تعداد نشریات | 418 |
تعداد شمارهها | 10,005 |
تعداد مقالات | 83,622 |
تعداد مشاهده مقاله | 78,365,537 |
تعداد دریافت فایل اصل مقاله | 55,402,547 |
دراسة تمايزات اللغة والجنس في شعر ابراهيم وفدوی طوقان في ضوء نظرية DSL | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إضاءات نقدیة فی الأدبین العربی و الفارسی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مقاله 4، دوره 13، شماره 49، خرداد 2023، صفحه 79-106 اصل مقاله (338.01 K) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نوع مقاله: علمی پژوهشی | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
نویسندگان | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ریحانه ملازاده* 1؛ فرزانه رحمانیان کوشککی2؛ ریحانه یزدي3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1أستاذة مساعدة في اللغة العربية وآدابها، جامعة الزهراء، طهران، إیران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2أستاذة مساعدة في اللغة العربية وآدابها، فرع رامهرمز، جامعة آزاد الإسلامية، رامهرمز، إیران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
3طالبة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، جامعة العلامة الطباطبائي، طهران، إیران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
چکیده | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إن تأثير الجنس على اللغة وتفكير الأدباء من الإستراتيجيات الجديدة في الدراسات اللغوية التي ظهرت في أواخر القرن العشرين على يد العالمة الأمريكية روبن لاكوف وعُرفت بنظرية DSL. على أساس هذه النظرية، فإن الخصائص المنطوقة والمكتوبة للجنسين قابلة للتمايز والدراسة. ورُمنا في هذه المقالة دراسة أسلوب لغة الشعر لدى فدوى طوقان وأخیها إبراهيم وفق أُطر النظرية لبيان أن اللغة الأنثوية والذكورية تختلف على الرغم من وجود قرابات جينية وعائلية واجتماعية وثقافية حتى في حال معالجة موضوع واحد. وعلی هذه النظریة اخترنا مقاطع شعرية تحت موضوع الشهيد من ديوان الشاعرين الفلسطینیین المعاصرین ضمن الدراسة، وقمنا بدراستها من ناحيتين: المستوى اللغوي والمستوى الفكري، كذلك انتهجنا في هذه الدراسة المنهج الوصفي- التحلیلي وتوصلنا إلى أن أشعار فدوى طوقان بالقياس إلى أخيها إبراهيم تتخللها من العناصر اللغوية في أسلوب الكتابة النسوية كالتكرار والارتكاز والاستفهام بنسبة أكبر. وبما أنّ موضوع الشهید لا یتطلب توظیف ألوان متنوعة إلا أن ما جاء فی أشعارهما کان غالبا بشکل استخدام محدود للألوان وعلی هذا نجد أنّ الشاعرة قد وظّفت هذه التشکیلات ضعف أخیها، کما هو الحال فيما یتعلق بالكلام التشكيكي والألفاظ الظنية، فلم یکن مشهوداً بالشكل الكبير علی الرغم من أنّ تجلیاتها عند فدوی کان أکثر بالنسبة لأخیها، وفيم يخص الناحية الفكرية وجدنا أن الشاعرة تطرقت للتفاصيل والدقة والتصريح بالأحاسيس على نطاق أوسع منه. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
کلیدواژهها | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اللغة النسوية؛ المستوى اللغوي والفكري؛ الشهيد؛ روبن لاكوف؛ فدوى طوقان؛ إبراهيم طوقان | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اصل مقاله | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المقدمة اللغة عنصر مهم في معرفة اعتقادات وثقافات وأفكار وأسلوبية المؤلفين والشعراء منذ القدم حتى الآن. كما أنها جسر لإقامة علاقات مع الآخرين والتعرف على الحضارات المختلفة والتي تعتبر مرتعاً لانتقال الثقافات وقضاء حاجات البشر التواصلية. وانطلاقاً من هنا، فإن الاختلاف موجود بين لغة قوم وقوم آخر، وعلى نطاق أضيق بين لغة شخص وشخص آخر، وبالتالي بين لغة رجل بالقياس بلغة امرأة. فدراسة مثل هذه التمايزات، وعدم التناسق بين الأشخاص خاصة بين الرجال والنساء، والتي تنشأ من النظرة الجنسية للغة تعتبر إحدى دراسات علم اللغة في العصر الحديث، حيث تطورت دراسة اللغة والجنس بشكل كبير منذ السبعينيات. يعتقد "ترادكيل" أنّ سبب نشأة اللغة هو الأضرب الجنسية، وباعتبار أن اللغة ظاهرة اجتماعية تتطور تبعا لحاجات المتكلمين فإنها ذات صلة وثيقة بكيفية المدركات الاجتماعية، ومما لا شك فيه أن الرجال والنساء مختلفون من الناحيتين الجسمية والروحية وهذا الفرق هو الذي جعلهما مختلفين من الناحية الاجتماعية، وقد عين لهما المجتمع أدواراً ووظائفاً وشؤوناً متفاوتة، ويُتوقع منهما مثاليات سلوكية مختلفة، كل حسب جنسه، فاللغة في الحقيقة تعكس هذه الظاهرة. (ترادکیل، 1376ش:116) فالاختلافات الموجودة في المهارات اللسانية بين الرجال والنساء تُعزى إلى الفروق بين تنشئتهما. (وارداف، 1393ش:520) فالقوالب الثقافية والاجتماعية تفرض دوما أدواراً معينة؛ ليلتزم بها النساء والرجال، ولكن الأهم من ذلك يجب البحث عن الفروق في مفهوم الجنس بعينه. فكان من المقولات المهمة لكشف التمايز في أساليب وأفكار الأدباء الذي حاز على اهتمام اللغويين في الآونة الأخيرة أمثال روبن لاكوف، حيث اعتمدت على أسس هذه النظرية، ودرست أسلوب ولغة النساء في إطار محورين هما المستوى اللغوي والفكري. انتقت هذه الدراسة شاعرين معاصرين فلسطينيين، هما فدوى وإبراهيم طوقان اللذين تربيا في ظروف بيئية وعائلية واجتماعية وثقافية واحدة، وذلك لتجسيد معالم هذه النظرية في أعمالهما الشعرية ودراسة التمايزات اللسانية لديهما للكشف عن تأثير اللغة والجنس بصورة موضوعية. وللوصول إلى نتائج مطلوبة اخترنا مقتطفات من أشعار الشاعرين حول مضمون الشهادة، وقمنا بمقارنتهما في ضوء نظرية لاكوف وعلى الرغم من وجود قصائد يتخللها ما يشير إلى الشهيد بصورة غير مستقلة إلا أن القصائد التي استقلت موضوع الشهيد هي كما يلي:
الجدول رقم 1: قصائد حول موضوع الشهید أسئلة البحث هذه الدراسة تحاول الإجابة عن السؤالين الآتيين:
فرضیات البحث
خلفية البحث توجد دراسات متعددة حول لغة الشعراء في الأدب الفارسي، والظاهر أنها درست اللغة النسوية في شعر الشاعرات، ولم تتطرق إلى التمايزات اللسانية بين الجنسين الأنثوي والذكوري، وأهم هذه الدراسات التي تمت بصلة إلى موضوع بحثنا، هي كما يلي:
ودراستنا باعتبارها تنتمي إلى شعر المقاومة وموضوع الشهادة، ومن ثم انتقاء شاعرين فلسطينيين تربطهما رابطة الأخوة تعتبر دراسة غير مطروقة.
نبذة عن نظرية لاكوف DSL يعتبر الكلام الأنثوي إحدى المقولات النقدية المهمة في تيارات مساواة الرجل بالمرأة والتي تهتم بتحليل اللغة على أساس الجنس«في الحقيقة إن الجنس عبارة عن معنى اجتماعي من الجنس ويطلق على مجموعة من الصفات والسلوكيات الفردية والجماعية لدى الرجال والنساء في المجتمع.» (ويوين، 1383ش:21) وعلى هذا يمتاز الأدب النسوي بالسهولة والبساطة اللاإرادية؛ لأن هذا النوع من الأدب يفتقد الأمور الانتزاعية والعقلية. وعندما تشعر المرأة يكون شعورها عاطفيا، وتحس بمشاعرها الذاتية، ولهذا نحن نجد نوعين من الأدب، أدب يصدر عن المرأة، ويغلب عليه مميزات أنثوية، وأدب آخر يصدر عن الرجل، ويتمتع بمميزات ذكورية، وهذا أمر طبيعي بأن يكون للمرأة عالمها كما للرجل عالمه، ولكل منهما تصورات ونظرات للحياة تختلف عما عند الآخر. (بوقلافة، 2003م: 25) إن من أهم النظريات التي قامت بشرح الأسلوب الأنثوي بصورة ممنهجة وأطر منظمة هي نظرية روبن لاكوف، تسمى هذه النظرية بالاسم المختصر (DSL)، وهو ملخص لعبارة (The Depth of Sexuality Language)، تعتقد لاكوف أنه على قدر ما يحاول المتحدث الأديب أن يتكلم وفق المعايير اللغوية لدى الجنس الآخر إلا أنه يبرز معالم نوع جنسه ولغته بصورة واضحة، ولكن إدراك هذه الخصائص من الوهلة الأولى ربما يكون صعباً. (لاكوف،2012م: 22) وقد وضعت لاكوف مبادئ نظريتها على أساس ثنائية اللغة والجنس، وتذهب إلى أن السياق الجنسوي في الشعر يقسم بصفة عامة إلى مستويين: اللغوي والفكري، وكل مستوى له مصاديقه المتعددة الخاصه به. (المصدر نفسه: 29) بناءً على هذا الرأي، فإن المعالم اللغوية تتجسد بصورة أكبر في الشعر، وهذا ما يجعلها قابلة للدراسة.
تحليل مؤلفات المستوى اللغوي تحت هذا العنوان سنبحث مبادئ منهج لاكوف الأكثر استخداماً لدى الشاعرين، ونقوم ببيان خمسة مؤلفات لغوية من المؤلفات التي يتسم بها الشعر النسوي.
1- استخدام الارتكاز والشدّة الصوتية انطلاقاً من أن لاكوف تعتقد أن شدة أداء الصوت و النَفَس تظهر بصورة أكبر في اللغة النسوية، فمن المعقول استخدام الارتكاز أو النبر باعتباره من عناصر الظواهر الموقعية عندهن؛ لأنه وفقا لنظرية لاكوف ليس كل صوت أو مقطع يًنطق بنفس الدرجة، فدرجة قوة النفس في نطق الأصوات والمقاطع المختلفة تتفاوت تفاوتاً بيّناً، إن الصوت أو المقطع الذي يُنطق بارتكاز أكبر يتضمن طاقة أعظم نسبياً، يتطلب من أعضاء النطق الخاصة جهداً أعنف في النطق بالإضافة إلى زيادة قوة النَفَس. (السعران، 1992م: 189)، وتجدر الإشارة إلى أنه بناءً على العلاقة بين المقولة الجنسوية واللغوية فإن تعدد نسبة التكرار للعناصر الصوتية كالتكرار والارتكاز وغيرها قبل أن يُنسب إلى الجوانب الفنية والبلاغية في الشعر فإنه يعتبر ظاهرة نفسية. (لاكوف، 2012م: 200)، ولذا فإن المرأة بدليل تأثير الحالات النفسية تعتمد على الشدة الصوتية بشكل أكبر لإبراز تفكيرها وهذا بدوره يؤدي إلى تعدد المقاطع والارتكاز في الشعر. وعليه فعند الأخذ بالاعتبار الجوانب الروحية والنفسانية لدى الشاعرة فدوى طوقان، نجد في أشعارها ظاهرة الارتكاز تبرز مراراً بصورة الارتكاز على الكلمة والارتكاز على الجملة، فعلى سبيل المثال في هذه القصيدة تشير المعطيات الإحصائية إلى أن نسبة تكرار الارتكازات تصل إلى 30 وحدة، وهذا ما سبب إبراز الأصوات في الكلام، والشعور بالموسيقى الشعرية بصورة أفضل: «کفاني أموت علی أرضها/ وأدفن فيها/ وتحت ثراها أموت وأفنی/ وأبعث عشبا علی أرضها/ وأبعث زهرة.» (طوقان، 1993م: 442) لقد استخدمت الشاعرة مقاطع قصيرة متعددة في سياق موضوع الشهادة، لتعلن عن حزنها الأليم وتبرز عواطفها الجياشة بصورة الارتكاز والشدة الكلامية. في المقطع التالي من قصيدة (إلی الشهید وائل زعیتر) تنوح الشاعرة على "الشهید وائل زعیتر"، وتتألم وتخجل من تضحياته وبطولته، ونرى في عبارات الشاعرة أنها وظفت الارتكاز والشدة الصوتية لتعضُد فكرتها: «حين جاء النبأ الريّان من دمّک غطانا الخجل/ حين قالوا: کانت الغربة والداء له زاداً وماء/ حين غطانا الخجل/ حين قالوا: کان يعطينا علی جوع، تمللنا/ وغطانا الخجل.» (طوقان، 1993م: 470) في النصين السابقين بما أن الكلمات أغلبها ذات مقطع، أو مقطعين نستطيع أن نتبين الارتكاز بوضوح؛ لأن الظواهر الصوتية في اللغة العربية تتميز بخصائص وأنظمة متعددة، فالنبر الذي يعتري أعضاء النطق أثناء التلفظ بمقطع ما من مقاطع الكلمة يؤدي هذا النشاط إلى زيادة في الشدة في واحدة، أو أكثر من عناصر المقطع... فإذا كانت الكلمة مؤلفة من مقطع واحد فالنبر عليه إطلاقاً وإذا كانت الكلمة مؤلفة من مقطعين فالنبر على ثانيها. (أنطاكي، 1971م: 22-52)، فنلاحظ أنه كلما كانت المقاطع تتكون من كلمات ذات صوت واحد أو صوتين فالنبر والشدة الصوتية في الكلام سيكون أكثر، كلمات مثل "حين"، "جاء"، "من"، "دم"، "غربة"، "كانت"، "جوع" وغيرها والتي شغلت جانباً قابلا للذكر في النص الشعري المدروس وأكسبته قوة وشدة في النبر والارتكاز. وعلى النقيض من شعر فدوى الذي يصدر من أعماق امرأة شاعرة تتمتع بنَفَسٍ أكبر كما ذكرنا سابقا، فإن أشعار إبراهيم طوقان تتسم بنَفَسٍ وشدةٍ أقل، والشاعر يبدي أفكاره ومشاعره حول الشهداء بتأن وهدوء دون انفعال وشدة صوتية على الرغم أن كلامه يتناسب وموضوع الشهيد ولا يخلو من مشاعر الحزن، فعلى سبيل المثال في قصيدة "البلد الكئيب" والذي أنشده الشاعر أثناء العدوان على فلسطين في يوم "وعد بلفور" نستطيع أن نستكشف أن الجو الغالب على نصه عدم الشدة في الصوت إلى جانب التأثير واستخدام الارتكاز بصورة أقل:
(ابراهیم، 2012م: 101) إن الشاعر في هذه الأبيات بدلاً من استخدام الأوزان الحماسية العروضية والموسيقائية كالمتقارب فقد استخدم البحر البسيط الذي يتميز بارتكاز أقل وشدة صوتية أقل، كما أن هذا النمط من شدة الصوت والنَفَس يبين الأسلوب الذكوري، ويحاول الشاعر أن يظهر في شعره مافي مخيلته من أفكار وأحاسيس بصورة أخرى غير الصور الصوتية. - کذلك یمکننا ان ننوه الی أنّ أسلوب الکتابة النسویّة لفدوی طوقان تتناسب ونظریه لاکوف حیث رکزت علی الشدّة والارتکاز الصوتي أکثر من أخیها إبراهیم کأنه لم یجد بدا من توظیف هذه الظاهرة ویرجّح أن یعبر عن مفاهيمه بالتصاویر الفنیة عن طریق فنون بلاغییة کالتشبیة والاستعارة وما شابه ذلك. 2- استخدام ظاهرة التكرار والتوكيد كما نعلم أن التكرار من أهم صور التوكيد في اللغة العربية، وعلى الرغم من أن ظاهرة التكرار لم تُعد من الاستراتيجيات الخاصة بالجنس الأنثوي، إلا أنها تتوفر بكثرة في اللغة النسوية. فإن التكرار في الحقيقة إلحاح على جهة هامة في العبارة يعني بها الشاعر أكثر من عنايته بسواها. (الملائكة، 1967م: 242) وعلى أساس منهجية لاكوف، فإن التكرار قبل أن يكون مظهر من مظاهر بلاغة البيان وإحدى الأدوات الفنية في النصوص، فإنه أمر يتعلق بالحالات النفسية للمرأة. وترى لاكوف أن الكثير من النساء الشواعر يستخدمن التكرار بأشكاله المختلفة سواء تكرار المفردات أو الحروف، وبالطبع هذا التكرار ليس بنوعه ظاهرة أسلوبية وصناعة أدبية فحسب بل يجسد ذات المرأة والأسلوب اللغوى لديها والتي تتأصل في مشاعرها. (لاكوف، 2007م:165؛ وفايي، 1397ش:148)
ولذلك وفقًا لرأي لاكوف، يعتبر التكرار سمة مميزة للأسالیب الأنثوية والذکورية وعليه فإن أشعار فدوى طوقان توافق هذا الرأي لأنها تحتوي على العديد من التكرار، فتضم نسباً كبيرة من التكرار، وعلى مستويات مختلفه تتراوح بين تكرار الصامت والصائت وتكرار الكلمة والجملة والعبارة. على سبيل المثال في قصيدة "مرثاة إلى نمر" نجد الشاعرة قد قامت بتطويع أنماط مختلفه من التكرار لمطلوبها: «أحبتی واخوتی زهر الرياض/ لؤلؤ المحار/ أحبتی واخوتی الشموس والأقمار. یا موت یا مجنون یا أعمی العيون/ یا اصم/ یا قاصماً ظهري الضعيف لي لديک/ ألف ثار، ألف ثار/ وأنت یا من قيل عنه إنه هناك/ حان لطيف بالعباد/ حانٍ لطيف بالعباد؟ أين أنت؟» (طوقان، 1993م: 470) تتمثل ظاهرة التكرار أمامنا بوضوح، وعلى الرغم من أن الشاعرة اعتمدت على هذه الظاهرة في سياق نصها الشعري إلا أنها لم تخُلّ بها، لأنها استخدمت التكرار المناسب في الموضع المقتضي له، وراعت المقتضيات الشعرية تخاطب الشاعرة أحبتها وإخوتها بهذه الألفاظ، وتكرر الخطاب لإبراز وتقوية أواصر المحبة بينها وبين المخاطب، وإنشاء علاقة ودية معه، وجذب انتباهه لموضوع خطابها، أيضا التكرار المنسق لضمير "هم" وحرف النداء "يا" والضمائر "أنت وك و..." توظيف في محله ومتناسب مع الأسلوب الخطابي المتبع في هذا المقطع وأوقع تأثيره على المخاطب، وحرك مشاعره النفسية، كما أن تكرار هذه الضمائر يضفي تواصلاً وتفاعلاً على الحديث مع المخاطب. «يبدو أن لهذا التكرار وظيفة دلالية ووظيفة إيقاعية؛ فهو يؤكد المعنى الذي يسيطر على الشاعر أكثر من غيره، فيحتل حيزا أكبر من إحساساته وتفكيره، ثم يكون مركز انطلاق إيقاعي أو نبضاً كافياً لتجديد الحركة الإيقاعية.» (خليل، 2011م:321) ولكن فإن شعر إبراهيم طوقان يضم تكراراً أقل بالقياس بأشعار أخته، إلا أنه لم يخلُ من هذه الظاهرة، وحتى في بعض الأحيان وفي مقاطع من أشعاره تتجلى بوفرة. وبصورة عامة مع الأخذ بعين الاعتبار مقولة تأثير الحالات الروحية و الجوانب النفسيىة المطروحة في اللغة والجنس فإن الشاعر من هذا المنظور أقل استخداماً لظاهرة التكرار، ونتمثل لاستخدامه لهذا الأسلوب بهذه الأبيات من قصيدة "الشهيد":
(ابراهیم، 2012م: 200) تبرز ظاهرة التكرار في هذا المقطع من قصيدة الشاعر حال نوحه على الشهيد، ولكنها تحتل حيزاً غير كبير فيها، وكان يُتوقع أن يعبر الشاعر عن شدة تألمه في بداية القصيدة، ويستهلها بتوظيف التكرار ولكنه مثلما لم يستخدم أسلوب الارتكاز فقد استمر بالتعبير عن حالته الشعورية دون إثارة المشاعر ودون توظيف التكرار لهذا الغرض في طيات مضامينه، ولقد حاول الشاعر أن يوظف معاني وألفاظاً جديدة حتى يعوض القالب الكلاسيكي وأسلوبه القديم الغالب على قصيدته، أيضاً فإن الموسيقى الشعرية التي استخدمها الشاعر كانت بديلاً عن استخدام التكرار، وكانت الكلمة المستخدمة في القافية قد أدت هذه المهمة. وإجمالاً وبعد دراسة العينات واحتساب ظاهرة التكرار فيها انتهينا إلى جملة من المعطيات:
الجدول رقم 2: احتساب ظاهرة التکرار هکذا نلاحظ أنّ ظاهرة التکرار في شعر ابراهیم تکررت 133 مرة وفي شعر فدوی 401 مرة، فنسبتها تظهر فی شعر فدوي علی نطاق أوسع من أخيها وهذا يؤيّد نظرية لاکوف حول کثرة استعمال التکرار من قبل النساء.
3- استخدام الألفاظ الدالة على الألوان تعتقد لاكوف أن النساء أكثر قدرة على معرفة الفروق الدقيقة بين الألوان المختلفة. (لاكوف، 1973م: 61) فيستخدمن مثلاً أسماء ألوان مثل البني الفاتح والبنفسجي الفاتح ونادراً مايستخدمها الرجال. (نجفي، 1394ش: 188) فالنساء يرون الألوان بدقة أكبر من الرجل فهناك العديد من درجات الألوان التي يحصرها الرجل في لون واحد، فمثلاً ينظر الرجل إلى اللون الأحمر والنبيذي على أنهما لون واحد بينما يمكن أن ترى المرأة عشرین لونا يندرجون تحت اسم اللون الأحمر. وتعزو لاكوف هذا الاستخدام الدقيق للألوان إلى الحالات النفسية عند النساء: «إن اتجاه كل إنسان نحو لون خاص يدل على ظروف الاستفادة من هذه المكونات البسيطة وانتقائها يتوقف على أمور مختلفة والتي تؤدي في النهاية إلى إيجاد اعتقادات وعلاقات وأذواق وآمال خاصة، وعند دراسة هذا العنصر نستطيع أن نتوصل إلى أفكار ونفسيات وجنسية من وراء هذا الانتقاء على النحو التالي فالمرأة هي التي تميز الألوان تمييزاً دقيقاً أكثر من الرجل، وتطلق عليها مسميات مختلفة، فتشيع على لسانها أسماء ألوان كالبصلي والكموني والبيج والطحيني والشمامي والأخضر والذهبي وغيرها في حين غالبية الرجال لا تستخدمها.» (لاكوف،1975م:12) والذي نتوقعه أن نجد في أشعار فدوى طوقان باعتبار المقولة الجنسوية عنايتها بالألوان واستخدامها على أساس مشاعرها الأنثوية، ولكن لم يكن الأمر على ما يرام، فاللون الأحمر في أدب المقاومة له دلالات عنيفة وهي دلالة الدم والموت، فمن المعقول أن تستخدم فدوى أو أي شاعر يتحدث عن المقاومة والانتفاضة والحرية والاستقلال هذا اللون. ومما جاء أن اللون الأحمر يشير إلى دلالات متعددة منها الحيوية والنشاط في الحياة والرغبات الجنسية والغضب والانزعاج والطموح والأمل لكل ما يحمل في طياته علامات الحياة والطاقات الإيجابية. (سان، 1378ش: 87) نتمثل بقصيدة "خمس أغنيات للفدائيين" من أشعار فدوى طوقان من مجموعة الليل والفرسان: «یا غدنا، الفتيّ خبّر الجلّاد/ کيف تکون رعشة الميلاد/ خبّره کيف يولد الأقاح/ من ألم الأرض، وکيف يُبعث الصباح/ من وردة الدماء في الجراح» (طوقان، 1993م : 421) في هذا المقطع توجد إشارات ضمنیة إلی مدلولات اللون، فالأقاح جمع لکلمة الأقحوان وهو نبات معروف له زهر أبیض، والصباح أیضاً یدلّ علی اللون الأبیض، لکن لفظة "وردة الدماء" تعبر عن اللون الأحمر الذي ينبع من جراحات الفدائيين، ويرمز للشهادة والنصر، ونلاحظ أن الشاعرة تعبر بصورة غير صريحة عن دلالة هذا اللون، وبالتأكيد تناسبه مع الوردة من مصاديق الأساليب النسوية. وفي قصیدة «لن أبکي» (المصدر نفسه:395-397) التي قدّمتها الشاعرة إلی شهداء المقاومة في الأرض المحتلّة تمّ توظیف الألوان الدالة علی السواد بصورة تصریحیة: «أحبائي، مسحتُ عن الجفون ضبابة الدمع الرمادیة»، أو بشکل ضمني: «ویفلت من حصار النحس والعتمة»،«ولن نرتاح حتی نطرد الأشباح والظلمة»، لتصویر حزنها عن حضور المحتلّین في وطنها. وفي: «أحبائي مصابیح الدجی یا إخوتي في الجرح..» وظفت صنعة أدبیة کالمفارقة في عبارة «مصابیح الدجی» لیبرز اللون ویؤثر علی المتلقي أکثر. وفي قصیدة مهداة إلی أرواح الشهداء دلال مغربی ورفاقها بعنوان «النورس ونفی النفی»، جاءت بالألفاظ الدالة علی اللون الأسود کالدیجور مرتین، المظلم والظلماء، والألفاظ الدالة علی اللون الأبیض کالنور مرتین، الصبح والصباح، واتت باللون الأساسي (الزرقة)، واللون ذاته بصورة غیر تصریحیة في کلمة البحر. (طوقان، 1993م: 495-496) وتستخدم الشاعرة في مقطوعة "منتهى الحوراني" اللون الأحمر لرسم مشهد شهادتها، وتنوح على التلميذة الشهيدة فتقول: «ويوم الحيبة في الأسر هبّت عليها الرياح/ تفتّح مريولها في الصباح/ شقائق حمراً وباقات ورد، ورفرف مريولها رايةً في صفوف المدارس» (المصدر نفسه: 437) إن الشاعرة هنا استعملت اللون الأحمر مغلفاً بمسحة أنثوية من خلال ألفاظ كالوردة والشقائق؛ لترمز إلى مفهوم الشهادة، ولتعبر عن كل ما يتعلق بالاستشهاد من حمرة الدماء والتضحية وغيرها. وإذا أمعنا النظر في أشعار إبراهيم طوقان سنجد أن اللون الأحمر يبرز بصورة اعتيادية إلى جانب الألوان الأصلية الأخرى مع ملاحظة تعدد الألوان لديه. ففي قصيدة "الثلاثاء الحمراء" يستخدم الشاعر ثنائية اللونين الأبيض والأسود إلى جانب اللون الأحمر: «إذا بيوم راسف بقيوده/ فأجاب، والتاريخُ بعض شهودِه/ أنظر إلی بيض الرقيق وسُوده، من شاء کانوا مُلکَه بنقوده/ بشرٌ يُباع ويُشتری/ فتحرّرا.» (طوقان، 2012م: 131) أنشد إبراهیم هذه القصیدة بمناسبة صدور أحکام الإعدام علی الشهداء الثلاثة بتهمة قتل الیهود. وبما أنّ الحریة تعتبر من الحقوق الطبیعية للإنسان نری أن الشاعر استخدم الطباق في اختیار اللونین لیغطی معنی النص الشعري حیث یقصد الإنسان بغض النظر عن الجنس والعرق. وفي قصیدة أخری أنشدها إبراهیم بمناسبة إضراب الفلسطینیین یوم وعد بالفور تحت عنوان «البلد الکئیب»، صوّر فیها نساء الوطن اللّاتي ینهضن إثر دماء الشهداء ویدخلن من باب مدینة الخلیل لیدافعن عن الوطن والحریة، نراه قد استخدم اللون الأسود لملابسهن حیث یقول: «أقبلن من باب الخلیل یمسنَ في سود الملابس». (المصدر نفسه، 101) وفي قصیدة «ذکری دمشق» یصف الشهید أحمد مریود حین غمره الرحمن في فسیح جناته بنعمه الوفیرة: «واستوي جالساَ علي رفرفٍ خُضـ رٍ غوالٍ وعبقريٍّ حسانِ». (المصدر نفسه: 30)
على أساس ما لاحظناه نستطيع أن نستنتج أن اللون في شعر إبراهيم طوقان لا يتميز بالرقة واللطافة، وهذا يُنسب لتمايزات جنسويةوقام الشاعر باستخدام الألوان الأساسیة في الأغلب بصوررة تصریحیة خلافاً لأخته التی استفادت الألون الفرعية كالرمادي أو وظفت الألوان غیر التصریحیة علی مستوی أوسع. وهذا ما تذهب إليه لاكوف بأن الاختلاف بين ذاتيات المرأة والرجل يؤثر مباشرة في رؤية كل منهما للألوان، وأن الرجال يميلون إلى المقاربة في الألوان، ولم يلتفتوا لتمييز الألوان تمييزاً دقيقاً. (نجفي، 1394ش: 188)، ولكن اذا أردنا أن نستكشف هذه الأسلوبية وفق هذه النظرية في أشعار فدوى طوقان فإننا لم نعثر فيها على تعددية الألون وتوظيفها بالحساسية الأنثوية كما هو موضح في الجدول الآتي:
الجدول رقم 3: الألفاظ الدالة على اللون
تکرّرت الألفاظ الدالة علی اللون سواء المباشرة أو غیر مباشرة في شعر ابراهیم 30 مرة وفي شعر أخته فدوی 64 مرة. إذن، کان استخدام الشاعرة ما يقارب ضعف الألوان التي استخدمها شقيقها إبراهيم في قصائده. ومن الجدیر بالذکر أن الألوان المستعملة في شعر ابراهیم تخص الألوان الأساسیة دون التنوع في توظیفها خلافاً لأخته، کما استخدمت فدوی اللون الرمادي فی النصوص المذکورة مرة واحدة حیث یُعد هذا اللون طیفاً من اللون الأسود. فالنتائج التي تم حصولها من الجدول المذکور، تؤیّد نظرية لاكوف.
4- استخدام الأساليب والتعابير الظنية والترددية تعتبر الألفاظ الظنية والتجنبية والكلام المتردد سمة بارزة أخرى من الخصائص اللغوية النسوية حسب منهج لاكوف. تبدو المرأة أكثر تردداً في حديثها من الرجل، فهي تتردد وتستخدم أسلوباً أقل حزماً من الرجل. (نعمتي، 2007م: 190)، تعتقد لاکوف أن «السبب وراء استخدام هذه القیود یرجع إلی أن النساء فاقدات الثقة في المجتمع الذکوري وأنهن یعشن في مکانات متزلزلة منحطّة» ( لاکوف: 1990م، 54) فالألفاظ الدالة على الظنية والتشكيك مثل: «ظن وزعم» ومشتقاتهما و«لعل» و«من الممكن» و«من المحتمل» و«ربما» وغيرها تشغل حيزاً غير واسع في شعر فدوی. إن الشاعرة فدوى في أشعارها التي تخص بحثنا أي موضوع المقاومة لم تستخدم هذه التعابير المتحفظة والتشكيكية، والتي تُضعف التصريح على نطاق واسع، بل على العكس من ذلك جاءت بألفاظ تعزز التوكيد والشدة والحزم، على النقيض من أشعارها في موضوع الحب والرومانسية، وذلك يرجع لمقتضى المقام. فالشاعرة في مقطع شعري تومئ بصورة غير صريحة لصديقتها الشهيدة تقول: «أحبّني الکثير غير أنني/ بقيتُ عطشی دونما ارتواء/ کأنما کان الذي بلغته سراب/ سمعتها کثير.» (طوقان، 1993م: 346) كما هو موضح جاءت الشاعرة بلفظة كأنما، والتي تفيد الظن وعدم القطعية، وهي تقول إن الذي وصلت إليه كان سراباً والسراب أمر غير واقعي وبهذه العبارات عبرت عن العطش دون ارتواء في قالب صورة بياينة وغير حقيقية وذلك بتوظيف لفظة السراب الذي سمعته كثيراً ولكن لن تراه. وتواجهنا في مقطع آخر لفظة "لعل" وهي من الألفاظ الدالة على التردّد بصورة متكررة: «یا هذه الجدران/ الأخوة الأحباب والأهلون/ ما يفعلون الآن؟!/ لعلّ قاطفي الزيتون يقطفون/ لعلّ زيتون الجبال/ يئن بين فکي المعاصر/ لعلّ دمه يسيل.» (المصدر نفسه: 480) لقد استخدمت لفظة "لعل" ثلاث مرات؛ لتخبرنا بما يعتريها من عدم الثقة والتردد، وتبين عدم استقرار الأمور في أوضاع المقاومة المتأزمة، فها هي تخاطب الجدران، وتسأل عن أحوال الأحباب والأهل، وتترقب قطف الزيتون ترقباً غير موثوق به، هذا الزيتون الذي يئن ودمه يسيل، وترسم لنا صورة عن المصير المجهول لأراضي فلسطين المحتلة وخيراته بهذا الأسلوب التشكيكي النسوي. ولم تصادفنا في أشعار إبراهيم طوقان أضرب من الألفاظ الدالة على التردد إلا في بعض المواضع، فهو يبدي أفكاره بثقة ويقين، ولم يوظف ألفاظ الشك إلا بقلة، هذه الألفاظ التي هي سمة من سمات الاضطراب والقلق، ولكن نراه قد وظف لفظة "ربما" في هذا المقطع من قصيدة "الشهيد": «سار في منهج العُلی، يطرّق الخُلد منزلا/ لايبالي، مکبّلا، ناله أم مجدّلا/ فهو رهن بما عزم/ ربما غاله الردی، وهو سجن مرتهن/ لم يشع بدمعة، من حبيب ولاسکن/ ربما أدرج التراب، سلبياً من الکفن» (طوقان، 2012م: 201). استخدم الشاعر في هذا المقطع ألفاظ كـــ "ربما وأم" لعدم تأكده عما سيلاقيه الشهيد وليعرض علينا الصور الاحتمالية لمصيره بعد سجنه، ثم ليُظهر شكه تجاه مكان تواجده، فهو إنسان شجاع وواصل للعلا بأي حال من الأحوال سواء مكبلا أو مجدلاً ولا يبالي الموت فالعزيمة صارمة لديه. وفي قصیدة «رثاء الشیخ سعید الکرمي» والذي کان من زعماء فلسطین و تغير حکمه من الإعدام إلی السجن المؤبّد یقول الشاعر: «أیها الموت، أی مجلس أنسٍ ووقارٍ عطّلْتَ بعد سعیدِ أدب کالریاض في الحسن والطیـــ ب قریبٌ جناه للمستفید وکأني بعلمه البحر عمقاً واتساعا نغشاه عذب الورود» (المصدر نفسه: 243) نلاحظ أنه لم یأت بکلمة «کأني» إلا لإبداع التصویر الفني عن طریق بلاغة التشبیه ولایدل هذا الأسلوب علی الضعف الذي تقصدها لاکوف في استخدام الکلمات التردّدیة. وتجدر الإشارة إلى أن فدوی في نصوصها الشعریة التي لم تستخدم فیها الأسالیب الظنیة والترددیة اتّکأت علی توظیف أسالیب نسویة أخری على سبیل المثال لا نجد فی قصیدة «لن أبکی» التي قدّمتها إلی شعراء المقاومة لا نجد أي توظيف لتلك الألفاظ الظنیة والتردّدیة بل قد قامت باستخدام الأسالیب الاستفهامیة بكثرة (نتطرق إلیها في الأسطر التالیة) کما استفادت بشکل وسیع من القیود النحویة فیها: «وها أنا أحبائي . وها أنتم کصخر جبالنا قوّة/کزهر بلادنا الحلوة/ فکیف الجرح یسحقني؟/ وکیف الیأس یسحقني؟ وکیف أمامکم أبکي؟/ یمیناً بعد هذا الیوم لن أبکي! (طوقان، 1993م: 396)
وقمنا باحتساب الألفاظ الدالة على الظنية والتشكيك لدى الشاعرين في هذا الجدول الاحصائي فكانت كما يلي:
هکذا نلاحظ أن نسبة حضور الکلمات الظنیة والتردّدیة قلیلة لدی الشاعرین إلا أن الشاعرة وظّفت هذه الألفاظ أکثر من أخیها وهذا الأمر في سیاق نظریة لاکوف. 5- توظيف الأسئلة يختلف الرجال والنساء في استخدامهم للأسئلة فالنساء يستخدمن أساليب الاستفهام بنسب أكبر من الرجال (نعمتي باير، 2007م: 198)، وتأسيساً على هذا تعتقد لاكوف أن النساء يستخدمن أدوات الاستفهام على نطاق أوسع من الرجال فالسؤال يقلل من القدرة على إدلاء الرأي بصورة أكيدة، ويدل على التزلزل وعدم القطعية، وتفترض لاكوف أن استخدام المرأة للسؤال القصير يعكس شخصيتها وهو جزء من عدم أخذ المرأة على محمل الجد لأن مثل هذا السؤال يؤكد أنها لا تستطيع أن تصدر قراراً وبالتالي عدم الثقة بها لتحمل المسؤولية. (برهومة، 2002م: 126) بعبارة أخری تعتقد لاکوف بوجود نوع من العلاقة المباشرة بين الخصائص اللغوية والمكانة الاجتماعية للمرأة وتری أن عدم الحسم في خطاب هذه المجموعة، والذي يظهر علی شكل استجواب، یرتبط بعدم اليقين بشأن الوضع الاجتماعي غير المستقر. (لاکوف، 1990م: 75) فأوردت فدوى طوقان في كتاباتها ضروبًا متنوعة من الاستفهام، وطرحت الكثير من المضامين الشعرية بصورة استفهامية، ففي قصيدة «الفدائي والأرض» تتحدث الشاعرة كأم شجاعة بعثت أبناءها لساحات القتال لمحاربة العدو، ففي هذه القصيدة تهتم بالشهيد من جهة، ومن جهة أخرى تمدح أمهات الشهداء وتثني بدورهن عن طريق توظيف أدوات الاستفهام المتعددة مما يضفي على هذا الاستخدام نوع من التردد والتشكيك، والتي تعد من سمات الكتابة النسوية وأدب المقاومة، فتقول: «أجلس کي أکتب، ماذا أکتبُ؟/ ما جدوی القول؟/ يا أهلی یا بلدی، يا شعبی/ ما أحقر أن أجلس کي أکتب في هذا اليوم» (طوقان، 1993م: 389). وفي هذا النموذج المذكور استخدمت الشاعرة ضرباً من السؤال الذي يتخلّله التردد، وليس له إجابة: ماذا أكتب وما جدوى القول مما يدل على عدم التأكد منها، فهي لا تقصد أن تجيب على تلك الأسئلة، ولكنها تهدف إلى تقرير مفاهيم موضوعية في نصها، ومثل هذا الأسلوب قد ورد في مواضع متعددة من أشعارها. وعلى سبیل المثال في النص الشعری المعنون بــــ «ذهب الذین نحبهم» تعبر الشاعرة عن أحاسیسها الحزینة بطرح سؤالین متتالیین لتبين تحیّرها وعدم قدرتها علی تحمّل الظروف السیئة إذ تقول: «ذهب الذین نحبهم لاصوت للأحزان، أنظر/ تتساقط الکلمات صرعی مثلهم/ جثث مشوّهة تُری ماذا أقول لهم؟/ ومن عینی ومن قلبی تسیل دماؤهم؟» (المصدر نفسه: 432) وفي قصیدة «لن نبکي» نلاحظ وقوف الشاعرة علی أطلال یافا و انصدامها وتحیرها لما حل بمدینة یافا وتبین عجز الأطلال عن تفسیر ما حدث ثم تطرح الشاعرة بعض الأسئلة المتتالیة والتي تشیر إلی تردد الشاعرة فهی تحاول أن تبحث عن المشرّدین وربما الشهداء ولکن لا تردّ علیها أطلال الدار.:«وأنّ القلب منسحقاً/ وقال القلب: مافعلتْ؟ بکِ الأیام والدار؟ وأین القاطنون هنا؟ وهل جاءتکِ بعد النأی هل/ جاءتکِ أخبار؟ ...فأین الحلم والآتي وأین همو/ وأین همو؟...(المصدر نفسه: 397)كذلك نري أن إبراهيم طوقان قد استخدم هذه الظاهرة أيضاً، ولكن بنسبة أقل من أخته، وفي مواضع قام بطرح الأسلوب الاستفهامي بشكل أسئلة قصيرة وهنا نذکر نموذجا أورده في قصیدة «فلسطین مهد الشهداء» حین یتساءل عن سبب بیع الأراضي من قبل المواطنين العرب فیری أنّهم عمي لا يستطيعون التنبؤ عما ينتج من وراء فقد تلك الأراضي قائلا: «من ذا ألوم سوی بني وطني علی هذا البلاء؟» (إبراهیم، 2012م: 205) فالسؤال القصیر إن دل على شئ فهو یدلّ علی الحیرة وربما يكون قصد الشاعر هنا التأكید علي قصور أبناء وطنه. ونورد على سبيل المثال قصيدة "ذكرى دمشق" التي يقول فيها:
(ابراهیم، 2012م: 33) لقد قام الشاعر بطرح أسئلة في البيت الثاني والثالث؛ ليعبر عما يعتريه من الشك وعدم الثقة ويأسه من الأوضاع التي تمر عليه، وإذا تفحصنا الأمر نجد أن نوعية استخدامه للأسئلة تتمايز عن فدوى، حيث أن استخدامات فدوى يتخللها التردد والتشكيك في سياق نصها الشعري، ولكن استخدامات إبراهيم توحي بالتحسر والندامة مما مضى، ونخلص إلى أن الأساليب الاستفهامية لدي الشاعرين مع الأخذ بعين الاعتبار موضوع الشهادة والمقاومة، تستظهر مشاعر الشاعرين تجاه الواقع الأليم بنوع من عدم الثقة وعدم القطعية، وهذا ما توصلنا إليه من خلال إحصاءاتنا لجملة معطيات أساليب الاستفهام، فكانت نتائج احتساب تكرارها حسب ما يلي:
الجدول رقم 5: تکرار أسالیب الاستفهام استخدم ابراهیم طوقان أسلوب الاستفهام 16مرة واستخدمت فدوی 28 مرة، وهذا التوظیف یؤیّد نظریّة لاکوف بأن النساء یستخدمن أسلوب الاستفهام بنسبة أکبر من الرجال. المستوى الفكري تعزو اللغوية روبن لاكوف التمايزات اللغوية بين الرجال والنساء إلى الاختلافات على المستوى العقلي أي ما يرتبط بخصائص الدماغ بين الجنسين مما يؤدي إلى اختلاف في التفكير والسلوكيات بين الذكر والأنثى. فالرجال مختلفون عن النساء، وتختلف أدمغتهم عن بعضها، والذي ينتج عنه في النهاية اختلاف في المفاهيم والأولويات والسلوك. وسنورد فيما يلي ميزتين بارزتين من خصائص المستوى الفكري لدى الشاعرين: 1- التصريح في إبراز المشاعر والأحاسيس بناءً على ما توصل إليه الباحثون، فإن النساء يتميزن بتأثر عاطفي أكبر من الرجال، وهذا ما يُتصور ويبدو من كلامهن. (عاملي، 1388ش: 151) في الواقع ترى لاكوف أن من أهم الخصائص الفكرية لدى النساء الشواعر في القياس بالشعراء الرجال يكمن في هذه الصراحة العاطفية. (لاكوف، 2012م: 244) مثل هذه السمات تبعث على تجسيد الأفكار التي تتعلق بالتعبير عن المشاعر والأحاسيس كالحزن والألم والحب والاضطراب وغيره في الشعر النسوي، فتتمتع النساء بالقدرة على فهم المشاعر الرقيقة أفضل من قدرة الرجال على ذلك، لأن المرأة منذ فترة طفولتها وهي عاطفية في تفكيرها وانفعالاتها. وبناءً على ماقيل تسعى فدوى طوقان أن تعطي مجالاً أوسع لعواطفها عند توصيف الشهيد، وتطلق العنان لمشاعرها، وتبرز أحاسيسها تجاه الشهداء بألفاظ مختلفة، فتقول: «یا ولدی، یا کبدی/ من أجل هذا اليوم من أجله ولدتک/ من أجله منحتک/ دمي وکل النبض/ وکل يمکن أن تمنحه أمومة/ یا ولدي یا غرسة کريمة/ اقتلعت من أرضها الکريمة/ إذهب فما أعز منک یا/ بني إلا الأرض.» (طوقان، 1993م: 391) فی هذا الجانب من القصيدة استخدمت الشاعرة لفظة "كبدي" وهي من الألفاظ الأكثر استعمالاً لدى النساء لبيان تعلقاتها وانفعالاتها العاطفية، أيضاً استخدام أسلوب النداء ومخاطبة الشهيد مخاطبة الأم للابن و"ولدي" و"بني" يدل على سيطرة مشاعر الأمومة لديها، فالأم نبع الحنان والحب ومصدر الطمأنينة والأمان، حيث نلاحظ هنا تكرار لفظة "ولدي" وأسلوب النداء والإتيان بضمير المتكلم التي تلهم النسبة القوية والرابطة الحميمة يدل على أن مشاعر أم الشهيد تمثلت لديها وألهبت عواطفها وأذكت أحاسيسها ولابد ألا ننسى أن النقاد أجمعوا على أن الأدب يتكون من عناصر أربعة: العاطفة والمعنى أو الفكرة والأسلوب والخيال، فالعاطفة هي مجموعه المشاعر والأحاسيس التي يحسها الأديب فهي ركن من أركان العمل الأدبي لاسيما الشعر فمن البديهي أن يوظفها الشعراء في نصوصهم الشعرية من رجال ونساء خاصة إذا كانت المضامين تستلزم ذلك أمثال الموضوع الذي نحن بصدده في هذا البحث "الشهيد". وعلى هذا فإن أشعار إبراهيم طوقان على الرغم من إحتوائها على العناصر الأدبية الأربعة المذكورة إلا أنه يُلحظ أن لون الأحاسيس والتصريح العاطفي فيها يبدو باهتاً، وكأنه كبت انبعاث وانطلاق مشاعره نوعاً ما. ففي قصيدة "الثلاثاء الحمراء" تتجلى لدينا انعكاسات عوطف ضعيفة ممزوجة بنسبة قليلة من النَفَس حيث يقول:
(ابراهیم، 2012م: 131) وكما هو واضح في الأبيات أن الشاعر استخدم في هذا المشهد من القصيدة عبارات أمثال: القلب المتحجر، ونجمك المنحوس، والنهار عبوس، وعواصف الموت، وكان يُتوقع أن تنساب أحاسيسه بوفرة، وتثور، ولكن يتبن لنا أن الشاعر صادق في نقل أحاسيسه ويتناسب والمقام خاصة وهو يرسم بصورة جلية واقعة أليمة وهي استشهاد ثلاثة من الفدائيين، إلا أنه من منظور مقارنته بفدوى فهو أقل تأثّرا من الناحية العاطفية ولم يتمكن من الوصول إلى الهدف المنشود في مثل هذه المواضع الشعرية. في الحقيقة، فإن الشاعرين قد وظفا العاطفة في أعمالهم الشعرية، ولكن نسبة استخدام الأحاسيس الصريحة والمباشرة من غير تغليف وغموض لدى فدوى طوقان شغل حيزاً أكبر. وفي الجدول المدون أدناه سجلنا المعطيات الاحصائية لتكرار الألفاظ الدالة على التصريح بالعواطف والأحاسيس:
الجدول رقم 6: تکرار التصریح بالعواطف والأحاسیس نلاحظ أن نسبة حضور المفردات العاطفیة النسویة لدی الشاعرة أکثر من أخیها وهذا یؤید نظریة لاکوف. 2- الاهتمام بالتفاصیل اللجزئیة والتوصيف الدقیق المبالغة في ذكر التفاصيل والوصف الدقيق من الملامح الأخرى لأسلوب المرأة والتي تتأصل في فطرتها وتركيب ذهنيتها. تتميز النساء عن الرجال بالتركيز على التفاصيل بشكل كبير وهو أسلوب التواصل المفصل، وهذا يبين نوع من التفكير في أي شئ وحب الاستطلاع الذي يعتريها في الكشف أكثر فأكثر وعليه ترى لاكوف أن كتابة التقارير الجزئية لواقعة أو مشهد ما والمبالغة في نقلها بدقة من الخصائص اللغوية المتجلية في الكتابة النسوية. (فتوحي،1391ش: 414) يرى الباحثون أن سمة الاهتمام بالتفاصيل الجزئية لدى النساء يُعزى إلى حب الاستطلاع والفضول الذي يتصفن به، وأيضاً أوقات الفراغ المتوفرة عندهن بصورة أكبر عن الرجال، أيضا يعتقد هؤلاء أن حرمان المرأة من الساحات الاجتماعية وانتظارها لعدة قرون للإفصاح عن ذاتها بالكتابة قد ساقها إلى التعويض عن ذلك الحرمان بتفجير طاقاتها الكامنة دون التقيد بالإطار المنطقي لذلك. (أمين، 1384ش: 97) ومن هذا المنظور تواجهنا في أشعار فدوى طوقان مقاطع متعددة، وتقوم فيها بالغور في التفاصيل والنظرة بدقة لما تصف بدلاً من الايجاز، ويبدو أن النساء يعلقن أهمية بالغة في إقناع المخاطب باعتباره المقرب من المتحدث، وأنهن لا يتخلين عن الكلام إلا بعد تمكنهن من غرضهن، ولا يمكننا أن نتجاهل جهود المرأة في أدائها هذا عند عرضها الموضوع بوضوح وبصورة مكتملة، ولهذا نرى في ثنايا توصيف فدوى للشهيد اهتمامها بجميع التفاصيل الجزئية، فكما يتبين لنا في قصيدة "إلى الشهيد وائل زعيتر" تدقق الشاعرة بالتفاصيل وتحاول أن تعرض لنا الصورة مكتملة من كل الجوانب: «أنت يا شمس القضية/ نم هنا في الوطن الحاني فانت الآن فيه/ یا بعيداً وقريباً/ یا فلسطيني أنت! أيها الرافض للموت هزمت الموت حين اليوم متُ» (طوقان، 1993م: 391) ويُستدل على ذلك في كلامها في هذا المقطع من القصيدة عندما تبدي معطياتها، وتسعى لاستحضار أوصاف محسوسة وفي نفس الوقت جزئية ودقيقة للقارئ، والشاعرة تستمر في عرض الصفات حتى تكتمل الصور في ذهنية القارئ ولم تتبع الأسلوب العابر والنظرة الکلیة، بل كأنها تشرح قضية لا تتوفر عنها معلومات كافية، وهذا يتناسب مع شخصيتها وطبيعة لغتها في الكتابه النسوية. اما بالنسبة لأشعار إبراهيم طوقان قياساً بأخته، فهو لم يتطرق للتفاصيل الدقيقة على نطاق واسع بسبب التمايزات الجنسوية، فاعتباراً من كونه رجل تمسي لغته انعكاساً لتفكيره وفطرته الذكورية وخاضعة لمعاييرها. إنه ينظر للأشياء نظرة عامة وعابرة ولم يعتن بجميع التفاصيل، فإذا تفحصنا وصفه للشهيد "شريف حسن" الذي استشهد في حربه ضد العثمانيين نجد أنه يصف الشهيد بإيجاز دون التركيز على التفاصيل الدقيقة:
(ابراهیم، 2012م: 172) یبدو لنا من هذه الأسطر الشعرية أن الشاعر إبراهيم طوقان يرثي الشهيد، ويأتي بألفاظ كالأمل واليأس والميثاق والخذلان والغدر في سياق نصه الشعري والتي لا تتناسب مع أسلوب الدقة، وكأنه يسعى بإفادتنا ببعض المدائح في رثائه للشهيد، وإيصال فكرة عامة عنه دون الخوض في التفاصيل لجانب من أوصافه أو خصائصه.
النتیجة إذا نظرنا إلى فدوى وإبراهيم طوقان من حيث المنشأ نجد أنهما ينتميان إلى أسرة واحدة، وتربطهما رابطة الأخوة، ويشتركان في العوامل الوراثية والبيئية والثقافية و... ولكن إذا تفحصنا التمايزات اللغوية الجنسوية تواجهنا بعض الفروق، مع أنها لا تشغل حيزاً واسعاً في أعمالهما الشعرية إلا أن بعض العناصر البنيوية لنظرية لاكوف تُلحظ في أعمالهما الشعرية على المستوى اللغوي والفكري. بالنسبة للفرع اللغوي کما ذکرنا فيما مضی احسب رؤیة لاکوف تقوم المرأة بسبب تأثرها بالحالات النفسية بالاعتماد على الشدة الصوتية بشكل أكبر من الرجل لإبراز تفكيرها وهذا بدوره يؤدي إلى تعدد المقاطع والارتكاز في الشعر. فکما لاحظنا تتمیّز أشعار فدوى طوقان بالشدة وإثارة المشاعر مما یبعث على تجلي الارتكاز والتكرار في كتاباتها على نطاق أوسع من أخيها، حیث نجد أنّ هذه الظاهرة تبرز مراراً بصورة الارتكاز على الكلمة والارتكاز علی الجملة. وقد عملت فدوى جاهدة على أن يصل صوتها إلى العالم عن طريق أعمالها الأدبية هذا الصوت الثائر في وجه الغاصبين المحتلين الذين أودوا بحياة الفلسطينيين بكل قدرة وشدة في الصوت، وبالقياس كان إبراهيم طوقان قد اتخذ أسلوباً أقل حدة في الشدة الصوتية من أخته في معالجة موضوع الشهيد والمقاومة والانتفاضة من حيث العناصر اللغوية وفق نظرية لاكوف، وهذا يرجع إلى أن الفترة التي عاشها إبراهيم لم يشهد فيها النكبة التي حلت بالفلسطينيين وخسران وطنه لصالح إسرائيل، ولم يشهد اجتثاث الفلسطينيين من أرضهم وهدم معالم مجتمعهم وهجرة اليهود الكبرى إلى وطنه، وهكذا نستطيع أن نستكشف تأثير تلك العوامل السياسية والاجتماعية في أشعاره التي اتسمت بعدم سيطرة النبر والشدة الصوتية عليها. وفی مجال حضور الألوان نجد شواهد شعریة من حیث استخدامها سواء بصورة مباشرة کالأحمر والأخضر أو غیر مباشرة کالأسود في کلمة الظلمة الا أن الصورة غیر المباشرة نسبتها أکثر. کما تشیر النتایج الی ان الشاعرة قد وظفت الألوان ضعف شقیقها، والنقطة المعتنی بها أنّ موضوع الشهيد والمقاومة يتطلب استخدام اللون الأحمر في سياقه، وهذا ما لاحظناه حيث لم يتطرق الشاعران للألوان الأخرى. وبالنسبة لاستخدام الكلام التشكيكي، والألفاظ الظنية لم يكن مشهوداً بالشكل الكبير وذلك يُعزى لما يتطلبه المقام في العينة المدروسة وإن استعملتها فدوی أکثر من أخیها فهذا ما یؤیّد نظریة لاکوف. وحسب التمايزات الجنسوية للنظرية فالكتابة النسوية تتميز باستخدام الاستفهام والأسئلة القصيرة، فكانت فدوى قد سبقت إبراهيم في هذا الجانب اللغوي بسبب روحانياتها الأنثوية. أما فيما يخص المستوى الفكري إلى أن عنصر العاطفة يغلب على شعر فدوى طوقان في نصها المدروس أي مضمون الشهيد، کما يحمل في طيات شعره التصريح في تجسيد المشاعر والأحاسيس بشكل ملحوظ، ويتبين ذلك عن طريق توظيف التعابير والمضمونية التي تدل على استخدام هذا الأسلوب، أيضاً نلاحظ في أشعارها الاهتمام بالجزئيات والتفاصيل الدقيقة واللذان يعتبران من خصائص الكتاية النسوية حسب نظرية لاكوف، ولكن لم يكن إبراهيم على مستوى أخته في هذين المجالين، فعلى الرغم من وجود عنصر العاطفة لديه إلا أن التصريح في بيان الأحاسيس لم يشغل حيزاً واسعاً في كتاباته، أيضا كانت نظرته لما يصف ويعالج نظرة عابرة وعامة، ولم يدخل بالتفاصيل وهذا أيضاً يتناسب والكتابات الذكورية. وتأسيساً على ما ذكرناه، واستناداً لما استخرجناه من الجداول المدونة في الدراسة، تجدر الإشاره إلى أن ثمة خصائص لغوية وفكرية مائزة للجنسين، فإن الشاعرين على الرغم من وجود قرابة أخوية ومعالجة موضوع موحد، توجد لديهما تمايزات لغوية وفكرية وفق مباني نظرية لاكوف.
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مراجع | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
امین، سیدحسن. (1384). ادبیات معاصر ایران. تهران: دایرة المعارف ایرانشناسی. انطاکی، محمد امین. (لاتا). المحيط في أصوات العربية. بيروت: دار الشروق العربية. بالفور، پاتریک. (1373). قرون عثمانی. ترجمه پروانه ستاری. تهران: کهکشان. برهومة، عيسي. (2002). اللغة والجنس حفريات لغوية في الذكورة والأنوثة. الأردن: دار الشروق. بوفلاقة، سعد. (2003). الشعر النسوي الأندلسي. بیروت: دار المطبوعات الجامعية. ترادگيل، پيتر. (1376). درآمدی بر زبان و جامعه. ترجمه: محمد طباطبايی. تهران: آگه. سان هوارد، دوروتي. (1378). زندگی با رنگ. ترجمه نغمه صفاريان. تهران: حكايت. السعران، محمود. (لاتا). علم اللغة مقدمة للقاری العربی. لبنان: دار النهضة العربیة. طاهری، قدرت الله. (1388). «زبان و نوشتار زنانه؛ واقعیت یا توهم؟». مجله متن پژوهی ادبی. س13. ش 42. صص 107-87. طوقان، فدوی. (1993). الأعمال الشعرية الکاملة. ط1. بیروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر. طوقان، ابراهیم. (2012). الأعمال الشعرية الکاملة. ط1. القاهرة: كلمات عربية للترجمة والنشر. فتوحی، محمود. (1390). سبکشناسی نظریّهها، رویکردها و روشها. تهران: سخن. الـملائکة، نازک. (2007). قضایا الشعر المعاصر. ط14. بیروت: دارالعلم للملایین. الموسی، خلیل. (2003). بنیة القصیدة العربیة الـمعاصرة. دمشق: اتحاد الکتاب العرب. نجفی، ملاحت. (1394). «نقد و تحلیل رمان چراغها را من خاموش میکنم از منظر زبان و جنسیت». دو فصلنامه علوم ادبی. دورۀ 5. ش7. صص 212-181. وارداف، رونالد. (1393). درآمدی بر جامعهشناسی زبان. ترجمه: رضا امینی. چ 1. تهران: نشر بوی کاغذ. وفایی، عباسعلی. (1397). «بررسی کارکرد زبان و جنسیت در دیوان جهان ملک خاتون شیرازی بر مبنای نظریة DSL». مجله متن پژوهی ادبی. دوره 22. ش 76.صص 164-143. ویوین، بار. (1383). جنسیت و روانشناسی اجتماعی. ترجمه:حبیب احمدی و بیتا شایق. شیراز: نوید شیراز.
Nemati, Azadeh and Bayer, M. Jennifer .(2007). Gender differences in the use of linguistic forms in the speech of men and women-A comparative study of Persian and English. Glossa (ISSN 1931-7778), (3)1, pp. 185-201. Lakoff, R. (1990). Extract from language and woman‘s place. In D.Cameron (Ed.) .The Feminist critique of language: A reader (pp.221-234) .London & New York: Routledge. Lakoff, Robin. (2010). Literary Language and Woman’s Place, Washington: Harper and Row Publishers. -----------------. (2012). The DSL Theory and Literary Language. Washington: the University of Chicago Press | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آمار تعداد مشاهده مقاله: 678 تعداد دریافت فایل اصل مقاله: 150 |