاب جریمة العصیان، بل السرقة والقتل.» (مينة، 2008م: 172) في بعض الأحيان، يصبح الوضع صعبًا لدرجة أن أم الأسرة اضطرت إلى التسول للحصول على الطعام لإطعام أطفالها، وهو ما ينتهك بلا شك احترامها.كانوا يعيشون في بستان الإقطاعي بسبب ديونهم. في البداية، أعطاهم الإقطاعي طعامًا ليأكلوه، لكن عندما زادت ديونهم ولم يتمكنوا من السداد، قطع الإقطاعي عنهم الطعام: «هي شحذت لنا حضنات من الطحین علی الأرجح. فعلت ذلك خفیة، وقد رأیناها تذهب عبر الحقول إلی بیوت الجیران وتعود وفي ذیل فستانها صرّة صغیرة.» (نفس المصدر: 131) وفي رواية "جاي خالي سلوتش"، في كثير من الحالات، من الصعب تلبية الحاجة إلى الغذاء، وهي أول حاجة للبقاء على قيد الحياة. عباس، الابن الأكبر للعائلة، الذي يريد الذهاب إلى السهول لجلب القطن، يخاطب والدته مرجان ليطلب الخبز: «نمیشنوی؟ نان! میخواهم بروم به پنبه چوب وركشیدن/مرگان سربرگرداند و گفت:/- ته ناندان كه نان بود./آنها را كه خوردم./مرگان ماند:/-خوردی؟! همهاش را؟ پس خواهر و برادرت چی؟ سر بابات را بخورند؟؟/عباس نعره كشید:/-همهاش مگر چقدر بود؟ از خوراك یك بزغاله هم كمتر بود!/مرگان به نعرة پسرش پاسخ داد:/-میگویی چكار كنم؟ خودم را نان كنم؟ نیست! نمیبینی؟» (دولتآبادی، 1361ش: 27-28) في هذا الجزء من الرواية، في محادثة تجري بين مرجان وابنها الأكبر عباس، يمكننا ملاحظة أنهما بالكاد يستطيعان تلبية الحاجة إلى الطعام، وهي الخطوة الأولى لتحفيزهما على الانتقال إلى تلبية احتياجات أخرى. في هذا الجزء، يُلاحظ أنه بسبب نقص الطعام، تتوقع مرجان وجبة صغيرة لا تكفي لشخص واحد ليتم تقسيمها على عدة أشخاص. اللباس: يُعتبر اللباس من الحاجات الأساسية لحياة الإنسان، و ذلك ما دفع به إلى التفكير في كيفية الحصول عليه، ابتداء من أوراق التين أو التوت التي استعملها في بداية حياته و الملفوفة حول وسط الجسم و التي اتخذها الإنسان لستر عورته حين أحس بالتعري و حاجته إلى وقاية جسده. لم تقتصر أهمية الملابس على ضمان استمرارية حياة الفرد، بل امتدت كذلك لتحظى بوظائف اجتماعية وثقافية، فأصبحت تميز بين الفرد وقرينه، وتشير إلى حالته الاجتماعية وطبيعة عمله. يتم تلبية هذه الحاجة، مثل الاحتياجات الفسيولوجية الأخرى، إلى حد ما، وليس بشكل كامل وإلى الحد الذي يمكن للأفراد الصعود فيه إلى مستويات أعلى دون تعارض. في رواية "بقايا صور"، يلجأ الأب إلى صناعة الأحذية بعد أن عجز عن كسب لقمة العيش من عمل الإسكافي. يقترح على القرويين صنع الأحذية لهم باستخدام إطارات مطاطية مقعرة وقوالب خشبية، وبسبب الظروف غير الملائمة ونقص الشروط والمعدات اللازمة لحياة القرويين، فإنهم يقبلون هذا العرض بدافع الضرورة، وهو ما لا يؤدي في النهاية إلى أي نتيجة: «إنَّ مطاط الدولاب المقعّر سیغدو نعالًا مقعّرة لأحذیة لا تلبس. ومقاسات الأرجل لا تنضبط لمجرّد أنّ ثمّة بعض القوالب الخشبیة التي احضرها لها وقد نُكب الفلاّحون الذین غامروا بتوصیة الوالد علی جزمة أو صرمایة.» (مينة، 2008م: 262) في جزء آخر من الرواية، فيما يتعلق بعدم تلبية احتياجات الملابس للشخصية الروائية، ورد ما يلي: «أواخر الربیع ظهر انتفاخ في بطن الوالدة. كنت قد رأیتها تقص ثیابًا عتیقة وتخیط منها، بإبرة في یدها، ثیابًا صغیرة. وقالت لي إنَّه سیكون لي أخ، وإنَّه سیأتي یومًا من مكان مجهول، ولا نشعر به إلّا وانَّه بیننا في البیت.» (نفس المصدر: 314). في رواية "جاي خالي سلوتش"، وبسبب الظروف الاجتماعية الصعبة وقلة الوظائف والدخل الكافي، لم يكن الناس قادرين على تلبية هذه الحاجة. معظم الشخصيات في الرواية تمتلك ملابس ممزقة لا تكاد تنقذ أجسادها من العري. يتم إنفاق الأموال القليلة التي تكسبها شخصيات الرواية على الطعام، ومن المحتمل أن تكون هناك فرصة ضئيلة للغاية لشراء ملابس جديدة: «پاپوش و گیوهای هم به پا نداشت تا صدای رفتنش را مرگان بشنود. سلوچ ژنده، بیپاپوش و كلاه، كپان خر مردهاش را روی شانههایش میكشید و در این خش كه سرما كه یوز در آن بند نمیآمد، گم میشد.» (دولتآبادی، 1361ش: 11) لا يرتدي سلوتش حتى حذاءاً في قدميه ويخرج من المنزل حافي القدمين ويضع سرج حمار على كتفه بدلاً من الملابس. يعد انعدام وجود الملابس المناسبة علامة على سوء الأحوال الاجتماعية وعدم قدرة الناس على تحقيق ظروف جيدة. كان يرفض أي تواصل مع العائلة والأصدقاء حتى أنه هجر عائلته وقريته في أحد الأيام دون علم. الصحة: تشمل الرعاية الصحية المجتمع وتتمحور حول احتياجات وأولويات الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية، و تتناول الصحة والرفاهة بجوانبهما البدنية والنفسية والاجتماعية الشاملة والمترابطة. وجوهرها هو توفير الرعاية للشخص ككل فيما يخصّ الاحتياجات الصحية طوال الحياة، ولا تقتصر على مجموعة من الأمراض المحدّدة. تضمن الرعاية الصحية الأولية حصول الأشخاص على رعاية شاملة، تتراوح بين الإرشاد والوقاية إلى العلاج وإعادة التأهيل والرعاية الملطِّفة كأقرب ما يمكن إلى بيئة الناس اليومية. وترتكز الرعاية الصحية الأولية على التزام بالعدالة الاجتماعية والإنصاف وعلى الاعتراف بالحق الأساسي في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه. التمتع بالصحة هو عامل مهم آخر في الصعود من الاحتياجات البيولوجية إلى المرحلة الثانية من هرم ماسلو، أي الاحتياجات الأمنية. الشخص المريض لا يهتم بالأمان أو الحب أو الاحترام؛ بل يقضي كل وقته أو جزءاً كبيراً منه على صحته. يعتبر المرض في "بقايا الصور" من العوامل التي تمنع ازدهار الذات. عندما يمرض أحد الشخصيات في هذه الرواية، يستمر مرضه، ومع العديد من الأسباب الأخرى، يصبح من الصعب جدًا تحقيق ازدهار الذات: «وبعد شهر ا كتشفت الأمّ أنّ أختنا الصغیرة العمیاء. كان غطاءان أبیضان علی البؤبؤین، قالت الأمّ: «علی عیون أخت كم زهرة» ولم ندرك ما هي الزهرة، ومع ذلك شاركنا الأمّ في حزنها القاصم هذه المرة، وصرنا نفعل كما تفعل.» (مينة، 2008م: 316) بعد أن يقوم والد والد حنا مينة بهجرهم تحت شجرة تين ويبحث عن عمل مناسب. بسبب العيش في مكان مليء بالتلوث، تمرض أم حنا مينة. لأنه لا يوجد دواء جيد، يحاول القرويون معالجتها بأساليبهم التقليدية: «وكانت الوالدة، وهي مستلقیة تحت التینة الملعونة ترسلنا، أختي وأنا، لنستطلع حال الوالد، وما إذا كان یعمل شیئًا، وكنّا نذهب إلیه ونجده عاطلًا فلا یلبث أن یأمرنا بالعودة ألی الوالدة المریضة التي قد تحتاج إلینا.» (نفس المصدر: 244) من العوامل التي تدفع مرجان إلى التفكير والتركيز في رواية "جالي خالي سلوتش" تعرض صحة أطفالها للخطر. يمرض ابروا لأنه لا يحصل على ما يكفي من الطعام. كما يصاب عباس بالشك ويكتئب لأنه تعرض للهجوم من قبل جَمل مخمور: «دلگیر و آزرده از خمنالههای پسر، مرگان در خود میپیچید و می كوشید خوددار بماند. كاری باید میكرد. پس، چراغ موشی را از طاقچه برداشت و به پستو رفت، از سوراخ سمبههایی كه تنها مادران خانه به آن آشنایند دو سه جور علف خشك بیرون آورد، در هم كفمال كرد و به كتری ریخت تا بجوشاند و به خورد ابروا بدهد. ناخوش بیماری برای مرگان چیز تازهای نبود تا بتواند او را از كوره بهدر كند. مرگان با آن بزرگ شده بود و باور میداشت كه با آن پیر خواهد شد و دست در دستش به گور خواهد رفت.» (دولتآبادی، 1361ش: 72) يمرض ابروا نجل مرجان، وينصب تركيز مرجان بالكامل على كيفية تحسن طفلها. المأوی: إن المأوی بناء أو مكان طبيعي، يوفر الحماية من الظروف الجوية الرديئة أو الأخطار أو الآفات الحشرية. ويحتاج الناس للمأوى ليقيهم من الزمهرير وشدة الحرارة والأمطار والثلوج والعواصف. يُعد المأوى آليةً حيوية للبقاء على قيد الحياة في أوقات الأزمات أو النزوح، وهو أيضاً عنصر أساسي لاستعادة الشعور بالأمان الشخصي والتمتع بالاكتفاء الذاتي والكرامة. يتمثل جزء أساسي من مهامنا المتعلقة بالحماية في ضمان الوصول إلى المأوى الملائم خلال حالات الطوارئ الإنسانية. (راجع: رایكمن، 1393ش: 449) المأوى هو المكان الذي يشعر فيه المرء بالأمان. يتم إشباع الشعور بالميل إلى هذه الاحتياجات فقط عندما يتم تلبيتها بالكامل. كلما تمت تلبية الاحتياجات المنخفضة المستوى، زاد تحرك البشر نحو احتياجات أعلى. امتلاك المأوى هو أيضًا أحد الاحتياجات الأساسية. لقد تمت تلبية الحاجة إلى المأوى، مثل غيرها من الاحتياجات في رواية "بقايا صور" و"جاي خالي سلوتش"، إلى حدٍّ ضئيل فحسب. يتم التعبير عن الحاجة إلى المأوى في الروايتين في أبعاد التشرد والمأوى غير اللائق. يعد الحصول على سكن لائق ومأوى آمن من أهم الأشياء الضرورية للبقاء على قيد الحياة. بعض الشخصيات في الروايتين لا تملك حتى المأوى غير المناسب. ويكمن التشابه في أن شخصيات كلتا الروايتين، نتيجة انعدام المأوى والأمان، تفقد صحتها لدرجة تعرضها للخطر، لكن في رواية "جاي خالي سلوتش" لديهم مظلة يمكن اعتبارها سطحاً، وعلى الرغم من عدم إمكانية تسميتها منزلاً، إلا أنها تحميهم من الثلوج والمطر، لكن عائلة حنا مينة تعيش تحت شجرة في جزء من الرواية. في رواية "بقايا صور"، عندما ينتقل حنا وعائلته إلى قرية أخرى للعمل، يهجرهم والدهه تحت شجرة تين. إنهم مجبرون على العيش تحت شجرة وهي الستار الوحيد الذي يفصلهم عن المارة ويبقون تحت الشجرة مدة طويلة: «نقلنا متاعنا القلیل إلی تحت شجرة التین هرمة علی جانب الطریق. عملنا بصمت وقهر وتضامن. وأخرجت الأمّ شرشفًا علّقه الوالد علی الشجرة ستارة تحجبنا علی عیون المارّة. كان مذلًا أن تنام في العراء، وعلی قارعة الطریق، أنا لا أذكر كیف ولماذا أقمنا تحت شجر التین، وراء تلك الستارة من جهة الطریق.» (مينة، 2008م: 239) في رواية "جاي خالي سلوتش"، يؤدي انعدام المأوى إلى وفاة أشخاص في بعض الحالات، بمن فيهم والدة علي كناو. تم طردها من المنزل من قبل ابنها وزوجة ابنها وقضت وقتها تحت سقف محطم انهار فوق رأسها وماتت في النهاية: «بام خانة علی گناو رویش تپیده است. زنها جیغ میكشند. تازه یاد مادر علی گناو كرده بودند! ننه گناو، سر زمستان از پسر و عروسش جدا شده و ته كوچه، زیر سقف شكستهای لانه كرده بوده است. سقف، همان نیمه شب دیشب پایین آمده بود.» (دولتآبادی، 1361ش: 134) في جزء آخر من الرواية، يعيش الحاج سالم ومسلم، اللذان ليس لهما مكان للإقامة، تحت سقف مكسور لحظيرة تعود ملكيتها لإقطاعي القرية. إن أسلوب حياتهم والمكان الذي يقيمون فيه يعكس الوضع غير الصحي للمجتمع ونقص المرافق الكافية: «حاج مسلم و سالم –پدر و برادر مسلمه- پشت خانة كدخدا نوروز، در یك آغل خرابه، زیر سقف شكستة یك طویلة متروك روزگار میگذراندند و نان شكم خود را از دست این و آن میستاندند.» (همان: 102) وقد أثير الاهتمام بالاحتياجات الفسيولوجية (الطعام، الملبس، المسكن، الصحة) والجدل حول ما إذا كان يجب تلبيتها في نقاط مختلفة في كلتا الروايتين، وبسبب ضيق المقال، اكتفينا بتقديم مثال واحد أو اثنين لشرح كل حاجة. لذلك، لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، يمكننا الرجوع إلى الصفحات التالية من الروايتين:
احتياجات الأمان (Safety Needs) تأتي الحاجة إلى الأمان مباشرة بعد الحاجات الفسيولوجية لأنها تتعلق بالصحة والسلامة الجسدية بما في ذلك الحماية من العنف والأمن المالي وتوافر الرعاية الصحية. وبشكل عام «فإن تلبية هذه الحاجة يعني أن الشخص لا يخاف بشكل دائم من التعرض لحادث أو الإصابة بمرض خطير أو مواجهة صعوبات مالية. ولا تتعلق تلبية هذه الحاجة بالعيش في بلد آمن بمعايير اجتماعية جيدة فقط، ولكنها تتعلق بالشعور بالأمان في كل مكان مثل مكان العمل أو المدرسة.» (Feist & Gregory, 2017: 281) يتم تحقيق إشباع هذه الاحتياجات من خلال التخلص من أي خوف وقلق. يرى ماسلو أننا نحتاج جميعًا إلى أن يكون للأمور تدفق طبيعي ويمكن التنبؤ به. (شولتز، 1375ش: 93) ومع ذلك، فإن هذه الاحتياجات، على عكس الاحتياجات البيولوجية، تنبع من داخل البشر وليس لها منشأ خارجي؛ ولكن في النهج المعرفي للتحفيز، يُعتقد أن أفكار الشخص هي مصادره التحفيزية؛ كما يعتقد علماء المعرفة أيضًا أن السلوكيات يتم إنشاؤها وتوجيهها من خلال الأهداف والخطط والتوقعات؛ لذلك، يتم التأكيد على الدافع الداخلي أكثر من الدافع الخارجي. (سيف، 1395ش: 231) الأمن الجسدي: يعد الأمن الجسدي حاجة أساسية للمجتمع الإنسانى، ومؤشرا على الاستقرار والازدهار والتقدم في الوطن، فهو يضمن ببساطة سلامة الأفراد والجماعات من الأخطار الطبيعية والبشرية، متمثلة فى التهديدات العسكرية أو البلطجة داخل اﻟﻤﺠتمع من قبل أفراد أو جماعات تمارس القتل والاختطاف والتخريب والسرقات مما يعد مؤشرا خطيرا لافتقاد الأمن الجسدي. وبقدر حاجة اﻟﻤﺠتمع للأمن الجسدي تكون حاجته لمقوماته وركائزه الأساسية التى تسهم فى توفير الأمن، وبناء اﻟﻤﺠتمعات الحديثة وعاملا مهما فى تقدم الفرد ورقيه. فاﻟﻤﺠتمع الذى يتوافر فيه الأمن الجسدي ينعكس ذلك على سلوكياته ومنجزاته ودرجة تقدمه ورقيه حيث إن ذلك يبعث الطمأنينة فى النفوس ويشكل حافزا للعمل والإبداع والاستقرار والحفاظ على الهوية الفردية. يتم تلبية هذه الحاجة عندما يكون الناس واثقين من أن حياتهم ليست في خطر. وجود مأوى آمن وجيران آمنين وأشياء من هذا القبيل هي من بين الأبعاد التي تشكل أمن الحياة. يشعر الأشخاص الذين يعانون من ظروف غير مستقرة وغامضة بعدم الأمان. في رواية "بقايا صور"، لم يكن لدى هناء وعائلتها منزل يشعرون فيه بالأمان. كان لهذا تأثير على شعور أفراد الأسرة بالأمن لدرجة أنهم كانوا يشعرون أن العدو أو المعتدي يحاول مهاجمتهم بمجرد سماع القطط وهي تتحرك على سطح المنزل: «كنّا في شهر شباط، ولأمر ما غدا السطح مسرحًا للضجیج الذي أثارنا، فقالت الأم: «لا تخافوا...هذه قطط...!» كانت قططًا فعلًا وكنّا احیانًا نسمع مواءها وخربشتها وقد تلقي بنفسها، من السطح إلی الأرض، فنجفل.» (مينة، 2008م: 115) في جزء آخر من الرواية، يتعرض أفراد عائلة حنا للهجوم من قبل قطاع الطرق.كما أن بعض الناس العاديين يسرقون قمح الأسياد للتخلص من الجوع وإنقاذ أطفالهم من الموت. يسافر الأب إلى أنطاكية على أمل تحسين الوضع. من الشواهد المتوفرة، يبدو أن هناك خطر مهاجمة اللصوص وقطاع الطرق لهذه القرية ولم يكن الأهالي ينعمون بالأمن، خاصة وأن عائلة حنا بالإضافة إلى خوفها من اللصوص كانت تخشى الجوع وانعدام المأوى المناسب: «وعد ألاَّ یتأخّر. قالت إنَّه لن یتأخّر، ولن یتركنا للشتاء والجوع، ولا للرعب الذي تضاعف بسبب من إنتشار اللصوص وقطّاع الطرق.» (نفس المصدر: 194) وفي جزء آخر من الرواية، تذهب الأم لرؤية ابنتها مع إحدى خادمات الأسياد وتترك أطفالها وحدهم في المنزل. بالنظر إلى أن الأطفال یسمعون دائمًا عن هجوم اللصوص فإنهم قلقون باستمرار بسبب صغر سنهم وشعورهم بالوحدة. إن العيش في بيئة بعيدة عن الأمن جعل هؤلاء الناس يعانون من شعور دائم بانعدام الأمان: «هبّة ریح في شجرة. حركة حیوان في دغل. ضجّة أو صوت في مكان غریب. شئ من هذا حدث، وكان حدوثه إبرة ثقبت الغلاف الواهي لتجلّدنا، فخفقت قلوبنا هلعًا، وبكت شقیقتی الصغیرة، وقد أكون أنا الذي بكیت، وتراكضنا مذعورین إلی الداخل وأغلقنا الباب، وفي ظلمة البیت المغلق انضمّ واحدنا إلی الآخر في البكاء، وحاولت الأخت تهدئنا، لكنّها، لأمر ما، انخرطت في البكاء معنا فیما هي تبحث في الظلام عن الكبریت لإشعال المصباح.» (نفس المصدر: 134) في رواية "جاي خالي سلوتش"، عباس، ابن سلوتش، عالق هو الآخر في نوع من عدم الأمان. إنه يشعر دائمًا أن الآخرين يريدون أخذ بعض أمواله منه. لهذا السبب في معظم الوقت ينفق المال أو أي شيء آخر لديه من أجل الخبز فقط أو يخبئه بعيدًا عن الآخرين: «اسكناسهایی را كه از داماد آقا ملك گرفته بود، همچنان در مشت میفشرد. هیچوقت نمیخواست پولهایش در دیدرس باشند. همیشه چیزی را پنهان میكرد. یكی از كارهایی كه عباس به آن دلبند بود، پنهان كردن چیزی از دیگران بود. اگر شده این چیز، هیچ چیز نباشد. این حس نا امنی و بی اعتمادی به دیگران، چندان در پسر سلوچ ریشه دوانیده بود كه گاه، زیر آشكارترین كارهایش میزد.» (دولتآبادی، 1361ش: 272) كربلائي دوشنبه هو من الشخصيات التي كان وضعها المادي أفضل من الآخرين. إنه يشعر دائمًا أن ممتلكاته في خطر وليس على استعداد لاستثمار أمواله في أي شيء. عندما قرر الإقطاعي وشيوخ القرية الآخرون الاستثمار في الأرض - الأرض التي يزرعها الناس - رفض كربلائي دوشنبه ذلك: «كربلایی دشنبه آمد كه پا از در بیرون بگذارد، اما داماد آقا ملك به حرف نگاهش داشت: -كربلایی! بیا و یك بار هم كه شده این پولهای زبان بستهات را روی یك كار خیر به كار بینداز! كربلایی دوشنبه از در بیرون آمد و گفت: -من پولهایم را از روی آب نیاوردهام كه روی خاك خدا زمین بپاشمشان!» (نفس المصدر: 111) الأمن الوظيفي: يُقصد به الحالة النفسية التي تعكس توقعات الموظفين حول مدى استمراريتهم في العمل داخل نفس الشركة، فهو الحالة الذهنية التي يكوّنها الموظف حول مدى استقراره في وظيفته الحالية على المدى القريب. يؤدي الأمان الوظيفي دوراً هاماً في كل من الحياة الاجتماعية والحياة المهنية لأنه يساعد الموظفين على عدم القلق بشأن مستقبلهم الوظيفي، ويسهم في الحفاظ على الاستقرار في العمل، وزيادة الإنتاجية وحماية القيم الاجتماعية في بيئة العمل. الجميع يريد الحصول على وظيفة دائمة ومدخرات مالية لدعمهم في أوقات الشدة. إذا كان الشخص يبحث باستمرار عن وظائف أو يغير مهنته، فلن تكون هناك فرصة أو دافع لفقدان الشعور بالانتماء أو الاحترام أو تنمية مواهبه. في «بقايا صور»، قام حنا وعائلته بتربية ديدان القز لأول مرة في مزرعة إقطاعي القرية. بعد فترة، أصبح المزارعون وأصحاب المزارع يعانون من ركود في حياتهم. بسبب الوضع الحالي، يشعر والد حنا بخيبة أمل وتخشى الأم أنه إذا هاجر، فقد لا يعود أبدًا وقد يقوم بأشياء خطيرة: «خوف الوالدة أن یرحل تضاعف. لیس لأنَّه دون شغل، ولیس لأنَّ نزعة الرحیل تبدّت علیه كما تبدّت علامات الصیام علی دود الحریر قبل أن یشرنق. بل لأنَّه كان یائسًا، وفي یأسه یمكن أن یقترف أیّة فعلة ویذهب فلا یرجع أبدًا.» (مينة، 2008م: 180) في "جاي خالي سلوتش"، لم يكن لدى سلوتش أيضًا أمان وظيفي فقد كان ينتقل من مهنة إلى أخرى. يحفر بئرا لبعض الوقت ثم يبني تنورًا، وعندما يتراجع عمله يترك الأرض غير مدرك لكل شيء ويختفي: «كسی ساختن كندو را به سلوچ سفارش نداده بود. خودش، از بیكاری كار كندو را شروع كرده بود و چند روز بعد هم ناگهان دست از كار كشیده بود. دست از كار برای چی نكشد؟ وقتی كه بار نباشد، غله نباشد كندو برای چی؟ به چه كار میآید؟ تنور برای چی؟ كدام لگن خمیر؟» (دولتآبادی، 1361ش: 14) وقد أثير الاهتمام بالاحتياجات الأمنية (الحياة، العمل.. إلخ) والجدل حول ما إذا كان يجب تلبيتها في نقاط مختلفة في كلتا الروايتين، وبسبب ضيق المقال، اكتفينا بتقديم مثال واحد أو اثنين لشرح كل حاجة. لذلك، لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، يمكننا الرجوع إلى الصفحات التالية من الروايتين:
الاحتياجات الاجتماعية (Social Needs) ترتبط الاحتياجات الاجتماعية بالانتماء والحب والتي يمكن أن تكون أكثر دقة. فالإنسان بحاجة إلى الصداقات والعلاقات العائلية والعاطفية ويلبيها بطرق مختلفة، فبعضهم يلبيها من خلال التواجد مع عائلته، والبعض الآخر من خلال القيام بالأنشطة المجتمعية، بينما يلبيها آخرون من خلال تكوين صداقات عديدة. (Maslow, 1970: 101) فالعلاقة هي تلك الجاذبية الوجدانية والتفاعل الذي يتحدد بكيفية الاتصال بين الفرد مع الآخرين. فشخصية الفرد مرتبطة بتشكيل أسرته وترتيب أفرادها، وبنمو كل فرد منها. «يساعد الحب في زيادة التماسك والترابط في المجتمعات المختلفة، من خلال دفع البشر للتعامل مع بعضهم البعض بمودة ورحمة وتعاطف وبذلك ينتشر السلام والخير فيها، حيث يدفع الحب الإنسان للتعلق بالطرف الآخر وبذل الجهد الكبير للحفاظ عليه. وإذا أريد بناء مجتمع متكافل متماسك ومتضامن يجب أن تنشر ثقافة الحب والتراحم في المجتمع، ويجب ألا يغفل الفرد عن محبة ذاته، فمتى أحب الشخص نفسه فإنه يسعى لأن يكون بأفضل حال وظروف.» (Feist & Gregory, 2017: 282) ورد في "بقايا صور" أن والد حنا هجر زوجته وأولاده وهرب مع أرملة. عندما يعود والد حنا تغفر له أم حنا وتقبل عودته. حقيقة سعادتها بعودة زوجها، رغم هجره لها، تدل على حبها لزوجها وانتمائها له: «تلك المرأة تظلّ ذكری سیئة عند الأم. كانت قریبتها، ابنة عمّها. أرملة، تواطأت مع الأب وأخذته... كان سلوك الزوج إلی الشكّ، وابنة العم أرملة...ومهما یكن فقد ذهب، وعاد مخفقًا، من كسرًا، ففرحت بعودته،وغفرت فعلته.» (مينة، 2008م: 82) في جزء آخر من الرواية يتحدث حنا عن حبه لوالدته. بالنظر إلى المصاعب التي تتحملها هذه الأسرة والأب دائم التنقل، فمن الطبيعي أن تلبي الأمهات والأولاد هذه الحاجة بالاعتماد على بعضهم البعض: «رنّت صفعة قویة عصبیّة علی خدّها، فولولت الأمّ وهرعنا خائفین إلیها. لأول مرة كنت أراها تُضرب. ما كنت أتصور أنها تُضرب، وأن الوالد یضربها فتعلّقت بها حمایة لها، وتعبیرًا عن حبي الذي اكتسبته بكل ما تحملت من آلام وما ذرفت من دموع، وان كشمت تجاه الوالد الذي استشعرت حیاله رهبًة وكرهاً.» (مينة، 2008م: 169) يدين والد حنا بالكثير للإقطاعي، ويحتفظ الإقطاعي بابنته الكبرى كخادمة حتى لا يهربوا في الليل. وفقًا للأوصاف التي قدمها المؤلف، من المفهوم أن حاجة هذه العائلة إلى الحب قد تم إشباعها من خلال الاعتماد على بعضهم البعض. نظرًا لأنهم كانوا يهاجرون باستمرار، فقد كانت لديهم فرصة أقل لتلبية هذه الحاجة من خلال من حولهم: «أعطتنا زوجة المختار ما نأكل، وأعطتنا، أیضًا، أن نری أختنا. قبّلتها الأمّ. ارتبكنا نحن. فرحنا وارتبكنا. ها هي، بعد الفراق، أختنا. نستطیع أن نسمعها، أن نشاهدها، وأن نسمعها. وتسطعیع هي، مثلنا، أن تلمسنا.لقد جاءت إالینا.» (مينة، 2008م: 189) في "جاي خالي سلوتش"، وعلى الرغم من عدم تلبية الاحتياجات البيولوجية والأمنية بالكامل؛ لكن مرجان تمكنت إلى حد كبير من تلبية الحاجة إلى الانتماء والحب من خلال أولادها وزوجها. إلا أن مصاعب الحياة حالت دون أن تتمكن من حب زوجها وأولادها علانية؛ لكن هذا الحب موجود في كيانها. في أجزاء من الرواية، يمكن ملاحظة أنها تعامل القرويين بإخلاص وتحاول أن تخفف عنهم مشاكلهم: «مرگان برخاست ... دلش میخواست بتواند یكباره نام پسر را فریاد كند، اما نتوانست... فریاد، همچنان در سینة مرگان، گره خورده ماند. حالا مرگان هیچ آرزویی نداشت جز لای در باز شود و عباس بیاید. بیاید! دشنام بر لب بیاید و همه چیز را بر هم بزند. بیاید و خانه را به آتش بكشد. بیاید و مادر را به باد كتك بگیرد. كتك بزند. بیاید. فقط بیاید!» (دولتآبادی، 1361ش: 96) تطرد مرجان ابنها عباس من المنزل لأنه ضرب شقيقته ليكتشف مكان النحاس الذي أراد سالار عبد الله أن يأخذه بدلاً من كيس القمح الذي أخذه سلوتش منه. عندما يقضي عباس ليلته في برد الشتاء بدون حذاء وملابس، تشعر مرجان بالقلق والانزعاج بسبب حبها وعاطفتها لولدها. وفي جزء آخر من الرواية، ورد أنه عندما غادر سلوتش زمينج، لم تغادر مرجان قريتها رغم حبها له ورغم أنها عرفت لاحقاً أنه في شاهرود. بالإضافة إلى ذلك، فقد أصيب عباس بالاكتئاب ولم يتحدث لأحد، وهاجر كانت حاملاً وترددت في مغادرة القرية بسبب انتمائها للقرية وأهلها: «حلقههایی مثل هاجر و عباس به پاهای مرگان بسته بودند. او چطور میتوانست دل از بچههایش بركند؟ بچهها، پارههایی از او بودند. پس همچنان خاموش بود. مردد و خاموش. بسیار چیزها بودند كه میتوانستند او را از جای بركنند؛ اما پارهای چیزها هم بودند كه هنوز او را در بند نگاه میداشتند.» (همان: 447) عباس مصدوم ومعزول بسبب هجوم جَمل مخمور لسردار. عندما ترى مرجان ابنها في حالة اضطراب، فإنها تريد أن تعانقه وتعبر له عن حبها، لكن يبدو أن شيئًا ما يمنعها من ذلك. لذلك على الرغم من أن مرجان تحب ابنها، إلا أنها غير قادرة على التعبير عن هذا الحب: «مرگان، نمیتوانست فرزند خود را ببوسد. چیزی مانع بود كه مرگان لبریز از عشق و درد، پسر خود را در آغوش كشید. دیواری میان عزیزان. خشتی میان دو دل. مرگان، نمیتوانست مهر خود، عمیقترین دارایی خود را، به پسر ببخشاید.» (همان: 362) لقد أثير الاهتمام بالاحتياجات الاجتماعية (الحب والعاطفة والأسرة والعلاقات الودية) وتلبيتها وعدم تلبيتها في أقسام مختلفة من كلتا الروايتين، لكن بسبب ضيق المقال، اكتفينا بتقديم مثال واحد أو اثنين لشرح كل حاجة. لذلك، لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، يمكننا الرجوع إلى الصفحات التالية من الروايتين:
الحاجة إلی التقدير (Esteem Needs) إن الإنسان دون الآخرين لا شيء، ولكنه مع اتصاله وتواصله قد يسمع كلمات مؤذية أو سوء فهم هنا أو هناك، أو كراهية أو حسد ونحوها، وهو كان ينتظر التقدير، لإشباع الحاجة الفطرية. «فكل إنسان مدين للبشر حوله بمستوى أساسي من التقدير، وقد يختلف مستوى التقدير هذا تبعاً لرؤية الفرد لهم واحترامهم لذاتهم، فإظهار مستوى من التقدير لفئة من الناس أكثر من غيرهم لا يعدّ سلوكاً خاطئاً البتة، فالشخص النزيه يستحق مزدياً من الاحترام مقارنة بالشخص الكاذب، وإن كان على الشخص أن يكون مهذباً ولطيفاً مع الجهتين.» (Feist & Gregory, 2017: 283) مع العلم أنّ تقدير الإنسان لذاته واحترامه لها ينعكس على مدى تقديره واحترامه للآخرين. «إن الحاجة إلى التقدير تأتي في شكلين، الشكل الأقل هو الحاجة إلى الشعور بالتقدير من جانب الآخرين، فالإنسان يحتاج إلى الشعور بأن أصدقاءه وزملاءه يحترمونه ويقدرون العمل الذي يقوم به، بينما يتمثل الشكل الأعلى في تقدير الذات واحترامها، وهي حاجة أعلى لأن الأشخاص الذين لديهم تقدير للذات يلبون هذه الحاجة حتى في تلك الظروف التي لا يتلقون فيها تقديرًا ممن حولهم.» (نفس المصدر) تشمل هذه الحاجة الشخص قبل أي شخص آخر. يجب أن يتعلم الإنسان احترام وتقدير نفسه أمام الآخرين فقط إذا حقق المفهوم الأساسي للاحترام وأمكنه احترام من حوله. يشمل هذا الاحترام الاحترام الجسدي والعقلي. بحيث يولي الشخص اهتماماً كافياً لنظافة جسده. بالإضافة إلى الاحترام الذي يأتي من الشخص نفسه لنفسه، فهو بحاجة إلى أن يلاحظه الآخرون ويحترموه وأن يتم قبوله كشخص جدير ومفيد. في جزء من "بقايا صور"، تتعرض والدة حنا للاحترام أمام ابنتيها من قبل سيد المنزل الذي تعمل فيه ابنتاها كخادمتين. في هذه الرواية، يتم تلبية الحاجة إلى الاحترام، مثل الاحتياجات الأخرى، بنسبة صغيرة جدًا. ربما يكون أحد أسباب عدم احترام الناس بما فيه الكفاية هو فقرهم الذي يجعل الآخرين يحتقرونهم: «ذات مساء عادت الأمّ من بیت سیّد باكیة. لقد شتمها السیّدة وضربتها. فعلت ذلك أمام الأختین اللتین تخدمان في بیتها أیضأ. وفهمت أنها تعتبر خادمًا، وكانت قبل ذلك تحسب أنّها تذهب لمعاونتها لیس إلّا...» (مينة، 2008م: 230) بالرغم من أن بعض الشخصيات في رواية "جاي خالي سلوتش" تنجح في التقدم تقريبًا إلى المرحلة الثالثة من الهرم، أي تلبية الحاجات الاجتماعية، من خلال تلبية الحاجات الأساسية، وتلبي أحيانًا الحاجة إلى الانتماء إلى حد ما؛ لكن الكثير من تلك الشخصيات لا يستطيع تجاوز هذه المرحلة. عباس هو إحدى هذه الشخصيات. يشعر في البداية بأنه محتقر من قبل والدته مرجان. تنشغل مرجان بالحياة لدرجة أنها تتجاهل ابنها ولا تهتم بأن سلوكها يهين ابنها المراهق: «مرگان دست از دست پسرش كند و گفت: -دهنت را به تهات بچسبان تو هم! چه برای من آدم شده! بگذار اول شاشت كف كند بعد سینهات را جلو بده. ... و این همان چیزی است كه نوجوان تاب نمیآوردش. ... و مرگان، در كورانی كه بود، فرصت چنین ریزبینی نداشت. این بود كه عباس كینة مادر را به دل گرفت. كینه، اگر چه آنی. آرزوی روزی كه بتواند بر مادر، سر باشد.» (دولتآبادی، 1361ش: 83) لقد أثيرت الحاجة إلى الاحترام (احترام الذات والهيبة) والمناقشة حول تحقيقها أو عدم تحقيقها في أقسام مختلفة من كلتا الروايتين، ونظرًا لضيق المجال في هذه المقالة، فقد اكتفينا بمثال واحد أو مثالين لشرح كل حاجة منها. لذلك، لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، يمكننا الرجوع إلى الصفحات التالية من الروايتين:
الحاجة إلی تحقيق الذات (Self-Actualization Needs) يعتبر الفرد عن ذاته بصورة مباشرة أو غير مباشرة وذلك للوصول إلى أقصى ما يمكن تحقيقه من إمكانات وقدرات بقصد إشباع حاجاته، وإعادة حالة الاتزان التي تساعده في استخدام تلك الإمكانات والقدرات في خدمة الفرد والمجتمع والقيام بأدواره ومسؤولياته وواجباته المعتادة. عرّف ماسلو تحقيق الذات بأنه «الرغبة بالإشباع الذاتي، أي نزعة الفرد إلى تحقيق كينونته الكامنة. قد يُصاغ هذا الميل على أنه رغبة المرء في أن يصير حقيقته أكثر فأكثر، أن يصير كل ما هو قادر على أن يصير. تعتبر هذه الحاجة أعلی مستوی في هرم ماسلو، وهي «الحاجة إلی أن يحقق المرء ذاته، وذلك بالاستفادة القصوی من القدرات والمهارات للتطور واستخدام أساليب إبداعية لتحقيق الدور الاجتماعي للتقدم والنمو.» (Maslow, 1970: 29) إن الحاجات العليا تتناسب مع حاجات تحقيق الذات التي تعني بالسعي نحو البحث عن الهوية والاستقلال والرغبة في التميز لتطوير الطبيعة البشرية اتجاه الشخصية و«منه اكتساب شخصية إنسانية متوازنة ومتكاملة فهي إذن حاجة الفرد إلی إثبات وجوده وسط الجماعة التي يعمل معها، أو بين أقرانه، أي يحقق الفرد وجوده في المجتمع الخارجي بالصورة التي يری فيها ذاته وما تتميز به من خصاص معينة، وإشباع هذه الحاجة لدی الأفراد يأخذ أساليب مختلفة لاختلاف الاهتمامات والميول لديهم لذلك تعتبر الحاجة لتحقيق الذات من الحاجات الرئيسية التي تقوم عليها الصحة النفسية للأفراد.» (نفس المصدر: 31) أما في روايتي "بقايا صور" و"جاي خالي سلوتش" فلا مجال لإشباع الحاجة إلی تحقيق الذات، لأنها من الحاجات النفسية الضرورية لكل شخوص الروايتين، ومرحلة لكي تصلها الشخصية لابد لها ان تشبع حاجات كثيرة كالحاجات الفسيولوجية وحاجات نفسية كثيرة تتعلق بالأسرة والتعليم والمجتمع، وهذا هو الفارغ في الروايتين. لذلك فالقلق الذي تشعر به شخوص الروايتين في حياتها أو عدم الرضا، قد يكون نتيجة نقص في تحقيق إشباع الحاجات الفيسيولوجية، والأمنية، والاجتماعية، فهي لا تعثر على طريق تحقيق إنجاز يؤدي الى تحقيق الشخصيات لذاتها. ونظرًا لعدم ارتباط أي من خصائص الأشخاص الذين وصلوا إلى مرحلة تحقيق الذات بخصائص شخصيات القصتين، فيمكن الاستنتاج على وجه اليقين أن أياً من شخصيات القصتين لم يصل إلى هذه المرحلة من النمو. تشمل هذه الميزات مايلي: الإدراك عالي الكفاءة للواقع، وقبول الذات والآخرين والطبيعة بشكل عام، والبساطة والطبيعية، والتركيز على المشكلات بدلاً من التركيز على الذات، والحاجة إلى الاستقلال والخصوصية، والشعور بالفهم الجديد والمستمر، والتجارب العرفانية، والاهتمام الاجتماعي، والعلاقات الشخصية، والإبداع، وهيكل الشخصية الديمقراطية، ومقاومة قبول الثقافة.
النتيجة في الإجابة عن السؤال الأول من هذه الدراسة يمكننا القول: وفقًا لهرم الاحتياجات لأبراهام ماسلو، فإن الشخصيات في "بقايا صور" و"جاي خالي سلوتش" أفضل حالًا في تلبية احتياجاتها البيولوجية (الغذاء، والملبس، والصحة، والمسكن) والأمن (الحياة والعمل) وغير قادرة على تلبية الاحتياجات في المستويات الأعلى. والسبب الرئيسي لذلك يكمن في الوضع غير المستقر اجتماعياً والفقر المدقع للمجتمع الريفي الموصوف في الروايتين، إلى جانب وجود نظام الإقطاع. وفقًا لنموذج ماسلو، يسعى الناس في مثل هذا المجتمع لتلبية حاجتهم للأشياء التي تنقصهم ولا تتاح لهم الفرصة لتلبية الاحتياجات الأخرى للهرم، ولكي يكونوا قادرين على الارتقاء فوق مستوى حاجتهم للأشياء التي تنقصهم، يجب أن يكونوا في وضع اجتماعي مناسب ولديهم وظيفة مناسبة في المجتمع. تمت تلبية الحاجات الاجتماعية في كلتا الروايتين (10٪ في بقايا صور و 19٪ جاي خالي سلوتش) جزئياً من قبل العائلة والأصدقاء. لكن لم تتم تلبية الحاجة إلى احترام الشخصيات الرئيسية في هاتين الروايتين إلى حد كبير (3٪ في بقايا صور و 12٪ جاي خالي سلوتش)، وأهمها الفقر و رزق أفراد الأسر في القصتين. من الجدير بالذكر أنه بسبب العوامل المذكورة أعلاه، لم يكن لدى أي من الشخصيات في الروايتين الفرصة للتعبير عن الحاجة إلى تحقيق الذات؛ وهكذا، لم يصل أي منهما إلى ذروة الهرم في نظرية ماسلو. الإحصائيات الواردة في الجدول أدناه توضح هذه الحقيقة:
وفي الإجابة على السؤال الثاني من هذه الدراسة يمكننا القول: في كثير من الحالات، يكون تواتر الحاجات الواردة في رواية "بقايا صور" أعلى من تواترها في رواية "جاي خالي سلوتش". لكن هذه الحاجة تتجلى أكثر فأكثر في "بقايا الصور". بمعنى آخر، هناك علاقة عكسية بين تلبية الحاجة وتكرار تلك الحاجة. على سبيل المثال، تبلغ نسبة الاحتياجات الفسيولوجية في "بقايا الصور" 52٪ و37٪ في "جاي خالي سلوتش". كما أن الظروف الاجتماعية التي تحكم المجتمع الموصوف في "جاي خالي سلوتش" أفضل نسبيًا من "بقايا صور"، لأنه على الرغم من حدوث هاتين الروايتين في سياق اقتصادي واجتماعي وريفي فقير؛ لكن السبب في ذلك هو شدة الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية في رواية "بقايا صور" مقارنة بـرواية "جاي خالي سلوتش" وكذلك عدم تمتع والدي عائلة "بقايا صور" بمهنة مناسبة مقارنة برواية "جاي خالي سلوتش". وبخصوص الفترة الزمنية للأحداث في الروايتين، لا بد من القول إن زمن أحداث "جاي خالي سلوتش" مرتبط بمنتصف العهد البهلوي (1960 - 1970 م) والثورة البيضاء، ورواية "بقايا صور" مرتبطة بانهيار العثمانيين (1925-1930) واشتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بعد الحرب العالمية الأولى. وبحسب مصادر التاريخ، فإن الأحوال المعيشية للشعب الإيراني وقت أحداث "جاي خالي سلوتش" أفضل نسبيًا من الظروف المعيشية للشعب في وقت أحداث "بقايا صور". | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الف. العربية
برنس، جيرالد. (٢٠٠٣م). المصطلح الســردي: معجم المصطلحــات. ترجمة: عابد خزندار. ط١ . القاهرة: المجلس الأعلی للثقافة.
السامرائي، هاشم جاسم. (1988م). المدخل في علم النفس. ط1. فلسطين: مطبعة الخلود.
سپهري، سپيدة. (2022م). «تحليل شخصية بطلة سووشون من منظور هرم ماسلو». جامعة آزاد الإسلامية في كرج: إضاءات نقدية. السنة11. العدد44. صص 30-9
الطويل، عزت عبدالعظيم. (1999م). عالم علم النفس العام. ط3. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية.
العصيلي، حمد بن إبراهيم. (2019م). «كفاية المنهج في تبديل الحكم النقدي السائد المنهج النفسي نموذجا». كلية الدراسات الإسلامية بدبي: مجلة الكلية. السنة8. العدد 36. صص 1746-1710
عبدالرحمن، محمد السید. (1998م). نظریات الشخصیة. ط1. القاهرة: دار أنباء.
عمران، فاطمة عبدالرحمن والآخرون. (2021م). «مفهوم الحاجات لدی ماسلو ومقارباتها مع فن السوبريالية». جامعة بابل: العلوم الإنسانية. السنة29. العدد2. صص 151-132
فرادي، حياة. (2015م). الشخصية في رواية ميمونة لمحمد بابا عمي. جامعة محمد خيضر: رسالة الماجستير.
القطناني، علاء سمیر. (2011م). «الحاجات النفسیة و مفهوم الذات وعلاقتهما بمستوی الطموح لدی طلبة جامعة الأزهر بغزة في ضوء نظریة محدّدات الذات». جامعة الأزهر: رسالة الماجستير.
محيسن، عباس تركي. (2020م). «مظاهر الحرمان في رسوم فانكوخ وفق نظرية الحاجات عند ماسلو». جامعة القادسية: مجلة القادسية في الآداب والعلوم التربوية. السنة20. العدد1. صص 561-594
محييالدين، أحمد (1988م). دراسات في الدوافع والدافعية. ط2. القاهرة: دار المعارف.
مینة، حنا. (2008م). بقایا صور. ط2. بیروت: دارالآداب.
يوسف، آمنة. (1997م). تقنيات السرد: في النظرية والتطبيق. دمشق: دار الحوار للنشر والتوزيع.
ب. الفارسية
دولت آبادی، محمود. (1361ش). جای خالی سلوچ. چ1. تهران: نو.
رایكمن، ریچارد. (1393ش). نظریههای شخصیت. ترجمة: مهرداد فیروزبخت. ط3. طهران: نشر اربساران.
سیف، علی اكبر. (1395ش). روانشناسی پرورشی نوین: روانشناسی پرورشی و آموزشی. ط9. طهران: دوران.
شولتس، دوان. (1375ش). روانشناسی كمال: الگوهای شخصیت سالم. ترجمه: گیتی خوشدل. طهران: البرز.
فرانك، برونو. (1370ش). فرهنگ توصیفی روانشناسی. ترجمة: مهشید یاسایی وفرزانه طاهری. ط1. طهران: طرح نو.
گنجي، حمزة. (1389ش). روانشناسی عمومی. ط1. طهران: ساوالان.
ج. الإنجليزية
Maslow, A. H. (1970). Motivation and personality. New York: Harper and Row.
Feist, Jess & Gregory, J.Feist (2017). Theories Personality. NewYork: McGraw-Hill.
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 1,107 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 206 |