تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,004 |
تعداد مقالات | 83,629 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,544,738 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,614,425 |
التراث التاريخي في الروايتين"توراکينا" لمحمد قاسم زاده و"الزینی برکات" لجمال الغيطاني؛ دراسة مقارنة | ||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||
دوره 12، شماره 47، آذر 2022، صفحه 9-35 اصل مقاله (285.95 K) | ||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||
نویسندگان | ||
یدالله ملایری* 1؛ جهاد فیض السلام2؛ مصطفی علوانی2 | ||
1أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة طهران، مجمّع الفارابي، طهران، إیران | ||
2أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة طهران، مجمّع الفارابي، طهران، إیران | ||
چکیده | ||
يعدّ التراث مصدرّا هامّاً للأدباء، ويشكّل التاريخ إحدى المصادر التراثية الغنية التي يمكن أن يلجأ إليها الكاتب ويستلهمها في أعماله الأدبية، والأمر كذلك بالنسبة للروائي الإيراني (محمد قاسم زاده) والروائي المصري (جمال الغيطاني) في كثير من أعمالهما الروائية، لا سيما في الروايتين المدروستين في هذه الدراسة "توراكينا" و"الزيني بركات". وقد سلّطت الدراسة الضوء على نقاط الائتلاف والاختلاف في استلهام التاريخ عند الكاتبين بصفته أحد المكونات التراثية وسعت إلى تبيين الدوافع والأسباب ومنها هموم الحاضر وقضاياه، واعتمدت الدراسة على منهج البنيوية التكوينية من خلال أبرز منظّريه "جورج لوكاتش" و"لوسيان غولدمان"، حيث أكّدا على دراسة شكل الأعمال الأدبية وتأثير البنية التحية عليها. كذلك استخدمت الدراسة، لكونها دراسة مقارنة، إنجارات مدرسة المادية الجدلية المعروفة بالمدرسة السلافية، وهي نظرية منسجمة تماماً مع نظرية البنيوية التكوينية. واتضح من خلال هذا الدرس المقارن أنّ من أسباب استلهام الكاتبين للتاريخ في النصين هي الأحداث والقضايا السياسية والاجتماعية التي أثّرت في الإنسان ومن أهم هذه القضايا قضية المرأة، فكانت المرأة شبه مغيبة رمزياً عند الغيطاني، فجاءت معظم شخصيات روايته ذكورية ولعلّ قصدية الغيطاني من هذا التغييب فيها إشارة إلى الغاء دور المرأة في المجتمع المصري، و تناول أيضاً "قاسم زاده" قضية المرأة كما يظهر عبر النصين الأصل والموازي للنص الأصل، أي من خلال العنوان ونص الرواية. | ||
کلیدواژهها | ||
محمد قاسمزاده؛ جمال الغيطاني؛ توراكينا؛ الزيني بركات؛ استلهام التاريخ؛ البنيوية التكوينية | ||
اصل مقاله | ||
إنّ العلاقة بين الكتابة التاريخيّة والكتابة الروائيّة علاقة في غاية التعقيد، ومردّ هذا التعقيد إلى أنّ هذين النوعين من الكتابة السرديّة تحوّلا عبر الزمان، الأمر الذي مهّد لتغيّر الحدود بينهما على الدوام. رغم هذا التعقيد في العلاقة بين الكتابتين، فإنّ هناك نقاط اختلاف وائتلاف يمكن أن تساعدنا في فهم كلّ من هاتين الكتابتين والعلاقة التي تربطهما. وأهمّ أوجه الاختلاف بين الكتابة التاريخيّة والكتابة الروائيّة تتجلّي في تقيّد الأولى بوصف الأشياء"كما هي"، أو بالأحرى كما كانت، في حين أنّ الثانية متحرّرة تماماً من هذا الطوق، وقادرة - بالتالي - على إثارة الخيال بواسطة الصنعة الفنيّة. ويبدو أنّ هذه النقطة ـ التي جمعت الكثير من الباحثين ـ راجعة ٌإلى الحدّ الذي رسمه (أرسطو) بين التاريخ والشعر، حين قال إنّ المؤرّخين يكتبون عما قد حدث، لكنّ الشعراء يكتبون عما قد يحدث. ونقرأ في فن الشعر «أنّ مُهمة الشاعر ليست رواية ما وقع فعلاً، بل ما يمكن أن يقع، على أن يخضع هذا الممكن إمّا لقاعدة الاحتمال، أو قاعدة الحتمية. إذ ليس بالتأليف نظماً أو نثراً يفترق الشاعر عن المؤرخ. فأعمال هيرودوت كان يمكن أن تصاغ نظماً، ولكنها ـ مع ذلك ـ كانت ستظل ضرباً من التاريخ سواء كانت منظومة، أو منثورة بيد أنّ الفرق الحقيقي يكمن في أن أحدهما يروي ما وقع، والآخر ما يمكن أن يقع. وعلى هذا، فإن الشعر يكون أكثر فلسفة من التاريخ وأعلى قيمة منه، لأن الشعر عندئذ يميل إلى التعبير عن الحقيقة الكلية، أو العامة، بينما يميل التاريخ إلى التعبير عن الحقيقة الخاصة، أو الفردية. وأعني بالحقيقة الكلية، العامة، ما يقوله أو يفعله نمط معين من الناس، في موقف معين، على مقتضى الاحتمال أو الحتمية. وهذه الحقيقة الكلية، أو العامة، هي التي يهدف إليها الشعر، حتى عندما يضيف الأسماء المعينة للشخصيات.» (أرسطو، لاتا: 114؛ زرين كوب، 1387ش: 128) إنّ التشابه بين الكتابتين التاريخيّة والشعرية الروائيّة يتمثل في نقاط أهمّها إمكانيّة لجوء هذين النوعين من الممارسة الخطابيّة إلى سرد الأحداث، وهذا ما يعبّر عنه (غاسمن) Lionel Gossman بقوله: «... أنّ كلّ واحد منهما يتحقّق في السرد وعبره.» (Schellinger,1998:548) وتنبثق من هذه النقطة نقطة اشتراك أخرى، وهي اختيار السارد للأحداث وتبسطيها وتنظيمها، ممّا يشكّل محدوديّة للمؤرّخ، وهامش حريّة للروائي، (ميليتش، 2005م: 199) إذ يترك لخياله حريّة التحليق، بعيداً عن الوثائقيّة التاريخيّة. وتأخذ هذه العلاقة بين الكتابة التاريخيّة والكتابة الروائيّة منحى خاصّاً، عندما يأخذ التاريخ طابعاً سلطوياً، وذلك حين يرتكن إلى مقولتين سلطويتين، هما الانتصار والهزيمة، ففي هذه الحالة يُنْتَج التاريخُ «ويعاد إنتاجه في مؤسسات سلطوية، لا تقتصر في الرقابة حاذفة ما لا تريد ومبررة ما تشاء وترغب. وبداهة، فإن ثنائية النصر والهزيمة، وهي سلطوية المنظور والغايات، تقضي، لزوماً، إلى تاريخيْن متعالقيْن متنافييْن، يحدث أحدهما عن منتصر جدير بنصره ويسرد ثانيهما سيرة مهزوم لا يليق النصر به.» (دراج، 2004م: 82) وهنا يبرز دور الرواية والروائيين الذين يرون أنفسهم في مصافّ المهزومين، والمثقفون ـ والروائي منهم ـ مهزومون، بل مسحوقون في التاريخ المعاصر العربي والإيراني. وحين يرى الروائي أنّ المؤرّخ السلطوي يساوي الانتصار بالحقيقة، فيقوم ليخلق رواية تنقض القول السلطوي، وتكتب تاريخ المقموعين الذين لا يكتبون تاريخهم. (دراج، 2004م: 84) ولأجل ذلك يلجأ الروائيون للتاريخ وإلى حقب معينة لأنّهم يجدون فيها شبهاً بالحاضر وهنا يخرج التاريخ من مدلوله الضيق - وهو تسجيل الأحداث وسردها بالطريقة الخطية التسلسلية ذات الصوت الأحادي - وتستخدم مادّته التاريخية لأغراض فنية تطرح من خلالها هموم الحاضر وقضاياه. ومن هذه النافذة يمكننا النظر إلى الروايتين المدروستين "الزيني بركات" لـلروائي المصري (جمال الغيطاني) [i] و"توراكينا" للروائي الإيراني (محمد قاسم زاده) [ii]، إذ يعيد الأوّل خلق فترة مهمة من التاريخ المملوكي في مصر، بينما أنّ الثاني يحفر في تاريخ حكم المغول في زمن حكم (أوكتاي). (جويني، ج1، 1385ش: 9 و289-292؛ اشپولر،1351ش: 42-46؛ خواند امیر، ج1، 1380ش: 48-58) أسئلة البحث وتحاول هذه الدراسة المقارنة الإجابة عن السؤالين التاليين: ما هي نقاط الاشتراك والاختلاف في استلهام الكاتبين (جمال الغيطاني) و(محمد قاسم زاده) للتاريخ باعتباره إحدى المكونات التراثية في روايتيهما المدروستين، "الزيني بركات" و"توراكينا"؟ ما الدلالات والأغراض من استلهام (محمد قاسم زاده) و(جمال الغيطاني) للتاريخ؟ فرضيات البحث أما في ما يتعلق بالفرضيات فيتراءى لهذه الدراسة أن هموماً وقضايا متعلقة بالمجتمعين الإيراني والمصري المعاصرين مشتركة لدى الكاتبين جعلتهما يلوذان إلى استلهام الشكل التاريخي وليس المادة التاريخية، وذلك من خلال العودة الفنية إلى العصرين المغولي والمملوكي، مما ينتج اشتراكات تعود إلى تلك الهموم والقضايا المشتركة، وافتراقات تعود إلى أسلوب الكاتبين وسمات خاصة للمجتمعين الإيراني والمصري والخطابين الروائيين للنصين المدروسين. منهج البحث واعتمدت هذه الدراسة منهجين، هما البنيوية التكوينية والمدرسة السلافية ومن المعروف أنّ البنيوية التكوينية ذات خلفية لوكاتشية، والواقع أنّ لوكاتش كان يربط بين العمل الإبداعي والواقع المعيش ، وقد تأثر لوكاتش بهيغل ومنهجه وحاول تطبيقه على الرواية إذ على الباحث أن يدرس العمل الإبداعي في سياقه الذي نشأ فيه، وهنا لابدّ الإشارة إلى أنّ "البنية" لا يمكن أن تفهم خارج إطار الزمان والمكان. والبنيوية التكوينية منهج يسعى إلى دراسة العمل الأدبي داخلياً وخارجياً ،وبذلك لا يعزل العمل عن ظروف نشأته الخارجية بل يعدّه نسقاً من العلاقات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً، وعند تعمّقه في الكشف عن خيوط هذه العلاقات يضطر المنهج إلى العودة إلى "الخارج" حيث هنالك "الطبقة" و"الجماعة" التي نشأ ضمنها الأديب. ويدور منهجا البنيوية التكوينية النقدية والمادية الجدلية المقارنية في فلك النقد الماركسي فيبرزان علاقة الأدب بالمجتمع ، لا سيما الرواية ومن بين الأجناس الأدبية، فإنّ للرواية، بوصفها أوثق صور الفنّ ارتباطاً بالواقع وضعَها الخاصَّ الذي يرشِّحها لتمثيل أوضاع المجتمعين العربي والإيراني، خاصّة إذا كانت الرواية "واقعية"، وكلّ روايةٍ جيّدةٍ "واقعية ٌ" إذا فهمنا الواقعية ـ مع غولدمان Goldmanـ على أنّها إبداعُ عالم تشبه بنيتُه البنية الجوهرية للواقع الاجتماعي الذي كتب في ظله الأثرُ الأدبي. أما منهج المدرسة السلافية فقريبة من ناحية إلى المنهج الأمريكي للدرس الأدبي المقارن، وكلاهما يرکّزان علی نقاط التشابه والاختلاف بین الأعمال الأدبیة، کما وجّها اهتمامهما إلی النص الأدبي بعد أن أهمل في زحمة البحث عن الصلات التاریخیة بین الآداب فيعبّر (رينيه ويليك) أبرز منظّر للمدرسة الأميركية أو المدرسة النقدية للأدب المقارن عن منهجية هذه المدرسة بقوله: "أنا لم أكن بطبيعة الحال أسوق الحجج ضد شعب من الشعوب أو ضد مدرسة من الباحثين لها انتماء جغرافي محدد، بل كنت أسوق الحجج ضد منهج معين... التفسير العلي لا يؤدّي إلا إلى النكوص الذي لا ينتهي إلى الوراء. وما أدعو له ويدعو له كثيرون غيري هو إطراح المفاهيم الميكانيكية التي تستبعدها الحقائق، وهي المفاهيم التي ورثناها عن القرن التاسع عشر واحتضان النقد الصحيح. والنقد معناه الاحتفال بالقيم والصفات المميزة، معناه فهم النصوص التي يضم تاريخيتها ... ونرى نقده لنهج المدرسة الفرنسية المركّزة على علاقات التأثير والتأثر، كما نرى تركيزه على العلاقة الوطيدة بين النقد الأدبي والأدب المقارن. وفي هاتين النقطتين تلتقي المدرسة الأميركية بالمدرسة السلافية الدائرة في فلك النقد الماركسي. ويعبّر عن هذا الموقف أحد أبرز منظّريها (فيكتور جيرمونسكي)، إذ يؤكّد على أهمية التشابهات والاختلافات النمطية، خارج ضرورة المحاكاة أو التأثير الواعي، مشدداً في ذلك على الابتعاد عن تقاليد المدرسة الفرنسية، معلناً عن شبه تقارب مع طروحات رينيه ويليك.وترى المدرسة أن التشابه والاختلاف بین الأعمال الفنیة هو نتیجة "تشابه في البنی التحتیة للمجتمعات البشرية ذلك أن وحدة التطور الاجتماعي التاریخي للبشریة تشترط وحدة التطور الأدبي بوصفه إحدی البنی الأیدیولوجیة الفوقیة.
الأدب النظري للبحث وأمّا عن البنيوية التكوينية التي تدور في فلك النقد الماركسي، فيمكن القول إنّ الجهود التي بذلها الناقد المجري (جورج لوكاتش) Georg Lukacs في إطار المنهج الماركسي كانت بالأساس موجَّهة لدراسة شكل الأعمال الأدبية من خلال تأثره بأفكار الماركسية، فيعتقد الماركسيون بتأثير البنية التحتية على الفن والأدب، ويحاول أصحاب هذا المنهج وعلى رأسهم (لوكاتش) الربط بين المضمون الاجتماعي والعالم الروائي. يؤكد (لوكاتش) في أعماله ولا سيما "الرواية التاريخية" على المادّية التاريخية وعن علاقة الكاتب بالتاريخ وهي: «عنصر مهم من العناصر التي تؤلف علاقته بكامل الواقع ولا سيّما المجتمع» (لوكاتش، 1986م: 240)، وما يشكل حلقة الوصل في النظرية "اللوكاتشية" أنّه لا يفصل بين مضمون العمل الروائي وشكله، والتناقضات في المجتمع هي التي تحدّد مضمون الرواية. (لوكاتش، 1979م: 11) وعندما ننتقل إلى لوسيان غولدمان (Lucien Goldmann) نجد أنّه بلور أفكار أستاذه لوكاتش على وجه "شديد الإحكام" ويشير إلى أنّ «كل سلوك وكل فكر يعتبران محاولة لتقديم جواب دال عن وضعية محددة يعيشها أفراد فئة اجتماعية معينة بشكل يجعلهم يصطدمون بنفس المشاكل والعوائق.. كما أنّ هذا السلوك من جهة ثانية يعتبر محاولة لخلق توازن بين الذات الفاعلة والموضوع المفعول.» (غولدمان، 1996م: 15) وغولدمان من خلال دمج المنهجين الماركسي والبنيوي ابتدع البنيوية التكوينية و عليه فإنّ «الرواية تتناول العلاقة بين الشكل الروائي نفسه وبنية الوسط الاجتماعي الذي طور هذا الشكل داخله.» (غولدمان، 1993م: 21) وما سعى (غولدمان) إلى تطبيقه هو الربط بين الشكل الروائي والمجتمع المعاصر وأهم ما يميّز غولدمان عن (لوكاتش) «التوغل في التحليل البنيوي لمنجزات الخلق الثقافي من زاوية تشكلها ودلالاتها.» (عصفور، 1981م: 84) وهذا يمثل نقلة نوعية في مفهوم "الأبنية العقلية الهيجلية" التي ناقشها لوكاتش في أعماله التي كتبها في شبابه، وخاصة في كتابيه "نظرية الرواية" (1916م) و"التاريخ والوعي الطبقي" (1923م). وأظهرت البنيوية التكوينية - من خلال منظّرها الأشهر وتلميذ لوكاتش الأبرز (لوسيان غولدمان) - اهتمامها بدور الوعي التاريخي لدى الكاتب (غولدمان،2010م: 176)، ويمثل التاريخ والوعي التاريخي عنصراً مهماً في النص الروائي، فالتاريخ كما يشير الكاتب (عبدالله العروي) «يحمل معاني متعدّدة ناتجة عن تساؤلات منهجية ومعرفية وفلسفية مختلفة.» (العروي، 2004م: 9) والتاريخ للكاتب "العصري" -حسب قول لوكاتش- سوف يعتمد على الصراع بين نواياه الذاتية، والصدق والقدرة اللذين يرسم بهما الواقع الموضوعي. (لوكاتش، 1986م: 139) إن الصلة غير المباشرة بين الحياة الفردية والأحداث التاريخية – كما يقول لوكاتش- هي الشيء الأكثر حسماً من جميع الأشياء، «ذلك أن الناس يعيشون التاريخ بشكل مباشر. والتاريخ هو انبعاثهم وانحطاطهم، سلسلة أفراحهم وأحزانهم. وإذا استطاع الروائي أن ينجح في خلق شخوص ومصائر تظهر فيها على نحو مباشر المحتويات الاجتماعية – الإنسانية الملهمة، والمشاكل، والحركات... الخ، الخاصة بعصرٍ ما، فهو يستطيع عندئذٍ أن يطرح التاريخ "من تحت"، من وجهة نظر الحياة الشعبية. ووظيفة الشخصيات التاريخية في الكلاسيكيات هي هذه: حين تكون مشاكل وحركات كهذه قد جعلت ملموسة أمامنا بحيث نستطيع أن نعايشها مباشرةً، تتدخل الشخصية التاريخية لرفعها إلى مستوى من النموذجية التاريخية أعلى عن طريق تركيزها وتعميمها.» (لوكاتش، 1986م: 421) وإذا أخذنا الوجهة اللوكاتشية الغولدمانية في الحسبان، فيتبدى لنا أن هنالك قواسم مشتركة بين الإنسانين الإيراني والمصري تتجلّى في التاريخ الإيراني والمصري، قديمه وحديثه، ونرى أنّ الدافع من وراء اختيار الكاتبين الإيراني (محمد قاسم زاده) والمصري (جمال الغيطاني) للعصرين المغولي والمملوكي مادتين تاريخيتين أساسيتين لروايتيهما ليس إلا هموماً وقضايا قديمة معاصرة يشترك فيها المجتمعان الإيراني والمصري، فالعصر المملوكي الذي يعيد خلقه (جمال الغيطاني) في الزيني بركات كان عصر «تهتك وتبهرج...وكان من العادات الشائعة أن يأمر السلطان بتنفيذ أحكام الإعدام في مجلسه» (قلمة، 1995م: 187)، كما شهد هذ العصر المملوكي «نظاماً طبقيّاً وضحت فيه كل طبقة من طبقات المجتمع وضوحاً أملاه مركزها ونوع نشاطها وتشكل تلك الحقبة جزء مهمّاّ من التاريخ المصري فلا زالت تستمر بعض العادات والتقاليد التي كانت قد سادت في ذلك العصر، ولا ننسى أيضاً المعالم والآثار المعمارية التي شيّدها المماليك فهي لم تزل ماثلة للعيان.» (المرجع السابق: 16) وفي المقابل، فإنّ العصر المغولي الذي تحفر فيه رواية "توراكينا" لـ (قاسم زاده) يشكّل حقبة مهمة من التاريخي الإيراني، إذ قد حكم المغول البلاد في القرن السابع الهجري، والقتل والتنكيل السمة السائدة في المجتمع آنذاك حيث «كانت الحرب وعادات التسلط والتسليط هي الشغل الشاغل لكل رجل وامرأة.» (إقبال، 2000م: 114) ولا زالت بعض هذه السمات متجليّة في المجتمع الإيراني المعاصر، فلا يستطيع أي شعب أن يتخلّى عن ماضيه تماماً. ونجد في تناول الكاتبَين (قاسم زاده) و(الغيطاني) لكل عصر من تاريخ بلديهما ما يشي بهموم وشواغل مشتركة في اللاوعي الجماعي للمجتمعين الإيراني والمصري، إذ يشكل العصر المملوكي والمغولي بقعتين سوداوين في التاريخ المصري و الإيراني، فأراد الكاتبان في روايتيهما المدروستين تسليط الضوء عليها وقراءة تحديات الزمن الراهن من خلالها. وإذا أخذنا بموقف (لوكاتش) في تصوره عن التاريخ بوصفه مصوّراً لتاريخ الشعوب وانبعاثهم وانحطاطهم (لوكاتش، 1986م: 421)، فيصبح في مقدورنا افتراض التاريخ بصفته مضطلعاً بدور محوري في الخطاب الروائي عند (محمد قاسم زاده) و(جمال الغيطاني)، كما يكشف هذا التوجّه لدى الكاتبين عن جوانب مهمة في المجتمعين الإيراني والمصري، يشترك فيها الكاتبان أو يختلفان.
خلفية البحث وبعد البحث والتقصي عن الأبحاث التي تناولت الرواية الفارسية والعربية وجدنا كتاب "الجيران في شرق المتوسط: الرواية السياسية بين الفارسية والعربية أحمد محمود وعبدالرحمن منيف نموذجاً" لـ (يدالله ملايري)، إذ یعقد الباحث فيه مقارنة بين أعمال (أحمد محمود) و(عبد الرحمن منيف) الروائية، كما يدرس علاقة الرواية بالتاريخ في روايات الكاتبين في فصل مستقل، كما أن هناك رسالة ماجستير للباحثة (معصومة قرباني) نوقشت عام 1398ه.ش/ 2019م في قسم اللغة العربية بجامعة طهران – مجمع الفارابي بعنوان "المحنط لجواد مجابي والزيني بركات لـ(جمال الغيطاني) دراسة مقارنة (بررسی همسنج مومیایی جواد مجابی والزینی برکات جمال الغیطانی)، وثمة أيضاً مقال للباحثة سامية أحمد بعنوان "عندما يكتب الروائي التاريخ"، تتناول فيه الرواية التاريخية والرواية التي تأخذ مادتها من التاريخ ثم تحلل روايتي "الزيني بركات" لجمال الغيطاني و"الكرنك" لنجيب محفوظ، وأهمّ ما توصّل إليه البحث أنّ "الزيني بركات" ليست رواية تاريخية، بل هي رواية تأخذ مادتها من التاريخ، وأنّها تتناول الإنسان المقهور المقموع في جميع العصور، وعند الانتقال إلى رواية "الكرنك" يجد البحث أن أسباب هزيمة الشعب المصري واحد، رغم "اختلاف السياق التاريخي" للروايتين، وهناك مقال آخر للناقدة (سيزا قاسم) يحمل عنوان "المفارقة في القص العربي المعاصر"، تحلل فیه تقنیة "المفارقة" في ثلاثة أعمال من جیل الستینیات رواية "الزيني بركات" لجمال الغيطاني ومجموعة قَصصية بعنوان "حكايات الأمير" ليحيى الطاهر عبدالله، ورواية "اللجنة" لصنع الله إبراهيم، وأبرز ما تناول المقال أنّ "المفارقة" استخدمت "لخداع الرقابة"، وتتبدّى المعارضة في "الزيني بركات" مع "حوليات ابن إياس" من خلال سعي الغيطاني إلى كشف المعطيات "الاجتماعية والثقافية والسياسية لحقبتين تاريخيتين. وأمّا يحيى الطاهر عبدالله فيدعو من خلال الحكايات الشعبية إلى رفض المجتمع الذي يسوده الظلم والفساد، والأمر يختلف عند "صنع الله إبراهيم" في رواية "اللجنة" التي تناقش قضية "المعرفة" في المجتمع الذي يعاني من تزييف المعرفة وكما أنّ فرض إيديولوجية معينة على المجتمع ينتهى بـالقمع المعرفي"، كذلك هنالك دراسة لـ (محمد رياض وتار)، بعنوان "توظيف التراث في الرواية العربية المعاصرة"، وهي دراسة تشرح طرق توظيف التراث في الرواية العربية، وتفيد أنّ بعض الروائيين في العقود الأخيرة توجّه لتوظيف التراث من خلال العودة للتراث مثل الحكايات والسير الشعبية، وفن المقامة... ويأتي التراث ليناقش الحاضر من خلال إسقاط الماضي على الحاضر، ودرس (سعید يقطين) في كتابه "تحليل الخطاب الروائي" رواية الزيني بركات دراسة بنيوية، ومن الدراسات الأخرى التي تناولت هذه الرواية مقال لجميل حمداوي بعنوان"الزيني بركات بين التخييل التاريخي والتأصيل التراثي"وتوصلت الدراسة إلى أنّ الرواية تندرج ضمن التخييل التاريخي أي أنّ التاريخ بمثابة قناع واتخذت الرواية زمن المماليك للإشارة إلى مصر الستينيات، وتحلل دراسة "الرواية بين الحكاية والتاريخ في رواية الزيني بركات" لميسوم عبدالقادر تداخلَ الحكاية مع التاريخ بأسلوب التدوين التراثي حيث استطاع الغيطاني من خلال "المعارضة"لحوليات ابن اياس أن يبرز اختلاف العصرين و"توافقهما من خلال "عملية الاسقاط". ولا بدّ أن نشير هنا إلى الفرق بين هذه الدراسة وسابقاتها أنّها أول دراسة تقارن "الزيني بركات" برواية "توراكينا" لـ"محمد قاسم زاده"، كما أنّ هذه الدراسة هي أول دراسة جادة تتناول روايات "محمد قاسم زاده"رغم الموقع الذي يحتلّه هذا الكاتب برأينا على خارطة الرواية الفارسية، ومما يزيد على جدّة هذ الدراسة اعتمادها على منهجي البنيوي التكويني والمادية الجدلية. علاقة الرواية بالتاريخ لدى محمد قاسم زاده وجمال الغيطاني والتاريخ في الراوية عند (قاسم زاده) و(الغيطاني) يحمل دلالات ورؤى يرتبط بما يريد الكاتبان إيصاله يشتركان في تصويره حيناً ويختلفان حيناً آخر. وعن تعامله مع التاريخ وتحويل "الوثيقة التاريخية" إلى رواية يقول قاسمزاده: "بما أنّ الروائي يتعامل مع الشخصيات والأحداث يتجاوز حدود الأحداث وينفذ إلى قرارها... وأنا أحاول أن أبين أشياء أغفلها المورخ"، هكذا ينظر (قاسم زاده) للتاريخ ورواية "توراكينا" تحاول أن تسلّط الضوء على هذه النقطة أيضاً. والتاريخ عند (الغيطاني) ينبع من إحساسه بالزمن فهو ليس"مجرد رواية أحداث،بل إعادة رواية أحداث بهدف التأثير على ما هو كائن الآن و هذا ما قرأت به تجربتي في رواية (الزيني بركات).. فكل الحقائق في الرواية حقيقة وواقعية، فككتها وأعدت تركيبها بما يتناسب والقضية التي أريد أن أطرحها. (عاشور، 1998م: 417) وإذا أخذنا الروايات التي تستلهم التاريخ نجدها تأتي على شكلين: الأول يتناول التاريخ على اعتباره مادة حكائية، والروائي هنا لا يغير الكثير في أحداث التاريخ وبهذا فالكتابة الروائية فهي شديد القرب من الكتابة التاريخية والثاني يقوم على استلهام الشكل التاريخي واسقاطه على الواقع المعيش من خلال الماضي المنقضي الذي يمكن أن يعيد نفسه. (الشمالي، 2006م: 123) ويتراءى لنا أن الروايتين "توراكينا" لـ (قاسم زاده) و"الزيني بركات" لـ (الغيطاني) تندرجان ضمن الشكل الثاني لاستلهام التاريخ. وسوف نحاول في هذه الدراسة أن نسلط الضوء على التاريخ والغرض من استلهامه في الروايتين اللتين سنتناولهما للمقارنة والتحليل، وقد قسّمنا الدراسة إلى الفقرات الآتية: رمزية المرأة للقمع في الخطاب الروائي الذي يوظّف التاريخ ويذهب كلّ من قاسم زاده و(الغيطاني) إلى حقبتين من التاريخين الإيراني والمصري، فالأول يتناول الفترة المغولية والثاني العصر المملوكي. وحين يتناول قاسم زاده العصر المغولي يجد فيه الكثير من الأسئلة المسكوت عنها والمغيّبة في التاريخ العام وهو يتناول ثنائية الانتصار والهزيمة – حسب قول (فيصل دراج) - وهنا «يبدو التاريخ، لدى المدافعين عنه أو المنتسبين إليه علماً موضوعياً مبرّأً من الأهواء والمصالح. لكن هذا المنظور الذي يريد أن يكون موضوعياً، يصيبه الارتباك لأكثر من سبب: إنّ التاريخ، غالباً علم سلطوي وعن السلطة، يدور حول مقولتين سلطويتين، هما الانتصار والهزيمة.» (دراج، 2004م: 82) ونقرأ في التاريخ عن "توراكينا": «لأنّ مشيئة الرب تحققت ورحل ملك العالم قاآن..ولأنّ توراكينا كانت أمّ الأولاد الكباروكانت معروفة بذكائها ودهائها ...يجب أن يتولى الحكم شخص حتى لا تهمل أحوال السلطة ولا ترتبك أحوال الشعب ..اتّفق أبناء الملوك أن توراكينا أمّ الأولاد الكبار تستحق الخانية(الحكم والسلطة).» (جويني، ج1، 1385ش: 289) لكنّ الخطاب الروائي لا يأخذ التاريخ على علاته بل نرى في الرواية أن بايدو ابن إينكيانو – حسب وصية الملك الوالد- يتولى السلطة بعد وفاته: «وفق وصية الوالد تولى بايدو الحكم بعده وعلى كوكي وبهادر ومولى أن يطيعوه.» (توراكينا،1397ش: 99) وكما يدلّ المقبوس لم تعتل (توراكينا) السلطة بعد وفاة والدها السلطان "انكيانو" فالأحداث والوقائع في الرواية لا تتبع المسار نفسه في التاريخ العام، وهنا يتغيّر التاريخ وفق منطق الخطاب الروائي. والتاريخ كما يشير (غولدمان): «إذا أراد أن يتجاوز مجرد تسجيل الأحداث، فيجب أن يصبح تفسيريّاً» (غولدمان، 1996م: 49)، والتاريخ عند (قاسم زاده) في رواية "توراكينا" فيقترب من نظرة "غولدمان" فهو ليس تسجيل للحدث التاريخي بل هو يرتبط بالواقع المعاصر ليضيء جوانبه: «أخذت توراكينا مصدق إلى بهو كبير في جوار غرفة جلوس الملك، وما إن وطأت قدم مصدق حتى شاهد جمعاً غفيراً من المغول، الرجال والنساء جالسات في خمسة طوابير.ونظراتهم تدلّ أنّهم لا يرون شيئاً.. لايرفّ لهم جفن. جلس مصدق على منصة زمردية وبدأ بعدّهم.» (قاسم زاده، 1397ش: 22) ويدلّ المقبوس أنّ (قاسم زاده) يريد أن يتحرى الدقة في تسليط الضوء على الأحداث من خلال التاريخ وأحداثه ووقائعه، فجمشيد مصدق الشخصية /الراوي يحاول أن يروي كل ما تقع عينه عليه عن قرب بالإضافة إلى تدوين كافة التفاصيل عند سفره عبر الزمان في الرواية، وجمشيد مصدق عين ترقب وأذن تسمع فهو يحاول أن يدوّن بأمانة وصدق الأحداث، ولعل غرض (قاسم زاده) من وراء شخصية مصدق هو أنّها شخصية من عصرنا الحاضر تعيش في زماننا تريد قراءة التاريخ بعيون معاصرة، وكان دأب مصدق أن يحصل على كافة ما يتعلق بحياة (توراكينا) ليضيء كافة جوانب حياتها للمتلقّي، وما يبرهن كلامنا عن قراءة التاريخ بعيون معاصرة أو ترهين التاريخ اختيار توراكينا نفسها لتكون موضوع أطروحة الدكتوراه للراوي جمشيد مصدّق، ومن ثم شخصية من الشخصيات الرئيسية للرواية، تطغى أهميتها ليس على ذهن الراوي فحسب بل على الرواية بأكملها بحيث تحتوي على عنوان الرواية لتصبح "توراكينا" محتوياً لمدلول الرواية كلها فـ«العناوين عبارة عن علامات سيميوطيقية تقوم بوظيفة الاحتواء لمدلول النص، كما تؤدّي وظيفة تناصية.» (حمداوي، 1997م: 98)، والوظيفتان هاتان ملحوظتان في عنوان "توراكينا" وكذلك - كما سنرى - في عنوان "الزيني بركات". وأن تهتم رواية بشخصية نسائية من بين الكم الهائل من الشخصيات الرجولية في التاريخ، لا سيما التاريخ المغولي، خير دليل على اهتمام الراوي ومن ورائه الروائي إلى قضية من أهم قضايا الإنسان المعاصر في إيران ومصر والمنطقة كلها، ألا وهي قضية المرأة، ونرى ذلك في كلام الراوي المتماهي بالروائي حين يقول: «قال مصدق:أنا لم أكن اهتم بالنساء كثيراً إلى أن ظهرت توراكينا فجأة، فأدركت أن هناك أمرأة أيضاً. ولا أعرف أبداً لماذا اخترتُ بهذا الشغف توراكينا موضوعاً لأطروحتي. هل تصدقين انّي قرأت منظومات نظامي بمشقة، لكنّني أحفظ مؤلفات عطّار. في البدء توراكينا و الآن أنتِ كيف حتى هذه اللحظة لم أر أي امرأة؟!» (قاسم زاده، 1397ش: 149) ولا غرو في أن تتوجّه الروايتان نحو قضية المرأة للتعبير عن التاريخ القمعي الذي أناخ بكلكله على حياة الإنسانين الإيراني والمصري، فقضية المرأة قضية تحمل في طياتها قضايا مهمة على رأسها قضية القمع بألوانها كلها، فالمرأة – حسب قول (مصطفى حجازي) - هي «أفصح الأمثلة على وضعية القهر بكل أوجهها ودينامياتها ودفاعاتها في المجتمع المتخلف. في وضعيتها تتجمع كل تناقضات ذلك المجتمع... إنّها أفصح معبّر عن العجز والقصور، وعقد النقص والعار، وأبلغ دليل على اضطراب الذهن المتخلف من حيث طغيان العاطفية، وقصور التفكير الجدلي، واستحكام الخرافة... فهي رائدة الانكفاء على الذات والتمسك بالتقاليد، وضعيتها تمثل أقصى درجات التماهي بالمتسلط من خلال ما تعانيه من استلاب، توجهها الوجودي تتحكم فيه وسائل السيطرة الخرافية على المصير.» (حجازي، 2005: 199) وبانتقالنا إلى نص (الغيطاني) نجد أنّ الأحداث التي عصفت بالمنطقة العربية، لا سيما المجتمع المصري، وأهمّ هذه الأحداث وأمرّها هزيمة حزيران 1967، هي التي دفعت بالكاتب إلى اللجوء إلى العصر المملوكي، إذ يجده شديد الشبه بالعصر الحاضر، فنجد أنّ الرحالة فياسكونتي جانتي/ الرواي يصوّر مصر في مفتتح الرواية: «تضطرب أحوال الديار المصرية هذه الأيام، وجه القاهرة غريب عني، ليس ما عرفته في رحلاتي السابقة، أحاديث الناس تغيرت، أعرف لغة البلاد ولهجاتها، أرى وجه المدينة مريضاً يوشك على البكاء، امرأة مذعورة تخشى اغتصابها آخر الليل، حتى السماء نحيلة زرقاء، صفاؤها به كدر، مغطاة بضباب قادم من بلاد بعيدة، أذكر قرى الهند الصغيرة إذ يدركها الوباء، يثقل هواؤها بالرطوبة، الليلة، تنتظر البيوت أمراً قد يأتي غداً أو بعد غد، أصغي إلى وقع حوافر تصطدم بحجارة الطريق، تبعد، تنأى، أطل من مشربية البيت محاذراً يراني أحد، أطل والظلام يلف البيوت، لا أرى مئذنة جامع السلطان الغوري الجديد، لم تمض سنوات على بنائه، لم أره عندما جئت هنا آخر مرة قبل رحيلي الطويل إلى الشرق، سمعت باستعدادات تجري لبنائه، تشييد القبة الضخمة المواجهة له، أطل برأسي قليلاً، أخاف انفتاق الظلام عن وجوه درك قساة القلوب، إذ يجدونني أفرنجيا، يدفعون بي إلى الموت بلا محاكمة، لا استجواب ...» (الغيطاني، 1994م: 7) ويشير المقبوس إلى حالة المجتمع آنذاك كما يصوره الرحّالة "فياسكونتي جانتي" حيث ضاع فيه الأمان، والمرء يخاف على حياته أن يعتقل ويزجّ به في السجن دون محاكمة ،وقد تشير الرواية إلى مصر في ستينينات القرن الماضي حيث قمع للحريات واسع، حسب ما قاله الناقد المصري "حمدي حسين" في مستهلّ دراسة له لرواية "معبود الطين" المنشورة عام 1966 لـ "محمود تيمور": «فقد كانت الشعارات التي تمجّد الحرية والكرامة شعارات جيدة، وفي الوقت ذاته كانت المعتقلات تستقبل كل من يتجاسر من أصحاب الرأي الآخر على رفع صوته.» (حسين، 1997م: 127) ونلاحظ أنّ (جمال الغيطاني) يجعل التاريخ الوسيط في زمن الحكاية - أو زمن الأحداث التاريخية المروية - معادلاً موضوعياً لأوضاع مصر الراهنة في زمن الكتابة، إذ يصور القاهرة المملوكية لكنه يشير إلى الحاضر المعاصر فـ"القاهرة" الحالية كانت أحوالها وما مرّ عليها وقتها يشبه إلى حدّ بعيد "القاهرة" المملوكية، إذاً يجعل (الغيطاني) من التاريخ وأحداثه مجرد قناع ليصور به الحاضر، والقاهرة التي يصوّرها فياسكونتي جانتي ليست كما عهدها فهي في حالة ترقب وتوجس تنتظر وقوع حدث قد يغير الكثير، بالإضافة إلى ما كان قد طرأ عليها من تغييرات كما يصوّرها فياسكونتي جانتي، ولعل (الغيطاني) أراد من كل ذلك أنّ يقارن من خلال الرحالة الإيطالي أحوال القاهرة أو مصر قبل وبعد أن شهدت أكبر هزيمة في تاريخها في زمن المملوكيين على يد العثمانيين الذين دخلوها سنة 923هـ، وهي بذلك يمكن أن تضاهي القاهرة الحالية بعد أن منيت بهزيمة 1967م. ونرى أيضاً في ذلك المقبوس حضوراً طاغياً للمرأة من ناحية الأهمية والكيف إن لم يكن من ناحية الكم والفضاء النصي المخصّص لها في مستهل الرواية هذا، فيأتي ذلك الحضور في التشبيه الذي يستخدمه الرحالة / الراوي للتعبير عن أوضاع القاهرة حين يقول: «أرى وجه المدينة مريضاً يوشك على البكاء، امرأة مذعورة تخشى اغتصابها آخر الليل.» ويتراءى لنا أنّ استخدام هذا التشبيه، سواء عُدّ تشبيهاً بليغاً أو من قبيل الذي قد يُذكر فيه فعل ينبئ عن التشبيه (التفتازاني، 1387ش: 541) يدّل على "مشابهة قوية" بين المدينة والمرأة المذعورة التي تخشى اغتصابها، كأنّ القاهرة أو "الديار المصرية هذه الأيام" تشابهت أو تماهت –حسب قول بعض الباحثين- مع المرأة المذعورة الخائفة من الاغتصاب (عمراني پور، گفتگوی ویژه). وما يؤكّد هذه القراءة أنّ الراوي يذكر بعد سرد التقائه بـالزيني بركات "حادثة الجارية الرومية"، لا سيما أن هذه الحكاية تأتي بعد أن يسأل الزيني بركات الراوي/ الرحالة عن ما يجري في البلاد التي رحل إليها، ومن ضمنها استفساره عن «حرية النساء في بلاد الفرنجة والعدل في الرعية.» ويقول الراوي/الرحالة: «وقتها سمعت حادثة طريفة فصل فيها الزيني بنفسه، حدث أن أرسلته جارية رومية بيضاء تستغيث به، قيل إنّها لم تتجاوز الخامسة عشرة، اشتراها من سوق الجواري رجل كبير السن، يعمل في استقطار ماء الورد، ضخم الجثة، نهم، كثير الأكل، كثير النكاح، ومنذ شرائه الجارية الرومية البكر الحسناء، تفرغ لها تماماً، هجر معمله، لم يعد يخرج من بيته، لا يمضي إلى الصلاة، بل يأتيها كابن العشرين في أوقات متعددة ومختلفة من النهار ومن الليل، حتى زعموا-وأظنه تشنيع من العامة- أن صوتها يعلو خارج البيت، فيسمعه المارة بوضوح، يبدأ حادّاً، يسمع جري الأقدام، يسود صمت لا يستمر كثيراً حتى يعود بعد قليل من جديد، شهد الجيران بهذا و رقوا لها، تساءلوا فيما متى تنام البنت إذ إن صوتها لا يهدأ ليلاً و لا نهاراً، قالها الرجال بحسد، لم ترتفع عيونهم عن باب البيت الذي لم يفتح أسبوعاً كاملاً، وصار الشبان يرقبون المشربيات، وإذ تعلو صرخات البنت، يتضاحكون ويتغامزون، ويشد بعضهم شعر بعض، وقال سقّاء يحمل الماء إلى البيت-استدعاه الزيني بركات إلى الشهادة- إنّه سمع بأذنيه صراخ الحرملك، قال إنّه رآها مرة تطلّ من نافذة المشربية المطلة على فناء البيت الداخلي، منفوشة الشعر، خرج يهز رأسه متعجبًا مما رأى..» (الغيطاني، 1994م: 10-11) ومن خلال الربط بين المشهدين، مشهد "المرأة المذعورة الخائفة من الاغتصاب" ومشهد "الجارية التي لا يهدأ صوتها ليلاً ولا نهاراً"، تتبدّى لنا بوضوح رمزية المرأة في خطاب الرواية الاستهلالي، وحين نسترجع تشبيه المدينة/ القاهرة/الديار المصرية بالمرأة المذعورة، تترسخ رمزيةُ المرأة، وعلى وجه التحديد المرأة المغتصبة، بوصفها رمزاً للوطن/ للبلدان التي تصرخ مستغيثة تحت السلطة الاستبداد الذكوري، ضخم الجثة، النهم، كثير الأكل، كثير النكاح، الذي تفرغ لها تماماً. وهذا ينسجم تماماً مع ما يقوله فيصل دراج عن هذه الرواية في كتابه "الذاكرة القومية في الرواية العربية": «قصد جمال الغيطاني، في روايته الشهيرة الزيني بركات، إلى الكشف عن العالم الداخلي لأجهزة القمع التي تطمح إلى الارتقاء بأساليب القمع إلى مرتبة علم جليل، وإظهار قدرة هذه الأجهزة على الإجهاز على الإنسان ومنعه عن الرغبة بالحياة. لكنه قصد قبل هذا وذاك إلى الربط بين قمع المجتمع والهزيمة الوطنية، أمام العدو الخارجي مما جعل عمله، بقصد أو من غيره، شهادة روائية فريدة على الاستبداد المدمّر، ومرآة واسعة لتأمل هزيمة حزيران/يونيو 1967. بل إنّ (الغيطاني) ، الذي ذهب إلى الماضي، كي يرى الحاضر بصفاء أكبر، استطاع في عمله الكبير أن ينتج عملاً روائياً يتأمل القمع في أزمنته المختلفة، ذلك أنّ ما رواه عن عسف "والي مصر" في القرن السادس عشر الميلادي، ينطبق على حكّام غيره، قبل ذلك الزمان وبعده.» (دراج، 2008م: 150) وقد يحمل رمز المرأة دلالات ، منها دلالة الوطن المهدد من جانب الأعداء المترصدين له في الداخل والخارج، وكذلك اضطهادها في المجتمع الذكوري، وبهذا قصد النص من خلال تصويره لمشهد المرأة أن يسقط الماضي على الحاضر . توظيف الشكل التراثي التاريخي في"توراكينا" و"الزيني بركات" بدأت فكرة اللجوء إلى التراث في الرواية العربية ضمن محاولات التجريب في مختلف الأقطار العربية، وقد بدأ التجريب والخروج على الأنماط التقليدية في الرواية العربية و«ما سمّي بالحساسية الجديدة في مصر لا يمكن حصره في مجموعة من الروائيين وفي جملة من الاتجاهات، بل هي أمور مشتركة بين العديد من الكتاب في مختلف الأقطار العربية رأوا أنّه آن الأوان للخروج من الأنماط التقليدية المستهلكة، والمبادرة بكتابة نصوص تقطع نسبياً مع ما تعوّده القراء.» (طرشونة، 1998م: 27) وكانت ستينيات القرن الماضي بما شهدته من أحداث دفعت بالروائيين لمحاولة الخروج على الأنماط السائدة في الرواية العربية. وقد نتج عن ذلك أربعة مسالك، هي «مسلك "تيار الوعي" وقد سماه إدوار الخراط بالتيار العضوي أو الداخلي، والمسلك المتناقض له وهو "الرواية الجديدة"، وقد سماه تيار التشييئ، ومسلك الواقعية الجديدة التي قد تتماهى مع الرواية الذهنية... وأخيراً المسلك الخاص بالرواية العربية وهو توظيف التراث أو التيار التراثي.» (المرجع السابق: 28) ونرى في الرواية الفارسية ما یقترب من ذلك الاتجاه الذي شهدته الروایة العربية، وهذا ما يطلق عليه الباحث الإيراني علي تسليمي تيار "الحداثة الخاصة"، وذلك مقابل التيار الحداثي الذي بدأ من جمالزاده وانتهى بصادق هدايت وبعض الروائيين الآخرين كما يقول تسليمي، أما "الحداثة الخاصة" فـ «حداثة بسمات خاصة تنحو نحو الشكل والبنية، ويبدأ هذا التيار الحداثي الحافل بصور ومشاهد سينمائية متداخلة ذات مفارقات زمنية كثيرة بـ (ابراهيم گلستان)، كما يلعب استخدام تقنيات تيار الوعي والسيريالية والواقعية السحرية، دوراً فعالاً في أعمال كثيرة لهذا التيار الحداثي الخاص يجعلها متاخمة مع تيار ما بعد الحداثي، فليست هناك حدود فاصلة حاسمة بين التيارين الحداثي وما بعد الحداثي.» (تسليمي، 1393ش: 217) مما لا شك فيه لدينا أنّ الكثير من تقنيات العجائبية التي اعتاد على استخدامها الروائيون الفرس والعرب الحداثيون منهم وما بعد الحداثيون - بما فيها السيريالية والواقعية السحرية - نابعة من التراث الشرقي المتمثل بروائع مثل "ألف ليلة وليلة" و"كليلة ودمنة". وفي ضوء هذين الاتجاهين الحداثيين القريبين من ما بعد الحداثية – إذا اتفقنا مع تسليمي – يتجه كل من (الغيطاني) و(قاسم زاده) إلى استخدام الأشكال التراثية في السرد ولا سيما التراث التاريخي، فنرى أنّ (الغيطاني) يتجه نحو التراث التاريخي في رائعته الزيني بركات، كما يتجه نحو التراث الصوفي، في "كتاب التجليات"، مما يجعله قريباً من طريقة الروائي الإيراني (محمد قاسم زاده)، إذ يتجّه إلى الشكل التاريخي في "توراكينا" و"الملك على حصان الريح" والتراث الصوفي في "المدينة الثامنة" (شهر هشتم) و"قطف الريح"، فهما يشتركان في الاتجاه نحو التراث، ليبرز الشكل التراثي التاريخي بوصفه أحد المكونات التراثية المهمة في روايتيهما المدروستين في هذه الدراسة. ويتناول (قاسم زاده) العصر المغولي في أيام (توراكينا) زوجة (أوكداي) نجل (جنكيزخان) الذي تولّى بعده مقاليد الحكم من سنة626 للهجرة حتي عام 639. وتولّت (توراكيناخاتون) الحكم بعد وفاة زوجها (أوكداي) (جويني، ج1، 1385ش: 9 و289-292؛ اشپولر،1351ش: 42-46؛ خواند امیر، ج1، 1380ش: 48-58)، لكنّ الرواية في تناولها هذه الشخصية النسائية التاريخية تسكت عن فترة حكمها وتركّز في النص على حياتها بوصفها امرأة تحكي حكاية السلطة حين تمتلك سلطة الحكاية في بعض فصول الرواية، إلى جانب الساردين الغائب و(جمشيد مصدق). وقد جاء في الرواية أنّها ابنة "انكيانو" وهو الذي كان قد وُلّي من قبل "أباقا" خليفة هولاكو على إقليم فارس «فضبط شؤون الإقليم في مدة حكمه التي استمرت ثلاث سنوات (667-670هـــ) ونشر العدل وسحق المتمردين.» (إقبال، 2000م: 386) ولعل الغرض من وراء مخالفة بعض ما جاء في كتب التاريخ لدى (قاسم زاده) هو الكشف عما سكت عنه التاريخُ الرسمي، وهو في الغالب الأعم في الخطاب الفني الحديث القمعُ الذي مورس ضدّ الشرائح المضطهدة، إذ يرى الروائي/الفنّان نفسه في مصاف المهزومين و«يبدو التاريخ، لدى المدافعين عنه أو المنتسبين إليه، علماً موضوعياً مبرأ من الأهواء والمصالح، وخاصة حين يدور حول مقولتين سلطويتين، هما الانتصار والهزيمة، ينتج ويعاد إنتاجه في مؤسسات سلطوية.» (دراج، 2004م: 82) وهذا يتوافق مع ما تحاول الرواية إبرازه من خلال شخصية توراكينا، حين تسرد هذه الشخصية النسائية الأحداث التاريخية بطريقةٍ تجعل جمشيد مصدّق يرى التاريخ من وجهة نظر تختلف تماماً مع المصادر التاريخية التي استخدمها في كتابة أطروحته، وهذا ما يعبّر عنه هذا الباحث الجامعي في تاريخ توراكينا: «بهذه الملاحظات، صرت أعتقد أنّه عليّ إعادة كتابة أطروحتي، فالكلام الذي قاله عنك الآخرون لا صحة له مع ما تقولين، لا يبقى لكلامهم أية قيمة أبداً.» (قاسم زاده، 1397ش: 23) ومن خلال المقبوس نلاحظ أنّ الرواية، وبتوظيف الشخصيتين/الراوئيتين "جمشيد مصدق" و توراكينا، تريد أن تكشف الكثير عن حياة توراكينا والعصر المغولي، ونرى أنّ جمشيد الذي خصّص ثلاث سنوات من حياته لكتابة أطروحته عن تاريخ توراكينا قد ألفى أنّ ما قرأه في المصادر التاريخية لا قيمة لها إزاء ما تكشفه له توراكينا نفسها، وما عايشه جمشيد مصدق عن كثب، وذلك حين أخذته توراكينا في جولة غرائبية إلى عصرها ليشهد عن قرب بعض ما خبرته هي، ليعيد كتابة التاريخ. إذن نرى أن رواية توراكينا تحاول إعادة خلق التاريخي ومساءلة التاريخ من خلال شكل فني يقترب من الكتابة التاريخية من ناحية سرد الأحداث، لكنّها تختلف من ناحية وجهة النظر والتبئير، إذ تقوم شخصية تاريخية نسائية - وكذلك الراوي الغائب أحياناً- بسرد ما جرى لها ولغيرها من الأحداث في فترة من فترات العصر المغولي في إيران. هناك نقطة مهمة أخرى، في ما يتعلق بشخصية توراكينا والمنظور الذي ترى الرواية من خلاله إلى التاريخ، وهذه النقطة عبارة عن سكوت الرواية عن الفترة التي تستلم فيها هذه الشخصية التاريخية النسائية مقاليد الحكم، وهو سكوت يعادل موضوعياً حرمان المرأة عن تسلم مقاليد السلطات العليا في العصر الحاضر في المنطقة كلها! في ما يخصّ بتوظيف الشكل التراثي التاريخي في الروايتين المدروستين واختلاف الخطاب التاريخي الموروث عن الخطاب الروائي الحداثي علينا أن نعمّم قول الناقد سعيد يقطين عن رواية "الزيني بركات" على رواية "توراكينا" أيضاً، - وكذلك كل رواية جيدة أخرى توظّف التاريخ فنياً في إطار الروايات المسمّاة بـ "روايات التخييل التاريخي" - لنضمّ صوتنا إلى صوته تأكيداً لنقطة تلاق مهم بين الروايتين السالفتين، وذلك حين يقارن بين الخطاب التاريخي التقليدي المتمثل بـ "بدائع الزهور" لابن إياس والخطاب الروائي في "الزيني بركات"، ويقول سعيد يقطين: «وهكذا فالخطاب التقليدي التاريخي [...] يتصف على صعيد الزمن بالتسلسل، وعلى صعيد الصيغة والرؤية الأحادية أي أحادية الصوت المهيمن وصيغة السرد المهيمنة، وهو في كل هذه الحالات يتوجه إلى المروي له الأحادي، ونقيض ذلك مع الزيني بركات[...]. إن التعدد والتحول علاوة على كونه يمارس خروجاً على الأحادية وأبعادها يتجاوز الارتخاء الذي نحس به كمتلقين عندما نتعامل مع الخطابات الأحادية، بخلقه لنوع التوتر لدى المتلقي، وإذا كان الخطاب الأحادي يتصف بالشفافية، فنقيضه الخطاب المتعدد الذي يطفح بالعتامة.» (يقطين، 1997م: 371)، وهكذا يختلف الخطاب التاريخي الذي يراعي التسلسل التاريخي في سرد الأحداث عن الخطاب الروائي في أنّه لا يلتزم بالتسسل الزمني إذ يُخضع الروائي الزمن وفق منظور الخطاب الروائي ويتلاعب به كما فعل قاسم زاده في رواية "توراكينا" في ارتداده من الزمن الحاضر إلى الماضي و تلاعب الغيطاني بالزمن في رواية "الزّيني بركات" وجعله دائرياً. وأخيراً وليس آخراً في ما يتعلّق بتوظيف الشكل التاريخي الاختلاف الذي نراه على مستوى التبويب أو تقسيم الفصول بين الروايتين من ناحية والتاريخ من ناحية أخرى، ففي "توراكينا" إن الفصول غير معنونة بل مرقّمة من الواحد إلى الخمسين، وفي "الزيني بركات" تنقسم الرواية إلى خمسة سرادقات من السرادق الأول إلى السرادق الخامس، وكل سرادق يحتوي على عناوين فرعية سمّي كل واحد منها – باسم شخصية من شخصيات الرواية، أو حدث من أحداثها، أو يوماً محدداً من أيامها، ويعبّر هذا التقسيم في كلتا الروايتين عن تعدد في الشخصيات والأحداث وأنماط السرد ومفارقة في الأزمنة السردية، أما في الخطاب التاريخي في المصدرين الأصليين اللذين نظنّ أن الكاتبين راجعا إليهما في استلهامهما لتاريخ العصرين المغولي في إيران والمملوكي في مصر فنرى الفصول - أو ما يعادل العناوين الفرعية في الخطاب الفني - مقسّمة طبق الأحداث التاريخية أو باسم الملوك مع ذكر السنوات التي كانوا يحكمون فيها. أما العنونة بالأحداث التاريخية هي المنهج الذي اتبعته (عطاء ملك جوينی) في "تاريخ جهانگشا"، في حين أنّ في "بدائع الزهور في وقائع الدهور" لـ (محمد بن أحمد بن إياس الحنفي) فجاءت الفصول باسم الملوك مع ذكر السنوات التي حكموا فيها. ونرى في كلتا الحالتين التزاماً بتسلسل الأحداث والأزمان في المصدرين التاريخيين السالفين وأحادية الصوت السردي، مقابل التحرر من ذلك الالتزام في النصين الروائيين المدروسين. وملخص القول أن اختلاف تقسيم الفصول في النصين الروائي والتاريخي نابع بالأساس من مفارقة الزمن الروائي لـ «مبدأ أساسي من مبادئ الزمن التاريخي، وهو الخطية.» (القاضي، 1998م: 46) ربط الماضي بالحاضر في "الزيني بركات" و"توراكينا" يشترك كلّ من (قاسم زاده) و(الغيطاني) في استلهامهما للتاريخ و(قاسم زاده) عندما يلجأ للتاريخ يقترب من تصور فيصل دراج للتاريخ، حيث وعي الماضي هو تعبير عن الحاضر. و«يصبح الوعي الماضي، في الوعي التاريخي، وعياً بالحاضر، الذي يجرّ الماضي إلى الحاضر ويعطف الزمنين.» (دراج، 2004م: 82)، ويرتبط التاريخ بالحاضر كما نلاحظ: «أنا كنت أفكر فيك طوال السنوات الثلاث هذه؟ من أنت؟..تقدمت المرأة خطوة إلى الأمام.قبل لحظات ختمت رسالتك بجملة حول سيرة حياتي.. قال مصدق:توراكينا...قالت المرأة: نعم! أنا هي توراكينا.» (قاسم زاده، 1397ش: 9) ونلاحظ من خلال المقبوس أنّ الهدف من وراء لجوء (قاسم زاده) للتاريخ هو توراكينا وتلك الحقبة المظلمة التي كانت تعيشها من قتل وتدمير وفتن يسود المجتمع وأنّه على المعاصرين أن لا ينسوا هذه الشخصية "توراكينا" وأن يتوقفوا عندها وعند التاريخ مرة لكي يعيدوا النظر في الكثير من الأشياء ويتوقفوا عند الماضي فهو مرتبط بالحاضر ارتباطاً وثيقاً وما الحاضر إلّا امتداد لذلك الماضي.ولعل الشخصية/الراوي (جمشيد مصدق) في رواية "توراكينا" تدلّ على أنّه هنالك معايشة عن كثب للأحداث ويستمر جمشيد مصدق في تصوير حالة المجتمع فيشير: «اضطر بايدو لإرسال جماعة لا تعرف الخوف من المغول لكي يرسلهم ليلاً إلى الخارج،قبضوا -في غضون أسبوع- على سبعة عشر شخصاً ليقطعوا رؤوسهم صباحاً في دربندان على مرأى الناس.» (قاسم زاده، 1394ش: 199) والمقبوس يصوّر حالة المجتمع في ذلك العهد وأنّ القتل والتنكيل والتعذيب يكاد يكون أمراً اعتاد عليه الناس، ولعل (قاسم زاده) يريد أن ينوه ويذكّر من خلال الحقبة المغولية للقارئ أو من يعيش في الحاضر المعاصر بشكل عام في المجتمع الإيراني عليه أن لاينسى ما مرّ على هذه الديار من وقائع وأحداث لأنّ ذلك يؤدّي به لارتكاب نفس الأخطاء التي وقع بها من سلفه وعاش قبله وأن عليه أن يبني مجتمعاً يسود فيه الإخاء والتعاون خالياً من العنف والقتل والتنكيل. وبانتقالنا إلى نص (الغيطاني) نجد أنّ أحداث الرواية تدور في عهد السلطان قانصُوه الغوري الذي تولى الحكم سنة (906-922ه: 1501-1516م) إذ كان محباً للعمارة على عسف وتجبر فيه.ويشكل العصر المملوكي في تاريخ مصر القديم والحديث حلقة مهمة بما شهد من أحداث ووقائع ما زالت تؤثر على مصر حتى وقتنا الحاضر و هي التي دعت (الغيطاني) للتوقف عندها (الغيطاني، 1992م: 89): «تضطرب أحوال الديار المصرية هذه الأيام، وجه القاهرة غريب عني،ليس ما عرفته في رحلاتي السابقة، أحاديث الناس تغيرت،أعرف لغة البلاد ولهجاتها، أرى وجه المدينة مريضا يوشك على البكاء.» (الغيطاني، 1994م: 38) ونلاحظ أنّ (الغيطاني) يصف أحوال القاهرة في مستهل الرواية ولعل الغرض من وراء هذه الوصف التأكيد على الحوادث في الرواية والتاريخ في حسب (الغيطاني) ليس توالي ساعات الليل والنهار: «التاريخ هو الحوادث، والحوادث هي التغيرات.. التاريخ هو الزمان، والزمان ليس منفصلاً عن الإنسان.» (الغيطاني، 1977م: 60-61) ومن خلال التمهيد الذي يفتتح به (الغيطاني) روايته وهو التأكيد على الحوادث وما تحمّل من متغيّرات حيث مدارها الإنسان، يدلّ على علاقة (الغيطاني) بالحاضر إذ هنالك «تفاعل معقد جداّ بين علاقته بالحاضر وعلاقته بالتاريخ» (لوكاتش، 1986م: 241) فالتاریخ في رواية "الزيني بركات" متخيل والغرض من وراءه هو تناول الحاضر ولعل الحاضر بكل ما شهد من حوادث جسام هو الذي دفع (الغيطاني) للجوء للتاريخ ويدخل الزمان في تحديده للتاريخ باعتباره لحظات لا علاقة لها بالماضي فقط، إذ كل زمن (الحاضر والمستقبل) يصبح ماضياً. (يقطين، 1992م: 97) و(الغيطاني) يفهم الزمان على أنّه ليس توالي الأيام والشهور بل هو محاولة تصوّر اللحظة التي حاول الإنسان في تلك الحقب أن يقهر"الفناء" وهذه ما يفهمه (الغيطاني) ويحاول التعبير عنه، وهو "اللامكتوب" و"اللامُعبَّر عنه" في التاريخ العام والرسمي. في نهاية هذه الفقرة علينا أن نثير نقطة نظنها مهمةً في ما يتعلق بالجسر الذي حاول النصان المدروسان بناءه بين ماضي المجتمعين الإيراني والمصري وحاضرهما، وهذه النقطة تخص اختيار الكاتبين للفترتين من تاريخ هذين المجتمعين يحكمهما الأجانب أو الغرباء أي المغول في حالة "توراكينا" والمماليك في حالة "الزيني بركات". وإذا كان الأجنبي بمعني الغريب، كما جاء في قاموس المنجد (معلوف، 1973م: 103، مادة جنب) والغريب هو من بعيد عن وطنه، كما يقول صاحب اللسان (ابن منظور، مج5، ج37: 3225، مادة غرب)، فنستشف من خلال الربط بين زمن الأحداث التاريخية المروية أو زمن القرون الخالية والزمن الحاضر أو زمن الكتابة الروائية أنّ النصين قد أراد من خلال اختيارهما للفترتين التاريخيتين السالفتين الإيحاء بنقطة تلاق – قد تضاف إليها نقاط تلاق أخرى- بين العصرين المغولي والمملوكي وبين العصر الحاضر في المجتعين الإيراني والمصري، وتتمثّل هذه النقطة المشتركة في التماهي الذي قد يشي به الخطابين الروائين بين حكم الأجانب في الماضي وغياب الديمقراطية في العصر الحاضر في المجتمعين الإيراني والمصري! وإذا كانت «الديمقراطية أفضل أشكال الحكم في المجتمعات السلمية لأنها توفّر الفرص المثلى لتوظيف الأناس الصالحين وأصحاب الأعمال الصالحة في المناصب السيادية العليا» (وينر، 1392ش: 78) كما يقول جروبارد، فلا غرو أن يكون الخطابان الروائيان المدروسان قد ابتغيا هذا القران في ذهن المتلقي، فـ «لطالما تمّ ربط التنمية والتقدّم بالديمقراطية وحضورها، وتمّ ربط التخلف والتقهقر بغيابها.» (حجازي، 2006م: 23) ونرى أحياناً أن الجهود الجبارة التي بُذلت بغيةَ إقامة الديمراطية وقيمها، مثل الثورة الدستورية الإيرانية وثورة ميدان التحرير المصرية، قد باءت في إيران ومصر بالفشل. فنرى في ما يخصّ إيران «الأمر الذي يثير الاستغراب، إذ يتربّع رضاخان عرش السلطة بحكمه الاستبدادي بعد العقدين من نضال الشعب الإيراني المستمر من أجل الحرية وحكم الدستور والديمقراطية.» (زيباكلام، 1389ش: 7) أما بالنسبة إلى مصر فنستشفّ من خلال قراءة سياسية لبعض الباحثين في رواية "أولاد حارتنا " لنجيب محفوظ وجهَ شبهٍ غريبٍ بين الوضعين الإيراني والمصري، يتمثل بـ "العبث السياسي". ويقول الباحث سليمان الحزامي من خلال الربط بين ثورة يوليو 1952 وما سمي بثورات الربيع العربي: «وإذا أخذنا العبث السياسي في الوطن العربي منذ ثورة يوليو 1952 م في مصر أستطيع القول حتى اليوم مع الربيع العربي التي جاءت شرارته من تونس في العام 2010م [...] هو يؤكد قراءة عبثية مستقبلية من كاتب كبير كنجيب محفوظ لمستقبل هذه الأمة.» (الحزامي، 2013: 58) ويشهد الواقع المصري على ذلك كما يقول المفكر حسن حنفي: «كانت مصر قد استنفدت الثورة الشعبية مرتين: ثورة 1919م، وثورة 2011م، وثورة العسكريين مرتين: محمد على 1800م، وأحفاده ثورة 1952»، (حنفي، 2020م: 44) إذ نتجت آخر ثورة شهدتها مصر، عن عسكرة الدولة بعد أن أدّت سلالم الانتخابات - في غياب مؤسسات المجتمع المدني -إلى أخونة الدولة، فـ «جاءت عسكرة الدولة ضدّ أخونة الدولة» (المرجع السابق) تتويجاً للثورة! نتائج البحث اشترك الروايتان المدروستان في استلهام التاريخ، فأخذتا منه "المادّة" التاريخية وبنيتا عليها خطابهما السردي، لتشيرا إلى المسكوت عنه في التاريخين الوسيط والمعاصر في المجتمعين الإيراني والمصري. وأمّا عن الأسباب والدوافع التي دفعت بالغيطاني لاستلهام التاريخ أنّه يجد العصر المملوكي يشبه العصر الحديث في كثير من الجوانب حيث الأسباب التي أدّت إلى هزيمة يونيو عام 1967م تشبه أسباب هزيمة المماليك على يد العثمانيين أي قضايا مصر المعاصرة كانت دافع الغيطاني في توجهه للتاريخ، كما أراد قاسم زاده من خلال العصر المغولي الإشارة إلى أنّ ما كانت تعصف بالمجتمع في ذلك العصر ما تزال تفعل فعله في العصر الراهن. وتعمّد الغيطاني تغييب المرأة، ولم يذكرها في الرواية، والغرض من وراء ذلك هي التلميح إلى أنّ السيادة في المجتمع في يد الرجل، فجاءت معظم شخصيات رواية "الزيني بركات" - إذا استثنينا مشاهد نسائية معبّرة- ذكورية، كأنّ الرواية من خلال هذا الإسقاط أراد التلميح إلى "وضع المرأة" في المجتمع المصري الحديث، وأمّا "قاسم زاده" ومن خلال اختيار شخصية نسائية لعنونة الرواية، وجعلها شخصية من شخصيات الرواية الأساسية، فقد أراد تسليط الضوء على قضية المرأة، إذ لا تستطيع حتى اختيار شريك لحياتها، فهي فاقدة لكل حقوقها في المجتمع، ومن خلال هذا أراد الرواية الإشارة إلى وضع المرأة في المجتمع الإيراني المعاصر.
[i] أبصر جمال أحمد الغيطاني النور عام 1945م، في جهينة إحدى مراكز محافظة سوهاج. ودرس الابتدائية في مدرسة عبدالرحمن كتخدا، وقد سافر إلى العديد من البلاد العربية والأوروبية حتى غيبه الموت سنة 2015م، عن عمر ناهز70 عاماً في (القاهرة ).من رواياته"الزّيني بركات"(1974م) و"وقائع حارة الزعفراني"(1976م)و كتاب التجليّات الأسفار الثلاثة" (1980م ـــ1986م) و "هاتف المغيب"(1992م)و"سفرالبُنيان"(2002م). [ii] ولد محمد قاسم زاده في مدينة (نهاوند) غربيّ (إیران) عام 1955م، درس الابتدائیة والمتوسطة فی مسقط رأسه لیغادر بعدها إلی (طهران) . کتب عددا من الروایات والمجموعات القصصیة، ومن رواياته "رقص البجعة" (رقص مرغ سقا).(1998م)و"توراكينا"(توراكينا)(200م)و"المدينةالثامنة"(شهرهشتم)و"الحلمالمستحيل لليجون"(رؤيایناممکنلیجون).(2000م)و"الرقصةفيالظلام"(رقص در تاريكى) .(2005م)و"سهراب"(سهراب).(2011م)و"قطفالريح"(چیدنباد).(2012م). | ||
مراجع | ||
الغيطاني، جمال. (1994م). الزيني بركات. ط1. القاهرة: دار الشروق .
قاسم زاده، محمد. (1397ش). توراكينا. چ11. تهران: روزبهان.
ابن منظور. (لاتا). لسان العرب. القاهرة: دار المعارف.
أرسطو. (لاتا). فن الشعر. ترجمة وتقديم وتعليق: إبراهيم حمادة. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
الإسكندري، عمر وا.ج .سَفِدچ. (1996م). تاریخ مصر،إلى الفتح العثماني. القاهرة: مكتبة مدبولي. ط1.
اشپولر، برتولد. (1351ش). تاریخ مغول در ایران. چ1. تهران: بنگاه ترجمه ونشر کتاب.
حسیني بن همام الدين، غياث الدين. (1380ش). حبيب السير چ1،ج3.تهران:خيّام.
إقبال، عباس. (2000م). تاريخ المغول منذ حملة جنكيزخان حتى قيام الدولة التيمورية. ترجمة: عبدالوهاب علوب. أبوظبي: المجمع الثقافي. ط 1.
البيطار، یعقوب وعید محمود. (2009-2010). الأدب المقارن. اللاذقية: جامعة تشرین. کلیة الآداب والعلوم الإنسانیة.
تسلیمی، علی. (1393ش). گزارههایی در ادبیات معاصر ایران: داستان. تهران: نشر اختران، چ2.
التفتازاني، سعد الدين. (1378ش). المطول. قم: دار الكوخ للطباعة والنشر.
جويني،علاء الدين عطاملك. (1385ش). تاريخ جهان گشا، به اهتمام سیّد شاهرخ موسویان. تصحیح: محمد قزويني. چ1. ج1، تهران: دستان.
جیرمونسکي، فیکتور مکسیموفیتش. (2004م). علم الأدب المقارن شرق وغرب، ترجمة: غسان مرتضی. حمص: جامعة البعث. ط1.
حجازي، مصطفي. (2006م). الإنسان المهدور. ط.2. الدار البيضاء وبيروت: المركز الثقافي العربي.
حجازي، مصطفى. (2005م). التخلّف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور. الدار البيضاء وبيروت: المركز الثقافي العربي.
خواند امير. (1380ش). تاريخ حبيب السير. تهران: خيام.
دراج، فيصل. (2008م). الذاكرة القومية في الرواية العربية. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
دراج، فيصل. (2004م). الرواية وتأويل التاريخ. ط1. بيروت: المركز الثقافي العربي.
دهخدا، على اكبر. (1377ش). لغت نامه دهخدا. چ1، ج5. تهران: انتشارت دانشگاه تهران.
روبير، مارت. (1987م). رواية الأصول وأصول الرواية. ترجمة: وجيه أسعد. مراجعة: أنطوان مقدسي. دمشق: اتحاد الكتاب العرب.
زرينكوب، عبدالحسين. (1387م). ارسطو و فن شعر. تهران : امیر کبیر.
زیباکلام، صادق. (1389ش). تحولات سیاسی و اجتماعی ایران 1320-1322. تهران: سمت.
السید، غسان. (2001م). الحریة الوجودیة بین الفکر والواقع. ط1. دمشق: دار الرحاب.
الشمالي، نضال. (2006م). الرواية والتاريخ. ط1. إربد: عالم الكتب الحديث.
عاشور، سعید عبدالفتاح. (1992م). المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك في مصر. القاهرة: دار النهضة العربية.
العروي، عبدالله. (2005م). مفهوم التاريخ. ط4. بيروت: المركز الثقافي العربي
علوش، سعيد. (1987م). مدارس الأدب المقارن. ط1، بيروت والدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.
غولدمان، لوسيان. (1996م). العلوم الإنسانية والفلسفة. ترجمة يوسف الأنطاكي، مراجعة:محمد برادة. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة المشروع القومي للترجمة.
غولدمان، لوسيان. (1993م). مقدمات في سوسيولوجيا الرواية. ترجمة: بدر الدين عرودكي. اللاذقية: دار الحوار.
قلمة، أنور. (1995م). المماليك في مصر. القاهرة: مكتبة مدبولي.
کارنوی، ا. جی. (1341ش). اساطیر ایرانی، ترجمه: احمد طباطبایی، تبریز: کتابفروشی اپیکور، بی چ.
لوكاتش، جورج. (1986م). الرواية التاريخية. ترجمة: صالح جواد الكاظم. ط2. بغداد: وزارة الثقافة. دار الشؤون الثقافية العامة.
لوکاش، جورج. (1979م). الرواية كملحمة بورجوازية. ترجمة: جورج طرابيشي. بيروت: دار الطليعة.
لوکاچ، گئورگ. (1394ه.ش). نظریه رمان. ترجمه: حسن مرتضوی. چ2. تهران: آشیان.
معلوف، لوييس. (1973م). المنجد في اللغة والأعلام. بيروت: دار المشرق.
ملايري، يدالله. (2016م). الجيران في شرق المتوسط: الرواية السياسية بين الفارسية والعربية(أحمد محمود وعبدالرحمن منيف نموذجاً). ط1. بيروت: دار الطّليعة.
ناصيف، وليد. (1989م). الأسماء ومعانيها. القاهرة: دارالكتاب العربي.
ويليك، رينيه. (1987م). مفاهيم نقدية. ترجمة: محمد عصفور. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
وینر، فیلیپ پیر [سرویراستار](1392ش). فرهنگ اندیشه های سیاسی. ترجمه: خشایار دیهیمی. تهران: نشر نی.
يقطين. سعيد. (1997). تحليل الخطاب الروائي. بيروت ودار البيضاء: المركز الثقافي العربي.
يقطين، سعيد. (1992م) الرواية و التراث السردي . ط1. الدار البيضاء وبيروت: المركز الثقافي العربي.
المراجع الأجنبية
Schellinger, Paul [Editor].(1998). Encyclopedia of THE NOVEL. Chicago, London: FD.
الدوريات
الحزامي، سلیمان. (2013م). «أولاد حارتنا بين الواقعية والعبثية». مجلة البيان الكويتية.ع517. أغسطس.
حسين، حمدي. (1997م). «رؤية محمود تيمور لجمال عبد الناصر فى رواية معبود الطين». مجلة إبداع. ع 6-7.
حمداوي، جميل.(1997). «السيميوطيقا والعنونة». عالم الفكر. مج 25. ع 3.
حنفي، حسن. (2020م). «من المشاريع العربية المعاصرة إلى الربيع العربي». مجلة الفيصل. ع 521-522. مارس.
ريفاز، فرانسوا. (2005م).«كتابة التاريخ بين فن السرد والعلوم الدقيقة». ترجمة: باتسي جمال الدين. فصول. ع 67. صيف ـ خريف.
طرشونة، محمود. (1998م). «مدرسة توظيف التراث في الرواية العربية». مجلة فصول. العدد1
العالم، محمود أمين. (1997م). «هل هناك خصوصية للرواية العربية؟». مجلة فصول. العدد3
الغيطاني، جمال.(1977م). «تجربتي في كتابة القصة». مجلة الهلال. العدد3
الغيطاني، جمال.(1922م). «إشارات إلى معرفة البدايات» .مجلة فصول.العدد2
الغيطاني، جمال.(1986م). «جدلية التناص:مقابلة مع الغيطاني» .مجلة عيون المقالات.العدد3
القاضي، محمد. (1998م). «الرواية والتاريخ: طريقتان في كتابة التاريخ روائياً». مجلة فصول. ربيع.
ملایری، یدالله وکبرى جبارلي (2021م). «الترويض السياسي في الأدبين الفارسي والعربي». المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها. مج17. ع3.
ميليتش،كاتارينا. (2005م) «تغييرات التاريخ أو كتاب الضحك والنسيان». ترجمة: أمل الصبان. فصول. ع 67. صيف ـ خريف.
حوار:
عمراني پور، مجتبى. (1401ش). «گفتگوی ویژه نویسنده با دکتر مجتبی عمرانی پور»، 21/4/1401ش.
| ||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 693 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 259 |